المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(1) باب إعتاق العبد المشترك وشراء القريب - شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن - جـ ٨

[الطيبي]

الفصل: ‌(1) باب إعتاق العبد المشترك وشراء القريب

(1) باب إعتاق العبد المشترك وشراء القريب

والعتق في المرض

الفصل الأول

3388 -

عن ابن عمر [رضي الله عنهما]، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أعتق شركا له في عبد، وكان له مال يبلغ ثمن العبد، قوم العبد عليه قيمة عدل، فأعطي شركاؤه حصصهم، وعتق عليه العبد، وإلا فقد عتق منه ما عتق)). متفق عليه.

3389 -

وعن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((من أعتق شقصا في عبد أعتق كله إن كان له مال، فإن لم يكن له مال استسعي العبد غير مشقوق عليه)). متفق عليه.

ــ

باب إعتاق العبد المشترك

الفصل الأول

الحديث الأول عن ابن عمر رضي الله عنهما: قوله: ((شركا له)) أي حصة ونصيبا. ((حس)): فيه دليل علي أن من أعتق نصيبه من عبد مشترك بينه وبين غيره وهو موسر بقيمة نصيب الشريك يعتق كله عليه بنفس الإعتاق، ولا يتوقف علي أداء القيمة ولا علي الاستسعاء، ويكون ولاءه كله للمعتق. والدليل علي أن العتق لا يتوقف علي الأداء أنه لو لم يعتق قبل الأداء لما وجبت القيمة، وإنما تجب علي تقدير انتقال أو قرض أو إتلاف، ولم يوجد الأخيران فتعين الأول وهو الانتقال إليه. وإن كان معسرا أعتق نصيبه، ونصيب الشريك رقيق، لا يكلف إعتاقه ولا يستسعى العبد في فكه. وهو قول الشافعي. ((مح)): من أعتق نصيبه من عبد مشترك قوم عليه باقيه إذا كان موسرا بقيمة باقيه، سواء كان العبد مسلما أو كافرا، وسواء كان الشريك مسلما أو كافرا، ولا خيار للشريك في هذا، ولا للعبد ولا للمعتق، بل ينفذ الحكم وإن كرهوه كلهم؛ مراعاة لحق الله تعالي في الحرية.

الحديث الثاني عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((شقصا)) ((نه)) الشقص والشقيص النصيب في العين المشتركة من كل شيء. قوله ((استسعى)) ((مح)): الاستعساء أن يكلف العبد الاكتساب والطلب حتى يحصل قيمة رضي * الشريك الآخر بها، فإذا دفعها إليه عتق، كذا فسره الجمهور. وقال بعضهم: هو أن يخدم سيده الذي لم يعتق بقدر ماله فيه من الرق، فعلي هذا تتفق الأحاديث. ومعنى ((غير مشقوق عليه)) أي لا يكلف ما يشق عليه. ((حس)):((غير مشقوق عليه)) قال بعضهم: أي لا يستغلي عليه في الثمن.

ص: 2428

3390 -

وعن عمران بن حصين: أن رجلا أعتق ستة مملوكين له عند موته لم يكن له مال غيرهم، فدعا بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجزأهم أثلاثا، ثم أقرع بينهم، فأعتق اثنين وأرق أربعة، وقال له قولا شديدا. رواه مسلم، ورواه النسائي عنه وذكر:((لقد هممت أن لا أصلي عليه)) بدل: وقال له قولا شديدا. وفي رواية أبي داود: قال: ((لو شهدته قبل أن يدفن لم يدفن في مقابر المسلمين)).

3391 -

وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه)) رواه مسمل.

ــ

((مح)): قال القاضي: في ذكر الاستسعاء هنا خلاف بين الرواة، قال الدارقطني: روى هذا الحديث شعبة وهشام [عن] * قتادة – وهما أثبت – فلم بذكرا فيه الاستسعاء ووافقهم ** همام، ففصل الاستسعاء عن الحديث [فجعله] * من رأي قتادة. قال: وعلي هذا أخرجه البخاري وهو الصواب. قال الدارقطني: وسمعت أبا بكر النيسابوري يقول: ما أحسن ما رواه همام وضبطه! ففصل قول قتادة عن الحديث. قال بعضهم: إسقاط السعاية من الحديث أولي من ذكرها؛ ولأنها ليست في الأحاديث الأخر من رواية ابن عمر. وقال ابن عبد البر: الذين لم يذكروا السعاية أثبت ممن ذكرها.

الحديث الثالث عن عمران: قوله: ((فجزأهم أثلاثا)) ((أثلاثا)) مصدر، ((حس)): فيه دليل علي أن العتق المنجز في مرض الموت كالمعلق بالموت في الاعتبار من الثلث، وكذلك التبرع المنجز في مرض الموت. قوله:((قولا شديدا)) ((مح)): معناه: قال في شأنه قولا شديدا؛ كراهة لفعله وتغليظا عليه، والرواية الأخرى:((لقد هممت أن لا أصلي عليه)) مفسرة له. وهذا محمول علي أن النبي صلى الله عليه وسلم وحده كان يترك الصلاة عليه تشديدا وتغليظا وزجرا لغيره عن مثل فعله، وأما الصلاة عليه فلا بد منها من بعض الصحابة.

الحديث الرابع عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((فيعتقه)) ((قض)): ذهب بعض أهل الظاهر إلي أن الأب لا يعتق علي ولده إذا تملكه، وإلا لم يصح ترتيب الإعتاق علي الشراء. والجمهور علي أنه يعتق بمجرد التملك من غير أن ينشيء فيه عتقا، وأن قوله:((فيعتقه)) معناه فيعتقه بالشراء لا بإنشاء عتق، والترتيب باعتبار الحكم دون الإنشاء.

((حس)): قالوا: إذا اشترى الرجل أحدا من آبائه أو أمهاته، أو أحدا من أولاده وأولاد أولاده، أو ملكه بسبب آخر يعتق عليه من غير أن ينشيء فيه عتقا. ((مظ)): فعلي هذا الفاء في ((فيعتقه)) للسببية، يعني فيعتقه بسبب شرائه، ولا يحتاج إلي قوله: أعتقتك بعد الشراء، بل عتق

ص: 2429

3392 -

وعن جابر: أن رجلا من الأنصار دبر مملوكا ولم يكن له مال غيره، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:((من يشتريه مني؟)) فاشتراه نعيم بن النحام بثمانمائة درهم. متفق عليه، وفي رواية لمسلم: فاشتراه نعيم بن عبد الله العدوي بثمانمائة درهم، فجاء بها إلي النبي صلى الله عليه وسلم، فدفعها إليه ثم قال:((ابدأ بنفسك فتصدق عليها؛ فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا)) يقول: فبين يديك وعن يمينك [وعن] * شمالك.

ــ

بنفس الشراء. ومن ذهب إلي أنه لا يعتق بنفس الشراء يجعل الفاء في ((فيعتقه)) للتعقيب لا للسببية، وإذا صح الشراء ثبت الملك، والملك قيد التصرف.

أقول: هذا وأمثاله مما لا يشفي الغليل؛ لأن الأبوة تقتضي المالكية كما سبق في حديث عمرو بن شعيب ((أنت ومالك لوالدك)) وقوله تعالي: {وعَلي المَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وكِسْوَتُهُنَّ} والشراء من مقدمات الملك، والعتق من مقتضياته، كما تقرر في علم الأصول أن من قال: اعتق عبدك عني، يقتضي تمليكه إياه ثم عتقه عنه، فالجميع بينهما جمع بين المتنافيين.

والحديث من باب التعليق بالمحال للمبالغة، المعنى: لا يجزى ولد والده إلا أن يملكه فيعتقه وهو محال، فالمجازاة محال، كما في قوله تعالي:{ولا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ إلَاّ مَا قَدْ سَلَفَ} ، الكشاف: يعني إن أمكنكم أن تنكحوا ما قد سلف فانكحوه فلا يحل لكم غيره، وذلك غير ممكن، والغرض المبالغة في تحريمه، وسد الطريق إلي إباحته، كما يعلق بالمحال. ويجوز أن تكون الفاء كما في قوله تعالي:{فَتُوبُوا إلي بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ} إذا جعلت التوبة نفس القتل. وقوله: ((مملوكا)) نصب علي الحال من الضمير المنصوب في ((يجده)).

الحديث الخامس عن جابر: قوله: ((دبر مملوكا له)) ((حس)): اختلفوا في بيع المدبر، فأجازه جماعة علي الإطلاق، واليه ذهب الشافعي وأحمد. وروى عن عائشة رضي الله عنها: أنها باعت مدبرة لها سحرتها، فأمرت ابن أختها أن يبيعها من الأعراب ممن يسيء ملكتها. وقال جماعة: لا يجوز بيعه إذا كان التدبير مطلقا، وهو أن يقول: إذا مت فأنت حر من غير أن يقيد بشرط أو زمان، أو قاسوا المدبر علي أم الولد؛ لتعلق عتق كل واحد منهما بموت المولي علي الإطلاق، [وتأولوا] ** علي التدبير المقيد وهو أن يقول: إن مت من مرضي هذا أو في شهري

ص: 2430

الفصل الثاني

3393 -

عن الحسن، عن سمرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((من ملك ذا رحم محرم فهو حر)). رواه الترمذي، وأبو داود، وابن ماجه. [3393]

3394 -

وعن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((إذا ولدت أمة الرجل منه فهي معتقة عن دبر منه – أو بعده -)). رواه الدارمي. [3394]

ــ

هذا فأنت حر؛ فإنه يجوز بيع هذا المدبر عندهم. والأول أولي؛ لأن الحديث جاء في بيع المدبر إذا أطلق، يفهم منه التدبير المطلق لا غيره، وليس كأم الولد؛ لأن سبب العتق في أم الولد أشد تأكيدا منه في المدبر، بدليل أن استغراق التركة بالدين لا يمنع عتق أم الولد ويمنع عتق المدبر، وأن أم الولد تعتق من رأس المال، والمدبر عتقه من الثلث، فظهر الفرق بينهما. واتفقوا علي جواز وطء المدبرة كما يجوز وطء أم الولد.

قوله: ((فهكذا وهكذا)) جواب للشرط، كناية عن التفريق أشتاتا علي من جاء عن يمينه وشماله وأمامه. فقوله:((فبين يديك)) – إلي آخره – تفسير للتفريق، ((وهكذا)) نصب علي المصدر.

الفصل الثاني

الحديث الأول عن الحسن: قوله: ((من ملك ذا رحم محرم)) ((مح)): اختلفوا في عتق الأقارب إذا ملكوا، فقال أهل الظاهر: لا يعتق أحد منهم بمجرد الملك سواء الوالد والولد وغيرهما، بل لا بن من إنشاء عتق. واحتجوا بحديث أبي هريرة. وقال الجمهور: يحصل العتق في الأصول وإن علو، وفي الفروع وإن سفلوا بمجرد الملك، سواء المسلم والكافر. وتحريره: أنه يعتق عمودى النسب بكل حال. واختلفوا فيما ورائهما، فقال الشافعي وأصحابه: لا يعتق غيرهما بالملك، وقال مالك: يعتق الإخوة أيضا، وعنه رواية أنه يعتق جميع ذوي الأرحام المحرمة، ورواية ثالثة كمذهب الشافعي. وقال أبو حنيفة: يعتق جميع ذوي [الأرحام] * المحرمة. ((قض)) قال أبو داود في كتابه: لم يحدث هذا الحديث مسندا [إلد] ** حماد بن سلمة، وقد شك فيه، ولهذا لم يقل به الشافعي، واقتصر علي عتق الأصول والفروع.

((حس)): وحديث سمرة لا يعرف مسندا إلا من حديث حماد بن سلمة، ورواه بعضهم عن قتادة عن الحسن عن عمرو، ورواه بعضهم عن الحسن مرسلا. أقول:[يشم] * من سياق

ص: 2431

3395 -

وعن جابر، قال: بعنا أمهات الأولاد علي عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، فلما كان عمر نهانا عنه، فانتهينا. رواه أبو داود. [3395]

ــ

الحديث معنى الاستحباب؛ إذ جعل الخبر من باب الإخبار والتنبيه علي تحري الأولي، إذ لم يقل: من ملك ذا رحم محرم فيعتقه أو يحرره، بل قيل:((فهو حر)) والجملة الاسمية التي تقتضي الدوام والثبوت في الأزمنة الماضية والآتية تنبئ عن هذا؛ لأنه ما كان في الأزمنة الماضية حرا، وكذا في الآتية.

الحديث الثاني والثالث عن جابر: قوله: ((بعنا أمهات الأولاد)) ((تو)): يحتمل أن النسخ لم يبلغ العموم في عهد الرسالة، ويحتمل أن بيعهم في زمان النبي صلى الله عليه وسلم كان قبل النسخ، وهذا أولي التأولين. وأما بيعهم في خلافة أبي بكر، فلعل ذلك كان في فرد قضية، فلم يعلم به أبو بكر رضي الله عنه ولا من كان عنده علم بذلك، فحسب جابر أن الناس كانوا علي تجويزه، فحدث ما تقرر عنده في أول الأمر، فلما اشتهر نسخه في زمان عمر رضي الله عنه عاد إلي قول الجماعة، يدل عليه قوله:((فلما كان عمر نهانا عنه فانتهينا)). وقوله هذا من أقوى الدلائل علي بطلان بيع أمهات الأولاد، وذلك أن الصحابة لو لم يعلموا أن الحق مع عمر رضي الله عنه لم يتابعوه عليه، ولم يسكتوا عنه أيضا، ولو علموا أنه يقول من رأي واجتهاد، لجوزوا خلافه لا سيما الفقهاء منهم، وإن وافقه بعضهم خالفة آخرون، يشهد بصحة هذا التأويل حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم:((إذا ولدت أمة الرجل منه فهي معتقة عن دبر منه)).

فإن قيل: أو ليس علي رضي الله عنه قد خالف القائلين ببطلانه؟ قيل: لم ينقل عن علي رضي الله عنه خلاف اجتماع آراء الصحابة علي ما قال عمر رضي الله عنه، ولم يصح عنه أنه قضى بجواز بيعهن أو أمر بالقضاء به، بل الذي صح عنه أنه كان مترددا في القول به، وقد سئل شريح عن قضائه فيه أيام خلافته بالكوفة، فحديثه أنه يقضي فيه بما اتفق عليه الصحابة عند نهي عمر عن بيعهن منذ ولاه عمر رضي الله عنه القضاء بها، فقال لشريح: فاقض فيه بما كنت تقضي حين يكون للناس جماعة، وترى فيه رأيا، وفاوض فيه علماء الصحابة. وهذا الذي نقل عنه محمول علي أن النسخ لم يبلغه، أو لم يحضر المدينة يوم فاوض عمر رضي الله عنه علماء الصحابة فيه. وجملة القول أن إجماعهم في زمانه علي ما حكم هو به لا يدخله النقض بأن يرى أحدهم بعد ذلك خلافه اجتهادا، والقوم رأوا ذلك توقيفا، لا سيما ولم يقطع عمر رضي الله عنه القول بخلافه، وإنما تردد فيه ترددا.

ص: 2432

3396 -

وعن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أعتق عبدا وله مال، فمال العبد له إلا أن يشترط السيد)). رواه أبو داود، وابن ماجه. [3396]

3397 -

وعن أبي المليح، عن أبيه: أن رجلا اعتق شقصا من غلام، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال:((ليس لله شريك)) فأجاز عتقه. رواه أبو داود. [3397]

3398 -

وعن سفينة، قال: كنت مملوكا لأم سلمة، فقالت: أعتقك وأشترط عليك أن تخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عشت فقلت: إن لم تشترطي علي ما فارقت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عشت، أعتقتني واشترطت علي. رواه أبو داود، وابن ماجه. [3398]

3399 -

وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((المكاتب عبد ما بقي عليه من مكاتبته درهم)). رواه أبو داود. [3399]

ــ

الحديث الرابع عن ابن عمر رضي الله عنهما: قوله: ((فمال العبد)) ((قض)): يريد بمال العبد ما في يده وحصل بكسبه، وإضافته إلي العبد إضافة الاختصاص دون التملك، والضمير في ((له)) في قوله:((فمال العبد له)) لمن أعتق ((إلا أن يشترط السيد)) أي للعبد، فيكون منحة منه وتصدقا.

الحديث الخامس عن أبي المليح: قوله: ((ليس لله شريك)) ((مظ)): يعني الأولي أن يعتق جميع عبده؛ فإن العتق لله سبحانه، فإن أعتق بعضه فيكون أمر سيده نافذا فيه بعد، فهو كشريك له تعالي صورة. أقول: قد سبق أن السيد والمملوك في كونهما مخلوقين لله سواء، إلا أن الله تعالي فضل بعضهم علي بعض وجعله تحت تصرفه تمتعا. وإذا رجع بعضه إلي الأصل سرى بالغلبة إلي البعض الآخر؛ إذ ليس لله شريك في شيء من الأشياء.

الحديث السادس عن سفينة: قوله: ((وأشترط عليه)) ((خط)): هذا وعد عبر عنه باسم الشرط، وأكثر الفقهاء لا يصححون إبقاء الشرط بعد العتق؛ لأنه شرط لا يلاقي ملكا، ومنافع الحر لا يملكها غيره إلا بإجارة أو ما في معناها. ((حس)): لو قال أحد لعبد: أعتقتك علي أن تخدمني شهرا، فقبل، عتق في الحال وعليه خدمة شهر. ولو قال: علي أن تخدمني أبدا، أو قال مطلقا، فقبل، عتق في الحال وعليه قيمة رقبته للمولي. وهذا الشرط إن كان مقرونا بالعتق فعلي العبد القيمة ولا خدمة، وإن كان بعد العتق فلا يلزم الشرط ولا شيء علي العبد عند أكثر الفقهاء.

ص: 2433

3400 -

وعن أم سلمة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا كان عند مكاتب إحداكن وفاء فلتحتجب منه)). رواه الترمذي، وأبو داود، وابن ماجه. [3400]

3401 -

وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((من كاتب عبده علي مائة أوقية فأداها إلا عشر أواق – أو قال: عشرة دنإنير – ثم عجز فهو رقيق)). رواه الترمذي، وأبو داود، وابن ماجه. [3401]

3402 -

وعن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:((إذا أصاب المكاتب حدا أو ميراثا ورث بحساب ما عتق منه)). رواه أبو داود، والترمذي. وفي رواية له قال:((يودي المكاتب بحصة ما أدى دية حر، وما بقي دية عبد)). وضعفه. [3402]

ــ

الحديث السابع والثامن عن أم سلمة: قوله: ((فلتحتجب)) ((قض)): هذا أمر محمول علي التورع والاحتياط؛ لأنه بصدد أن يعتق بالأداء لا أنه يعتق بمجرد أن يكون واجدا للنجم؛ فإنه لا يعتق ما لم يؤد الجميع؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((المكاتب عبد ما بقي عليه درهم)) ولعله قصد به منع المكاتب عن تأخير الأداء بعد التمكن؛ ليستبيح به النظر إلي السيد، وسد هذا الباب عليه. ((تو)): قالت أم سلمة لنبهان: ماذا بقي عليك من كتابتك؟ قال: ألفا درهم، قالت: فما عندك؟ فقال: نعم، قالت: ادفع ما بقي عليك وعليك السلام، ثم ألقت دونه الحجاب، فبكى وقال: لا أعطيه أبدا، قالت: إنك والله يا بني لن ترإني أبدا، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلينا أنه إذا كان لعبد إحداكن وفاء بما بقي عليه من كتابته، فاضربن دونه الحجاب.

الحديث التاسع والعاشر عن ابن عباس رضي الله عنهما: قوله: ((يودى)) ((شف)): هو بتخفيف الدال مجهولا من ودى يدى دية أي أعطى الدية، وانتصب ((دية حر)) مفعولا به، ومفعول ((ما أدى)) أي من النجوم محذوف عائد إلي الموصول، أي بحصة ما أداه من النجوم يعطى دية حر، وبحصة ما بقي دية عبد، ((نه)): معنى الحديث أن المكاتب إذا جنى عليه جناية وقد أدى بعض كتابته، فإن الجإني عليه أن يدفع إلي ورثته بقدر ما كان أدى من كتابته دية حر، ويدفع إلي مولاه بقدر ما بقي من كتابته ديه عبد، أو كاتب علي ألف وقيمته مائة، فأدى خمسمائة ثم قتل، فلورثة العبد خمسمائة نصف دية حر، ولمولاه خمسون نصف قيمته. ((قض)): وهو دليل علي أن المكاتب يعتق بقدر ما يؤديه من النجم، وكذا الحديث الذي روى قبله، وبه قال النخعى وحده ومع ما فيه من الطعن معارض بحديثي عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.

ص: 2434