الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3632 -
وعن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((إذا قال الرجل للرجل: يا يهودي! فاضربوه عشرين. وإذا قال: يا مخبث فاضربوه عشرين. ومن وقع علي ذات محرم فاقتلوه)). رواه الترمذي، وقال: هذا حديث غريب. [3632]
3633 -
وعن عمر [رضي الله عنه] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا وجدتم الرجل قد غل في سبيل الله؛ فأحرقوا متاعه واضربوه)). رواه الترمذي، وأبو داود، وقال الترمذي: هذا حديث غريب. [3633]
[وهذا الباب خال عن الفصل الثالث]
(6) باب بيان الخمر ووعيد شاربها
الفصل الأول
3634 -
عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((الخمر من هاتين الشجرتين: النخلة والعنبة)) رواه مسلم.
ــ
لأنه يحتمل أن يراد به الكفر والذلة؛ لأن اليهود مثل في الذلة والصغار، والحمل علي الثاني أرجح للدرء في الحدود، وعلي هذا المخنث. قوله:((فاقتلوه)) ((خط)): حكم أحمد بظاهر الحديث، وقال غيره: هذا زجر وإلا حكمه حكم سائر الزناة، يرجم إن كان محصناً ويجلد إن لم يكن محصناً.
الحديث الثالث عن عمر رضي الله عنه: قوله: ((فأحرقوا متاعه)) ((تو)): إحراق المتاع كان في أول الأمر بالمدينة ثم نسخ. ((خط)): أما تأديبه بعقوبة في نفسه علي سوء فعله فلا أعلم من أهل العلم فيه خلافاً، وأما عقوبته في ماله فقد اختلف العلماء فيه، فقال الحسن البصري: يحرق ماله إلا أن يكون حيواناً أو مصحفاً. وبه قال جماعة من العلماء إلا أنه لا يحرق ما قد غل؛ لأنه حق الغانمين يرد عليهم. قال الشافعي: يعاقب الرجل في بدنه دون ماله.
باب بيان الخمر ووعيد شاربها
الفصل الأول
الحديث الأول والثاني عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((الخمر من هاتين الشجرتين)) بيان لحصول الخمر منهما غالباً، وليس للحصر لخلو التركيب عن أداته، ولأن عمر رضي الله
3635 -
وعن ابن عمر [رضي الله عنهما] قال: خطب عمر [رضي الله عنه] علي منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنه قد نزل تحريم الخمر، وهي من خمسة أشياء: العنب، والتمر، والحنطة، والشعير، والعسل. والخمر ما خامر العقل. رواه البخاري.
3636 -
وعن أنس، قال: لقد حرمت الخمر حين حرمت، وما نجد خمر الأعناب إلا قليلاً، وعامة خمرنا البسر والتمر. رواه البخاري.
3637 -
وعن عائشة، قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البتع وهو نبيذ العسل فقال: ((كل شراب أسكر فهو حرام)). متفق عليه.
3638 -
وعن ابن عمر [رضي الله عنهما] قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام، ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها لم يتب؛ لم يشربها في الآخرة)) رواه مسلم.
ــ
عنه زاد عليه إلي خمسة، وتعداد عمر أيضاً ليس للحصر لتعقيبه بقوله:((والخمر ما خامر العقل)).
الحديث الثالث عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((لقد حرمت الخمر)) فيه إخبار بأن الخمر حرمها الله تعالي بأن أنزل علي رسوله تحريمها، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نص علي تحريمها؛ لأن الصحابي إذا قال: أمرنا أو حرم أو شبه ذلك كان مرفوعاً إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الحديث الرابع عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((كل شراب أسكر)) جواب عن سؤالهم عن البتع، يدل علي تحريم كل ما أسكر، وعلي جواز القياس باطراد العلة وعلة هذا قوله:((كل مسكر خمر)). ((مح)): فيه تصريح بتحريم جميع الأنبذة المسكرة، وأن كلها تسمى خمراً سواء في ذلك [الفضيخ] ونبيذ التمر والرطب والبسر والشعير والزبيب والذرة والعسل وغيرهما، هذا مذهبنا وبه قال مالك وأحمد والجماهير من السلف والخلف.
وقال أبو حنيفة: إنما يحرم عصير ثمرات النخيل والعنب قليلها وكثيرها إلا أن تطبخ حتى ينقص ثلثها. وأما نقيع التمر والزبيب فقال: يحل مطبوخها وإن مسته النار شيئاً قليلا من غير اعتبار كما اعتبر الثلث في سلافة العنب. قال: [النيء] منه حرام، ولكن لا يحد شاربه، هذا كله ما لم يسكر، فإن أسكر فهو حرام بالإجماع.
الحديث الخامس عن ابن عمر رضي الله عنهما: قوله: ((لم يشربها في الآخرة)) ((نه)): هذا من باب التعليق بالبيان أراد أنه لم يدخل الجنة؛ لأن الخمر من شراب أهل الجنة، فإذا لم يشربها في الآخرة لم يدخل الجنة.
3639 -
وعن جابر، أن رجلاً قدم من اليمين، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن شراب يشربونه بأرضهم من الذرة يقال له: المزر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((أو مسكر هو؟)) قال: نعم. قال: ((كل مسكر حرام، إن علي الله عهداً لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال)). قالوا: يا رسول الله! وما طينة الخبال؟ قال: ((عرق أهل النار – أو عصارة أهل النار)) رواه مسلم.
3640 -
وعن أبي قتادة: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عن خليط التمر والبسر، وعن خليط الزبيب والتمر، وعن خليط الزهو والرطب. وقال:((انتبذوا كل واحد علي حدة)). رواه مسلم.
ــ
((مح)): قيل: يدخل الجنة ويحرم عليها شربها؛ فإنها من فاخر أشربة أهل الجنة، فيحرمها هذا العاصي بشربها في الدنيا. وقيل: إنه ينسى شهوتها؛ لأن الجنة فيها كل ما تشتهي الأنفس. وقيل: لا يشتهيها وإن ذكرها، فيكون هذا نقص عظيم لحرمانه أشرف نعيم الجنة.
الحديث السادس عن جابر: قوله: ((الذرة)) قال الجوهري: الذرة حب معروف، وأصله ذرو أو ذري والهاء عوض. قوله:((إن علي الله عهداً)) ضمن عهدا معنى الحتم وعداه بـ ((علي))، قال تعالي:{كَانَ عَلي رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًا} أي كان ورودهم وسقيهم من طينة الخبال واجباً علي الله وعيداً، أوجبه علي نفسه وأوعد عليه وعزم علي أن لا يكون غيرهما، وفيهما معنى الحلف والقسم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:((إلا تحلة القسم)) وقوله: ((حلف ربي عز وجل: بعزتي! لا يشرب عبد من عبيدي جرعة من خمر إلا سقيته من الصديد مثلها)).
وقوله: ((لمن يشرب)) اللام بيان كأنه لم قيل: إن علي الله عهداً قيل: هذا العهد لمن؟ قيل: لمن يشرب المسكر، نحوه قوله تعالي:{لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} .
الحديث السابع عن أبي قتادة: قوله: ((نهي عن خليط التمر)) ((قض)): إنما نهي عن الخلط، وجوز إنباذ كل واحد وحده؛ لأنه ربما أسرع التغير إلي أحد الجنسين، فيفسد الآخر، وربما لم يظهر فيتناوله محرماً. ((مظ)): قال مالك وأحمد: يحرم شرب نبيذ خلط فيه شيئان، وإن لم يسكر؛ عملا بظاهر الحديث، وهو أحد قولي الشافعي، وقال أبو حنيفة: لم يحرم إن لم يكن مسكراً وهو القول الثاني للشافعي.
3641 -
وعن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الخمر يتخذ خلاً؟ فقال:((لا)). رواه مسلم.
3642 -
وعن وائل الحضرمي، أن طارق بن سويد سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمر، فنهاه. فقال: إنما أصنعها للدواء، فقال:((إنه ليس بدواء ولكنه داء)). رواه مسلم.
الفصل الثاني
3643 -
عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من شرب الخمر لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحاً، فإن تاب تاب الله عليه. فإن عاد لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحاً، فإن تاب تاب الله عليه. فإن عاد لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحاً، فإن تاب تاب الله عليه. فإن عاد في الرابعة لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحاً، فإن تاب لم يتب الله عليه وسقاه من نهر الخبال)) رواه الترمذي. [3643]
ــ
الحديث الثامن عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((فقال: لا)) ((مح)): هذا دليل الشافعي والجمهور علي أنه لا يجوز تخليل الخمر بنحو خبز أو بصل أو غيرهما مما يلقي فيها، فهي باقية علي نجاستها، وينجس ما ألقى فيها، فلا يطهر أبداً. أما إذا نقلت من الشمس إلي الظل ومن الظل إلي الشمس، ففي طهارتها وجهان: أصحهما تطهر عند أصحابنا. وقال الأوزاعي والليث أبو حنيفة: تطهر بالتخليل. وعن مالك ثلاث روايات: أصحها أن التخليل حرام، فلو خللها عصى وطهرت.
الحديث التاسع عن وائل: قوله: ((إنه ليس بدواء)) ((مح)): فيه تصريح بأنها ليست بدواء فيحرم التداوي بها، فإذا لم يكن فيها دواء فكأنه تناولها بلا سبب، وأما إذا غص بلقمة ولم يجد ما يسيغها به إلا الخمر فيلزمه الإساغة بها؛ لأن حصول الشفاء بها حينئذ مقطوع به، بخلاف التداوي.
الفصل الثاني
الحديث الأول عن عبد الله: قوله: ((لم يقبل الله صلاة له)) ((شف)): إنما خص الصلاة بالذكر لأنها أفضل عبادات البدن، أي إذا لم تقبل منه الصلاة التي هي أفضل عبادات البدن، فلأن لا تقبل له عبادة أصلا كان أولي.
3644 -
ورواه النسائي، وابن ماجه، والدارمي، عن عبد الله بن عمرو. [3644]
3645 -
وعن جابر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((ما أسكر كثيره فقليله حرام)) رواه الترمذي، وأبو داود، وابن ماجه. [3645]
3646 -
وعن عائشة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((ما أسكر منه الفرق فملء الكف منه حرام)). رواه أحمد، والترمذي، وأبو داود. [3646]
ــ
((مظ)): وهذا وأمثاله مبني علي الزجر ولا يسقط عنه فرض الصلاة إذا أداها بشرائطها، ولكن ليس ثواب صلاة الفاسق كثواب صلاة الصالح، بل الفسق ينفي كمال الصلاة وغيرها من الطاعات. وقوله:((فإن تاب لم يتب الله عليه)) أي فإن تاب بلسانه، وقلبه عازم علي أن يعود إليه لا تقبل توبته، أما لو تاب علي الإخلاص ثم اتفق عوده إلي ذلك الذنب، ثم تاب توبة قبلت توبته، وإن اتفقت ألف مرة.
أقول: قد نقلنا غير مرة عن الشيخ محيي الدين: أن لكل طاعة اعتبارين: أحدهما سقوط القضاء عن المؤدي، وثإنيهما ترتب حصول الثواب عليه، فهذا المصلي وإن سقط عند القضاء فلا يترتب علي فعله الثواب، فعبر عن عدم ترتب الثواب بعدم قبول الصلاة. ويمكن أن يقال: إن قوله: ((إن تاب لم يتب الله عليه)) محمول علي إصراره وموته علي ما كان عليه؛ فإن عدم قبول التوبة لازم للموت علي الكفر والمعاصي، كأنه قيل: من فعل ذلك وأصر عليه ومات مات عاصياً؛ ولذلك عقبه بقوله: ((وسقاه من نهر الخبال)).
ونظيره قوله تعالي: {إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ} الكشاف: فإن قلت: قد علم أن المرتد كيفما ازداد كفراً فإنه مقبول التوبة إذا تاب، فما معنى لن تقبل توبتهم؟ قلت: جعلت عبارة عن الموت علي الكفر؛ لأن الذي لا تقبل توبته من الكفار هو الذي يموت علي الكفر وكأنه قال: إن اليهود والمرتدين مائتون علي الكفر داخلون في جملة من لا تقبل توبتهم.
3647 -
وعن النعمان بن بشير، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من الحنطة خمراً، ومن الشعير خمراً، ومن التمر خمراً، ومن الزبيب خمراً، ومن العسل خمراً)). رواه الترمذي، وأبو داود، وابن ماجه وقال الترمذي: هذا حديث غريب.
3648 -
وعن أبي سعيد الخدري، قال: كان عندنا خمر ليتيم، فلما نزلت (المائدة) سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه، وقلت: إنه ليتيم. فقال: ((أهريقوه)). رواه الترمذي. [3648]
ــ
الحديث الثالث عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((الفرق)) ((نه)): الفرق بالتحريك مكيال يسع ستة عشر عشر رطلا، وهي اثنا عشر مداً وثلاثة أصوع عند أهل الحجاز. وقيل: الفرق خمسة أقساط والقسط نصف صاع. وأما ((الفرق)) بالسكون فمائة وعشرون رطلا، ومنه الحديث ((ما أسكر الفرق منه فالحسوة منه حرام)). أقول: الفرق وملء الكف كلاهما عبارتان عن التكثير والتقليل لا التحديد، يؤيده الحديث السابق.
الحديث الرابع إلي آخر الفصل عن أبي سعيد: قوله: ((فلما نزلت المائدة)) ((خط)): يريد الآية التي فيها تحريم الخمر وهي قوله تعالي: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إنَّمَا الخَمْرُ والمَيْسِرُ} الآيتين. وفيهما دلائل سبعة علي تحريم الخمر: أحدها قوله: ((رجس)) والرجس هو النجس وكل نجس حرام، والثاني قوله:{مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} وما هو من عمله فهو حرام. والثالث قوله: {فَاجْتَنِبُوهُ} وما أمر الله باجتنابه فهو حرام. والرابع قوله: {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} وما علق رجاء الفلاح باجتنابه فالإتيان به حرام. والخامس {إنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ العَدَاوَةَ والْبَغْضَاءَ فِي الخَمْرِ والْمَيْسِرِ} وما هو سبب وقوع العداوة والبغضاء بين المسلمين فهو حرام. والسادس قوله: {ويَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وعَنِ الصَّلاةِ} وما يصد به الشيطان المسلمين عن ذكر الله وعن الصلاة فهو حرام. والسابع قوله: {فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ} معناه انتهوا، وما أمر الله عباده بالانتهاء عنه فالإتيان به حرام – الكشاف – قوله: {فَهَلْ أَنتُم
3649 -
وعن أنس، عن أبي طلحة: أنه قال: يا نبي الله! إني اشتريت خمراً لأيتام في حجري. قال: ((أهرق الخمر واكسر الدنان)). رواه الترمذي. [3649]
الفصل الثالث
3650 -
عن أم سلمة، قالت: نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر. رواه أبو داود. [3650]
ــ
مُّنتَهُونَ} من أبلغ ما ينهي به كأنه قيل: قد تلي عليكم ما فيها من أنواع الصوارف والموانع فهل أنتم مع هذه الصوارف منتهون أم أنتم علي ما كنتم عليه؟ كأن لم توعظوا ولم تزجروا.
أقول: ويمكن أن يحمل قوله: ((فهل أنتم منتهون)) علي الاختصاص؛ لأنه تقرر في علم المعإني أن ((أهل)) لطلب النسبة ولها مزيد اختصاص بالفعلية، فإذا سلكت مع الإسمية كانت لنكتة، فالكلام في هذا المقام جار علي الفاعل لا الفعل؛ لأن الخطاب مع المؤمنين لقوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إنَّمَا الخَمْرُ} كأنه قيل: يا أيها الذين خصكم بالإيمان وشرفكم بالنبي المبعوث إلي الأميين ليزكيكم ويطهركم! إنما هذه الرذائل أنجاس وأرجاس لا تليق بحالكم، فهل أنتم سالكون سبيل الطهارة والتزكية من بين سائر الأمم، لما خصكم بهذا النبي المكرم أم أنتم كسائر الأمم السالفة كأن لم توعظوا؟ نحوه قوله تعالي:{إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ ويُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} . والضمير في ((عنه)) راجع إلي ((خمر)) علي حذف المضاف، أي سألنا عن شأن خمر يتيم وفي ((أنه)) وفي ((أهريقوه)) إلي المعنى المسئول عنه.
الفصل الثالث
الحديث الأول عن أم سلمة: قوله: ((ومفتر)) ((نه)): المفتر الذي إذا شرب أحمى الجسد وصار فيه فتور، وهو ضعف وانكسار ويقال: أفتر الرجل فهو مفتر إذا ضعفت جفونه وانكسر طرفه. فإما أن يكون أفتره بمعنى فتره أي جعله فاتراً، وإما أن يكون أفتر الشراب إذا أفتر شاربه، كأقطف الرجل إذا قطفت دابته. أقول: لا يبعد أن يستدل به علي تحريم [البنج] والبر شعثاً ونحوهما، مما يفتر ويزيل العقل؛ لأن العلة وهي إزالة العقل مطردة فيها. [قال: لا يقع من عظيم قوم وإن قلت مشاراً إليه بالتعظيم ولع الخمر، بالعقول رمى الخمر بتنجيسها وبالتحريم].
3651 -
وعن ديلم الحميري، قال: قلت لرسول اله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله! إنا بأرض باردة، ونعالج فيها عملاً شديداً، وإنا نتخذ شراباً من هذا القمح نتقوى به علي أعمالنا، وعلي برد بلادنا. قال:((هل يسكر؟)) قلت: نعم. قال: ((فاجتنبوه)). قلت: إن الناس غير تاركيه. قال: ((إن لم يتركوه فقاتلوهم)). رواه أبو داود. [3651]
3652 -
وعن عبد الله بن عمرو: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عن الخمر والميسر والكوبة والغبيراء، وقال:((كل مسكر حرام)). رواه أبو داود.
3653 -
وعنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم:((لا يدخل الجنة عاق، ولا قمار، ولا منان. ولا مدمن خمر)). رواه الدارمي. وفي رواية له: ((ولا ولد زنية)) بدل ((قمار)).
3654 -
وعن أبي أمامة، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تعالي بعثني رحمة
ــ
الحديث الثاني عن ديلم: قوله: ((نعالج)) أي نمارس ونزاول، و ((القمح)) البر، وإنما أتى بهذا ووصفه به، لمزيد البيان، وأنه من هذا الجنس وليس من جنس ما يتخذ منه السكر، كالعنب والزبيب والتمر.
الحديث الثالث عن عبد الله: قوله: ((والكوبة)) ((نه)): هي النرد، وقيل: الطبل وقيل: [البربط]، و ((الغبيراء)) ضرب من الشراب يتخذه الحبش من الذرة، ويسمى [السكركة] أي هي مثل الخمر الذي يتعارفها جميع الناس لا فصل بينهما في التحريم
الحديث الرابع عن عبد الله: قوله: ((والمنان)) المنان هو الذي لا يعطي شيئاً إلا منه واعتد به علي من أعطاه، وهو مذموم؛ لأن المنة تفسد الصنيعة، ويحتمل أن يراد به انقطاع للرحم من أي قطع، ومنه قوله:{لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} ويؤيد هذا الاحتمال حديث أبي موسى الذي يأتي. وقوله: ((لا يدخل الجنة)) أشد وعيداً من لو قيل: يدخل النار لأنه يرجى منه الخلاص، وفيه تغليظ وتشديد علي ولد الزنية تعريضاً بالزإني لئلا تورطه في السفاح، فيكون سبباً لشقاوة نسمة بريئة. ومما يؤذن أن تغليظ وتشديد سلوك ولد الزنية في قرن العاق والمنان والقمار ومدمن الخمر، ولا ارتياب أنهم ليسوا من زمرة من لا يدخل الجنة أبداً. وقيل: إن النطفة إذا خبثت خبث الناشيء منها، فيجترئ علي كل معصية فتؤديه إلي الكفر الموجب للخلود.
الحديث الخامس عن أبي أمامة: قوله: ((المعازف)) ((نه)): العزف اللعب بالمعازف وهي
للعالمين، وهدى للعالمين، وأمرني ربي عز وجل بمحق المعازف، والمزامير، والأوثان، والصلب، وأمر الجاهلية. وحلف ربي عز وجل: بعزتي لا يشرب عبد من عبيدي جرعة من خمر إلا سقيته من الصديد مثلها، ولا يتركها من مخافتي إلا سقيته من حياض القدس)). رواه أحمد. [3654]
3655 -
وعن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((ثلاثة قد حرم الله عليهم الجنة: مدمن الخمر، والعاق، والديوث الذي يقر في أهله الخبث)). رواه أحمد، والنسائي. [3655]
3656 -
وعن أبي موسى الأشعري، أن النبي صلى الله عليه وسلم: قال: ((ثلاثة لا تدخل الجنة: مدمن الخمر، وقاطع الرحم، ومصدق بالسحر)). رواه أحمد.
3657 -
وعن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مدمن الخمر إن مات لقي الله كعابد وثن)). رواه أحمد. [3657]
3658 -
وروى ابن ماجه، عن أبي هريرة.
ــ
الدفوف وغيرها مما يضرب. وقيل: إن كل لعب عزف، و ((المزامير)) جمع مزمار وهي القصبة التي يرمز بها. و ((الأوثان)) الأصنام. و ((الصلب)) جمع صليب.
قوله: ((وحلف ربي)) أفرد هذا النوع الخبيث من سائر ما تقدم من الخبائث، وجعله مصدراً بالحلف والقسم بعدما جعله مقدمة الكل فبعثه صلى الله عليه وسلم رحمة وهدى، للإيذان بأن أخبث الخبائث وأبلغ ما يبعد عن رحمة الله تعالي، ويقرب إلي الضلال، هي أم الخبائث. ثم انظر كم التفاوت بين من يسقيه ربه عز وجل من حياض القدس الشراب الطهور، ومن يسقى في درك جهنم صديد أهل النار.
الحديث السادس عن ابن عمر: قوله: ((الذي يقر في أهله)) أي الذي يرى فيهن ما يسوءه ولا يغار عليه ولا يمنعهن، فيقر في أهله الخبث.
الحديث السابع والثامن عن ابن عباس: قوله: ((إن مات)) ((إن)) للشك فيقتضي أن يكون لقاء