المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[بَابُ التَّدْبِيرِ] ِ قَوْلُهُ (وَهُوَ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالْمَوْتِ) . هَكَذَا قَالَ - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت الفقي - جـ ٧

[المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ الْوَقْفِ]

- ‌[فَوَائِدُ مَصْرِفُ الْوَقْفِ إلَى الْجِهَةِ الْمُعَيَّنَةِ لَهُ]

- ‌[فَوَائِدُ احْتَاجَ الْخَانُ الْمُسَبَّلُ أَوْ الدَّارُ الْمَوْقُوفَةُ لِسُكْنَى الْحَاجِّ]

- ‌[بَابُ الْهِبَةِ وَالْعَطِيَّةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ وَهَبَ الْغَائِبُ هِبَةً وَأَنْفَذَهَا مَعَ رَسُولِ الْمَوْهُوبِ لَهُ]

- ‌[فَوَائِدُ صُوَرِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْمَجْهُولِ]

- ‌[فَوَائِدُ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ بَعْدَ مَوْتِهِ]

- ‌[فَوَائِدُ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ تُبَرِّئِينِي]

- ‌[فَائِدَةٌ وَتُفَارِقُ الْعَطِيَّةُ الْوَصِيَّةَ فِي أَرْبَعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[فَوَائِدُ أَوْجَبَهُ فِي الْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ فَلَمْ يَقْبَلْ فِيهِمَا]

- ‌[بَابُ الْمُوصَى لَهُ]

- ‌[بَابُ الْمُوصَى بِهِ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْأَنْصِبَاءِ وَالْأَجْزَاءِ]

- ‌[بَابُ الْمُوصَى إلَيْهِ]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ ذَوِي الْفُرُوضِ]

- ‌[بَابُ الْعَصَبَاتِ]

- ‌[بَابُ أُصُولِ الْمَسَائِلِ]

- ‌[بَابُ تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ]

- ‌[بَابُ الْمُنَاسَخَاتِ]

- ‌[بَابُ قَسْمِ التَّرِكَاتِ]

- ‌[بَابُ ذَوِي الْأَرْحَامِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْحَمْلِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْمَفْقُودِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْخُنْثَى]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْغَرْقَى وَمَنْ عُمِّيَ مَوْتُهُمْ]

- ‌[بَابُ الْإِقْرَارِ بِمُشَارِكٍ فِي الْمِيرَاثِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْقَاتِلِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ]

- ‌[بَابُ الْوَلَاءِ]

- ‌[كِتَابُ الْعِتْقِ]

- ‌[فَوَائِدُ خِيفَ عَلَى الرَّقِيقِ الزِّنَا وَالْفَسَادُ فِي الْعِتْق]

- ‌[بَابُ التَّدْبِيرِ]

- ‌[بَابُ الْكِتَابَةِ]

- ‌[بَابُ أَحْكَامِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ]

الفصل: ‌ ‌[بَابُ التَّدْبِيرِ] ِ قَوْلُهُ (وَهُوَ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالْمَوْتِ) . هَكَذَا قَالَ

[بَابُ التَّدْبِيرِ]

ِ قَوْلُهُ (وَهُوَ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالْمَوْتِ) . هَكَذَا قَالَ الْأَصْحَابُ، زَادَ فِي الْمُذْهَبِ: أَوْ بِشَرْطٍ يُوجَدُ بَعْدَ الْمَوْتِ.

قَوْلُهُ (وَيُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: يُعْتَقُ مِنْ كُلِّ الْمَالِ. قَالَ فِي الْكَافِي: وَلَا عَمَلَ عَلَيْهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا قَوْلٌ قَدِيمٌ رَجَعَ عَنْهُ. قَالَ فِي الْفَوَائِدِ: وَهُوَ مُتَخَرِّجٌ عَلَى أَنَّهُ عِتْقٌ لَازِمٌ كَالِاسْتِيلَادِ. وَعَنْهُ: يُعْتَقُ مِنْ كُلِّ الْمَالِ إذَا دَبَّرَهُ فِي الصِّحَّةِ دُونَ الْمَرَضِ.

فَائِدَةٌ: يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالْمَوْتِ مُطْلَقًا، نَحْوُ " إنْ مِتّ فَأَنْتَ حُرٌّ " وَمُقَيَّدًا، نَحْوُ " إنْ مِتّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ عَامِي، أَوْ بِهَذَا الْبَلَدِ: فَأَنْتَ حُرٌّ ". وَإِنْ قَالَا لِعَبْدِهِمَا " إنْ مُتْنَا فَأَنْتَ حُرٌّ " فَهُوَ تَعْلِيقٌ لِلْحُرِّيَّةِ بِمَوْتِهِمَا جَمِيعًا. ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَجَمَاعَةٌ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ. وَلَا يُعْتَقُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا شَيْءٌ مِنْهُ. وَلَا يَبِيعُ وَارِثُهُ حَقَّهُ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله. وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ: إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا فَنَصِيبُهُ حُرٌّ. قُلْت: وَهَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَإِذَا أَرَادَ أَنَّهُ حُرٌّ بَعْدَ آخِرِهِمَا مَوْتًا، فَإِنْ جَازَ تَعْلِيقُ الْحُرِّيَّةِ عَلَى صِفَةٍ " بَعْدَ الْمَوْتِ " عَتَقَ بَعْدَ مَوْتٍ لِآخَرَ مِنْهُمَا عَلَيْهِمَا، وَإِلَّا عَتَقَ نَصِيبُ الْآخَرِ مِنْهُمَا بِالتَّدْبِيرِ. وَفِي سِرَايَتِهِ إنْ احْتَمَلَهُ ثُلُثُهُ الرِّوَايَتَانِ.

قَوْلُهُ (وَيَصِحُّ مِنْ كُلِّ مَنْ تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ) .

ص: 432

هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: يَصِحُّ تَدْبِيرُ الْغُلَامِ إذَا جَاوَزَ الْعَشْرَ، وَالْجَارِيَةُ: إذَا جَاوَزَتْ التِّسْعَ.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ (وَصَرِيحُهُ: لَفْظُ الْعِتْقِ وَالْحُرِّيَّةِ الْمُعَلَّقَيْنِ بِالْمَوْتِ وَلَفْظُ التَّدْبِيرِ، وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهَا) . مُرَادُهُ: غَيْرُ لَفْظِ الْأَمْرِ وَالْمُضَارِعِ. كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْعِتْقِ فَلْيُرَاجَعْ.

فَائِدَةٌ: كِنَايَاتُ الْعِتْقِ الْمُنَجَّزِ: تَكُونُ لِلتَّدْبِيرِ إذَا أَضَافَ إلَيْهِ ذِكْرَ الْمَوْتِ. قَالَهُ الْأَصْحَابُ.

فَائِدَةٌ: قَوْلُهُ (وَيَصِحُّ مُطْلَقًا وَمُقَيَّدًا، بِأَنْ يَقُولَ: إنْ مِتّ فِي مَرَضِي هَذَا، أَوْ عَامِي هَذَا: فَأَنْتَ حُرٌّ، أَوْ مُدَبَّرٌ) . وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ " إذَا قَدِمَ زَيْدٌ، أَوْ جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ، فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ " بِلَا نِزَاعٍ وَيَصِحُّ مُؤَقَّتًا، نَحْوُ " أَنْتَ مُدَبَّرٌ الْيَوْمَ " نَصَّ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ: مَتَى شِئْت فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ. فَمَتَى شَاءَ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ صَارَ مُدَبَّرًا) بِلَا نِزَاعٍ. أَعْنِي إذَا قُلْنَا: يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ عَلَى صِفَةٍ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ: إنْ شِئْت فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ. فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ كَذَلِكَ) . يَعْنِي " كَمَتَى شِئْت " وَأَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. صَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْفَائِقِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالْفُرُوعِ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: إنْ شَاءَ فِي الْمَجْلِسِ صَارَ مُدَبَّرًا، وَإِلَّا فَلَا. وَقَالَهُ الْقَاضِي أَيْضًا. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ.

ص: 433

وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْهَادِي، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ. اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفَائِقِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ.

فَائِدَةٌ: لَوْ قَالَ " إذَا شِئْت فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ " فَهُوَ كَقَوْلِهِ " مَتَى شِئْت فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ " عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. فَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفَائِقِ، وَالشَّرْحِ. وَقَالَ الْقَاضِي: يَخْتَصُّ بِالْمَجْلِسِ. وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ.

فَائِدَةٌ أُخْرَى: لَوْ قَالَ " مَتَى شِئْت بَعْدَ مَوْتِي فَأَنْتَ حُرٌّ " أَوْ " أَيَّ وَقْتٍ شِئْت بَعْدَ مَوْتِي فَأَنْتَ حُرٌّ " فَهُوَ تَعْلِيقٌ لِلْعِتْقِ عَلَى صِفَةٍ بَعْدَ الْمَوْتِ. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ. وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ. وَقَالَ الْقَاضِي: يَصِحُّ. فَعَلَى قَوْلِهِ: يَكُونُ ذَلِكَ عَلَى التَّرَاخِي بَعْدَ مَوْتِهِ، وَمَا كَسَبَ فَهُوَ لِوَرَثَةِ سَيِّدِهِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ: قَدْ رَجَعْت فِي تَدْبِيرِي، أَوْ أَبْطَلْته: لَمْ يَبْطُلْ. لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ لِلْعِتْقِ بِصِفَةٍ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. بِلَا رَيْبٍ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَقَالَ فِي كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ أَجْوَدُ الرِّوَايَتَيْنِ. وَصَحَّحَهَا ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: لَمْ يَبْطُلْ عَلَى الْأَصَحِّ. وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمَا. وَعَنْهُ: يَبْطُلُ كَالْوَصِيَّةِ. قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْفَائِقِ. وَعَنْهُ: لَا يَبْطُلُ إلَّا لِقَضَاءِ دَيْنِهِ.

ص: 434

وَفِي التَّبْصِرَةِ رِوَايَةٌ: لَا يَبْطُلُ فِي الْأَمَةِ فَقَطْ. فَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: لَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ فِي حَمْلٍ لَمْ يُوجَدْ. وَإِنْ رَجَعَ فِي حَامِلٍ، فَفِي حَمْلِهَا وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ، وَالزَّرْكَشِيِّ قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ رُجُوعًا فِيهِ.

تَنْبِيهَانِ أَحَدُهُمَا: قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: مَحَلُّ الرِّوَايَتَيْنِ: إذَا لَمْ يَأْتِ بِصَرِيحِ التَّعْلِيقِ أَوْ بِصَرِيحِ الْوَصِيَّةِ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ.

الثَّانِي: قَوْلُهُ " لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ لِلْعِتْقِ عَلَى صِفَةٍ ". تَقَدَّمَ فِي " كِتَابِ الْعِتْقِ " أَنَّهُ يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ عَلَى صِفَةٍ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.

فَائِدَةٌ: اعْلَمْ أَنَّ التَّدْبِيرَ هَلْ هُوَ تَعْلِيقٌ لِلْعِتْقِ عَلَى صِفَةٍ، أَوْ هُوَ وَصِيَّةٌ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ. الصَّحِيحُ مِنْهُمَا وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ تَعْلِيقٌ لِلْعِتْقِ عَلَى صِفَةٍ.

تَنْبِيهٌ: يَنْبَنِي عَلَى هَذَا الْخِلَافِ مَسَائِلُ جَمَّةٌ.

مِنْهَا: لَوْ قَتَلَ الْمُدَبَّرُ سَيِّدَهُ: هَلْ يُعْتَقُ، أَمْ لَا؟ عَلَى مَا يَأْتِي آخِرَ الْبَابِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.

وَمِنْهَا: بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ: هَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا؟ عَلَى مَا يَأْتِي قَرِيبًا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا.

وَمِنْهَا: هَلْ اعْتِبَارُهُ مِنْ الثُّلُثِ، أَمْ مِنْ كُلِّ الْمَالِ؟ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ.

وَمِنْهَا: إبْطَالُ التَّدْبِيرِ وَالرُّجُوعُ عَنْهُ بِالْقَوْلِ. وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ الْمُتَقَدِّمَةِ. قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: بَنَاهُمَا الْخِرَقِيُّ وَالْأَصْحَابُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ. فَإِنْ قِيلَ هُوَ وَصِيَّةٌ: جَازَ الرُّجُوعُ عَنْهُ. وَإِنْ قُلْنَا هُوَ عِتْقٌ بِصِفَةٍ: فَلَا. قَالَ: وَلِلْقَاضِي، وَأَبِي الْخَطَّابِ فِي تَعْلِيقَيْهِمَا طَرِيقَةٌ أُخْرَى: أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ هُنَا مَبْنِيَّتَانِ عَلَى قَوْلِنَا إنَّهُ وَصِيَّةٌ: تُنَجَّزُ بِالْمَوْتِ، مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ، بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْوَصَايَا.

ص: 435

وَهُوَ مُنْتَقَضٌ بِالْوَصِيَّةِ لِجِهَاتِ الْبِرِّ. قَالَ: وَلِأَبِي الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ طَرِيقَةٌ ثَالِثَةٌ، وَهِيَ: بِنَاءُ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى جَوَازِ الرُّجُوعِ بِالْبَيْعِ. أَمَّا إنْ قُلْنَا: يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ بِالْفِعْلِ، فَبِالْقَوْلِ أَوْلَى.

وَمِنْهَا: لَوْ بَاعَ الْمُدَبَّرُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ: فَهَلْ يَكُونُ بَيْعُهُ رُجُوعًا، فَلَا يَعُودُ تَدْبِيرُهُ، أَمْ لَا يَكُونُ رُجُوعًا، فَيَعُودُ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ أَيْضًا. بَنَاهُمَا الْقَاضِي وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ. فَإِنْ قُلْنَا: التَّدْبِيرُ وَصِيَّةٌ: بَطَلَتْ بِخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ، وَلَمْ تَعُدْ بِعَوْدِهِ. وَإِنْ قُلْنَا: هُوَ تَعْلِيقٌ بِصِفَةٍ: عَادَ بِعَوْدِ الْمِلْكِ. بِنَاءً عَلَى أَصْلِنَا فِي عَوْدِ الصِّفَةِ بِعَوْدِ الْمِلْكِ فِي الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ. وَطَرِيقَةُ الْخِرَقِيِّ، وَطَائِفَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ: أَنَّ التَّدْبِيرَ يَعُودُ بِعَوْدِ الْمِلْكِ هُنَا. رِوَايَةً وَاحِدَةً. بِخِلَافِ مَا إذَا أَبْطَلَ تَدْبِيرَهُ بِالْقَوْلِ. وَهُوَ يَتَنَزَّلُ عَلَى أَحَدِ أَمْرَيْنِ. إمَّا أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَبْطُلُ بِزَوَالِ الْمِلْكِ مُطْلَقًا. بَلْ تَعُودُ بِعَوْدِهِ. وَإِمَّا أَنَّ هَذَا حُكْمُ الْوَصِيَّةِ بِالْعِتْقِ خَاصَّةً. وَيَأْتِي أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَرِيبًا.

وَمِنْهَا: لَوْ قَالَ " عَبْدِي فُلَانٌ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِسَنَةٍ " فَهَلْ يَصِحُّ وَيُعْتَقُ بَعْدَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ، أَمْ يَبْطُلُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، فِي " كِتَابِ الْعِتْقِ " فَلْيُرَاجَعْ.

وَمِنْهَا: لَوْ كَاتَبَ الْمُدَبَّرَ، فَهَلْ يَكُونُ رُجُوعًا عَنْ التَّدْبِيرِ أَمْ لَا؟ عَلَى مَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَرِيبًا.

وَمِنْهَا: لَوْ وَصَّى بِعَبْدِهِ. ثُمَّ دَبَّرَهُ. فَفِيهِ وَجْهَانِ. أَشْهَرُهُمَا: أَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ الْوَصِيَّةِ. وَالثَّانِي: لَيْسَ بِرُجُوعٍ. فَعَلَى هَذَا: فَائِدَةُ الْوَصِيَّةِ بِهِ: أَنَّهُ لَوْ أَبْطَلَ تَدْبِيرَهُ بِالْقَوْلِ، لَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُوصَى لَهُ. ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي.

ص: 436

وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ التَّدْبِيرَ: هَلْ هُوَ عِتْقٌ بِصِفَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ؟ فَإِنْ قُلْنَا: هُوَ عِتْقٌ بِصِفَةٍ، قُدِّمَ عَلَى الْمُوصَى بِهِ، وَإِنْ قُلْنَا: هُوَ وَصِيَّةٌ، فَقَدْ ازْدَحَمَتْ وَصِيَّتَانِ فِي هَذَا الْعَبْدِ. فَيَنْبَنِي عَلَى أَنَّ الْوَصَايَا الْمُزْدَحِمَةَ إذَا كَانَ بَعْضُهَا عِتْقًا هَلْ تُقَدَّمُ، أَمْ يَتَحَاصَّ الْعِتْقُ وَغَيْرُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. فَإِنْ قُلْنَا بِالْمُحَاصَّةِ: فَهُوَ كَمَا لَوْ دَبَّرَ نِصْفَهُ وَوَصَّى بِنِصْفِهِ، وَيَصِحُّ ذَلِكَ عَلَى الْمَنْصُوصِ. انْتَهَى. قَالَ فِي الْفَوَائِدِ، وَقَدْ يُقَالُ: الْمُوصَى لَهُ، إنْ قِيلَ: لَا يَمْلِكُ حَتَّى يَقْبَلَ، فَقَدْ سَبَقَ زَمَنُ الْعِتْقِ زَمَنَ مِلْكِهِ فَيَنْفُذُ. وَإِنْ قِيلَ: يَمْلِكُ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ، فَقَدْ تَقَارَنَ زَمَنُ مِلْكِهِ وَزَمَنُ الْعِتْقِ فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْعِتْقِ. كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله فِي مَسْأَلَةِ مَنْ عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ بِبَيْعِهِ.

وَمِنْهَا: الْوَصِيَّةُ بِالْمُدَبَّرِ، فَالْمَذْهَبُ: أَنَّهَا لَا تَصِحُّ. ذَكَرَهَا الْقَاضِي، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا. لِأَنَّ التَّدْبِيرَ الطَّارِئَ إذَا لَمْ يُبْطِلْ الْوَصِيَّةَ عَلَى الْمَشْهُورِ فَكَيْفَ يَصِحُّ طَرَيَان الْوَصِيَّةِ عَلَى التَّدْبِيرِ وَمُزَاحَمَتُهَا لَهُ؟ وَبَنَى الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ أَيْضًا عَلَى الْأُصُولِ السَّابِقَةِ.

وَمِنْهَا: وَلَدُ الْمُدَبَّرَةِ. هَلْ يَتْبَعُهَا فِي التَّدْبِيرِ أَمْ لَا؟ عَلَى مَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَرِيبًا.

قَوْلُهُ (وَلَهُ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ وَهِبَتُهُ) . هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. بِلَا رَيْبٍ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. مِنْهُمْ: الْقَاضِي، وَالشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَالشِّيرَازِيُّ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ فِي الْفَائِقِ: هَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَ فِي الْفَوَائِدِ: وَالْمَذْهَبُ، الْجَوَازُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَغَيْرِهِ.

ص: 437

وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَغَيْرُهُمْ: لِأَنَّ التَّدْبِيرَ إمَّا وَصِيَّةٌ أَوْ تَعْلِيقٌ بِصِفَةٍ. وَكِلَاهُمَا لَا يَمْنَعُ نَقْلَ الْمِلْكِ قَبْلَ الصِّفَةِ. وَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مُطْلَقًا. بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ عِتْقٌ بِصِفَةٍ. فَيَكُونُ لَازِمًا كَالِاسْتِيلَادِ وَعَنْهُ: لَا يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ فِي الْعَبْدِ. فَقَالَ: وَلَهُ بَيْعُهُ فِي الدَّيْنِ. وَلَا تُبَاعُ الْمُدَبَّرَةُ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَفِي الْأُخْرَى: الْأَمَةُ كَالْعَبْدِ. انْتَهَى. وَعَنْهُ: لَا تُبَاعُ إلَّا فِي الدَّيْنِ أَوْ الْحَاجَةِ. ذَكَرَهَا الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ، وَكِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي، وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ. وَقَدْ تَقَدَّمَ لَفْظُهُ. وَعَنْهُ: لَا تُبَاعُ الْأَمَةُ خَاصَّةً. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَهُ بَيْعُ الْعَبْدِ فِي الدَّيْنِ. وَفِي بَيْعِ الْأَمَةِ فِيهِ رِوَايَتَانِ.

وَمِنْهَا: لَوْ جَحَدَ السَّيِّدُ التَّدْبِيرَ، فَنَصُّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله: أَنَّهُ لَيْسَ بِرُجُوعٍ. قَدَّمَهُ ابْنُ رَجَبٍ. وَقَالَ الْأَصْحَابُ: إنْ قُلْنَا: هُوَ عِتْقٌ بِصِفَةٍ، لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا، وَإِنْ قُلْنَا: هُوَ وَصِيَّةٌ، فَوَجْهَانِ. بِنَاءً عَلَى مَا إذَا جَحَدَ الْمُوصِي الْوَصِيَّةَ، هَلْ هُوَ رُجُوعٌ، أَمْ لَا؟ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفَائِقِ، وَالْفُرُوعِ: وَإِنْ أَنْكَرَهُ لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا، إنْ قُلْنَا تَعْلِيقٌ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ. انْتَهَى. قُلْت: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ إذَا جَحَدَ الْوَصِيَّةَ لَا يَكُونُ رُجُوعًا، عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، قُلْت: إنْ جَوَّزْنَا الرُّجُوعَ وَحَلَفَ: صَحَّ. وَإِلَّا فَلَا. وَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ " بِمَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ، إذَا أَنْكَرَ التَّدْبِيرَ؟ ".

ص: 438

فَائِدَةٌ: حُكْمُ وَقْفِ الْمُدَبَّرِ حُكْمُ بَيْعِهِ. قَالَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالزَّرْكَشِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَكَذَا حُكْمُ هِبَتِهِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ عَادَ إلَيْهِ عَادَ التَّدْبِيرُ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَصَحَّحَهُ فِي الْفَائِقِ، وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ: يَبْطُلُ التَّدْبِيرُ. وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ التَّدْبِيرَ: هَلْ هُوَ عِتْقٌ بِصِفَةٍ، أَوْ وَصِيَّةٌ؟ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ أَيْضًا فِي الْفَوَائِدِ بِأَتَمَّ مِنْ ذَلِكَ، فَلْيُرَاجَعْ. وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ، وَغَيْرِهِ: رُجُوعُهُ إلَى التَّدْبِيرِ مُطْلَقًا.

قَوْلُهُ (وَمَا وَلَدَتْ الْمُدَبَّرَةُ، بَعْدَ تَدْبِيرِهَا: فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهَا) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَالزَّرْكَشِيِّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ فِي الْفَوَائِدِ: الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَتْبَعُهَا فِي التَّدْبِيرِ كَمَا لَوْ وَلَدَتْهُ بَعْدَهُ. سَوَاءٌ كَانَ مَوْجُودًا حَالَ التَّعْلِيقِ أَوْ الْعِتْقِ، أَوْ حَادِثًا بَيْنَهُمَا. وَعَنْهُ: فِي الْحَمْلِ بَعْدَ التَّدْبِيرِ: أَنَّهُ كَحَمْلِ مُعْتَقَةٍ بِصِفَةٍ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ. وَعَنْهُ: لَا تَتْبَعُهَا الْأُنْثَى إلَّا بِشَرْطِ السَّيِّدِ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ، بِخِلَافِ الذَّكَرِ. قَالَهُ فِي الْفَائِقِ. وَاخْتَارَ فِي الِانْتِصَارِ: أَنَّهُ لَا يَتْبَعُ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. قَالَ فِي الْفَوَائِدِ: وَحَكَى الْقَاضِي فِي كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ، فِي تَبَعِيَّةِ الْوَلَدِ: رِوَايَتَيْنِ. وَبَنَاهُمَا عَلَى أَنَّ التَّدْبِيرَ: هَلْ هُوَ عِتْقٌ لَازِمٌ كَالِاسْتِيلَادِ، أَمْ لَا؟

ص: 439

وَمِنْ هُنَا قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي انْتِصَارِهِ: تَبَعِيَّةُ الْوَلَدِ مَبْنِيٌّ عَلَى لُزُومِ التَّدْبِيرِ. وَخَرَّجَ أَبُو الْخَطَّابِ وَجْهًا: أَنَّهُ لَا يَتْبَعُهَا الْحَادِثُ بَيْنَهُمَا. وَإِنَّمَا يَتْبَعُهَا إذَا كَانَ مَوْجُودًا مَعَهَا فِي أَحَدِهِمَا مِنْ حُكْمِ وَلَدِ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ. بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّدْبِيرَ تَعْلِيقٌ بِصِفَةٍ. وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا: أَنْ يُخَرِّجَ طَرِيقَةً أُخْرَى: أَنَّهُ لَا يَتْبَعُهَا الْوَلَدُ الْحَادِثُ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ خِلَافٍ. وَأَمَّا مَا كَانَ مَوْجُودًا فِي أَحَدِ الْحَالَيْنِ: فَهَلْ يَتْبَعُهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّدْبِيرَ وَصِيَّةٌ. وَحُكْمُ وَلَدِ الْمُوصَى بِهَا كَذَلِكَ، عِنْدَ الْأَصْحَابِ. انْتَهَى كَلَامُهُ فِي الْفَوَائِدِ. وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّمَانِينَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَتْبَعُهَا قَالَ الْأَكْثَرُونَ: وَيَكُونُ مُدَبَّرًا بِنَفْسِهِ، لَا بِطَرِيقِ التَّبَعِ. بِخِلَافِ وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ. وَقَدْ نَصَّ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ: عَلَى أَنَّ الْأُمَّ لَوْ عَتَقَتْ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ: لَمْ يُعْتَقْ الْوَلَدُ حَتَّى تَمُوتَ. وَعَلَى هَذَا: لَوْ رَجَعَ فِي تَدْبِيرِ الْأُمِّ وَقُلْنَا: لَهُ ذَلِكَ بَقِيَ الْوَلَدُ مُدَبَّرًا هَذَا قَوْلُ الْقَاضِي، وَابْنِ عَقِيلٍ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ: هَلْ هُوَ تَابِعٌ مَحْضٌ لَهَا، إنْ عَتَقَتْ عَتَقَ، وَإِنْ رُقَّتْ رُقَّ؟ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ أَبِي مُوسَى. انْتَهَى. وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ: هَلْ يَبْطُلُ عِتْقُ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ بِمَوْتِهِمَا قَبْلَ السَّيِّدِ، أَمْ لَا؟ لِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُمَا. اخْتَلَفَ كَلَامُهُ. وَيَظْهَرُ الْحُكْمُ فِي وَلَدِهِمَا.

قَوْلُهُ (وَلَا يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا قَبْلَ التَّدْبِيرِ) هَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ. وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ: يَتْبَعُهَا. حَكَاهَا أَبُو الْخَطَّابِ، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ مِنْ رِوَايَةِ حَنْبَلٍ وَتَأَوَّلَهَا الْمُصَنِّفُ، وَقَالَ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ بَعِيدَةٌ.

ص: 440

فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا: لَوْ وَلَدَتْ الْمُوصَى بِوَقْفِهَا، أَوْ عِتْقِهَا، قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي: لَمْ يَتْبَعْهَا. ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْمُوصَى بِعِتْقِهَا. وَقِيَاسُهُ الْأُخْرَى. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَتْبَعَ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْوَقْفِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ فِيهِ ثُبُوتَ التَّحْرِيرِ، دُونَ التَّمْلِيكِ. قَالَهُ فِي الْقَوَاعِدِ.

الثَّانِيَةُ: وَلَدُ الْمُدَبَّرِ مِنْ أَمَةِ الْمُدَبَّرِ نَفْسِهِ: كَالْمُدَبَّرِ. نَصَّ عَلَيْهِ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: فَإِنْ تَسَرَّى الْمُدَبَّرُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، فَوُلِدَ لَهُ. فَرُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله: أَنَّهُمْ يَتْبَعُونَهُ فِي التَّدْبِيرِ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: أَنَّهُ لَا يَتْبَعُهُ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: وَلَا يَكُونُ وَلَدُ الْمُدَبَّرِ مِنْ أَمَتِهِ مِثْلَهُ فِي الْأَصَحِّ، بَلْ يَتْبَعُ أُمَّهُ وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ أَيْضًا: وَوَلَدُهُ مِنْ غَيْرِ أَمَتِهِ كَالْأُمِّ. فَجَزَمَ بِأَنَّهُ كَالْأُمِّ. وَقَالَ فِي الْفَائِقِ: وَوَلَدُ الْمُدَبَّرِ تَابِعٌ أُمَّهُ لَا أَبَاهُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. قَالَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ: وَلَا يَكُونُ وَلَدُ الْمُدَبَّرِ مِثْلَهُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَالْخِرَقِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: إنَّمَا حُكِمَ عَلَى وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ. أَمَّا وَلَدُ الْمُدَبَّرِ: فَلَا يَتْبَعُ أَبَاهُ مُطْلَقًا عَلَى الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ: يَتْبَعُهُ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي: الْجَزْمُ بِهَا فِي وَلَدِهِ مِنْ أَمَتِهِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التَّسَرِّي بِهَا، وَيَكُونُ مُدَبَّرًا. انْتَهَى.

تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ (وَلَهُ إصَابَةُ مُدَبَّرَتِهِ) . أَنَّهُ سَوَاءً شَرَطَهُ أَوْ لَا. وَهُوَ صَحِيحٌ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا وَيَجُوزُ لَهُ وَطْءُ ابْنَتِهِمَا، إنْ لَمْ يَكُنْ وَطِئَ أُمَّهَا، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ قَالَ فِي الْفَائِقِ: فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ

قَوْلُهُ (وَإِذَا كَاتَبَ الْمُدَبَّرَ، أَوْ دَبَّرَ الْمُكَاتَبَ: جَازَ) .

ص: 441

بِلَا نِزَاعٍ. لَكِنْ لَوْ كَاتَبَ الْمُدَبَّرَ، فَهَلْ يَكُونُ رُجُوعًا عَنْ التَّدْبِيرِ؟ إنْ قُلْنَا التَّدْبِيرُ عِتْقٌ بِصِفَةٍ: لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا. وَإِنْ قُلْنَا هُوَ وَصِيَّةٌ: انْبَنَى عَلَى أَنَّ كِتَابَةَ الْمُوصَى بِهِ، هَلْ تَكُونُ رُجُوعًا؟ فِيهِ وَجْهَانِ. أَشْهَرُهُمَا: أَنَّهُ رُجُوعٌ. وَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ: أَنَّ كِتَابَةَ الْمُدَبَّرِ لَيْسَتْ رُجُوعًا عَنْ تَدْبِيرِهِ. وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ رُجُوعٌ. بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّدْبِيرَ وَصِيَّةٌ. فَتَبْطُلُ بِالْكِتَابَةِ.

قَوْلُهُ (فَلَوْ أَدَّى عَتَقَ. وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ قَبْلَ الْأَدَاءِ عَتَقَ، إنْ حَمَلَ الثُّلُثُ مَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ) . وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ قَدْرُ الثُّلُثِ. وَسَقَطَ مِنْ الْكِتَابَةِ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ، وَهُوَ عَلَى الْكِتَابَةِ فِيمَا بَقِيَ. مُقْتَضَى قَوْلِهِ " إنْ حَمَلَ الثُّلُثُ مَا بَقِيَ مِنْ الْكِتَابَةِ " أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي خُرُوجِهِ مِنْ الثُّلُثِ: هُوَ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الْكِتَابَةِ. وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَكَلَامُهُ فِي الْكَافِي، وَالشَّرْحِ. وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرُهُمْ: اعْتِبَارُ قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا. وَجَزَمُوا بِهِ. وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ.

فَائِدَةٌ: لَوْ عَتَقَ بِالْكِتَابَةِ، كَانَ مَا فِي يَدِهِ لَهُ. وَلَوْ عَتَقَ بِالتَّدْبِيرِ، مَعَ الْعَجْزِ عَنْ أَدَاءِ مَالِ الْكِتَابَةِ: كَانَ مَا فِي يَدِهِ لِلْوَرَثَةِ. وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ الْعَجْزِ عَنْ جَمِيعِ الْكِتَابَةِ: عَتَقَ بِالتَّدْبِيرِ. وَمَا فِي يَدِهِ لَهُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ، وَالشَّارِحِ، وَابْنِ حَمْدَانَ، وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ: لِلْوَرَثَةِ. وَحَكَاهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْأَصْحَابِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَيَأْتِي نَظِيرُ ذَلِكَ إذَا أَوْلَدَ الْمُكَاتَبَةَ فِي " بَابِ الْكِتَابَةِ "

ص: 442

فَائِدَةٌ: لَوْ أَوْلَدَ أَمَتَهُ ثُمَّ كَاتَبَهَا، أَوْ كَاتَبَهَا ثُمَّ أَوْلَدَهَا: جَازَ. لَكِنْ تُعْتَقُ بِمَوْتِهِ مُطْلَقًا. وَلَوْ دَبَّرَ أُمَّ وَلَدِهِ: لَمْ يَصِحَّ، إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَاخْتَارَ ابْنُ حَمْدَانَ الصِّحَّةَ إنْ جَازَ بَيْعُهَا. وَقُلْنَا: التَّدْبِيرُ عِتْقٌ بِصِفَةٍ.

قَوْلُهُ (وَإِذَا دَبَّرَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ: لَمْ يَسْرِ إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ، وَإِنْ أَعْتَقَ شَرِيكُهُ: سَرَى إلَى الْمُدَبَّرِ، وَعَنْهُ: وَغَرِمَ قِيمَتَهُ لِسَيِّدِهِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَسْرِيَ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي. فَعَلَى هَذَا: يَصِيرُ مُدَبَّرًا كُلَّهُ. وَيَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ بِقِيمَتِهَا.

قَوْلُهُ (وَإِذَا أَسْلَمَ مُدَبَّرُ الْكَافِرِ، لَمْ يُقَرَّ فِي يَدِهِ وَتُرِكَ فِي يَدِ عَدْلٍ، يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ كَسْبِهِ. وَمَا فَضَلَ فَلِسَيِّدِهِ، وَإِنْ أَعْوَزَ فَعَلَيْهِ تَمَامُهُ، إلَّا أَنْ يَرْجِعَ فِي التَّدْبِيرِ، وَنَقُولُ بِصِحَّةِ رُجُوعِهِ) . اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ مُدَبَّرُ الْكَافِرِ، فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ إذَا اسْتَدَامَ تَدْبِيرُهُ، لَكِنْ لَا يُقَرُّ فِي يَدِهِ. وَيُتْرَكُ فِي يَدِ عَدْلٍ. وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ. وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ. وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَقَدَّمَهُ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ وَالرِّعَايَتَيْنِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَلْزَمُ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ. فَإِنْ أَبَى بِيعَ عَلَيْهِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفَائِقِ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ. وَتَقَدَّمَ فِي آخِرِ كِتَابِ الْبَيْعِ " إذَا أَسْلَمَ عَبْدُ الْكَافِرِ الْقِنِّ " وَأَحْكَامُهُ.

ص: 443

فَائِدَةٌ: لَوْ أَسْلَمَ مُكَاتَبُ الْكَافِرِ: لَزِمَهُ إزَالَةُ يَدِهِ عَنْهُ. فَإِنْ أَبَى: بِيعَ عَلَيْهِ بِلَا خِلَافٍ. وَإِنْ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِهِ: لَمْ تُقَرَّ فِي يَدِهِ. وَجُعِلَتْ عِنْدَ عَدْلٍ يُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ كَسْبِهَا. وَإِنْ أَعْوَزَ لَزِمَ السَّيِّدَ تَمَامُهُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَإِنْ أَسْلَمَ حَلَّتْ لَهُ. وَعَنْهُ: لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا. وَعَنْهُ: يُسْتَسْعَى فِي قِيمَتِهَا ثُمَّ تُعْتَقُ. وَنَقَلَ مُهَنَّا: تُعْتَقُ بِإِسْلَامِهَا. وَتَأْتِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِعَيْنِهَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي أَوَاخِرِ بَابِ أَحْكَامِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ " وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَتْ مُدَبَّرَتُهُ " مُسْتَوْفَاةً مُحَرَّرَةً.

قَوْلُهُ (وَمَنْ أَنْكَرَ التَّدْبِيرَ: لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ. وَهَلْ يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ، أَوْ بِشَاهِدٍ وَيَمِينِ الْعَبْدِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ، وَالْهِدَايَةُ، وَالْمُذْهَبُ، وَالْمُسْتَوْعِبُ، وَالْخُلَاصَةُ.

إحْدَاهُمَا: يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ. وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ، وَالنَّاظِمُ. وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَالْوَجِيزُ وَنَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ، وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمُذْهَبِ. وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْكِتَابَةِ.

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ ذَكَرَيْنِ. وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي أَحْكَامِ الشُّهُودِ بِهِ. وَتَقَدَّمَ فِي الْفَوَائِدِ " هَلْ يَكُونُ إنْكَارُهُ رُجُوعًا أَمْ لَا؟ فَإِنْ قُلْنَا: إنَّهُ رُجُوعٌ: لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ ".

ص: 444

قَوْلُهُ (وَإِذْ قَتَلَ الْمُدَبَّرُ سَيِّدَهُ: بَطَلَ تَدْبِيرُهُ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْجَمَاهِيرُ الْأَصْحَابُ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. مِنْهُمْ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ، وَغَيْرُهُمْ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْفُرُوعِ فِي بَابِ الْمُوصَى لَهُ. وَقِيلَ: لَا يَبْطُلُ تَدْبِيرُهُ، فَيُعْتَقُ. وَهَذَا مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي آخِرِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ. وَقَالَ فِي فَوَائِدِ الْقَوَاعِدِ: فِيهِ طَرِيقَانِ.

أَحَدُهُمَا: بِنَاؤُهُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ، إنْ قُلْنَا هُوَ عِتْقٌ بِصِفَةٍ: عَتَقَ. وَإِنْ قُلْنَا وَصِيَّةٌ: لَمْ يُعْتَقْ. وَهِيَ طَرِيقَةُ ابْنِ عَقِيلٍ، وَغَيْرِهِ.

الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَهُوَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي. لِأَنَّهُ لَمْ يُعَلِّقْهُ عَلَى مَوْتِهِ بِقَتْلِهِ إيَّاهُ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ فِي بَابِ الْمُوصَى لَهُ: وَلَوْ قَتَلَ الْوَصِيُّ الْمُوصَى وَلَوْ خَطَأً: بَطَلَتْ. وَلَا تَبْطُلُ وَصِيَّتُهُ بَعْدَ جُرْحِهِ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: فِيهِمَا رِوَايَتَانِ. وَمِثْلُهَا التَّدْبِيرُ. فَإِنْ جَعَلَ عِتْقًا بِصِفَةٍ فَوَجْهَانِ انْتَهَى.

ص: 445