المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل أبان امرأته في مرضه ثم مات] - الاختيار لتعليل المختار - جـ ٣

[ابن مودود الموصلي]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الْحَوَالَةِ

- ‌كِتَابُ الصُّلْحِ

- ‌كِتَابُ الشَّرِكَةِ

- ‌كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَدِيعَةِ

- ‌كِتَابُ اللَّقِيطِ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطَةِ

- ‌كِتَابُ الْآبِقِ

- ‌كِتَابُ الْمَفْقُودِ

- ‌كِتَابُ الْخُنْثَى

- ‌[فصل أحكام الْخُنْثَى]

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌[فصل الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ]

- ‌[فصل الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى]

- ‌كِتَابُ الْعَارِيَةِ

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌فَصْلٌزَوَائِدُ الْغَصْبِ

- ‌كِتَابُ إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌كِتَابُ الشِّرْبِ

- ‌[فصل كرى الأنهار العظام على بيت المال]

- ‌كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ

- ‌كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌[ما يشترط في الشهود في النكاح]

- ‌[فَصْلُ مُحَرَّمَاتُ النِّكَاحِ]

- ‌[فصل نِكَاحُ الْمُتْعَةِ وَالنِّكَاحُ الْمُؤَقَّتُ]

- ‌[فَصْلٌ: عِبَارَةُ النِّسَاءِ مُعْتَبَرَةٌ فِي النِّكَاحِ]

- ‌[تَرْتِيبُ الْأَوْلِيَاءِ]

- ‌[فصل الكفاءة في النكاح]

- ‌[فصل أَقَلُّ الْمَهْرِ وَأَكْثَرُهُ]

- ‌[فصل مَهْرُ الْمِثْلِ]

- ‌فَصْلٌ [نِكَاحُ الْعَبْدِ بِإِذْنِ الْمَوْلَى]

- ‌فَصْلٌ [نِكَاحُ الذِّمِّيَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ]

- ‌[فصل عيوب الزوجية]

- ‌[فصل الْعَدْلُ فِي الْقَسْمِ]

- ‌كِتَابُ الرَّضَاعِ

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌[حكم طلاق المكره والسكران والأخرس والهازل]

- ‌[فصل صَرِيحُ الطَّلَاقِ]

- ‌[فصل وصف الطَّلَاقِ]

- ‌[فصل الطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ]

- ‌[فصل كِنَايَاتُ الطَّلَاقِ]

- ‌[تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ]

- ‌[فصل الطَّلَاقُ بِالْمَشِيئَةِ]

- ‌[فصل أبان امرأته في مرضه ثم مات]

- ‌بَابُ الرَّجْعَةِ

- ‌بَابُ الْإِيلَاءِ

- ‌[فصل الْفَيْءُ أَوْ سُقُوطُ الْإِيلَاءِ]

- ‌بَابُ الْخَلْعِ

- ‌بَابُ الظِّهَارِ

- ‌[فصل كفارة الظِّهَار]

- ‌بَابُ اللِّعَانِ

- ‌بَابُ الْعِدَّةِ

- ‌[فصل في الأقراء وهي الحيض]

- ‌[فصل في الحداد]

- ‌[فصل أَقَلُّ الْحَمْلِ وَأَكْثَرُهُ]

الفصل: ‌[فصل أبان امرأته في مرضه ثم مات]

وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً بَطَلَ الْاسْتِثْنَاءُ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ عَشْرَةً إِلَّا تِسْعَةً وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ، وَلَوْ قَالَ: إِلَّا ثَمَانِيَةً فَثِنْتَانِ.

وَمَنْ أَبَانَ امْرَأَتَهُ فِي مَرَضِهِ ثُمَّ مَاتَ وَرِثَتْهُ إِنْ كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ، وَإِنِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا لَمْ تَرِثْ.

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِمَا تَقَعُ وَاحِدَةٌ بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

(وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً بَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ) لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى الْكُلَّ.

(وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ عَشْرَةً إِلَّا تِسْعَةً وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ، وَلَوْ قَالَ: إِلَّا ثَمَانِيَةً فَثِنْتَانِ) وَأَصْلُهُ أَنَّهُ إِذَا أَوْقَعَ أَكْثَرَ مِنَ الثَّلَاثِ ثُمَّ اسْتَثْنَى وَالْكَلَامُ كُلُّهُ صَحِيحٌ فَالِاسْتِثْنَاءُ عَامِلٌ فِي جُمْلَةِ الْكَلَامِ وَلَا يَكُونُ مُسْتَثْنِيًا مِنْ جُمْلَةِ الثَّلَاثِ الَّتِي يَصِحُّ وُقُوعُهَا، فَيَقَعُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ جُمْلَةِ الْكَلَامِ، وَيَقَعُ مَا بَقِيَ إِنْ كَانَ ثَلَاثًا أَوْ أَقَلَّ، لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَتْبَعُ اللَّفْظَ وَلَا يَتْبَعُ الْحُكْمَ.

وَالْجُمْلَةُ الْمُتَلَفَّظُ بِهَا جُمْلَةٌ وَاحِدَةٌ فَيَدْخُلُ الِاسْتِثْنَاءُ عَلَيْهَا فَيُسْقِطُ مَا تَضَمَّنَهُ الِاسْتِثْنَاءُ، وَتَقَعُ بَقِيَّةُ الْجُمْلَةِ إِنْ كَانَ مِمَّا يَصِحُّ وُقُوعُهُ.

وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا ثَلَاثًا إِلَّا وَاحِدَةً وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ كُلَّ اسْتِثْنَاءٍ مِمَّا يَلِيهِ، فَإِذَا اسْتَثْنَيْتَ الْوَاحِدَةَ مِنَ الثَّلَاثَةِ بَقِيَتْ ثِنْتَانِ، وَإِذَا اسْتَثْنَيْتَهُمَا مِنَ الثَّلَاثِ بَقِيَتْ وَاحِدَةٌ، كَأَنَّهُ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا اثْنَتَيْنِ، فَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا ثَلَاثًا إِلَّا اثْنَتَيْنِ إِلَّا وَاحِدَةً تَقَعُ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى الْوَاحِدَةَ مِنَ الثِّنْتَيْنِ فَتَبْقَى وَاحِدَةٌ فَيَسْتَثْنِيهَا مِنَ الثَّلَاثِ يَبْقَى ثِنْتَانِ يَسْتَثْنِيهِمَا مِنَ الثَّلَاثِ تَبْقَى وَاحِدَةٌ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: عَشْرَةٌ إِلَّا تِسْعَةً إِلَّا ثَمَانِيَةً إِلَّا سَبْعَةً تَقَعُ ثِنْتَانِ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى السَّبْعَةَ مِنَ الثَّمَانِيَةِ تَبْقَى وَاحِدَةٌ، ثُمَّ اسْتَثْنَى الْوَاحِدَةَ مِنَ التِّسْعَةِ تَبْقَى ثَمَانِيَةٌ، ثُمَّ اسْتَثْنَى الثَّمَانِيَةَ مِنَ الْعَشْرَةِ تَبْقَى ثِنْتَانِ، وَعَلَى هَذَا جَمِيعُ هَذَا النَّوْعِ، وَتَقْرِيبُهُ أَنْ تَعْقِدَ الْعَدَدَ الْأَوَّلَ بِيَمِينِكَ وَالثَّانِيَ بِيَسَارِكَ وَالثَّالِثَ بِيَمِينِكَ وَالرَّابِعَ بِيَسَارِكَ، ثُمَّ أَسْقِطْ مَا اجْتَمَعَ فِي يَسَارِكَ مِمَّا اجْتَمَعَ بِيَمِينِكَ فَمَا بَقِيَ فَهُوَ الْمُوقَعُ.

[فصل أبان امرأته في مرضه ثم مات]

فَصْلٌ (وَمَنْ أَبَانَ امْرَأَتَهُ فِي مَرَضِهِ ثُمَّ مَاتَ وَرِثَتْهُ إِنْ كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ، وَإِنِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا لَمْ تَرِثْ)

ص: 143

وَإِنْ أَبَانَهَا بِأَمْرِهَا، أَوْ جَاءَتِ الْفُرْقَةُ مِنْ جِهَتِهَا فِي مَرَضِهِ لَمْ تَرِثْ كَالْمُخَيَّرَةِ، وَالْمُخَيَّرَةُ بِسَبَبِ الْجَبِّ وَالْعُنَّةِ وَالْبُلُوغِ وَالْعِتْقِ، وَلَوْ فَعَلَتْ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْخِيَارَاتِ وَهِيَ مَرِيضَةٌ وَرِثَهَا إِذَا مَاتَتْ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ، وَمَرَضُ الْمَوْتِ هُوَ الْمَرَضُ الَذِي أَضْنَاهُ وَأَعْجَزَهُ عَنِ الْقِيَامِ بِحَوَائِجِهِ، فَأَمَّا مَنْ يَجِيءُ وَيَذْهَبُ بِحَوَائِجِهِ وَيُحَمُّ فَلَا، وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ بِفِعْلِهِ وَفَعَلَهُ فِي الْمَرَضِ وَرِثَتْ، وَإِنْ عَلَّقَهُ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ بِمَجِيءِ الْوَقْتِ فِي الْمَرَضِ مِثْلُ قَوْلِهِ: إِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

وَأَصْلُهُ أَنَّ الزَّوْجِيَّةَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ سَبَبٌ يُفْضِي إِلَى الْإِرْثِ غَالِبًا، فَإِبْطَالُهُ يَكُونُ ضَرَرًا بِصَاحِبِهِ، فَوَجَبَ رَدُّهُ دَفْعًا لِهَذَا الضَّرَرِ فِي حَقِّ الْإِرْثِ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ كَمَا فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ، وَتَعَذَّرَ إِبْقَاءُ الزَّوْجِيَّةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ أَثَرٌ وَلَا حُكْمٌ.

قَالَ: (وَإِنْ أَبَانَهَا بِأَمْرِهَا، أَوْ جَاءَتِ الْفُرْقَةُ مِنْ جِهَتِهَا فِي مَرَضِهِ لَمْ تَرْثِ كَالْمُخَيَّرَةِ، وَالْمُخَيَّرَةُ بِسَبَبِ الْجَبِّ وَالْعُنَّةِ وَالْبُلُوغِ وَالْعِتْقِ) لِأَنَّا إِنَّمَا اعْتَبَرْنَا قِيَامَ الزَّوْجِيَّةِ مَعَ الْمُبْطِلِ نَظَرًا لَهَا، فَإِذَا رَضِيَتْ بِالْمُبْطِلِ لَمْ تَبْقَ مُسْتَحِقَّةً لِلنَّظَرِ فَعَمِلَ الْمُبْطِلُ وَهُوَ الطَّلَاقُ عَمَلُهُ.

(وَلَوْ فَعَلَتْ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْخِيَارَاتِ وَهِيَ مَرِيضَةٌ وَرِثَهَا إِذَا مَاتَتْ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ) لِأَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ مِنْ إِبْطَالِ حَقِّهِ فَبَقَّيْنَا النِّكَاحَ فِي حَقِّ الْإِرْثِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ إِلَّا فِي الْجَبِّ وَالْعُنَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَرِثُهَا لِأَنَّهُ طَلَاقٌ وَهُوَ مُضَافٌ إِلَى الزَّوْجِ.

(وَمَرَضُ الْمَوْتِ هُوَ الْمَرَضُ الَّذِي أَضْنَاهُ وَأَعْجَزَهُ عَنِ الْقِيَامِ بِحَوَائِجِهِ، فَأَمَّا مَنْ يَجِيءُ وَيَذْهَبُ بِحَوَائِجِهِ وَيُحَمُّ فَلَا) وَقِيلَ: إِنْ أَمْكَنَهُ الْقِيَامُ بِحَوَائِجِهِ فِي الْبَيْتِ وَعَجَزَ عَنْهَا خَارِجَ الْبَيْتِ فَهُوَ مَرِيضٌ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إِذَا كَانَ مُضْنًى لَا يَقُومُ إِلَّا بِشِدَّةٍ وَتَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ جَالِسًا فَهُوَ مَرِيضٌ، وَالْمَحْصُورُ وَالْوَاقِفُ فِي صَفِّ الْقِتَالِ وَالْمَحْبُوسُ لِلرَّجْمِ وَالْقِصَاصِ وَرَاكِبُ السَّفِينَةِ وَالنَّازِلُ فِي مَسْبَعَةٍ يَخَافُ الْهَلَاكَ كَالصَّحِيحِ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ السَّلَامَةُ، وَمَنْ قُدِّمَ لِلْقِصَاصِ وَالرَّجْمِ أَوْ بَارَزَ رَجُلًا أَوِ انْكَسَرَتِ السَّفِينَةُ وَبَقِيَ عَلَى لَوْحٍ أَوْ وَقَعَ فِي فَمِ سَبْعٍ كَالْمَرِيضِ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ إِذَا ضَرَبَهَا الطَّلْقُ.

أَمَّا الْمُقْعَدُ وَالْمَفْلُوجُ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ كَالصَّحِيحِ، وَإِذَا كَانَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مِمَّنْ لَا يَرِثُ الْآخَرَ كَالْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ مَعَ الْحُرَّةِ، وَالْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ مَعَ الْمُسْلِمِ، فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا فِي مَرَضِهِ ثُمَّ صَارَ فِي حَالٍ يَتَوَارَثَانِ لَوْ لَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ لَا تَرِثُهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ حَقُّهَا بِمَالِهِ حَالَةَ الطَّلَاقِ فَلَمْ يَكُنْ فَارًّا فَلَا يُتَّهَمُ.

(وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ بِفِعْلِهِ وَفَعَلَهُ فِي الْمَرَضِ وَرِثَتْ) سَوَاءٌ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ أَوِ الْمَرَضِ لِأَنَّهُ قَصَدَ إِضْرَارَهَا حَيْثُ بَاشَرَ شَرْطَ الْحِنْثِ فِي الْمَرَضِ، وَسَوَاءٌ كَانَ لَهُ بُدٌّ مِنَ الْفِعْلِ أَوْ لَمْ يَكُنْ، أَمَّا إِذَا كَانَ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ فَلِأَنَّ لَهُ بُدًّا مِنَ التَّعْلِيقِ فَكَانَ مُضَافًا إِلَيْهِ.

(وَإِنْ عَلَّقَهُ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ بِمَجِيءِ الْوَقْتِ فِي الْمَرَضِ مِثْلَ قَوْلِهِ: إِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ

ص: 144

فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ إِنْ دَخَلَ فُلَانٌ الدَّارَ أَوْ صَلَّى الظُّهْرَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِنْ كَانَ التَّعْلِيقُ وَالشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ وَرِثَتْ، وَإِنْ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ وَالشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ لَمْ تَرِثْ (ز) ، وَإِنْ عَلَّقَهُ بِفِعْلِهَا وَلَهَا مِنْهُ بُدٌّ لَمْ تَرِثْ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مِنْهُ بُدٌّ كَالصَّلَاةِ وَكَلَامِ الْأَقَارِبِ وَأَكْلِ الطَّعَامِ وَاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ وَرِثَتْ (م) .

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ إِنْ دَخَلَ فُلَانٌ الدَّارَ أَوْ صَلَّى الظُّهْرَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِنْ كَانَ التَّعْلِيقُ وَالشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ وَرِثَتْ) لِأَنَّهُ قَصَدَ إِضْرَارَهَا بِمُبَاشَرَةِ التَّعْلِيقِ فِي الْمَرَضِ حَالَ تَعَلُّقِ حَقِّهَا بِمَالِهِ.

(وَإِنْ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ وَالشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ لَمْ تَرِثْ) خِلَافًا لِزُفَرَ، لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ يَنْزِلُ عِنْدَ الشَّرْطِ فَصَارَ كَالْمُنَجَّزِ فِي الْمَرَضِ. وَلَنَا أَنَّهُ إِنَّمَا يَصِيرُ تَطْلِيقًا عِنْدَ الشَّرْطِ حُكْمًا لَا قَصْدًا وَلَا ظُلْمًا إِلَّا عِنْدَ الْقَصْدِ.

(وَإِنْ عَلَّقَهُ بِفِعْلِهَا وَلَهَا مِنْهُ بُدٌّ لَمْ تَرِثْ عَلَى كُلِّ حَالٍ) لِأَنَّهَا رَاضِيَةٌ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مِنْهُ بُدٌّ كَالصَّلَاةِ وَكَلَامِ الْأَقَارِبِ وَأَكْلِ الطَّعَامِ وَاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ وَرِثَتْ)، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: إِذَا كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ لَا تَرِثُ لِأَنَّهُ لَا صُنْعَ لَهُ فِي إِبْطَالِ الشَّرْطِ فَلَمْ يَقْصِدْ إِبْطَالَ حَقِّهَا. وَلَهُمَا أَنَّهَا مُضْطَرَّةٌ إِلَى الْمُبَاشَرَةِ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِتَرْكِهَا مِنَ الْعِقَابِ فِي الْآخِرَةِ وَالضَّرَرِ فِي الدُّنْيَا، وَالزَّوْجُ هُوَ الَّذِي أَلْجَأَهَا إِلَى الْمُبَاشَرَةِ فَيَنْتَقِلُ فِعْلُهَا إِلَيْهِ وَتَصِيرُ كَالْآلَةِ كَمَا قُلْنَا فِي الْإِكْرَاهِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ مَرَضُ الْمَوْتِ إِذَا مَاتَ مِنْهُ، أَمَّا لَوْ بَرِئَ ثُمَّ مَاتَ انْقَطَعَ حُكْمُ الْمَرَضِ الْأَوَّلِ.

1 -

فَصْلٌ فِي طَلَاقِ الْمَجْهُولَةِ

أَصْلُهُ أَنَّ إِضَافَةَ الطَّلَاقِ إِلَى مَجْهُولَةٍ لَيْسَ إِلَّا تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ فِي الْمُعَيَّنَةِ بِالْبَيَانِ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَى مَجْهُولَةٍ وَإِنَّمَا يَقَعُ عَلَى الْمُعَيَّنَةِ، وَإِنَّمَا يَنْزِلُ بِالْبَيَانِ مَقْصُورًا عَلَيْهِ فَكَانَ لِلْبَيَانِ حُكْمُ الْإِنْشَاءِ فِي حَقِّ الْمُعَيَّنَةِ، وَالْإِنْشَاءُ لَا يُمْلَكُ إِلَّا بِمِلْكِ الْمَحَلِّ، فَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ: إِحْدَاكُمَا طَالِقٌ طَلُقَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا بِغَيْرِ عَيْنِهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فِي مُعَيَّنَةٍ مِنْهُمَا لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «كُلُّ طَلَاقٍ جَائِزٌ» الْحَدِيثَ، وَلِأَنَّ الْجَهَالَةَ مَعَ الْخَطَأِ أُجْرَيَا مَجْرًى وَاحِدًا، أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا يَمْنَعَانِ الْبَيْعَ، ثُمَّ الطَّلَاقُ يَقَعُ مَعَ الْحَظْرِ فَكَذَا مَعَ الْجَهَالَةِ، وَلِأَنَّ الْبَيْعَ مَعَ ضَعْفِهِ يَصِحُّ مَعَ هَذَا الضَّرْبِ مِنَ الْجَهَالَةِ حَتَّى جَازَ بَيْعُ قَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ فَلَأَنْ يَصِحَّ الطَّلَاقُ مَعَهُ أَوْلَى، وَلِلنِّسَاءِ أَنْ يُخَاصِمْنَهُ وَيَسْتَعْدِينَ عَلَيْهِ إِلَى الْقَاضِي حَتَّى يُبَيِّنَ إِذَا كَانَ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا أَوْ بَائِنًا، لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حَقًّا فِي اسْتِيفَاءِ مَنَافِعِ النِّكَاحِ وَأَحْكَامِهِ، أَوِ التَّوَصُّلِ إِلَى التَّزَوُّجِ بِزَوْجٍ آخَرَ، وَكَانَ عَلَى الزَّوْجِ الْبَيَانُ. وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ الْمُجْمِلُ كَمَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَيُجْبِرُهُ الْقَاضِي أَنْ يُوقِعَ الطَّلَاقَ عَلَى مُعَيَّنَةٍ لِتَحْصُلَ الْفَائِدَةُ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ مِنْ حِينِ بَيَّنَ لِمَا تَقَدَّمَ،

ص: 145

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ حَتَّى مَاتَتْ إِحْدَاهُمَا طُلِّقَتِ الْبَاقِيَةُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مَنْ يَسْتَحِقُّ الطَّلَاقَ غَيْرُهَا.

وَإِنْ قَالَ: أَرْدَتُ الْمَيِّتَةَ لَمْ يَرِثْهَا وَطُلِّقَتِ الْبَاقِيَةُ، فَيُصَدَّقُ فِي الْمَيِّتَةِ عَلَى نَفْسِهِ فِي إِسْقَاطِ إِرْثِهِ، وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى الْبَاقِيَةِ فِي صَرْفِ الطَّلَاقِ عَنْهَا، فَإِنْ مَاتَتَا وَاحِدَةٌ بَعْدَ الْأُخْرَى فَقَالَ: أَرَدْتُ الْأُولَى، لَمْ يَرِثْ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ سَقَطَ مِنَ الثَّانِيَةِ بِطَرِيقِ الْحُكْمِ وَمِنَ الْأُولَى بِاعْتِرَافِهِ، وَلَوْ مَاتَتَا مَعًا وَرِثَ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِصْفَ مِيرَاثٍ، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ إِحْدَاهُمَا سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ مِيرَاثِهَا وَيَرِثُ مِنَ الْأُخْرَى نِصْفَ مِيرَاثِهَا لِأَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي زِيَادَةِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَلَوْ جَامَعَ إِحْدَاهُمَا تَعَيَّنَتِ الْأُخْرَى لِلطَّلَاقِ، لِأَنَّ الْجِمَاعَ دَلِيلٌ عَلَى تَعْيِينِ الْأُخْرَى لِلطَّلَاقِ لِاسْتِحَالَةِ أَنْ يَطَأَ الْمُطَلَّقَةَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَبَّلَهَا أَوْ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا أَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا، لِأَنَّ هَذِهِ الْأَحْكَامَ مِنْ خَوَاصِّ الزَّوْجِيَّةِ فَصَارَتْ كَالْجِمَاعِ، وَلَوْ طَلَّقَ إِحْدَاهُمَا بِعَيْنِهَا وَعَنَى بِهِ الْبَيَانَ صُدِّقَ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِهِ الْبَيَانَ تَعَيَّنَتِ الْأُخْرَى لِلطَّلَاقِ الْأَوَّلِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ: لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً لَمْ يَكُنْ وَطْءُ إِحْدَاهُمَا بَيَانًا لِلْأُخْرَى، وَلَوْ مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ الْبَيَانِ فَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا الرُّبُعُ أَوِ الثُّمُنُ، لِأَنَّ إِحْدَاهُمَا زَوْجَةٌ قَطْعًا وَلَيْسَتْ إِحْدَاهُمَا أَوْلَى مِنَ الْأُخْرَى.

وَلَوْ طَلَّقَ إِحْدَى نِسَائِهِ الْأَرْبَعِ ثَلَاثًا ثُمَّ اشْتَبَهَتْ وَأَنْكَرَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمُطَلَّقَةَ لَا يَقْرُبُ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ لِأَنَّهُ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ إِحْدَاهُنَّ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ كُلُّ وَاحِدَةٍ. وَقَدْ قَالَ أَصْحَابُنَا: كُلُّ مَا يُبَاحُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ لَا يَجُوزُ التَّحَرِّي فِيهِ وَالْفُرُوجُ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَلِهَذَا قَالُوا: إِذَا اخْتَلَطَتِ الْمَيِّتَةُ بِالْمَذْبُوحَةِ إِنَّهُ يَتَحَرَّى لِأَنَّ الْمَيِّتَةَ تُبَاحُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ.

وَإِنِ اسْتَعْدَيْنَ عَلَيْهِ إِلَى الْحَاكِمِ فِي النَّفَقَةِ وَالْجِمَاعِ أَعْدَى عَلَيْهِ وَحَبَسَهُ حَتَّى يُبَيِّنَ الَّتِي طَلَّقَ مِنْهُنَّ، وَيُلْزِمُهُ نَفَقَتَهُنَّ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حَقَّ الْمُطَالَبَةِ بِأَحْكَامِ النِّكَاحِ، فَكَانَ عَلَى الْحَاكِمِ إِلْزَامُهُ إِيفَاءً لِلْحَقِّ، وَيَقْضِي عَلَيْهِ بِنَفَقَتِهِنَّ لِأَنَّهَا تَجِبُ لِلْمُعْتَدَّةِ وَلِلزَّوْجَةِ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يُطَلِّقَ كُلَّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةً وَاحِدَةً، فَإِذَا تَزَوَّجْنَ بِغَيْرِهِ جَازَ لَهُ التَّزَوُّجُ بِهِنَّ، فَإِنْ لَمْ يَتَزَوَّجْنَ فَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ بِوَاحِدَةٍ، وَلَوْ تَزَوَّجَ بِالثَّلَاثِ صَحَّ نِكَاحُهُنَّ وَتَعَيَّنَتِ الرَّابِعَةُ لِلطَّلَاقِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِالْكُلِّ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجْنَ بِزَوْجٍ آخَرَ، فَإِنْ تَزَوَّجَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ بِزَوْجٍ وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ تَزَوَّجَ الْكُلَّ ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ أَنَّهُ يَجُوزُ نِكَاحُ الْكُلِّ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْمُتَزَوَّجَةِ إِنَّمَا هِيَ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا حَيْثُ أَقْدَمَتْ عَلَى النِّكَاحِ لِلتَّحْلِيلِ، وَلَوِ ادَّعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ أَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا يَحْلِفُ الزَّوْجُ فَإِنْ نَكَلَ وَقَعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ الثَّلَاثُ، لِأَنَّهُ بِالنُّكُولِ صَارَ بَاذِلًا أَوْ مُقِرًّا لَهَا بِالثَّلَاثِ، وَإِنْ حَلَفَ لَهُنَّ فَالْحُكْمُ كَمَا قُلْنَا قَبْلَ الْيَمِينِ.

وَعَنْ مُحَمَّدٍ: إِذَا حَلَفَ لِإِحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ طُلِّقَتِ الْأُخْرَى، وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لِلْأُولَى طُلِّقَتْ.

وَإِنْ تَشَاحَّا عَلَى الْيَمِينِ حَلَفَ لَهُمَا بِاللَّهِ مَا طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا، فَإِنْ حَلَفَ فَالْأَمْرُ عَلَى مَا كَانَ، وَإِنْ نَكَلَ طُلِّقَتَا عَلَى مَا بَيَّنَّا، فَإِنْ وَطِئَ

ص: 146