المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب العتق الفصل الأول 3382 - عن أبي هريرة، قال: قال رسول - شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن - جـ ٨

[الطيبي]

الفصل: ‌ ‌كتاب العتق الفصل الأول 3382 - عن أبي هريرة، قال: قال رسول

‌كتاب العتق

الفصل الأول

3382 -

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أعتق رقبة مسلمة أعتق الله بكل عضو منه عضوا من النار حتى فرجه بفرجه)). متفق عليه.

3383 -

وعن أبي ذر، قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أفضل؟ قال: ((إيمان بالله، وجهاد في سبيله)) قال: قلت: فأي الرقاب أفضل؟ قال: ((أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها)). قلت: فإن لم أفعل؟ قال: ((تعين صانعا أو تصنع لأخرق)). قلت: فإن لم أفعل؟ قال: ((تدع الناس من الشر، فإنها صدقة تصدق بها علي نفسك)). متفق عليه.

ــ

كتاب العتق

المغرب: العتق الخروج من المملوكية، يقال: عتق العبد عتقا وعتاقا وعتاقة وهو عتيق وأعتقه مولاه، ثم جعل عبارة عن الكرم وما يتصل به كالحرية، فقيل: فرس عتيق رائع، وعتاق الخيل والطير كرائمها. وقيل: مدار التركيب علي التقدم، ومنه العاتق لما بين المنكب والعنق لتقدمه، والعتيق القديم.

الفصل الأول

الحديث الأول عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((رقبة مسلمة)) ((نه)): الرقبة في الأصل العنق، فجعلت كناية عن جميع ذات الإنسان تسمية للشيء ببعضه. فإذا قال: أعتق رقبة فكأنه قال: أعتق عبدا أو أمة. قوله: ((حتى فرجه بفرجه)) ((شف)): إنما خص الفرج بالذكر؛ لأنه محل أكبر الكبائر بعد الشرك، وهو كقولهم: مات الناس حتى الكرام، فيفد قوة. ((مظ)): ذكر الفرج للتحقير نسبة إلي باقي الأعضاء. ((خط)) يستحب عند بعض أهل العلم أن لا يكون العبد المعتق خصيا؛ كيلا يكون ناقص العضو؛ ليكون معتقه قد نال الموعود في عتق أعضائه كلها من النار بإعتاقه إياه من الرق في الدنيا.

الحديث الثاني عن أبي ذر: قوله: ((لأخرق)) ((نه)): الخرق - بالضم - الجهل والحمق، وقد خرق يخرق خرقا فهو أخرق. ((قض)): الأخرق هنا الذي لا يحسن صنعة ولا يهتدي إليها. وفيه ((تدع الناس من الشر)) أي تكف عنهم شرك ((فإنها صدقة)) الضمير للمصدر الذي دل عليه الفعل، وأنثه لتإنيث الخبر ((تصدق بها علي نفسك)) أي تتصدق بهذه الصدقة علي نفسك من أنها محافظة لها عما يريدها ويعود وباله إليها.

ص: 2425

الفصل الثاني

3384 -

عن البراء بن عازب، قال: جاء أعرابي إلي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: علمني عملا يدخلني الجنة. قال: ((لئن كنت أقصرت الخطبة لقد أعرضت المسألة أعتق النسمة وفك الرقبة)). قال: أوليسا واحدا؟ قال: ((لا؛ عتق النسمة: أن تفرد بعتقها. وفك الرقبة: أن تعين في ثمنها، والمنحة: الوكوف، والفيء علي ذي الرحم الظالم، فإن لم تطق ذلك فأطعم الجائع، واسق الظمآن، وأمر بالمعروف، وانه عن المنكر، فإن لم تطق ذلك فكف لسانك إلا من خير)). رواه البيهقي في ((شعب الإيمان)). [3384]

3385 -

وعن عمرو بن عبسة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((من بنى مسجدا ليذكر الله فيه، بني له بيت في الجنة. ومن أعتق نفسا مسلمة، كانت فديته من جهنم. ومن شاب شيبة في سبيل الله، كانت له نورا يوم القيامة)). رواه في ((شرح السنة)). [3385]

ــ

الفصل الثاني

الحديث الأول والثاني عن البراء: قوله: ((لئن كنت أقصرت)) ((قض)): اللام موطئة للقسم، ومعنى الشرطية أنك إن أقصرت في العبارة فقد أطلت في الطلب، أو سألت عن أمر ذي طول وعرض. و ((النسمة)) النفس، ووجه الفرق المذكور أن العتق إزالة الرق، وذلك لا يكون إلا من المالك الذي يعتق، وأما الفك فهو السعي في التخليص، فيكون من غيره كمن أدى النجم * عن المكاتب أو أعانه فيه. و ((المحنة)) العطية في الأصل، وغلبت في لبون من ناقة أو شاة يعطيها صاحبها بعض المحاويج؛ لينتفع بلبنها ما دامت تدر. و ((الوكوف)) العزيزة الدر من وكف البيت وكفا ووكيفا ووكافا، إذا قطر. و ((الفئ)) التعطيف والرجوع إليه بالبر. والرواية المشهورة فيهما النصب علي تقدير وامنح المنحة، وآثر الفئ علي ذي الرحم؛ ليحسن العطف علي الجملة السابقة، وإن صحت الرواية بالرفع فيهما علي الابتداء، والتقدير: ومما يدخل الجنة المنحة والفئ.

ص: 2426

الفصل الثالث

3386 -

عن الغريف بن [عياش] الديلمي، قال: أتينا واثلة بن الأسقع، فقلنا: حدثنا حديثا ليس فيه زيادة ولا نقصان، فقضب وقال: إن أحدكم ليقرأ ومصحفه معلق في بيته فيزيد وينقص. فقلنا: إنما أردنا حديثا سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في صاحب لنا أوجب – يعني النار – بالقتل. فقال: ((أعتقوا عنه يعتق الله بكل عضو منه عضوا منه من النار)). رواه أبو داود، والنسائي. [3386]

3387 -

وعن سمرة بن جندب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفضل الصدقة الشفاعة، بها تفك الرقبة)). رواه البيهقي في ((شعب الإيمان)). [3387]

ــ

الفصل الثالث

الحديث الأول عن الغريف: قوله: ((معلق في بيته)) تأكيد، يعني يقرأه ليلا ونهارا لا يغيب عنه ساعة. وفي قوله:((فيزيد وينقص)) مبالغة لا أنه تجوز الزيادة والنقصان. وفيه جواز رواية الحديث بالمعنى، ونقصان الألفاظ وزيادتها مع رعاية المعنى والمقصد منه. وقوله:((فقلنا: إنما أردنا حديثا سمعته)) معناه ما أردنا بقولنا: حديثا ليس فيه زيادة ولا نقصان ما عنيت به من انتفاء الزيادة في الألفاظ، وإنما أردنا حديثا سمعته.

الحديث الثاني عن سمرة: قوله: ((تفك الرقبة)) ((بها)) متعلق ((تفك)) فقدم عليه، ولو روى شفاعة نكرة كان صفة له. ولو ذهب إلي أن الشفاعة جنس علي منوال قولهم:

ولقد أمر علي اللئيم يسبني

لبعد المرمى. ولو قيل بأنه حال كان أبعد وأبعد. وأما إذا أريد بفك الرقبة خلاص الرجل من الشدة والعذاب بسبب الشفاعة علي أن تكون الجملة استئنافية، كأنه لما قيل: أفضل الصدقة الشفاعة، قيل: لماذا؟ أجيب: بها يتخلص الإنسان من الشدة – لتم الكلام وصح المعنى – كقوله تعالي: {مَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا} لكن خرج من الباب.

ص: 2427