المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب الموصى إليه] - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت الفقي - جـ ٧

[المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ الْوَقْفِ]

- ‌[فَوَائِدُ مَصْرِفُ الْوَقْفِ إلَى الْجِهَةِ الْمُعَيَّنَةِ لَهُ]

- ‌[فَوَائِدُ احْتَاجَ الْخَانُ الْمُسَبَّلُ أَوْ الدَّارُ الْمَوْقُوفَةُ لِسُكْنَى الْحَاجِّ]

- ‌[بَابُ الْهِبَةِ وَالْعَطِيَّةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ وَهَبَ الْغَائِبُ هِبَةً وَأَنْفَذَهَا مَعَ رَسُولِ الْمَوْهُوبِ لَهُ]

- ‌[فَوَائِدُ صُوَرِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْمَجْهُولِ]

- ‌[فَوَائِدُ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ بَعْدَ مَوْتِهِ]

- ‌[فَوَائِدُ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ تُبَرِّئِينِي]

- ‌[فَائِدَةٌ وَتُفَارِقُ الْعَطِيَّةُ الْوَصِيَّةَ فِي أَرْبَعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[فَوَائِدُ أَوْجَبَهُ فِي الْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ فَلَمْ يَقْبَلْ فِيهِمَا]

- ‌[بَابُ الْمُوصَى لَهُ]

- ‌[بَابُ الْمُوصَى بِهِ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْأَنْصِبَاءِ وَالْأَجْزَاءِ]

- ‌[بَابُ الْمُوصَى إلَيْهِ]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ ذَوِي الْفُرُوضِ]

- ‌[بَابُ الْعَصَبَاتِ]

- ‌[بَابُ أُصُولِ الْمَسَائِلِ]

- ‌[بَابُ تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ]

- ‌[بَابُ الْمُنَاسَخَاتِ]

- ‌[بَابُ قَسْمِ التَّرِكَاتِ]

- ‌[بَابُ ذَوِي الْأَرْحَامِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْحَمْلِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْمَفْقُودِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْخُنْثَى]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْغَرْقَى وَمَنْ عُمِّيَ مَوْتُهُمْ]

- ‌[بَابُ الْإِقْرَارِ بِمُشَارِكٍ فِي الْمِيرَاثِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْقَاتِلِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ]

- ‌[بَابُ الْوَلَاءِ]

- ‌[كِتَابُ الْعِتْقِ]

- ‌[فَوَائِدُ خِيفَ عَلَى الرَّقِيقِ الزِّنَا وَالْفَسَادُ فِي الْعِتْق]

- ‌[بَابُ التَّدْبِيرِ]

- ‌[بَابُ الْكِتَابَةِ]

- ‌[بَابُ أَحْكَامِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ]

الفصل: ‌[باب الموصى إليه]

[بَابُ الْمُوصَى إلَيْهِ]

ِ فَائِدَةٌ: الدُّخُولُ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْقَوِيِّ عَلَيْهَا: قُرْبَةٌ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي: قِيَاسُ مَذْهَبِهِ أَنَّ تَرْكَ الدُّخُولِ أَوْلَى. انْتَهَى. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، لَا سِيَّمَا فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ.

تَنْبِيهٌ:

شَمِلَ قَوْلُهُ (تَصِحُّ وَصِيَّةُ الْمُسْلِمِ إلَى كُلِّ مُسْلِمٍ عَاقِلٍ عَدْلٍ) الْعَدْلُ الْعَاجِزُ إذَا كَانَ أَمِينًا. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَطَعَ بِهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَحَكَاهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ إجْمَاعًا. لَكِنْ قَيَّدَهُ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ بِطَرَيَانِ الْعَجْزِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: لَا تَصِحُّ. وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ إبْدَالَهُ. وَقَالَ فِي الْكَافِي: لِلْحَاكِمِ إبْدَالُهُ. قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ عَبْدًا) . تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ إلَى الْعَبْدِ، لَكِنْ لَا يُقْبَلُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ، وَمَنْ بَعْدَهُ. وَتَصِحُّ إلَى عَبْدِ نَفْسِهِ قَالَهُ ابْنُ حَامِدٍ. وَتَابَعَهُ فِي الْكَافِي، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَطَعَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: هَذَا مَذْهَبُنَا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ إلَى رَشِيدٍ عَدْلٍ، وَلَوْ رَقِيقٌ. قَالَ الْقَاضِي: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ يَقْتَضِي ذَلِكَ.

تَنْبِيهَانِ

الْأَوَّلُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالْعَدْلِ الْعَدْلَ مُطْلَقًا. فَيَشْمَلُ مَسْتُورَ الْحَالِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ.

ص: 285

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ الْعَدْلَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. وَهُوَ قَوْلٌ فِي الْمَذْهَبِ.

الثَّانِي: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: عَدَمُ صِحَّةِ وَصِيَّةِ الْمُسْلِمِ إلَى كَافِرٍ. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَذَكَرَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: أَنَّ الْقَاضِيَ ذَكَرَ فِي تَعْلِيقِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ اخْتَارَ صِحَّةَ الْوَصِيَّةِ. نَقَلَهُ الْحَارِثِيُّ.

قَوْلُهُ (أَوْ مُرَاهِقًا) .

قَطَعَ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ إلَى الْمُرَاهِقِ. وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ قَالَ الْقَاضِي: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ إلَى الْمُمَيِّزِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: قَالَ هَذَا كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ لَا تَصِحُّ إلَيْهِ حَتَّى يَبْلُغَ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَالْمَجْدُ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ فِي الْوَجِيزِ: مُكَلَّفٌ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالنَّظْمِ، وَالْفَائِقِ. وَغَيْرِهِمْ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، وَغَيْرِهِ وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ. قَالَ فِي الْكَافِي: وَفِي الْوَصِيَّةِ إلَى الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ وَجْهَانِ.

تَنْبِيهٌ:

ظَاهِرُ تَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ بِالْمُرَاهِقِ: أَنَّهَا لَا تَصِحُّ إلَى مُمَيِّزٍ قَبْلَ أَنْ يُرَاهِقَ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَغَيْرِهَا. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ.

ص: 286

وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ تَصِحُّ قَالَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ. قَالَ الْقَاضِي: هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَيَأْتِي: هَلْ يَصِحُّ أَنْ يُوصَى إلَيْهِ عِنْدَ بُلُوغِهِ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ؟ وَهُوَ الْوَصِيُّ الْمُنْتَظَرُ فَائِدَتَانِ

إحْدَاهُمَا: لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ إلَى السَّفِيهِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ تَصِحُّ

الثَّانِيَةُ: لَا نَظَرَ لِحَاكِمٍ مَعَ وَصِيٍّ خَاصٍّ إذَا كَانَ كُفُؤًا فِي ذَلِكَ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله فِيمَنْ أَوْصَى إلَيْهِ بِإِخْرَاجِ حُجَّةٍ: أَنَّ وِلَايَةَ إخْرَاجِهَا وَالتَّعْيِينَ لِلنَّاظِرِ الْخَاصِّ إجْمَاعًا. وَإِنَّمَا لِلْوَلِيِّ الْعَامِّ الِاعْتِرَاضُ، لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ، أَوْ فِعْلِهِ مُحَرَّمًا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ فَظَاهِرُهُ لَا نَظَرَ وَلَا ضَمَّ مَعَ وَصِيٍّ مُتَّهَمٍ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ. وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ فِي نَاظِرِ الْوَقْفِ، فِي كِتَابِ الْوَقْفِ

وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: إذَا كَانَ الْوَصِيُّ مُتَّهَمًا لَمْ تَخْرُجْ مِنْ يَدِهِ، وَيُجْعَلُ مَعَهُ آخَرُ وَنَقَلَ يُوسُفُ بْنُ مُوسَى: إنْ كَانَ الْوَصِيُّ مُتَّهَمًا ضُمَّ إلَيْهِ رَجُلٌ يَرْضَاهُ أَهْلُ الْوَقْفِ، يَعْلَمُ مَا جَرَى. وَلَا تُنْزَعُ الْوَصِيَّةُ مِنْهُ. ثُمَّ إنْ ضَمَّهُ بِأُجْرَةٍ مِنْ الْوَصِيَّةِ: تَوَجَّهَ جَوَازُهُ. وَمِنْ الْوَصِيِّ: فِيهِ نَظَرٌ، بِخِلَافِ ضَمِّهِ مَعَ فَاسِقٍ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. قَوْلُهُ (وَلَا تَصِحُّ إلَى غَيْرِهِمْ) قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّهَا لَا تَصِحُّ إلَى فَاسِقٍ وَهُوَ صَحِيحٌ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. مِنْهُمْ: الْقَاضِي، وَعَامَّةُ أَصْحَابِهِ. مِنْهُمْ: الشَّرِيفُ، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا

ص: 287

وَالشِّيرَازِيُّ، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ، وَابْنُ الْبَنَّا، وَغَيْرُهُمْ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالنَّظْمِ. وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. وَعَنْهُ تَصِحُّ إلَى الْفَاسِقِ. وَيَضُمُّ إلَيْهِ الْحَاكِمُ أَمِينًا قَالَهُ الْخِرَقِيُّ، وَابْنُ أَبِي مُوسَى. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ. وَهَذَا مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ الَّذِي قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. قَالَ الْقَاضِي: هَذِهِ الرِّوَايَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَنْ طَرَأَ فِسْقُهُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ. وَقِيلَ: تَصِحُّ إلَى الْفَاسِقِ إذَا طَرَأَ عَلَيْهِ. وَيُضَمُّ إلَيْهِ أَمِينٌ. اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَعَنْهُ: تَصِحُّ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ ضَمِّ أَمِينٍ. حَكَاهَا أَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافِهِ. قُلْت: وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: وَيُشْتَرَطُ فِي الْوَصِيِّ الْعَدَالَةُ. وَعَنْهُ: يُضَمُّ إلَى الْفَاسِقِ أَمِينٌ. وَيَأْتِي: هَلْ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ إلَى الْكَافِرِ فِي آخِرِ الْبَابِ؟ . قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانُوا عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الصِّفَاتِ، ثُمَّ وُجِدَتْ عِنْدَ الْمَوْتِ: فَهَلْ تَصِحُّ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْكَافِي، وَالْمُحَرَّرِ. وَالزَّرْكَشِيِّ، وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ اعْلَمْ أَنَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَوْجُهًا.

أَحَدُهَا: يُشْتَرَطُ وُجُودُ هَذِهِ الصِّفَاتِ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ وَالْمَوْتِ، وَمَا بَيْنَهُمَا.

ص: 288

وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الرِّعَايَةِ، وَقَوْلٌ فِي الْفُرُوعِ، وَوَجْهٌ لِلْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ.

وَالثَّانِي: يَكْفِي وُجُودُهَا عِنْدَ الْمَوْتِ فَقَطْ. وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْ الْمُصَنِّفِ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ.

وَالثَّالِثُ: يُعْتَبَرُ وُجُودُهَا عِنْدَ الْمَوْتِ وَالْوَصِيَّةِ فَقَطْ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ، وَالْفُرُوعِ وَيَحْتَمِلُهُ الْوَجْهُ الثَّانِي لِلْمُصَنِّفِ.

وَالرَّابِعُ: يَكْفِي وُجُودُهَا عِنْدَ الْوَصِيَّةِ فَقَطْ. وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الرِّعَايَةِ، وَتَخْرِيجٌ فِي الْفَائِقِ.

وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. وَيُضَمُّ إلَيْهِ أَمِينٌ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَمَنْ كَانَ أَهْلًا عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، لَا عِنْدَ الْوَصِيَّةِ إلَيْهِ: فَوَجْهَانِ. وَمَنْ كَانَ أَهْلًا عِنْدَ الْوَصِيَّةِ إلَيْهِ، فَزَالَتْ عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي: بَطَلَتْ. قُلْت: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُضَمَّ إلَيْهِ أَمِينٌ. فَإِنْ كَانَ أَهْلًا عِنْدَ الْوَصِيَّةِ. ثُمَّ زَالَتْ، ثُمَّ عَادَتْ عِنْدَ الْمَوْتِ: صَحَّتْ. وَفِيهَا احْتِمَالٌ كَمَا لَوْ زَالَتْ بَعْدَ الْمَوْتِ ثُمَّ عَادَتْ. انْتَهَى

قَوْلُهُ (وَإِذَا أَوْصَى إلَى وَاحِدٍ، وَبَعْدَهُ إلَى آخَرَ. فَهُمَا وَصِيَّتَانِ) نَصَّ عَلَيْهِ. (إلَّا أَنْ يَقُولَ: قَدْ أَخْرَجْت الْأَوَّلَ) نَصَّ عَلَيْهِ. (وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ بِالتَّصَرُّفِ، إلَّا أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ إلَيْهِ) نَصَّ عَلَيْهِ. وَذَكَرَ الْحَارِثِيُّ مَا يَدُلُّ عَلَى رِوَايَةٍ بِالْجَوَازِ.

ص: 289

وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيمَا إذَا جَعَلَ النَّظَرَ فِي الْوَقْفِ لِاثْنَيْنِ، أَوْ كَانَ لَهُمَا بِأَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ، فِي كِتَابِ الْوَقْفِ، بَعْدَ قَوْلِهِ " وَيَرْجِعُ إلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ " وَهَذَا يُشْبِهُ ذَلِكَ فَائِدَةٌ

لَوْ وَصَّى إلَى اثْنَيْنِ فِي التَّصَرُّفِ وَأُرِيدَ اجْتِمَاعُهُمَا عَلَى ذَلِكَ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: مِنْ الْفُقَهَاءِ مَنْ قَالَ: لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ الِاجْتِمَاعِ تَلَفُّظُهُمَا بِصِيَغِ الْعُقُودِ. بَلْ الْمُرَادُ: صُدُورُهُ عَنْ رَأْيِهِمَا. ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُبَاشِرَ أَحَدُهُمَا، أَوْ الْغَيْرُ بِإِذْنِهِمَا، وَلَمْ يُخَالِفْ الْحَارِثِيُّ هَذَا الْقَائِلَ. قُلْت: وَهُوَ الظَّاهِرُ. وَأَنَّهُ يَكْفِي إذْنُ أَحَدِهِمَا الْوَكِيلَ فِي صُدُورِ الْعَقْدِ مَعَ حُضُورِ الْآخَرِ، وَرِضَاهُ بِذَلِكَ. وَلَا يُشْتَرَطُ تَوْكِيلُ الِاثْنَيْنِ. كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ (فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا: أَقَامَ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ أَمِينًا) . وَكَذَا لَوْ وَجَدَ مَا يُوجِبُ عَزْلَهُ. بِلَا نِزَاعٍ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: أَوْ غَابَ. لَكِنْ لَوْ مَاتَا، أَوْ وُجِدَ مِنْهُمَا مَا يُوجِبُ عَزْلَهُمَا، فَفِي الِاكْتِفَاءِ بِوَاحِدٍ: وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ. قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَلَوْ مَاتَا جَازَ إقَامَةُ وَاحِدٍ. فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ وَجَدَ مِنْهُمَا مَا يُوجِبُ عَزْلَهُمَا: جَازَ أَنْ يُقِيمَ الْحَاكِمُ بَدَلَهُمَا وَاحِدًا فِي الْأَصَحِّ.

وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى: وَإِنْ مَاتَا جَازَ أَنْ يُقِيمَ الْحَاكِمُ وَاحِدًا فِي الْأَصَحِّ. قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: فَإِنْ تَغَيَّرَ حَالُهُمَا فَلَهُ نَصْبُ وَاحِدٍ. وَقِيلَ: لَا يَنْصِبُ إلَّا اثْنَيْنِ. تَنْبِيهٌ:

هَذِهِ الْأَحْكَامُ الْمُتَقَدِّمَةُ: إذَا لَمْ يَجْعَلْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا التَّصَرُّفَ مُنْفَرِدًا.

ص: 290

فَأَمَّا إنْ جَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا التَّصَرُّفَ مُنْفَرِدًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا، أَوْ خَرَجَ مِنْ أَهْلِيَّةِ الْوَصِيَّةِ: لَمْ يَكُنْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُقِيمَ مَقَامَهُ، إلَّا أَنْ يَعْجِزَ عَنْ التَّصَرُّفِ وَحْدَهُ. وَإِنْ مَاتَا مَعًا، أَوْ خَرَجَا مِنْ الْوَصِيَّةِ: فَلِلْحَاكِمِ أَنْ يُقِيمَ وَاحِدًا وَلَوْ حَدَثَ عَجْزٌ لِضَعْفٍ، أَوْ عِلَّةٍ، أَوْ كَثْرَةِ عَمَلٍ وَنَحْوِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا التَّصَرُّفُ مُنْفَرِدًا: ضُمَّ إلَيْهِ أَمِينٌ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. قَالَ ابْنُ رَزِينٍ: ضُمَّ إلَيْهِ أَمِينٌ. وَلَمْ يَنْعَزِلْ إجْمَاعًا. وَقِيلَ: لَهُ ذَلِكَ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ إنْ فَسَقَ) . يَعْنِي أَقَامَ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ أَمِينًا وَيَنْعَزِلُ. فَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ صُورَتَيْنِ:

إحْدَاهُمَا: أَنْ يَكُونَ وَصِيًّا مُنْفَرِدًا.

الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ مُضَافًا إلَى وَصِيٍّ آخَرَ.

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّ الْفَاسِقَ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ إلَيْهِ. وَيَنْعَزِلُ إذَا طَرَأَ عَلَيْهِ الْفِسْقُ، كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ. وَعَنْهُ: يُضَمُّ إلَيْهِ أَمِينٌ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ. كَمَا تَقَدَّمَ. وَقِيلَ: يُضَمُّ إلَيْهِ هُنَا أَمِينٌ، وَإِنْ أَبْطَلْنَا الْوَصِيَّةَ إلَى الْفَاسِقِ لِطَرَيَانِهِ. اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ كَمَا تَقَدَّمَ فَوَائِدُ

لَوْ وَصَّى إلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ لِيَكُونَ وَصِيًّا بَعْدَ بُلُوغِهِ أَوْ حَتَّى يَحْضُرَ فُلَانٌ، أَوْ إنْ مَاتَ فُلَانٌ، فَفُلَانٌ وَصِيٌّ: صَحَّ. وَيَصِيرُ الثَّانِي وَصِيًّا عِنْدَ الشَّرْطِ. ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ. وَيُسَمَّى " الْوَصِيَّ الْمُنْتَظَرَ ".

ص: 291

قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: لَوْ أَوْصَى إلَى الْمُرْشِدِ مِنْ أَوْلَادِهِ عِنْدَ بُلُوغِهِ، فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ تَصِحُّ. وَيُسَمَّى " الْوَصِيَّ الْمُنْتَظَرَ " انْتَهَى. وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَوْصَيْت إلَيْهِ سَنَةً، ثُمَّ إلَى فُلَانٍ. لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «أَمِيرُكُمْ زَيْدٌ فَإِنْ قُتِلَ: فَجَعْفَرٌ. فَإِنْ قُتِلَ: فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ» وَالْوَصِيَّةُ كَالتَّأْمِيرِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ: لَا. يَعْنِي لَيْسَتْ الْوَصِيَّةُ كَالتَّأْمِيرِ. لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ اسْتِنَابَةٌ بَعْدَ الْمَوْتِ. فَهِيَ كَالْوَكَالَةِ فِي الْحَيَاةِ.

وَلِهَذَا: هَلْ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُوصِيَ، وَيَعْزِلَ مَنْ وَصَّى إلَيْهِ؟ . وَلَا تَصِحُّ إلَّا فِي مَعْلُومٍ. وَلِلْوَصِيِّ عَزْلُهُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ، كَالْوَكِيلِ. فَلِهَذَا لَا يُعَارِضُ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ، إذَا قَالَ الْخَلِيفَةُ: الْإِمَامُ بَعْدِي فُلَانٌ. فَإِنْ مَاتَ فَفُلَانٌ فِي حَيَاتِي. أَوْ إذَا تَغَيَّرَ حَالُهُ: فَالْخَلِيفَةُ فُلَانٌ: صَحَّ. وَكَذَا فِي الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ. وَإِنْ قَالَ: فُلَانٌ وَلِيُّ عَهْدِي. فَإِنْ وَلِيَ ثُمَّ مَاتَ، فَفُلَانٌ بَعْدَهُ: لَمْ يَصِحَّ لِلثَّانِي. وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ إذَا وَلِيَ، وَصَارَ إمَامًا: حَصَلَ التَّصَرُّفُ، وَبَقِيَ النَّظَرُ وَالِاخْتِيَارُ إلَيْهِ. فَكَانَ الْعَهْدُ إلَيْهِ فِيمَنْ يَرَاهُ. وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا: جَعَلَ الْعَهْدَ إلَى غَيْرِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ، أَوْ تَغَيَّرَ صِفَاتُهُ فِي الْحَالَةِ الَّتِي لَمْ يَثْبُتْ لِلْمَعْهُودِ إلَيْهِ إمَامَةٌ.

قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُ هَذَا: أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ وَلِيُّ الْأَمْرِ وِلَايَةَ حُكْمٍ أَوْ وَظِيفَةٍ بِشَرْطِ شُغُورِهَا، أَوْ بِشَرْطٍ، فَوَجَدَ الشَّرْطَ بَعْدَ مَوْتِ وَلِيِّ الْأَمْرِ وَالْقِيَامِ مَقَامَهُ: أَنَّ وِلَايَتَهُ تَبْطُلُ. وَأَنَّ النَّظَرَ وَالِاخْتِيَارَ لِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ.

يُؤَيِّدُهُ: أَنَّ الْأَصْحَابَ اعْتَبَرُوا وِلَايَةَ الْحُكْمِ بِالْوَكَالَةِ فِي مَسَائِلِ. وَأَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ عِتْقًا أَوْ غَيْرَهُ بِشَرْطٍ: بَطَلَ بِمَوْتِهِ.

ص: 292

قَالُوا: لِزَوَالِ مِلْكِهِ. فَتَبْطُلُ تَصَرُّفَاتُهُ. قَالَ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ: وَلِأَنَّ إطْلَاقَ الشَّرْطِ يَقْتَضِي الْحَيَاةَ. انْتَهَى كَلَامُ صَاحِبِ الْفُرُوعِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ: صِحَّةُ وِلَايَةِ الْحُكْمِ وَالْوَظَائِفِ بِشَرْطِ شُغُورِهَا، أَوْ بِشَرْطٍ إذَا وُجِدَ ذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِ وَلِيِّ الْأَمْرِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ

. قَوْلُهُ (وَيَصِحُّ قَبُولُهُ لِلْوَصِيَّةِ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي وَبَعْدَ مَوْتِهِ) بِلَا نِزَاعٍ. وَتَقَدَّمَ صِفَةُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ

قَوْلُهُ (وَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ مَتَى شَاءَ) . هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ السِّتِّينَ: أَطْلَقَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ: أَنَّ لَهُ الرَّدَّ بَعْدَ الْقَبُولِ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي وَبَعْدَهُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ، وَنَصَرَهُ. وَقِيلَ: لَهُ ذَلِكَ إنْ وُجِدَ حَاكِمٌ، وَإِلَّا فَلَا. وَنَقَلَهُ الْأَثْرَمُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ.

وَعَنْهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ بِحَالِهِ وَلَا قَبْلَهُ، إذَا لَمْ يَعْلَمْهُ بِذَلِكَ. وَعَنْهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ. ذَكَرَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَحَكَى ابْنُ أَبِي مُوسَى رِوَايَةٌ: لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ بِحَالٍ إذَا قَبِلَهَا. وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ حَمَلَهَا عَلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ. وَحَكَاهُمَا الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ صَرِيحًا فِي الْحَالَيْنِ.

قَوْلُهُ (وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُوصِيَ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ ذَلِكَ إلَيْهِ) .

ص: 293

وَهُوَ الْمَذْهَبُ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَالْقَاضِي، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. قَالَ الشَّارِحُ: وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ، وَغَيْرِهِ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: هَذَا أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ. قَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ، وَهُوَ أَصَحُّ. انْتَهَى. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: أَشْهَرُهُمَا عَدَمُ الْجَوَازِ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: لَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْقَاضِيَ يُسْنِدُ إلَى مَنْ لَيْسَ أَهْلًا، أَوْ أَنَّهُ ظَالِمٌ: اتَّجَهَ جَوَازُ الْإِيصَاءِ. قَوْلًا وَاحِدًا. بَلْ يَجِبُ. لِمَا فِيهِ مِنْ حِفْظِ الْأَمَانَةِ، وَصَوْنِ الْمَالِ عَنْ التَّلَفِ، وَالضَّيَاعِ انْتَهَى. وَعَنْهُ لَهُ ذَلِكَ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَيَكُونُ الثَّانِي وَصِيًّا لَهُمَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ. مِنْهُمْ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ مُشْكِلٌ. وَقَالَ الْقَاضِي: يَكُونُ الثَّانِي وَصِيًّا عَنْ الْأَوَّلِ. فَلَوْ طَرَأَ لِلْأَوَّلِ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْأَهْلِيَّةِ: انْعَزَلَ الثَّانِي. لِأَنَّهُ فَرْعُهُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْقَوَاعِدِ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالسِّتِّينَ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: فَإِنْ أَطْلَقَ فَرِوَايَتَانِ. وَقِيلَ: فِيمَا يَتَوَلَّاهُ مِثْلُهُ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى: وَإِنْ أَطْلَقَ فَرِوَايَتَانِ فِيمَا يَتَوَلَّاهُ مِثْلُهُ. فَاخْتَلَفَ نَقْلُهُ فِي مَحَلِّ الرِّوَايَتَيْنِ.

ص: 294

وَيَأْتِي فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ " هَلْ لِلْوَصِيِّ فِي النِّكَاحِ أَنْ يُوصِيَ بِهِ؟ " فَائِدَةٌ:

إنْ نَهَاهُ الْوَصِيُّ عَنْ الْإِيصَاءِ: لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُوصِيَ. وَلَهُ أَنْ يُوصِيَ إلَى غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ فِيمَا وَصَّاهُ بِهِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ.

وَقِيلَ: إنْ أُذِنَ لَهُ فِي الْوَصِيَّةِ إلَى شَخْصٍ مُعَيَّنٍ: جَازَ، وَإِلَّا فَلَا. وَأَمَّا جَوَازُ تَوْكِيلِ الْوَصِيِّ: فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ

تَنْبِيهٌ:.

شَمِلَ قَوْلُهُ (وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ إلَّا فِي مَعْلُومٍ يَمْلِكُ الْمُوصِي فِعْلَهُ) .

الْإِيصَاءُ بِتَزْوِيجِ مُوَلِّيَتِهِ، وَلَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَلَهُ إجْبَارُهَا كَالْأَبِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَذَلِكَ عَلَى مَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ أَرْكَانِ النِّكَاحِ وَالْخِلَافُ فِيهِ. قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ بَعْدَ ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي الْوَصِيَّةِ بِالنِّكَاحِ وَعَلَى هَذَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالْخِلَافَةِ مِنْ الْإِمَامِ. وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رحمه الله. قُلْت: وَقَطَعَ بِهِ الْحَارِثِيُّ، وَغَيْرُهُ.

تَنْبِيهٌ آخَرُ:

ظَاهِرُ قَوْلِهِ (وَالنَّظَرُ فِي أَمْرِ الْأَطْفَالِ) . أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَجْعَلَهُ وَصِيًّا عَلَى الْبَالِغِ الرَّشِيدِ مِنْ أَوْلَادِهِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْوُرَّاثِ وَهُوَ صَحِيحٌ. وَكَذَا لَا يَصِحُّ الْإِيصَاءُ إلَيْهِ بِاسْتِيفَاءِ دَيْنِهِ مَعَ بُلُوغِ الْوَارِثِ رُشْدَهُ، وَلَوْ مَعَ غَيْبَتِهِ. وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ " يَمْلِكُ الْمُوصِي فِعْلَهُ " أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْإِيصَاءُ بِمَا لَا يَمْلِكُ فِعْلَهُ وَهُوَ صَحِيحٌ. فَلَا تَصِحُّ وَصِيَّةُ الْمَرْأَةِ بِالنَّظَرِ فِي حَقِّ أَوْلَادِهَا الْأَصَاغِرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

ص: 295

قَالَهُ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ.

قَوْلُهُ (وَإِذَا أَوْصَى بِتَفْرِيقِ ثُلُثِهِ، فَأَبَى الْوَرَثَةُ إخْرَاجَ ثُلُثِ مَا فِي أَيْدِيهِمْ) وَكَذَا لَوْ جَحَدُوا مَا فِي أَيْدِيهِمْ. (أَخْرَجَهُ كُلَّهُ مِمَّا فِي يَدِهِ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفَائِقِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. وَعَنْهُ يُخْرِجُ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ، وَيَحْبِسُ بَاقِيَهُ، لِيُخْرِجُوا ثُلُثَ مَا مَعَهُمْ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ. وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ: أَنَّهُ لَا يَحْبِسُ الْبَاقِي. بَلْ يُسَلِّمُهُ إلَيْهِمْ، وَيُطَالِبُهُمْ بِثُلُثِ مَا فِي أَيْدِيهِمْ. وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْفُرُوعِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ: وَيُمْكِنُ حَمْلُ الرِّوَايَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ عَلَى اخْتِلَافِ حَالَيْنِ. فَالْأُولَى: مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَالُ جِنْسًا وَاحِدًا. وَالثَّانِيَةُ: مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَالُ أَجْنَاسًا. فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ تَتَعَلَّقُ بِثُلُثِ كُلِّ جِنْسٍ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ، وَقِيلَ: إنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ جِنْسًا وَاحِدًا: أَخْرَجَ الثُّلُثَ كُلَّهُ مِمَّا مَعَهُ. وَإِلَّا أَخْرَجَ ثُلُثَهُ فَقَطْ فَائِدَةٌ:

لَوْ ظَهَرَ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ، أَوْ جُهِلَ مُوصًى لَهُ. فَتَصَدَّقَ بِجَمِيعِ الثُّلُثِ هُوَ أَوْ حَاكِمٌ، ثُمَّ ثَبَتَ ذَلِكَ: لَمْ يَضْمَنْ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت: بَلْ يَرْجِعُ بِهِ لِوَفَاءِ الدَّيْنِ. وَعَنْهُ يَضْمَنُ

ص: 296

قَوْلُهُ (وَإِنْ أَوْصَاهُ بِقَضَاءِ دَيْنٍ مُعَيَّنٍ، فَأَبَى ذَلِكَ الْوَرَثَةُ: قَضَاهُ بِغَيْرِ عِلْمِهِمْ) . يَعْنِي إذَا جَحَدُوا الدَّيْنَ وَتَعَذَّرَ ثُبُوتُهُ، أَوْ أَبَوْا الدَّفْعَ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالنَّظْمِ. قَالَ ابْنُ مُنَجَّا: هَذَا الْمَذْهَبُ وَعَنْهُ: لَا يَقْضِيهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِمْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ يَقْضِيهِ إنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ حَاكِمٌ. قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْهِدَايَةِ: اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَعَنْهُ فِيمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِمَيِّتٍ، وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ يَقْضِي دَيْنَ الْمَيِّتِ إنْ لَمْ يَخَفْ تَبِعَةً. وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ عَامَّةٌ فِي الْمُوصَى إلَيْهِ وَغَيْرِهِ. فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ غَيْرُ الْمُوصَى إلَيْهِ، وَيَعْلَمُ أَنَّ الْمَيِّتَ الَّذِي لَهُ الدَّيْنُ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِآخَرَ، وَجَحَدَهُ الْوَرَثَةُ، فَقَضَاهُ مِمَّا عَلَيْهِ: فَفِيهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ. إحْدَاهُنَّ: هَذِهِ. أَعْنِي يَقْضِيهِ إنْ لَمْ يَخَفْ تَبِعَةً. وَالثَّانِيَةُ: لَا يَقْضِيهِ، وَلَا يَبْرَأُ بِذَلِكَ. قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَالثَّالِثَةُ: يَبْرَأُ بِالدَّافِعِ بِالْقَضَاءِ بَاطِنًا. وَوَهَى هَذِهِ الرِّوَايَةَ النَّاظِمُ. وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْفَائِقِ. وَأَطْلَقَ الْأَخِيرَتَيْنِ فِي الْفُرُوعِ. وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: جَوَازَ قَضَائِهِ مُطْلَقًا فِي الْبَاطِنِ فَائِدَةٌ:

لَوْ أَقَامَ الَّذِي لَهُ الْحَقُّ بَيِّنَةً شَهِدَتْ بِحَقِّهِ، فَهَلْ يَلْزَمُ الْمُوصَى إلَيْهِ الدَّفْعُ إلَيْهِ بِلَا حُضُورِ حَاكِمٍ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ

ص: 297

وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَةِ، وَالْفَائِقِ، وَالنَّظْمِ، وَالْفُرُوعِ. لَكِنْ جَعَلَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ: فِي جَوَازِ الدَّفْعِ، لَا فِي لُزُومِ الدَّفْعِ. قَالَ ابْنُ أَبِي الْمَجْدِ فِي مُصَنَّفِهِ: لَزِمَهُ قَضَاؤُهُ بِدُونِ حُضُورِ حَاكِمٍ. عَلَى الْأَصَحِّ. وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ فَائِدَةٌ:

يَجُوزُ لِمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِمَيِّتٍ: أَنْ يَدْفَعَ إلَى مَنْ أَوْصَى لَهُ بِهِ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا. إنْ شَاءَ دَفَعَهُ إلَى وَصِيِّ الْمَيِّتِ، لِيَدْفَعَهُ إلَى الْمُوصَى لَهُ بِهِ. وَهُوَ أَوْلَى. فَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهِ، وَلَا بِقَبْضِهِ عَيْنًا: لَمْ يَبْرَأْ إلَّا بِدَفْعِهِ إلَى الْمُوصَى إلَيْهِ وَالْوَارِثِ مَعًا وَقِيلَ: أَوْ الْمُوصَى إلَيْهِ بِقَبْضِ حُقُوقِهِ. وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الرِّعَايَةِ. وَإِنْ صَرَفَ أَجْنَبِيٌّ الْمُوصَى بِهِ لِمُعَيَّنٍ وَقِيلَ: أَوْ لِغَيْرِهِ فِي جِهَتِهِ: لَمْ يَضْمَنْهُ. وَإِنْ وَصَّاهُ بِإِعْطَاءِ مُدَّعٍ دَيْنًا بِيَمِينِهِ: نَفَّذَهُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله. وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ بِبَيِّنَةٍ. وَنَقَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ أَيْضًا: يُقْبَلُ مَعَ صِدْقِ الْمُدَّعِي

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ (وَتَصِحُّ وَصِيَّةُ الْكَافِرِ إلَى مُسْلِمٍ) . بِلَا نِزَاعٍ. لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ فِي تَرِكَتِهِ خَمْرٌ وَلَا خِنْزِيرٌ. قَوْلُهُ (وَإِلَى مَنْ كَانَ عَدْلًا فِي دِينِهِ) .

يَعْنِي أَنَّ وَصِيَّةَ الْكَافِرِ إلَى كَافِرٍ تَصِحُّ إذَا كَانَ عَدْلًا فِي دِينِهِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ وَقَدَّمَهُ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: الْأَظْهَرُ الصِّحَّةُ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي. قَالَ الْمَجْدُ: وَجَدْته بِخَطِّهِ. وَقِيلَ: لَا تَصِحُّ.

ص: 298

قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ إلَى كَافِرٍ. قَالَ فِي الْمُذْهَبِ: وَلَا تَصِحُّ إلَّا إلَى مُسْلِمٍ. وَكَذَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْهِدَايَةِ. وَأَطْلَقَهَا فِي الْفُصُولِ، وَالْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَالزَّرْكَشِيِّ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَجْدِ وَجَمَاعَةٍ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ فِي دِينِهِ: أَنَّ فِيهِ الْخِلَافَ الَّذِي فِي الْمُسْلِمِ

قَوْلُهُ (وَإِذَا قَالَ: ضَعْ ثُلُثِي حَيْثُ شِئْت، أَوْ أَعْطِهِ مَنْ شِئْت: لَمْ يَجُزْ لَهُ أَخْذُهُ، وَلَا دَفْعُهُ إلَى وَلَدِهِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عَلَيْهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ. وَقَالَ: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُونَ فِي الْوَلَدِ. وَيُحْتَمَلُ جَوَازُ ذَلِكَ لِتَنَاوُلِ اللَّفْظِ لَهُ. وَيُحْتَمَلُ جَوَازُ ذَلِكَ مَعَ الْقَرِينَةِ فَقَطْ. وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ جَوَازَ دَفْعِهِ إلَى وَلَدِهِ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَمَنَعَهُ أَصْحَابُنَا. تَنْبِيه:

مَفْهُومُ قَوْلِهِ " لَمْ يَجُزْ لَهُ أَخْذُهُ، وَلَا دَفْعُهُ إلَى وَلَدِهِ " جَوَازُ أَخْذِ وَالِدِهِ وَأَقَارِبِهِ الْوَارِثِينَ، سَوَاءٌ كَانُوا أَغْنِيَاءَ أَوْ فُقَرَاءَ. وَهَذَا اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ، وَالْمَجْدِ. قَالَ الْحَارِثِيُّ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ.

ص: 299

وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ دَفْعُهُ إلَيْهِمْ. نَصَّ عَلَيْهِ كَوَلَدِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ دَفْعُهُ إلَى ابْنِهِ، فَقَطْ. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ: أَنَّهُ لَا يُعْطَى الْوَلَدُ وَلَا الْوَالِدُ. مِنْهُمْ صَاحِبُ النَّظْمِ وَذَكَرَ ابْنُ رَزِينٍ فِي مَنْعِ مَنْ يَمُونُهُ وَجْهًا.

فَائِدَةٌ:

قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَلَيْسَ لَهُ دَفْعُهُ إلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي. ذَكَرَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي الصَّقْرِ، وَأَبِي دَاوُد وَقَالَهُ الْحَارِثِيُّ

قَوْلُهُ (وَإِنْ دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى بَيْعِ بَعْضِ الْعَقَارِ لِقَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ أَوْ حَاجَةِ الصِّغَارِ وَفِي بَيْعِ بَعْضِهِ نَقْصٌ فَلَهُ الْبَيْعُ عَلَى الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ) يَعْنِي: إذَا امْتَنَعَ الْكِبَارُ مِنْ الْبَيْعِ، أَوْ كَانُوا غَائِبِينَ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ. قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَالْمَنْصُوصُ الْإِجْبَارُ عَلَى بَيْعِ غَيْرِ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ إذَا حَصَلَ بَيْعُ بَعْضِهِ نَقْصٌ، وَلَوْ كَانَ الْكُلُّ كِبَارًا، وَامْتَنَعَ الْبَعْضُ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ. وَذَكَرَهُ فِي الشَّافِي. وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا. لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ لِلشَّرِيكِ، لَا بِقِيمَةِ النِّصْفِ. انْتَهَى كَلَامُ صَاحِبِ الْفَائِقِ. وَيُحْتَمَلُ: أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ عَلَى الْكِبَارِ. وَهُوَ أَقْيَسُ. فَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ.

ص: 300

قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. لِأَنَّهُ لَا يُزَالُ الضَّرَرُ بِالضَّرَرِ. وَقِيلَ: يَبِيعُ بِقَدْرِ حِصَّةِ الصِّغَارِ، وَقَدْرِ الدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ، إنْ كَانَتْ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ، قُلْت: إنْ قُلْنَا التَّرِكَةُ لَا تَنْتَقِلُ إلَيْهِمْ مَعَ الدَّيْنِ: جَازَ بَيْعُهُ لِلدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ. فَائِدَتَانِ

إحْدَاهُمَا: لَوْ كَانَ الْكُلُّ كِبَارًا، وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ، أَوْ وَصِيَّةٌ: بَاعَهُ الْمُوصَى إلَيْهِ إذَا أَبَوْا بَيْعَهُ وَكَذَا لَوْ امْتَنَعَ الْبَعْضُ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي كَلَامِ صَاحِبِ الْفَائِقِ

الثَّانِيَةُ: لَوْ مَاتَ شَخْصٌ بِمَكَانٍ لَا حَاكِمَ فِيهِ، وَلَا وَصِيَّ: جَازَ لِمُسْلِمٍ مِمَّنْ حَضَرَهُ أَنْ يَحُوزَ تَرِكَتَهُ، وَيَعْمَلَ الْأَصْلَحَ فِيهَا مِنْ بَيْعٍ وَغَيْرِهِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ. وَقِيلَ: لَا يَبِيعُ الْإِمَاءَ. ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ، وَقِيلَ: يَبِيعُ مَا يَخَافُ فَسَادَهُ، وَالْحَيَوَانَ. وَلَا يَبِيعُ رَقِيقَهُ إلَّا حَاكِمٌ. وَعَنْهُ يَلِي بَيْعَ جَوَارِيهِ حَاكِمٌ، إنْ تَعَذَّرَ نَقْلُهَا إلَى وَرَثَتِهِ، أَوْ مُكَاتَبَتُهُمْ لِيَحْضُرُوا وَيَأْخُذُوهَا. انْتَهَى. وَيُكَفِّنَهُ مِنْ التَّرِكَةِ إنْ كَانَتْ. وَلَمْ تَتَعَذَّرْ، وَإِلَّا كَفَّنَهُ مِنْ عِنْدِهِ. وَرَجَعَ عَلَى التَّرِكَةِ إنْ كَانَتْ. وَإِلَّا عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ إنْ نَوَى الرُّجُوعَ، وَلَمْ يُوجَدْ حَاكِمٌ. فَإِنْ تَعَذَّرَ إذْنُهُ، أَوْ أَبَى الْإِذْنَ: رَجَعَ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ: فِيهِ وَجْهَانِ كَإِمْكَانِهِ وَلَمْ يَسْتَأْذِنْهُ، وَلَمْ يَنْوِ، مَعَ إذْنِهِ.

ص: 301