المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب الهبة والعطية] - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت الفقي - جـ ٧

[المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ الْوَقْفِ]

- ‌[فَوَائِدُ مَصْرِفُ الْوَقْفِ إلَى الْجِهَةِ الْمُعَيَّنَةِ لَهُ]

- ‌[فَوَائِدُ احْتَاجَ الْخَانُ الْمُسَبَّلُ أَوْ الدَّارُ الْمَوْقُوفَةُ لِسُكْنَى الْحَاجِّ]

- ‌[بَابُ الْهِبَةِ وَالْعَطِيَّةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ وَهَبَ الْغَائِبُ هِبَةً وَأَنْفَذَهَا مَعَ رَسُولِ الْمَوْهُوبِ لَهُ]

- ‌[فَوَائِدُ صُوَرِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْمَجْهُولِ]

- ‌[فَوَائِدُ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ بَعْدَ مَوْتِهِ]

- ‌[فَوَائِدُ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ تُبَرِّئِينِي]

- ‌[فَائِدَةٌ وَتُفَارِقُ الْعَطِيَّةُ الْوَصِيَّةَ فِي أَرْبَعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[فَوَائِدُ أَوْجَبَهُ فِي الْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ فَلَمْ يَقْبَلْ فِيهِمَا]

- ‌[بَابُ الْمُوصَى لَهُ]

- ‌[بَابُ الْمُوصَى بِهِ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْأَنْصِبَاءِ وَالْأَجْزَاءِ]

- ‌[بَابُ الْمُوصَى إلَيْهِ]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ ذَوِي الْفُرُوضِ]

- ‌[بَابُ الْعَصَبَاتِ]

- ‌[بَابُ أُصُولِ الْمَسَائِلِ]

- ‌[بَابُ تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ]

- ‌[بَابُ الْمُنَاسَخَاتِ]

- ‌[بَابُ قَسْمِ التَّرِكَاتِ]

- ‌[بَابُ ذَوِي الْأَرْحَامِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْحَمْلِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْمَفْقُودِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْخُنْثَى]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْغَرْقَى وَمَنْ عُمِّيَ مَوْتُهُمْ]

- ‌[بَابُ الْإِقْرَارِ بِمُشَارِكٍ فِي الْمِيرَاثِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْقَاتِلِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ]

- ‌[بَابُ الْوَلَاءِ]

- ‌[كِتَابُ الْعِتْقِ]

- ‌[فَوَائِدُ خِيفَ عَلَى الرَّقِيقِ الزِّنَا وَالْفَسَادُ فِي الْعِتْق]

- ‌[بَابُ التَّدْبِيرِ]

- ‌[بَابُ الْكِتَابَةِ]

- ‌[بَابُ أَحْكَامِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ]

الفصل: ‌[باب الهبة والعطية]

[بَابُ الْهِبَةِ وَالْعَطِيَّةِ]

ِ قَوْلُهُ (وَهِيَ تَمْلِيكٌ فِي حَيَاتِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ) . هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقِيلَ: الْهِبَةُ تَقْتَضِي عِوَضًا. وَقِيلَ: مَا عُرِفَ. فَلَوْ أَعْطَاهُ لِيُعَاوِضَهُ، أَوْ لِيَقْضِيَ لَهُ بِهِ حَاجَةً، فَلَمْ يَفِ: فَكَالشَّرْطِ. وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله. قَوْلُهُ (فَإِنْ شَرَطَ فِيهَا عِوَضًا مَعْلُومًا: صَارَتْ بَيْعًا) . حُكْمُهَا حُكْمُ الْبَيْعِ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ، وَالشُّفْعَةِ وَغَيْرِهِمَا. هَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: قَالَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ. وَلَيْسَ مَنْصُوصًا عَنْهُ، وَلَا عَنْ مُتَقَدِّمِي أَصْحَابِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَصَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْهِدَايَةِ. وَقِيلَ: هِيَ بَيْعٌ مَعَ التَّقَابُضِ.

(وَعَنْهُ يُغَلَّبُ فِيهَا حُكْمُ الْهِبَةِ) . ذَكَرَهَا أَبُو الْخَطَّابِ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: هَذَا الْمَذْهَبُ. وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَهُوَ مَتِينٌ جِدًّا. وَقَالَ عَنْ الْأَوَّلِ: هُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا. انْتَهَى. قَالَ الْقَاضِي: لَيْسَتْ بَيْعًا. وَإِنَّمَا الْهِبَةُ تَارَةً تَكُونُ تَبَرُّعًا، وَتَارَةً تَكُونُ بِعِوَضٍ وَكَذَلِكَ الْعِتْقُ. وَلَا يَخْرُجَانِ عَنْ مَوْضُوعِهِمَا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَإِنْ شَرَطَهُ، كَانَ مَعْلُومًا: صَحَّتْ كَالْعَارِيَّةِ. وَقِيلَ: بِقِيمَتِهَا بَيْعًا. وَعَنْهُ: هِبَةٌ. انْتَهَى.

ص: 116

تَنْبِيهٌ:

أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ رحمه الله صِحَّةَ شَرْطِ الْعِوَضِ فِيهَا. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَقِيلَ: لَا تَصِحُّ مُطْلَقًا.

قَوْلُهُ (وَإِنْ شَرَطَ ثَوَابًا مَجْهُولًا: لَمْ تَصِحَّ) يَعْنِي الْهِبَةَ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. مِنْهُمْ: الْقَاضِي، وَابْنُ الْبَنَّا، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَالْمُصَنِّفُ. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ. قَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَغَيْرِهِمْ.

وَعَنْهُ: أَنَّهُ قَالَ: يُرْضِيهِ بِشَيْءٍ فَيَصِحُّ. وَذَكَرَهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ.

قَالَ الْحَارِثِيُّ: هَذَا الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْحَكَمِ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ سَعِيدٍ. وَإِلَيْهِ مَيْلُ أَبِي الْخَطَّابِ. وَصَحَّحَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى. فَقَالَ: فَإِنْ شَرَطَهُ مَجْهُولًا: صَحَّتْ فِي الْأَصَحِّ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَهُوَ أَوْلَى. فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ: يُرْضِيهِ. فَإِنْ لَمْ يَرْضَ: فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا. فَيَرُدُّهَا بِزِيَادَةٍ وَنَقْصٍ. نَصَّ عَلَيْهِ. (فَإِنْ تَلِفَتْ) فَقِيمَتُهَا يَوْمَ التَّلَفِ. وَهَذَا الْبِنَاءُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ: هُوَ الصَّحِيحُ. صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ، وَغَيْرُهُ. وَقِيلَ: يُرْضِيهِ بِقِيمَةِ مَا وَهَبَهُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَيَحْتَمِلُ وَجْهًا بِالْبِنَاءِ. وَهُوَ مَا يُعَدُّ ثَوَابًا لِمِثْلِهِ عَادَةً.

ص: 117

فَائِدَةٌ: لَوْ ادَّعَى شَرْطَ الْعِوَضِ، فَأَنْكَرَ الْمُتَّهَبُ، أَوْ قَالَ: وَهَبْتنِي هَذَا. قَالَ: بَلْ بِعْتُكَهُ. فَفِي أَيِّهِمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؟ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى.

أَحَدُهُمَا: يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُتَّهَبِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى. وَقَدَّمَهُ الْحَارِثِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَقَالَ: حَكَاهُ فِي الْكَافِي، وَغَيْرُ وَاحِدٍ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: الْقَوْلُ قَوْلُ الْوَاهِبِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى.

قَوْلُهُ (وَتَحْصُلُ الْهِبَةُ بِمَا يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ هِبَةً، مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَالْمُعَاطَاةِ الْمُقْتَرِنَةِ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا) . هَذَا الْمَذْهَبُ. اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ، وَغَيْرُهُمَا. حَتَّى إنَّ ابْنَ عَقِيلٍ، وَغَيْرَهُ: صَحَّحُوا الْهِبَةَ بِالْمُعَاطَاةِ، وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهَا الْخِلَافَ الَّذِي فِي بَيْعِ الْمُعَاطَاةِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ، وَالْحَارِثِيِّ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَالنَّظْمِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَهَلْ يَقُومُ الْفِعْلُ مَقَامَ اللَّفْظِ؟ يُخَرَّجُ عَلَى الرِّوَايَةِ فِي الْبَيْعِ بِالْمُعَاطَاةِ، وَأَوْلَى بِالصِّحَّةِ.

قَالَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ: وَتَنْعَقِدُ بِالْمُعَاطَاةِ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي فِي الصَّدَاقِ: لَا تَصِحُّ إلَّا بِلَفْظِ " الْهِبَةِ " وَ " الْعَفْوِ " وَ " التَّمْلِيكِ " وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَفِي " الْعَفْوِ " وَجْهَانِ. وَقَالَ فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ: وَأَلْفَاظُهَا " وَهَبْت، وَأَعْطَيْت، وَمَلَّكْت ". وَالْقَبُولُ " قَبِلْت " أَوْ " تَمَلَّكْت " أَوْ " اتَّهَبْت ".

ص: 118

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إيجَابٌ، وَلَا قَبُولٌ، بَلْ إعْطَاءٌ، وَأَخْذٌ: كَانَتْ هَدِيَّةً، أَوْ صَدَقَةَ تَطَوُّعٍ عَلَى مِقْدَارِ الْعُرْفِ. انْتَهَى. وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ، فِي غِذَاءِ الْمَسَاكِينِ فِي الظِّهَارِ: أَطْعَمْتُكَهُ كَوَهَبْتُكَهُ. وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَأَبُو الْفَرَجِ الشِّيرَازِيُّ: أَنَّ الْهِبَةَ وَالْعَطِيَّةَ لَا بُدَّ فِيهِمَا مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ. وَلَا تَصِحُّ بِدُونِهِ. سَوَاءٌ وُجِدَ الْقَبْضُ أَوْ لَمْ يُوجَدْ. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِالْمُعَاطَاةِ. وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ.

فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا: لَوْ تَرَاخَى الْقَبُولُ عَنْ الْإِيجَابِ: صَحَّ، مَا دَامَا فِي الْمَجْلِسِ، وَلَمْ يَتَشَاغَلَا بِمَا يَقْطَعُهُ. قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْفَائِقِ وَقَالَ فِي الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: وَتَنْعَقِدُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ عُرْفًا.

وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَوْ تَقَدَّمَ الْقَبُولُ عَلَى الْإِيجَابِ: فَفِي صِحَّةِ الْهِبَةِ رِوَايَتَانِ. انْتَهَى.

قُلْت: هِيَ مُشَابِهَةٌ لِلْبَيْعِ. فَيَأْتِي هُنَا مَا فِي الْبَيْعِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. ثُمَّ وَجَدْت الْحَارِثِيَّ صَرَّحَ بِذَلِكَ، وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا. وَكَذَلِكَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ.

الثَّانِيَةُ: يَصِحُّ أَنْ يَهَبَهُ شَيْئًا، وَيَسْتَثْنِيَ نَفْعَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً. وَبِذَلِكَ أَجَابَ الْمُصَنِّفُ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّلَاثِينَ.

قَوْلُهُ (وَتَلْزَمُ بِالْقَبْضِ) . يَعْنِي: وَلَا تَلْزَمُ قَبْلَهُ. وَهَذَا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَالْقَاضِي.

ص: 119

قَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: هَذَا أَصَحُّ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَارِثِيِّ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. قَالَ فِي الْكُبْرَى: تَلْزَمُ الْهِبَةُ وَتُمْلَكُ بِالْقَبْضِ إنْ اُعْتُبِرَ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ ابْنِ أَبِي مُوسَى، وَغَيْرِهِ.

وَعَنْهُ: تَلْزَمُ فِي غَيْرِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ، بِمُجَرَّدِ الْهِبَةِ. قَالَ الشَّارِحُ: وَعَلَى قِيَاسِهِ: الْمَعْدُودُ وَالْمَذْرُوعُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَعَنْهُ تَلْزَمُ فِي مُتَمَيِّزٍ بِالْعَقْدِ. اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. قَالَ فِي الْفَائِقِ، وَالْحَارِثِيُّ: اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَأَصْحَابُهُ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: هَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَا يَفْتَقِرُ الْمُعَيَّنُ إلَى الْقَبْضِ عِنْدَ الْقَاضِي، وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي، وَالشَّرْحِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ. وَعَنْهُ: لَا تَلْزَمُ إلَّا بِإِذْنِ الْوَاهِبِ فِي الْقَبْضِ

تَنْبِيهَانِ: أَحَدُهُمَا: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: صِحَّةُ الْهِبَةِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَطَائِفَةٍ: أَنَّ مَا يُكَالُ وَيُوزَنُ لَا يَصِحُّ إلَّا مَقْبُوضًا. قَالَ الْخِرَقِيُّ: وَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ، فِيمَا يُكَالُ وَيُوزَنُ، إلَّا بِقَبْضِهِ. قَالَ فِي الِانْتِصَارِ، فِي الْبَيْعِ بِالصِّفَةِ: الْقَبْضُ رُكْنٌ فِي غَيْرِ الْمُتَعَيِّنِ، لَا يَلْزَمُ الْعَقْدُ بِدُونِهِ. نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ. وَصَحَّحَهُ الْحَارِثِيُّ. وَيَأْتِي كَلَامُ ابْنِ عَقِيلٍ قَرِيبًا. الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ (فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ لَا تَلْزَمُ فِيهِ إلَّا بِالْقَبْضِ) مَحْمُولٌ عَلَى عُمُومِهِ فِي كُلِّ مَا يُكَالُ وَيُوزَنُ.

ص: 120

قَالَ الشَّارِحُ، وَالْمُصَنِّفُ: وَخَصَّهُ أَصْحَابُنَا الْمُتَأَخِّرُونَ بِمَا لَيْسَ بِمُتَعَيِّنٍ فِيهِ. كَقَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ، وَرِطْلٍ مِنْ زُبْرَةٍ. قَالَ: وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ، وَرَجَّحْنَا الْعُمُومَ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَمَا تَقَدَّمَ. وَعَنْهُ: تَلْزَمُ فِي مُتَمَيِّزٍ بِالْعَقْدِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هِبَةُ غَيْرِ الْمُتَعَيِّنِ كَقَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ، وَرِطْلٍ مِنْ زُبْرَةٍ تَفْتَقِرُ إلَى الْقَبْضِ بِلَا نِزَاعٍ.

فَائِدَةٌ: تُمْلَكُ الْهِبَةُ بِالْعَقْدِ أَيْضًا. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَمَنْ تَابَعَهُ. وَنَقَلَهُ فِي التَّلْخِيصِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ. وَقَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي انْتِصَارِهِ فِي مَوْضِعٍ. قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالْأَرْبَعِينَ: قَالَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَمِنْهُمْ أَبُو الْخَطَّابِ فِي انْتِصَارِهِ، وَصَاحِبُ الْمُغْنِي، وَالتَّلْخِيصِ، وَغَيْرُهُمْ. وَقِيلَ: يَتَوَقَّفُ الْمِلْكُ عَلَى الْقَبْضِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالنَّظْمِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ.

قَالَ فِي الْكَافِي: لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ إلَّا بِقَبْضِهِ. وَفِيمَا عَدَاهُمَا رِوَايَتَانِ.

وَقَالَ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ: مَذْهَبُنَا أَنَّ الْمِلْكَ فِي الْمَوْهُوبِ لَا يَثْبُتُ بِدُونِ الْقَبْضِ وَفَرَّعَ عَلَيْهِ: إذَا دَخَلَ وَقْتُ الْغُرُوبِ مِنْ لَيْلَةِ الْفِطْرِ، وَالْعَبْدُ مَوْهُوبٌ: لَمْ يُقْبَضْ. ثُمَّ قَبَضَ وَقُلْنَا: يُعْتَبَرُ فِي هِبَتِهِ الْقَبْضُ فَفُطْرَتُهُ عَلَى الْوَاهِبِ. وَكَذَا صَرَّحَ ابْنُ عَقِيلٍ: أَنَّ الْقَبْضَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْهِبَةِ. كَالْإِيجَابِ فِي غَيْرِهَا. وَكَلَامُ الْخِرَقِيِّ يَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا. قَالَ ذَلِكَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالْأَرْبَعِينَ.

وَقِيلَ: يَقَعُ الْمِلْكُ مُرَاعًى. فَإِنْ وُجِدَ الْقَبْضُ: تَبَيَّنَّا أَنَّهُ كَانَ لِلْمَوْهُوبِ بِقَبُولِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ لِلْوَاهِبِ.

ص: 121

وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ حَامِدٍ، وَفَرَّعَ عَلَيْهِ حُكْمَ الْفِطْرَةِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. وَهُمَا رِوَايَتَانِ فِي الِانْتِصَارِ فِي نَقْلِ الْمِلْكِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَعَلَيْهِمَا يُخَرَّجُ النَّمَاءُ. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: إنْ اتَّصَلَ الْقَبْضُ.

قَوْلُهُ (وَلَا يَصِحُّ الْقَبْضُ إلَّا بِإِذْنِ الْوَاهِبِ) يَعْنِي إذَا قُلْنَا: إنَّ الْهِبَةَ لَا تَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِشَرْطِهِ الْآتِي. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَطَعُوا بِهِ.

وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالتَّلْخِيصِ: وَفِي صِحَّةِ قَبْضِهِ بِدُونِ إذْنِهِ رِوَايَتَانِ وَالْإِذْنُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى اللَّفْظِ. بَلْ الْمُنَاوَلَةُ وَالتَّخْلِيَةُ إذْنٌ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي: اعْتِبَارُ اللَّفْظِ فِيهِ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَعَنْهُ يَصِحُّ الْقَبْضُ بِغَيْرِ إذْنِهِ. قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. قَوْلُهُ (إلَّا مَا كَانَ فِي يَدِ الْمُتَّهَبِ. فَيَكْفِي مُضِيُّ زَمَنٍ يَتَأَتَّى قَبْضُهُ فِيهِ) . هَذَا إحْدَى الرِّوَايَاتِ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَالسَّامِرِيُّ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْبُلْغَةِ، وَالتَّلْخِيصِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. قَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَنْهُ: مَا كَانَ فِي يَدِ الْمُتَّهِبِ يَلْزَمُ بِالْعَقْدِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَ الشَّارِحُ: هَذَا الصَّحِيحُ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَالنَّظْمِ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: وَهُوَ أَوْلَى. كَذَا قَالَ الْحَارِثِيُّ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ الْقَبْضُ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهِ أَيْضًا. وَيَمْضِيَ زَمَنٌ يَتَأَتَّى قَبْضُهُ فِيهِ.

ص: 122

جَزَمَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَيْضًا. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَمَنْ اتَّهَبَ شَيْئًا فِي يَدِهِ يُعْتَبَرُ قَبْضُهُ فَقَبِلَهُ: اُعْتُبِرَ إذْنُ الْوَاهِبِ فِيهِ عَلَى الْأَشْهَرِ. ثُمَّ مُضِيُّ زَمَنٍ يُمْكِنُ قَبْضُهُ فِيهِ لِيَمْلِكَهُ. وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ مُضِيُّ الزَّمَنِ دُونَ إذْنِهِ. وَأَطْلَقَ الْأُولَى وَالثَّالِثَةَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ. وَأَطْلَقَ الثَّانِيَةَ، وَالثَّالِثَةَ فِي الْكَافِي.

تَنْبِيهٌ: الِاسْتِثْنَاءُ الثَّانِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: مِنْ قَوْلِهِ " وَتَلْزَمُ بِالْقَبْضِ " لَا مِنْ قَوْلِهِ " وَلَا يَصِحُّ الْقَبْضُ إلَّا بِإِذْنِ الْوَاهِبِ ".

فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا: صِفَةُ الْقَبْضِ هُنَا: كَقَبْضِ الْمَبِيعِ. وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ مُدَّةٍ يَتَأَتَّى قَبْضُهُ فِيهَا. فَإِنْ كَانَ مَنْقُولًا: فَبِمُضِيِّ مُدَّةِ نَقْلِهِ فِيهَا. وَإِنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا: فَبِمُضِيِّ مُدَّةٍ يُمْكِنُ اكْتِيَالُهُ وَاتِّزَانُهُ فِيهَا. وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَنْقُولٍ: فَبِمُضِيِّ مُدَّةِ التَّخْلِيَةِ. وَإِنْ كَانَ غَائِبًا: لَمْ يَصِرْ مَقْبُوضًا حَتَّى يُوَافِيَهُ، هُوَ، أَوْ وَكِيلُهُ. ثُمَّ تَمْضِيَ مُدَّةٌ يُمْكِنُ قَبْضُهُ فِيهَا. ذَكَرَ مَعْنَى ذَلِكَ فِي الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ، فِي بَابِ الرَّهْنِ. وَكَذَا حُكْمُ قَبْضِ الرَّهْنِ. الثَّانِيَةُ: لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْإِذْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ. وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي نَفْسِ الْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ فِيهِمَا. وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ فِيهِمَا

. قَوْلُهُ (وَإِنْ مَاتَ الْوَاهِبُ: قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فِي الْإِذْنِ وَالرُّجُوعِ)

ص: 123