الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3624 -
وعن ثور بن زيد الديلمي، قال: إن عمر استشار في حد الخمر فقال له علي: أرى أن تجلده ثمإنين جلدة، فإنه إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، فجلد عمر [رضي الله عنه] في حد الخمر ثمإنين. رواه مالك.
(4) باب مالا يدعى علي المحدود
الفصل الأول
3625 -
عن عمر بن الخطاب [رضي الله عنه] أن رجلاً اسمه عبد الله يلقب حماراً، كان يضحك النبي صلى الله عليه وسلم [وكان النبي صلى الله عليه وسلم] قد جلده في الشراب، فأتي به يوماً، فأمر به فجلد. فقال رجل من القوم: اللهم العنه، ما أكثر ما يؤتى به. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((لا تلعنوه، فو الله ما علمت أنه يحب الله ورسوله)). رواه البخاري.
ــ
المعنى انه إنما خاف من سنة سنها عمر وقرره برأي علي رضي الله عنهما، لا مما سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من جلد أربعين.
وقد استدل عليه الشيخ محيي الدين بدلائل علي إثباته وروينا في شرح السنة في حديث أنس أن علياً قال لجعفر لما بلغ أربعين: ((حسبك، جلد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين وجلد أبو بكر أربعين، وعمر ثمإنين، فكل سنة، وهذا أحب إلي)). وقد أورده الشيخ محيي الدين أيضاً في شرح صحيح مسلم.
فإن قلت: كيف قال: إن الثمإنين أحب إلي ثم خاف منه؟ قلت: إن المحبة والخوف تتفاوت بحسب الأشخاص والأوقات.
الحديث الثاني عن ثور: قوله: ((إذا شرب سكر – إلي قوله – افترى)) جعل سبب السبب سبباً، وأجرى علي الأول ما علي الأخير، فحد شارب الخمر حد القاذف تغليظاً وذلك لعتوه وتماديه في الفساد، كما أشار إليه في حديث السائب في الفصل الأول بقوله:((حتى إذا عتوا وفسقوا جلد ثمإنين)) وما هذا شأنه يكون مبنياً علي الاجتهاد، وحق لمثله أن يقال: وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسنه، ويؤدي عمن مات منه احتياطاً.
بابا ما لا يدعي علي المحدود
الفصل الأول
الحديث الأول والثاني عن عمر رضي الله عنه: قوله: ((ما يؤتى به)) ((ما)) مصدرية أي ما أكثر إتيانه كقولك: ما أحسن زيداً. قوله: ((فو الله ما علمت)) ((مظ)): ((ما)) موصولة و ((أن)) مع
3626 -
وعن أبي هريرة قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب، فقال:((اضربوه)) فمنا الضارب بيده، والضارب بنعله، والضارب بثوبه، فلما انصرف قال بعض القوم: أخزاك الله. قال: ((لا تقولوا هكذا، لا تعينوا عليه الشطان)). رواه البخاري.
الفصل الثاني
3627 -
عن أبي هريرة، قال: جاء الأسلمي إلي نبي الله صلى الله عليه وسلم، فشهد علي نفسه أنه أصاب امرأة حراماً، أربع مرات، كل ذلك يعرض عنه، فأقبل في الخامسة، فقال:((أنكتها؟)) قال: نعم. قال: ((حتى غاب ذلك منك في ذلك منها)) قال: نعم قال: ((كما يغيب المرود في المكحلة والرشاء في البئر؟)) قال: نعم. قال: ((هل تدري
ــ
اسمه وخبره سد مفعولي ((علمت))؛ لكونه مشتملا علي المنسوب والمنسوب إليه، والضمير في ((أنه)) يعود إلي الموصولة، والموصول مع صلته خبر مبتدأ محذوف، تقديره هو الذي علمت والجملة جواب القسم. وفيه تعسف، وفي مطالع الأنوار: معناه فو الله الذي علمته أنه يحب الله ورسوله، فعلي هذا علم بمعنى عرف، و ((أنه)) خبر الموصول. وفيه أيضاً: أو تجعل ((ما)) نافية والتاء للخطاب علي طريق التقرير له ويصح علي هذا كسر ((أنه)) وفتحها، والكسر علي جواب القسم. وفيه أن ((ما)) صلة تأكيداً، أي لقد علمت.
أقول: وكأن جعل ((ما)) نافية أظهر لوجه اقتضاء القسم أن يتلقى بحرف النفي وأن واللام بخلاف الموصولة؛ ولأن الجملة القسمية جيء بها مؤكدة لمعنى النهي ومقررة للإنكار، ويؤيده رواية شرح السنة:((فو الله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله)) لأن معنى الحصر في هذه الرواية بمنزلة تاء الخطاب في تلك الرواية؛ لإرادة الرد ومزيد الإنكار علي المخاطب. وفيه أن محبة الله ومحبة رسوله موجبتان للزلفي من الله والقربى منه، ولا يجوز لعنه لأنه طرد من الله تعالي وبعد من رحمته.
الفصل الثاني
الحديث الأول عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((أتيت منها حراماً؟)) جواب عن قوله: ((أتدري ما الزنا؟)) فإنه مستدرك لما سبق من قوله: ((أصاب امرأة حراماً)) وتصريحه بقوله: ((نعم)) في جوب ((أنكتها؟)) ثم قوله: ((فما تريد بهذا القول؟)) كل ذلك تعلل وسوق للمعلوم مساق المجهول لعله يرجع عن شهادته تلك؛ إيذاناً بأن حق الله تعالي علي المساهلة، وعلي أن للإمام أن يعرض [عن] المحدود بإنكار موجبه.
ما الزنا؟)) قال: نعم؛ أتيت منها حراماً ما يأتي الرجل من أهله حلالاً. قال: ((فما تريد بهذا القول؟)) قال: أريد أن تطهرني، فأمر به فرجم، فسمع نبي الله صلى الله عليه وسلم رجلين من أصحابه يقول أحدهما لصاحبه: انظر إلي هذا الذي ستر الله عليه، فلم تدعه نفسه حتى رجم رجم الكلب، فسكت عنهما، ثم سار ساعة حتى مر بجيفة حمار شائل برجله، فقال:((أين فلان وفلان؟)) فقالا: نحن ذان يا رسول الله فقال: ((انزلا فكلا من جيفة هذا الحمار)) فقالا: يا نبي الله من يأكل من هذا؟ قال: ((فما نلتما من عرض أخيكما آنفاً أشد من أكل منه، والذي نفسي بيده، إنه الآن لفي أنهار الجنة ينغمس فيها)) رواه أبو داود. [3627]
3628 -
وعن خزيمة بن ثابت، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أصاب ذنباً أقيم عليه حد ذلك الذنب فهو كفارته)). رواه في ((شرح السنة))
3629 -
وعن علي [رضي الله عنه] عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من أصاب حداً فجعل عقوبته في الدنيا فالله أعدل من أن يثني علي عبده العقوبة في الآخرة، ومن أصاب حداً فستره الله عليه وعفا عنه فالله أكرم من أن يعود في شيء قد عفا عنه)). رواه الترمذي، وابن ماجه، وقال الترمذي: هذا حديث غريب.
[وهذا الباب خال عن الفصل الثالث]
ــ
قوله: ((فما نلتما)) ((مظ)): ((ما)) الموصولة مع صلتها مبتدأ، و ((أشد)) خبره والعائد محذوف أي ما نلتماه.
الحديث الثاني والثالث عن علي رضي الله عنه: قوله: ((من أصاب حدا)) أي ذنبا يوجب الحد فأقيم المسبب مقام السبب. ويجوز أن يراد بالحد المحرم من قوله تعالي: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا} أي تلك محارمه. وقوله: ((فستر)) مع قوله: ((وعفا عنه)) معا عطف علي الشرط، أي من ستر الله عليه وتاب فوضع غفران الله موضع التوبة إشعاراً بترجيح جانب الغفران، وأن الذنب مطلوب له؛ ولذلك وضع المظهر موضع المضمر في الجزاء، ووصفه بالكرم. وفيه حث علي الستر والتوبة، وأنه أولي وأحرى من الإظهار.