الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ نَقَصَتْ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا فَلِلْأَوْلِيَاءِ أَنْ يُفَرِّقُوا أَوْ يُتَمِّمَهُ.
[أَقَلُّ الْمَهْرِ وَأَكْثَرُهُ] الْمَهْرُ أَقَلُّهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ أَوْ مَا قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِلَّا مَالًا،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
فِي جَانِبِهَا، وَهِيَ إِنَّمَا رَضِيَتْ بِاسْتِفْرَاشِ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهَا. وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الَّتِي غَرَّتْهُ فَلَا خِيَارَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَفُوتُهُ شَيْءٌ مِنَ الْمَصَالِحِ. وَالْكَفَاءَةُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ مِنْ جَانِبِهَا، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الطَّلَاقِ، وَصَارَ كَالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ وَالرَّتْقِ.
وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيِّ وَأَبِي الْحَسَنِ الْكَرْخِيِّ أَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ الْكَفَاءَةُ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} [الحجرات: 13] إِلَى أَنْ قَالَ: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]، وَقَالَ عليه الصلاة والسلام:«لَيْسَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ فَضْلٌ إِلَّا بِالتَّقْوَى» ، وَقَالَ عليه الصلاة والسلام لِأَبِي هُرَيْرَةَ:«لَوْ كَانَ لِي بِنْتٌ لَزَوَّجْتُكَ» . وَرُوِيَ «أَنَّ بِلَالًا خَطَبَ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ، فَأَبَوْا أَنْ يُزَوِّجُوهُ، فَقَالَ لَهُ عليه الصلاة والسلام: " قُلْ لَهُمْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَكُمْ أَنْ تُزَوِّجُونِي» ، وَجَوَابُهُ مَا تَقَدَّمَ.
وَلِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ حُكْمُ الْآخِرَةِ لَا الدُّنْيَا ; لِأَنَّ التَّقْوَى لَا يَعْلَمُ حَقِيقَتَهَا إِلَّا اللَّهُ وَثَوَابَهَا فِي الْآخِرَةِ، وَكَذَا قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام الْمُرَادُ بِهِ الْفَضْلُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ جَوَابُ الْحَدِيثِ، وَيَجِبُ الْحَمْلُ عَلَيْهِ تَوْفِيقًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ.
قَالَ: (وَإِنْ نَقَصَتْ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا فَلِلْأَوْلِيَاءِ أَنْ يُفَرِّقُوا، أَوْ يُتَمِّمَهُ) . وَلَا إِشْكَالَ فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلِهِمَا؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ نِكَاحُ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا، أَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فَلَا إِشْكَالَ أَيْضًا عَلَى رِوَايَةِ رُجُوعِهِ إِلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَلَى قَوْلِ الْأَوَّلِ فِيهِ إِشْكَالٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ نِكَاحُهَا عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِ الْوَلِيِّ.
قَالُوا: صُورَتُهُ إِذَا أَكْرَهَ الْوَلِيُّ الْمَرْأَةَ عَلَى النِّكَاحِ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ، ثُمَّ زَالَ الْإِكْرَاهُ، فَأَجَازَتِ النِّكَاحَ فَلِلْأَوْلِيَاءِ الِاعْتِرَاضُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
[فصل أَقَلُّ الْمَهْرِ وَأَكْثَرُهُ]
ُ] (الْمَهْرُ أَقَلُّهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، أَوْ مَا قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِلَّا مَالًا)، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى:{وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} [النساء: 24] . عَلَّقَ الْحِلَّ بِشَرْطِ الِابْتِغَاءِ بِالْمَالِ فَلَا يَحِلُّ دُونَهُ، وَسُقُوطُهُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ عِنْدَ عَدَمِ التَّسْمِيَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِهِ ; لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْفَسْخَ، وَسُقُوطُ الْعِوَضِ عِنْدَ وُجُودِ الْفَسْخِ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ، وَلِأَنَّ سُقُوطَهُ يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِهِ؛ إِذْ لَا يَسْقُطُ إِلَّا مَا ثَبَتَ وَلَزِمَ. وَالتَّنْصِيفُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ ثَبَتَ نَصًّا عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، وَالْمَذْكُورُ فِي الْآيَةِ مُطْلَقُ الْمَالِ فَكَانَ مُجْمَلًا، وَالنَّبِيُّ عليه الصلاة والسلام فَسَّرَهُ بِالْعَشَرَةِ، فَقَالَ فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ جَابِرٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ:«لَا مَهْرَ أَقَلُّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ» . وَلِأَنَّ الْمَهْرَ ثَبَتَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى حَتَّى لَا يَكُونَ النِّكَاحُ بِدُونِهِ. وَلَوْ نَفَاهُ أَوْ سَكَتَ عَنْهُ، وَلِهَذَا كَانَ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِالْفَرْضِ وَالتَّقْدِيرِ، وَأَنَّهُ يَبْتَنِي عَلَى وُجُودِ الْأَصْلِ،
فَإِنْ سَمَّى أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ فَلَهَا عَشَرَةٌ (ز) . وَمَنْ سَمَّى مَهْرًا لَزِمَهُ بِالدُّخُولِ وَالْمَوْتِ، وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَزِمَهُ نِصْفُهُ. وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا، أَوْ شَرَطَ أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا - فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ بِالدُّخُولِ وَالْمَوْتِ، وَالْمُتْعَةُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ. وَلَا تَجِبُ إِلَّا لِهَذِهِ، وَتُسْتَحَبُّ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ سِوَاهَا. وَالْمُتْعَةُ دِرْعٌ وَخِمَارٌ وَمِلْحَفَةٌ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ بِحَالِهِ، وَلَا تُزَادُ عَلَى قَدْرِ نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ.
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
وَمَا ثَبَتَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى يَدْخُلُهُ التَّقْدِيرُ كَالزَّكَاةِ.
قَالَ: (فَإِنْ سَمَّى أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ فَلَهَا عَشَرَةٌ)، وَقَالَ زُفَرُ: لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ سَمَّى مَا لَا يَصْلُحُ مَهْرًا، فَصَارَ كَعَدَمِ التَّسْمِيَةِ. وَلَنَا: أَنَّ الْعَشَرَةَ لَا تَتَبَعَّضُ فِي حُكْمِ الْعَقْدِ، فَتَسْمِيَتُهُ بَعْضُهُ كَتَسْمِيَتِهِ كُلِّهِ كَالطَّلْقَةِ. وَكَمَا إِذَا تَزَوَّجَ نِصْفَهَا؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَوْجَبَهُ إِظْهَارًا لِخَطَرِ النِّكَاحِ، وَلَا يَظْهَرُ بِأَصْلِ الْمَالِ؛ لِتَنَاوُلِهِ الْحَقِيرَ مِنْهُ. وَمَا أَوْجَبَهُ الشَّرْعُ تَوَلَّى بَيَانَ مِقْدَارِهِ كَالزَّكَاةِ، وَلِأَنَّهَا حَطَّتْ عَنْهُ مَا تَمْلِكُهُ وَمَا لَا تَمْلِكُهُ، فَيَسْقُطُ مَا تَمْلِكُهُ وَهُوَ الزِّيَادَةُ عَلَى الْعَشَرَةِ، وَلَا يَسْقُطُ مَا لَا تَمْلِكُهُ وَهُوَ تَمَامُ الْعَشَرَةِ، كَمَا إِذَا أَسْقَطَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الدَّيْنَ الْمُشْتَرَكَ يَصِحُّ فِي نَصِيبِهِ خَاصَّةً.
قَالَ: (وَمَنْ سَمَّى مَهْرًا لَزِمَهُ بِالدُّخُولِ وَالْمَوْتِ) ، أَمَّا الدُّخُولُ فَلِأَنَّهُ تَحَقَّقَ بِهِ تَسْلِيمُ الْمُبْدَلِ، وَبِالْمَوْتِ يَتَقَرَّرُ النِّكَاحُ بِانْتِهَائِهِ، فَيَجِبُ الْبَدَلُ.
(وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَزِمَهُ نِصْفُهُ) ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237] .
قَالَ: (وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا، أَوْ شَرَطَ أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا - فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ بِالدُّخُولِ وَالْمَوْتِ، وَالْمُتْعَةِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ) ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ صَحَّ، فَيَجِبُ الْعِوَضُ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ. وَالْمَهْرُ وَجَبَ حَقًّا لِلشَّرْعِ عَلَى مَا بَيَّنَّا. وَالْوَاجِبُ الْأَصْلِيُّ مَهْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ أَعْدَلُ، فَيُصَارُ إِلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِ التَّسْمِيَةِ، بِخِلَافِ حَالَةِ التَّسْمِيَةِ؛ لِأَنَّهُمْ رَضُوا بِهِ. فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ فَقَدْ رَضِيَتْ بِالنُّقْصَانِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ فَقَدْ رَضِيَ بِالزِّيَادَةِ. قَالَ عليه الصلاة والسلام:«الْمَهْرُ مَا تَرَاضَى عَلَيْهِ الْأَهْلُونَ» .
وَقَدْ صَحَّ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى فِي بَرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ الْأَشْجَعِيَّةِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ» ، وَقَدْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ مَهْرٍ، وَمَاتَ عَنْهَا قَبْلَ الدُّخُولِ. وَأَمَّا وُجُوبُ الْمُتْعَةِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى فِيهِ:{وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} [البقرة: 236] .
قَالَ: (وَلَا تَجِبُ إِلَّا لِهَذِهِ) ؛ لِأَنَّهَا قَائِمَةٌ مَقَامَ نِصْفِ الْمَهْرِ، وَهِيَ خَلَفٌ عَنْهُ، فَلَا تَجْتَمِعُ مَعَ الْأَصْلِ فِي حَقِّ غَيْرِهَا. وَلِهَذَا لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَجَبَ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ.
(وَتُسْتَحَبُّ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ سِوَاهَا)، قَالَ:(وَالْمُتْعَةُ دِرْعٌ وَخِمَارٌ وَمِلْحَفَةٌ)، هَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ رضي الله عنهما. (يُعْتَبَرُ ذَلِكَ بِحَالِهِ) ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ} [البقرة: 236](وَلَا تُزَادُ عَلَى قَدْرِ نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ) ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ الَّذِي سُمِّيَ فِيهِ أَقْوَى، فَإِذَا لَمْ يَجِبْ فِي الْأَقْوَى أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِ الْمَهْرِ لَا يَجِبُ فِي الْأَضْعَفِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.
وَإِنْ زَادَهَا فِي الْمَهْرِ لَزِمَتْهُ الزِّيَادَةُ، وَتَسْقُطُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ (س) . وَإِنْ حَطَّتْ مِنْ مَهْرِهَا صَحَّ الْحَطُّ، وَالْخَلْوَةُ الصَّحِيحَةُ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ كَالدُّخُولِ. وَكَذَلِكَ الْعِنِّينُ وَالْخَصِيُّ وَالْمَجْبُوبُ (سم) ، وَالْخَلْوَةُ الصَّحِيحَةُ أَنْ لَا يَكُونَ ثَمَّ مَانِعٌ مِنَ الْوَطْءِ طَبْعًا وَشَرْعًا. فَالْمَرَضُ الْمَانِعُ مِنَ الْوَطْءِ مِنْ جِهَتِهِ أَوْ جِهَتِهَا مَانِعٌ طَبْعًا، وَكَذَلِكَ الرَّتْقُ وَالْقَرْنُ وَالْحَيْضُ وَالْإِحْرَامُ وَصَوْمُ رَمَضَانَ وَصَلَاةُ الْفَرْضِ.
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
قَالَ: (وَإِنْ زَادَهَا فِي الْمَهْرِ لَزِمَتْهُ الزِّيَادَةُ) ؛ لِمَا مَرَّ فِي الْبُيُوعِ فِي الزِّيَادَةِ فِي الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ، (وَتَسْقُطُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ) . وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ: تَتَنَصَّفُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ الْمَفْرُوضَ بَعْدَ الْعَقْدِ كَالْمَفْرُوضِ فِيهِ. وَعِنْدَهُمَا: التَّنْصِيفُ يَخْتَصُّ بِالْمَفْرُوضِ فِيهِ. وَأَصْلُهُ أَنَّهُ إِذَا تَزَوَّجَهَا، وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا، ثُمَّ اصْطَلَحَا عَلَى تَسْمِيَةٍ - فَهِيَ لَهَا إِنْ دَخَلَ بِهَا، أَوْ مَاتَ عَنْهَا. وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَالْمُتْعَةُ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَتَنَصَّفُ مَا اصْطَلَحَا عَلَيْهِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237] . وَلَهُمَا: أَنَّ هَذَا تَعْيِينٌ لِمَا وَجَبَ بِالْعَقْدِ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَمَهْرُ الْمِثْلِ لَا يَتَنَصَّفُ، فَكَذَا مَا يَقُومُ مَقَامَهُ. وَالْفَرْضُ الْمَعْرُوفُ هُوَ الْمَفْرُوضُ فِي الْعَقْدِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالنَّصِّ.
قَالَ: (وَإِنْ حَطَّتْ مِنْ مَهْرِهَا صَحَّ الْحَطُّ) ؛ لِأَنَّهُ خَالِصُ حَقِّهَا بَقَاءً وَاسْتِيفَاءً، فَتَمْلِكُ حَطَّهُ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ.
قَالَ: (وَالْخَلْوَةُ الصَّحِيحَةُ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ كَالدُّخُولِ) ؛ لِمَا رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَشَفَ خِمَارَ امْرَأَةٍ، وَنَظَرَ إِلَيْهَا - فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ» .
وَرَوَى زُرَارَةُ بْنُ أَبِي أَوْفَى قَالَ: قَضَى الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - أَنَّهُ إِذَا أَرْخَى سِتْرًا، أَوْ أَغْلَقَ الْبَابَ - فَلَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ. وَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه فِيهِ: مَا ذَنْبُهُنَّ إِذَا جَاءَ الْعَجْزُ مِنْ قِبَلِكُمْ. وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى الْمَنَافِعِ، فَيَسْتَقِرُّ بِالتَّخْلِيَةِ كَالْإِجَارَةِ، وَلِأَنَّهَا سَلَّمَتِ الْمُبْدَلَ إِلَيْهِ، فَيَجِبُ لَهَا الْبَدَلُ كَالْبَيْعِ.
(وَكَذَلِكَ الْعِنِّينُ وَالْخَصِيُّ) ؛ لِمَا ذَكَرْنَا. (وَ) كَذَلِكَ (الْمَجْبُوبُ)، وَقَالَا: يَجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ؛ لِوُجُودِ الْمَانِعِ قَطْعًا، وَهُوَ أَعْجَزُ مِنَ الْمَرِيضِ. وَلَهُ: أَنَّ الْمُسْتَحَقَّ لَهُ فِي هَذَا الْعَقْدِ إِنَّمَا هُوَ السَّحْقُ، وَقَدْ سَلَّمَتْ إِلَيْهِ ذَلِكَ.
(وَالْخَلْوَةُ الصَّحِيحَةُ أَنْ لَا يَكُونَ ثَمَّ مَانِعٌ مِنَ الْوَطْءِ طَبْعًا وَشَرْعًا، فَالْمَرَضُ الْمَانِعُ مِنَ الْوَطْءِ مِنْ جِهَتِهِ أَوْ جِهَتِهَا مَانِعٌ طَبْعًا، وَكَذَلِكَ الرَّتْقُ وَالْقَرْنُ) . وَكَذَا إِذَا كَانَ يَخَافُ زِيَادَةَ الْمَرَضِ، فَإِنَّهُ لَا يَعْرَى عَنْ نَوْعِ فُتُورٍ. (وَالْحَيْضُ) مَانِعٌ شَرْعًا وَطَبْعًا؛ إِذِ الطِّبَاعُ السَّلِيمَةُ تَنْفِرُ مِنْهُ. (وَالْإِحْرَامُ) بِالْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا، (وَصَوْمُ رَمَضَانَ وَصَلَاةُ الْفَرْضِ) مَانِعٌ شَرْعًا.
أَمَّا الْإِحْرَامُ