المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب ميراث ذوي الفروض] - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت الفقي - جـ ٧

[المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ الْوَقْفِ]

- ‌[فَوَائِدُ مَصْرِفُ الْوَقْفِ إلَى الْجِهَةِ الْمُعَيَّنَةِ لَهُ]

- ‌[فَوَائِدُ احْتَاجَ الْخَانُ الْمُسَبَّلُ أَوْ الدَّارُ الْمَوْقُوفَةُ لِسُكْنَى الْحَاجِّ]

- ‌[بَابُ الْهِبَةِ وَالْعَطِيَّةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ وَهَبَ الْغَائِبُ هِبَةً وَأَنْفَذَهَا مَعَ رَسُولِ الْمَوْهُوبِ لَهُ]

- ‌[فَوَائِدُ صُوَرِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْمَجْهُولِ]

- ‌[فَوَائِدُ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ بَعْدَ مَوْتِهِ]

- ‌[فَوَائِدُ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ تُبَرِّئِينِي]

- ‌[فَائِدَةٌ وَتُفَارِقُ الْعَطِيَّةُ الْوَصِيَّةَ فِي أَرْبَعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[فَوَائِدُ أَوْجَبَهُ فِي الْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ فَلَمْ يَقْبَلْ فِيهِمَا]

- ‌[بَابُ الْمُوصَى لَهُ]

- ‌[بَابُ الْمُوصَى بِهِ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْأَنْصِبَاءِ وَالْأَجْزَاءِ]

- ‌[بَابُ الْمُوصَى إلَيْهِ]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ ذَوِي الْفُرُوضِ]

- ‌[بَابُ الْعَصَبَاتِ]

- ‌[بَابُ أُصُولِ الْمَسَائِلِ]

- ‌[بَابُ تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ]

- ‌[بَابُ الْمُنَاسَخَاتِ]

- ‌[بَابُ قَسْمِ التَّرِكَاتِ]

- ‌[بَابُ ذَوِي الْأَرْحَامِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْحَمْلِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْمَفْقُودِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْخُنْثَى]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْغَرْقَى وَمَنْ عُمِّيَ مَوْتُهُمْ]

- ‌[بَابُ الْإِقْرَارِ بِمُشَارِكٍ فِي الْمِيرَاثِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْقَاتِلِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ]

- ‌[بَابُ الْوَلَاءِ]

- ‌[كِتَابُ الْعِتْقِ]

- ‌[فَوَائِدُ خِيفَ عَلَى الرَّقِيقِ الزِّنَا وَالْفَسَادُ فِي الْعِتْق]

- ‌[بَابُ التَّدْبِيرِ]

- ‌[بَابُ الْكِتَابَةِ]

- ‌[بَابُ أَحْكَامِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ]

الفصل: ‌[باب ميراث ذوي الفروض]

[بَابُ مِيرَاثِ ذَوِي الْفُرُوضِ]

ِ فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا: قَوْلُهُ فِي عَدَدِهِمْ (وَالْأَخُ مِنْ الْأُمِّ) قَالَ فِي الْوَجِيزِ، وَالْفُرُوعِ: وَقَدْ يُعَصِّبُ أُخْتَهُ مِنْ غَيْرِ أَبِيهِ بِمَوْتِ أُمِّهِ عَنْهُمَا. قُلْت: فِي هَذَا نَظَرٌ ظَاهِرٌ فَإِنَّ الْأُمَّ إذَا مَاتَتْ عَنْهُمَا: لَا يَرِثَانِ مِنْهَا، إلَّا بِكَوْنِهِمَا أَوْلَادًا، لَا بِكَوْنِ أَحَدِهِمَا أَخَ الْآخَرِ لِأُمِّهِ. غَايَتُهُ أَنَّهُمَا: أَخٌ وَأُخْتٌ. كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ أَبٍ، وَالْإِرْثُ مِنْ الْأُمِّ، وَهِيَ وَاحِدَةٌ. وَالتَّعْصِيبُ: إنَّمَا حَصَلَ لِكَوْنِهَا أَوْلَادًا، لَا لِكَوْنِهِمْ إخْوَةً لِأُمٍّ. فَعَلَى مَا قَالَا: يُعَايَى بِهَا.

الثَّانِيَةُ

قَوْلُهُ (وَلِلزَّوْجِ الرُّبُعُ إذَا كَانَ لَهَا وَلَدٌ، أَوْ وَلَدُ ابْنٍ، النِّصْفُ مَعَ عَدَمِهِمَا. وَلِلْمَرْأَةِ الثُّمُنُ إذَا كَانَ لَهَا وَلَدٌ، أَوْ وَلَدُ ابْنٍ. وَالرُّبُعُ مَعَ عَدَمِهِمَا) . وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ. وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ صَحِيحًا. فَلَوْ كَانَ فَاسِدًا: فَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ. وَتَوَقَّفَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ. وَأَمَّا إذَا كَانَ بَاطِلًا: فَلَا تَوَارُثَ. بِلَا نِزَاعٍ

قَوْلُهُ (وَلِلْجَدِّ حَالٌ رَابِعٌ. وَهُوَ مَعَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ: فَإِنَّهُ يُقَاسِمُهُمْ كَأَخٍ) . هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، مِنْ أَنَّ الْجَدَّ لَا يُسْقِطُ الْإِخْوَةَ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَعَلَيْهِ التَّفْرِيعُ وَعَنْهُ يُسْقِطُ الْجَدُّ الْإِخْوَةَ. اخْتَارَهُ ابْنُ بَطَّةَ

ص: 305

قَالَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ وَأَبُو حَفْصٍ الْبَرْمَكِيُّ وَالْآجُرِّيُّ، وَذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَنْ أَبِي حَفْصٍ الْعُكْبَرِيِّ أَيْضًا، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ أَظْهَرُ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَحَدِيثُ: «أَفْرَضُكُمْ زَيْدٌ» ضَعَّفَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: الْآجُرِّيُّ مِنْ أَعْيَانِ أَعْيَانِ أَصْحَابِنَا قَوْلُهُ (فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ الْفَرْضِ إلَّا السُّدُسُ: فَهُوَ لَهُ. وَسَقَطَ مَنْ مَعَهُ مِنْهُمْ، إلَّا فِي الْأَكْدَرِيَّةِ) . تَسْتَحِقُّ الْأُخْتُ فِي الْأَكْدَرِيَّةِ جُزْءًا مِنْ التَّرِكَةِ، وَقَدْرُهُ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَقِيلَ: لَا تَرِثُ الْأُخْتُ مَعَ الْجَدِّ فِيهَا. فَتَسْقُطُ، كَمَا لَوْ كَانَ مَكَانَهَا.

فَائِدَةٌ:

سُمِّيَتْ " أَكْدَرِيَّةً " لِتَكْدِيرِهَا أُصُولَ زَيْدٍ رضي الله عنه فِي الْجَدِّ، فِي الْأَشْهَرِ عَنْهُ. وَقِيلَ: إنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ: سَأَلَ عَنْهَا رَجُلًا اسْمَهُ " الْأَكْدَرُ " فَنُسِبَتْ إلَيْهِ وَقِيلَ: سُمِّيَتْ أَكْدَرِيَّةً بِاسْمِ السَّائِلِ عَنْهَا. وَقِيلَ. لِأَنَّ الْمَيِّتَةَ كَانَ اسْمُهَا أَكْدَرَةُ. وَقِيلَ: لِأَنَّ زَيْدًا رضي الله عنه: كَدَّرَ عَلَى الْأُخْتِ مِيرَاثَهَا. وَقِيلَ: لِتَكَدُّرِ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم فِيهَا، وَكَثْرَةِ اخْتِلَافِهِمْ.

فَائِدَةٌ: قَوْلُهُ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا زَوْجٌ: سُمِّيَتْ الْخَرْقَاءَ، لِكَثْرَةِ اخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ فِيهَا) . فَكَأَنَّ أَقْوَالَهُمْ: خَرَقَتْهَا.

ص: 306

وَجُمْلَةُ الْأَقْوَالِ فِيهَا: سَبْعَةٌ. وَلِهَذَا تُسَمَّى الْمُسَبَّعَةَ، وَتَرْجِعُ إلَى سِتَّةٍ. وَلِهَذَا تُسَمَّى الْمُسَدَّسَةَ. وَاخْتَلَفَ فِيهَا خَمْسَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ: عُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَزَيْدٌ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهم، عَلَى خَمْسَةِ أَقْوَالٍ. وَلِهَذَا تُسَمَّى الْمُخَمَّسَةَ. وَتُسَمَّى الْمُرَبَّعَةَ. لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه جَعَلَ لِلْأُخْتِ النِّصْفَ. وَالْبَاقِي بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأُمِّ نِصْفَانِ. وَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ. وَتُسَمَّى الْمُثَلَّثَةَ، وَالْعُثْمَانِيَّةَ أَيْضًا لِأَنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه قَسَّمَهَا عَلَى ثَلَاثَةٍ. وَتُسَمَّى أَيْضًا: الشَّعْبِيَّةَ، وَالْحَجَّاجِيَّةَ. لِأَنَّ الْحَجَّاجَ سَأَلَ عَنْهَا الشَّعْبِيَّ امْتِحَانًا. فَأَصَابَ. فَعَفَا عَنْهُ.

فَائِدَةٌ:

لَوْ عُدِمَ الْجَدُّ مِنْ الْأَكْدَرِيَّةِ: سُمِّيَتْ " الْمُبَاهَلَةَ " لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنه لَمَّا سُئِلَ عَنْهَا لَمْ يَعْلَمْهَا. وَقَالَ " مَنْ شَاءَ بَاهَلْته " فَسُمِّيَتْ " الْمُبَاهَلَةَ " لِذَلِكَ. وَتَأْتِي قِصَّتُهَا فِي أَوَّلِ بَابِ أُصُولِ الْمَسَائِلِ.

فَائِدَةٌ: قَوْلُهُ (فَإِنْ كَانَ جَدٌّ وَأُخْتٌ مِنْ أَبَوَيْنِ، وَأُخْتٌ مِنْ أَبٍ فَالْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى أَرْبَعَةٍ. لِلْجَدِّ سَهْمَانِ. وَلِكُلِّ أُخْتٍ سَهْمٌ. ثُمَّ رَجَعَتْ الْأُخْتُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ، فَأَخَذَتْ مَا فِي يَدِ أُخْتِهَا كُلَّهُ) . فَيُعَايَى بِهَا.

فَيُقَالُ: امْرَأَةٌ حُبْلَى جَاءَتْ إلَى قَوْمٍ. فَقَالَتْ لِلْوَرَثَةِ: لَا تَعْجَلُوا، إنْ أَلِدْ أُنْثَى: لَمْ تَرِثْ. وَإِنْ أَلِدْ أُنْثَيَيْنِ أَوْ ذَكَرًا: وَرِثَ الْعُشْرَ فَقَطْ. وَإِنْ أَلِدْ ذَكَرَيْنِ: وَرِثَا السُّدُسَ. فَهِيَ أُمُّ الْأُخْتِ مِنْ الْأَبِ، فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ

قَوْلُهُ (وَلِلْأُمِّ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ: حَالٌ لَهَا السُّدُسُ. وَهُوَ مَعَ وُجُودِ الْوَلَدِ، أَوْ وَلَدِ الِابْنِ، أَوْ اثْنَيْنِ مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ) .

ص: 307

أَمَّا مَعَ وُجُودِ الْوَلَدِ، أَوْ وَلَدِ الِابْنِ: فَإِنَّ لَهَا السُّدُسَ، بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ. وَأَمَّا مَعَ وُجُودِ الِاثْنَيْنِ مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ: فَلَهَا السُّدُسُ أَيْضًا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَسَوَاءٌ كَانُوا مَحْجُوبِينَ، أَوْ لَا. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: أَنَّ الْإِخْوَةَ لَا يَحْجُبُونَ الْأُمَّ مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ، إلَّا إذَا كَانُوا وَارِثِينَ مَعَهَا. فَإِنْ كَانُوا مَحْجُوبِينَ بِالْأَبِ: وَرِثَتْ السُّدُسَ. فَلَهَا فِي مِثْلِ أَبَوَيْنِ وَأَخَوَيْنِ الثُّلُثُ عِنْدَهُ. وَالْأَصْحَابُ عَلَى خِلَافِهِ. قَوْلُهُ (وَحَالٌ لَهَا ثُلُثُ مَا بَقِيَ، وَهِيَ مَعَ زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ وَامْرَأَةٍ، وَأَبَوَيْنِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ: وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله أَنَّهُ قَالَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ لَهَا الثُّلُثُ. وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي: وَالْحُجَّةُ مَعَهُ، لَوْلَا إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ. انْتَهَى. وَهَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ تُسَمَّيَانِ " الْعُمَرِيَّتَيْنِ ".

تَنْبِيهٌ:

ظَاهِرُ قَوْلِهِ (وَحَالٌ رَابِعٌ. وَهِيَ إذَا لَمْ يَكُنْ لِوَلَدِهَا أَبٌ لِكَوْنِهِ وَلَدَ زِنًا، أَوْ مَنْفِيًّا بِلِعَانٍ. فَإِنَّهُ مُنْقَطِعٌ تَعْصِيبُهُ مِنْ جِهَةِ مَنْ نَفَاهُ) . لِأَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ تَعْصِيبُهُ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ مَنْ نَفَاهُ. مِثْلُ: أَنْ تَلِدَ تَوْأَمَيْنِ. فَيَرِثُ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ بِالْأُخُوَّةِ مِنْ الْأَبِ. وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ لَا يَرِثُ بِالْأُخُوَّةِ مِنْ الْأَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقِيلَ: يَرِثُ بِالْأُخُوَّةِ مِنْ الْأَبِ فِي وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ دُونَ غَيْرِهِ.

قَوْلُهُ {وَعَصَبَتُهُ عَصَبَةُ أُمِّهِ}

ص: 308

مُرَادُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ابْنٌ وَلَا ابْنُ ابْنٍ. فَإِذَا لَمْ يَكُنْ ابْنٌ وَلَا ابْنُ ابْنٍ. فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا. وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ. وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ. وَعَنْهُ: أَنَّهَا هِيَ عَصَبَتُهُ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: يَرِثُ أَخُوهُ لِأُمِّهِ مَعَ ابْنَتِهِ، لَا أُخْتُهُ لِأُمِّهِ. فَيُعَايَى بِهَا. وَعَلَى الثَّانِيَةِ: إنْ لَمْ تَكُنْ الْأُمُّ مَوْجُودَةً. فَعَصَبَتُهَا عَصَبَتُهُ. عَلَى الصَّحِيحِ. وَعَنْهُ: يُرَدُّ عَلَى ذَوِي الْفُرُوضِ. فَإِنْ عُدِمُوا: فَعَصَبَتُهَا عَصَبَتُهُ. وَالتَّفْرِيعُ الْآتِي بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَاتِ. وَقَدْ عَلِمْت الْمَذْهَبَ مِنْهُنَّ.

قَوْلُهُ (وَإِذَا مَاتَ ابْنُ الْمُلَاعَنَةِ، وَخَلَّفَ أُمَّهُ وَجَدَّتَهُ: فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ وَبَاقِيهِ لِلْجَدَّةِ) . عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ. وَهَذِهِ جَدَّةٌ وَرِثَتْ مَعَ أُمٍّ أَكْثَرَ مِنْهَا. فَيُعَايَى بِهَا. وَعَلَى الْأُولَى، وَالثَّالِثَةِ: لِلْأُمِّ جَمِيعُ الْمَالِ. قَوْلُهُ فِي الْجَدَّاتِ (فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُنَّ أَقْرَبَ مِنْ بَعْضٍ: فَالْمِيرَاثُ لِأَقْرَبِهِنَّ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ.

ص: 309

وَعَنْهُ: أَنَّ الْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ لَا تَحْجُبُ الْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ. فَتُشَارِكُهَا. وَهَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. قَالَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ. وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي جَامِعِهِ. وَلَمْ يَعْزُ فِي كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ الرِّوَايَةَ الْأُولَى إلَّا إلَى الْخِرَقِيِّ. وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. قَالَ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ: تُشَارِكُهَا فِي الْأَشْهَرِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا. فَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: لَا يُتَصَوَّرُ أَنَّ جَدَّةً تَرِثُ مَعَهَا أُمُّهَا. مِثْلُ: أَنْ يَكُونَ لِلْمَيِّتِ جَدَّةٌ، هِيَ أُمُّ أَبِيهِ. وَتَكُونُ أُمُّهَا أُمَّ أُمِّ الْمَيِّتِ. وَذَلِكَ: بِأَنْ يَتَزَوَّجَ أَبُو الْمَيِّتِ بِابْنَةِ خَالَتِهِ، وَجَدَّتُهُ الَّتِي هِيَ أُمُّ خَالَتِهِ مَوْجُودَةٌ. وَكَذَلِكَ ابْنَتُهَا الَّتِي هِيَ أُمُّهُ. ثُمَّ تُخَلِّفُ وَلَدًا، فَيَمُوتُ الْوَلَدُ. فَيُخَلِّفُ أُمَّ أَبِيهِ وَأُمَّهَا، الَّتِي هِيَ أُمُّ أُمِّ أُمِّهِ. فَيَشْتَرِكَانِ فِي الْمِيرَاثِ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ. فَيُعَايَى بِهَا. قُلْت: وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ إرْثِهَا عَلَى كِلَا الرِّوَايَتَيْنِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي الْحَجْبِ. لِأَنَّهُمْ أَسْقَطُوا الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى مِنْ الْجَدَّاتِ بَيْنَهُمَا.

قَوْلُهُ (فَأَمَّا أُمُّ أَبِي الْأُمِّ، وَأُمُّ أَبِي الْجَدِّ: فَلَا مِيرَاثَ لَهُمَا) أَمَّا أُمُّ أَبِي الْأُمِّ: فَهِيَ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ، عَلَى مَا يَأْتِي. وَأَمَّا أُمُّ أَبِي الْجَدِّ: فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهَا مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ. فَلَا تَرِثُ بِنَفْسِهَا فَرْضًا. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ.

ص: 310

وَقِيلَ: تَرِثُ، وَلَيْسَتْ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ. وَمِثْلُهَا: أُمُّ جَدِّ الْجَدِّ، وَلَوْ عَلَتْ أُبُوَّةً وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله وَصَاحِبُ الْفَائِقِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. فَإِنَّهُ قَالَ: وَكَذَلِكَ إنْ كَثُرَتْ. وَيَأْتِي ذَلِكَ أَيْضًا فِي أَوَّلِ " بَابِ ذَوِي الْأَرْحَامِ " فِي عَدَدِهِمْ.

قَوْلُهُ (وَتَرِثُ الْجَدَّةُ وَابْنُهَا حَيٌّ) . يَعْنِي: سَوَاءٌ كَانَ أَبًا أَوْ جَدًّا، كَمَا لَوْ كَانَ عَمًّا اتِّفَاقًا، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ: لَا تَرِثُ. فَعَلَيْهَا: لِأُمِّ الْأُمِّ مَعَ الْأَبِ وَأُمِّهِ: السُّدُسُ كَامِلًا. عَلَى الصَّحِيحِ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ. لِزَوَالِ الْمُزَاحَمَةِ، مَعَ قِيَامِ الِاسْتِحْقَاقِ لِجَمِيعِهِ. وَقِيلَ: لَهَا نِصْفُ السُّدُسِ مُعَادَاةً بِأُمِّ الْأَبِ الَّتِي لَا تَرِثُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ. وَذَكَرَ مَأْخَذَهُ فِي الْقَوَاعِدِ. وَكَذَلِكَ الْوَجْهَانِ إذَا كَانَ مَعَهَا أُمُّ أُمِّ الْأَبِ، إلَّا أَنْ تَسْقُطَ الْبُعْدَى بِالْقُرْبَى. عَلَى الْقَوْلِ بِالْمُعَادَاةِ. قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ اجْتَمَعَتْ جَدَّةٌ ذَاتُ قَرَابَتَيْنِ مَعَ أَخَوَيْنِ. فَلَهَا ثُلُثَا السُّدُسِ فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. اخْتَارَهُ التَّمِيمِيُّ، وَالْمُصَنِّفُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُهَا. وَعَنْهُ: تَرِثُ بِأَقْوَاهُمَا. فَلَوْ تَزَوَّجَ بِنْتَ عَمَّتِهِ، فَجَدَّتُهُ: أُمُّ أُمِّ أُمِّ وَلَدِهِمَا، وَأُمُّ أَبِي أَبِيهِ.

ص: 311

وَلَوْ تَزَوَّجَ بِنْتَ خَالَتِهِ. فَجَدَّتُهُ: أُمُّ أُمِّ أُمٍّ، وَأُمُّ أُمِّ أَبٍ.

فَائِدَةٌ: لَوْ أَدْلَتْ جَدَّةٌ بِثَلَاثِ جِهَاتٍ تَرِثُ بِهَا: لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَجْتَمِعَ مَعَهَا جَدَّةٌ أُخْرَى وَارِثَةٌ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: تَرِثُ مَعَهَا رُبُعَ السُّدُسِ، أَوْ نِصْفَهُ. عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ. وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ اللَّقِيطِ: أَنَّهُ لَوْ أُلْحِقَ بِأَبَوَيْنِ: أَنَّ لِأُمَّيْ أَبَوَيْهِ اللَّذَيْنِ أُلْحِقَ بِهِمَا مَعَ أُمِّ أُمٍّ نِصْفُ السُّدُسِ، وَلِأُمِّ الْأُمِّ نِصْفُهُ. فَيُعَايَى بِهَا.

فَائِدَةٌ: قَوْلُهُ (فَإِنْ كَانَتْ بِنْتٌ وَبَنَاتُ ابْنٍ. فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِبَنَاتِ الِابْنِ وَاحِدَةً كَانَتْ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ السُّدُسِ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ. فَيُمْكِنُ عَوْلُهَا بِهَذَا السُّدُسِ كُلِّهِ. فَلَوْ عَصَّبَهَا أَخُوهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ فَهُوَ الْأَخُ الْمَشْئُومُ. لِأَنَّهُ ضَرَّهَا وَمَا انْتَفَعَ) ذَكَرَهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ، وَالْمُنْتَخَبِ، وَغَيْرِهِمَا. وَكَذَا الْأُخْتُ لِأَبٍ فَأَكْثَرَ مَعَ الْإِخْوَةِ لِلْأَبَوَيْنِ. فَأَمَّا الْأُخْتُ مِنْ الْأَبِ، وَهِيَ الْقَائِلَةُ إذَا كَانَتْ حَامِلًا مَعَ زَوْجٍ وَأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ: إنْ أَلِدْ ذَكَرًا فَأَكْثَرَ، أَوْ ذَكَرًا وَأُنْثَى: لَمْ يَرِثَا. وَإِنْ أَلِدْ أُنْثَى: وَرِثَتْ. فَيُعَايَى بِهَا. وَكَذَا الْحُكْمُ فِي بَنَاتِ ابْنِ الِابْنِ مَعَ بِنْتِ الِابْنِ.

تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي الْحَجْبِ (وَيَسْقُطُ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ بِثَلَاثَةٍ. بِالِابْنِ وَابْنِهِ، وَالْأَبِ. وَيَسْقُطُ وَلَدُ الْأَبِ بِهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ، وَبِالْأَخِ لِأَبَوَيْنِ. لِأَنَّ الْجَدَّ لَا يُسْقِطُهُمْ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ (وَلِلْجَدِّ هَذِهِ الْأَحْوَالُ. وَحَالٌ رَابِعٌ، وَهِيَ مَعَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ) .

ص: 312