المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل الكفاءة في النكاح] - الاختيار لتعليل المختار - جـ ٣

[ابن مودود الموصلي]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الْحَوَالَةِ

- ‌كِتَابُ الصُّلْحِ

- ‌كِتَابُ الشَّرِكَةِ

- ‌كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَدِيعَةِ

- ‌كِتَابُ اللَّقِيطِ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطَةِ

- ‌كِتَابُ الْآبِقِ

- ‌كِتَابُ الْمَفْقُودِ

- ‌كِتَابُ الْخُنْثَى

- ‌[فصل أحكام الْخُنْثَى]

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌[فصل الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ]

- ‌[فصل الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى]

- ‌كِتَابُ الْعَارِيَةِ

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌فَصْلٌزَوَائِدُ الْغَصْبِ

- ‌كِتَابُ إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌كِتَابُ الشِّرْبِ

- ‌[فصل كرى الأنهار العظام على بيت المال]

- ‌كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ

- ‌كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌[ما يشترط في الشهود في النكاح]

- ‌[فَصْلُ مُحَرَّمَاتُ النِّكَاحِ]

- ‌[فصل نِكَاحُ الْمُتْعَةِ وَالنِّكَاحُ الْمُؤَقَّتُ]

- ‌[فَصْلٌ: عِبَارَةُ النِّسَاءِ مُعْتَبَرَةٌ فِي النِّكَاحِ]

- ‌[تَرْتِيبُ الْأَوْلِيَاءِ]

- ‌[فصل الكفاءة في النكاح]

- ‌[فصل أَقَلُّ الْمَهْرِ وَأَكْثَرُهُ]

- ‌[فصل مَهْرُ الْمِثْلِ]

- ‌فَصْلٌ [نِكَاحُ الْعَبْدِ بِإِذْنِ الْمَوْلَى]

- ‌فَصْلٌ [نِكَاحُ الذِّمِّيَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ]

- ‌[فصل عيوب الزوجية]

- ‌[فصل الْعَدْلُ فِي الْقَسْمِ]

- ‌كِتَابُ الرَّضَاعِ

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌[حكم طلاق المكره والسكران والأخرس والهازل]

- ‌[فصل صَرِيحُ الطَّلَاقِ]

- ‌[فصل وصف الطَّلَاقِ]

- ‌[فصل الطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ]

- ‌[فصل كِنَايَاتُ الطَّلَاقِ]

- ‌[تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ]

- ‌[فصل الطَّلَاقُ بِالْمَشِيئَةِ]

- ‌[فصل أبان امرأته في مرضه ثم مات]

- ‌بَابُ الرَّجْعَةِ

- ‌بَابُ الْإِيلَاءِ

- ‌[فصل الْفَيْءُ أَوْ سُقُوطُ الْإِيلَاءِ]

- ‌بَابُ الْخَلْعِ

- ‌بَابُ الظِّهَارِ

- ‌[فصل كفارة الظِّهَار]

- ‌بَابُ اللِّعَانِ

- ‌بَابُ الْعِدَّةِ

- ‌[فصل في الأقراء وهي الحيض]

- ‌[فصل في الحداد]

- ‌[فصل أَقَلُّ الْحَمْلِ وَأَكْثَرُهُ]

الفصل: ‌[فصل الكفاءة في النكاح]

وَيَنْعَقِدُ نِكَاحُ الْفُضُولِيِّ مَوْقُوفًا كَالْبَيْعِ إِذَا كَانَ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ. أَمَّا مِنْ جَانِبَيْنِ (س) ، أَوْ فُضُولِيًّا مِنْ جَانِبٍ أَصِيلًا مِنْ جَانِبٍ - فَلَا.

وَالْكَفَاءَةُ تُعْتَبَرُ فِي النِّكَاحِ فِي النَّسَبِ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

أَنْ يُزَوِّجَهُ بِنْتَهُ الصَّغِيرَةَ، أَوْ وَكَّلَتْهُ امْرَأَةٌ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ. وَأَمَّا الْوَكِيلُ وَالْأَصِيلُ بِأَنْ وَكَّلَتْهُ امْرَأَةٌ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ. وَأَمَّا الْوَلِيُّ وَالْأَصِيلُ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَةَ عَمِّهِ الصَّغِيرَةَ مِنْ نَفْسِهِ. وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ: اشْهَدُوا أَنِّي زَوَّجْتُ فُلَانَةَ مِنْ فُلَانٍ، أَوْ فُلَانَةَ مِنِّي، أَوْ تَزَوَّجْتُ فُلَانَةَ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى الْقَبُولِ؛ لِأَنَّهُ تَضَمَّنَ الشَّطْرَيْنِ. وَقَالَ زُفَرُ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْوَاحِدُ مُمَلِّكًا مُمْتَلِكًا كَالْبَيْعِ.

وَلَنَا: أَنَّهُ مَعْبَرٌ وَسَفِيرٌ، وَالْمَانِعُ مِنْ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ رُجُوعُ الْحُقُوقِ إِلَى الْعَاقِدِ فَيَجْرِي فِيهِ التَّمَانُعُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْوَاحِدُ مُطَالِبًا وَمُطَالَبًا فِي حَقٍّ وَاحِدٍ، وَهُنَا الْحُقُوقُ لَا تَرْجِعُ إِلَيْهِ فَلَا تَمَانُعَ.

قَالَ: (وَيَنْعَقِدُ نِكَاحُ الْفُضُولِيِّ مَوْقُوفًا كَالْبَيْعِ إِذَا كَانَ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ. أَمَّا مِنْ جَانِبَيْنِ، أَوْ فُضُولِيًّا مِنْ جَانِبٍ أَصِيلًا مِنْ جَانِبٍ - فَلَا) . أَمَّا الْفُضُولِيُّ مِنْ جَانِبٍ بِأَنْ يُزَوِّجَ امْرَأَةً بِغَيْرِ أَمْرِهَا رَجُلًا، وَقَبِلَ الرَّجُلُ. أَوْ رَجُلًا بِغَيْرِ أَمْرِهِ امْرَأَةً، فَقَبِلَتْ - فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ، وَيَتَوَقَّفُ عَلَى إِجَازَةِ الْغَائِبِ.

وَأَمَّا مِنَ الْجَانِبَيْنِ فَهُوَ أَنْ يَقُولَ: اشْهَدُوا أَنِّي زَوَّجْتُ فُلَانَةَ مِنْ فُلَانٍ، وَهُمَا غَائِبَانِ بِغَيْرِ أَمْرِهِمَا، فَهَذَا لَا يَنْعَقِدُ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَنْعَقِدُ مَوْقُوفًا عَلَى إِجَازَتِهِمَا. وَالْفُضُولِيُّ مِنْ جَانِبٍ أَصِيلٌ مِنْ جَانِبٍ بِأَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ: اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ تَزَوَّجْتُ فُلَانَةَ، وَهِيَ غَائِبَةٌ، وَلَمْ يَقْبَلْ عَنْهَا أَحَدٌ. فَهَذَا أَيْضًا عَلَى الْخِلَافِ. وَلَوْ جَرَى بَيْنَ فُضُولِيَّيْنِ جَازَ بِاتِّفَاقِنَا. وَذَكَرْنَا فِي الْبُيُوعِ الدَّلِيلَ عَلَى انْعِقَادِ تَصَرُّفَاتِ الْفُضُولِيِّ.

لِأَبِي يُوسُفَ فِي الْخِلَافِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ وَكِيلًا انْعَقَدَ وَنَفَذَ، فَإِذَا كَانَ فُضُولِيًّا يَنْعَقِدُ وَيَقِفُ. وَلَهُمَا أَنَّ هَذَا شَطْرُ الْعَقْدِ، فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَا وَرَاءَ الْمَجْلِسِ كَمَا إِذَا كَانَ أَصِيلًا، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ مُعَبِّرٌ، فَيَنْقُلُ كَلَامَهُ إِلَيْهِمَا. وَكَلَامُ الْفُضُولِيَّيْنِ عَقْدٌ تَامٌّ، فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ.

وَلَوْ زَوَّجَ الْأَبُ ابْنَهُ الْكَبِيرَ، فَجُنَّ قَبْلَ الْإِجَازَةِ، فَأَجَازَهُ الْأَبُ - جَازَ وَنَفَذَ؛ لِثُبُوتِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ وَقْتَ الْإِجَازَةِ.

[فصل الكفاءة في النكاح]

ِ] (وَالْكَفَاءَةُ تُعْتَبَرُ فِي النِّكَاحِ) ، وَتُعْتَبَرُ فِي الرِّجَالِ لِلنِّسَاءِ؛ لِلُزُومِهِ فِي حَقِّهِنَّ، وَلِأَنَّ الشَّرِيفَةَ تُعَيَّرُ وَيَغِيظُهَا كَوْنُهَا مُسْتَفْرَشَةً لِلْخَسِيسِ، وَلَا كَذَلِكَ الرَّجُلُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُسْتَفْرِشُ. وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام:«أَلَا، لَا يُزَوِّجُ النِّسَاءَ إِلَّا الْأَوْلِيَاءُ، وَلَا يُزَوَّجْنَ إِلَّا مِنَ الْأَكْفَاءِ» ، وَلِأَنَّ الْمَصَالِحَ إِنَّمَا تَتِمُّ بَيْنَ الْمُتَكَافِئِينَ غَالِبًا فَيُشْتَرَطُ؛ لِيَتِمَّ الْمَقْصُودُ مِنْهُ.

قَالَ: وَتُعْتَبَرُ (فِي النَّسَبِ) فَقُرَيْشٌ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ، لَا يُكَافِئُهُمْ غَيْرُهُمْ مِنَ الْعَرَبِ. وَالْعَرَبُ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ

ص: 98

وَفِي الدِّينِ وَالتَّقْوَى، وَفِي الصَّنَائِعِ، وَفِي الْحُرِّيَّةِ، وَفِي الْمَالِ. وَمَنْ لَهُ أَبٌ فِي الْإِسْلَامِ أَوِ الْحُرِّيَّةِ لَا يُكَافِئُ مَنْ لَهُ أَبَوَانِ. وَالْأَبَوَانِ (س) وَالْأَكْثَرُ سَوَاءٌ.

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

لِبَعْضٍ، لَا يُكَافِئُهُمُ الْمَوَالِي، قَالَ عليه الصلاة والسلام:«قُرَيْشٌ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ، وَالْعَرَبُ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ» ، وَقَالَ عليه الصلاة والسلام:«وَالْمَوَالِي بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ» .

وَلَا يُعْتَبَرُ التَّفَاضُلُ فِي قُرَيْشٍ، وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَهُمْ بَنُو هَاشِمٍ؛ لِمَا رَوَيْنَا، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام زَوَّجَ ابْنَتَهُ عُثْمَانَ وَكَانَ عَبْشَمِيًّا أُمَوِيًّا، وَعَلِيٌّ رضي الله عنه زَوَّجَ ابْنَتَهُ عُمَرَ رضي الله عنه وَكَانَ عَدَوِيًّا. قَالَ مُحَمَّدٌ: إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَسَبًا مَشْهُورًا كَبَيْتِ الْخِلَافَةِ تَعْظِيمًا لَهَا.

قَالَ: (وَفِي الدِّينِ وَالتَّقْوَى) حَتَّى إِنَّ بِنْتَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ لَوْ تَزَوَّجَتْ فَاسِقًا كَانَ لِلْأَوْلِيَاءِ الرَّدُّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَفْجَرِ الْأَشْيَاءِ، وَأَنَّهَا تُعَيَّرُ بِذَلِكَ. وَقَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام:«عَلَيْكَ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ» - إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْمَقْصُودِ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يُعْتَبَرُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فَاحِشًا، كَمَنْ يُصْفَعُ وَيُسْخَرُ مِنْهُ، أَوْ يَخْرُجُ سَكْرَانَ وَيَلْعَبُ بِهِ الصِّبْيَانُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أُمُورِ الْآخِرَةِ فَلَا يُبْتَنَى عَلَيْهِ أَحْكَامُ الدُّنْيَا. وَلِأَنَّ الْأَمِيرَ النَّسِيبَ كُفْءٌ لِلدَّنِيَّةِ، إِنْ كَانَ لَا يُبَالِي بِمَا يَقُولُونَ فِيهِ، وَلَا يَلْحَقُهَا بِهِ شَيْنٌ، بِخِلَافِ الْفَاحِشِ؛ لِأَنَّهُ يَلْحَقُهَا بِهِ شَيْنٌ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: إِذَا كَانَ الْفَاسِقُ ذَا مُرُوءَةٍ فَهُوَ كُفْءٌ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُتَسَتِّرًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ، فَلَا يَلْتَحِقُ بِهَا الشَّيْنُ.

قَالَ: (وَفِي الصَّنَائِعِ) ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يُعَيَّرُونَ بِالدَّنِيءِ مِنْهَا. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ؛ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ الِانْتِقَالُ عَنْهَا، فَلَيْسَتْ وَصْفًا لَازِمًا. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: لَا يُعْتَبَرُ، إِلَّا أَنْ يُفْحِشَ كَالْحَائِكِ وَالْحَجَّامِ وَالْكَنَّاسِ وَالدَّبَّاغِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ كُفْؤًا لِبِنْتِ الْبَزَّازِ وَالْعَطَّارِ وَالصَّيْرَفِيِّ وَالْجَوْهَرِيِّ.

قَالَ: (وَفِي الْحُرِّيَّةِ) فَلَا يَكُونُ الْعَبْدُ كُفْؤًا لِلْحُرَّةِ؛ لِأَنَّهَا تُعَيَّرُ بِهِ؛ فَإِنَّهُ نَقْصٌ وَشَيْنٌ.

قَالَ: (وَفِي الْمَالِ) وَهُوَ مِلْكُ الْمَهْرِ الْمُعَجَّلِ وَالنَّفَقَةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ حَتَّى لَوْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ لَا يَكُونُ كُفْؤًا ; لَأَنَّ بِالنَّفَقَةِ تَقُومُ مَصَالِحُ النِّكَاحِ، وَيَدُومُ الِازْدِوَاجُ فَلَا بُدَّ مِنْهُ. وَالْمَهْرُ بَدَلُ الْبُضْعِ، فَلَا بُدَّ مِنْ إِيفَائِهِ. وَالْمُرَادُ بِهِ مَا تَعَارَفَ النَّاسُ تَعْجِيلَهُ حَتَّى يُسَمُّونَهُ نَقْدًا، وَالْبَاقِي بَعْدَهُ تَعَارَفُوهُ مُؤَجَّلًا. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: إِنْ كَانَ يَمْلِكُ الْمَهْرَ دُونَ النَّفَقَةِ لَيْسَ بِكُفْءٍ، وَإِنْ كَانَ يَمْلِكُ النَّفَقَةَ دُونَ الْمَهْرِ فَهُوَ كُفْءٌ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ تَجْرِي فِيهِ الْمُسَاهَلَةُ، وَيُعَدُّ الرَّجُلُ قَادِرًا عَلَيْهِ بِقُدْرَةِ أَبِيهِ. أَمَّا النَّفَقَةُ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ وَيَوْمٍ.

وَفِي النَّوَادِرِ: عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ: امْرَأَةٌ فَائِقَةٌ فِي الْيَسَارِ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِمَّنْ يَقْدِرُ عَلَى الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ رُدَّ عَقْدُهَا. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى إِيفَاءِ مَا يُعَجِّلُ، وَيَكْتَسِبُ مَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا يَوْمًا بِيَوْمٍ - كَانَ كْفُؤًا لَهَا، وَلَا اعْتِبَارَ بِمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَالَ غَادٍ وَرَائِحٌ.

قَالَ: (وَمَنْ لَهُ أَبٌ فِي الْإِسْلَامِ أَوِ الْحُرِّيَّةِ لَا يُكَافِئُ مَنْ لَهُ أَبَوَانِ) ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ بِالْأَبِ وَتَمَامَهُ بِالْجَدِّ. (وَالْأَبَوَانِ وَالْأَكْثَرُ سَوَاءٌ) ؛ لِمَا بَيَّنَّا. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْوَاحِدُ وَالْأَكْثَرُ سَوَاءٌ، وَقَدْ سَبَقَ فِي الدَّعْوَى. وَمَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ لَا يَكُونُ كُفْؤًا

ص: 99

وَإِذَا تَزَوَّجَتْ غَيْرَ كُفْءٍ فَلِلْوَلِيِّ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ قَبَضَ الْوَلِيُّ الْمَهْرَ، أَوْ جَهَّزَ بِهِ، أَوْ طَالَبَ بِالنَّفَقَةِ - فَقَدْ رَضِيَ. وَإِنْ سَكَتَ لَا يَكُونُ رِضًى، وَإِنْ رَضِيَ أَحَدُ الْأَوْلِيَاءِ فَلَيْسَ (س) لِغَيْرِهِ مِمَّنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ أَوْ أَسْفَلَ مِنْهُ الِاعْتِرَاضُ. وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ مِنْهُ فَلَهُ ذَلِكَ.

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

لِمَنْ لَهُ أَبٌ وَاحِدٌ فِي الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ التَّفَاخُرَ بِالْإِسْلَامِ، وَالْكَفَاءَةُ فِي الْعَقْلِ - قِيلَ: لَا تُعْتَبَرُ، وَقِيلَ: تُعْتَبَرُ، فَلَا يَكُونُ الْمَجْنُونُ كُفْؤًا لِلْعَاقِلَةِ.

قَالَ: (وَإِذَا تَزَوَّجَتْ غَيْرَ كُفْءٍ فَلِلْوَلِيِّ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا) دَفْعًا لِلْعَارِ عَنْهُ، وَالتَّفْرِيقُ إِلَى الْقَاضِي كَمَا تَقَدَّمَ فِي خِيَارِ الْبُلُوغِ، وَمَا لَمْ يُفَرِّقْ فَأَحْكَامُ النِّكَاحِ ثَابِتَةٌ، وَلَا يَكُونُ الْفَسْخُ طَلَاقًا؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ تَصَرُّفٌ فِي النِّكَاحِ، وَهَذَا فَسْخٌ لِأَصْلِ النِّكَاحِ. وَلِأَنَّ الْفَسْخَ إِنَّمَا يَكُونُ طَلَاقًا إِذَا فَعَلَهُ الْقَاضِي نِيَابَةً عَنِ الزَّوْجِ، وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ. وَلِهَذَا لَا يَجِبُ لَهَا شَيْءٌ مِنَ الْمَهْرِ إِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ لِمَا بَيَّنَّا. وَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمُسَمَّى، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ، وَلَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ لِلدُّخُولِ فِي عَقْدٍ صَحِيحٍ.

قَالَ: (فَإِنْ قَبَضَ الْوَلِيُّ الْمَهْرَ، أَوْ جَهَّزَ بِهِ، أَوْ طَالَبَ بِالنَّفَقَةِ - فَقَدْ رَضِيَ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَقْرِيرٌ لِلنِّكَاحِ، وَأَنَّهُ رَضِيَ كَمَا إِذَا زَوَّجَهَا فَمَكَّنَتِ الزَّوْجَ مِنْ نَفْسِهَا.

(وَإِنْ سَكَتَ لَا يَكُونُ رِضًى) ، وَإِنْ طَالَتِ الْمُدَّةُ مَا لَمْ تَلِدْ؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ عَنِ الْحَقِّ الْمُتَأَكِّدِ لَا يُبْطِلُهُ؛ لِاحْتِمَالِ تَأَخُّرِهِ إِلَى وَقْتٍ يَخْتَارُ فِيهِ الْخُصُومَةَ.

(وَإِنْ رَضِيَ أَحَدُ الْأَوْلِيَاءِ فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ أَوْ أَسْفَلَ مِنْهُ الِاعْتِرَاضُ، وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ مِنْهُ فَلَهُ ذَلِكَ) . وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لِلْبَاقِينَ حَقُّ الِاعْتِرَاضِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ لِجَمَاعَتِهِمْ، فَإِذَا رَضِيَ أَحَدُهُمْ فَقَدْ أَسْقَطَ حَقَّهُ، وَبَقِيَ حَقُّ الْبَاقِينَ.

وَلَنَا: أَنَّ هَذَا فِيمَا يَتَجَزَّأُ، وَهَذَا لَا يَتَجَزَّأُ، وَهُوَ دَفْعُ الْعَارِ، فَجُعِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَالْمُنْفَرِدِ كَمَا مَرَّ. وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ صَحَّ الْإِسْقَاطُ فِي حَقِّهِ، فَيَسْقُطُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ ضَرُورَةَ عَدَمِ التَّجَزِّي كَالْعَفْوِ عَنِ الْقِصَاصِ، وَصَارَ كَالْأَمَانِ، بِخِلَافِ مَا إِذَا رَضِيَتْ؛ لِأَنَّ حَقَّهَا غَيْرُ حَقِّهِمْ؛ لِأَنَّ حَقَّهَا صِيَانَةُ نَفْسِهَا عَنْ ذُلِّ الِاسْتِفْرَاشِ، وَحَقَّهُمْ فِي دَفْعِ الْعَارِ، فَسُقُوطُ أَحَدِهِمَا لَا يَقْتَضِي سُقُوطَ الْآخَرِ.

وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إِذَا تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ كُفْءٍ لَمْ يَجُزْ. قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: وَهُوَ أَحْوَطُ، فَلَيْسَ كُلُّ وَلِيٍّ يُحْسِنُ الْمُرَافَعَةَ إِلَى الْقَاضِي، وَلَا كُلُّ قَاضٍ يَعْدِلُ، فَكَانَ الْأَحْوَطُ سَدَّ هَذَا الْبَابِ.

وَلَوِ انْتَسَبَ إِلَى غَيْرِ نَسَبِهِ، فَتَزَوَّجَتْهُ إِنْ كَانَ النَّسَبُ الْمَكْتُومُ أَفْضَلَ لَا خِيَارَ لَهَا وَلَا لِلْأَوْلِيَاءِ، كَمَا إِذَا اشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ مَعِيبٌ فَإِذَا هُوَ سَلِيمٌ. وَإِنْ كَانَ دُونَهُ فَلَهَا وَلَهُمُ الْخِيَارُ، وَإِنْ رَضِيَتْ فَلَهُمُ الْخِيَارُ؛ لِمَا تَقَدَّمَ. وَإِنْ كَانَ دُونَهُ إِلَّا أَنَّهُ كُفْءٌ بِالنَّسَبِ الْمَكْتُومِ فَلَا خِيَارَ لِلْأَوْلِيَاءِ؛ لِأَنَّهُ كُفْءٌ لَهُمْ، فَلَا عَارَ عَلَيْهِمْ، وَلَهَا الْخِيَارُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَهَا زِيَادَةُ مَنْفَعَةٍ وَقَدْ فَاتَتْ فَيَثْبُتُ الْخِيَارُ كَمَا إِذَا اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ خَبَّازٌ أَوْ كَاتِبٌ فَوَجَدَهُ لَا يُحْسِنُهُ.

وَهَذَا؛ لِأَنَّ الِاسْتِفْرَاشَ ذُلٌّ

ص: 100