الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمِثْلَ السَّوِيقِ وَسَلَّمَهُمَا.
فَصْلٌ
زَوَائِدُ الْغَصْبِ
أَمَانَةٌ، مُتَّصِلَةً كَانَتْ أَوْ مُنْفَصِلَةً، وَيَضْمَنُهَا بِالتَّعَدِّي أَوْ بِالْمَنْعِ بَعْدَ الطَّلَبِ. وَمَا نَقَصَتِ الْجَارِيَةُ بِالْوِلَادَةِ مَضْمُونٌ، وَتُجْبَرُ بِوَلَدِهَا وَبِالْغُرَّةِ. وَمَنَافِعُ الْغَصْبِ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ اسْتَوْفَاهَا أَوْ عَطَّلَهَا.
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
وَمِثْلَ السَّوِيقِ وَسَلَّمَهُمَا) ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ رِعَايَةَ الْجَانِبَيْنِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَصَاحِبُ الثَّوْبِ صَاحِبُ الْأَصْلِ فَكَانَ الْخِيَارُ لَهُ.
وَقَالَ فِي الْأَصْلِ: تَجِبُ قِيمَةُ السَّوِيقِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَتَغَيَّرُ بِالْقَلْيِ، فَلَمْ يَصِرْ مِثْلِيًّا، وَسَمَّاهُ هَهُنَا مِثْلِيًّا؛ لِقِيَامِ الْقِيمَةِ مَقَامَهُ، وَالْأَلْوَانُ كُلُّهَا سَوَاءٌ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: السَّوَادُ نُقْصَانٌ، قِيلَ: هُوَ اخْتِلَافُ عَصْرٍ وَزَمَانٍ، وَقِيلَ: إِنْ نَقَصَهُ السَّوَادُ فَهُوَ نُقْصَانٌ.
[فصل زوائد الْغَصْبِ]
فَصْلٌ
(زَوَائِدُ الْغَصْبِ أَمَانَةٌ مُتَّصِلَةً كَانَتْ) كَالسِّمَنِ وَالْجَمَالِ وَالْحُسْنِ (أَوْ مُنْفَصِلَةً) كَالْوَلَدِ وَالْعُقْرِ وَالثَّمَرَةِ وَالصُّوفِ وَاللَّبَنِ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ لَمْ يَرِدْ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ إِزَالَةُ يَدِ الْمَالِكِ بِإِثْبَاتِ يَدِهِ، وَلَمْ يُوجَدْ - فَلَا يُضَمَّنُ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الْغَصْبِ، وَلَا غَصْبَ - مُحَالٌ.
قَالَ: (وَيَضْمَنُهَا بِالتَّعَدِّي) بِأَنْ أَتْلَفَهُ أَوْ أَكَلَهُ أَوْ ذَبَحَهُ أَوْ بَاعَهُ وَسَلَّمَهُ، (أَوْ بِالْمَنْعِ بَعْدَ الطَّلَبِ) ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ ثَابِتٌ لِلْغَيْرِ، وَقَدْ تَعَدَّى فِيهِ فَيَضْمَنُهُ؛ لِمَا مَرَّ. وَإِنْ طَلَبَ الْمُتَّصِلَةَ لَا يَضْمَنُ بِالْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الطَّلَبَ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِعَدَمِ إِمْكَانِ رَدِّ الزَّوَائِدِ بِدُونِ الْأَصْلِ.
وَقَالَا: يَضْمَنُهَا بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ كَالْمُنْفَصِلَةِ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ سَبَبَ الضَّمَانِ إِخْرَاجُ الْمَحَلِّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُنْتَفَعًا بِهِ فِي حَقِّ الْمَالِكِ، وَلَمْ يُوجَدْ هُنَا؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُتَّصِلَةَ مَا كَانَ مُنْتَفَعًا بِهَا فِي حَقِّ الْمَالِكِ؛ لِعَدَمِ يَدِهِ عَلَيْهَا، فَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ. وَلَوْ زَادَتْ قِيمَتُهَا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْغَصْبِ لَا غَيْرُ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُ الضَّمَانِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
قَالَ: (وَمَا نَقَصَتِ الْجَارِيَةُ بِالْوِلَادَةِ مَضْمُونٌ) ؛ لِفَوَاتِ بَعْضِهَا. (وَيُجْبَرُ بِوَلَدِهَا وَبِالْغُرَّةِ) ؛ لِانْعِدَامِ النُّقْصَانِ حُكْمًا، وَلِأَنَّ الْعُلُوقَ أَوِ الْوِلَادَةَ سَبَبٌ لِلزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ، فَلَا يُوجِبُ الضَّمَانَ كَمَا إِذَا سَقَطَتْ سِنُّهَا، ثُمَّ نَبَتَتْ، أَوْ هَزِلَتْ ثُمَّ سَمِنَتْ. أَوْ رَدَّ أَرْشَ الْيَدِ فَإِنَّهُ يَنْجَبِرُ بِهِ نَقْصُ الْقَطْعِ، كَذَا هُنَا، وَصَارَ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِالْوَلَدِ وَفَاءٌ انْجَبَرَ بِقَدْرِهِ، وَضَمِنَ الْبَاقِيَ.
وَالْغُرَّةُ كَالْوَلَدِ؛ لِأَنَّهَا قَائِمَةٌ مَقَامَهُ؛ لِوُجُوبِهَا بَدَلًا عَنْهُ. وَلَوْ مَاتَتْ، وَبِالْوَلَدِ وَفَاءٌ بِقِيمَتِهَا - لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، هُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ضَمِنَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ مَلَكَهَا مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ النُّقْصَانَ حَصَلَ عَلَى مِلْكِهِ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى الْجَابِرِ.
قَالَ: (وَمَنَافِعُ الْغَصْبِ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ اسْتَوْفَاهَا أَوْ عَطَّلَهَا) ، أَوِ اسْتَغَلَّ؛ لِعَدَمِ وُرُودِ الْغَصْبِ عَلَيْهَا، وَلَا مُمَاثَلَةَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَعْيَانِ؛ لِبَقَاءِ الْأَعْيَانِ، وَهِيَ لَا تَبْقَى زَمَانَيْنِ، وَلِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ.
وَمَنِ اسْتَهْلَكَ خَمْرَ الذِّمِّيِّ أَوْ خِنْزِيرَهُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ، وَلَوْ كَانَا لِمُسْلِمٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَيَجِبُ فِي كَسْرِ الْمَعَازِفِ قِيمَتُهَا (سم) لِغَيْرِ اللَّهْوِ.
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
وَإِنَّمَا تَقَوَّمَتْ بِالْإِجَارَةِ ضَرُورَةَ وُرُودِ الْعِقْدِ عَلَيْهَا، وَلَمْ يُوجَدْ. وَيَضْمَنُ مَا نَقَصَ بِاسْتِعْمَالِهِ؛ لِاسْتِهْلَاكِهِ بَعْضَ أَجْزَائِهِ.
قَالَ: (وَمَنِ اسْتَهْلَكَ خَمْرَ الذِّمِّيِّ أَوْ خِنْزِيرَهُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ، وَلَوْ كَانَا لِمُسْلِمٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) ؛ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «اتْرُكُوهُمْ وَمَا يَدِينُونَ» ، وَإِنَّهُمْ يَدِينُونَ بِمَالِيَّتِهِمَا؛ فَإِنَّ الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ عِنْدَهُمْ كَالْخَلِّ وَالشَّاةِ، بَلْ هُمَا مِنْ أَنْفَسِ الْأَمْوَالِ عِنْدَهُمْ. وَقَالَ عليه الصلاة والسلام:«إِذَا قَبِلُوهَا ": يَعْنِي الْجِزْيَةَ " فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ لَهُمْ مَا لِلْمُسْلِمِينَ، وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ» ، وَلِلْمُسْلِمِينَ التَّضْمِينُ بِإِتْلَافِ مَا يَعْتَقِدُونَهُ مَالًا، فَكَذَا يَكُونُ الذِّمِّيُّ، بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مَالًا فِي حَقِّهِ أَصْلًا، وَحُرْمَةُ بَدَلِهِمَا عَلَيْهِ كَحُرْمَتِهِمَا. وَالْخَمْرُ وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا فَالْمُسْلِمُ مَمْنُوعٌ عَنْ تَمَلُّكِهِ، فَوَجَبَتِ الْقِيمَةُ، أَمَّا الرِّبَا فَحَرَامٌ عِنْدَهُمْ، وَهُوَ مُسْتَثْنًى عَنْ عَقْدِ الذِّمَّةِ.
قَالَ: (وَيَجِبُ فِي كَسْرِ الْمَعَازِفِ قِيمَتُهَا لِغَيْرِ اللَّهْوِ)، وَسَوَاءٌ كَانَتْ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ كَالْبَرْبَطِ وَالطَّبْلِ وَالدُّفِّ وَالْمِزْمَارِ وَالْجُنْكِ وَالْعُودِ وَنَحْوِهَا. وَيَجُوزُ بَيْعُهَا. وَقَالَا: لَا يَضْمَنُ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا ; لِأَنَّهَا أَعُدِّتْ لِلْمَعَاصِي فَلَا تُضْمَنُ كَالْخَمْرِ. وَمُتْلِفُهَا يَتَأَوَّلُ فِيهَا النَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ شَرْعًا - فَلَا يَضْمَنُ كَإِذْنِ الْقَاضِي، وَبَلْ أَوْلَى.
وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا أَمْوَالٌ صَالِحَةٌ؛ لِلِانْتِفَاعِ فِي جِهَةٍ مُبَاحَةٍ، وَتَصْلُحُ لِمَا يَحِلُّ - فَيَضْمَنُ، وَالْفَسَادُ بِفِعْلِ فَاعِلٍ مُخْتَارٍ، فَلَا يَسْقُطُ التَّقَوُّمُ وَجَوَازُ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُمَا بِنَاءً عَلَى الْمَالِيَّةِ، وَصَارَ كَالْجَارِيَةِ الْمُغَنِّيَةِ.
وَتَجِبُ قِيمَتُهَا لِغَيْرِ اللَّهْوِ كَالْجَارِيَةِ الْمُغَنِّيَةِ، وَالْكَبْشِ النَّطُوحِ، وَالْحَمَامَةِ الطَّيَّارَةِ، وَالدِّيكِ الْمُقَاتِلِ، وَالْعَبْدِ الْخَصِيِّ؛ فَإِنَّهُ تَجِبُ قِيمَتُهَا غَيْرَ صَالِحَةٍ لِهَذِهِ الْأُمُورِ، كَذَا هَذَا.
وَلَوْ أَحْرَقَ بَابًا مَنْحُوتًا عَلَيْهِ تَمَاثِيلُ مَنْقُوشَةٌ ضَمِنَ قِيمَتَهُ غَيْرَ مَنْقُوشٍ؛ لِأَنَّ نَقْشَ التَّمَاثِيلِ حَرَامٌ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ. وَإِنْ كَانَ مَقْطُوعَ الرَّأْسِ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ مَنْقُوشًا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ حَرَامٍ. وَالتَّمَاثِيلُ عَلَى الْبِسَاطِ غَيْرُ مُحَرَّمٍ، فَيَجِبُ قِيمَتُهُ مَنْقُوشًا.
وَلَوْ غَصَبَ ثَوْبًا فَكَسَاهُ لِلْمَالِكِ، أَوْ طَعَامًا فَقَدَّمَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَأَكَلَهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِهِ - بَرِئَ مِنَ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ أَعَادَ الشَّيْءَ إِلَى يَدِهِ، وَقَدْ تَمَكَّنَ مِنَ التَّصَرُّفِ فِيهِ حَقِيقَةً، فَيَبْرَأُ بِالنَّصِّ، وَهُوَ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام:«عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّ» .
وَلَوْ جَاءَ الْغَاصِبُ بِقِيمَةِ الْمَغْصُوبِ إِلَى الْمَالِكِ فَلَمْ يَقْبَلْهَا أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى قَبُولِهَا، فَإِنْ وَضَعَهَا فِي حِجْرِهِ بَرِئَ، وَإِنْ وَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ لَا يَبْرَأُ. بِخِلَافِ مَا إِذَا وَضَعَ الْمَغْصُوبَ أَوِ الْوَدِيعَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَيْثُ يَبْرَأُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ رَدُّ الْعَيْنِ، وَأَنَّهُ يَتَحَقَّقُ بِالتَّخْلِيَةِ. وَالْوَاجِبَ فِي الدَّيْنِ الْقَبْضُ؛ لِتَتَحَقَّقَ الْمُعَاوَضَةُ وَالْمُقَاصَّةُ، وَالْقَبْضُ لَا يَحْصُلُ بِالتَّخْلِيَةِ.
وَرَوَى ابْنُ سَمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ: لِلْقَاضِي أَنْ يَأْخُذَ الْمَالَ مِنَ الْغَاصِبِ وَالسَّارِقِ إِذَا كَانَ الْمَالِكُ غَائِبًا، وَيَحْفَظَهُ عَلَيْهِ. فَإِنْ ضَاعَ، فَجَاءَ الْمَالِكُ - فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبَ وَالسَّارِقَ، وَلَا يَبْرَأَ بِأَخْذِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ لِلْقَاضِي التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الْغَائِبِ فِيمَا