المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَلِلْحُرَّةِ ضِعْفُ الْأَمَةِ. وَمَنْ وَهَبَتْ نَصِيبَهَا لِصَاحِبَتِهَا جَازَ، وَلَهَا الرُّجُوعُ - الاختيار لتعليل المختار - جـ ٣

[ابن مودود الموصلي]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الْحَوَالَةِ

- ‌كِتَابُ الصُّلْحِ

- ‌كِتَابُ الشَّرِكَةِ

- ‌كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَدِيعَةِ

- ‌كِتَابُ اللَّقِيطِ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطَةِ

- ‌كِتَابُ الْآبِقِ

- ‌كِتَابُ الْمَفْقُودِ

- ‌كِتَابُ الْخُنْثَى

- ‌[فصل أحكام الْخُنْثَى]

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌[فصل الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ]

- ‌[فصل الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى]

- ‌كِتَابُ الْعَارِيَةِ

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌فَصْلٌزَوَائِدُ الْغَصْبِ

- ‌كِتَابُ إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌كِتَابُ الشِّرْبِ

- ‌[فصل كرى الأنهار العظام على بيت المال]

- ‌كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ

- ‌كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌[ما يشترط في الشهود في النكاح]

- ‌[فَصْلُ مُحَرَّمَاتُ النِّكَاحِ]

- ‌[فصل نِكَاحُ الْمُتْعَةِ وَالنِّكَاحُ الْمُؤَقَّتُ]

- ‌[فَصْلٌ: عِبَارَةُ النِّسَاءِ مُعْتَبَرَةٌ فِي النِّكَاحِ]

- ‌[تَرْتِيبُ الْأَوْلِيَاءِ]

- ‌[فصل الكفاءة في النكاح]

- ‌[فصل أَقَلُّ الْمَهْرِ وَأَكْثَرُهُ]

- ‌[فصل مَهْرُ الْمِثْلِ]

- ‌فَصْلٌ [نِكَاحُ الْعَبْدِ بِإِذْنِ الْمَوْلَى]

- ‌فَصْلٌ [نِكَاحُ الذِّمِّيَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ]

- ‌[فصل عيوب الزوجية]

- ‌[فصل الْعَدْلُ فِي الْقَسْمِ]

- ‌كِتَابُ الرَّضَاعِ

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌[حكم طلاق المكره والسكران والأخرس والهازل]

- ‌[فصل صَرِيحُ الطَّلَاقِ]

- ‌[فصل وصف الطَّلَاقِ]

- ‌[فصل الطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ]

- ‌[فصل كِنَايَاتُ الطَّلَاقِ]

- ‌[تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ]

- ‌[فصل الطَّلَاقُ بِالْمَشِيئَةِ]

- ‌[فصل أبان امرأته في مرضه ثم مات]

- ‌بَابُ الرَّجْعَةِ

- ‌بَابُ الْإِيلَاءِ

- ‌[فصل الْفَيْءُ أَوْ سُقُوطُ الْإِيلَاءِ]

- ‌بَابُ الْخَلْعِ

- ‌بَابُ الظِّهَارِ

- ‌[فصل كفارة الظِّهَار]

- ‌بَابُ اللِّعَانِ

- ‌بَابُ الْعِدَّةِ

- ‌[فصل في الأقراء وهي الحيض]

- ‌[فصل في الحداد]

- ‌[فصل أَقَلُّ الْحَمْلِ وَأَكْثَرُهُ]

الفصل: وَلِلْحُرَّةِ ضِعْفُ الْأَمَةِ. وَمَنْ وَهَبَتْ نَصِيبَهَا لِصَاحِبَتِهَا جَازَ، وَلَهَا الرُّجُوعُ

وَلِلْحُرَّةِ ضِعْفُ الْأَمَةِ. وَمَنْ وَهَبَتْ نَصِيبَهَا لِصَاحِبَتِهَا جَازَ، وَلَهَا الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ. وَيُسَافِرُ بِمَنْ شَاءَ، وَالْقُرْعَةُ أَوْلَى.

‌كِتَابُ الرَّضَاعِ

وَحُكْمُ الرَّضَاعِ يَثْبُتُ بِقَلِيلِهِ (ف) ، وَكَثِيرِهِ.

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ، وَقَدْ وُجِدَتْ.

قَالَ: (وَلِلْحُرَّةِ ضِعْفُ الْأَمَةِ) ؛ لِمَا عُرِفَ أَنَّ الرِّقَّ مُنْصِفٌ كَمَا فِي الْعِدَّةِ وَغَيْرِهَا. (وَمَنْ وَهَبَتْ نَصِيبَهَا لِصَاحِبَتِهَا جَازَ) ؛ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ: " اعْتَدِّي ". فَسَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " أَنْ يُرَاجِعَهَا، وَتَجْعَلَ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ، وَأَنْ تُحْشَرَ مَعَ نِسَائِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَفَعَلَ» . وَلِأَنَّهُ حَقُّهَا، وَقَدْ أَبْطَلَتْهُ بِرِضَاهَا.

(وَلَهَا الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ) ؛ لِأَنَّهَا وَهَبَتْ حَقًّا لَمْ يَجِبْ بَعْدُ. وَإِنْ أَقَامَ عِنْدَ الْوَاحِدَةِ أَيَّامًا بِإِذْنِ الْأُخْرَى جَازَ مِنْ غَيْرِ مُسَاوَاةٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام لَمَّا مَرِضَ اسْتَأْذَنَ نِسَاءَهُ أَنْ يَكُونَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، فَأَذِنَّ لَهُ. فَكَانَ فِي بَيْتِهَا حَتَّى قُبِضَ عليه الصلاة والسلام.

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَسْمَ يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا، وَيُؤْمَرُ الصَّائِمُ بِالنَّهَارِ وَالْقَائِمُ بِاللَّيْلِ أَنْ يَبِيتَ مَعَهَا إِذَا طَلَبَتْ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَجْعَلُ لَهَا يَوْمًا مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، وَلَيْسَ هَذَا بِوَاجِبٍ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى فَوَاتِ النَّوَافِلِ أَصْلًا عَلَى مَنْ لَهُ أَرْبَعٌ مِنَ النِّسَاءِ. وَلَكِنْ يُؤْمَرُ بِإِيفَاءِ حَقِّهَا مِنْ نَفْسِهِ أَحْيَانًا، وَيَصُومُ وَيُصَلِّي مَا أَمْكَنَهُ. وَلَوْ أَعْطَتْ زَوْجَهَا مَالًا، أَوْ حَطَّتْهُ؛ لِيَزِيدَ فِي قَسْمِهَا - لَمْ يَجُزْ، وَتَرْجِعُ بِمَا أَعْطَتْهُ. وَكَذَا لَوْ زَادَهَا الزَّوْجُ فِي مَهْرِهَا؛ لِتَجْعَلَ يَوْمَهَا لِغَيْرِهَا، وَالْوَجْهُ فِيهِ مَا بَيَّنَّا.

قَالَ: (وَيُسَافِرُ بِمَنْ شَاءَ، وَالْقُرْعَةُ أَوْلَى) ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُنَّ حَالَ السَّفَرِ حَتَّى كَانَ لَهُ أَنْ لَا يُسَافِرَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ أَصْلًا، وَيُقْرِعُ بَيْنَهُنَّ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِنَّ. وَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام. وَمَنْ سَافَرَ بِهَا لَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءُ حَقِّ الْبَاقِيَاتِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَبَرِّعًا لَا مُوفِيًا حَقًّا. وَإِنْ ظَلَمَ بَعْضَهُنَّ يُوعَظُ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ يُوجَعُ عُقُوبَةً زَجْرًا لَهُ عَنِ الظُّلْمِ.

[كِتَابُ الرَّضَاعِ]

وَهُوَ وَاجِبٌ إِحْيَاءً لِلْوَلَدِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ} [البقرة: 233] أَيْ لِيُرْضِعْنَ.

(وَحُكْمُ الرَّضَاعِ يَثْبُتُ بِقَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ) ؛ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23] مُطْلَقًا، وَقَالَ عليه الصلاة والسلام:«يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ» مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ. وَقَالَ عليه الصلاة والسلام: «الرَّضَاعُ مَا يُنْبِتُ اللَّحْمَ وَيَنْشُزُ الْعَظْمَ» ، وَإِنَّهُ يَحْصُلُ بِالْقَلِيلِ؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ مَتَى وَصَلَ إِلَى جَوْفِ الصَّبِيِّ أَنْبَتَ اللَّحْمَ وَأَنْشَزَ الْعَظْمَ.

ص: 117

إِذَا وُجِدَ فِي مُدَّتِهِ، وَهِيَ ثَلَاثُونَ (سم) شَهْرًا. وَيَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ إِلَّا أُخْتَ ابْنِهِ وَأُمَّ أُخْتِهِ. وَإِذَا أَرْضَعَتِ الْمَرْأَةُ صَبِيَّةً حَرُمَتْ عَلَى زَوْجِهَا وَآبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ.

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

قَالَ: (إِذَا وُجِدَ فِي مُدَّتِهِ، وَهِيَ ثَلَاثُونَ شَهْرًا. وَقَالَا: سَنَتَانِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: 233]، وَقَالَ تَعَالَى:{وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15] ، وَأَدْنَى مُدَّةِ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، فَبَقِيَ لِلْفِصَالِ سَنَتَانِ.

وَلِأَبِي حَنِيفَةَ الْآيَةُ الثَّانِيَةُ، وَالتَّمَسُّكُ بِهَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ الْحَمْلَ وَالْفِصَالَ، وَضَرَبَ لَهُمَا مُدَّةَ ثَلَاثِينَ شَهْرًا، فَتَكُونُ مُدَّةً لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، كَمَا إِذَا بَاعَهُ عَبْدًا وَأَمَةً إِلَى شَهْرٍ، فَإِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ أَجَلًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ شَيْئًا، وَأَجَرَهُ شَيْئًا آخَرَ صَفْقَةً وَاحِدَةً إِلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ - كَانَتِ الْمُدَّةُ أَجَلًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَعُلِمَ أَنَّ الْآيَةَ تَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الثَّلَاثُونَ شَهْرًا أَجَلًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْحَمْلِ وَالْفِصَالِ. خَرَجَ الْحَمْلُ عَنْ ذَلِكَ، فَبَقِيَ الْفِصَالُ عَلَى مُقْتَضَاهُ. وَالْآيَةُ الْأُولَى مَحْمُولَةٌ عَلَى مُدَّةِ الِاسْتِحْقَاقِ حَتَّى لَا يَكُونَ لِلْأُمِّ الْمَبْتُوتَةِ الْمُطَالَبَةُ بِأُجْرَةِ الرَّضَاعِ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ، فَعَمِلْنَا بِالْآيَةِ الْأُولَى فِي نَفْيِ الْأُجْرَةِ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ، وَبِالثَّانِيَةِ فِي الْحُرْمَةِ إِلَى ثَلَاثِينَ شَهْرًا أَخْذًا بِالِاحْتِيَاطِ فِيهِمَا. أَوْ نَقُولُ: الْمُرَادُ الْحَمْلُ عَلَى الْأَكُفِّ فِي الْحِجْرِ حَالَةَ الْإِرْضَاعِ ; لِأَنَّ مُدَّةَ الْحَمْلِ غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ بِثَلَاثِينَ شَهْرًا بِالْإِجْمَاعِ.

فَإِذَا انْقَضَتْ مُدَّتُهُ لَا اعْتِبَارَ بِالرَّضَاعِ بَعْدَهُ؛ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «لَا رَضَاعَ بَعْدَ الْفِصَالِ» . وَالْمُرَادُ حُكْمُهُ. وَهَلْ يُبَاحُ الْإِرْضَاعُ بَعْدَ الْمُدَّةِ؟ فِيهِ خِلَافٌ. وَالْمُحَرَّمُ مِنَ الْإِرْضَاعِ مَا وَقَعَ فِي الْمُدَّةِ، سَوَاءٌ فُطِمَ أَوْ لَمْ يُفْطَمْ. وَقَالَ الْخَصَّافُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: إِنِ اسْتَغْنَى بِالْفِطَامِ عَنِ اللَّبَنِ، ثُمَّ رَضَعَ فِي الْمُدَّةِ - لَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْنِ تَثْبُتُ.

قَالَ: (وَيَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ) ؛ لِمَا رَوَيْنَا (إِلَّا أُخْتَ ابْنِهِ، وَأُمَّ أُخْتِهِ) فَإِنَّهَا تَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ دُونَ الرَّضَاعِ؛ لِأَنَّ فِي النَّسَبِ لَمَّا وَطِئَ أُمَّ ابْنِهِ فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ بَنَاتُهَا. وَأُمُّ أُخْتِهِ مَوْطُوءَةُ أَبِيهِ، وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فِي الرَّضَاعِ.

قَالَ: (وَإِذَا أَرْضَعَتِ الْمَرْأَةُ صَبِيَّةً حَرُمَتْ عَلَى زَوْجِهَا وَآبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ) ، فَتَكُونُ الْمُرْضِعَةُ أُمَّ الرَّضِيعِ وَأَوْلَادُهَا إِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتُهُ مَنْ تَقَدَّمَ وَمَنْ تَأَخَّرَ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ شَيْئًا مِنْ وَلَدِهَا وَوَلَدِ وَلَدِهَا وَإِنْ سَفُلُوا، وَآبَاؤُهَا أَجْدَادُهُ وَأُمَّهَاتُهَا جَدَّاتُهُ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ. وَإِخْوَتُهَا وَأَخَوَاتُهَا أَخْوَالُهُ وَخَالَاتُهُ. وَيَكُونُ زَوْجُهَا الَّذِي نَزَلَ مِنْهُ اللَّبَنُ أَبَ الْمُرْضِعَةِ، وَأَوْلَادُهُ إِخْوَتَهَا، وَآبَاؤُهُ وَأُمَّهَاتُهُ أَجْدَادَهَا وَجَدَّاتِهَا مِنْ قِبَلِ الْأَبِ، وَإِخْوَتُهُ وَأَخَوَاتُهُ أَعْمَامَهَا وَعَمَّاتِهَا، لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَةُ أَحَدٍ مِنْهُنَّ كَمَا فِي النَّسَبِ، «قَالَ عليه الصلاة والسلام لِعَائِشَةَ: " لِيَلِجْ عَلَيْكِ أَفْلَحُ؛ فَإِنَّهُ عَمُّكِ مِنَ الرَّضَاعَةِ» .

وَلَوْ وَلَدَتْ مِنْ رَجُلٍ، وَأَرْضَعَتْ، ثُمَّ يَبِسَ اللَّبَنُ، ثُمَّ دَرَّ، فَأَرْضَعَتْ بِهِ صَبِيًّا - يَجُوزُ لِذَلِكَ الصَّبِيِّ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِنْتَ الزَّوْجِ مِنْ غَيْرِهَا. وَكَذَا لَوْ لَمْ تَلِدْ

ص: 118

وَإِذَا رَضَعَ صَبِيَّانِ مِنْ ثَدْيِ امْرَأَةٍ فَهُمَا أَخَوَانِ، وَإِنِ اجْتَمَعَا عَلَى لَبَنِ شَاةٍ فَلَا رَضَاعَ بَيْنَهُمَا. وَإِذَا اخْتَلَطَ اللَّبَنُ بِخِلَافِ جِنْسِهِ كَالْمَاءِ وَالدُّهْنِ وَالنَّبِيذِ وَالدَّوَاءِ وَلَبَنِ الْبَهَائِمِ فَالْحُكْمُ لِلْغَالِبِ، وَكَذَلِكَ إِنِ اخْتَلَطَ بِجِنْسِهِ بِأَنِ اخْتَلَطَ لَبَنُ امْرَأَتَيْنِ (م ز) . وَإِنِ اخْتَلَطَ بِالطَّعَامِ فَلَا حُكْمَ لَهُ. وَإِنْ غَلَبَ (سم) ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

مِنْهُ قَطُّ، فَنَزَلَ لَهَا لَبَنٌ. وَكَذَا لَبَنُ الْبِكْرِ إِذَا لَمْ تَتَزَوَّجْ إِذَا أَرْضَعَتْ بِهِ صَبِيًّا حَرُمَ عَلَيْهَا لَا غَيْرُ.

وَلَوْ أَرْضَعَتْ صَبِيَّةً لَا تَحْرُمُ عَلَى وَلَدِ زَوْجِهَا مِنْ غَيْرِهَا، وَلَا يَحِلُّ لِلرَّضِيعِ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً وَطِئَهَا زَوْجُ الْمُرْضِعَةِ؛ لِأَنَّهَا مَنْكُوحَةُ الْأَبِ، وَلَا لِلزَّوْجِ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً وَطِئَهَا الرَّضِيعُ؛ لِأَنَّهَا مَوْطُوءَةُ الِابْنِ كَمَا فِي النَّسَبِ.

قَالَ: (وَإِذَا رَضَعَ صَبِيَّانِ مِنْ ثَدْيِ امْرَأَةٍ فَهُمَا أَخَوَانِ) ؛ لِأَنَّ أُمَّهُمَا وَاحِدَةٌ. فَلَوْ كَانَا بِنْتَيْنِ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا. وَكَذَا لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ زَوْجَتَانِ، وَلَدَتَا مِنْهُ، ثُمَّ أَرْضَعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ صَغِيرَةً - صَارَ الرَّضِيعَانِ أَخَوَيْنِ مِنْ أَبٍ.

(وَإِنِ اجْتَمَعَا عَلَى لَبَنِ شَاةٍ فَلَا رَضَاعَ بَيْنَهُمَا) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَثْبُتِ الْحُرْمَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأُمِّ لِتَنْتَقِلَ إِلَى الْأَخِ؛ إِذْ هِيَ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ تَثْبُتُ فِي الْأُمِّ، ثُمَّ تَتَعَدَّى.

رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، وَلَهَا لَبَنٌ. فَتَزَوَّجَتْ آخَرَ، وَحَبِلَتْ، وَنَزَلَ لَهَا لَبَنٌ - فَهُوَ لِلْأَوَّلِ مَا لَمْ تَلِدْ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: هُوَ مِنْهُمَا إِلَّا أَنْ يُعْرَفَ أَنَّهُ مِنَ الثَّانِي وَإِنَّهُ يُعْرَفُ بِالْغِلَظِ وَالرِّقَّةِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: هُوَ مِنْهُمَا مَا لَمْ تَضَعْ، فَإِذَا وَضَعَتْ فَمِنَ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ مِنَ الْأَوَّلِ بِيَقِينٍ. وَاحْتُمِلَ كَوْنُهُ مِنَ الثَّانِي فَيُجْعَلُ مِنْهُمَا احْتِيَاطًا لِلْمُحَرَّمَاتِ. وَكَذَلِكَ يَقُولُ أَبُو يُوسُفَ، إِلَّا إِذَا عَرَفْنَا أَنَّهُ مِنَ الثَّانِي، فَيُجْعَلُ مِنْهُ.

وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ: هُوَ مِنَ الْأَوَّلِ بِيَقِينٍ، وَوَقَعَ الشَّكُّ فِي كَوْنِهِ مِنَ الثَّانِي، وَالشَّكُّ لَا يُعَارِضُ الْيَقِينَ. فَإِذَا وَلَدَتْ تَيَقَّنَّا أَنَّهُ مِنَ الثَّانِي، وَلَا اعْتِبَارَ بِالْغِلَظِ وَالرِّقَّةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِ الْأَحْوَالِ وَالْأَغْذِيَةِ.

قَالَ: (وَإِذَا اخْتَلَطَ اللَّبَنُ بِخِلَافِ جِنْسِهِ كَالْمَاءِ وَالدُّهْنِ وَالنَّبِيذِ وَالدَّوَاءِ وَلَبَنِ الْبَهَائِمِ فَالْحُكْمُ لِلْغَالِبِ) ؛ فَإِنْ غَلَبَ اللَّبَنُ تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ، وَإِلَّا فَلَا. (وَكَذَلِكَ إِنِ اخْتَلَطَ بِجِنْسِهِ بِأَنِ اخْتَلَطَ لَبَنُ امْرَأَتَيْنِ) . وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ: تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ بِهِمَا؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يَصِيرُ مُسْتَهْلَكًا بِجِنْسِهِ، بَلْ يَتَقَوَّى بِهِ. وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَبَبٌ لِإِنْبَاتِ اللَّحْمِ وَإِنْشَازِ الْعَظْمِ.

وَلَنَا: أَنَّ مَنْفَعَةَ الْمَغْلُوبِ لَا تَظْهَرُ فِي مُقَابَلَةِ الْغَالِبِ؛ فَإِنَّ قَلِيلَ الْمَاءِ إِذَا وَقَعَ فِي الْبَحْرِ لَا يَبْقَى لِأَجْزَائِهِ مَنْفَعَةٌ؛ لِكَثْرَةِ التَّفَرُّقِ، وَإِذَا فَاتَتِ الْمَنْفَعَةُ بِسَبَبِ الْغَلَبَةِ بَقِيَ حُكْمُ الرَّضَاعِ لِلْكَثِيرِ.

(وَإِنِ اخْتَلَطَ بِالطَّعَامِ فَلَا حُكْمَ لَهُ، وَإِنْ غَلَبَ)، وَقَالَا: إِنْ غَلَبَ تَعَلَّقَ بِهِ التَّحْرِيمُ. وَالْخِلَافُ فِي غَيْرِ الْمَطْبُوخِ. أَمَّا الْمَطْبُوخُ لَا تَثْبُتُ بِهِ الْحُرْمَةُ بِالْإِجْمَاعِ. لَهُمَا: أَنَّ حُكْمَ الْمَغْلُوبِ لَا يَظْهَرُ فِي مُقَابَلَةِ الْغَالِبِ، فَصَارَ الْحُكْمُ لِلَّبَنِ. وَلَهُ: أَنَّ الطَّعَامَ يَسْلُبُ قُوَّةَ اللَّبَنِ، وَلَا يَكْتَفِي الصَّبِيُّ بِشُرْبِهِ. وَالتَّغَذِّي يَحْصُلُ بِالطَّعَامِ؛ إِذْ هُوَ الْأَصْلُ، فَكَانَ اللَّبَنُ تَبَعًا، بِخِلَافِ الدَّوَاءِ؛ لِأَنَّهُ يُقَوِّي اللَّبَنَ وَيَزِيدُ فِي قُوَّتِهِ.

ص: 119

وَتَتَعَلَّقُ الْحُرْمَةُ بِلَبَنِ الْمَرْأَةِ بَعْدَ مَوْتِهَا، وَكَذَلِكَ تَتَعَلَّقُ بِلَبَنِ الْبِكْرِ، وَلَا تَتَعَلَّقُ بِلَبَنِ الرَّجُلِ وَلَا بِالِاحْتِقَانِ، وَتَتَعَلَّقُ بِالِاسْتِعَاطِ وَالْإِيجَارِ.

وَإِذَا أَرْضَعَتِ امْرَأَتُهُ الْكَبِيرَةُ امْرَأَتَهُ الصَّغِيرَةَ حَرُمَتَا عَلَى الزَّوْجِ، وَلَا مَهْرَ لِلْكَبِيرَةِ إِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلِلصَّغِيرَةِ نِصْفُ الْمَهْرِ. وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْكَبِيرَةِ إِنْ كَانَتْ تَعَمَّدَتِ الْفَسَادَ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي التَّعَمُّدِ مَعَ يَمِينِهَا.

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

(وَتَتَعَلَّقُ الْحُرْمَةُ بِلَبَنِ الْمَرْأَةِ بَعْدَ مَوْتِهَا) ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِإِنْبَاتِ اللَّحْمِ وَإِنْشَازِ الْعَظْمِ، وَمَعْنَى الْغِذَاءِ لَا يَزُولُ بِالْمَوْتِ، وَصَارَ كَمَا إِذَا حَلَبَ مِنْهَا حَالَ حَيَاتِهَا. (وَكَذَلِكَ تَتَعَلَّقُ بِلَبَنِ الْبِكْرِ) ؛ لِمَا بَيَّنَّا.

(وَلَا تَتَعَلَّقُ بِلَبَنِ الرَّجُلِ) لَوْ نَزَلَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَبَنٍ حَقِيقَةً ; لَأَنَّ اللَّبَنَ لَا يَكُونُ إِلَّا مِمَّنْ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْوِلَادَةُ، كَذَا قَالُوا.

قَالَ: (وَلَا بِالِاحْتِقَانِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِلُ إِلَى الْمَعِدَةِ، فَلَا يَحْصُلُ بِهِ النُّشُوُّ وَالنُّشُوزُ، وَكَذَا إِذَا أَقْطَرَ فِي إِحْلِيلِهِ أَوْ أُذُنِهِ أَوْ جَائِفَةٍ أَوْ آمَّةٍ؛ لِمَا قُلْنَا. وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ الِاحْتِقَانَ تَثْبُتُ بِهِ الْحُرْمَةُ قِيَاسًا عَلَى فَسَادِ الصَّوْمِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُفْسِدَ فِي الصَّوْمِ التَّغَذِّي أَوِ التَّدَاوِي، وَأَنَّهُ حَاصِلٌ بِالِاحْتِقَانِ. أَمَّا الرَّضَاعُ إِنَّمَا يَثْبُتُ بِمَعْنَى النُّشُوِّ، وَأَنَّهُ مَعْدُومٌ فِي الِاحْتِقَانِ.

قَالَ: (وَتَتَعَلَّقُ بِالِاسْتِعَاطِ وَالْإِيجَارِ) ؛ لِأَنَّهُ يَصِلُ إِلَى الْمَعِدَةِ، فَيَحْصُلُ بِهِ النُّشُوُّ. امْرَأَةٌ أَدْخَلَتْ حَلَمَةَ ثَدْيِهَا فِي فَمِ رَضِيعٍ، وَلَا يُدْرَى أَدَخَلَ اللَّبَنُ فِي حَلْقِهِ أَمْ لَا - لَا يَحْرُمُ النِّكَاحُ. وَكَذَا صَبِيَّةٌ أَرْضَعَهَا بَعْضُ أَهْلِ الْقَرْيَةِ، وَلَا يُدْرَى مَنْ هُوَ، فَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ - يَجُوزُ؛ لِأَنَّ إِبَاحَةَ النِّكَاحِ أَصْلٌ، فَلَا يَزُولُ بِالشَّكِّ. وَيَجِبُ عَلَى النِّسَاءِ أَنْ لَا يُرْضِعْنَ كُلَّ صَبِيٍّ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، فَإِنْ فَعَلْنَ فَلْيَحْفَظْنَهُ أَوْ يَكْتُبْنَهُ احْتِيَاطًا.

قَالَ: (وَإِذَا أَرْضَعَتِ امْرَأَتُهُ الْكَبِيرَةُ امْرَأَتَهُ الصَّغِيرَةَ حَرُمَتَا عَلَى الزَّوْجِ) ؛ لِأَنَّهُمَا صَارَتَا أُمًّا وَبِنْتًا، وَالرَّضَاعُ الطَّارِئُ عَلَى النِّكَاحِ كَالْمُقَارَنِ فِي التَّحْرِيمِ كَحُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا بَقَاءَ لِلشَّيْءِ مَعَ الْمُنَافِي. (وَلَا مَهْرَ لِلْكَبِيرَةِ إِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ) ؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِهَا، (وَلِلصَّغِيرَةِ نِصْفُ الْمَهْرِ) ؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ لَيْسَتْ مِنْ قِبَلِهَا. وَلَا اعْتِبَارَ بِاخْتِيَارِهَا الْإِرْضَاعَ؛ لِأَنَّهَا مَجْبُولَةٌ عَلَيْهِ طَبْعًا.

(وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْكَبِيرَةِ إِنْ كَانَتْ تَعَمَّدَتِ الْفَسَادَ) ؛ لِأَنَّهَا مُسَبِّبَةٌ لِلْفُرْقَةِ؛ لِأَنَّ إِلْقَاءَ الثَّدْيِ فِي فَمِهَا سَبَبٌ لِوُصُولِ اللَّبَنِ إِلَى جَوْفِهَا، وَالتَّسْبِيبُ يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّعَدِّي كَحَافِرِ الْبِئْرِ. وَإِنْ لَمْ تَتَعَمَّدِ الْفَسَادَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَإِنْ عَلِمَتْ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ؛ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهَا مُسَبِّبَةٌ. وَالتَّعَدِّي يَثْبُتُ إِذَا عَلِمَتْ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ، وَقَصَدَتْ وُقُوعَ الْفُرْقَةِ بَيْنَهُمَا.

وَلَوْ لَمْ تَعْلَمْ بِالنِّكَاحِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ إِنْ عَلِمَتْ بِالنِّكَاحِ لَكِنْ قَصَدَتْ بِالْإِرْضَاعِ دَفْعَ الْجُوعِ وَالْهَلَاكِ عَنْهَا؛ لِأَنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِذَلِكَ. وَكَذَلِكَ لَوْ عَلِمَتْ بِالنِّكَاحِ دُونَ الْفَسَادِ لَا تَكُونُ مُتَعَدِّيَةً.

(وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي التَّعَمُّدِ مَعَ يَمِينِهَا) ؛ لِأَنَّهَا تُنْكِرُ الضَّمَانَ. وَلَوْ أَرْضَعَتْ زَوْجَةُ الْأَبِ امْرَأَةَ ابْنِهِ تَحْرُمُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ

ص: 120