المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب أحكام أمهات الأولاد] - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت الفقي - جـ ٧

[المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ الْوَقْفِ]

- ‌[فَوَائِدُ مَصْرِفُ الْوَقْفِ إلَى الْجِهَةِ الْمُعَيَّنَةِ لَهُ]

- ‌[فَوَائِدُ احْتَاجَ الْخَانُ الْمُسَبَّلُ أَوْ الدَّارُ الْمَوْقُوفَةُ لِسُكْنَى الْحَاجِّ]

- ‌[بَابُ الْهِبَةِ وَالْعَطِيَّةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ وَهَبَ الْغَائِبُ هِبَةً وَأَنْفَذَهَا مَعَ رَسُولِ الْمَوْهُوبِ لَهُ]

- ‌[فَوَائِدُ صُوَرِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْمَجْهُولِ]

- ‌[فَوَائِدُ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ بَعْدَ مَوْتِهِ]

- ‌[فَوَائِدُ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ تُبَرِّئِينِي]

- ‌[فَائِدَةٌ وَتُفَارِقُ الْعَطِيَّةُ الْوَصِيَّةَ فِي أَرْبَعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[فَوَائِدُ أَوْجَبَهُ فِي الْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ فَلَمْ يَقْبَلْ فِيهِمَا]

- ‌[بَابُ الْمُوصَى لَهُ]

- ‌[بَابُ الْمُوصَى بِهِ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْأَنْصِبَاءِ وَالْأَجْزَاءِ]

- ‌[بَابُ الْمُوصَى إلَيْهِ]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ ذَوِي الْفُرُوضِ]

- ‌[بَابُ الْعَصَبَاتِ]

- ‌[بَابُ أُصُولِ الْمَسَائِلِ]

- ‌[بَابُ تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ]

- ‌[بَابُ الْمُنَاسَخَاتِ]

- ‌[بَابُ قَسْمِ التَّرِكَاتِ]

- ‌[بَابُ ذَوِي الْأَرْحَامِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْحَمْلِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْمَفْقُودِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْخُنْثَى]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْغَرْقَى وَمَنْ عُمِّيَ مَوْتُهُمْ]

- ‌[بَابُ الْإِقْرَارِ بِمُشَارِكٍ فِي الْمِيرَاثِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْقَاتِلِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ]

- ‌[بَابُ الْوَلَاءِ]

- ‌[كِتَابُ الْعِتْقِ]

- ‌[فَوَائِدُ خِيفَ عَلَى الرَّقِيقِ الزِّنَا وَالْفَسَادُ فِي الْعِتْق]

- ‌[بَابُ التَّدْبِيرِ]

- ‌[بَابُ الْكِتَابَةِ]

- ‌[بَابُ أَحْكَامِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ]

الفصل: ‌[باب أحكام أمهات الأولاد]

[بَابُ أَحْكَامِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ]

ِ تَنْبِيهٌ: عُمُومُ قَوْلِهِ (وَإِذَا عَلِقَتْ الْأَمَةُ مِنْ سَيِّدِهَا) . يَشْمَلُ: سَوَاءٌ كَانَتْ فِرَاشًا، أَوْ مُزَوَّجَةً. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَنَقَلَ حَرْبٌ، وَابْنُ أَبِي حَرْبٍ فِيمَنْ أَوْلَدَ أَمَتَهُ الْمُزَوَّجَةَ: أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ.

فَائِدَةٌ: فِي إثْمِ وَاطِئِ أَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ جَهْلًا: وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. قُلْت الصَّوَابُ عَدَمُ الْإِثْمِ. وَتَأْثِيمُهُ ضَعِيفٌ. قَوْلُهُ (فَوَضَعَتْ مِنْهُ مَا تَبَيَّنَ فِيهِ بَعْضُ خَلْقِ الْإِنْسَانِ: صَارَتْ بِذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُبْهِجِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْفَائِقِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَعَنْهُ: لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ. وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه " فِي عِشْرِينَ وَمِائَةِ يَوْمٍ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ " وَتَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ. وَتَعْتِقُ الْأَمَةُ إذَا دَخَلَ فِي الْخَلْقِ الرَّابِعِ. وَقَدَّمَ فِي الْإِيضَاحِ: سِتَّةَ أَشْهُرٍ. وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: إنْ لَمْ تَضَعْ، وَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا فِي بَطْنِهَا: عَتَقَتْ، وَأَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ نَقْلِ الْمِلْكِ لِمَا فِي بَطْنِهَا حَتَّى يُعْلَمَ.

قَوْلُهُ (فَإِذَا مَاتَ: عَتَقَتْ، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ غَيْرَهَا) هَذَا بِلَا نِزَاعٍ. وَمَحَلُّ هَذَا: إذَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا عَلَى الْمَذْهَبِ.

ص: 490

أَمَّا إنْ جَازَ بَيْعُهَا: فَقَطَعَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهَا لَا تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَظَاهِرُ إطْلَاقِ غَيْرِهِ: يَقْتَضِي الْعِتْقَ. وَلِهَذَا قَدَّمَهُ ابْنُ حَمْدَانَ فَقَالَ وَقِيلَ: إنْ جَازَ بَيْعُهَا لَمْ تَعْتِقْ عَلَيْهِ بِمَوْتِهِ. وَيَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ عِنْدَ ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي جَوَازِ بَيْعِهَا.

قَوْلُهُ (وَإِنْ وَضَعَتْ جِسْمًا لَا تَخْطِيطَ فِيهِ، مِثْلُ الْمُضْغَةِ: فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالْفَائِقِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.

إحْدَاهُمَا: لَا تَصِيرُ بِذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ.

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: تَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْخُلَاصَةُ. وَقَالَ: لَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. قَالَ فِي الْمُذْهَبِ: فَإِنْ وَضَعَتْ جِسْمًا لَا تَخْطِيطَ فِيهِ، فَقَالَ الثِّقَاتُ مِنْ الْقَوَابِلِ: هُوَ مَبْدَأُ خَلْقِ الْإِنْسَانِ، فَفِيهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ.

إحْدَاهُنَّ: لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ.

وَالثَّانِيَةُ: تَصِيرُ.

وَالثَّالِثَةُ: تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ، إلَّا فِي الْعِدَّةِ. فَإِنَّهَا لَا تَنْقَضِي بِذَلِكَ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَقِيلَ: إنْ وَضَعَتْ قِطْعَةَ لَحْمٍ لَمْ يَبِنْ فِيهَا خَلْقُ آدَمِيٍّ: فَثَلَاثُ رِوَايَاتٍ.

الثَّالِثَةُ: تَعْتِقُ، وَلَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ. انْتَهَى. وَقِيلَ: مَا تَجِبُ فِيهِ عِدَّةٌ تَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، وَإِنْ كَانَ عَلَقَةً. وَقِيلَ: تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بِمَا لَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ. انْتَهَى. وَقِيلَ: لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بِمَا لَا تَنْقَضِي بِهِ عِدَّتُهَا. ذَكَرَهُ أَيْضًا. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: إذَا وَضَعَتْ مُضْغَةً لَمْ يَظْهَرْ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ خَلْقِ

ص: 491

الْآدَمِيِّ، فَشَهِدَتْ ثِقَاتٌ مِنْ الْقَوَابِلِ أَنَّ فِيهَا صُورَةً خَفِيَّةً: تَعَلَّقَتْ بِهَا الْأَحْكَامُ. وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ. وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْنَ بِذَلِكَ، لَكِنْ عُلِمَ أَنَّهُ مَبْدَأُ خَلْقِ آدَمِيٍّ بِشَهَادَتِهِنَّ أَوْ غَيْرِهَا: فَفِيهِ رِوَايَتَانِ. فَهَذِهِ الصُّورَةُ مَحَلُّ الرِّوَايَتَيْنِ. وَكَذَا قَيَّدَ ابْنُ مُنَجَّا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِذَلِكَ. تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهَا لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بِوَضْعِ عَلَقَةٍ. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ: تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بِوَضْعِهَا أَيْضًا. وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا، وَيُوسُفَ بْنِ مُوسَى. وَقَدَّمَ الْأَوَّلَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ فِي الْعَلَقَةِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ أَصَابَهَا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِنِكَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ، ثُمَّ مَلَكَهَا حَامِلًا: عَتَقَ الْجَنِينُ. وَلَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. قَالَ فِي الْفَائِقِ: هَذَا الْمَذْهَبُ. وَرَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ. رحمه الله. وَكَلَامُ الْخِرَقِيِّ: يَقْتَضِي ذَلِكَ. وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَالشَّرِيفُ، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا وَابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ، وَالشِّيرَازِيُّ فِي الْمُبْهِجِ، وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ، وَغَيْرُهُمْ. وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَغَيْرُهُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ. وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَعَنْهُ: تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ، وَلَوْ كَانَ قَدْ مَلَكَهَا بَعْدَ وَضْعِهَا مِنْهُ. نَقَلَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَلَمْ أَجِدْ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. إنَّمَا نَقَلَ مُهَنَّا عَنْهُ الْوَقْفَ.

ص: 492

وَعَنْهُ: تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ إذَا مَلَكَهَا حَامِلًا، بِشَرْطِ أَنْ يَطَأَهَا فِيهِ. وَاخْتَارَهَا أَبُو الْخَطَّابِ. وَقَالَ الْقَاضِي: إنْ مَلَكَهَا حَامِلًا، وَلَمْ يَطَأْهَا حَتَّى وَضَعَتْ: لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ. وَإِنْ وَطِئَهَا حَالَ حَمْلِهَا. فَإِنْ كَانَ بَعْدَ أَنْ كَمُلَ الْوَلَدُ، وَصَارَ لَهُ خَمْسَةُ أَشْهُرٍ: لَمْ تَصِرْ بِذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ أَيْضًا. وَإِنْ وَطِئَهَا قَبْلَ ذَلِكَ: صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ إذَا مَلَكَهَا حَامِلًا، بِشَرْطِ أَنْ يَطَأَهَا فِي ابْتِدَاءِ الْحَمْلِ أَوْ بِوَسَطِهِ. وَقِيلَ: إنَّهُ رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِ الْقَاضِي. فَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ: لَوْ أَقَرَّ بِوَلَدٍ مِنْ أَمَتِهِ أَنَّهُ وَلَدُهُ، ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ هَلْ اسْتَوْلَدَهُ فِي مِلْكِهِ أَوْ قَبْلَهُ، وَأَمْكَنَّا فَفِي كَوْنِهَا أُمَّ وَلَدٍ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَالنَّظْمِ هُنَا. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا فِي آخِرِ كِتَابِ الْإِقْرَارِ. وَهُمَا احْتِمَالَانِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ.

أَحَدُهُمَا: تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَصَحَّحَهُ أَيْضًا فِي الرِّعَايَةِ فِي آخِرِ الْبَابِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ.

وَالثَّانِي: لَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالنَّظْمِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، فِي آخِرِ كِتَابِ الْإِقْرَارِ. فَعَلَى هَذَا: يَكُونُ لَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ. وَفِيهِ نَظَرٌ. قَالَهُ فِي الْمُغْنِي. وَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي آخِرِ كِتَابِ الْإِقْرَارِ.

فَائِدَةٌ حَسَنَةٌ: لَوْ قَالَ لِجَارِيَتِهِ " يَدُك أُمُّ وَلَدِي " أَوْ قَالَ لِوَلَدِهَا " يَدُك ابْنِي " صَحَّ. ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ فِي طَلَاقِ جُزْءٍ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ.

ص: 493

تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ (أَوْ غَيْرِهِ) . أَنَّ الْخِلَافَ شَامِلٌ لِمَا لَوْ وَطِئَهَا بِزِنًا ثُمَّ مَلَكَهَا. وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْكَافِي، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ الشَّرِيفُ، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَالْمُصَنِّفِ، وَالشَّارِحِ: إذَا أَصَابَهَا بِذَلِكَ فَإِنَّهَا لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بِذَلِكَ قَوْلًا وَاحِدًا.

فَائِدَةٌ: نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله فِيمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً حَامِلًا مِنْ غَيْرِهِ فَوَطِئَهَا أَنَّ الْوَلَدَ لَا يُلْحَقُ بِالْوَاطِئِ. وَلَكِنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ. لِأَنَّ الْمَاءَ يَزِيدُ فِي الْوَلَدِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفَائِقِ، وَالرَّوْضَةِ، وَغَيْرِهِمْ. وَنَقَلَهُ الْأَثْرَمُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبٍ. وَنَقَلَ صَالِحٌ وَغَيْرُهُ: يَلْزَمُهُ عِتْقُهُ. فَيُعَايَى بِهَا قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ. وَفِي وُجُوبِهِ خِلَافٌ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله وَغَيْرِهِ. وَقَالَ أَيْضًا: يَعْتِقُ وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ، وَأَنَّهُ يَسْرِي كَالْعِتْقِ. وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ.

تَنْبِيهٌ: تَقَدَّمَ فِي آخِرِ بَابِ قِسْمَةِ الْغَنَائِمِ " إذَا وَطِئَ جَارِيَةً مِنْ الْمَغْنَمِ، مِمَّنْ لَهُ فِيهَا حَقٌّ، أَوْ لِوَلَدِهِ. فَأَوْلَدَهَا " مَا حُكْمُهُ؟ . وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْوَقْفِ " إذَا وَطِئَ الْجَارِيَةَ الْمَوْقُوفَةَ عَلَيْهِ فَأَحْبَلَهَا " وَحُكْمُهَا. وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْهِبَةِ " إذَا أَحْبَلَ جَارِيَةَ وَلَدِهِ " فِي فَصْلٍ " وَلِلْأَبِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ مَا شَاءَ ".

قَوْلُهُ (وَأَحْكَامُ أُمِّ الْوَلَدِ: أَحْكَامُ الْأَمَةِ فِي الْإِجَارَةِ وَالِاسْتِخْدَامِ وَالْوَطْءِ وَسَائِرِ أُمُورِهَا، إلَّا فِيمَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ فِي رَقَبَتِهَا. كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْوَقْفِ، أَوْ مَا تُرَادُ لَهُ، كَالرَّهْنِ) . الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ أُمِّ الْوَلَدِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ

ص: 494

الْأَصْحَابِ. وَنَصَّ عَلَيْهِ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَحَكَى جَمَاعَةٌ الْإِجْمَاعَ عَلَى تِلْكَ. وَعَنْهُ: مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ بَيْعِهَا مَعَ الْكَرَاهَةِ. وَلَا عَمَلَ عَلَيْهِ. قُلْت، قَالَ فِي الْفُنُونِ: يَجُوزُ بَيْعُهَا. لِأَنَّهُ قَوْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم. وَإِجْمَاعُ التَّابِعِينَ لَا يَرْفَعُهُ. وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله. قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَهُوَ الْأَظْهَرُ. قَالَ: فَتَعْتِقُ بِوَفَاةِ سَيِّدِهَا مِنْ نَصِيبِ وَلَدِهَا إنْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ، أَوْ بَعْضُهَا مَعَ عَدَمِ سَعَتِهِ. وَلَوْ لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ فَكَسَائِرِ رَقِيقِهِ. وَكَذَا قَالَ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَالْفَائِقِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ بَعْدَ ذِكْرِ الرِّوَايَةِ فَقِيلَ: لَا تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ. وَنَفَى هَذِهِ الرِّوَايَةَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَلَمْ يُثْبِتْهَا وَتَأَوَّلَهَا. وَحَكَى بَعْضُهُمْ هَذَا الْقَوْلَ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ. وَتَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ التَّدْبِيرِ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَدْبِيرُهَا، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَتَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْوَقْفِ: هَلْ يَصِحُّ وَقْفُ أُمِّ الْوَلَدِ أَمْ لَا؟ وَتَقَدَّمَ أَيْضًا فِي أَوَاخِرِ بَابِ الْهِبَةِ: هَلْ يَصِحُّ هِبَةُ أُمِّ الْوَلَدِ أَمْ لَا؟ فَلْيُرَاجَعَا. فَائِدَةٌ: هَلْ لِهَذَا الْخِلَافِ شُبْهَةٌ؟ فِيهِ نِزَاعٌ. وَالْأَقْوَى فِيهِ شُبْهَةٌ. قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله. وَأَنَّهُ يَنْبَنِي عَلَيْهِ: لَوْ وَطِئَ مُعْتَقِدًا تَحْرِيمَهُ، هَلْ يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ، أَوْ يُرْجَمُ الْمُحْصَنُ؟ أَمَّا التَّعْزِيرُ: فَوَاجِبٌ. انْتَهَى. وَتَابَعَهُ فِي الْفُرُوعِ.

قَوْلُهُ (ثُمَّ إنْ وَلَدَتْ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا: فَلِوَلَدِهَا حُكْمُهَا فِي الْعِتْقِ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا، سَوَاءٌ عَتَقَتْ أَوْ مَاتَتْ قَبْلَهُ) . يَعْنِي: إذَا وَلَدَتْ مِنْ زَوْجٍ أَوْ غَيْرِهِ، بَعْدَ أَنْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ مِنْ سَيِّدِهَا. وَسَوَاءٌ عَتَقَتْ أُمُّهُ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ، أَوْ مَاتَتْ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ. فَإِنَّ حُكْمَ الْوَلَدِ:

ص: 495

حُكْمُهَا، إنْ مَاتَ سَيِّدُهَا عَتَقَ مَعَهَا. وَيَجُوزُ فِيهِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ مَا يَجُوزُ فِيهَا. وَيَمْتَنِعُ فِيهِ مَا يَمْتَنِعُ فِيهَا. . وَكَذَا وَلَدُ الْمُدَبَّرَةِ لَا يَبْطُلُ الْحُكْمُ فِيهِ بِمَوْتِ أُمِّهِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرِهِمَا. وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ: هَلْ يَبْطُلُ عِتْقُ الْمُدَبَّرِ وَأُمُّ الْوَلَدِ بِمَوْتِهِمَا قَبْلَ السَّيِّدِ أَمْ لَا؟ لِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُمَا. اخْتَلَفَ كَلَامُهُ فِيهِ. وَيَظْهَرُ الْحُكْمُ فِي وَلَدِهِمَا. وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّلَاثِينَ: عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ وَلَدَ الْمُدَبَّرَةِ يَتْبَعُهَا: قَالَ الْأَكْثَرُونَ: يَكُونُ مُدَبَّرًا بِنَفْسِهِ، لَا بِطَرِيقِ التَّبَعِ. وَقَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّ الْأُمَّ لَوْ عَتَقَتْ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ: لَمْ يُعْتَقْ الْوَلَدُ حَتَّى تَمُوتَ. فَعَلَى هَذَا: لَوْ رَجَعَ فِي تَدْبِيرِ الْأُمِّ وَقُلْنَا لَهُ ذَلِكَ: بَقِيَ الْوَلَدُ مُدَبَّرًا. وَهَذَا قَوْلُ الْقَاضِي، وَابْنِ عَقِيلٍ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هُوَ تَابِعٌ مَحْضٌ. إنْ عَتَقَتْ عَتَقَ. وَإِنْ رَقَّتْ رَقَّ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ أَبِي مُوسَى. انْتَهَى. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي بَابِ الْمُدَبَّرِ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَمَا وَلَدَتْ الْمُدَبَّرَةُ، بَعْدَ تَدْبِيرِهَا: فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهَا ". أَمَّا وَلَدُ الْمُكَاتَبَةِ إذَا مَاتَتْ: فَإِنَّهُ يَعُودُ رَقِيقًا.

تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ (ثُمَّ إنْ وَلَدَتْ) . أَنَّ الْوَلَدَ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَ إيلَادِهَا مِنْ سَيِّدِهَا: لَا يَعْتِقُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: لَا يَعْتِقُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ: يَعْتِقُ. خَرَّجَهَا الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ مِنْ وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ الَّذِي كَانَ قَبْلَ التَّدْبِيرِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ.

ص: 496

قَوْلُهُ (وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهَا وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ، فَهَلْ تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ لِمُدَّةِ حَمْلِهَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْفَائِقِ، وَغَيْرِهِمْ.

إحْدَاهُمَا: تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: لَهَا النَّفَقَةُ عَلَى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ.

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا تَسْتَحِقُّهَا. هَذَا يُشْبِهُ مَا إذَا مَاتَ عَنْ امْرَأَةٍ حَامِلٍ، هَلْ تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ لِمُدَّةِ حَمْلِهَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَمَبْنَى الْخِلَافِ عَلَى الْخِلَافِ فِي نَفَقَةِ الْحَامِلِ: هَلْ هِيَ لِلْحَمْلِ، أَوْ لِلْحَامِلِ؟ . فَإِنْ قُلْنَا: هِيَ لِلْحَمْلِ، فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا لِلْأَمَةِ الْحَامِلِ. لِأَنَّ الْحَمْلَ لَهُ نَصِيبٌ فِي الْمِيرَاثِ. وَإِنْ قُلْنَا: لِلْحَامِلِ، فَالنَّفَقَةُ عَلَى الزَّوْجِ، أَوْ السَّيِّدِ. انْتَهَى. قُلْت: وَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ " هَلْ تَجِبُ النَّفَقَةُ لِحَمْلِهَا، أَوْ لَهَا مِنْ أَجْلِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ " وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهَا تَجِبُ لِلْحَمْلِ.

قَوْلُهُ (وَإِذَا جَنَتْ أُمُّ الْوَلَدِ، فَدَاهَا سَيِّدُهَا بِقِيمَتِهَا أَوْ دُونَهَا) يَعْنِي: إذَا كَانَ ذَلِكَ قَدْرَ أَرْشِ جِنَايَتِهَا. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَابْنُ مُنَجَّا: هَذَا الْمَذْهَبُ. وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَعَنْهُ: عَلَيْهِ فِدَاؤُهَا بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ كُلِّهِ. حَكَاهَا أَبُو بَكْرٍ. وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ وَالْفَائِقِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ.

ص: 497

فَعَلَى الْمَذْهَبِ: يَفْدِيهَا بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْفِدَاءِ. قَالَهُ الْأَصْحَابُ. وَتَجِبُ قِيمَتُهَا مَعِيبَةً بِعَيْبِ الِاسْتِيلَادِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ عَادَتْ فَجَنَتْ فَدَاهَا أَيْضًا) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَشْهُورُ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْمُخْتَارُ لِعَامَّةِ الْأَصْحَابِ: أَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي، وَأَصْحَابِهِ، وَالْمُصَنِّفِ، وَغَيْرِهِمْ. حَتَّى قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَوْ جَنَتْ أَلْفَ مَرَّةٍ. وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَنَصَرَاهُ. قَالَ ابْنُ مُنَجَّا: هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَنْهُ: يَتَعَلَّقُ الْفِدَاءُ الثَّانِي وَمَا بَعْدَهُ بِذِمَّتِهَا. حَكَاهَا أَبُو الْخَطَّابِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالتَّرْغِيبِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ. وَقَالَ فِي الْفَائِقِ، قُلْت: الْمُخْتَارُ عَدَمُ إلْزَامِهِ جِنَايَتَهَا. فَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: قَالَ فِي الرِّعَايَةِ، قُلْت: يَرْجِعُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ بِمَا يَخُصُّهُ مِمَّا أَخَذَهُ.

تَنْبِيهٌ: أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ. وَكَذَا أَطْلَقَهَا أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي، وَالْمَجْدُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَغَيْرُهُمْ: وَقَيَّدَهَا الْقَاضِي فِي كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّارِحُ، حَاكِينَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي الْخَطَّابِ، وَابْنِ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتَيْهِ بِمَا إذَا فَدَاهَا أَوَّلًا بِقِيمَتِهَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمُقْتَضَى ذَلِكَ: أَنَّهُ لَوْ فَدَاهَا أَوَّلًا بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا: لَزِمَهُ فِدَاؤُهَا ثَانِيًا بِمَا بَقِيَ مِنْ الْقِيمَةِ بِلَا خِلَافٍ.

فَائِدَةٌ: قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: وَإِنْ جَنَتْ جِنَايَاتٍ، وَكَانَتْ كُلُّهَا قَبْلَ

ص: 498

فِدَاءِ شَيْءٍ مِنْهَا: تَعَلَّقَ أَرْشُ الْجَمِيعِ بِرَقَبَتِهَا. وَلَمْ يَكُنْ عَلَى السَّيِّدِ فِي الْجِنَايَاتِ كُلِّهَا إلَّا قِيمَتَهَا، أَوْ أَرْشَ جَمِيعِهَا. وَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْهُمَا. وَيَشْتَرِكُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِمْ فِي الْوَاجِبِ لَهُمْ. فَإِنْ لَمْ يَفِ بِهَا: تَحَاصُّوا فِيهَا بِقَدْرِ أُرُوشِ جِنَايَاتِهِمْ.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ (وَإِنْ قَتَلَتْ سَيِّدَهَا عَمْدًا، فَعَلَيْهَا الْقِصَاصُ) . مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مِنْهُ وَلَدٌ. فَإِنْ كَانَ لَهَا مِنْهُ وَلَدٌ: لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَدْ صَرَّحُوا بِهِ فِي بَابِ شُرُوطِ الْقِصَاصِ بِقَوْلِهِمْ: وَمَتَى وَرِثَ وَلَدُهُ الْقِصَاصَ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ: سَقَطَ الْقِصَاصُ. فَلَوْ قَتَلَ امْرَأَتَهُ، وَلَهُ مِنْهَا وَلَدٌ: سَقَطَ عَنْهُ الْقِصَاصُ. وَنَقَلَ مُهَنَّا: يَقْتُلُهَا أَوْلَادُهُ مِنْ غَيْرِهَا. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِأُصُولِ مَذْهَبِهِ. وَالصَّحِيحُ: لَا قِصَاصَ عَلَيْهَا. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَلِوَلِيِّهِ مَعَ فَقْدِ ابْنِهِمَا: الْقَوَدُ. وَقِيلَ: مُطْلَقًا. قَوْلُهُ (فَإِنْ عَفَوْا عَلَى مَالٍ، أَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً: فَعَلَيْهَا قِيمَةُ نَفْسِهَا) . هَذَا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَهُوَ قَوْلُ الْخِرَقِيِّ، وَالْمُصَنِّفِ فِي كُتُبِهِ، وَالْقَاضِي، وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يَلْزَمُهَا الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ دِيَتِهِ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. قَالَ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ:

ص: 499

إنْ قَتَلَتْ فِي الْحُكْمِ أُمُّ الْوَلَدِ

سَيِّدَهَا فِي خَطَأٍ لِلرُّشْدِ

أَوْ كَانَ عَمْدًا فَعَفْوًا لِلْمَالِ

قِيمَتُهَا تَلْزَمُ فِي الْمَقَالِ

أَوْ دِيَةً فَأَنْقَصُ الْأَمْرَيْنِ

يَلْزَمُهَا إذْ ذَاكَ فِي الْحَالَيْنِ

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَعَلَّ إطْلَاقَ الْأَوَّلِينَ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ. إذْ الْغَالِبُ أَنَّ قِيمَةَ الْأَمَةِ: لَا تَزِيدُ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ. انْتَهَى. قَالَ الْأَصْحَابُ: سَوَاءٌ قُلْنَا الدِّيَةُ تَحْدُثُ عَلَى مِلْكِ الْوَرَثَةِ أَوْ لَا. وَفِي الرَّوْضَةِ: دِيَةُ الْخَطَأِ عَلَى عَاقِلَتِهَا. لِأَنَّ عِنْدَ آخِرِ جُزْءٍ مَاتَ مِنْ السَّيِّدِ عَتَقَتْ وَوَجَبَ الضَّمَانُ.

فَائِدَةٌ: وَكَذَا إنْ قَتَلَتْهُ الْمُدَبَّرَةُ وَقُلْنَا: تَعْتِقُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي آخِرِ بَابِ الْمُدَبَّرِ.

قَوْلُهُ (وَتَعْتِقُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فِيمَا عَلَّلُوهُ بِهِ نَظَرٌ. لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ كَمَا أَنَّهُ سَبَبٌ لِلْعِتْقِ بَعْدَ الْمَوْتِ، ذَلِكَ النَّسَبُ سَبَبٌ لِلْإِرْثِ. فَكَمَا جَازَ تَخَلُّفُ الْإِرْثِ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ بِالنَّصِّ. فَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَتَخَلَّفَ الْعِتْقُ مَعَ قِيَامِ سَبَبِهِ. لِأَنَّهُ مِثْلُهُ. وَقَدْ قِيلَ فِي وَجْهِ الْفَرْقِ: إنَّ الْحَقَّ وَهُوَ الْحُرِّيَّةُ لِغَيْرِهَا. فَلَا تَسْقُطُ بِفِعْلِهَا. بِخِلَافِ الْإِرْثِ، فَإِنَّهُ مَحْضُ حَقِّهَا وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ الْمُدَبَّرَةَ، يَبْطُلُ تَدْبِيرُهَا إذَا قَتَلَتْ سَيِّدَهَا، وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ لِغَيْرِهَا وَأُجِيبَ بِضَعْفِ السَّبَبِ فِي الْمُدَبَّرَةِ.

قَوْلُهُ (وَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهَا) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَنَصَّ عَلَيْهِ. وَعَنْهُ: عَلَيْهِ الْحَدُّ. وَعَنْهُ. عَلَيْهِ الْحَدُّ، إنْ كَانَ لَهَا ابْنٌ. لِأَنَّهُ أَرَادَهُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي إجْرَاءُ الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا إذَا كَانَ لَهَا زَوْجٌ حُرٌّ. وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي إجْرَاؤُهُمَا فِي الْأَمَةِ الْقِنِّ.

ص: 500

وَنَظِيرُ ذَلِكَ: لَوْ قَذَفَ أَمَةً، أَوْ ذِمِّيَّةً لَهَا ابْنٌ أَوْ زَوْجٌ مُسْلِمَانِ. فَهَلْ يُحَدُّ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ذَكَرَهُمَا الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ الِابْنُ وَالزَّوْجُ بِأَنْ يَكُونَا حُرَّيْنِ. انْتَهَى.

قَوْلُهُ (وَإِذَا أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ الْكَافِرِ، أَوْ مُدَبَّرَتُهُ: مُنِعَ مِنْ غَشَيَانِهَا وَحِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا) بِلَا نِزَاعٍ. وَمُقْتَضَى ذَلِكَ: أَنَّ مِلْكَهُ بَاقٍ عَلَيْهِمَا، وَأَنَّهُمَا لَمْ يَعْتِقَا. أَمَّا فِي أُمِّ الْوَلَدِ: فَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ الْمُخْتَارُ لِأَبِي بَكْرٍ، وَالْقَاضِي، وَأَبِي الْخَطَّابِ، وَالشَّرِيفِ، وَالشِّيرَازِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمَا. قَالَ ابْنُ مُنَجَّا: هَذَا الْمَذْهَبُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: تَعْتِقُ فِي الْحَالِ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهَا. نَقَلَهَا مُهَنَّا. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا أَعْلَمُ لَهُ سَلَفًا فِي ذَلِكَ. وَعَنْهُ: أَنَّهَا تَسْتَسْعِي فِي حَيَاتِهِ وَتَعْتِقُ. نَقَلَهَا مُهَنَّا. قَالَهُ الْقَاضِي. وَلَمْ يُثْبِتْهَا أَبُو بَكْرٍ. فَقَالَ: أَظُنُّ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَطْلَقَ ذَلِكَ لِمُهَنَّا، عَلَى سَبِيلِ الْمُنَاظَرَةِ لِلْوَقْتِ. وَأَمَّا الْمُدَبَّرَةُ: فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمُدَبَّرِ إذَا أَسْلَمَ. وَقَدْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ. وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ مُسْتَوْفًى فَلْيُرَاجَعْ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّ رِوَايَةَ الِاسْتِسْعَاءِ عَائِدَةٌ إلَى أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةِ. وَالْمَنْقُولُ: أَنَّهَا فِي أُمِّ الْوَلَدِ. وَحَمَلَهَا ابْنُ مُنَجَّا عَلَى ظَاهِرِهَا. وَجَعَلَهَا عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ الْمُدَبَّرَةِ.

ص: 501

قَوْلُهُ (وَأُجْبِرَ عَلَى نَفَقَتِهَا، إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا كَسْبٌ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ نَفَقَتَهَا عَلَى سَيِّدِهَا، وَالْكَسْبُ لَهُ، يَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَ. وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهَا عَلَى التَّمَامِ، سَوَاءٌ كَانَ لَهَا كَسْبٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله، وَالْخِرَقِيِّ. قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَعَنْهُ: لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا بِحَالٍ. وَتَسْتَسْعِي فِي قِيمَتِهَا. ثُمَّ تَعْتِقُ كَمَا تَقَدَّمَ. وَذَكَرَ الْقَاضِي: أَنَّ نَفَقَتَهَا فِي كَسْبِهَا، وَالْفَاضِلُ مِنْهُ لِسَيِّدِهَا. فَإِنْ عَجَزَ كَسْبُهَا عَنْ نَفَقَتِهَا: فَهَلْ يَلْزَمُ السَّيِّدَ تَمَامُ نَفَقَتِهَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَتَبِعَ الْقَاضِيَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ.

قَوْلُهُ " وَإِذَا وَطِئَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْجَارِيَةَ، فَأَوْلَدَهَا: صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ. وَوَلَدُهُ حُرٌّ. (وَعَلَيْهِ قِيمَةُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ) . لَا يَلْزَمُهُ إلَّا قِيمَةُ نَصِيبِ الشَّرِيكِ فَقَطْ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: يَلْزَمُهُ مَعَ ذَلِكَ نِصْفُ مَهْرِهَا. وَعَنْهُ: يَلْزَمُهُ مَعَ نِصْفِ الْمَهْرِ نِصْفُ قِيمَةِ الْوَلَدِ. وَقَالَ الْقَاضِي: إنْ وَضَعَتْهُ بَعْدَ التَّقْوِيمِ: فَلَا شَيْءَ فِيهِ. لِأَنَّهَا وَضَعَتْهُ فِي مِلْكِهِ وَإِنْ وَضَعَتْهُ قَبْلَ ذَلِكَ: فَالرِّوَايَتَانِ. وَاخْتَارَ اللُّزُومَ. قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ.

ص: 502

قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا: كَانَ فِي ذِمَّتِهِ) هَذَا الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَغَيْرُهُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعِنْدَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَأَبِي الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ: إنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يَسْرِ اسْتِيلَادُهُ. فَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ. بَلْ يَصِيرُ نِصْفُهَا أُمَّ وَلَدٍ، وَنِصْفُهَا قِنٌّ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الشَّرِيكِ. فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ: هَلْ وَلَدُهُ حُرٌّ أَوْ نِصْفُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ. قُلْت: ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ: أَنَّهُ حُرٌّ كُلُّهُ. ثُمَّ وَجَدْت الزَّرْكَشِيَّ قَالَ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: وَهُوَ أَصَحُّ.

قَوْلُهُ (فَإِنْ وَطِئَهَا الثَّانِي بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَوْلَدَهَا فَعَلَيْهِ مَهْرُهَا. فَإِنْ كَانَ عَالِمًا: فَوَلَدُهُ رَقِيقٌ، وَإِنْ جَهِلَ إيلَادَ شَرِيكِهِ، أَوْ أَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ: فَوَلَدُهُ حُرٌّ. وَعَلَيْهِ فِدَاؤُهُ يَوْمَ الْوِلَادَةِ. ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا. وَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي، وَأَبِي الْخَطَّابِ: تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُمَا. مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا عَتَقَ حَقُّهُ وَيَتَكَمَّلُ عِتْقُهَا بِمَوْتِ الْآخَرِ. وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ مَا يُشَابِهُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ " وَإِنْ كَاتَبَ اثْنَانِ جَارِيَتَهُمَا ثُمَّ وَطِئَاهَا " وَمَا يُشَابِهُهَا أَيْضًا: مَا إذَا كَاتَبَ حِصَّتَهُ، وَأَعْتَقَ الشَّرِيكُ قَبْلَ أَدَائِهِ فَلْيُرَاجَعْ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ)

ص: 503

يَعْنِي: بَعْدَ حُكْمِنَا بِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُمَا عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي، وَأَبِي الْخَطَّابِ.

(وَهُوَ مُوسِرٌ، فَهَلْ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) .

أَحَدُهُمَا: يُقَوَّمُ عَلَيْهِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: مَضْمُونًا عَلَيْهِ عَلَى الْأَصَحِّ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: وَهُوَ أَوْلَى وَأَصَحُّ. إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: وَهُوَ أَصَحُّ وَأَقْوَى. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفَائِقِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ، بَلْ يَعْتِقُ مَجَّانًا. وَقِيلَ: لَا يَعْتِقُ إلَّا مَا أَعْتَقَهُ. وَلَا يَسْرِي إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ. وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

ص: 504