الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَنْ مَلَكَ امْرَأَتَهُ أَوْ شِقْصًا مِنْهَا أَوْ مَلَكَتْهُ أَوْ شِقْصًا مِنْهُ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا.
وَصَرِيحُ الطَّلَاقِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ، وَهُوَ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْتِ طَالِقٌ وَمُطَلَّقَةٌ وَطَلَّقْتُكِ. وَالثَّانِي أَنْتِ الطَّلَاقُ، وَأَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ، وَأَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا، فَالْأَوَّلُ تَقَعُ بِهِ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ، وَلَا تَصِحُّ فِيهِ نِيَّةُ الثِّنْتَيْنِ وَالثَّلَاثِ. وَالثَّانِي تَقَعُ بِهِ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ، وَتَصِحُّ فِيهِ نِيَّةُ الثَّلَاثِ دُونَ الثِّنْتَيْنِ (ز) وَلَوْ نَوَى بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً، وَبِقَوْلِهِ طَلَاقًا أُخْرَى وَقَعَتَا،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
قَالَ: (وَمَنْ مَلَكَ امْرَأَتَهُ أَوْ شِقْصًا مِنْهَا، أَوْ مَلَكَتْهُ أَوْ شِقْصًا مِنْهُ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا) لِأَنَّ الْمِلْكِيَّةَ تَمْنَعُ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ لِمَا سَبَقَ فِي النِّكَاحِ فَتَمْنَعُهُ بَقَاءً كَالْمَحْرَمِيَّةِ وَالْمُصَاهَرَةِ وَالرَّضَاعِ.
[فصل صَرِيحُ الطَّلَاقِ]
فَصْلٌ (وَصَرِيحُ الطَّلَاقِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ) لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لَهُ شَرْعًا فَكَانَ حَقِيقَةً، وَالْحَقِيقَةُ لَا تَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ، وَيُعْقِبُ الرَّجْعَةَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: 228] وَلَوْ نَوَى الْإِبَانَةَ فَهُوَ رَجْعِيٌّ لِأَنَّهُ نَوَى ضِدَّ مَا وُضِعَ لَهُ شَرْعًا.
(وَهُوَ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْتِ طَالِقٌ وَمُطَلَّقَةٌ وَطَلَّقْتُكِ. وَالثَّانِي أَنْتِ الطَّلَاقُ، وَأَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ، وَأَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا. فَالْأَوَّلُ تَقَعُ بِهِ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَلَا تَصِحُّ فِيهِ نِيَّةُ الثِّنْتَيْنِ وَالثَّلَاثِ) لِأَنَّهُ نَعْتُ فَرْدٍ. يُقَالُ لِلْوَاحِدَةِ طَالِقٌ وَلِلثِّنْتَيْنِ طَالِقَانِ وَلِلثَّلَاثِ طَوَالِقٌ، وَنَعْتُ الْفَرْدِ لَا يَحْتَمِلُ الْعَدَدَ لِأَنَّهُ ضِدُّهُ، وَلَئِنْ قَالَ قَائِلٌ: ذِكْرُ الطَّالِقِ ذِكْرٌ لِلطَّلَاقِ حَتَّى صَحَّ ذِكْرُ الْعَدَدِ تَفْسِيرًا لَهُ، وَأَنَّهُ دَلِيلُ الْمَصْدَرِيَّةِ، وَالْمَصْدَرُ يَحْتَمِلُ الثَّلَاثَ. قُلْنَا هُوَ ذِكْرٌ لِطَلَاقٍ تَتَّصِفُ بِهِ الْمَرْأَةُ، وَالْعَدَدُ الْمَذْكُورُ بَعْدَهُ نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ طَلَاقًا ثَلَاثًا كَقَوْلِهِمْ: ضَرَبْتُهُ وَجِيعًا وَأَعْطَيْتُهُ جَزِيلًا.
(و) النَّوْعُ (الثَّانِي تَقَعُ بِهِ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ، وَتَصِحُّ فِيهِ نِيَّةُ الثَّلَاثِ دُونَ الثِّنْتَيْنِ) لِأَنَّهُ ذِكْرُ الْمَصْدَرِ، وَهُوَ يَحْتَمِلُ الْعُمُومَ لِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ، وَيَحْتَمِلُ الْأَدْنَى، فَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ يُحْمَلُ عَلَى الْوَاحِدَةِ لِأَنَّهُ مُتَيَقَّنٌ، وَإِنْ نَوَى الثَّلَاثَ وَقَعْنَ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلُ كَلَامِهِ، وَإِنَّمَا لَا تَصِحُّ نِيَّةُ الثِّنْتَيْنِ لِأَنَّهَا جِنْسُ الطَّلَاقِ لَا مِنْ حَيْثُ الْعَدَدِيَّةِ حَتَّى لَوْ كَانَتِ الزَّوْجَةُ أَمَةً صَحَّتْ نِيَّةُ الثِّنْتَيْنِ مِنْ حَيْثُ الْجِنْسِيَّةِ. وَقَالَ زُفَرُ: تَصِحُّ نِيَّةُ الثِّنْتَيْنِ لِأَنَّهَا بَعْضُ الثَّلَاثِ. وَجَوَابُهُ مَا قُلْنَا.
(وَلَوْ نَوَى بِقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ، وَاحِدَةً، وَبِقَوْلِهِ: طَلَاقًا أُخْرَى وَقَعَتَا) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ اللَّفْظَيْنِ يَحْتَمِلُ الْإِيقَاعَ، فَصَارَ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَلَاقًا فَإِنَّهُ يَقَعُ ثِنْتَانِ كَذَا هَاهُنَا، وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، وَقَالَ: عَنَيْتُ بِهِ عَنْ وِثَاقٍ لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً، وَلَوْ قَالَ عَنِ
وَإِذَا أَضَافَ الطَّلَاقَ إِلَى جُمْلَتِهَا أَوْ مَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنِ الْجُمْلَةِ كَالرَّقَبَةِ وَالْوَجْهِ وَالرُّوحِ وَالْجَسَدِ، أَوْ إِلَى جُزْءٍ شَائِعٍ مِنْهَا وَقَعَ، وَنِصْفُ الطَلْقَةِ تَطْلِيقَةٌ، وَكَذَلِكَ الثُّلُثُ، وَثَلَاثَةُ أَنْصَافِ تَطْلِيقَتَيْنِ ثَلَاثٌ، وَثَلَاثَةُ أَنْصَافِ تَطْلِيقَةٍ ثِنْتَانِ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
الْعَمَلِ يَدِينُ أَيْضًا، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ وِثَاقٍ أَوْ مِنْ هَذَا الْقَيْدِ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ فِي الْقَضَاءِ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ وَقَعَ قَضَاءً لَا دِيَانَةً، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا مِنْ هَذَا الْعَمَلِ طُلِّقَتْ ثَلَاثًا، وَلَا يُصَدَّقُ قَضَاءً أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ الطَّلَاقَ.
قَالَ: (وَإِذَا أَضَافَ الطَّلَاقَ إِلَى جُمْلَتِهَا أَوْ مَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنِ الْجُمْلَةِ كَالرَّقَبَةِ وَالْوَجْهِ وَالرُّوحِ وَالْجَسَدِ، أَوْ إِلَى جُزْءٍ شَائِعٍ مِنْهَا وَقَعَ) لِأَنَّهَا مَحَلُّ الطَّلَاقِ، فَإِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فَقَدْ أَضَافَ الطَّلَاقَ إِلَى مَحَلِّهِ فَيَصِحُّ. وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ جُمْلَةِ الْبَدَنِ. قَالَ تَعَالَى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المجادلة: 3] وَالْمُرَادُ الْجُمْلَةُ. وَيُقَالُ يَا وَجْهَ الْعَرَبِ، وَقَالَ عليه الصلاة والسلام:«لَعَنَ اللَّهُ الْفُرُوجَ عَلَى السُّرُوجِ» ، وَيُقَالُ: أَنَا بِخَيْرٍ مَا سَلَمَ رَأْسُكَ وَمَا بَقِيَتْ رُوحُكَ. وَيُرَادُ الْجَمِيعُ. وَالْجَسَدُ عِبَارَةٌ عَنِ الْجَمِيعِ، وَكَذَلِكَ الْعُنُقُ. قَالَ تَعَالَى:{فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ} [الشعراء: 4] وَكَذَلِكَ الدَّمُ يُقَالُ: دَمُهُ هَدَرٌ، وَهَذَا عَلَى مَا ذَكَرَ فِي الْكَفَالَةِ أَنَّهُ لَوْ تَكَفَّلَ بِدَمِهِ يَصِحُّ، وَأَشَارَ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ قَالَ: لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ دَمُكَ حُرٌّ لَا يُعْتَقُ. وَفِي الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ رِوَايَتَانِ، وَإِنَّمَا يَقَعُ بِالْإِضَافَةِ إِلَى هَذِهِ الْأَعْضَاءِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ لَا بِالْإِضَافَةِ إِلَيْهَا حَتَّى لَوْ قَالَ: الرَّأْسُ مِنْكِ طَالِقٌ أَوِ الْوَجْهُ، أَوْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى الرَّأْسِ أَوِ الْعُنُقِ وَقَالَ: هَذَا الْعُضْوُ طَالِقٌ لَا يَقَعُ. وَأَمَّا الْجُزْءُ الشَّائِعُ كَالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ فَلِأَنَّهُ قَابِلٌ لِسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ بَيْعًا وَإِجَارَةً وَغَيْرَهُمَا، وَلِهَذَا يَصِحُّ إِضَافَةُ النِّكَاحِ إِلَيْهِ فَكَذَا الطَّلَاقُ، لَكِنْ لَا يَتَجَزَّأُ فِي حُكْمِ الطَّلَاقِ فَيَثْبُتُ فِي الْكُلِّ، وَلَوْ أَضَافَهُ إِلَى الْيَدِ وَالرِّجْلِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا لَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنِ الْبَدَنِ لَا يَقَعُ كَالْأُصْبُعِ وَالشَّعَرِ، لِأَنَّهُ أَضَافَهُ إِلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ فَصَارَ كَإِضَافَتِهِ إِلَى الرِّيقِ وَالظُّفْرِ، وَهَذَا لِأَنَّ الطَّلَاقَ رَفَعَ الْقَيْدَ وَلَا قَيْدَ فِي هَذِهِ الْأَعْضَاءِ، لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إِضَافَةُ النِّكَاحِ إِلَيْهَا، بِخِلَافِ الْجُزْءِ الشَّائِعِ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَلَوْ تَعَارَفَ قَوْمٌ أَنَّ الْيَدَ يُعَبَّرُ بِهَا عَنِ الْبَدَنِ عُرْفًا ظَاهِرًا يَقَعُ الطَّلَاقُ.
قَالَ: (وَنِصْفُ الطَّلْقَةِ تَطْلِيقَةٌ وَكَذَلِكَ الثُّلُثُ) فَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ أَوْ ثُلُثَ تَطْلِيقَةٍ وَقَعَتْ تَطْلِيقَةٌ، لِأَنَّ ذِكْرَ بَعْضِ مَا لَا يَتَجَزَّأُ كَذِكْرِ كُلِّهِ. وَكَذَلِكَ كُلُّ جُزْءٍ شَائِعٍ مِنَ التَّطْلِيقَةِ لِمَا قُلْنَا.
(وَثَلَاثَةُ أَنْصَافِ تَطْلِيقَتَيْنِ ثَلَاثٌ) لِأَنَّ نِصْفَ التَطْلِيقَتَيْنِ وَاحِدَةٌ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا.
(وَثَلَاثَةُ أَنْصَافِ تَطْلِيقَةٍ ثِنْتَانِ) لِأَنَّ ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ تَطْلِيقَةٍ تَطْلِيقَةٌ وَنِصْفٌ وَأَنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ فَيُكَمَّلُ النِّصْفُ فَيَصِيرُ تَطْلِيقَتَيْنِ، وَقِيلَ: ثَلَاثٌ لِأَنَّهُ يُكَمَّلُ كُلُّ نِصْفٍ فَيَكُونُ ثَلَاثًا، وَلَوْ قَالَ: نِصْفَيْ تَطْلِيقَةٍ فَهِيَ وَاحِدَةٌ كَنِصْفَيْ دِرْهَمٍ يَكُونُ دِرْهَمًا، وَلَوْ قَالَ: نِصْفَيْ تَطْلِيقَتَيْنِ فَثِنْتَانِ كَنِصْفَيْ دِرْهَمَيْنِ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ وَثُلُثَ تَطْلِيقَةٍ وَسُدُسَ تَطْلِيقَةٍ يَقَعُ ثَلَاثٌ. وَلَوْ قَالَ:
وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ وَاحِدَةٍ إِلَى ثَلَاثٍ يَقَعُ ثِنْتَانِ (سم) وَإِلَى ثِنْتَيْنِ تَقَعُ وَاحِدَةٌ (سم)، وَلَوْ قَالَ: وَاحِدَةٌ فِي ثِنْتَيْنِ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ، وَثِنْتَيْنِ فِي ثِنْتَيْنِ اثْنَتَانِ وَإِنْ نَوَى الْحِسَابَ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ هُنَا إِلَى الشَّامِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ بِمَكَّةَ أَوْ فِي مَكَّةَ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا تَقَعُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ، وَلَوْ نَوَى آَخِرَ النَّهَارِ صُدِّقَ دِيَانَةً،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
نِصْفُ تَطْلِيقَةٍ وَثُلُثُهَا وَسُدُسُهَا تَقَعُ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْأَجْزَاءَ إِلَى تَطْلِيقَةٍ وَاحِدَةٍ، وَفِي الْأُولَى أَضَافَ كُلَّ جُزْءٍ إِلَى تَطْلِيقَةٍ مُنَكَّرَةٍ، فَاقْتَضَى كُلُّ جُزْءٍ تَطْلِيقَةً عَلَى حِدَةٍ، فَإِنْ جَاوَزَ الْمَجْمُوعُ الْأَجْزَاءَ كَقَوْلِهِ: نِصْفُ تَطْلِيقَةٍ وَثُلُثُهَا وَرُبُعُهَا. قِيلَ: وَاحِدَةٌ، وَقِيلَ: ثِنْتَانِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ، لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الْوَاحِدَةِ مِنْ تَطْلِيقَةٍ أُخْرَى، فَكَأَنَّهُ أَوْقَعَ وَاحِدَةً وَبَعْضَ أُخْرَى فَتَتَكَامَلُ.
وَلَوْ قَالَ لِنِسَائِهِ وَهُنَّ أَرْبَعٌ: بَيْنَكُنَّ تَطْلِيقَةٌ، تَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ تَطْلِيقَةٌ، لِأَنَّ الْوَاحِدَةَ إِذَا قُسِّمَتْ بَيْنَهُنَّ أَصَابَ كُلَّ وَاحِدَةٍ رُبُعُهَا فَتَكْمُلُ، وَكَذَلِكَ ثِنْتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ أَوْ أَرْبَعٌ، لِأَنَّ الثِّنْتَيْنِ إِذَا قُسِّمَتَا بَيْنَهُنَّ أَصَابَ كُلَّ وَاحِدَةٍ نِصْفٌ، وَمِنَ الثَّلَاثِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ فَتَكْمُلُ، وَمِنَ الْأَرْبَعِ كُلُّ وَاحِدَةٍ وَاحِدَةٌ، وَلَا يُقَسَّمُ كُلُّ وَاحِدَةٍ وَحْدَهَا لِأَنَّ الْقِسْمَةَ فِي الْجِنْسِ الَّذِي لَا يَتَفَاوَتُ يَقَعُ عَلَى جُمْلَتِهِ، وَإِنَّمَا يُقَسَّمُ الْآحَادُ إِذَا كَانَ مُتَفَاوِتًا، فَإِنْ نَوَى قِسْمَةَ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِانْفِرَادِهَا وَقَعَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ شَدَّدَ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَوْ قَالَ: خَمْسٌ، طُلِّقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ ثِنْتَيْنِ، وَكَذَلِكَ إِلَى ثَمَانِيَةٍ، وَلَوْ قَالَ: تِسْعُ تَطْلِيقَاتٍ، طُلِّقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثًا لِمَا مَرَّ، وَلَوْ قَالَ: فُلَانَةٌ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَفُلَانَةٌ مَعَهَا، أَوْ قَالَ: أَشْرَكْتُ فُلَانَةً مَعَهَا فِي الطَّلَاقِ طُلِّقَتَا ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَلَوْ قَالَ لِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ: أَنْتُنَّ طَوَالِقُ ثَلَاثًا طُلِّقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثًا.
(وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ وَاحِدَةٍ إِلَى ثَلَاثٍ يَقَعُ ثِنْتَانِ، وَإِلَى ثِنْتَيْنِ تَقَعُ وَاحِدَةٌ) وَقَالَا: يَقَعُ فِي الْأُولَى ثَلَاثٌ، وَفِي الثَّانِيَةِ ثِنْتَانِ وَقَدْ مَرَّتْ فِي الْإِقْرَارِ.
(وَلَوْ قَالَ: وَاحِدَةٌ فِي ثِنْتَيْنِ، وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ، وَثِنْتَيْنِ فِي ثِنْتَيْنِ اثْنَتَانِ، وَإِنْ نَوَى الْحِسَابَ) وَقَدْ مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ أَيْضًا.
قَالَ: (وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ هُنَا إِلَى الشَّامِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ) لِأَنَّهُ لَمْ يَزِدْهَا وَصْفًا بِقَوْلِهِ: إِلَى الشَّامِ لِأَنَّهَا مَتَى طَلُقَتْ يَقَعُ فِي جَمِيعِ الْأَمَاكِنِ.
(وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ بِمَكَّةَ أَوْ فِي مَكَّةَ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ) لِمَا بَيَّنَّا، وَإِنْ عَنَى بِهِ إِذَا أَتَيْتُ مَكَّةَ لَمْ يُصَدَّقْ قَضَاءً لِأَنَّ الْإِضْمَارَ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَلَوْ قَالَ: فِي دُخُولِكِ مَكَّةَ تَعَلَّقَ الطَّلَاقُ بِالدُّخُولِ لِأَنَّهُ تَعَذُّرُ الظَّرْفِيَّةِ وَالشَّرْطُ قَرِيبٌ مِنَ الظَّرْفِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ.
قَالَ: (وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا تَقَعُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ) لِأَنَّهُ وَصَفَهَا بِالطَّالِقِيَّةِ فِي جَمِيعِ الْغَدِ، فَلَزِمَ أَنْ تَكُونَ طَالِقًا فِي جَمِيعِهِ، وَلَا ذَلِكَ إِلَّا بِوُقُوعِهِ فِي أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ (وَلَوْ نَوَى آخِرَ النَّهَارِ صُدِّقَ دِيَانَةً) لَا قَضَاءً لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلظَّاهِرِ، إِلَّا أَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ لِأَنَّهُ تَخْصِيصٌ فَيُصَدَّقُ دِيَانَةً.
وَلَوْ قَالَ: فِي غَدٍ صَحَّتْ قَضَاءً (سم) أَيْضًا، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ غَدًا، أَوْ غَدًا الْيَوْمَ يُؤْخَذُ بِأَوَّلِهِمَا ذِكْرًا، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَكِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مَا لَمْ أُطَلِّقْكِ، أَوْ مَتَى مَا لَمْ أُطَلِّقْكِ، أَوْ مَتَى لَمْ أُطَلِّقْكِ وَسَكَتَ طَلُقَتْ، وَإِنْ قَالَ: إِنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ، أَوْ إِذَا لَمْ (سم) أُطَلِّقْكِ، أَوْ إِذَا مَا لَمْ (سم) أُطَلِّقْكِ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَمُوتَ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا مَا لَمْ أُطَلِّقْكِ أَنْتِ طَالِقٌ فَهِيَ طَالِقٌ هَذِهِ الْوَاحِدَةَ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
(وَلَوْ قَالَ: فِي غَدٍ صَحَّتْ قَضَاءً أَيْضًا) لِأَنَّهُ حَقِيقَةُ كَلَامِهِ لِأَنَّ الظَّرْفَ لَا يُوجِبُ اسْتِيعَابَ الْمَظْرُوفِ، وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ لِعَدَمِ الْمُزَاحَمَةِ، وَقَالَا: هُوَ وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ، لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُمَا الظَّرْفِيَّةُ لِأَنَّ نَصْبَ (غَدًا) عَلَى الظَّرْفِيَّةِ فَلَا فَرْقَ. وَجَوَابُهُ أَنَّ قَوْلَهُ:(غَدًا) لِلِاسْتِيعَابِ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ: لَا أُكَلِّمُكَ شَهْرًا وَفِي الشَّهْرِ، وَدَهْرًا وَفِي الدَّهْرِ، وَإِذَا كَانَ لِلِاسْتِيعَابِ فَإِذَا نَوَى الْبَعْضَ فَقَدْ نَوَى التَّخْصِيصَ كَمَا بَيَّنَّا، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ أَنْتِ طَالِقٌ فِي رَمَضَانَ وَنَوَى آخِرَهُ.
(وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ غَدًا، أَوْ غَدًا الْيَوْمَ يُؤْخَذُ بِأَوَّلِهِمَا ذِكْرًا)، لِأَنَّ قَوْلَهُ: الْيَوْمَ تَنْجِيزٌ فَلَا يَتَأَخَّرُ، وَقَوْلَهُ غَدًا إِضَافَةٌ، وَالتَّنْجِيزُ إِبْطَالٌ لِلْإِضَافَةِ فَيَلْغُو.
قَالَ: (وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَكِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ) وَكَذَا أَمْسِ وَقَدْ تَزَوَّجَهَا الْيَوْمَ، لِأَنَّهُ أَسْنَدَ إِلَى حَالَةٍ مُنَافِيَةٍ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فَلَا يَقَعُ كَقَوْلِهِ: قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ، وَلَوْ كَانَ تَزَوَّجَهَا أَوَّلَ مِنْ أَمْسِ وَقَعَ السَّاعَةَ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ فِي مِلْكِهِ فَيَقَعُ.
(وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مَا لَمْ أُطَلِّقْكِ، أَوْ مَتَى مَا لَمْ أُطَلِّقْكِ، أَوْ مَتَى لَمْ أُطَلِّقْكِ وَسَكَتَ طَلُقَتْ) لِوُجُودِ شَرْطِ الْوُقُوعِ بِالسُّكُوتِ، وَهُوَ زَمَانٌ خَالٍ عَنِ التَّطْلِيقِ، لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ لِلْوَقْتِ، أَمَّا " مَتَى " و" مَتَى مَا " فَحَقِيقَةٌ فِيهِ، وَأَمَّا " مَا " فَإِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ فِيهِ، قَالَ تَعَالَى:{مَا دُمْتُ حَيًّا} [مريم: 31] أَيْ وَقْتَ الْحَيَاةِ، (وَإِنْ قَالَ: إِنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ، أَوْ إِذَا لَمْ أُطَلِّقْكِ، أَوْ إِذَا مَا لَمْ أُطَلِّقْكِ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَمُوتَ) لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ لِلشَّرْطِ فَكَانَ الطَّلَاقُ مُعَلَّقًا بِعَدَمِ التَّعْلِيقِ فَلَا يَتَحَقَّقُ الْعَدَمُ إِلَّا بِالْمَوْتِ، أَمَّا " إِن " فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا " إِذَا " و" إِذَا مَا " فَكَذَلِكَ عِنْدَهُ، وَقَالَا: هُمَا بِمَعْنَى " مَتَى "، قَالَ تَعَالَى:{إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: 1] وَأَمْثَالُهَا وَالْمُرَادُ الْوَقْتُ، وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ لِلشَّرْطِ أَيْضًا، قَالَ:
وَإِذَا تُصِبْكَ خَصَاصَةٌ فَتَحَمَّلِ
جَزَمَ بِهَا وَهِيَ دَلِيلُ الشَّرْطِيَّةِ.
وَإِذَا اسْتُعْمِلَتْ فِي الْأَمْرَيْنِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالشَّكِّ لِاحْتِمَالِ إِرَادَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ: طَلِّقِي نَفْسَكِ إِذَا شِئْتِ، حَيْثُ لَا يَخْرُجُ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا بِالْقِيَامِ عَنِ الْمَجْلِسِ، وَيُحْمَلُ عَلَى الْوَقْتِ لِأَنَّهُ لَمَّا احْتَمَلَهُمَا وَقَدْ مَلَكَهَا فَلَا يَخْرُجُ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا بِالشَّكِّ.
(وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا مَا لَمْ أُطَلِّقْكِ أَنْتِ طَالِقٌ فَهِيَ طَالِقٌ هَذِهِ الْوَاحِدَةُ) لِأَنَّهُ وُجِدَ شَرْطُ الْبِرِّ، وَهُوَ عَدَمُ الْوَقْتِ