الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: المفعول المطلق وهو المصدر
"ص":
المصدر اسم مفهم معني صدر
…
أو قام بالشيء (1) كـ"ضربط و"حذر"
والفعل منه اشتق والوصف معا
…
في قولنا، والعكس غيرنا ادعى
"ش": "الضرب": مثال لما يفهم منه معنى صدر عن فاعل. و"الحذر": مثال لما يفهم منه معنى قام بالشيء؛ لأن الحذر (2) لا يفعله الإنسان بنفسه، فيوصف بصدور (3).
بل هو معنى يحدث (4) في نفسه، ويقوم بها.
والفعل مشتق من المصدر؛ لأن المشتق فرع، والمشتق منه أصل وكل فرع يتضمن الأصل وزيادة عليه.
(1) ع "أو قامها لشيء".
(2)
ك ع سقط "لأن الحذر".
(3)
ع "صدور".
(4)
كـ"حدث".
ولا شك في أن الفعل يتضمن المصدر والوقت فثبتت (1) فرعيته وأصلية المصدر؛ لأنه دل على بعض ما يدل عليه الفعل.
وهذا مذهب البصريين. وهو الصحيح.
وبنفس ما ثبتت فرعية الفعل ثبتت فرعية أسماء الفاعلين، وأسماء المفعولين.
فإن "ضاربا" مثلا يتضمن المصدر، وزيادة الدلالة على ذات الفاعل للضرب.
و"مضروب" يتضمن المصدر، وزيادة الدلالة على ذات الموقع به الضرب فهما مشتقان من "الضرب".
وكذلك سائر الصفات المشبهة (2) بـ"ضارب و"مضروب".
"ص":
بمثله أو فرعه ينتصب
…
كـ"سيرك السير الحثيث متعب"
وعدا أوتوكيدان أو تنويعا
…
به أبانوا كـ"اركعوا ركعوا"
أو "ركعتين" أو "ركوعا حسنا"
…
و"اخشع خشوع التاركين للونى"
(1) هكذا في ك وهـ. وفي الأصل وع "فثبتت".
(2)
هـ "الشبيهة".
"ش": ناصب المصدر:
إما مثله كـ"سيرك السير الحثيث متعب".
وإما فرعه، والإشارة بذلك إلى الفعل نحو:"قم (1) قياما"، وإلى اسم الفاعل نحو:"زيد قائم قياما"، وإلى (2) اسم المفعول نحو:"هو مضروب ضربا".
والحامل على ذكره مع عامله.
إما مجرد التوكيد كـ"اركع ركوعا".
[وإما بيان العدد كـ"اركع ركعتين"](3)
وإما بيان النوع كـ"اركع ركوعا حسنا".
. . . . . . . . . . .
…
و"اخشع خشوع التاركين للوني"
والونَى: الفتور يقصر ويمد.
"ص":
وقد ينوب عنه وصف أو عدد
…
أو "كل" أو "بعض" كـ"كل الجد جد"
كذا الذي رادف كـ"ادلج سري"
…
أو كان نوعا كـ"رجعت القهقهرى"
أو آلة، أو عائدا عليه
…
أو ما يشيرون به إليه
(1) ع وك "قام قياما".
(2)
ع وهـ "أو إلى".
(3)
ع هـ سقط ما بين القوسين.
"ش": يقوم مقام المصدر:
وصفه كـ"سرت أحسن السير".
وعدده (1) كـ"ضربته عشر ضربات".
أو "كل" أو (2)"بعضط كـ"جد في أمره كل الجد، ورفق بعض الرفق" وما رادفه أو دل على نوع منه كـ"ادلج سري" و"رجع القهقهرى" أو كان اسم آلته كـ"ضربته سوطا".
أو كان ضميره (3) نحو [قوله تعالى]: {لا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ} (4) أو كان مشارا به إليه كـ"اضربه ذاك الضرب المعروف"(5).
"ص":
وما لتوكيد فوحد أبدا
…
وثن واجمع غيره حيث بدا
كـ"قلت قولين وأقوالا أخر"
…
كذلك "الأقدار" في جمع "القدر"
"ش": ما جيء به لمجرد التوكيد فهو بمنزلة تكرير الفعل.
والفعل لا يثنى ولا يجمع فكذلك ما هو بمنزلته.
(1) ع "وعددته".
(2)
ع سقط "أو"
(3)
ع "ضمير".
(4)
من الآية رقم "115" من سورة "المائدة".
(5)
في الأصل "الضرب المعهوف".
وأما ما جيء به لبيان العدد أو (1) الأنواع فلا بد من قبوله للتثنية والجمع.
"ص":
وعامل الذي (2) أتي مؤكدا
…
سقوطه امنع أبدا فتعضدا
وحذف ما لغيره أجز كما
…
مع غير مصدر، وحذف حتما
مع كل مصدر يكون بدلا
…
من (3) فعله كـ"ندلا" الذ كـ"اندلا"
واعز لهذا النوع ما من عمل
…
يليه، أو قل: فعله ذو العمل
[وبعض ما عن ناصب ناب التزم
…
إهمال فعله فوضعه عدم
كـ"بله" ذا إضافة بمعنى
…
"ترك" ويبني إن عن "اترك" أغنى (4)] (5)
"ش": المصدر المؤكد يقصد به تقوية عامله، وتقرير (6) معناه، وحذفه منافٍ لذلك فلم يجز.
(1) في الأصل "والأنواع".
(2)
هـ "وعليك التي".
(3)
هـ "مع فعله".
(4)
ع يعني".
(5)
هـ سقط ما بين القوسين.
(6)
ع "وتقدير".
بخلاف المصدر المبين عددا، أو (1) نوعا فإنه يدل على معنى زائد على معنى الفعل فأشبه المفعول به. فجاز حذف عامله كما جاز حذف عامل المفعول به.
وحذف عامل المصدر المبين على ضربينك جائز وواجب.
فمن الجائز قولك لمن قال: "أي سير سرت؟ ":
"سيرا (2) سريعا" ولمن قال: "ما تجد في الأمر": "بلى جدا كثيرا"(3).
ولمن تهيأ لاعتكاف (4)، أو فرغ منه:"اعتكافا مقبولا" ولمن قدم من سفر: "قدوما مباركا".
ومن الحذف الواجب: حذف عامل المصدر الذي يذكر بدلا من اللفظ بفعله. وهو على ضربين: خبر وطلب.
فالخبر نحو قولك عند تذكر نعمة: "حمدا لا كفرا".
والطلب كقوله تعالى: {فَضَرْبَ الرِّقَابِ} (5) وكقول الشاعر:
(1) في الأصل "ونوعا".
(2)
هـ سقط "سيرا".
(3)
ع كثيرا"
(4)
ع "للاعتكاف".
(5)
من الآية رقم "4" من سورة "محمد".
(345)
- يمرون بالدهنا خفافا عيابهم
…
ويرجعن من دارين بجر الحقائب
(346)
- على حين ألهي الناس جل أمورهم
…
فندلا زريق المال ندل الثعالب
وإلى هذا البيت (1) أشرت بقولي:
. . . . . . . . . . . .... . . . . . . . . . . كـ"ندلا" الذ كـ"اندلا"
يقال: ندل الشيء ندلا، إذا اختطفه.
واختلف فيما ينتصب (2) بعد هذا النوع من المصادر (3):
(1) ع وك "وإلى هذا القول".
(2)
ع وك "ينتصب به".
(3)
ع وك "من المصدر".
345، 346 - من الطويل استشهد بهما سيبويه 1/ 59 ولم ينسبهما شراح الكتاب ونسبهما العيني 3/ 46 للأحوص ثم قال: وذكر في الحماسة البصرية أن قائلهما هو أعشى همدان يهجو بهما لصوصا ونسبهما الجوهري إلى جرير يصف ركبا يمرون بالدهناء.
وهما في ملحقات ديوان الأحوص ص 289.
الدهناء: رملة من بلاد تميم.
عيابهم: جمع عيبة ما يجعل فيه الثياب.
دارين: اسم سوق ينسب إليه المسك بالشام.
يجر: جمع أبجر، وأصل بالجرة نتوء في السرة.
ندلا: هو هنا الأخذ باليدين.
زريق: اسم قبيلة ويريد أن الحقائب مملوءة جدا.
والثعلب يضرب به المثل في الأخذ.
فمذهب جماعة من كبار النحويين أن العامل هو المصدر لأنه خلف عن فعله، وفعله قد صار نسيا منسيا.
ومذهب آخرين أن العامل هو الفعل نفسه؛ لأنه لا غنى عن نسبه نصب المصدر نفسه إليه (1) وذلك موجب للاعتماد عليه (2)، وعدم الإعراض عنه (3).
وبعض هذه المصادر المجعولة بدلا من اللفظ بالفعل لا فعل له أصلا كـ"بله"(4) إذا استعمل (5) مضافا فإنه حينئذ منصوب نصب "ضرب الرقاب" وجيء به بدلا من اللفظ بـ"اترك" كما جيء بـ"ضرب الرقاب" بدلا من اللفظ بـ"اضربوا الرقاب".
ولما لم يكن لـ"بله" فعل من لفظه احتيج إلى تقدير فعل من معناه وهو "اترك"(6) لأن "بله الشيء" بمعنى: ترك الشيء.
فعمل "اترك" فيه من جنس قول القائل: "اتركه
(1) هو "ومذهب آخرين أن العامل هو الفعل نفسه لأن نسبة المصدر نفسه إليه .... ".
(2)
ع ك سقط "عليه"
(3)
هـ "وعدم إهماله".
(4)
هـ "كله".
(5)
هـ "إذا كان مضافا".
(6)
هـ "وهو الترك".
رفضا" و"ذره ودعا" (1).
ومن نصب ما بعد "بله" جعله اسم فعل بمعنى "اترك".
وفي البيت إشارة إلى هذا كله.
"ص":
وما له فعل يجيء خبرا
…
أو طلبا ممن دعا أو أمرا (2)
وفيهما الفرا قياسا اتبع
…
إن وقعا حيث يرى الفعل يقع (3)
ورأيه في طلب يقوي ومن
…
في خبر وافقه (4) فما وهن
"ش": يستغنى بذكر المصدر الذي له فعل عن فعله في الخبر والدعاء والأمر والنهي.
فمثال ذلك في الخبر قول القائل عند تذكر نعمة: "حمدا وشكرا لا كفرا".
وعند تذكر شدة: "صبرا لا جزعا".
وعند ظهور ما يعجب: "عجبا".
(1) هـ "وودعا".
(2)
هـ "أو قرأ".
(3)
ع "وقع".
(4)
ط ع ش ك "وافقه في خبر".
وعند خطاب مرضي عنه: "أفعل وكرامة ومسرة".
وعند خطاب مغضوب عليه: "لا (1) أفعل ولا كيدا ولا هما" و"لأفعلن ورغما (2) وهوانا".
ومثال الدعاء "سعيا" و"رعيا" و"جدعا"(3) و"بعدا" ومثال الأمر والنهي قولهم: "قياما لا قعودا" أي: قم (4) لا تقعد ومن الأمر قوله تعالى: {فَضَرْبَ الرِّقَابِ} .
أي: فاضربوا الرقاب.
ومنه قول الشاعر:
(347)
- فصبرا في مجال الموت صبرا
…
فما نيل الخلوج بمستطاع
فإضمار الناصب في هذا وما أشبهه لازم؛ لأن المصدر بدل من اللفظ به. فذكره جمع بين البدل والمبدل منه.
والفراء يرى ذلك مطردا غير متوقف على سماع. خبرا
(1) هـ "لأن أفعل".
(2)
هـ "وزعما".
(3)
هـ سقط "جدعا".
(4)
هـ سقط "رقم".
347 -
من الوافر قاله قطري بين الفجاءة "ديوان الحماسة 1/ 45، وشرح التبريزي 1/ 24، وأمالي المرتضى 1/ 236، وفيات الأعيان ترجمة قطري".
كان ما يرد فيه ذلك، أو طلبا بشرط أن يكون الموضع صالحا لوقوع الفعل فيه مجردا.
ورأيه في ذلك عندي صواب.
إلا أن وقوع ذلك في الطلب أكثر من [وقوعه في الخبر؛ لأن دلالة المطلوب على فعل الطلب أقوى وأظهر (1) من] دلالة المخبر به على فعله ولذلك قلت:
ورأيه في طلب يقوى. . . . . . . . . . . .... . . . . . . . . . .
"ص":
وناصب المصدر حتما يضمر
…
أيضا لدى توبيخ من يقصر
وشبه ذاك كـ"أفترة (2) وقد
…
تعين الجد وإظهار الجلد"
كذاك في نحو: "اجتهد فإما
…
غنما وإما أوبة وسلما"
كذا مكرر وذو حصر (3) ورد
…
إن ناب عن فعل لعين (4) استند
(1) سقط ما بين القوسين من ع.
(2)
هـ "اقتره".
(3)
هـ "وذو في حصر".
(4)
هـ "تعين".
كـ"أنت سيرا سيرا" إنما أنا (1)
…
صبرا" و"ما الملهوف إلا حزنا" (2)
"ش": حال الموبخ على ما لا يرضى منه مشاهدة فاستُغني بذلك عن إظهار الفعل الموجب لتوبيخه، وجعل مصدره بدلا من اللفظ به كقولك للمتواني:"أتوانيا وقد جد قرناؤك".
ومنه قول جرير (3):
(348)
- أعبدا حل في شعبَى غريبا
…
ألؤما لا أبالك واغترابا
أي: أتلؤم وتغترب.
وقد يفعل ذلك من يخاطب نفسه كقول عامر بن الطفيل لعنه الله (4)"أغدة كغدة البعير، وموتا في بيت سلولية".
ومثل هذا عنيت بقولي:
وشبه ذاك. . . . . . . . . . . .... . . . . . . . . . .
(1) س ش ع ك "ابننا".
(2)
هـ سقط هذا البيت من هـ.
(3)
في الأصل "قول الشاعر".
(4)
سقط "لعنه الله" من الأصل ومن هـ ينظر أمثال الميداني بتحقيق محيي الدين 2/ 57.
348 -
من الوافر قاله جرير بن عطية من أبيات في هجاء العباس بن يزيد الكندي "الديوان 62".
شعبَى: جبال منيعة متشعبة.
ومن أسباب التزام حذف ناصب المصدر أن يقصد به تبيين عاقبة أمر تقدمه كقوله تعالى: {فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} (1).
ومن أسباب ذلك -أيضا- أن يخبر عن اسم عين بفعل جعل مصدره بدلا من اللفظ به مكررا نحو: "أنت سيرا سيرا" أو ذا حصر بـ"إنما" أو بـ"إلا" نحو: "إنما أنا صبرا" و"ما الملهوف إلا حزنا".
والأصل: أنت تسير، وإنما أصبر، وما الملهوف إلا يحزن.
فحذف الفعل حدفا لازما، لأجل التكرار والحصر.
وجعل الثاني في التكرار بدلا منه فامتنع الإظهار، لئلا يجمع بين المبدل منه والبدل ....
وعومل المحصور في التزام الإضمار معاملة المكرر؛ لأن في الحصر من التوكيد ما يقوم مقام التكرار.
فلو ترك التكرار والحصر جاز الإظهار.
واشترط في هذا النوع كونه بعد اسم عين. لأنه لو كان بعد اسم معنى لم يحتج إلى إضمار فعل.
بل كان يتعين الرفع بمقتضى الخبرية نحو: "إنما سيرك
(1) من الآية رقم "4" من سورة "محمد".
سير البريد".
بخلاف كونه بعد اسم عين فإن ذلك يؤمن معه اعتقاد الخبرية، إذ المعنى لا يخبره به عن العين (1) إلا مجازا كقول الشاعر:
(349)
-. . . . . . . . . . .
…
فإنما هي إقبال وإدبار
أي: ذات إقبال وإدبار.
"ص":
ومنه توكيد لنفسه كما
…
"على درهمان عرفا" فاعلم
ومنه نحو: "ذا ابنه حقا" وسم
…
مؤكدا لغيره فلا تهم
ومنه ذو التشبه بعد جملة
…
معناه، والفاعل حازت (2) قبله
(1) ع وك "عن عين".
(2)
ع "جازت" هـ "حازت" ط "جاز".
349 -
هذا عجز بيت من البسيط للخنساء من قصيدة ترثي أخاها صخرا "الديوان" ص 48 وصدره: ترتع ما رتعت حتى إذا اذكرت .... والضمير في "رتعت" يعود على العجول في البيت قبله وهو:
فما عجول على بو تطيف به
…
قد ساعدتها على التحنان أظآر
ترتع ما رتعت حتى إذا ادركت .... . . . . . . . . . .
ورتعت: رعت. وادكرت: تذكرت ولدها.
نحو "له بكا بكاء ثكليط
…
و"لك (1) وجد وجد صب مجلى"
"ش": من المصادر الملتزم إضمار ناصبها المؤكد به كلام يتضمن معناه دون لفظه.
فإن لم يكن للكلام محتمل غيره نحو: "له على درهمان عرفان أو اعترافا" سمي مؤكدا لنفسه؛ لأنه بمنزلة إعادة ما قبله، فكأن الذي قبله نفسه.
وإن كان له محتمل غيره نحوك "هو ابني حقا" سمي مؤكدا لغيره لأنه يجعل (2) ما قبله نصا بعد أن كان محتملا. فهو مؤثر، والمؤكد به متأثر. والمؤثر، والمتأثر غيران (3).
ومما التزم إضمار ناصبه، المشبه به بعد كلام تام يتضمن معناه مع ما هو فاعل في المعنى نحو:"له بكاءٌ بكاءَ ثكلى".
و"لك وجد وجد صب (4) مجلى" أي: مخرج عن وطنه.
فالهاء من "له" والكاف من "لك" فاعلان في المعنى.
(1) هـ "وذلك".
(2)
لأنه "يحصل".
(3)
يقصد المؤلف رحمه الله بقوله "غيران": متغايران. لأن "غيرا" لا يثنى ولا يجمع.
(4)
هـ "وجد نصب".
فلو لم يذكرا (1) لم يجز النصب، بل كان يقال (2):"هذا بكاء بكاء ثكلي"، و"عجبت من وجد وجد صب" (3) وكذلك إذا لم تتم الجملة إلا به نحو:"البكاء بكاء ثكلى"، و "الوجد وجد صب".
"ص":
وناب غير مصدر عن مصدر
…
يجيء منصوبا بفعل مضمر
كقولهم: "تربا له وجندلا"
…
و"عائدا بالله من كل بلا"
"ش": كما جاز أن يحذف ناصب المصدر، ويجعل المصدر (4) بدلا من اللفظ به جاز أن يفعل مثل ذلك بما وقع موقع المصدر مما (5) ليس بمصدر.
ولا حاجة إلى أن يتناول بمصدر، بل يجعله الجامد منه مفعولا به نحو:"تربا" و "جندلا"، والمشتق حالا نحو:"عائذا بك"(6)، فيكون التقدير: ألزمه الله تربا وجندلا، واعتصمت عائذا بك.
(1) في الأصل "لم يذكر".
(2)
سقط من الأصل "يقال".
(3)
ع "وجد ضب".
(4)
هـ سقط قوله "ويجعل المصدر".
(5)
هـ "بما ليس بمصدر".
(6)
هـ "عائذا بك بالله".
وهذا التقدير ونحوه هو الظاهرمن قول سيبويه -رحمه (1) الله (2) - وما سواه (3) تكلف لا فائدة فيه.
وهو مذهب المبرد (4)، واختيار الزمخشري (5).
(1) هكذا في الأصل وسقط "رحمه الله" من باقي النسخ.
(2)
قال سيبويه في الكتاب 1/ 158:
"باب ما جرى من الأسماء مجرى المصادر التي يدعى بها. وذلك قولك "تربا" و"جندلا" وما أشبه هذا.
فإن أدخلت "لك فقلت: "تربالك" فإن تفسيرها كأنه قال: "ألزمك الله وأطعمك الله تربا وجندلا" وما أشبه هذا من الفعل.
فاختزل الفعل ههنا لأنهم جعلوه بدلا من قولك: "تربت يداك وجندلت"
(3)
ع وك "وغيره تكلف".
(4)
قال المبرد في المقتضب 3/ 222:
"مما يدعى به أسماء ليست من الفعل، ولكنها مفعولات، وذلك وقولك "تربا" "وجندلا" إنما تريد: أطعمه الله، ولقاه الله ونحو ذلك فإن أخبرت أنه مما قد ثبت رفعت قال الشاعر:
لقد ألب الواشون البا لبينهم
…
فترب لأفواه الوشاة وجندل
(5)
قال الزمخشري في المفصل:
"وقد تجري أسماء غير مصادر ذلك المجرى، وهي على ضربين: جواهر نحو قولهم "تربا" و"جندلا" و"فاها لفيك".
وصفات نحو قولهم "هنيئا مريئا" و"عائذا بك" و"أقائما وقد قعد الناس" و"أقاعدا وقد سار الركب؟ " قال ابن يعيش 1/ 122:
أجروا أشياء من الجواهر غير المصادر مجراها فنصبوها نصبها على سبيل الدعاء، وذلك نحو قولهم:"تربالك وجندلا"ومعناه ألزمك أو أطعمك تربا أي: ترابا وجندلا أي: صخرا.
واختزل الفعل هنا لأنهم جعلوه بدلا من قولك: "تربت يداك وجندلت".