المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: تعدي الفعل ولزومه - شرح الكافية الشافية - جـ ٢

[ابن مالك]

الفصل: ‌باب: تعدي الفعل ولزومه

‌باب: تعدي الفعل ولزومه

"ص":

إن تم الفعل اسم مفعول نعت

بـ"واقع" أو "متعد" كـ"مقت"

فانصب به مدلول ذاك الوصف

إن لم ينب عن فاعل ذي حذف (1)

وما بنوا منه اسم مفعول بلا

تمام انسب للزوم كـ"امثلا"

"ش": الفعل الذي يصلح أن يصاغ منه اسم مفعول تام يسمي (2) متعديا، ومجاوزا، وواقعا، كـ"مقت فهو ممقوت" و"نعت فهو منعوت" والمراد بالتمام (3): الاستغناء عن حرف جر.

فلو صيغ منه اسم مفعول مفتقر إلى حرف جر سمي الفعل "لازما".

(1) س وش "ذا حذف".

(2)

هـ "سمي".

(3)

هـ "بالتمام".

ص: 629

وقد يقال فيه "متعد بحرف جر" وذلك مثل: "غضب زيد على عمرو فهو مغضوب عليه" و"زهد فيه فهو مزهود فيه""عجب منه فهو معجوب منه".

فهذه أفعال لازمة؛ لأن اسم المفعول المبني منها الا يستغني عن اقترانه بحرف جر.

بخلاف الأول كـ"نعت فهو منعوت" فإن اسم مفعوله تام أي: غني عن اقترانه بحرف جر.

"ص":

والتزموا لزوم ما على "فعل".

وما جرى مجراه معنى كـ"بخل"

وما اقتضى تكونا أو عرضا

أو كان مثل "ازور" وزنا و"انقضى"

كذا "افعلل" والمضاهي "افعنللا"

وما بإلحاق كذين جعلا

وهكذا ما طاوع المعدي

لواحد كـ"مده فامتدا"

"ش": حاصل هذه الأبيات: التنبيه على ما لا يوجد من الأفعال متعديا بنفسه.

فمنه ما يستدل عليه بمجرد (1) وزنه.

(1) هـ "مجرد".

ص: 630

ومنه ما يستدل عليه بمعناه، وإن (1) كان على وزن صالح للتعدية.

فالأول ما كان على "فعل" كـ"ظرف" و"عذب" و"جنب" أو على "فعل" أو "فعل" بشرط كون الوصف منهما على "فعيل"(2) كـ"بخل فهو بخيل" و"ذل فهو ذليل".

أو على "افعل" كـ"ازور" و"احمر". أو على "انفعل" كـ"انقضى" و"انصرف".

أو على "افعلل" كـ "اقشعر" و "اشمأز".

أو على افعنلل" كـ"احرنجم" (3) و"اثعنجر" (4).

وكذا ما ألحق بـ"افعلل و"افعنلل".

كـ"اكوهد الفرخ" -إذا ارتعد-[و"احرنبى الديك" إذا انتفش](5).

فهذه الأوزان دلائل على عدم التعدي من غير حاجة إلى الكشف عن معانيها.

وأما الذي يستدل على عدم تعديه بمعناه:

فما اقتضى تكونا كـ"حدث" و"نبت" أو عرضا كـ

(1) هـ "فإن".

(2)

ع "على فعل".

(3)

احرنجم: أراد الأمر ثم رجع عنه.

(4)

اثعنجر الدمع أو الماء: سال.

(5)

هـ سقط ما بين القوسين.

ص: 631

"مرض" و "برئ"

ومنه (1) الاستدلال بمطاوعة المتعدي إلى واحد. كـ"ضاعفت الحساب فتضاعف"، و"دحرجت الشيء فتدحرج" و"نعمته فتنعم".

[ومنه "ثلمته (2) فثلم"، و"ثرمته (3) فثرم" (4)].

"ص":

وعد لازما بحرف جر

كـ"انقد لزيد واقربن من عمرو"

وحذف حرف الجر مع "أنَّ" و"أنْ"

مطرد إلا إذا ما اللبس عن (5)

وفي محل نحو "أنْ" هذا (6) نظر

أذو انتصاب هو أم مما يجر (7)؟

وأثبت الأخفش في عطف على

نحو "أن" المذكور جرا نقلا

(1) ع "ومنه منه".

(2)

ثلم الإناء: كسر حرفه.

(3)

ثرمه: كسر سنه من أصلها.

(4)

هـ سقط ما بين القوسين.

(5)

سقط الشطر الثاني من هذا البيت من ط وهـ وجاء موضعه.

. . . . . . . . . . .

مطرد كـ"ارتاح أن أم اليمن"

(6)

ط:

وفي محل أن أم نظر .... . . . . . . . . . .

(7)

هـ سقط هذا البيت.

ص: 632

وانصب لحذف (1) ما يجر غير "أن"

و"أن" والمجرور ليس بالحسن

والحذف مع سواهما لا تستبح (2)

إن لم يؤيده سماع متضح

وابن سليمان اطراده رأى

إن لم يخف لبس كـ"من زيدا نأى"

"ش": يجوز أن يعدَّى الفعل (3) اللازم بحرف الجر إلى "أنَّ" و "أنْ" وغيرهما نحو: "عجبت من أنك ذاهب""من أن قام زيد" و"من قعود عمرو".

ويجوز حذف حرف الجر من "أنَّ" و"أنْ" فيقال: "عجبت أنك ذاهب"] (4) و"أن قام زيد".

ولا يجوز حذفه من غيرهما فلا يقال: "عجبت قعود عمرو"(5).

فإن ورد الحذف مع غير "أنَّ" و"أنْ" عد نادرا، ولم يقس عليه إلا أن يكون من الأفعال التي جمع لها التعدي واللزوم كثيرا مع اتفاق المعنى. كما سيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى.

(1) ع هـ "بحذف".

(2)

ع "لا تستمح".

(3)

ع وك سقط "الفعل".

(4)

سقط ما بين القوسين من هـ.

(5)

من أول شرح هذه الأبيات إلى هنا سقط واضطراب في ع.

ص: 633

ومذهب الخليل (1) والكسائي في "أنَّ" و"أنْ" أنهما في محل جر بعد حذف حرف الجر.

ومذهب سيبويه والفراء أنهما في محل نصب.

ويؤيد قول الخليل قول الشاعر أنشده الأخفش:

(333)

- وما زرت ليلى أن تكون حبيبة

إليَّ ولا دين بها أنا طالبه

فجر المعطوف على "أنْ" فعلم أن "أنْ" في محل جر.

(1) جاء في كتاب سيبويه 1/ 464:

وسألت الخليل عن قوله جل ذكره: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُون} .

فقال: إنما هو على حذف اللام كأنه قال: ولأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون.

وقال: ونظيرها {لِإِيلافِ قُرَيْشٍ} لأنه إنما هو لذلك فليعبدوا.

فإن حذفت اللام من "أن" فهو نصب، كما أنك لو حذفت اللام من لإيلاف كان نصبا.

هذا قول الخليل.

هذا كلام سيبويه عن رأي في "أنَّ" و"أنْ" بعد حذف حرف الجر، فلعل المصنف استقى رأي الخليل من موضع آخر.

333 -

من الطويل من قصيدة للفرزدق يمدح المطلب بن عبد الله المخزومي "الديوان 93" قال سيبويه 1/ 419 بعد أن ذكر البيت:

جر دين لأنه صار كأنه قال: "لأن".

وهذا يدل على أن موضع "أنَّ" و"أنْ" بعد حذف الجار: هو الجر عند سيبويه.

ص: 634

وحكم ما سوى "أنَّ" و"أنْ" إذا حذف ما يجره أن ينصب كقوله:

(334)

- لدن بهز الكف يعسل متنه

فيه كما عسل الطريق الثعلب

وقد يحذف الجار ويبقى الجر كقوله:

(335)

- إذا قيل: أي الناس شر قبيلة؟

أشارت كليب بالأكف الأصابع

أراد: أشارت إلى كليب. فحذف "إلى" وأبقى عملها.

[ورأى علي بن سليمان الأخفش اطراد الحذف والنصب فيما لا لبس فيه كقول الشاعر:

(336)

- تحن فتبدي ما بها من صبابة

وأخفي الذي لولا الأسى لقضاني

أي: لقضى عليَّ] (1).

(1) سقط ما بين القوسين من هـ، وجاء في ع وك متقدما على قوله:"وقد يحذف الجار ويبقى الجر".

334 -

من الكامل قاله ساعدة بن جؤية الهذلي من أبيات في وصف الرمح "ديوان الهذليين 1/ 190".

اللدن: اللين النعام

يغسل: يشتد اهتزازه.

عسل الثعلب والذئب في عدوه: اشتد اضطرابه.

335 -

من الطويل قاله الفرزدق في هجاء جرير وقومه "الديوان 520".

336 -

من الطويل نسبه العيني 2/ 552 لعروة بن حزام. وليس في ديوانه. ونسبه المبرد في الكامل 1/ 20 لأعرابي من بني كلاب وذكر معه أبياتا أخرى. والضمير في "تحن" لناقته التي ورد ذكرها في البيت الأول وهو:

فمن يك لم يغرض فإني وناقتي

بحجر إلى أهل الحمى غرضان

الأسى: جمع أسوة بضم الهمزة ولا يمكن أن يراد بالأسى

الحزن -بفتح الهمزة- لأنه يغير المعنى.

ص: 635

"ص":

وجمع اللزوم والتعدي

لواحد مع اتحاد القصد

وجمعا مع اختلاف المعتبر

نحو: "فغرت الفم" و"الفم فغر"

"ش": من الأفعال أفعال استعملت بوجهين والمعنى واحد كـ"نصحت"، و"شكرت" و"كلت" و"وزنت" يقال:"شكرته" و"شكرت له" و"نصحته" و"نصحت له" و"كلته" و"كلت له" و"وزنته" و"وزنت له".

قال الله (1) تعالى (2): {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} (3).

ومن الأفعال أفعال جمع لها التعدي. واللزوم مع اختلاف المعنى كـ"فغر زيد فاه، وشجاه"(4) بمعنى: فتحه،

(1) ع ك هـ سقط لفظ الجلالة.

(2)

من الآية رقم "3" من سورة "المطففين".

(3)

هي سقط "يخسرون".

(4)

هـ "كقصر زيد فوه وسحاه بمعنى فتحه".

ص: 636

و"فغر الفم (1)، وشجا" بمعنى: انفتح.

ومن ذلك "زاد" و"نقص" يكونان متعديين، ولازمين وإذا تعديا: تعديا (2) إلى مفعولين كقوله تعالى: {فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} (3).

"ص":

وما إلى اثنين تعدي غير ما

ذكرته حيث ذكرت "علما"

فأجمعهما له، أو (4) اتركنهما (5)

معا أو اترك ما أردت منهما

"ش": حاصل ما أشير إليه هنا أن كل فعل يتعدى إلى مفعولين وليس هو من باب "ظن" لك أن تذكر مفعوليه معا كقوله تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (6).

وأن تتركهما معا كقوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} (7).

(1) في الأصل "فغرفوه".

(2)

ع سقط "تعديا".

(3)

من الآية رقم "10" من سورة "البقرة".

(4)

ط واتركنهما".

(5)

ع وهـ "اتركهما"

(6)

الآية رقم "1" من سورة "الكوثر".

(7)

الآية رقم "5" من سورة "الليل".

ص: 637

ولك أن تذكر (1) أحدهما كقوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} (2).

"ص":

والأصل سبق فاعل معنى كـ"من"

من "ألبسن من زارنا نسج اليمن"

ويلزم الأصل لموجب عرا

وترك ذاك (3) الأصل حتما قد يرى

وقس على المحصي بباب الفاعل

واحكم بحكم الشكل للمشاكل

فنحو: "ألبس ثوبه زيدا" قبل

ونحو: "أسكن ربها الدار" حظل

"ش": ذو (4) الفاعلية في المعنى كـ"زيد" من قولك: "أعطيت زيدا درهما" فإنه آخذ

وكـ"عمرو" من قولك: "ألبست عمرا جبة" فإنه لابس، وكـ"من" من قولي:

. . . . . . . . . . .

ألبسن من زارنا نسج اليمن

فالأصل (5) تقديم ما كان كـ"من" في المثال المنظوم.

(1) هـ "تعكر"

(2)

الآية رقم "5" من سورة "الضحى".

(3)

ع سقط "ذاك".

(4)

هـ "ذوا".

(5)

هـ "كالأصل".

ص: 638

فإذا كان ذو الفاعلية في المعنى متميزا (1) من الآخر لم يمتنع تأخيره نحو: "أعطيت درهما زيدا".

وإذا خيف التباسه بالآخر وجب تقديمه نحو: "أعطيت زيدا عمرا" فإن هذا في ذا الباب كـ"ضرب موسى عيسى" في "باب الفاعل".

وإذا أضيف العاري من الفاعلية إلى ضمير عائد على ذي الفاعلية جاز تأخيره نحو: "ألبس (2) ثوبه زيدا".

فإن هذا في ذا الباب كـ"ضرب غلامه زيد" في باب الفاعل.

وإذا أضيف ذو الفاعلية إلى ضمير العاري منها وجب تقديمه نحو: "أسكن الدار ربها".

لأنك لو قلت: "أسكن ربها الدار". لزم تقديم الضمير على مفسر متأخر لفظا ورتبة فلم يجر. كما لم يجز: "ضرب غلامه زيدا" ومن أجاز هذا أجاز ذلك (3).

وقد تقدم في ذلك ما لا (4) يحتاج [إلى بيانه](5).

(1) ع "ضميرا".

(2)

ك "ألبسن".

(3)

ع ك "أجاز ذاك"

(4)

هكذا في ك وفي الأصل وهـ "ما يحتاج إلى بيانه".

(5)

بداية سقط كبير من ع ستحدد فيما بعد نهايته.

ص: 639

"ص":

وحذف مفعول أجز إن سلما

من سب يوجب أن يلتزما

كما إذا كان جوابا، أو قصد

حصر به كـ"إنما لمت النكد"

"ش": المفعول إذا لم يكن من باب "ظن" فضله. فحذفه جائز إن لم يعرض له ما يمنع (1) من ذلك.

كما إذا كان جوابه كقولك "زيدا" لمن قال: "من ضرب؟ "

وكما إذا كان مقصودا بحضر نحو: "ما ضربت إلا زيدا".

فلو حذف في الأول لم يحصل جواب.

ولو حذف في الثاني لزم نفي الضرب -مطلقا- والمقصود نفيه مقيدا، فلزم ذكر المفعول لذلك.

والله أعلم (2).

(1) كـ"بأن لم يعرض له مانع".

(2)

سقط من الأصل ومن هـ "والله أعلم".

ص: 640