المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب ميراث الحمل] - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت الفقي - جـ ٧

[المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ الْوَقْفِ]

- ‌[فَوَائِدُ مَصْرِفُ الْوَقْفِ إلَى الْجِهَةِ الْمُعَيَّنَةِ لَهُ]

- ‌[فَوَائِدُ احْتَاجَ الْخَانُ الْمُسَبَّلُ أَوْ الدَّارُ الْمَوْقُوفَةُ لِسُكْنَى الْحَاجِّ]

- ‌[بَابُ الْهِبَةِ وَالْعَطِيَّةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ وَهَبَ الْغَائِبُ هِبَةً وَأَنْفَذَهَا مَعَ رَسُولِ الْمَوْهُوبِ لَهُ]

- ‌[فَوَائِدُ صُوَرِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْمَجْهُولِ]

- ‌[فَوَائِدُ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ بَعْدَ مَوْتِهِ]

- ‌[فَوَائِدُ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ تُبَرِّئِينِي]

- ‌[فَائِدَةٌ وَتُفَارِقُ الْعَطِيَّةُ الْوَصِيَّةَ فِي أَرْبَعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[فَوَائِدُ أَوْجَبَهُ فِي الْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ فَلَمْ يَقْبَلْ فِيهِمَا]

- ‌[بَابُ الْمُوصَى لَهُ]

- ‌[بَابُ الْمُوصَى بِهِ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْأَنْصِبَاءِ وَالْأَجْزَاءِ]

- ‌[بَابُ الْمُوصَى إلَيْهِ]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ ذَوِي الْفُرُوضِ]

- ‌[بَابُ الْعَصَبَاتِ]

- ‌[بَابُ أُصُولِ الْمَسَائِلِ]

- ‌[بَابُ تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ]

- ‌[بَابُ الْمُنَاسَخَاتِ]

- ‌[بَابُ قَسْمِ التَّرِكَاتِ]

- ‌[بَابُ ذَوِي الْأَرْحَامِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْحَمْلِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْمَفْقُودِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْخُنْثَى]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْغَرْقَى وَمَنْ عُمِّيَ مَوْتُهُمْ]

- ‌[بَابُ الْإِقْرَارِ بِمُشَارِكٍ فِي الْمِيرَاثِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْقَاتِلِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ]

- ‌[بَابُ الْوَلَاءِ]

- ‌[كِتَابُ الْعِتْقِ]

- ‌[فَوَائِدُ خِيفَ عَلَى الرَّقِيقِ الزِّنَا وَالْفَسَادُ فِي الْعِتْق]

- ‌[بَابُ التَّدْبِيرِ]

- ‌[بَابُ الْكِتَابَةِ]

- ‌[بَابُ أَحْكَامِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ]

الفصل: ‌[باب ميراث الحمل]

[بَابُ مِيرَاثِ الْحَمْلِ]

ِ فَائِدَةٌ: الْحَمْلُ يَرِثُ فِي الْجُمْلَةِ. بِلَا نِزَاعٍ. لَكِنْ هَلْ يَثْبُتُ لَهُ الْمِلْكُ بِمُجَرَّدِ مَوْتِ مَوْرُوثِهِ، وَيَتَبَيَّنُ ذَلِكَ بِخُرُوجِهِ حَيًّا، أَمْ لَا يَثْبُتُ لَهُ الْمِلْكُ حَتَّى يَنْفَصِلَ حَيًّا؟ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ الْأَصْحَابِ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: وَهَذَا الْخِلَافُ مُطَّرِدٌ فِي سَائِرِ أَحْكَامِهِ. الثَّانِيَةُ: هَلْ هِيَ مُعَلَّقَةٌ بِشَرْطِ انْفِصَالِهِ حَيًّا. فَلَا تَثْبُتُ قَبْلَهُ، أَوْ هِيَ ثَابِتَةٌ لَهُ فِي حَالِ كَوْنِهِ حَمْلًا، لَكِنْ ثُبُوتُهَا مُرَاعًى بِانْفِصَالِهِ حَيًّا. فَإِذَا انْفَصَلَ حَيًّا تَبَيَّنَّا ثُبُوتَهَا مِنْ حِينِ وُجُودِ أَسْبَابِهَا؟ وَهَذَا هُوَ تَحْقِيقُ مَعْنَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: هَلْ الْحَمْلُ لَهُ حُكْمٌ أَمْ لَا؟ قَالَ: وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ نَصُّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى أُمِّهِ مِنْ نَصِيبِهِ: أَنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ الْمِلْكُ بِالْإِرْثِ مِنْ حِينِ مَوْتِ أَبِيهِ. وَصَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَنَقَلَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهُ الْمِلْكُ إلَّا بِالْوَضْعِ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ وَمَنْ تَابَعَهُ فِي فِطْرَةِ الْجَنِينِ: لَمْ تَثْبُتْ لَهُ أَحْكَامُ الدُّنْيَا إلَّا فِي الْإِرْثِ فِي الْوَصِيَّةِ، بِشَرْطِ خُرُوجِهِ حَيًّا. انْتَهَى.

فَائِدَةٌ: قَوْلُهُ (وَقَفْت لَهُ نَصِيبَ ذَكَرَيْنِ إنْ كَانَ نَصِيبُهُمَا أَكْثَرَ، وَإِلَّا وَقَفْت نَصِيبَ اثْنَيْنِ) . وَكَذَا لَوْ كَانَ إرْثُ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى أَكْثَرَ. قَالَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. فَمِثَالُ كَوْنِ الذَّكَرَيْنِ نَصِيبُهُمَا أَكْثَرَ: لَوْ خَلَّفَ زَوْجَةً حَامِلًا. وَمِثَالُهُ فِي الْأُنْثَيَيْنِ: كَزَوْجَةٍ حَامِلٍ مَعَ أَبَوَيْنِ.

ص: 329

وَمِثَالُهُ فِي الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى: لَوْ خَلَّفَ زَوْجَةً، أَوْ خَلَّفَتْ زَوْجًا، وَأَمَّا حَامِلًا. قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ.

قَوْلُهُ (وَإِذَا اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ صَارِخًا: وَرِثَ، وَوُرِثَ) مُخَفَّفًا. هَذَا الْمَذْهَبُ. نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: هَذَا الصَّحِيحُ عِنْدِي. وَجَزَمَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْفَائِقِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ: يَرِثُ أَيْضًا بِصَوْتِ غَيْرِ الصُّرَاخِ. قَوْلُهُ (وَفِي مَعْنَاهُ الْعُطَاسُ وَالتَّنَفُّسُ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْعُطَاسِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَغَيْرِهِمْ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ فِي الْعُطَاسِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ. وَقَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَجَمَاعَةٌ: فِي التَّنْفِيسِ. قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَشَرَطَ الْقَاضِي طُولَ زَمَنِ التَّنَفُّسِ. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ الْجَنِينَ تَنَفَّسَ، أَوْ تَحَرَّكَ، أَوْ عَطَسَ: فَهُوَ حَيٌّ. وَقَالَ فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، فِي هَذَا الْبَابِ: فَإِنْ تَحَرَّكَ أَوْ تَنَفَّسَ: لَمْ يَكُنْ كَالِاسْتِهْلَالِ. وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: إذَا تَحَرَّكَ، فَفِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةٌ. وَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ، حَتَّى يَسْتَهِلَّ. وَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ: أَنَّ مُجَرَّدَ التَّنَفُّسِ كَالِاسْتِهْلَالِ. وَقَالَ فِي الْفَائِقِ: وَعَنْهُ يَتَعَيَّنُ الِاسْتِهْلَالُ فَقَطْ. قَوْلُهُ (وَالِارْتِضَاعُ) .

ص: 330

يَعْنِي أَنَّهُ فِي مَعْنَى الِاسْتِهْلَالِ صَارِخًا. فَيَرِثُ وَيُورَثُ بِذَلِكَ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: هَذَا الْأَشْهَرُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ، وَغَيْرِهِ وَقِيلَ: لَا يَرِثُ بِذَلِكَ، وَلَا يُورَثُ. وَتَقَدَّمَتْ الرِّوَايَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي الْفَائِقِ. قَوْلُهُ (وَمَا يَدُلُّ عَلَى الْحَيَاةِ) . كَالْحَرَكَةِ الطَّوِيلَةِ، وَالْبُكَاءِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يُعْلَمُ بِهِ حَيَاتُهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: هَذَا الْأَشْهَرُ. وَقِيلَ: لَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ (فَأَمَّا الْحَرَكَةُ وَالِاخْتِلَاجُ: فَلَا يَدُلُّ عَلَى الْحَيَاةِ) . مُجَرَّدُ الِاخْتِلَاجِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْحَيَاةِ. وَأَمَّا الْحَرَكَةُ: فَإِنْ كَانَتْ يَسِيرَةً فَلَا تَدُلُّ بِمُجَرَّدِهَا عَلَى الْحَيَاةِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَلَوْ عُلِمَ مَعَهُمَا حَيَاةٌ. لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ اسْتِقْرَارُهَا. لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا كَحَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ. فَإِنَّ الْحَيَوَانَ يَتَحَرَّكُ بَعْدَ ذَبْحِهِ حَرَكَةً شَدِيدَةً وَهُوَ كَمَيِّتٍ. وَكَذَا التَّنَفُّسُ الْيَسِيرُ، لَا يَدُلُّ عَلَى الْحَيَاةِ. ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ. وَإِنْ كَانَتْ الْحَرَكَةُ طَوِيلَةً. فَالْمَذْهَبُ: أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى الْحَيَاةِ، وَأَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الِاسْتِهْلَالِ صَارِخًا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: هَذَا الْأَشْهَرُ. وَقِيلَ: لَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ بِذَلِكَ. وَتَقَدَّمَتْ الرِّوَايَةُ الَّتِي فِي الْفَائِقِ. فَإِنَّهَا تَشْمَلُ ذَلِكَ كُلَّهُ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ ظَهَرَ بَعْضُهُ فَاسْتَهَلَّ، ثُمَّ انْفَصَلَ مَيِّتًا: لَمْ يَرِثْ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي، وَالْوَجِيزِ.

ص: 331

قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالشَّرْحِ. وَعَنْهُ: يَرِثُ. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: وَرِثَ فِي الْأَصَحِّ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفَائِقِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ (وَإِنْ وَلَدَتْ تَوْأَمَيْنِ، فَاسْتَهَلَّ أَحَدُهُمَا، وَأَشْكَلَ: أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا. فَمَنْ خَرَجَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ: فَهُوَ الْمُسْتَهِلُّ) . مُرَادُهُ: إذَا كَانَ إرْثُهُمَا مُخْتَلِفًا. فَلَوْ كَانَا ذَكَرَيْنِ، أَوْ أُنْثَيَيْنِ، أَوْ ذَكَرًا وَأُنْثَى أَخَوَيْنِ لِأُمٍّ: لَمْ يُقْرَعْ بَيْنَهُمَا. وَيُقْرَعُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ، وَهُوَ وَاضِحٌ.

فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا: لَوْ مَاتَ كَافِرٌ عَنْ حَمْلٍ مِنْهُ: لَمْ يَرِثْهُ الْحَمْلُ. لِلْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ قَبْلَ وَضْعِهِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَنَصَرَهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفَائِقِ. وَقِيلَ: يَرِثُ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي بَعْضِ كُتُبِهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ أَظْهَرُ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَفِي الْمُنْتَخَبِ لِلشِّيرَازِيِّ: يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ بَعْدَ وَضْعِهِ، وَيَرِثُهُ. ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله: إذَا مَاتَ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ وَلَمْ يَرِثْهُ. وَحَمَلَهُ عَلَى وِلَادَتِهِ بَعْدَ قَسْمِ الْمِيرَاثِ.

الثَّانِيَةُ: إذَا مَاتَ كَافِرٌ عَنْ حَمْلٍ مِنْ كَافِرٍ غَيْرِهِ. فَأَسْلَمَتْ أُمُّهُ قَبْلَ وَضْعِهِ، مِثْلُ أَنْ يُخَلِّفَ أُمَّهُ حَامِلًا مِنْ غَيْرِ أَبِيهِ: فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى. قَالَهُ الْأَصْحَابُ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَرِثَ حَيْثُ ثَبَتَ النَّسَبُ.

ص: 332

تَنْبِيهٌ: رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله فِي ذَلِكَ نُصُوصٌ نَذْكُرُهَا. وَنَذْكُرُ مَا فَسَّرَهُ الْأَصْحَابُ بِهِ. فَنَقُولُ: رَوَى جَعْفَرٌ عَنْهُ فِي نَصْرَانِيٍّ مَاتَ وَامْرَأَتُهُ نَصْرَانِيَّةٌ، وَكَانَتْ حُبْلَى. فَأَسْلَمَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ، ثُمَّ وَلَدَتْ، هَلْ يَرِثُ؟ قَالَ: لَا. وَقَالَ: إنَّمَا مَاتَ أَبُوهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ مَا هُوَ، وَإِنَّمَا يَرِثُ بِالْوِلَادَةِ. وَحُكِمَ لَهُ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْكَحَّالُ، قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: مَاتَ نَصْرَانِيٌّ، وَامْرَأَتُهُ حَامِلٌ. فَأَسْلَمَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ؟ قَالَ: مَا فِي بَطْنِهَا مُسْلِمٌ. قُلْت: أَيَرِثُ أَبَاهُ إذَا كَانَ كَافِرًا وَهُوَ مُسْلِمٌ؟ قَالَ: لَا يَرِثُهُ. فَصَرَّحَ بِالْمَنْعِ مِنْ إرْثِهِ لِأَبِيهِ، مُعَلِّلًا بِأَنَّ إرْثَهُ يَتَأَخَّرُ إلَى مَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ. وَإِذَا تَأَخَّرَ تَوْرِيثُهُ إلَى مَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ، فَقَدْ سَبَقَ الْحُكْمُ بِإِسْلَامِهِ زَمَنَ الْوِلَادَةِ، إمَّا بِإِسْلَامِ أُمِّهِ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله هُنَا، أَوْ بِمَوْتِ أَبِيهِ، عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. وَالْحُكْمُ بِالْإِسْلَامِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ بِهِ، بِخِلَافِ التَّوْرِيثِ. وَهَذَا يَرْجِعُ إلَى أَنَّ التَّوْرِيثَ يَتَأَخَّرُ عَنْ مَوْتِ الْمَوْرُوثِ إذَا انْعَقَدَ سَبَبُهُ فِي حَيَاةِ الْمَوْرُوثِ وَأُصُولِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله تَشْهَدُ لِذَلِكَ. ذَكَرَهُ ابْنُ رَجَبٍ فِي قَوَاعِدِهِ وَقَالَ: وَأَمَّا الْقَاضِي وَالْأَكْثَرُونَ: فَاضْطَرَبُوا فِي تَخْرِيجِ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله، وَلِلْقَاضِي فِي تَخْرِيجِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. الْأَوَّلُ: أَنَّ إسْلَامَهُ قَبْلَ قَسْمِ الْمِيرَاثِ أَوْجَبَ مَنْعَهُ مِنْ التَّوْرِيثِ. وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَابْنِ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ.

قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: وَهِيَ ظَاهِرَةُ الْفَسَادِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ مِنْ جُمْلَةِ صُوَرِ تَوْرِيثِ الطِّفْلِ الْمَحْكُومِ بِإِسْلَامِهِ بِمَوْتِ أَبِيهِ. وَنَصُّهُ هَذَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ التَّوْرِيثِ. فَتَكُونُ رِوَايَةً ثَانِيَةً فِي الْمَسْأَلَةِ. وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْقَاضِي فِي الرِّوَايَتَيْنِ.

ص: 333

قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: وَهِيَ ضَعِيفَةٌ. لِأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رحمه الله صَرَّحَ بِالتَّعْلِيلِ بِغَيْرِ ذَلِكَ. وَلِأَنَّ تَوْرِيثَ الطِّفْلِ مِنْ أَبِيهِ الْكَافِرِ وَإِنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ بِمَوْتِهِ غَيْرُ مُخْتَلَفٍ فِيهِ، حَتَّى نَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ: الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ. فَلَا يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله عَلَى مَا يُخَالِفُ الْإِجْمَاعَ. وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ الْحُكْمَ بِإِسْلَامِ هَذَا الطِّفْلِ حَصَلَ بِشَيْئَيْنِ: بِمَوْتِ أَبِيهِ، وَإِسْلَامِ أُمِّهِ. وَهَذَا الثَّانِي مَانِعٌ قَوِيٌّ. لِأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَلِذَلِكَ مَنَعَ الْمِيرَاثَ، بِخِلَافِ الْوَلَدِ الْمُنْفَصِلِ إذَا مَاتَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ. فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ، وَلَا يَمْنَعُ إرْثَهُ. لِأَنَّ الْمَانِعَ فِيهِ ضَعِيفٌ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ. وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ. قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: وَهِيَ ضَعِيفَةٌ أَيْضًا، وَمُخَالِفَةٌ لِتَعْلِيلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. فَإِنَّهُ إنَّمَا عُلِّلَ بِسَبْقِ الْمَانِعِ لِتَوْرِيثِهِ، لَا بِقُوَّةِ الْمَانِعِ وَضَعْفِهِ. وَإِنَّمَا وَرَّثَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله مَنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ بِمَوْتِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ لِمُقَارَنَةِ الْمَانِعِ لَا لِضَعْفِهِ. انْتَهَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْقَوَاعِدِ.

فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا: لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِحُرٍّ، فَأَحْبَلَهَا. فَقَالَ السَّيِّدُ: إنْ كَانَ حَمْلُك ذَكَرًا فَأَنْتِ وَهُوَ رَقِيقَانِ. وَإِلَّا فَأَنْتُمَا حُرَّانِ. فَهِيَ الْقَائِلَةُ: إنْ أَلِدْ ذَكَرًا لَمْ أَرِثْ وَلَمْ يَرِثْ، وَإِلَّا وَرِثْنَا. فَيُعَايَى بِهَا. وَتَقَدَّمَ مَسَائِلُ فِي الْمُعَايَاةِ. فِيمَا إذَا كَانَتْ حَامِلًا.

الثَّانِيَةُ: لَوْ خَلَّفَ وَرَثَةً، وَأُمًّا مُزَوَّجَةً، فَقَالَ فِي الْمُغْنِي: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَطَأَهَا حَتَّى تُسْتَبْرَأَ. وَذَكَرَ غَيْرُهُ مِنْ الْأَصْحَابِ: يَحْرُمُ الْوَطْءُ حَتَّى يَعْلَمَ: أَحَامِلٌ هِيَ أَمْ لَا؟ وَهُوَ الصَّوَابُ

ص: 334