الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا خِيَارَ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فِي عَيْبٍ إِلَّا فِي الْجَبِّ وَالْعُنَّةِ وَالْخِصَاءِ.
[تَرْتِيبُ الْأَوْلِيَاءِ]
وَالْوَلِيُّ الْعَصَبَةُ عَلَى تَرْتِيبِهِمْ فِي الْإِرْثِ وَالْحَجْبِ، ثُمَّ مَوْلَى الْعَتَاقَةِ. وَلِلْأُمِّ وَأَقَارِبِهَا التَّزْوِيجُ، ثُمَّ مَوْلَى الْمُوَالَاةِ، ثُمَّ الْقَاضِي (سم) .
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
«مَلَكْتِ بُضْعَكِ، فَاخْتَارِي» . وَتَعَذَّرَ فِي الْجَهْلِ بِحُكْمِ الْخِيَارِ؛ لِأَنَّهَا مَشْغُولَةٌ بِخِدْمَةِ الْمَوْلَى فَلَا تَتَفَرَّغُ لِلْعِلْمِ.
وَإِذَا اخْتَارَتِ الْفَسْخَ فِي خِيَارِ الْبُلُوغِ، فَفَرَّقَ الْقَاضِي - فَهِيَ فُرْقَةٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ، وَلِأَنَّهُ فَسْخٌ ثَبَتَ ضَرُورَةَ دَفْعِ اللُّزُومِ، فَلَا يَكُونُ طَلَاقًا، وَلِهَذَا يَثْبُتُ لَهَا. وَلَا مَهْرَ لَهَا إِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ ; لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْفَسْخِ رَفْعُ مَئُونَاتِ الْعَقْدِ. وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَهَا الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ.
وَكَذَا لَوِ اخْتَارَ الْغُلَامُ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا مَهْرَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لَنَا فُرْقَةٌ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ، وَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ إِلَّا هَذِهِ. وَالْوَجْهُ فِيهِ أَنَّهُ لَوْ وَجَبَ الْمَهْرُ لَمَا كَانَ فِي الْخِيَارِ فَائِدَةٌ ; لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الْفُرْقَةِ بِالطَّلَاقِ، فَلَمَّا ثَبَتَ الْخِيَارُ عَلِمْنَا أَنَّهُ ثَبَتَ؛ لِفَائِدَةٍ وَهِيَ سُقُوطُ الْمَهْرِ.
وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْبُلُوغِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ التَّفْرِيقِ وَرِثَهُ الْآخَرُ؛ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ، وَثُبُوتِ الْمِلْكِ بِهِ، وَقَدِ انْتَهَى بِالْمَوْتِ.
(وَلَا خِيَارَ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فِي عَيْبٍ إِلَّا فِي الْجَبِّ وَالْعُنَّةِ وَالْخِصَاءِ) عَلَى مَا يَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
[تَرْتِيبُ الْأَوْلِيَاءِ]
قَالَ: (وَالْوَلِيُّ الْعَصَبَةُ) ؛ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «النِّكَاحُ إِلَى الْعَصَبَاتِ» .
وَهُمْ (عَلَى تَرْتِيبِهِمْ فِي الْإِرْثِ وَالْحَجْبِ ثُمَّ مَوْلَى الْعَتَاقَةِ) ؛ لِأَنَّهُ آخِرُ الْعَصَبَاتِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي الْفَرَائِضِ.
قَالَ: (وَلِلْأُمِّ وَأَقَارِبِهَا التَّزْوِيجُ، ثُمَّ مَوْلَى الْمُوَالَاةِ، ثُمَّ الْقَاضِي) ؛ أَمَّا الْأُمُّ وَأَقَارِبُهَا فَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ. وَرُوِيَ عَنْهُ - وَهُوَ قَوْلُهُمَا - لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ؛ لِمَا رَوَيْنَا، وَلِأَنَّ الْوِلَايَةَ تَثْبُتُ دَفْعًا لِلْعَارِ بِعَدَمِ الْكُفْءِ. وَذَلِكَ إِلَى الْعَصَبَاتِ؛ لِأَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ يُعَيِّرُونَ بِذَلِكَ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي هَذِهِ الْوِلَايَةِ إِنَّمَا هُوَ الْقَرَابَةُ الدَّاعِيَةُ إِلَى الشَّفَقَةِ وَالنَّظَرِ فِي حَقِّ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ، وَذَلِكَ يَتَحَقَّقُ فِي كُلٍّ مَنْ هُوَ مُخْتَصٌّ بِالْقَرَابَةِ.
وَشَفَقَةُ الْأُمِّ أَكْثَرُ مِنْ شَفَقَةِ غَيْرِهَا مِنَ الْأَبَاعِدِ مِنْ أَبْنَاءِ الْأَعْمَامِ، وَكَذَلِكَ شَفَقَةُ الْجَدِّ لِأُمٍّ وَالْأَخْوَالِ، وَلِأَنَّ الْأُمَّ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ فَتَثْبُتُ الْوِلَايَةُ لَهَا كَالْآخَرِ. وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ
وَلَا وِلَايَةَ لِعَبْدٍ وَلَا صَغِيرٍ وَلَا مَجْنُونٍ، وَلَا كَافِرٍ عَلَى مُسْلِمَةٍ. وَابْنُ الْمَجْنُونَةِ يُقَدَّمُ عَلَى أَبِيهَا (م) ، وَإِذَا غَابَ الْوَلِيُّ الْأَقْرَبُ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً لَا يَنْتَظِرُ الْكُفْءُ الْخَاطِبُ حُضُورَهُ زَوَّجَهَا الْأَبْعَدُ (ز) .
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
وَابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنهما.
وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ قَرَابَةِ يَتَعَلَّقُ بِهَا الْوَارِثُ يَتَعَلَّقُ بِهَا ثُبُوتُ الْوِلَايَةِ؛ لِأَنَّهَا دَاعِيَةٌ إِلَى الشَّفَقَةِ وَالنَّظَرِ كَالْعَصَبَاتِ، إِلَّا أَنَّهُمْ تَأَخَّرُوا عَنِ الْعَصَبَاتِ؛ لِضَعْفِ الرَّأْيِ وَبُعْدِ الْقَرَابَةِ كَمَا فِي الْإِرْثِ. وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي النِّكَاحَ إِلَى الْعَصَبَاتِ عِنْدَ وُجُودِهِمْ، أَمَّا عِنْدَ عَدِمِهِمْ فَالْحَدِيثُ سَاكِتٌ عَنْهُ، فَنَقُولُ: يَنْتَقِلُ إِلَى مَا هُوَ فِي مَعْنَى الْعَصَبَاتِ فِي الشَّفَقَةِ فَلَا يَكُونُ حُجَّةً عَلَيْنَا بَلْ لَنَا. وَتَمَامُهُ يُعْرَفُ فِي الْفَرَائِضِ فِي فَصْلِ ذَوِي الْأَرْحَامِ
وَأَمَّا مَوْلَى الْعَتَاقةِِ فَلِأَنَّهُ وَارِثٌ مُؤَخَّرٌ عَنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ، فَكَذَا فِي الْوِلَايَةِ، وَلِأَنَّهُ عَصَبَةٌ عَلَى مَا عُرِفَ فِي الْفَرَائِضِ.
وَأَمَّا الْقَاضِي فَلِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» .
قَالَ: (وَلَا وِلَايَةَ لِعَبْدٍ وَلَا صَغِيرٍ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا كَافِرٍ عَلَى مُسْلِمَةٍ) ; أَمَّا الْعَبْدُ فَلِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ، فَكَيْفَ يَلِي غَيْرَهُ؟ وَكَذَا الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ؛ لِأَنَّهُمَا لَا نَظَرَ لَهُمَا وَلَا خِبْرَةَ، وَهَذِهِ وِلَايَةٌ نَظَرِيَّةٌ. وَأَمَّا الْكَافِرُ فَإِنَّ الْوِلَايَةَ تَقْتَضِي نُفُوذَ قَوْلِ الْوَلِيِّ عَلَى الْمُوَلَّى عَلَيْهِ، وَلَا نَفَاذَ لِقَوْلِ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ كَمَا فِي الشَّهَادَةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: 141] . وَثَبَتَتْ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَى وَلَدِهِ الْكَافِرِ، قَالَ تَعَالَى:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 73] ، وَلِهَذَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ.
قَالَ: (وَابْنُ الْمَجْنُونَةِ يُقَدَّمُ عَلَى أَبِيهَا) فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يُقَدَّمُ الْأَبُ؛ لِأَنَّهُ أَشْفَقُ. وَلَهُمَا أَنَّ التَّقْدِيمَ هُنَا بِالْعُصُوبَةِ، وَالِابْنُ مُقَدَّمٌ فِي الْعُصُوبَةِ كَمَا فِي الْإِرْثِ.
قَالَ: (وَإِذَا غَابَ الْوَلِيُّ الْأَقْرَبُ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً لَا يَنْتَظِرُ الْكُفْءُ الْخَاطِبُ حُضُورَهُ زَوَّجَهَا الْأَبْعَدُ) . وَاخْتَلَفُوا فِي الْغَيْبَةِ الْمُنْقَطِعَةِ؛ فَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ: مِنَ الْكُوفَةِ إِلَى الرَّيِّ، خَمْسَ عَشْرَةَ مَرْحَلَةً. وَعَنْهُ: مِنْ بَغْدَادَ إِلَى الرَّيِّ، عِشْرُونَ مَرْحَلَةً.
وَفَصَّلَ ابْنُ شُجَاعٍ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ الْقَوَافِلُ وَالرُّسُلُ فِي السَّنَةِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، فَهِيَ غَيْبَةٌ مُنْقَطِعَةٌ. قَالَ الْقُدُورِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْخَاطِبَ لَا يَنْتَظِرُ سَنَةً، وَلَا يَعْلَمُ هَلْ يُجِيبُ الْوَلِيُّ أَمْ لَا؟ وَقَدْ يَنْتَظِرُ بَعْضَ السَّنَةِ، فَلِذَلِكَ قَدَّرَهُ بِهَذَا. وَقَالَ زُفَرُ: إِذَا كَانَ فِي مَكَانٍ لَا يَدْرِي أَيْنَ هُوَ فَهُوَ غَيْبَةٌ مُنْقَطِعَةٌ، وَهَذَا حَسَنٌ؛ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ لَا يَدْرِي أَيْنَ هُوَ لَا يُمْكِنُ اسْتِطْلَاعُ رَأْيِهِ فَتَفُوتُ الْمَصْلَحَةُ. وَقِيلَ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ.
وَالْمُخْتَارُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُ تَفُوتُ الْمَصْلَحَةُ بِاسْتِطْلَاعِ رَأْيِهِ وَانْتِظَارِهِ. وَقَالَ زُفَرُ: لَا يُزَوِّجُهَا الْأَبْعَدُ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْأَقْرَبِ قَائِمَةٌ حَتَّى لَوْ زَوَّجَهَا حَيْثُ هُوَ جَازَ.
وَلَنَا: أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُنْتَقَلْ إِلَى الْأَبْعَدِ تَتَضَرَّرُ الصَّغِيرَةُ؛ لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ الْكُفْءَ الْحَاضِرَ، وَقَدْ لَا يَتَّفِقُ الْكُفْءُ مَرَّةً أُخْرَى، فَوَجَبَ أَنْ يَنْتَقِلَ دَفْعًا لِهَذَا الضَّرَرِ. وَلِأَنَّ الْغَائِبَ عَاجِزٌ عَنْ تَدْبِيرِ مَصَالِحِ النِّكَاحِ، فَيَفُوتُ مَقْصُودُ الْوِلَايَةِ ; لِأَنَّهَا نَظَرِيَّةٌ
وَلَوْ زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ فَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَإِنْ كَانَا مَعًا بَطَلَا. وَيَجُوزُ لِلْأَبِ وَالْجَدِّ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَابْنَتَهُ بِأَقَلَّ (سم) ، وَمِنْ غَيْرِ كُفْءٍ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِمَا. وَالْوَاحِدُ يَتَوَلَّى طَرَفَيِ الْعَقْدِ وَلِيًّا كَانَ أَوْ وَكِيلًا، أَوْ وَلِيًّا وَوَكِيلًا، أَوْ أَصِيلًا وَوَكِيلًا، أَوْ وَلِيًّا وَأَصِيلًا.
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
وَلَا نَظَرَ فِي ذَلِكَ.
وَأَمَّا إِذَا زَوَّجَهَا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ، قِيلَ: لَا يَجُوزُ؛ لِانْقِطَاعِ وِلَايَتِهِ، وَقِيلَ: يَجُوزُ؛ لِظُهُورِ الِانْتِفَاعِ بِرَأْيِهِ. وَلِأَنَّا إِنَّمَا أَسْقَطْنَا وِلَايَتَهُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنِ الصَّغِيرَةِ. فَإِذَا زَوَّجَهَا ارْتَفَعَ الضَّرَرُ، فَعَادَتِ الْوِلَايَةُ بَعْدَ ارْتِفَاعِهَا. وَلَا يَنْتَقِلُ إِلَى السُّلْطَانِ؛ لِأَنَّهُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ بِالْحَدِيثِ. وَهَذِهِ لَهَا أَوْلِيَاءُ؛ إِذِ الْكَلَامُ فِيهِ.
قَالَ: (وَلَوْ زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ فَالْأَوَّلُ أَوْلَى) ؛ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «إِذَا أَنْكَحَ الْوَلِيَّانِ فَالْأَوَّلُ أَوْلَى» ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا سَبَقَ فَقَدْ صَحَّ، فَلَا يَجُوزُ نِكَاحُ الثَّانِي. وَهَذَا؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْوِلَايَةِ الْقَرَابَةُ، وَهِيَ لَا تَتَجَزَّأُ. وَالْحُكْمُ الثَّابِتُ بِهِ أَيْضًا لَا يَتَجَزَّأُ، فَصَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَالْمُنْفَرِدِ، فَأَيُّهُمَا عَقَدَ جَازَ كَالْأَمَانِ.
(وَإِنْ كَانَا مَعًا بَطَلَا) ؛ لَتَعَذُّرِ الْجَمْعِ، وَعَدَمِ أَوْلَوِيَّةِ أَحَدِهِمَا.
قَالَ: (وَيَجُوزُ لِلْأَبِ وَالْجَدِّ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَابْنَتَهُ بِأَقَلَّ وَمِنْ غَيْرِ كُفْءٍ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِمَا) . وَقَالَا: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْأَبِ وَالْجَدِّ أَيْضًا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ نُقْصَانًا يَتَغَابَنُ فِي مِثْلِهِ. وَلَا يَنْعَقِدُ الْعَقْدُ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْوِلَايَةَ نَظَرِيَّةٌ، وَلَا نَظَرَ فِي ذَلِكَ. وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْمَالِ.
وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ النِّكَاحَ عَقْدُ عُمْرٍ، وَهُوَ يَشْتَمِلُ عَلَى مَقَاصِدَ وَأَغْرَاضٍ وَمَصَالِحَ بَاطِنَةٍ؛ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَبَ مَعَ وُفُورِ شَفَقَتِهِ وَكَمَالِ رَأْيِهِ مَا أَقْدَمَ عَلَى هَذَا النَّقْصِ إِلَّا لِمَصْلَحَةٍ تَرْبُو وَتَزِيدُ عَلَيْهِ هِيَ أَنْفَعُ مِنَ الْقَدْرِ الْفَائِتِ مِنَ الْمَالِ وَالْكَفَاءَةِ، بِخِلَافِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْمَالِيَّةُ لَا غَيْرُ. وَبِخِلَافِ غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ؛ لِأَنَّهُمْ أَنْقَصُ شَفَقَةً. وَبِخِلَافِ مَا إِذَا زَوَّجَ أَمَةَ الصَّغِيرِ؛ لِعَدَمِ الْجَابِرِ فِي حَقِّهِ؛ لِأَنَّ مَقَاصِدَ النِّكَاحِ لَمْ تَحْصُلْ لِلصَّغِيرِ.
وَبِخِلَافِ مَا إِذَا تَزَوَّجَتِ الْمَرْأَةُ، وَقَصَّرَتْ فِي مَهْرِهَا حَيْثُ لِلْأَوْلِيَاءِ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهَا عِنْدَهُ حَتَّى يَتِمَّ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا، أَوْ يُفَارِقَهَا؛ لِأَنَّهَا سَرِيعَةُ الِانْخِدَاعِ ضَعِيفَةُ الرَّأْيِ، فَتَفْعَلُ ذَلِكَ مُتَابَعَةً لِلْهَوَى لَا لِتَحْصِيلِ الْمَقَاصِدِ؛ لِأَنَّ النِّسَاءَ قَلَّمَا يَنْظُرْنَ فِي عَوَاقِبِ الْأُمُورِ وَمَصَالِحِهَا. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ حَقُّهَا، وَلِهَذَا كَانَ لَهَا أَنْ تَهَبَهُ، فَلِأَنْ تَنْقُصَهُ أَوْلَى.
وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمَهْرَ إِلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ حَقُّ الشَّرْعِ، فَلَا يَجُوزُ التَّنْقِيصُ مِنْهُ شَرْعًا حَتَّى لَوْ سَمَّى أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ فَلَهَا عَشَرَةٌ، وَإِلَى مَهْرِ مِثْلِهَا حَقُّ الْأَوْلِيَاءِ؛ لِأَنَّهُمْ يُعَيَّرُونَ بِذَلِكَ، فَلَهُمْ مُخَاصَمَتُهَا إِلَى تَمَامِهِ. وَالِاسْتِيفَاءُ حَقُّهَا؛ فَإِنْ شَاءَتْ قَبَضَتْهُ، وَإِنْ شَاءَتْ وَهَبَتْهُ.
قَالَ: (وَالْوَاحِدُ يَتَوَلَّى طَرَفَيِ الْعَقْدِ وَلِيًّا كَانَ أَوْ وَكِيلًا، أَوْ وَلِيًّا وَوَكِيلًا، أَوْ أَصِيلًا وَوَكِيلًا، أَوْ وَلِيًّا وَأَصِيلًا) . أَمَّا الْوَلِيُّ مِنَ الْجَانِبَيْنِ كَمَنْ زَوَّجَ ابْنَ ابْنِهِ بِنْتَ ابْنٍ لَهُ آخَرَ، أَوْ بِنْتَ أَخِيهِ ابْنَ أَخٍ لَهُ آخَرَ، أَوْ أَمَتَهُ عَبْدَهُ، وَنَحْوَ ذَلِكَ.
وَالْوَكِيلُ ظَاهِرٌ. وَأَمَّا الْوَلِيُّ وَالْوَكِيلُ بِأَنْ وَكَّلَهُ رَجُلٌ