الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ اللَّقِيطِ
وَهُوَ حُرٌّ وَنَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
وَدَخَلَ الْحَمَّامَ يَنْظُرُ إِنْ كَانَ فِي الْحَمَّامِ ثِيَابِيٌّ يَحْفَظُ الثِّيَابَ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ دُونَ الْحَمَّامِيِّ ; لِأَنَّهُ اسْتَوْدَعَهُ دَلَالَةً، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَمِنَ الْحَمَّامِيُّ، وَلَوْ قَالَ لِلْحَمَّامِيِّ: أَيْنَ أَضَعُ الثِّيَابَ؟ فَأَشَارَ إِلَى مَكَانٍ، يَضْمَنُ الْحَمَّامِيُّ دُونَ الثِّيَابِيِّ لِأَنَّ الْحَمَّامِيَّ صَارَ مُودَعًا، وَلَوْ وَضَعَ الثِّيَابَ بِمَحْضَرٍ مِنَ الْحَمَّامِيِّ فَخَرَجَ آخَرُ وَلَبِسَهَا وَالْحَمَّامِيُّ لَا يَدْرِي أَنَّهَا ثِيَابُهُ أَمْ لَا ضَمِنَ الْحَمَّامِيُّ، وَإِنْ نَامَ الْحَمَّامِيُّ فَسُرِقَتِ الثِّيَابُ إِنْ نَامَ قَاعِدًا لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكِ الْحِفْظَ، وَإِنْ نَامَ مُضْطَجِعًا ضَمِنَ. وَالْخَانُ كَالْحَمَّامِ، وَالدَّابَّةُ كَالثِّيَابِ، وَالْخَانِيُّ كَالْحَمَّامِيِّ.
قَامَ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ الْمَجْلِسِ وَتَرَكَ كِتَابَهُ أَوْ مَتَاعَهُ فَالْبَاقُونَ مُودَعُونَ حَتَّى لَوْ تَرَكُوهُ فَهَلَكَ ضَمِنُوا ; فَإِنْ قَامَ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ فَالضَّمَانُ عَلَى آخِرِهِمْ لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ حَافِظًا.
[كِتَابُ اللَّقِيطِ]
وَهُوَ فَعِيلٌ مِنَ اللَّقْطِ وَالِالْتِقَاطِ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، وَمَعْنَاهُ الْعُثُورُ عَلَى الشَّيْءِ مُصَادَفَةً مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ وَلَا قَصْدٍ. قَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ مَاءً آجِنًا:
وَمَنْهَلٍ وَرَدْتُهُ الْتِقَاطَا
…
أَخْضَرَ مِثْلَ الزَّيْتِ لَمَّا شَاطَا
أَيْ وَرَدْتُهُ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ وَلَا قَصْدٍ، شَاطَ الزَّيْتُ إِذَا نَضِجَ حَتَّى احْتَرَقَ، وَكَذَلِكَ اللَّقِيطُ يُوجَدُ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ.
وَالْتِقَاطُ صِغَارِ بَنِي آدَمَ مَفْرُوضٌ إِنْ عُلِمَ أَنَّهُ يَهْلِكُ إِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ بِأَنْ كَانَ فِي مَفَازَةٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ مَسْبَعَةٍ دَفْعًا لِلْهَلَاكِ عَنْهُ، فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ الْهَلَاكِ بِأَنْ كَانَ فِي مِصْرٍ أَوْ قَرْيَةٍ فَأَخْذُهُ مَنْدُوبٌ لِمَا فِيهِ مِنَ السَّعْيِ فِي إِحْيَاءِ نَفْسٍ مُحْتَرَمَةٍ، قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى:{وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: 32] وَعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ لِلْمُلْتَقِطِ: " لَأَنْ أَكُونَ وَلِيتُ مِنْهُ مِثْلَ مَا وَلِيتَ أَنْتَ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا ".
قَالَ: (وَهُوَ حُرٌّ) تَبَعًا لِلدَّارِ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي بَنِي آدَمَ الْحُرِّيَّةُ (وَنَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ) لِمَا رَوَى عَنْ سُنَيْنٍ أَبِي جَمِيلَةَ قَالَ: وَجَدْتُ مَنْبُوذًا عَلَى بَابِي: أَيْ لَقِيطًا، فَأَتَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَقَالَ لِي:" عَسَى الْغُوَيْرُ أَبْؤُسًا، نَفَقَتُهُ عَلَيْنَا وَهُوَ حُرٌّ ". وَهَذَا مَثَلٌ
وَمِيرَاثُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَجِنَايَتُهُ عَلَيْهِ، وَدِيَتُهُ لَهُ وَوَلَاؤُهُ، وَالْمُلْتَقِطُ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَهُوَ مُتَبَرِّعٌ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْقَاضِي بِشَرْطِ الرُّجُوعِ، وَمَنِ ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ، وَإِنِ ادَّعَاهُ اثْنَانِ مَعًا ثَبَتَ مِنْهُمَا إِلَّا أَنْ يَذْكُرَ أَحَدُهُمَا عَلَامَةً فِي جَسَدِهِ.
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
يُقَالُ عِنْدَ التُّهْمَةِ. قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: إِنَّمَا عَرَّضَ عُمَرُ بِالرَّجُلِ: أَيْ لَعَلَّكَ صَاحِبُ اللَّقِيطِ، يُرِيدُ أَنَّكَ زَنَيْتَ بِأُمِّهِ وَادَّعَيْتَهُ لَقِيطًا، فَشَهِدَ لَهُ جَمَاعَةٌ بِالْخَيْرِ فَتَرَكَهُ.
قَالَ: (وَمِيرَاثُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَجِنَايَتُهُ عَلَيْهِ، وَدِيَتُهُ لَهُ وَوَلَاؤُهُ) لِيَكُونَ الْغُرْمُ بِالْغُنْمِ، وَلَوْ قُتِلَ عَمْدًا فَإِنْ شَاءَ الْإِمَامُ اقْتَصَّ وَإِنْ شَاءَ صَالَحَ عَلَى الدِّيَةِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: تَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِ الْقَاتِلِ لَا غَيْرُ لِاحْتِمَالِ الْوَلِيِّ وَهُوَ الظَّاهِرُ إِلَّا أَنَّهُ غَائِبٌ وَلَا يُقْتَصُّ دُونَهُ. وَلَهُمَا قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام: «السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» ; لِأَنَّ الْوَلِيَّ الَّذِي لَا يُعْرَفُ وَلَا يُنْتَفَعُ بِرَأْيِهِ كَالْعَدَمِ فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ بِالْإِجْمَاعِ ; لِأَنَّ فِيهِ إِبْطَالَ حَقِّ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَيُحَدُّ قَاذِفُ اللَّقِيطِ وَلَا يُحَدُّ قَاذِفُ أُمِّهِ ; لِأَنَّ فِي حِجْرِهَا وَلَدًا لَا يُعْرَفُ أَبُوهُ فَكَانَتْ تُهْمَةُ الزِّنَا قَائِمَةً كَالْمُلَاعَنَةِ.
قَالَ: (وَالْمُلْتَقِطُ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ) لَسَبْقِ يَدِهِ عَلَيْهِ كَالْمُبَاحَاتِ، فَإِنْ سَأَلَ الْقَاضِي أَنْ يَقْبَلَهُ إِنْ شَاءَ قَبِلَهُ وَإِنْ شَاءَ لَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ وَلَدُهُ فَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَكَذَلِكَ إِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَقِيطٌ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ حِفْظَهُ وَتَرْبِيَتَهُ، فَإِنْ دَفَعَهُ الْمُلْتَقِطُ إِلَى آخَرَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ ; لِأَنَّهُ رَضِيَ بِإِبْطَالِ حَقِّهِ.
قَالَ: (وَهُوَ مُتَبَرِّعٌ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ) لِعَدَمِ الْوِلَايَةِ (إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْقَاضِي بِشَرْطِ الرُّجُوعِ) لِعُمُومِ وِلَايَتِهِ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ وَلَمْ يَشْتَرِطِ الرُّجُوعَ ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ ; لِأَنَّهُ قَضَى حَقًّا عَلَيْهِ وَاجِبًا بِأَمْرِ الْقَاضِي فَصَارَ كَقَضَاءِ دَيْنِهِ بِأَمْرِهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِقَضَاءِ حَقٍّ وَاجِبٍ بِغَيْرِ عِوَضٍ تَرْغِيبًا لَهُ فِي إِتْمَامِ مَا شَرَعَ فِيهِ مِنَ التَّبَرُّعِ، فَصَارَ كَمَا إِذَا قَالَ لَهُ أَدِّ عَنِّي زَكَاةَ مَالِي فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ إِلَّا بِالشَّرْطِ، بِخِلَافِ الدَّيْنِ ; لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ بِعِوَضٍ وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْقَاضِي، لَكِنْ صَدَّقَهُ اللَّقِيطُ بَعْدَ بُلُوغِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ اعْتَرَفَ بِحَقِّهِ.
قَالَ: (وَمَنِ ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ) لِمَا فِيهِ مِنْ نَفْعِ الصَّغِيرِ ; لِأَنَّ النَّاسَ يَتَشَرَّفُونَ بِالْأَنْسَابِ وَيُعَيَّرُونَ بِعَدَمِهَا، وَإِذَا ثَبَتَ نَسَبُهُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَخْذُهُ فَتَبْطُلُ يَدُ الْمُلْتَقِطِ.
(وَإِنِ ادَّعَاهُ اثْنَانِ مَعًا ثَبَتَ مِنْهُمَا) لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ (إِلَّا أَنْ يَذْكُرَ أَحَدُهُمَا عَلَامَةً فِي جَسَدِهِ) فَيَكُونَ أَوْلَى بِشَهَادَةِ الظَّاهِرِ أَوْ لِسَبْقٍ فِي الدَّعْوَى ; لِأَنَّهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ فِي زَمَانٍ لَا يُنَازِعُهُ فِيهِ غَيْرُهُ،
وَالْحُرُّ وَالْمُسْلِمُ أَوْلَى مِنَ الْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ، وَانَ ادَّعَاهُ عَبْدٌ فَهُوَ ابْنُهُ وَهُوَ حُرٌّ، وَإِنِ ادَّعَاهُ ذِمِّيٌّ فَهُوَ ابْنُهُ وَهُوَ مُسْلِمٌ، إِلَّا أَنْ يَلْتَقِطَهُ مِنْ بِيعَةٍ أَوْ كَنِيسَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَاهُمْ فَيَكُونُ ذِمِّيًّا، وَمَنِ ادَّعَى أَنَّهُ عَبْدُهُ لَمْ يُقْبَلْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَإِذَا كَانَ عَلَى اللَّقِيطِ مَالٌ مَشْدُودٌ فَهُوَ لَهُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْهُ بِأَمْرِ الْقَاضِي، وَيَقْبَلُ لَهُ الْهِبَةَ، وَيُسَلِّمُهُ فِي صِنَاعَةٍ، وَلَا يُزَوِّجُهُ، وَلَا يُؤَاجِرُهُ.
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
إِلَّا إِذَا أَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ ; لِأَنَّهَا أَقْوَى.
قَالَ: (وَالْحُرُّ الْمُسْلِمُ أَوْلَى مِنَ الْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ) وَمَعْنَاهُ إِذَا ادَّعَى نَسَبَهُ حُرٌّ وَعَبْدٌ أَوْ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ فَالْحُرُّ أَوْلَى مِنَ الْعَبْدِ، وَالْمُسْلِمُ أَوْلَى مِنَ الذِّمِّيِّ ; لِأَنَّ ذَلِكَ أَنْفَعُ لَهُ (وَإِنِ ادَّعَاهُ عَبْدٌ فَهُوَ ابْنُهُ) ; لِأَنَّ ثُبُوتَ النَّسَبِ أَنْفَعُ لَهُ (وَهُوَ حُرٌّ) لِمَا تَقَدَّمَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ رِقِّ أَبِيهِ أَنْ يَكُونَ رَقِيقًا ; لِأَنَّ الْعَبْدَ يَتَزَوَّجُ الْحُرَّةَ (وَإِنِ ادَّعَاهُ ذِمِّيٌّ فَهُوَ ابْنُهُ) لِمَا مَرَّ (وَهُوَ مُسْلِمٌ) ; لِأَنَّ الْإِسْلَامَ ثَبَتَ لَهُ بِالدَّارِ وَإِبْطَالُهُ إِضْرَارٌ بِهِ، وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ كَوْنِ الْأَبِ كَافِرًا كُفْرُ الْوَلَدِ لِاحْتِمَالِ إِسْلَامِ الْأُمِّ.
قَالَ: (إِلَّا أَنْ يَلْتَقِطَهُ مِنْ بِيعَةٍ أَوْ كَنِيسَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَاهُمْ فَيَكُونُ ذِمِّيًّا) ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ أَوْلَادَ الْمُسْلِمِينَ لَا يَكُونُونَ فِي مَوَاضِعِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَكَذَلِكَ بِالْعَكْسِ، فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ اعْتَبَرَ الْمَكَانَ دُونَ الْوَاجِدِ كَاللَّقِيطِ إِذَا وَجَدَهُ مُسْلِمٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ. وَرَوَى أَبُو سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ اعْتَبَرَ الْوَاجِدَ دُونَ الْمَكَانِ ; لِأَنَّ الْيَدَ أَقْوَى ; وَفِي رِوَايَةٍ اعْتَبَرَ الْإِسْلَامَ نَظَرًا لِلصَّغِيرِ.
قَالَ: (وَمَنِ ادَّعَى أَنَّهُ عَبْدُهُ لَمْ يُقْبَلْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ) عَمَلًا بِالْأَصْلِ، وَإِقْرَارُهُ بِالرِّقِّ قَبْلَ الْبُلُوغِ لَا يُقْبَلُ، وَبَعْدَ الْبُلُوغِ إِنْ أَجْرَى عَلَيْهِ أَحْكَامَ الْأَحْرَارِ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِ وَحَدِّ قَاذِفِهِ لَمْ يَصِحَّ وَقَبْلَ ذَلِكَ يَصِحُّ، وَلَوِ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ فَادَّعَى نَصْرَانِيٌّ أَنَّهُ ابْنُهُ فَهُوَ ابْنُهُ وَهُوَ مُسْلِمٌ لِمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ زِيُّ النَّصَارَى كَالصَّلِيبِ وَالزُّنَّارِ فَهُوَ نَصْرَانِيٌّ ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ وَلَا اعْتِبَارَ بِالْمَكَانِ.
قَالَ: (وَإِذَا كَانَ عَلَى اللَّقِيطِ مَالٌ مَشْدُودٌ فَهُوَ لَهُ) عَمَلًا بِالظَّاهِرِ (وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْهُ بِأَمْرِ الْقَاضِي) لِعُمُومِ وِلَايَتِهِ وَيَصَّدَّقُ عَلَيْهِ فِي نَفَقَةِ مِثْلِهِ ; وَقِيلَ: لَا يَحْتَاجُ إِلَى أَمْرِ الْقَاضِي ; لِأَنَّ الْمَالَ لَهُ فَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَلَهُ وِلَايَةُ ذَلِكَ فَيَشْتَرِي لَهُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْكِسْوَةِ وَالطَّعَامِ وَغَيْرِهِمَا.
قَالَ: (وَيَقْبَلُ لَهُ الْهِبَةَ) لِأَنَّهُ نَفْعٌ مَحْضٌ (وَيُسَلِّمُهُ فِي صِنَاعَةٍ) ; لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّثْقِيفِ وَفِيهِ مَنْفَعَتُهُ (وَلَا يُزَوِّجُهُ) ; لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ، وَوِلَايَةُ التَّزْوِيجِ وَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لِلسُّلْطَانِ لِعُمُومِ وِلَايَتِهِ، فَإِنْ زَوَّجَهُ السُّلْطَانُ وَلَا مَالَ لَهُ فَالْمَهْرُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَفِي النَّوَادِرِ: إِذَا أَمَرَ الْمُلْتَقِطُ بِخِتَانِ الصَّبِيِّ فَهَلَكَ ضَمِنَ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ هَذِهِ الْوِلَايَةُ.
قَالَ: (وَلَا يُؤَاجِرُهُ) وَهُوَ الْأَصَحُّ ; لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إِتْلَافَ مَنَافِعِهِ كَالْعَمِّ بِخِلَافِ الْأُمِّ ; لِأَنَّهَا تَمْلِكُ ذَلِكَ، وَلِهَذَا كَانَ لَهَا إِجَارَتُهُ لِنَفَقَتِهَا وَاسْتِخْدَامُهُ.