المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب الموصى له] - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت الفقي - جـ ٧

[المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ الْوَقْفِ]

- ‌[فَوَائِدُ مَصْرِفُ الْوَقْفِ إلَى الْجِهَةِ الْمُعَيَّنَةِ لَهُ]

- ‌[فَوَائِدُ احْتَاجَ الْخَانُ الْمُسَبَّلُ أَوْ الدَّارُ الْمَوْقُوفَةُ لِسُكْنَى الْحَاجِّ]

- ‌[بَابُ الْهِبَةِ وَالْعَطِيَّةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ وَهَبَ الْغَائِبُ هِبَةً وَأَنْفَذَهَا مَعَ رَسُولِ الْمَوْهُوبِ لَهُ]

- ‌[فَوَائِدُ صُوَرِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْمَجْهُولِ]

- ‌[فَوَائِدُ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ بَعْدَ مَوْتِهِ]

- ‌[فَوَائِدُ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ تُبَرِّئِينِي]

- ‌[فَائِدَةٌ وَتُفَارِقُ الْعَطِيَّةُ الْوَصِيَّةَ فِي أَرْبَعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[فَوَائِدُ أَوْجَبَهُ فِي الْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ فَلَمْ يَقْبَلْ فِيهِمَا]

- ‌[بَابُ الْمُوصَى لَهُ]

- ‌[بَابُ الْمُوصَى بِهِ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْأَنْصِبَاءِ وَالْأَجْزَاءِ]

- ‌[بَابُ الْمُوصَى إلَيْهِ]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ ذَوِي الْفُرُوضِ]

- ‌[بَابُ الْعَصَبَاتِ]

- ‌[بَابُ أُصُولِ الْمَسَائِلِ]

- ‌[بَابُ تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ]

- ‌[بَابُ الْمُنَاسَخَاتِ]

- ‌[بَابُ قَسْمِ التَّرِكَاتِ]

- ‌[بَابُ ذَوِي الْأَرْحَامِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْحَمْلِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْمَفْقُودِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْخُنْثَى]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْغَرْقَى وَمَنْ عُمِّيَ مَوْتُهُمْ]

- ‌[بَابُ الْإِقْرَارِ بِمُشَارِكٍ فِي الْمِيرَاثِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْقَاتِلِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ]

- ‌[بَابُ الْوَلَاءِ]

- ‌[كِتَابُ الْعِتْقِ]

- ‌[فَوَائِدُ خِيفَ عَلَى الرَّقِيقِ الزِّنَا وَالْفَسَادُ فِي الْعِتْق]

- ‌[بَابُ التَّدْبِيرِ]

- ‌[بَابُ الْكِتَابَةِ]

- ‌[بَابُ أَحْكَامِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ]

الفصل: ‌[باب الموصى له]

[بَابُ الْمُوصَى لَهُ]

ُ قَوْلُهُ (تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِكُلِّ مَنْ يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ: مِنْ مُسْلِمٍ، وَذِمِّيٍّ وَمُرْتَدٍّ، وَحَرْبِيٍّ) . تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِلْمُسْلِمِ، وَالذِّمِّيِّ. بِلَا نِزَاعٍ. لَكِنْ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا. أَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَنَحْوِهِمْ فَلَا تَصِحُّ. صَرَّحَ بِهِ الْحَارِثِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَطَعَ بِهِ.

وَكَذَا الْحَرْبِيُّ نَصَّ عَلَيْهِ، وَالْمُرْتَدُّ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. أَمَّا الْمُرْتَدُّ: فَاخْتَارَ صِحَّةَ الْوَصِيَّةِ لَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ. وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا. قَالَ الْأَزَجِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ، وَالْفُرُوعِ: تَصِحُّ لِمَنْ صَحَّ تَمَلُّكُهُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: لَا تَصِحُّ لِمُرْتَدٍّ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفَائِقِ.

وَاخْتَارَ فِي الرِّعَايَةِ: إنْ بَقِيَ مِلْكُهُ: صَحَّ الْإِيصَاءُ لَهُ كَالْهِبَةِ لَهُ مُطْلَقًا. وَإِنْ زَالَ مِلْكُهُ فِي الْحَالِ: فَلَا.

قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةَ عَشْرَ: فِيهِ وَجْهَانِ. بِنَاءً عَلَى زَوَالِ مِلْكِهِ وَبَقَائِهِ. فَإِنْ قِيلَ بِزَوَالِ مِلْكِهِ: لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ لَهُ، وَإِلَّا صَحَّتْ. وَصَحَّحَ الْحَارِثِيُّ عَدَمَ الْبِنَاءِ.

وَأَمَّا الْحَرْبِيُّ: فَقَالَ بِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لَهُ: جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ.

وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: هَذَا الْمَذْهَبُ

ص: 221

قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: هَذَا الْأَشْهَرُ كَالْهِبَةِ إجْمَاعًا. وَقِيلَ: لَا تَصِحُّ. وَقَالَ فِي الْمُنْتَخَبِ: تَصِحُّ لِأَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ. نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَعَنْهُ تَصِحُّ لِحَرْبِيٍّ فِي دَارِ حَرْبٍ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَالصَّحِيحُ مِنْ الْقَوْلِ: أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَّصِفْ بِالْقِتَالِ وَالْمُظَاهَرَةِ: صَحَّتْ، وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ.

فَائِدَةٌ: لَا تَصِحُّ لِكَافِرٍ بِمُصْحَفٍ، وَلَا بِعَبْدٍ مُسْلِمٍ. فَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ كَافِرًا، أَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي: بَطَلَتْ. وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْعِتْقِ: بَطَلَتْ أَيْضًا، إنْ قِيلَ بِتَوَقُّفِ الْمِلْكِ عَلَى الْقَبُولِ، وَإِلَّا صَحَّتْ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَبْطُلَ. قَالَهُ فِي الْمُغْنِي.

تَنْبِيهَانِ أَحَدُهُمَا: قَوْلُهُ (وَتَصِحُّ لِمُكَاتَبِهِ، وَمُدَبَّرِهِ) . هَذَا بِلَا نِزَاعٍ. لَكِنْ لَوْ صَحَّتْ، وَضَاقَ الثُّلُثُ عَنْ الْمُدَبَّرِ: بُدِئَ، بِنَفْسِهِ. فَيُقَدَّمُ عِتْقُهُ عَلَى وَصِيَّتِهِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْحَارِثِيِّ، وَالْفَائِقِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَنَصَرَاهُ.

وَقَالَ الْقَاضِي: يُعْتَقُ بَعْضُهُ وَيَمْلِكُ مِنْ الْوَصِيَّةِ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ.

الثَّانِي: قَوْلُهُ (وَتَصِحُّ لِأُمِّ وَلَدِهِ) . بِلَا نِزَاعٍ. كَوَصِيَّتِهِ: أَنَّ ثُلُثَ قَرْيَتِهِ وَقْفٌ عَلَيْهَا مَا دَامَتْ عَلَى وَلَدِهَا. نَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

فَائِدَةٌ: لَوْ شَرَطَ عَدَمَ تَزَوُّجِهَا، فَلَمْ تَتَزَوَّجْ. وَأَخَذَتْ الْوَصِيَّةَ، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ

ص: 222

فَقِيلَ: تَبْطُلُ قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، بَعْدَ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ " وَإِذَا أَوْصَى لِعَبْدِهِ بِجُزْءٍ مِنْ مَالِهِ ".

قَالَ فِي بَدَائِعِ الْفَوَائِدِ قَبْلَ آخِرِهِ بِقَرِيبٍ مِنْ كَرَاسِينَ قَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ: وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهَا مَالًا يَعْنِي إلَى زَوْجَتِهِ عَلَى أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ بَعْدَ مَوْتِهِ. فَتَزَوَّجَتْ، تَرُدُّ الْمَالَ إلَى وَرَثَتِهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ فِي بَابِ الشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ: وَإِنْ أَعْطَتْهُ مَالًا عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا: رَدَّهُ إذَا تَزَوَّجَ. وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهَا مَالًا عَلَى أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَتَزَوَّجَتْ: رَدَّتْهُ إلَى وَرَثَتِهِ. نَقَلَهُ الْحَارِثِيُّ. انْتَهَى. فَقِيَاسُ هَذَا النَّصِّ: أَنَّ أُمَّ وَلَدِهِ تَرُدُّ مَا أَخَذَتْ مِنْ الْوَصِيَّةِ إذَا تَزَوَّجَتْ. فَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ بِرَدِّهَا. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا اخْتَارَهُ الْحَارِثِيُّ. وَقِيلَ: لَا تَبْطُلُ كَوَصِيَّتِهِ بِعِتْقِ أَمَتِهِ عَلَى أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ. فَمَاتَ، وَقَالَتْ لَا أَتَزَوَّجُ: عَتَقَتْ. فَإِذَا تَزَوَّجَتْ: لَمْ يَبْطُلْ عِتْقُهَا. قَوْلًا وَاحِدًا. عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ. وَقَالَ الْحَارِثِيُّ: يُحْتَمَلُ الرَّدُّ إلَى الرِّقِّ. وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَنَصَرَهُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْحَارِثِيِّ

قَوْلُهُ (وَتَصِحُّ لِعَبْدِ غَيْرِهِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ: لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِقِنٍّ زَمَنَهَا. ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ. تَنْبِيهَانِ

أَحَدُهُمَا: يُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَغَيْرِهِ مِمَّنْ أَطْلَقَ الْوَصِيَّةَ لِعَبْدِ وَارِثِهِ وَقَاتِلِهِ. فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ لَهُمَا، مَا لَمْ يَصِرْ حُرًّا وَقْتَ نَقْلِ الْمِلْكِ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَهُوَ وَاضِحٌ.

ص: 223

الثَّانِي: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ لَهُ. سَوَاءٌ قُلْنَا يَمْلِكُ أَوْ لَا يَمْلِكُ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ فِي الْوَاضِحِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ: أَنَّهَا لَا تَصِحُّ إلَّا إذَا قُلْنَا يَمْلِكُ. فَقَالَ: وَتَصِحُّ لِعَبْدٍ إنْ مَلَكَ. وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ فِي فَوَائِدِ الْعَبْدِ:

هَلْ يَمْلِكُ بِالتَّمْلِيكِ؟ قَوْلُهُ (فَإِنْ قَبِلَهَا فَهِيَ لِسَيِّدِهِ) . مُرَادُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ حُرًّا وَقْتَ مَوْتِ الْمُوصِي. فَإِنْ كَانَ حُرًّا وَقْتَ مَوْتِهِ: فَهِيَ لَهُ. وَهُوَ وَاضِحٌ. وَإِنْ عَتَقَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الْقَبُولِ: فَفِيهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ فِي الْفَوَائِدِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ. وَإِنْ لَمْ يُعْتَقْ: فَهِيَ لِسَيِّدِهِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَيَتَخَرَّجُ أَنَّهَا لِلْعَبْدِ. ثُمَّ قَالَ: وَبِالْجُمْلَةِ فَاخْتِصَاصُ الْعَبْدِ أَظْهَرُ. وَقَالَ ابْنُ رَجَبٍ: الْمَالُ لِلسَّيِّدِ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ. وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَبَنَاهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي مِلْكِ السَّيِّدِ.

فَائِدَةٌ:

لَوْ قَبِلَ السَّيِّدُ لِنَفْسِهِ: لَمْ يَصِحَّ. جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ. وَلَا يَفْتَقِرُ قَبُولُ الْعَبْدِ إلَى إذْنِ سَيِّدِهِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْهِبَةِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ: بَلَى. اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ.

قَوْلُهُ (وَتَصِحُّ لِعَبْدِهِ بِمُشَاعٍ) .

ص: 224

وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَعَنْهُ: لَا تَصِحُّ لِقِنٍّ زَمَنَ الْوَصِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَوَجْهٌ فِي الْفُرُوعِ فِي صِحَّةِ عِتْقِهِ، وَوَصِيَّتُهُ لِعَبْدِهِ بِمُشَاعٍ: رِوَايَتَيْنِ، مِنْ قَوْلِهِ لِعَبْدِهِ " أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ " فِي بَابِ الْمُدَبَّرِ. فَائِدَتَانِ

الْأُولَى: لَوْ وَصَّى لَهُ بِرُبُعِ مَالِهِ، وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ، وَلَهُ سِوَاهُ ثَمَانُمِائَةٍ: عَتَقَ. وَأَخَذَ مِائَةً وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ. هَذَا الصَّحِيحُ.

وَيَتَخَرَّجُ: أَنْ يُعْطَى مِائَتَيْنِ تَكْمِيلًا. لِعِتْقِهِ بِالسِّرَايَةِ مِنْ تَمَامِ الثُّلُثِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، قُلْت: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعْتَقَ رُبُعُهُ، وَيَرِثَ بَقِيَّتَهُ. وَيُحْتَمَلُ بُطْلَانُ الْوَصِيَّةِ. لِأَنَّهَا لِسَيِّدِهِ الْوَارِثِ. انْتَهَى.

الثَّانِيَةُ: تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ لِلْعَبْدِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِرَقَبَتِهِ. وَيُعْتَقُ بِقَبُولٍ، إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ، وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِمُعَيَّنٍ، أَوْ بِمِائَةٍ: لَمْ تَصِحَّ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَشْهُورُ مِنْ الرِّوَايَاتِ. قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَدَمُ الصِّحَّةِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفَائِقِ، وَغَيْرِهِمْ. بَلْ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ.

(وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهَا تَصِحُّ) . وَصَرَّحَ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَمَنْ بَعْدَهُ.

ص: 225

قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ الْمَنْصُوصُ. فَعَلَيْهَا يُشْتَرَى مِنْ الْوَصِيَّةِ وَيُعْتَقُ. وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لَهُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَغَيْرِهَا. وَقِيلَ: يُعْطَى ثُلُثَ الْمُعَيَّنِ إنْ خَرَجَا مَعَهُ مِنْ الثُّلُثِ. فَإِنْ بَاعَهُ الْوَرَثَةُ بَعْدَ ذَلِكَ فَالْمِائَةُ لَهُمْ، إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهَا الْمُبْتَاعُ. قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ.

قَالَ فِي الْفُرُوعِ. إذَا وَصَّى لَهُ بِمُعَيَّنٍ، فَعَنْهُ: كَمَا لَهُ. وَعَنْهُ يُشْتَرَى، وَيُعْتَقُ. وَكَوْنُهُ كَمَا لَهُ: قَطَعَ بِهِ ابْنُ أَبِي مُوسَى.

تَنْبِيهٌ:

مِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ بَنَى الرِّوَايَتَيْنِ هُنَا عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ: هَلْ يَمْلِكُ، أَوْ لَا؟ فَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُ: صَحَّتْ، وَإِلَّا فَلَا. وَهِيَ طَرِيقَةُ ابْنِ أَبِي مُوسَى، وَالشِّيرَازِيِّ وَابْنِ عَقِيلٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَأَشَارَ إلَى ذَلِكَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ الصِّحَّةَ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ الْقَدْرُ الْمُعَيَّنُ، أَوْ الْمُقَدَّرُ مِنْ التَّرِكَةِ لَا بِعَيْنِهِ. فَيَعُودُ إلَى الْجُزْءِ الْمُشَاعِ. قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي فَوَائِدِهِ: وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا.

وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ فِي الْعَبْدِ: هَلْ يَمْلِكُ بِالتَّمْلِيكِ، أَمْ لَا؟

قَوْلُهُ (وَتَصِحُّ لِلْحَمْلِ، إذَا عُلِمَ أَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا حِينَ الْوَصِيَّةِ) هَذَا بِلَا نِزَاعٍ. لَكِنْ هَلْ الْوَصِيَّةُ لَهُ تَعَلُّقٌ عَلَى خُرُوجِهِ حَيًّا وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي بَعْضِ كَلَامِهِ، أَوْ يَثْبُتُ الْمِلْكُ لَهُ مِنْ حِينِ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبُولِ الْوَلِيِّ لَهُ؟ . وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ أَيْضًا فِي بَعْضِ كَلَامِهِ فِيهِ وَجْهَانِ.

ص: 226

وَصَرَّحَ أَبُو الْمَعَالِي ابْنُ مُنَجَّا بِالثَّانِي، وَقَالَ: يَنْعَقِدُ الْحَوْلُ عَلَيْهِ مِنْ حِينِ الْمِلْكِ إذَا كَانَ مَالًا زَكَوِيًّا. وَكَذَلِكَ فِي الْمَمْلُوكِ بِالْإِرْثِ. وَحَكَى وَجْهًا آخَرَ: أَنَّهُ لَا يَجْرِي فِي حَوْلِ الزَّكَاةِ، حَتَّى يُوضَعَ. لِلتَّرَدُّدِ فِي كَوْنِهِ حَيًّا مَالِكًا كَالْمُكَاتَبِ.

قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَلَا يُعْرَفُ هَذَا التَّفْرِيعُ فِي الْمَذْهَبِ

قَوْلُهُ (بِأَنْ تَضَعَهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، إنْ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ، أَوْ سَيِّدٍ يَطَؤُهَا، أَوْ لِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ، إنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) . يَعْنِي: إنْ لَمْ تَكُنْ ذَاتَ زَوْجٍ، وَلَا سَيِّدٍ يَطَؤُهَا. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ.

أَحَدُهُمَا: تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لَهُ إذَا وَضَعَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ بِالشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ.

قَالَ فِي الْوَجِيزِ: وَتَصِحُّ لِحَمْلٍ تَحَقَّقَ وُجُودُهُ قَبْلَهَا. وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ. لِأَنَّهُ مَشْكُوكٌ فِي وُجُودِهِ. وَلَا يَلْزَمُ مِنْ لُحُوقِ النَّسَبِ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ. وَيَأْتِي كَلَامُهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ تَنْبِيهَانِ

أَحَدُهُمَا: لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إنْ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ يَطَؤُهَا. وَكَذَا قَالَ فِي الْمُغْنِي، وَجَمَاعَةٌ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ: إنْ أَتَتْ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ

ص: 227

أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الْوَصِيَّةِ صَحَّتْ، سَوَاءٌ كَانَتْ فِرَاشًا أَوْ بَائِنًا. لِأَنَّا نَتَحَقَّقُ وُجُودَهُ حَالَ الْوَصِيَّةِ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ الصَّوَابُ، جَزْمًا. وَهُوَ كَمَا قَالَ.

الثَّانِي: قَوْلُهُ " أَوْ لِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ " هَذَا بِنَاءً مِنْهُ عَلَى أَنَّ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَرْبَعُ سِنِينَ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ، عَلَى مَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُصَرَّحًا بِهِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْعِدَدِ.

وَأَمَّا إذَا قُلْنَا: إنَّ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ: سَنَتَانِ، فَبِأَنْ تَضَعَهُ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ. وَالشَّارِحُ رحمه الله جَعَلَ الْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ مَبْنِيَّانِ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَمْلِ.

وَالْأَوْلَى: أَنَّ الْخِلَافَ فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ وَعَدَمِهَا. وَعَلَيْهِ شَرْحُ ابْنِ مُنَجَّا. وَهُوَ الصَّوَابُ. فَائِدَةٌ:

قَالَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ: فَإِنْ كَانَتْ فِرَاشًا لِزَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَطَؤُهَا لِكَوْنِهِ غَائِبًا فِي بَلَدٍ بَعِيدٍ، أَوْ مَرِيضًا مَرَضًا يَمْنَعُ الْوَطْءَ، أَوْ كَانَ أَسِيرًا، أَوْ مَحْبُوسًا، أَوْ عَلِمَ الْوَرَثَةُ أَنَّهُ يَطَؤُهَا، أَوْ أَقَرُّوا بِذَلِكَ: فَإِنَّ أَصْحَابَنَا لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ هَذِهِ الصُّورَةِ وَبَيْنَ مَا إذَا كَانَ يَطَؤُهَا.

قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا مَتَى أَتَتْ بِهِ فِي هَذِهِ الْحَالِ، أَوْ وَقْتَ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا حَالَ الْوَصِيَّةِ مِثْلَ أَنْ تَضَعَهُ لِأَقَلَّ مِنْ غَالِبِ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَوْ تَكُونُ أَمَارَاتُ الْحَمْلِ ظَاهِرَةً، أَوْ أَتَتْ بِهِ عَلَى وَجْهٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا بِأَمَارَاتِ الْحَمْلِ، بِحَيْثُ يُحْكَمُ لَهَا بِكَوْنِهَا حَامِلًا: صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ لَهُ. انْتَهَى. قُلْت: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي.

ص: 228

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي. وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ لَفْظُهُ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِلْحَمْلِ، إلَّا أَنْ تَضَعَهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الْوَصِيَّةِ. وَقِيلَ: إذَا مَا وَضَعَتْهُ بَعْدَهَا لِزَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ وَلَمْ يُلْحَقْ نَسَبُهُ إلَّا بِتَقْدِيرِ وَطْءٍ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ: صَحَّتْ لَهُ أَيْضًا. انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَإِنْ أَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَا وَطْءَ فَوَجْهَانِ. مَا لَمْ يُجَاوِزْ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفَائِقِ: وَلَا تَصِحُّ وَصِيَّةٌ لِحَمْلٍ إلَّا أَنْ يُولَدَ حَيًّا قَبْلَ نِصْفِ سَنَةٍ مُنْذُ وَصَّى لَهُ. وَإِنْ وُلِدَ بَعْدَهَا قَبْلَ أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَمْلِ مَا لَمْ يُلْحَقْ الْوَاطِئَ نَسَبُهُ إلَّا بِوَطْءٍ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ: صَحَّتْ، وَإِلَّا فَلَا. وَإِنْ وُلِدَ لِأَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَمْلِ فَأَقَلَّ، وَلَا وَطْءَ إذًا: فَوَجْهَانِ. وَقَالَ فِي الْكُبْرَى: وَلَا تَصِحُّ لَهُ إلَّا أَنْ يُولَدَ حَيًّا قَبْلَ نِصْفِ سَنَةٍ مُنْذُ الْوَصِيَّةِ. وَإِنْ وُلِدَ بَعْدَهَا قَبْلَ أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَمْلِ إذَا لَمْ يُلْحَقْ فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لَهُ. وَإِنْ كَانَتْ بَائِنًا فَكَذَلِكَ.

وَقِيلَ: لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ، وَإِنْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَمْلِ مِنْ حِينِ الْفُرْقَةِ وَأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الْوَصِيَّةِ لَمْ يَلْحَقْهُ. فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لَهُ. وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مُنْذُ الْفُرْقَةِ لَحِقَهُ. وَصَحَّتْ. وَإِنْ وَصَّى لِحَمْلٍ مِنْ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ يَلْحَقُهُ: صَحَّتْ. وَإِنْ كَانَ مَنْفِيًّا بِلِعَانٍ، أَوْ بِدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ فَلَا. وَإِنْ كَانَتْ فِرَاشًا لِزَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ، وَمَا يَطَؤُهَا لِبُعْدٍ، أَوْ مَرَضٍ، أَوْ أَسْرٍ، أَوْ حَبْسٍ لَحِقَهُ وَصَحَّتْ الْوَصِيَّةُ.

ص: 229

وَقِيلَ: وَكَذَا إنْ وَطِئَهَا. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْحَقَهُ إنْ ظَنَنَّا أَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا حِينَ الْوَصِيَّةِ. انْتَهَى.

تَنْبِيهٌ:

قَوْلُ الْمُصَنِّفِ " لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَلِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ " وَكَذَا قَالَ الْأَصْحَابُ. قَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ " بِأَنْ تَضَعَهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، أَوْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ " وَلَا بُدَّ مِنْهَا. فَإِنَّهَا إذَا وَضَعَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، أَوْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ: عُلِمَ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا. لِاسْتِحَالَةِ أَنْ يُولَدَ وَلَدٌ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ. وَتَبِعَ فِي ذَلِكَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي. وَالصَّوَابُ: مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَالْأَصْحَابُ. وَلِذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: انْعَكَسَ عَلَى ابْنِ مُنَجَّا الْأَمْرُ. انْتَهَى. فَائِدَتَانِ

إحْدَاهُمَا: لَوْ وَصَّى لِحَمْلِ امْرَأَةٍ، فَوَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى: تَسَاوَيَا فِي ذَلِكَ. وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ بِالْحَمْلِ: فَتَأَتَّى فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي أَوَّلِ بَابِ الْمُوصَى بِهِ.

الثَّانِيَةُ: لَوْ قَالَ " إنْ كَانَ فِي بَطْنِك ذَكَرٌ: فَلَهُ كَذَا. وَإِنْ كَانَ أُنْثَى: فَكَذَا " فَكَانَ فِيهِ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، فَلَهُمَا مَا شَرَطَ. وَلَوْ كَانَ قَالَ " إنْ كَانَ مَا فِي بَطْنِك ذَكَرٌ: فَلَهُ كَذَا، وَإِنْ كَانَ مَا فِي بَطْنِك أُنْثَى: فَلَهُ كَذَا " فَكَانَ فِيهِ ذَكَرٌ وَأُنْثَى: فَلَا شَيْءَ لَهُمَا. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَإِنْ كَانَ خُنْثَى فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَقَالَ فِي الْكَافِي: لَهُ مَا لِلْأُنْثَى حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ

. قَوْلُهُ (وَإِنْ وَصَّى لِمَنْ تَحْمِلُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ: لَمْ تَصِحَّ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ.

ص: 230

وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: تَصِحُّ. وَجَزَمَ ابْنُ رَزِينٍ بِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِلْمَجْهُولِ وَالْمَعْدُومِ، وَصِحَّتُهَا بِهِمَا أَيْضًا. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: لَا تَصِحُّ لِمَعْدُومٍ بِالْأَصَالَةِ، كَ " مَنْ تَحْمِلُ هَذِهِ الْجَارِيَةُ " صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ. وَفِي دُخُولِ الْمُتَجَدِّدِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ، وَقَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي: رِوَايَتَانِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي فِيمَنْ وَصَّى لِمَوَالِيهِ، وَلَهُ مُدَبَّرُونَ، وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ. وَعُلِّلَ بِأَنَّهُمْ أَمْوَالٌ حَالَ الْمَوْتِ. وَالْوَصِيَّةُ تُعْتَبَرُ بِحَالِ الْمَوْتِ. وَخَرَّجَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله عَلَى الْخِلَافِ فِي الْمُتَجَدِّدِ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ وَالْمَوْتِ، قَالَ: بَلْ هَذَا مُتَجَدِّدٌ بَعْدَ الْمَوْتِ. فَمَنْعُهُ أَوْلَى. وَأَفْتَى الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا: بِدُخُولِ الْمَعْدُومِ فِي الْوَصِيَّةِ تَبَعًا. كَمَنْ وَصَّى بِغَلَّةِ ثَمَرِهِ لِلْفُقَرَاءِ، إلَى أَنْ يَحْدُثَ لِوَلَدِهِ وَلَدٌ.

فَائِدَةٌ:

لَوْ وَصَّى بِثُلُثِهِ لِأَحَدِ هَذَيْنِ. أَوْ قَالَ " لِجَارِي " أَوْ " قَرِيبِي فُلَانٍ " بِاسْمٍ مُشْتَرَكٍ: لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ: تَصِحُّ. كَقَوْلِهِ " أَعْطُوا ثُلُثِي أَحَدَهُمَا " فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ، فِيمَا إذَا قَالَ " لِجَارِي، أَوْ قَرِيبِي فُلَانٍ " بِاسْمٍ مُشْتَرَكٍ، أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ: لَا تَصِحُّ، لِلْإِبْهَامِ. وَاخْتَارَ الصِّحَّةَ فِي غَيْرِ الْأُولَى: الْقَاضِي، وَأَبُو بَكْرٍ فِي الشَّافِي، وَابْنُ رَجَبٍ وَتَقَدَّمَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا كَلَامُ ابْنِ رَزِينٍ. وَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ فِي فَتَاوِيهِ: بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى. فَعَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ: فَقِيلَ يُعَيِّنُهُ الْوَرَثَةُ. جَزَمَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقِيلَ: يُعَيَّنُ بِقُرْعَةٍ. قَطَعَ بِهِ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ. وَهُوَ الصَّوَابُ.

ص: 231

وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَقَوَاعِدِ الْأُصُولِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ قَالَ " عَبْدِي غَانِمٌ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتَى " وَلَهُ مِائَةٌ، وَلَهُ عَبْدَانِ بِهَذَا الِاسْمِ: عَتَقَ أَحَدُهُمَا بِقُرْعَةٍ. وَلَا شَيْءَ لَهُ. نَقَلَهُ يَعْقُوبُ، وَحَنْبَلٌ.

وَعَلَى الثَّانِيَةِ: هِيَ لَهُ مِنْ ثُلُثِهِ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ.

تَنْبِيهٌ:

قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ: مَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا قَالَ " لِجَارِي فُلَانٍ " بِاسْمٍ مُشْتَرَكٍ: إذَا لَمْ يَكُنْ قَرِينَةٌ. فَإِنْ كَانَ ثَمَّ قَرِينَةٌ، أَوْ غَيْرُهَا: أَنَّهُ أَرَادَ مُعَيَّنًا مِنْهُمَا، وَأُشْكِلَ عَلَيْنَا مَعْرِفَتُهُ: فَهُنَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِغَيْرِ تَرَدُّدٍ. وَيَخْرُجُ الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُمَا بِالْقُرْعَةِ فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَتَلَ الْوَصِيُّ الْمُوصِي: بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ) هَذَا الْمَذْهَبُ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَالْقَاضِي، وَابْنُ أَبِي مُوسَى، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمْ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: بَطَلَتْ. رِوَايَةً وَاحِدَةً. عَلَى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. وَعَنْهُ لَا تَبْطُلُ. اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَالشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ، وَابْنُ بَكْرُوسٍ، وَغَيْرُهُمْ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ جَرَحَهُ، ثُمَّ أَوْصَى لَهُ فَمَاتَ مِنْ الْجُرْحِ: لَمْ تَبْطُلْ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَالشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ، وَابْنُ بَكْرُوسٍ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ، وَغَيْرُهُمْ.

ص: 232

وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ: تَبْطُلُ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي. وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ أَبِي مُوسَى

قَوْلُهُ (وَقَالَ أَصْحَابُنَا: فِي الْوَصِيَّةِ لِلْقَاتِلِ: رِوَايَتَانِ) . قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَقِيلَ: فِي الْحَالَيْنِ رِوَايَتَانِ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ: فِي الْوَصِيَّةِ لِلْقَاتِلِ رِوَايَتَانِ، سَوَاءً أَوْصَى لَهُ قَبْلَ الْجُرْحِ، أَوْ بَعْدَهُ.

إحْدَاهُمَا: تَصِحُّ اخْتَارَهَا ابْنُ حَامِدٍ.

وَالثَّانِيَةُ: لَا تَصِحُّ. اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ. فَتَلَخَّصَ لَنَا فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِلْقَاتِلِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: الصِّحَّةُ مُطْلَقًا. اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ. وَعَدَمُهَا مُطْلَقًا. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يُوصَى لَهُ بَعْدَ الْجُرْحِ: فَيَصِحُّ، وَقَبْلَهُ: لَا يَصِحُّ. وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَيَأْتِي نَظِيرُ ذَلِكَ فِي بَابِ الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ فِيمَا إذَا أَبْرَأَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْ الدِّيَةِ أَوْ وَصَّى لَهُ بِهَا. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ، وَقِيلَ: الْوَصِيَّةُ وَالتَّدْبِيرُ كَالْإِرْثِ. وَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْمُوصَى بِهِ إذَا قُتِلَ وَأُخِذَتْ الدِّيَةُ: هَلْ تَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ، أَمْ لَا؟ فَائِدَةٌ:

مِثْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: لَوْ دَبَّرَ عَبْدَهُ، وَقَتَلَ سَيِّدَهُ أَوْ جَرَحَهُ، خِلَافًا وَمَذْهَبًا. قَالَهُ الْأَصْحَابُ.

ص: 233

وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَقِيلَ يَبْطُلُ تَدْبِيرُ الْعَبْدِ، دُونَ الْأَمَةِ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَإِنْ جَعَلَ التَّدْبِيرَ عِتْقًا بِصِفَةٍ: فَوَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا. وَيَأْتِي هَذَا آخِرَ التَّدْبِيرِ مُحَرَّرًا

قَوْلُهُ (وَإِنْ وَصَّى لِصِنْفٍ مِنْ أَصْنَافِ الزَّكَاةِ، أَوْ لِجَمِيعِ الْأَصْنَافِ: صَحَّ. وَيُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ الْقَدْرَ الَّذِي يُعْطَاهُ فِي الزَّكَاةِ) وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ، فِيمَا إذَا وَقَفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ لَا يَجُوزُ إعْطَاءُ الْفَقِيرِ أَكْثَرَ مِمَّا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ فِي الْمَنْصُوصِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ هُنَاكَ وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ. هُنَا. وَقَالَ، وَقِيلَ: يُعْطَى كُلَّ صِنْفٍ ثُمُنٌ. وَقِيلَ: يَجُوزُ. فَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ، وَابْنُ عَقِيلٍ: جَوَازَ زِيَادَةِ الْمِسْكِينِ عَلَى خَمْسِينَ، وَإِنْ مَنَعْنَاهُ مِنْهَا فِي الزَّكَاةِ. ذَكَرُوهُ فِي الْوَقْفِ. وَهَذَا مِثْلُهُ. قَالَ الْحَارِثِيُّ هُنَا: وَهُوَ الْأَقْوَى. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ. وَتَقَدَّمَ أَيْضًا: أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ: دَخَلَ الْمَسَاكِينُ وَكَذَا عَكْسُهُ يَدْخُلُ الْفُقَرَاءُ وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ قَوْلٌ بِعَدَمِ الدُّخُولِ. وَحُكْمُ الْقَدْرِ الَّذِي يُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْنَافِ الزَّكَاةِ مِنْ الْوَصِيَّةِ: حُكْمُ مَا يُعْطَى مِنْ الْوَقْفِ عَلَيْهِمْ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ: فَلْيُعَاوَدْ.

فَائِدَةٌ:

قَالَ فِي الْفَائِقِ، وَغَيْرِهِ: الرِّقَابُ، وَالْغَارِمُونَ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنُ السَّبِيلِ: مَصَارِفُ الزَّكَاةِ. وَكَذَا قَالَ فِي الْفُرُوعِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ. فَيُعْطَى فِي فِدَاءِ الْأَسْرَى لِمَنْ يَفْدِيهِمْ

ص: 234

قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: أَوْ يُوَفَّى مَا اُسْتُدِينَ فِيهِمْ. انْتَهَى. قُلْت: أَمَّا إذَا أَوْصَى لِجَمِيعِ أَصْنَافِ الزَّكَاةِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا فَإِنَّهُمْ يُعْطَوْنَ بِأَجْمَعِهِمْ. وَكَذَا لَوْ أَوْصَى لِأَصْنَافِ الزَّكَاةِ، فَتُعْطَى الْأَصْنَافُ الثَّمَانِيَةُ. أَعْنِي أَنَّهُمْ أَهْلٌ لِلْإِعْطَاءِ. لِدُخُولِهِمْ فِي كَلَامِهِ. وَحُكْمُ إعْطَائِهِمْ هُنَا كَالزَّكَاةِ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّارِحُ، وَصَاحِبُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَقَالُوا: يَنْبَغِي أَنْ يُعْطَى لِكُلِّ صِنْفٍ ثُمُنَ الْوَصِيَّةِ، كَمَا لَوْ أَوْصَى لِثَمَانِ قَبَائِلَ. وَفَرَّقُوا بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الزَّكَاةِ حَيْثُ يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى صِنْفٍ وَاحِدٍ أَنَّ آيَةَ الزَّكَاةِ: أُرِيدَ فِيهَا بَيَانُ مَنْ يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَيْهِ، وَالْوَصِيَّةُ أُرِيدَ بِهَا: بَيَانُ مَنْ يَجِبُ الدَّفْعُ إلَيْهِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ وَصَّى لِأَصْنَافِ الزَّكَاةِ الثَّمَانِيَةِ: فَلِكُلِّ صِنْفٍ الثُّمُنُ. وَيَكْفِي مِنْ كُلِّ صِنْفٍ ثَلَاثَةٌ. وَقِيلَ: بَلْ وَاحِدٌ. وَيُسْتَحَبُّ إعْطَاءُ مَنْ أَمْكَنَ مِنْهُمْ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ. وَتَقْدِيمُ أَقَارِبِ الْمُوصِي. وَلَا يُعْطَى إلَّا مُسْتَحِقٌّ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ. انْتَهَى. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ: جَوَازُ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْبَعْضِ كَالزَّكَاةِ. وَالْأَقْوَى: أَنَّ لِكُلِّ صِنْفٍ ثُمُنًا. قَالَ: وَالْمَذْهَبُ جَوَازُ الِاقْتِصَارِ عَلَى الشَّخْصِ الْوَاحِدِ مِنْ الصِّنْفِ. وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: لَا بُدَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ، لَكِنْ لَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ. .

قَوْلُهُ (وَإِنْ أَوْصَى لِفَرَسٍ حَبِيسٍ يُنْفَقُ عَلَيْهِ: صَحَّ وَإِنْ مَاتَ الْفَرَسُ: رُدَّ الْمُوصَى بِهِ، أَوْ بَاقِيهِ، إلَى الْوَرَثَةِ) هَذَا الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ.

ص: 235

وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ: يُصْرَفُ إلَى فَرَسٍ آخَرَ حَبِيسٍ. وَهُوَ احْتِمَالٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ أَوْصَى فِي أَبْوَابِ الْبِرِّ: صُرِفَ فِي الْقُرَبِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَالنَّظْمِ، وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ عَنْهُ: يُصْرَفُ فِي أَرْبَعِ جِهَاتٍ: فِي أَقَارِبِهِ، وَالْمَسَاكِينِ، وَالْحَجِّ، وَالْجِهَادِ. قَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: وَهِيَ الْمَذْهَبُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ. وَقُيِّدَ فِي الْفَائِقِ وَغَيْرُهُ الْأَقَارِبُ بِاَلَّذِينَ لَا يَرِثُونَ. وَهُوَ كَمَا قَالَ. وَعَنْهُ: فِدَاءُ الْأَسْرَى، مَكَانَ الْحَجِّ. وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ فِيمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ فِي أَبْوَابِ الْبِرِّ يُجَزَّأُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ، جُزْءٌ فِي الْحَجِّ، وَجُزْءٌ فِي الْجِهَادِ، وَجُزْءٌ يُتَصَدَّقُ بِهِ فِي أَقَارِبِهِ. زَادَ فِي التَّبْصِرَةِ: وَالْمَسَاكِينِ. وَعَنْهُ: يُصْرَفُ فِي الْجِهَادِ، وَالْحَجِّ، وَفِدَاءِ الْأَسْرَى. قَالَ الْمُصَنِّفُ عَنْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ وَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لَيْسَ عَلَى سَبِيلِ اللُّزُومِ وَالتَّحْدِيدِ. بَلْ يَجُوزُ صَرْفُهُ فِي الْجِهَاتِ كُلِّهَا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْأَصَحُّ لَا يَجِبُ ذَلِكَ.

وَذَكَرَ الْقَاضِي، وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ: أَنَّ قَوْلَهُ " ضَعْ ثُلُثِي حَيْثُ أَرَاك اللَّهُ " أَوْ " فِي سَبِيلِ الْبِرِّ وَالْقُرْبَةِ " يَصْرِفُهُ لِفَقِيرٍ وَمِسْكِينٍ وُجُوبًا. قُلْت: هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. لِحِكَايَتِهِمْ الْخِلَافَ، وَإِطْلَاقِهِمْ.

ص: 236

فَعَلَى الْمَذْهَبِ: أَفْضَلُ الْقُرَبِ الْغَزْوُ. فَيُبْدَأُ بِهِ. نَصَّ عَلَيْهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ مَا تَقَدَّمَ فِي أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ. يَعْنِي الَّذِي حَكَاهُ مِنْ الْخِلَافِ فِي أَوَّلِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ. وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ فِي الْوَقْفِ فَائِدَتَانِ

إحْدَاهُمَا: لَوْ قَالَ " ضَعْ ثُلُثِي حَيْثُ أَرَاك اللَّهُ " فَلَهُ صَرْفُهُ فِي أَيِّ جِهَةٍ مِنْ جِهَاتِ الْقُرَبِ وَالْأَفْضَلُ: صَرْفُهُ إلَى فُقَرَاءِ أَقَارِبِهِ. فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَإِلَى مَحَارِمِهِ مِنْ الرَّضَاعِ. فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَإِلَى جِيرَانِهِ. وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا عَنْ الْقَاضِي، وَصَاحِبِ التَّرْغِيبِ: وُجُوبُ الدَّفْعِ إلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. الثَّانِيَةُ: لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ الْقُرْبَةُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. خِلَافًا لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رحمه الله فَلِهَذَا قَالَ لَوْ جَعَلَ الْكُفْرَ أَوْ الْجَهْلَ شَرْطًا فِي الِاسْتِحْقَاقِ: لَمْ يَصِحَّ. فَلَوْ وَصَّى لِأَجْهَلْ النَّاسِ: لَمْ يَصِحَّ. وَعَلَّلَ فِي الْمُغْنِي الْوَصِيَّةَ لِمَسْجِدٍ بِأَنَّهُ قُرْبَةٌ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَدَلَّ عَلَى اشْتِرَاطِهَا. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِعِمَارَةِ قُبُورِ الْمَشَايِخِ وَالْعُلَمَاءِ. وَقَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: إنْ أَوْصَى لِمَا لَا مَعْرُوفَ فِيهِ وَلَا بِرَّ كَكَنِيسَةٍ، أَوْ كَتْبِ التَّوْرَاةِ لَمْ يَصِحَّ. ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْفُرُوعِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْوَقْفِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ وَصَّى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ بِأَلْفٍ: صُرِفَ فِي حَجَّةٍ بَعْدَ أُخْرَى حَتَّى تَنْفَدَ) .

ص: 237

سَوَاءٌ كَانَ رَاكِبًا أَوْ رَاجِلًا. وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَعَنْهُ تُصْرَفُ فِي حَجَّةٍ لَا غَيْرَ. وَالْبَاقِي إرْثٌ. وَنَقَلَ ابْنُ إبْرَاهِيمَ: بَعْدَ الْحَجَّةِ الْأُولَى: تُصْرَفُ فِي الْحَجِّ، أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَقَالَ فِي الْفُصُولِ: مَنْ وَصَّى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ بِكَذَا: لَمْ يَسْتَحِقَّ مَا عَيَّنَ زَائِدًا عَلَى النَّفَقَةِ. لِأَنَّهُ بِمَثَابَةِ جَعَالَةٍ. وَاخْتَارَهُ. وَلَا يَجُوزُ فِي الْحَجِّ. وَاخْتَارَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ: أَنَّهُ إنْ وَصَّى بِأَلْفٍ يُحَجُّ بِهَا: يُصْرَفُ فِي حَجَّةٍ قَدْرُ نَفَقَتِهِ حَتَّى يَنْفَدَ. وَلَوْ قَالَ " حُجُّوا عَنِّي بِأَلْفٍ، فَمَا فَضَلَ فَلِلْوَرَثَةِ ". وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ: أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَصِحُّ عَلَى الْحَجِّ وَنَحْوِهِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. فَيُعْطَى هُنَا لِأَجْلِ النَّفَقَةِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: إنْ لَمْ تَكْفِ الْأَلْفُ، أَوْ الْبَقِيَّةُ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ: حَجَّ بِهِ مِنْ حَيْثُ يَبْلُغُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ. وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَالْكَافِي. وَقِيلَ: يُعَانُ بِهِ فِي حَجَّةٍ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَبَقِيَّتِهَا: لِعَاجِزَةٍ عَنْ حَجَّةٍ لِمَصْلَحَتِهَا. انْتَهَى. وَعَنْهُ: يُخَيَّرُ. فَإِنْ تَعَذَّرَ فَهُوَ إرْثٌ. قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَغَيْرِهِ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَفِيهِ وَجْهٌ بِبُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ إذَا لَمْ تَكْفِ الْحَجُّ. فَائِدَتَانِ

إحْدَاهُمَا: إذَا كَانَ الْحَجُّ تَطَوُّعًا: أَجْزَأَ أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ مِنْ الْمِيقَاتِ. عَلَى الصَّحِيحِ.

ص: 238

صَحَّحَهُ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَهُوَ أَوْلَى وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْفَائِقِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ، فِي كِتَابِ الْحَجِّ. قَالَ الْحَارِثِيُّ. وَهُوَ أَقْوَى. وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ، وَالْمُحَرَّرِ. وَقِيلَ: لَا تُجْزِئُ إلَّا مِنْ مَحَلِّ وَصِيَّتِهِ، كَحَجِّهِ بِنَفْسِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. لَكِنْ قَالَ عَنْ الْأُولَى: هُوَ أَوْلَى. كَمَا تَقَدَّمَ. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ، قُبَيْلَ قَوْلِهِ " وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى الْمَرْأَةِ وُجُودُ مَحْرَمِهَا "

الثَّانِيَةُ: إنْ كَانَ الْمُوصِي قَدْ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ: كَانَتْ الْأَلْفُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ. وَإِنْ كَانَتْ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ: فَنَفَقَتُهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَالْبَاقِي مِنْ الثُّلُثِ.

قَوْلُهُ (فَإِنْ قَالَ: يُحَجُّ عَنِّي حَجَّةً بِأَلْفٍ: دَفَعَ الْكُلَّ إلَى مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ) هَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفَائِقِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ. وَقِيلَ: الْبَقِيَّةُ مِنْ نَفَقَةِ الْحَجَّةِ إرْثٌ. جَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ. وَحَكَاهُ الْحَارِثِيُّ رِوَايَةً. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ. وَصَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمَذْهَبِ.

ص: 239

قَوْلُهُ (فَإِنْ عَيَّنَهُ فِي الْوَصِيَّةِ، فَقَالَ: يَحُجُّ عَنِّي فُلَانٌ بِأَلْفٍ، فَأَبَى الْحَجَّ وَقَالَ: اصْرِفُوا لِي الْفَضْلَ: لَمْ يُعْطَهُ. وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ) . يَعْنِي مِنْ أَصْلِهَا إذَا كَانَ تَطَوُّعًا. وَهَذَا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ. وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَةِ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ. فَإِنَّ كَلَامَهُمْ كَكَلَامِ الْمُصَنِّفِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْمُنَوِّرِ. وَصَحَّحَهُ الْحَارِثِيُّ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَبْطُلُ فِي حَقِّهِ لَا غَيْرَ، وَيُحَجُّ عَنْهُ بِأَقَلَّ مَا يُمْكِنُ مِنْ نَفَقَةٍ، أَوْ أُجْرَةٍ. وَالْبَقِيَّةُ لِلْوَرَثَةِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْمُقْنِعِ (لَمْ يُعْطَهُ وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ فِي حَقِّهِ) وَعَلَيْهَا شَرْحُ الشَّارِحِ. وَذَكَرَهَا ابْنُ مُنَجَّا فِي الْمَتْنِ وَلَمْ يَشْرَحْهَا. بَلْ عَلَّلَ الْبُطْلَانَ فَقَطْ. فَعَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ مَعَ أَنَّ النُّسْخَةَ الْأُولَى لَا تَأْبَى ذَلِكَ يَكُونُ الْمُصَنِّفُ قَدْ جَزَمَ بِهَذَا الْوَجْهِ هُنَا. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي، وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْفَائِقِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَنَصَرَاهُ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. وَذَكَرَ النَّاظِمُ قَوْلًا: أَنَّ بَقِيَّةَ الْأَلْفِ لِلَّذِي حَجَّ.

تَنْبِيهٌ:

مَحَلُّ هَذَا الْخِلَافِ: إذَا كَانَ الْمُوصِي قَدْ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ، وَأَبَى مَنْ عَيَّنَهُ: فَإِنَّهُ يُقَامُ غَيْرُهُ بِنَفَقَةِ الْمِثْلِ. وَالْفَضْلُ لِلْوَرَثَةِ. وَلَا تَبْطُلُ قَوْلًا وَاحِدًا. وَهُوَ وَاضِحٌ. وَيُحْسَبُ الْفَاضِلُ فِي الثُّلُثِ عَنْ نَفَقَةِ مِثْلِهِ، أَوْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ لِلْفَرْضِ.

ص: 240

فَوَائِدُ

مِنْهَا: لَوْ قَالَ " يَحُجُّ عَنِّي زَيْدٌ بِأَلْفٍ " فَمَا فَضَلَ فَهُوَ وَصِيَّةٌ لَهُ إنْ حَجَّ. وَلَا يُعْطَى إلَى أَيَّامِ الْحَجِّ. قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْفَضْلَ لِلْوَارِثِ. وَمِنْهَا: لَا يَصِحُّ أَنْ يَحُجَّ وَصِيٌّ بِإِخْرَاجِهَا. نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد. وَأَبِي الْحَارِثِ، وَجَعْفَرٍ النَّسَائِيّ، وَحَرْبٍ رحمهم الله. قَالَ: لِأَنَّهُ مُنْفِذٌ. فَهُوَ كَقَوْلِهِ: " تَصَدَّقْ عَنِّي بِهِ " لَا يَأْخُذُ مِنْهُ. وَمِنْهَا: لَا يَحُجُّ وَارِثٌ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد رحمه الله وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ. وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ: بَلَى، يَحُجُّ عَنْهُ إنْ عَيَّنَهُ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى نَفَقَتِهِ. مِنْهُمْ: الْحَارِثِيُّ. وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّارِحُ، وَشَرْحُ ابْنِ رَزِينٍ وَفِي الْفُصُولِ: إنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ جَازَ. وَمِنْهَا: لَوْ أَوْصَى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ بِالنَّفَقَةِ صَحَّ. وَمِنْهَا: لَوْ وَصَّى بِثَلَاثِ حِجَجٍ إلَى ثَلَاثَةٍ فِي عَامٍ وَاحِدٍ: صَحَّ. وَأَحْرَمَ النَّائِبُ بِالْفَرْضِ أَوَّلًا، إنْ كَانَ عَلَيْهِ فَرْضٌ. وَمِنْهَا: لَوْ وَصَّى بِثَلَاثِ حِجَجٍ. لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَصْرِفَهَا إلَى ثَلَاثَةٍ يَحُجُّونَ عَنْهُ فِي عَامٍ وَاحِدٍ. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَصِحَّ، إنْ كَانَتْ نَفْلًا. وَتَقَدَّمَ فِي حُكْمِ قَضَاءِ رَمَضَانَ، وَكِتَابِ الْحَجِّ أَيْضًا: هَلْ يَصِحُّ حَجُّ الْأَجْنَبِيِّ عَنْ الْمَيِّتِ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ بِدُونِ إذْنِ وَلِيِّهِ أَمْ لَا؟ .

ص: 241

وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ فِي بَابِ حُكْمِ قَضَاءِ الصَّوْمِ حَكَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ طَاوُسٍ: جَوَازَ صَوْمِ جَمَاعَةٍ عَنْهُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ. وَيُجْزِئُ عَنْ عُدَّتِهِمْ مِنْ الْأَيَّامِ. قَالَ: وَهُوَ أَظْهَرُ. وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ. قَالَ: فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَنْ أَوْصَى بِثَلَاثِ حِجَجٍ، جَازَ صَرْفُهَا إلَى ثَلَاثَةٍ يَحُجُّونَ عَنْهُ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ. وَجَزَمَ ابْنُ عَقِيلٍ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ. لِأَنَّ نَائِبَهُ مِثْلُهُ. وَذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ قَوْلًا. وَلَمْ يَذْكُرْ قَبْلَهُ مَا يُخَالِفُهُ. ذَكَرَهُ فِي فَصْلِ اسْتِنَابَةِ الْمَعْضُوبِ مِنْ بَابِ الْإِحْرَامِ وَهُوَ قِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الصَّوْمِ. انْتَهَى كَلَامُهُ فِي الْفُرُوعِ. وَلَمْ يَسْتَحْضِرْ تِلْكَ الْحَالَ مَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْمُوصَى بِهِ، أَوْ رَآهُ بَعْدَ ذَلِكَ. وَقَدْ أَطْلَقَ وَجْهَيْنِ فِي صِحَّةِ ذَلِكَ. ثُمَّ وَجَدْت الْحَارِثِيَّ نَقَلَ عَنْ الْقَاضِي، وَابْنِ عَقِيلٍ، وَالسَّامِرِيِّ: صِحَّةَ صَرْفِ ثَلَاثِ حِجَجٍ فِي عَامٍ وَاحِدٍ، وَقَالَ: وَهُوَ أَوْلَى.

قَوْلُهُ (فَإِنْ وَصَّى لِأَهْلِ سِكَّتِهِ، فَهُوَ لِأَهْلِ دَرْبِهِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالْوَجِيزِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمَا. وَقِيلَ: هُمَا أَهْلُ الْمَحَلَّةِ الَّذِينَ يَكُونُ طَرِيقُهُمْ بِدَرْبِهِ.

فَائِدَةٌ:

يُعْتَبَرُ فِي اسْتِحْقَاقِهِ سُكْنَاهُ فِي السِّكَّةِ: حَالُ الْوَصِيَّةِ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي: وَيَسْتَحِقُّ أَيْضًا لَوْ طَرَأَ إلَى السِّكَّةِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ.

ص: 242

وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ. وَفِي دُخُولِ الْمُتَجَدِّدِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ، وَقَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي: رِوَايَتَانِ ثُمَّ قَالَ: وَالْمَنْصُوصُ فِيمَنْ أَوْصَى أَنْ يَتَصَدَّقَ فِي سِكَّةِ فُلَانٍ بِكَذَا وَكَذَا فَسَكَنَهَا قَوْمٌ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي قَالَ: إنَّمَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِلَّذِينَ كَانُوا. ثُمَّ قَالَ: مَا أَدْرِي كَيْفَ هَذَا؟ قِيلَ: فَيُشْبِهُ هَذَا الْكُورَةَ؟ قَالَ: لَا. الْكُورَةُ وَكَثْرَةُ أَهْلِهَا: خِلَافُ هَذَا الْمَعْنَى، يَنْزِلُ قَوْمٌ وَيَخْرُجُ قَوْمٌ، يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ. انْتَهَى.

قَوْلُهُ (وَإِنْ وَصَّى لِجِيرَانِهِ: تَنَاوَلَ أَرْبَعِينَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ مِنْهُمْ أَبُو حَفْصٍ، وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، الْفَائِقِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مُسْتَدَارُ أَرْبَعِينَ دَارًا. وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَقَدْ قِيلَ: مُسْتَدَارُ أَرْبَعِينَ دَارًا. قَالَ فِي الْفَائِقِ بَعْدَ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ وَقِيلَ: مِنْ أَرْبَعَةِ جَوَانِبَ. قَالَ الشَّارِحُ عَنْ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ يَعْنِي. مِنْ كُلِّ جَانِبٍ. وَعَنْهُ جِيرَانُهُ: مُسْتَدَارُ ثَلَاثِينَ دَارًا. ذَكَرَهَا فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ فِي الْفَائِقِ: تَنَاوَلَ أَرْبَعِينَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ. وَعَنْهُ: ثَلَاثِينَ. ذَكَرَهَا أَبُو الْحُسَيْنِ. فَظَاهِرُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ مُخَالِفٌ لِلَّتِي قَبْلَهَا. لَكِنْ فَسَّرَهَا الْحَارِثِيُّ بِالْأَوَّلِ. وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْطَى هُنَا إلَّا الْجَارُّ الْمُلَاصِقُ.

ص: 243

وَقِيلَ: يُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، إنْ لَمْ يَصِحَّ الْحَدِيثُ وَقَدْ اسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ لِلْمَذْهَبِ بِالْحَدِيثِ فِيهِ. وَقَالَ: هَذَا نَصٌّ لَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْهُ، إنْ صَحَّ. وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ فَالْجَارُ: هُوَ الْمُقَارِبُ. وَيُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ. انْتَهَيَا.

قَوْلُهُ (وَإِنْ وَصَّى لِأَقْرَبِ قَرَابَتِهِ وَلَهُ أَبٌ وَابْنٌ فَهُمَا سَوَاءٌ. وَالْأَخُ وَالْجَدُّ سَوَاءٌ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. بِلَا رَيْبٍ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَيُحْتَمَلُ تَقْدِيمُ الِابْنِ عَلَى الْأَبِ، وَالْأَخِ عَلَى الْجَدِّ. وَقِيلَ: يُقَدَّمُ الْجَدُّ عَلَى الْأَخِ.

تَنْبِيهٌ:

قَوْلُهُ (وَالْأَخُ مِنْ الْأَبِ، وَالْأَخُ مِنْ الْأُمِّ: سَوَاءٌ) . بِلَا نِزَاعٍ. وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْأَخَ مِنْ الْأُمِّ يَدْخُلُ فِي الْقَرَابَةِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَكَذَا الْحُكْمُ فِي أَبْنَائِهِمَا. وَكَذَا يُحْمَلُ مَا قَالَهُ فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي: أَنَّ الْأَبَ وَالْأُمَّ سَوَاءٌ. قَوْلُهُ (وَالْأَخُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ: أَحَقُّ مِنْهُمَا) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ، وَيَتَوَجَّهُ رِوَايَةً: أَنَّهُ كَأَخِيهِ لِأَبِيهِ، لِسُقُوطِ الْأُمُومَةِ كَالنِّكَاحِ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ.

ص: 244

قُلْت: وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله. ذَكَرَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الْعِشْرِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ، لَكِنْ ذَكَرَهُ فِي الْوَقْفِ. فَائِدَتَانِ

إحْدَاهُمَا: الْأَبُ أَوْلَى مِنْ ابْنِ الِابْنِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْحَارِثِيُّ وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَ فِي التَّرْغِيبِ: أَنَّ ابْنَ الِابْنِ أَوْلَى. قَالَ: وَكُلُّ مَنْ قُدِّمَ: قُدِّمَ وَلَدُهُ، إلَّا الْجَدُّ. فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى بَنِي إخْوَتِهِ، وَأَخَاهُ لِأَبِيهِ. فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ لِأَبَوَيْهِ.

الثَّانِيَةُ: يَسْتَوِي جَدَّاهُ وَعَمَّاهُ كَأَبَوَيْهِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقِيلَ: يُقَدَّمُ جَدُّهُ وَعَمُّهُ لِأَبِيهِ.

قَوْلُهُ (وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِكَنِيسَةٍ، وَلَا بَيْتِ نَارٍ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَاطِبَةً. وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ. وَذَكَرَ الْقَاضِي: أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِحُصْرِ الْبِيَعِ وَقَنَادِيلِهَا وَمَا شَاكَلَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَقْصِدْ إعْظَامَهَا: أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَصِحُّ. لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ صَحِيحَةٌ. قُلْت: وَهَذَا ضَعِيفٌ. وَرَدَّهُ الشَّارِحُ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الرِّعَايَةِ، وَقَالَ: فِيهِ نَظَرٌ. وَرُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله مَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ مِنْ الذِّمِّيِّ لِخِدْمَةِ الْكَنِيسَةِ. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَمَنْ تَبِعَهُ: وَإِنْ وَصَّى لِبِنَاءِ كَنِيسَةٍ أَوْ بِيعَةٍ أَوْ كَتْبِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ: لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ.

ص: 245

وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ مَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهَا. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: لَمْ تَصِحَّ عَلَى الْأَصَحِّ ثُمَّ قَالَ: قُلْت: تُحْمَلُ الصِّحَّةُ عَلَى وَصِيَّةِ ذِمِّيٍّ بِمَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُهُ مِنْ ذَلِكَ. انْتَهَى قُلْت: وَحَمْلُ الرِّوَايَةِ عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِهَا مُتَعَيَّنٌ. قَوْلُهُ (وَلَا لِكَتْبِ التَّوْرَاةِ، وَالْإِنْجِيلِ، وَلَا لِمَلَكٍ، وَلَا لِمَيِّتٍ) بِلَا نِزَاعٍ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَلَا تَصِحُّ لِكَتْبِ تَوْرَاةٍ وَإِنْجِيلٍ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقِيلَ: إنْ كَانَ الْمُوصِي بِذَلِكَ كَافِرًا: صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا. وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا فِي فَائِدَةٍ: هَلْ تُشْتَرَطُ الْقَرَابَةُ فِي الْوَصِيَّةِ أَمْ لَا؟ .

تَنْبِيهٌ:

قَوْلُهُ (وَلَا لِبَهِيمَةٍ) . إنْ وَصَّى لِفَرَسٍ حَبِيسٍ: صَحَّ. إذَا لَمْ يَقْصِدْ تَمْلِيكَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ قَبْلَ ذَلِكَ. وَإِنْ وَصَّى لِفَرَسِ زَيْدٍ: صَحَّ. وَلَزِمَ بِدُونِ قَبُولِ صَاحِبِهَا. وَيَصْرِفُهَا فِي عَلَفِهِ. وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ هُنَا: تَمْلِيكُ الْبَهِيمَةِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ وَصَّى لِحَيٍّ وَمَيِّتٍ يُعْلَمُ مَوْتُهُ، فَالْكُلُّ لِلْحَيِّ) . وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ. وَنُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ. وَاخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْكَافِي. . وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ. قَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ إلَّا النِّصْفُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ.

ص: 246

قَالَ الْحَارِثِيُّ: هَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ حَتَّى أَبُو الْخَطَّابِ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ. وَنَصَّ عَلَيْهِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَتَتَوَجَّهُ الْقُرْعَةُ بَيْنَ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ. تَنْبِيهٌ:

مَحَلُّ الْخِلَافِ، إذَا لَمْ يَقُلْ: هُوَ بَيْنَهُمَا. فَإِنْ قَالَهُ: كَانَ لَهُ النِّصْفُ. قَوْلًا وَاحِدًا. قَوْلُهُ (وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ، فَلِلْحَيِّ نِصْفُ الْمُوصَى بِهِ) بِلَا نِزَاعٍ. فَوَائِدُ

إحْدَاهُمَا: لَوْ وَصَّى لَهُ وَلِجِبْرِيلَ، أَوْ لَهُ وَلِلْحَائِطِ بِثُلُثِ مَالِهِ: كَانَ لَهُ الْجَمِيعُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ: لَهُ النِّصْفُ. وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلْقَاضِي. قُلْت: هِيَ شَبِيهَةٌ بِاَلَّتِي قَبْلَهَا.

الثَّانِيَةُ: لَوْ وَصَّى لَهُ وَلِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم بِثُلُثِ مَالِهِ: قُسِمَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالتَّلْخِيصِ. وَقِيلَ: الْكُلُّ لَهُ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: يُصْرَفُ مَا لِلرَّسُولِ فِي الْمَصَالِحِ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفَائِقِ: يُصْرَفُ فِي الْكُرَاعِ، وَفِي السِّلَاحِ، وَالْمَصَالِحِ.

ص: 247

الثَّالِثَةُ: لَوْ وَصَّى لَهُ وَلِلَّهِ: قُسِمَ نِصْفَانِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفَائِقِ، وَالْفُرُوعِ. وَقِيلَ: كُلُّهُ لَهُ. كَاَلَّتِي قَبْلَهَا. جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي.

الرَّابِعَةُ: لَوْ وَصَّى لِزَيْدٍ وَلِلْفُقَرَاءِ بِثُلُثِهِ قُسِمَ بَيْنَ زَيْدٍ وَالْفُقَرَاءِ نِصْفَيْنِ. نِصْفُهُ لَهُ وَنِصْفُهُ لِلْفُقَرَاءِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، قُلْت: إذَا أَوْصَى لِزَيْدٍ وَلِلْفُقَرَاءِ: فَهُوَ كَأَحَدِهِمْ. فَيَجُوزُ أَنْ يُعْطَى أَقَلَّ شَيْءٍ. انْتَهَى.

وَلَوْ كَانَ زَيْدٌ فَقِيرًا: لَمْ يَسْتَحِقَّ مِنْ نَصِيبِ الْفُقَرَاءِ شَيْئًا. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ هَانِئٍ، وَعَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَقَلَ الْقَاضِي الِاتِّفَاقَ عَلَى ذَلِكَ. مَعَ أَنَّ ابْنَ عَقِيلٍ فِي فُنُونِهِ حَكَى عَنْهُ: أَنَّهُ خَرَّجَ وَجْهًا بِمُشَارَكَتِهِمْ إذَا كَانَ فَقِيرًا. ذَكَرَهُ فِي الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةَ عَشْرَ بَعْدَ الْمِائَةِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ وَصَّى لِوَارِثِهِ وَأَجْنَبِيٍّ بِثُلُثِ مَالِهِ فَرَدَّ الْوَرَثَةُ فَلِلْأَجْنَبِيِّ السُّدُسُ) بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ. (وَإِنْ وَصَّى لَهُمَا بِثُلُثَيْ مَالِهِ: فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي) . يَعْنِي: إذَا رَدَّ الْوَرَثَةُ نِصْفَ الْوَصِيَّةِ. وَهُوَ مَا جَاوَزَ الثُّلُثَ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ فَيَكُونُ لِلْأَجْنَبِيِّ السُّدُسُ، وَالسُّدُسُ لِلْوَارِثِ. هَذَا الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ. وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ لَهُ الثُّلُثُ كُلُّهُ كَمَا لَوْ رَدَّ الْوَرَثَةُ وَصِيَّتَهُ.

ص: 248

وَقِيلَ: السُّدُسُ لِلْأَجْنَبِيِّ. وَيَبْطُلُ الْبَاقِي. فَلَا يَسْتَحِقُّ الْوَارِثُ فِيهِ شَيْئًا.

فَوَائِدُ

إحْدَاهُمَا: لَوْ رَدُّوا نَصِيبَ الْوَارِثِ: كَانَ لِلْأَجْنَبِيِّ الثُّلُثُ كَامِلًا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَقِيلَ: لَهُ السُّدُسُ. وَرَدَّهُ بَعْضُهُمْ.

الثَّانِيَةُ: لَوْ أَجَازُوا لِلْوَارِثِ وَحْدَهُ فَلَهُ الثُّلُثُ بِلَا نِزَاعٍ. وَكَذَا إنْ أَجَازُوا لِلْأَجْنَبِيِّ وَحْدَهُ: فَلَهُ الثُّلُثُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَارِثِيِّ. وَقِيلَ: لَهُ السُّدُسُ فَقَطْ.

الثَّالِثَةُ: لَوْ رَدُّوا وَصِيَّةَ الْوَارِثِ، وَنِصْفُ وَصِيَّةِ الْأَجْنَبِيِّ: فَلَهُ السُّدُسُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَهُوَ يَنْزِعُ إلَى قَوْلِ الْقَاضِي. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَغَيْرِهَا. وَقِيلَ: لَهُ الثُّلُثُ. وَهُوَ يَنْزِعُ إلَى قَوْلِ أَبِي الْخَطَّابِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ وَصَّى بِمَالِهِ لِابْنَيْهِ وَأَجْنَبِيٍّ، فَرَدَّا وَصِيَّتَهُ. فَلَهُ التُّسْعُ عِنْدَ الْقَاضِي) . وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفَائِقِ وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: لَهُ الثُّلُثُ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَهُوَ أَقْيَسُ. قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَهُ السُّدُسُ، جَعْلًا لَهُمَا صِنْفًا. .

ص: 249

قَوْلُهُ (وَإِنْ وَصَّى لِزَيْدٍ، وَلِلْفُقَرَاءِ، وَالْمَسَاكِينِ بِثُلُثِهِ فَلِزَيْدٍ التُّسْعُ. وَالْبَاقِي لَهُمَا) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ، قُلْت: وَيُحْتَمَلُ أَنَّ لَهُ السُّدُسَ. لِأَنَّهُمَا هُنَا صِنْفٌ. انْتَهَى. قُلْت: يَتَخَرَّجُ فِيهِ أَيْضًا: أَنْ يَكُونَ كَأَحَدِهِمْ. فَيُعْطَى أَقَلَّ شَيْءٍ. كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا. فَوَائِدُ

الْأُولَى: لَوْ وَصَّى لَهُ وَلِإِخْوَتِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ: فَهُوَ كَأَحَدِهِمْ. قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَقَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّ لَهُ النِّصْفَ وَلَهُمْ النِّصْفَ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ: أَنَّ لَهُ النِّصْفَ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَوْ وَصَّى لَهُ وَلِلْفُقَرَاءِ بِثُلُثِهِ. فَنِصْفَانِ. وَقِيلَ: هُوَ كَأَحَدِهِمْ، كُلُّهُ وَإِخْوَتُهُ فِي وَجْهٍ. فَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ: أَنْ يَكُونَ لَهُ النِّصْفُ. وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الرِّعَايَةِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا: إذَا أَوْصَى لَهُ وَلِلْفُقَرَاءِ، أَوْ لَهُ وَلِلَّهِ، أَوْ لَهُ وَلِلرَّسُولِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. الثَّانِيَةُ: لَوْ وَصَّى بِدَفْنِ كُتُبِ الْعِلْمِ: لَمْ تُدْفَنْ. قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله وَقَالَ: مَا يُعْجِبُنِي. وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ: لَا بَأْسَ. وَنَقَلَ غَيْرُهُ: يُحْسَبُ مِنْ ثُلُثِهِ. وَعَنْهُ: الْوَقْفُ. قَالَ الْخَلَّالُ: الْأَحْوَطُ دَفْنُهَا.

الثَّالِثَةُ: لَوْ وَصَّى بِإِحْرَاقِ ثُلُثِ مَالِهِ: صَحَّ. وَصُرِفَ فِي تَجْمِيرِ الْكَعْبَةِ، وَتَنْوِيرِ الْمَسَاجِدِ. ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ.

ص: 250

قُلْت: الَّذِي يَنْبَغِي: أَنْ يُنْظَرَ فِي الْقَرَائِنِ. فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ، وَنَحْوِهِمْ: صُرِفَ فِي ذَلِكَ، وَإِلَّا فَهُوَ لَغْوٌ.

الرَّابِعَةُ: قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ: لَوْ وَصَّى بِجَعْلِ ثُلُثِهِ فِي التُّرَابِ صُرِفَ فِي تَكْفِينِ الْمَوْتَى. وَلَوْ وَصَّى بِجَعْلِهِ فِي الْمَاءِ: صُرِفَ فِي عَمَلِ سُفُنٍ لِلْجِهَادِ. قُلْت: وَهَذَا مِنْ جِنْسِ مَا قَبْلَهُ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ إمَّا مِنْ عِنْدِهِ، وَإِمَّا حِكَايَةً عَنْ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رحمه الله وَلَمْ يُخَالِفْهُ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَصَّى بِكُتُبِهِ مِنْ الْعِلْمِ لِآخَرَ. فَكَانَ فِيهَا كُتُبُ الْكَلَامِ: لَمْ تَدْخُلْ فِي الْوَصِيَّةِ. لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْعِلْمِ. وَهُوَ صَحِيحٌ.

ص: 251