المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب اللباس الفصل الأول 4304 - عن أنس قال: كان أحب الثياب - شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن - جـ ٩

[الطيبي]

الفصل: ‌ ‌كتاب اللباس الفصل الأول 4304 - عن أنس قال: كان أحب الثياب

‌كتاب اللباس

الفصل الأول

4304 -

عن أنس قال: كان أحب الثياب إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن يلبسها الحبرة. متفق عليه.

4305 -

وعن المغيرة بن شعبة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لبس جبة رومية ضيقة الكمين. متفق عليه.

4306 -

وعن أبي بردة، قال: أخرجت إلينا عائشة كساء ملبداً وإزاراً غليظاً، فقالت: قبض روح رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذين. متفق عليه.

ــ

كتاب اللباس

الفصل الأول

الحديث الأول عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((الحبرة)) خبر كان. وقوله: ((أن يلبسها)) متعلق بـ ((أحب)) أي كان أحب الثياب لأجل اللبس الحبرة لاحتمال الوسخ.

((نه)): الحبرة من البرود ما كان موشياً مخططا، يقال: برد حبر وبرد حبرة بوزن عنبة على الوصف والإضافة، وهو برد يمان والجمع حبر وحبرات.

الحديث الثاني عن عائشة: قوله: ((ذات غداة)) ((قض)): ذات الشيء نفسه وحقيقته والمراد به ما أضيف إليه. قوله: ((مرط)) ((مح)): هو بكسر الميم وإسكان الراء كساء من صوف وشعر أو كتان وخز يؤتزر به. و ((المرحل)) بضم الميم وفتح الراء والحاء المهملة، وروى بالجيم أي عليه صور الرجال، والصواب الأول، أي عليه صور رحال الإبل ولا بأس به، وإنما المحرم هو تصوير الحيوان.

الحديث الثالث والرابع عن أبي بردة: قوله: ((ملبداً)) ((نه)) أي مرقعاً يقال: لبدت القميص ألبده وألبدته، يقال للخرقة التي يرقع بها صدر القميص اللبدة. والتي يرقع بها قبة القبيلة،

ص: 2890

4307 -

وعن عائشة، قالت: كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ينام عليه أدما، حشوه ليف. متفق عليه.

4308 -

وعنها، قالت: كان وساد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يتكئ عليه من أدم، حشوه ليف. رواه مسلم.

4309 -

وعنها، قالت: بينا نحن جلوس في بيتنا في حر الظهيرة، قال قائل لأبي بكر: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلاً متقنعاً. رواه البخاري.

4310 -

وعن جابر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له:((فراش للرجل وفراش لامرأته، والثالث للضيف، والرابع للشيطان)) رواه مسلم.

ــ

وقيل: الملبد الذي ثخن وسطه وصفق حتى صار يشبه اللبد. ((مح)): ((في أمثال هذا الحديث بيان ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الزهادة في الدنيا والإعراض عن متاعها وملاذها، فيجب على الأمة أن يقتدروا به صلى الله عليه وسلم.

الحديث الخامس والسادس عن عائشة رضي الله عنه: قوله: ((كان وساد رسول الله صلى الله عليه وسلم)((مح)): فيه جواز اتخاذ الفراش والوساد والنوم عليها والارتفاق بها.

الحديث السابع عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((قالت: بينا نحن جلس في بيتنا)) هو طرف من حديث الهجرة. و ((مقبلاً متقنعاً)) حالان مترادفتان أو متداخلتان، والعامل معنى ((اسم الإشارة)).

قال الزجاج: إذا قلت: هذا زيد قائماً إن قصدت أن تخبر به من لم يعرف زيداً لم يجز؛ لأنه لا يكون زيداً ما دام قائماً فإذا زال عن القيام فليس بزيد. وإنما يقول: هذا زيد قائماً لمن يعرف زيداً، فيعمل في الحال التنبيه، أي أنبه لزيد في حال قيامه أو أشير إلى زيد في حال قيامه، لأن ((هذا)) إشارة إلى ما حضر، وقال: هذا من لطيف النحو وغامضه.

الحديث الثامن عن جابر: قوله: ((فراش)) مبتدأ مخصصه محذوف يدل عليه. قوله: ((والثالث للضيف)) أي فراش واحد كاف للرجل. ((مح)) في قوله: ((والرابع للشيطان)): أن ما زاد على الحاجة فاتخاذه إنما هو للمباهاة والاختيال والالتهاء بزينة الدنيا، وما كان بهذه الصفة فهو مذموم، وكل مذموم يضاف إلى الشيطان؛ لأنه يرتضيه، وأما تعديد الفراش للزوج فلا بأس به؛ لأنه قد يحتاج كل واحد منهما إلى فراش عند المرض ونحوه.

واستدل بعضهم بهذا أنه لا يلزمه النوم مع امرأته وأن له الانفراد عنها بفراش وهو ضعيف؛

ص: 2891

4311 -

وعن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطراً)) متفق عليه.

4312 -

وعن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة)) متفق عليه.

4313 -

وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بينما رجل يجر إزاره من الخيلاء خسف به، فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة)) رواه البخاري.

4313 -

وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما أسفل من الكعبين من الإزار في النار)) رواه البخاري.

ــ

لأن النوم مع الزوجة وإن كان ليس بواجب؛ لكنه معلوم بدليل آخر أن النوم معها بغير عذر أفضل وهو ظاهر فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم. أقول: ولأن قيامه من فراشها مع ميل النفس إليها متوجها إلى التهجد أصعب وأشق؛ ومن ثمة ورد: عجب ربنا من رجلين: رجل ثار عن وطائه ولحافه من بين حبه وأهله إلى صلاته، فيقول الله لملائكته: انظروا إلى عبدي ثار عن فراشه ووطائه من بين حبه وأهله إلى صلاته رغبة فيما عندي وشفقاً مما عندي الحديث.

الحديث التاسع عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((بطرا)) ((نه)) البطر الطغيان عن النعمة وطول الغني.

الحديث العاشر عن ابن عمر: قوله: ((خيلاء)) ((نه)): الخيلاء بالمد المخيلة والبطر والكبر والزهو والتبختر كلها [متدانية]. يقال: خال الرجل خالا واختال اختيالا إذا تكبر وهو رجل خال متكبر. ومعنى ((لا ينظر الله إليه)) لا يرجمه ولا يلتفت إليه.

الحديث الحادي عشر عن ابن عمر رضي الله عنهما: قوله: ((يتجلجل)) ((مح)): أي يتحرك وينزل مضطرباً قيل: يحتمل أن الرجل من هذه الأمة، فأخبر صلى الله عليه وسلم بأنه سيقع، وأن يكون إخباراً عمن كان قبل هذه الأمة وهو الصحيح؛ ولذلك أدخله البخاري في باب ذكر بني إسرائيل.

الحديث الثاني عشر عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((ما أسفل)) ((شف)): ((ما)) موصولة وصلته محذوفة وهو ((كان)) و ((أسفل)) منصوب خبر لـ ((كان)) ويجوز أن يرفع أسفل، أي الذي هو أسفل من الإزار من الكعبين. ((خط)): يتأول هذا على وجهين: أحدهما أن ما دون الكعبين من قدم صاحبه في النار عقوبة على فعله، والآخر أن فعله ذلك في النار، أي هو معدود محسوب من أفعال أهل النار.

((مح)): الإسبال يكون في الإزار والقميص والعمامة، ولا يجوز الإسبال تحت الكعبين إن كان للخيلاء، وقد نص الشافعي على أن التحريم مخصوص بالخيلاء، لدلالة ظواهر الأحاديث

4315 -

وعن جابر، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأكل الرجل بشماله، أو يمشي في نعل واحدة، وأن يشتمل الصماء، أو يحتبى في ثوب واحد كاشفاً عن فرجه. رواه مسلم.

4316 -

، 4317 - *، 4318 - *، 4319 - *. وعن عمر وأنس وابن الزبير، وأبي أمامة رضي الله عنهم أجمعين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((من لبس الحرير في الدنيا؛ لم يلبسه في الآخرة)) متفق عليه.

ص: 2892

4320 -

وعن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في الآخرة)). متفق عليه.

ــ

عليها. فإن كان للخيلاء فهو ممنوع منع تحريم وإلا فمنع تنزيه. وأجمعوا على جواز الإسبال للنساء، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم الإذن لهن في إرخاء ذيولهن. وأما القدر المستحب فيما ينزل إليه طرف القميص والإزار فنصف الساقين، والجائز بلا كراهة ما تحته إلى الكعبين، وبالجملة يكره ما زاد على الحاجة والمعتاد في اللباس من الطول والسعة والله أعلم.

الحديث الثالث عشر عن جابر: قوله: ((في نعل واحدة)) ((مح)): لأنه تشويه ومخالف للوقار، ولأن الرجل المنعلة تصير أرفع من الأخرى فيعسر مشيه، وربما كان سببا للعثار.

و ((الصماء)) بالمد هو أن يشتمل بالثوب يتجلل به جسده لا يرفع منه جانباً، فلا يبقى ما يخرج منه يده. قال ابن قتيبة: سميت صماء؛ لأنها سدت المنافذ كلها كالصخرة الصماء التي ليس فيها خرق ولا صدع، وقال الفقهاء: هو أن يشتمل بثوب واحد ليس عليه غيره ثم يرفعه من أحد جانبيه فيضعه على أحد منكبيه، وإنما يحرم هذا لأنه ينكشف به بعض عورته.

و ((الاحتباء)) بالمد أن يقعد الرجل على أليتيه وينصب ساقيه، ويحتوي عليهما بثوب أو نحوه أو بيده وهو عادة بعض العرب في مجالسهم.

الحديث الرابع والخامس عشر عن ابن عمر: قوله: ((من لا خلاق له)) الخلاق مما اكتسبه الإنسان من الفضيلة بخلقه. أقول: وفيه وجهان: أحدهما أنه لا نصيب له في الآخرة ولاحظ له في النعيم. وثانيهما: لاحظ. وقيل: من لا دين له، فعل الأول محمول على الكفار وعلى الآخر يتناول المسلم والكافر. أقول: ويحتمل أن يراد بقوله: ((من لا خلاق له)) النصيب من لبس الحرير، فيكون كناية عن دخول الجنة كقوله تعالى:{وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} أما في حق الكافر فظاهر، وفي حق المؤمن فعلى سبيل التغليظ.

ص: 2893

4321 -

وعن حذيفة، قال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشرب في آنية الفضة والذهب وأن نأكل فيها، وعن لبس الحرير والديباج، وأن يجلس عليه. متفق عليه.

4322 -

وعن علي رضي الله عنه قال: أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم حلة سيراء، فبعث بها إلى فلبستها، فعرقت الغضب في وجهه، فقال:((إني لم أبعث بها إليك لتلبسها، إنما بعثت بها إليك لتشققها خمراً بين النساء)) متفق عليه.

4323 -

وعن عمر رضي الله عنه أن النبي نهى عن لبس الحرير إلا هكذا، ورفع رسول الله صلى الله عليه وسلم إصبعيه: الوسطى والسبابة وضمهما متفق عليه.

4324 -

وفي رواية لمسلم: أنه خطب بالجابية، فقال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير إلا موضع أصبعين أو ثلاث أو أربع.

4325 -

عن أسماء بنت أبي بكر: أنها أخرجت جبة طيالسة كسروانية لها لبنة

ــ

الحديث السادس والسابع عشر عن علي رضي الله عنه: قوله: ((سيراء)) ((فا)): السيراء نوع من البرد يخالطه حرير سمى سيراء لتخططه فيه، والثوب المسير الذي فيه سير أي طرائق. [والتسير] أن تخضب المرأة أصابعها خضاباً مخططاً تخضب وتدع خطا.

أقول: إنما غضب رسول اله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لم يتفكر أنها ليست من ثبات المتقين. وكان ينبغي عليه أن يتحرى فيها ويقسمها على الفواطم. ((فا)): الفواطم فطامة الزهراء البتول ابنة النبي صلى الله عليه وسلم، وفاطمة بنت أسد بن هاشم زوجة أبي طالب أم علي وجعفر وعقيل وطالب، وهي أول هاشمية ولدت بهاشمي، والثالثة فاطمة أم أسماء بنت حمزة، وقيل: الثالثة فاطمة بنت عتبة بن ربيعة وكانت قد هاجرت. وأما فاطمة المخزومية جدة النبي صلى الله عليه وسلم وفاطمة بنت الأصم، فما أدركتا الوقت الذي قال صلى الله عليه وسلم فيه لعلي ذلك. انتهى كلامه. وقوله:((خمراً)) حال مقدرة كقولك: خطته قميصاً، وقوله:((بين النساء)) يجوز أن يكون حالاً من الضمير المنصوب أو صفة لـ ((خمراً)).

الحديث الثامن عشر: عن عمر رضي الله عنه: قوله: ((بالجابية)) هي مدينة بالشام.

الحديث التاسع عشر عن أسماء: قوله: ((جبة طيالسة)) ((مح)) هو بإضافة ((جبة)) إلى

ص: 2894

ديباج، وفرجيها مكفوفين بالديباج، وقالت: هذه جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت عند عائشة فلما قبضت قبضتها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلبسها، فنحن نعسلها للمرضى نستشفي بها. رواه مسلم.

4326 -

وعن أنس، قال: رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير وعبد الرحمن بن عوف في لبس الحرير لحكة بهما. متفق عليه.

وفي رواية لمسلم قال: إنهما شكوا القمل، فرخص لهما في قمص الحرير.

ــ

((طيالسة)). والطيالسة جمع طيلسان بفتح اللام على المشهور. وفي المغرب: الطيلسان تعريب تالسان وجمعه طيالسة، وهو من لباس العجم مدور أسود. وفي جمع التفاريق الطيالسة لحمتها وسداها صوف، والطيلس لغة فيه، تم كلامه، فعلى هذا الإضافة للبيان أي جبة صوف، ويعلم منه أنها كانت سوداء، وقال الزمخشري في أساس البلاغة: جاء [البرود] والطيالسة، وخرج القاضي متقلسا متطلسا. ومن المجاز شققت طيالس الظلام. قال أبو النجم:

كم [من فخيم] من أغر كأنه صبح يشق طيالس الظلماء

ويحتمل أن يكون منسوباً إلى الأعاجم، قال صاحب الأساس والمغرب: تقول العرب: يا ابن الطيلسان يريدون يا أعجمي، وينصره قوله:((كسروانية)) وهو منسوب إلى كسرى ملك الفرس وبهذا اندفع جميع الإشكالات.

قوله: ((لبنة)) ((نه)): هي بكسر اللام وسكون الباء رقعة تعمل فتوضع في جيب القميص والجبة. ((مح)): ((وفرجيها مكفوفين)) هكذا وقع في جميع النسخ والأصول، وهما منصوبان بفعل محذوف أي ورأيت. ((مح)):((وفرجيها أي شقيها من خلف وقدام مكفوفين بالديباج، أي خيط شقاها بالديباج. والكفة بالضم عطف الثوب، ونصب ((فرجيها)) بإضمار فعل مثل وجدت. ((مح)): وأما إخراج أسماء جبة النبي صلى الله عليه وسلم المكفوفة بالحرير، فقصدت به بيان أن هذا ليس محرماً ما لم يزد على أربع أصابع.

الحديث العشرون عن أنس رضي الله صلى الله عليه وسلم: قوله: ((لحكة بهما)) ((مح)): يجوز لبس الحرير في موضع الضرورة كما إذا فاجأت الحرب أو احتاج إليه لحر أو برد، فيجوز للحاجة كالحرب، وفيه وجه؛ أنه لا يجوز وهو منكر ويجوز لدفع القمل في السفر، وكذا في الحضر على الأصح.

ص: 2895

4327 -

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثوبين معصفرين فقال: ((إن هذه من ثياب الكفار، فلا تلبسهما)).

وفي رواية: قلت: أغسلهما: قال: ((بل أحرقهما)) رواه مسلم.

وسنذكر حديث عائشة: خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات غداة في ((باب مناقب أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم).

ــ

الحديث الحادي والعشرون عن عبد الله: قوله: ((بل أحرقهما)) ((قض)): ((قيل)): أراد بالإحراق إفناء الثوبين ببيع أو هبة. ولعله استعار به عنه للمبالغة والتشديد في النكير، إنما لم يأذن في الغسل؛ لأن المعصفر وإن كان مكروهاً للرجال فهو غير مكروه للنساء، فيكون غسله تضييعاً وإتلافاً للمال. ويدل على هذا التأويل ما روى: أنه أتى أهله وهم يسجرون التنور فقذفها فيه، ثم لما كان من الغد أتاه فقال له:((يا عبد الله؛ ما فعلت؟ فأخبره، فقال: أفلا كسوتها بعض أهلك، فإنه لا بأس بها للنساء)) وإنما فعل عبد الله ما فعل، لما رأي من شدة كراهة الرسول صلى الله عليه وسلم، أو لفهمه الظاهر، أو لتوهمه عموم الكراهة.

((مح)): اختلفوا في الثياب التي صبغت بالعصفر، فأباحها جمهور العلماء من الصحابة والتابعين. وبه قال الشافعي وأبو حنيفة ومالك، ولكنه قال: غيرها أفضل منها. وفي رواية عنه أجاز لبسها في البيوت وأفنية الدور وكرهه في المحافل والأسواق. وقال جماعة: هو مكروه كراهة تنزيه. وحملوا النبي على هذا؛ لأنه ثبت أنه صلى الله عليه وسلم لبس حلة حمراء وفي الصحيحين عن ابن عمر قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ بالعصفر.

وقال الخطابي: النهي منصرف إلى ما صبغ بعد النسج، فأما ما صبغ ثم نسج فليس بداخل في النهي، وحمل بعضهم النهي هنا على المحرم بالحج أو العمرة؛ ليكون موافقاً لحديث ابن عمر:((نهى المحرم أن يلبس ثوبا مسه ورس أو زعفران)). وأما البيهقي فأتقن المسألة في كتابه ((معرفة السنن)). نهى الشافعي الرجل عن المزعفر وأباح له المعصفر؛ فقال أي الشافعي: وإنما رخصت في المعصفر لأني لم أجد أحداً يحكى عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عنه إلا ما قال علي رضي الله عنه: نهاني ولا أقول نهاكم.

قال البيهقي: وقد جاءت أحاديث تدل على النهي على العموم؛ ثم ذكر حديث عبد الله بن عمرو بن العاص هذا، ثم أحاديث أخر ثم قال: لو بلغت هذه الأحاديث الشافعي رضي الله عنه قال بها، ثم ذكر بإسناده ما صح عن الشافعي أنه قال: إذا صح حديث النبي صلى الله عليه وسلم خلاف قولي، فاعملوا بالحديث ودعوا قولي فهو مذهبي، وأما الأمر بإحراقها فقيل: هو عقوبة وتغليظ لزجره وزجر غيره عن مثل هذا الفعل، ونظيره أمر تلك المرأة التي لعنت الناقة [فأرسلها].

ص: 2896

الفصل الثاني

4328 -

عن أم سلمة، قالت: كان أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القميص رواه الترمذي، وأبو داود. [4328]

4329 -

وعن أسماء بنت يزيد، قالت: كان كم قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرضع رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن غريب.

4330 -

وعن أبي هريرة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لبس قميصاً بدأ بميامنه. رواه الترمذي. [4330]

4331 -

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه، لا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين، ما أسفل من ذلك ففي النار)) قال ذلك ثلاث مرات ((ولا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطراً)). رواه أبو داود وابن ماجه. [4331]

4332 -

وعن سالم، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الإسبال في الإزار

ــ

الفصل الثاني:

الحديث الأول والثاني عن أسماء: قوله: ((إلى الرضع)) هكذا هو في الترمذي وأبي داود وفي الجامع بالسين المهملة. ((نه)): هو بالسين المهملة والصاد لغة فيه، وهو مفصل ما بين الكف والساعد.

الحديث الثالث عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((بميامنه)) أي بجانب يمين القميص، ولذلك جمعه.

الحديث الرابع عن أبي سعيد: قوله: ((إزرة المؤمن)) ((نه)): الإزرة بالكسر: الحالة وهيئة الابتزاز مثل الركبة والجلسة أي الحالة والهيئة التي يرتضي منها في الابتزاز، هي أن تكون على هذه الصفة. يقال: اتزر إزارة حسنة.

قوله: ((إلى أنصاف ساقيه)) إنما جمعهما ليشعر بالتوسعة لا التضييق. والضمير ((فيما بينه)) راجع إلى ذلك الحد الذي تقع عليه الإزرة، وبيان الحديث مر في الفصل السابق.

الحديث الخامس عن سالم: قوله: ((في الإزار)) هو خبر المبتدأ، أي الإسبال الذي فيه الكلام بالجواز وعدمه كائن في هذه الثلاثة.

ص: 2897

والقميص والعمامة، من جر منها شيئاً خيلاء، لم ينظر الله إليه يوم القيامة)). رواه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه. [4332]

4333 -

وعن أبي كبشة، قال: كان كمام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بطحاً رواه الترمذي، وقال: هذا حديث منكر.

4334 -

وعن أم سلمة، قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين ذكر الإزار: فالمرأة يا رسول الله؟ قال: ((ترخي شبراً)) فقالت: إذا تنكشف عنها. قال: ((فذراعاً لا تزيد عليه)). رواه مالك، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه. [4334]

4335 -

وفي رواية الترمذي، والنسائي، عن ابن عمر، فقالت: إذا تنكشف أقدامهن قال: ((فيرخين ذراعاً لا يزدن عليه)). [4335]

4336 -

وعن معاوية بن قرة، عن أبيه، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في رهط من

ــ

الحديث السادس عن أبي كبشة: قوله: ((كمام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم)((قض)): هي جمع كمة القلنسوة المدورة سميت بها لأنها تغطي الرأس. و ((بطحا)) بضم الباء وسكون الطاء، معناه أنها كانت مبسوطة لازقة برءوسهم غير مرتفعة عنها، وقيل: هي جمع ((كم)) كقفاف جمع قف؛ لأنهم قلما كانوا يلبسون القلنسوة. و (بطحا) معناه أنها كانت عريضة واسعة، وهو جمع أبطح من قولهم للأرض المتسعة: بطحاء. وفي الترمذي ((بطح)) بالرفع وفي الجامع بالنصب. ((تو)): وأصحاب الحديث رووه بغير ألف، كذلك لفظ المصابيح بغير ألف التنوين وهو خطأ. فلعل بعضهم رواه من كتابه كذلك، فاتبع الرواة رسم خطه، وهذا دأبهم، لا يتخطون لفظ المروي عنه وإن كان خطأ.

أقول: إذا صحت الرواية فلا يكون للطعن مجال، فعلى المرء أن يوجه الكلام، فيحتمل أن يكون في ((كان)) ضمير الشأن، والجملة خبره مبين للاسم، أو يكون ((بطح)) خبر مبتدأ محذوف، نعم؛ الرواية بالنصب أظهر. وفيه أن انتصاب القلنسوة من السنة بمعزل كما يفعله بعضهم.

الحديث السابع عن أم سلمة: قوله: ((فالمرأة)) عطف على الكلام المقدر لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولعل المقدر قوله:((إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه)) أي فما تصنع المرأة أو فالمرأة ما حكمها؟ الأخرى. والمراد بالذراع الذراع الشرعي؛ إذ هو أقصر من المتعارف.

ص: 2898

مزينة، فبايعوه وإنه لمطلق الأزرار فأدخلت يدي في جيب قميصه، فمسست الخاتم. رواه أبو داود. [4336]

4337 -

وعن سمرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((البسوا الثياب البيض، فإنها أطهر وأطيب، وكفنوا فيها موتاكم)) رواه أحمد، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه. [4337]

4338 -

وعن ابن عمر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اعتم سدل عمامته بين كتفيه. رواه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن غريب. [4338]

4339 -

وعن عبد الرحمن بن عوف، قال: عممني رسول الله صلى الله عليه وسلم فسدلها بين يدي ومن خلفي. رواه أبو داود. [4339]

4340 -

وعن ركانة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس)) رواه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن غريب، وإسناده ليس بالقائم. [4340]

4341 -

وعن أبي موسى الأشعري، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((أحل الذهب والحرير للإناث من أمتي، وحرم على ذكورها)). رواه الترمذي، والنسائي، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. [4341]

4342 -

وعن أبي سعيد الخدري، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجد ثوباً سماه باسمه، عمامة أو قميصاً، أو رداءً، ثم يقول: ((اللهم لك الحمد، كما كسوتنيه

ــ

الحديث الثامن والتاسع عن سمرة: قوله: ((أطهر)) لأن البيض أكثر تأثراً من الثياب الملونة، فتكون أكثر غسلاً منها.

الحديث العاشر إلى الثاني عشر عن ركانة: قوله: ((فرق ما بيننا)) أي الفارق بيننا أنا نتعمم على القلانس، وهم يكتفون بالعمائم.

الحديث الثالث عشر والرابع عشر عن أبي سعيد: قوله: ((سماه باسمه)) بأن يقال: عمامة أو قميصاً أو رداء أي هذه العمامة ((اللهم لك الحمد كما كستوتنيه))، والضمير راجع إلى المسمي. ((مظ)): ويحتمل أن تسميته عند قوله: ((اللهم لك الحمد كما كسوتني هذه العمامة))، والأول

ص: 2899

أسالك خيره، وخير ما صنع له، وأعوذ لك من شره وشر ما صنع له)). رواه الترمذي، وأبو داود [4342]

4343 -

وعن معاذ بن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((من أكل طعاماً ثم قال: الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام، ورزقنيه، من غير حول مني ولا قوة، غفر له ما تقدم من ذنبه)). رواه الترمذي، وزاد أبو داود:((ومن لبس ثوباً فقال: الحمد لله الذي كساني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة، غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر)). [4343]

4344 -

وعن عائشة، قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا عائشة؛ إذا أردت اللحوق بي فليكفك من الدنيا كزاد الراكب، وإياك ومجالسة الأغنياء، ولا تستخلقي ثوباً حتى ترقعيه)). رواه الترمذي، وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث صالح بن حسان قال محمد بن إسماعيل: صالح بن حسان منكر الحديث. [4344]

ــ

أوجه لدلالة العطف بـ ((ثم)). وقوله: ((كما كسوتنيه)) مرفوع المحل مبتدأ والخبر ((أسألك)) وهو المشبه أي مثلما كسوتنيه من غير حول مني ولا قوة أوصل إلى خيره، ووفقني [على] خير ما صنع له من الشكر بالجوارح والقلب، والحمد لله على موليه باللسان وأعوذ بك من الكفران.

((حس)): عن أنس بن مالك: قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجد ثوباً لبسه يوم الجمعة. وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم رأي على عمر قميصاً أبيض، فقال:((أجديد قميصك هذا أم غسيل؟)) قال: بل غسيل، فقال صلى الله عليه وسلم:((البس جديداً وعش حميداً ومت شهيداً)).

الحديث الخامس عشر عن معاذ: قوله: ((ما تقدم من ذنبه وما تأخر)) هكذا هو في القرينة الأخيرة وليس في القرينة السابقة، و ((ما تأخر)) في الترمذي وأبي داود. وقد الحق في بعض نسخ المصابيح قياساً وليس يثبت.

الحديث السادس عشر عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((ولا تستخلقي ثوبا)) أي لا تعديه خلقاً. واستخلق نقيض استجد. والكاف في ((كزاد الراكب)) فاعل ((فليكفك)).

((حس)): قال أنس: رأيت عمر بن الخطاب وهو يومئذ أمير المؤمنين، وقد رقع بين كتفيه برقاع ثلاث لبد بعضها فوق بعض. وقيل: خطب عمر رضي الله عنه وهو خليفة وعليه إزار فيه اثنتا عشرة رقعة.

ص: 2900

4345 -

عن أبي أمامة إياس بن ثعلبة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا تسمعون؛ ألا تسمعون: إن البذاذة من الإيمان، إن البذاذة من الإيمان)) رواه أبو داود. [4345]

4346 -

وعن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من لبس ثوب شهرة من الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة)). رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه. [4346]

4347 – وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من تشبه بقوم فهو منهم)) رواه أحمد، وأبو داود. [4347]

4348 -

وعن سويد بن وهب، عن رجل من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من ترك لبس ثوب جمال وهو يقدر عليه – وفي رواية: تواضعاً – كساه الله حلة الكرامة، ومن تزوج لله توجه الله تاج الملك)) رواه أبو داود. [4348]

4349 -

وروى الترمذي منه عن معاذ بن أنس حديث اللباس.

ــ

الحديث السابع عشر عن أبي أمامة: قوله: ((إن البذاذة)) ((تو)): البذاذة رثاثة الهيئة وترك ما يدخل في باب الزينة. يقال: رجل بذ الهيئة وباذ الهيئة أي رث اللبسة، وفي هيئته بذاذة. والمراد من الحديث أن في اللباس والتوقي عن [التأنق] في الزينة من أخلاق أهل الإيمان، والإيمان هو الباعث عليه.

الحديث الثامن عشر عن ابن عمر: قوله: ((ثوب شهرة)) ((قض)): الشهوة ظهور الشيء في [شنعة] بحيث يشتهر به صاحبه. والمراد بثوب شهرة ما لا يحل لبسه وإلا لما رتب الوعيد عليه، أو ما يقصد بلبسه التفاخر والتكبر على الفقراء، والإذلال بهم وكسر قلوبهم، أو ما يتخذه المساخر ليجعل به نفسه ضحكة بين الناس، أو ما يرائي به من الأعمال، فكنى بالثوب عن العمل الصالح وهو الشائع. أقول: والوجه الثاني أظهر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((ألبسه الله ثوب مذلة)) ((نه)): أي يشمله بالذل كما يشمل الثوب البدن.

الحديث التاسع عشر عن ابن عمر: قوله: ((من تشبه بقوم)) هذا عام في الخلق والخلق والشعار، وإذ كان الشعار أظهر في التشبه ذكره في هذا الباب.

الحديث العشرون عن سويد: قوله: ((من تزوج لله)) يحتمل أن يراد به من تصدق بزوجين

ص: 2901

4350 -

وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده)) رواه الترمذي. [4350]

4351 -

وعن جابر، قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم زائراً، فرأي رجلاً شعثاً قد تفرق شعره، فقال:((ما كان يجد هذا ما يسكن به رأسه)). ورأي رجلاً عليه ثياب وسخة فقال: ((ما كان يجد هذا ما يغسل به ثوبه)) رواه أحمد والنسائي. [4351]

4352 -

وعن أبي الأحوص، عن أبيه، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى ثوب دون، فقال لي:((ألك مال)) قلت: نعم. قال: ((من أي المال؟)) قلت: من كل

ــ

أي بصنفين، وهو من قوله صلى الله عليه وسلم:((من أنفق زوجين في سبيل الله ابتدرته حجبة الجنة)). قيل: وما زوجان؟ قال: ((فرسان أو عبدان أو بعيران)). ((نه)): الأصل في الزوج الصنف والنوع من كل شيء، فكل شيئين مقترنين شكلين كانا أو نقيضين فهما زوجان، وكل واحد منهما زوج.

((شف)): ظاهر الحديث أن المراد بالتزوج الإملاك، أي من قصد من تزوج الزوجة ابتغاء وجه الله بأن نزل عن [درجته] فتزوج من دونه في الكفاءة. قوله:((تاج الملك)) كناية عن إجلاله وتوقيره، أو أعطى في القيامة تاجاً ومملكة في الجنة. ونحوه قوله صلى الله عليه وسلم:((من قرأ القرآن وعمل بما فيه، ألبس والداه تاجاً يوم القيامة في الجنة)).

الحديث الحادي والعشرون عن عمرو: قوله: ((يحب أن يرى أثر نعمته)) ((مظ)): يعني إذا آتى الله عبداً من عباده نعمة من نعم الدنيا، فليظهرها من نفسه، بأن يلبس لباساً يليق بحاله لإظهار نعم الله عليه، وليقصده المحتاجون لطلب الزكاة والصدقات. وكذلك العلماء فليظهروا عملهم ليستفيدوا من علمهم.

الحديث الثاني والعشرون عن جابر: قوله: ((ما يسكن به رأسه)) أي يلم به شعثه ويجمع تفرقه فعبر بالسكون عنهما. قوله: ((ما كان يجد هذا)) ((ما)) نافية وهمزة الإنكار مقدرة، أنكر عليه بذاذته لما يؤدي إلى ذلته، أما قوله:((البذاذة من الإيمان)) فإثبات التواضع للمؤمن. كما جاء: ((المؤمن متواضع وليس بذليل وله العزة دون الكبر)) ومنه حديث أبي بكر: ((إنك لست ممن يفعله خيلاء)).

الحديث الثالث والعشرون عن أبي الأحوص: قوله: ((من كل المال)) أي من كل ما تعورف بالمال بين أبناء الجنس، وقوله:((قد أعطاني الله من الإبل)) بيان له وتفصيل. قوله: ((فلير أثر نعمة الله)) ((حس)): هذا في تحسين الثياب بالتنظيف والتجديد عند الإمكان، من غير أن يبالغ

المال: قد أعطاني الله من الإبل والبقر والغنم والخيل والرقيق. قال: ((فإذا آتاك الله مالاً فلير أثر نعمة الله عليك وكرامته)). رواه أحمد، والنسائي، وفي ((شرح السنة)) بلفظ ((المصابيح)). [4352]

4353 -

وعن عبد الله بن عمرو، قال: مر رجل وعليه ثوبان أحمران، فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فلم يرد عليه. رواه الترمذي، وأبو داود. [4353]

ص: 2902

4354 -

وعن عمران بن حصين، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال:((لا أركب الأرجوان، ولا ألبس المعصفر، ولا ألبس القميص المكفف بالحرير)) وقال: ((ألا وطيب الرجال ريح لا لون له، وطيب النساء لون لا ريح له)). رواه أبو داود. [4354]

ــ

في النعامة والرقة ومظاهرة الملبس على الملبس على ما هو من عادة العجم وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان ينهي عن كثير من الإرفاه.

الحديث الرابع والعشرون عن عبد الله: قوله: ((ثوبان أحمران)) ((مظ)): فيه دلالة على أن من كان مرتكباً منهياً في وقت تسليمه لا يستحق جواب السلام. ويستحب أن ينبهه على ذلك.

الحديث الخامس والعشرون عن عمران: قوله: ((لا أركب الأرجوان)) ((نه)): هو معرب من أزغوان وهو شجر له نور أحمر، وكل لون يشبهه فهو أرجوان. وقيل: هو الصبغ الأحمر، والذكر والأنثى فيه سواء، يقال: ثوب أرجوان وقطيفة أرجوان. والأكثر في كلامهم إضافة الثوب أو القطيفة إلى الأرجوان. وقيل: إن الكلمة عربية، والألف والنون زائدتان. ((خط)): أراه أنه أراد المياثر الحمر، وقد يتخذ من ديباج وحرير. وقد ورد النهي عنها لما في ذلك من السرف، وليس ذلك من لباس الرجال.

قوله: ((المكفف بالحرير)) ((نه)): أي الذي عمل على ذيله وأكمامه وجيبه كفاف من حرير. وكفة كل شيء بالضم طرفه وحاشيته، وكل مستدير كفة بالكسر ككفة الميزان وكل مستطيل كفة ككفة الثوب. ((قض)): وهذا لا يعارض حديث أسماء ((لها لبنة ديباج وفرجيها مكفوفين. وقالت: هذه جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم)؛ لأنه ربما لم يلبس القميص المكفف بالحرير؛ لأن فيه مزيد تجمل وترفه ولبس الجبة المكففة الخ. قوله: ((ألا وطيب الرجال ريح)) ((فا)): عن النخعي: كانوا يكرهون المؤنث في الطيب ولا يرون بذكورته بأسا. المؤنث ما يتطبب به النساء من

ص: 2903

4355 -

وعن أبي ريحانة، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عشر: عن الوشر، والوشم، والنتف، وعن مكامعة الرجل الرجل بغير شعار، ومكامعة المرأة المرأة بغير شعار، وأن يجعل الرجل في أسفل ثيابه حريراً مثل الأعاجم، أو يجعل على منكبيه حريراً مثل الأعاجم، وعن النهبي، وعن ركوب النمور، ولبوس الخاتم إلا لذي سلطان)). رواه أبو داود، والنسائي. [4355]

4356 -

وعن علي، قال: نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خاتم الذهب، وعن لبس

ــ

الزعفران والخلوق وما له ردع. والذكورة طيب الرجال الذي ليس له ردع كالكافور والمسك والعود وغيرها. والتاء في الذكورة لتأنيث الجمع مثلها في الحزونة والسهولة.

الحديث السادس والعشرون عن أبي ريحانة: قوله: ((عن الوشر)) ((نه)): الوشر تحديد الأسنان وترقيق أطرافها، تفعله المرأة الكبيرة تتشبه بالشباب. والمؤتشرة التي تأمر أن يفعل بها ذلك. وكأنه من وشرت الخشبة بالمنشار. والوضع أن يغرز الجلد بإبرة ثم يحشي بكحل أو نيل، فيزرق أثره أو يخضر.

قوله: ((والنتف)) ((قض)): يريد نتف الشيب، أو الشعر من اللحية أو الحاجب للزينة، والمقتضي للنهي في هذه الثلاثة تغيير الخلقة. قوله:((عن مكامعة الرجل)) ((نه)): هي أن يضاجع الرجل صاحبه في ثوب واحد لا حاجز بينهما، والكميع الضجيع، وزوج المرأة كميعها.

قوله: ((في أسفل ثيابه حريراً)) ((مظ)): يعني لبس الحرير حرام على الرجال سواء كان تحت الثياب أو فوقها. وعادة جهال العجم أن يلبسوا تحت الثياب ثوباً قصيراً من الحرير [ليلين] أعضاءهم.

أقول: ولعل لفظي ((يجعل وأسفل)) [ينبئان] عنه، ولو أريد ذلك لقيل: أن يلبس تحت الثياب. وكذا قوله: ((أو يجعل على منكبيه)) كأنه قيل: لا يجعل أسفل الثياب ولا فوقها حريراً. و ((النهبي)) بمعنى النهب، كالنحلي والنحل العطية. وقد يكون اسما لما ينهب كالرقبي والعمري. والمراد بـ ((النمور)) جلودها، والمقتضي للنهي ما فيه من الزينة والخيلاء أو بنحاسة ما عليها من الشعور فإنها لا تطهر بالدباغ، و ((اللبوس)) اللبس. ((خط)) أباح لبس الخاتم لذي سلطان لأنه يحتاج إليه لختم الكتب، وكرهه لغيره؛ لأنه يكون زينة محضة لا حاجة فيه. انتهى كلامه. واللام في قوله:((لذي سلطان)) للتأكيد، تقديره نهى عن لبوس الخاتم جميعاً إلا ذا سلطان.

الحديث السابع والعشرون عن علي رضي الله عنه: قوله: ((وعن لبس القسي)) ((نه)): هي

ص: 2904

القسي والمباثر. رواه الترمذي، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وفي رواية لأبي داود قال: نهى عن مياثر الأرجوان. [4356]

4357 -

وعن معاوية، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تركبوا الخز ولا النمار)). رواه أبو داود، والنسائي. [4357]

4358 -

وعن البراء بن عازب: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الميثرة الحمراء. رواه في ((شرح السنة)). [4358]

4359 -

وعن أبي رمثة التيمي، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثوبان أخضران، وله شعر قد علاه الشيب وشيبه أحمر. رواه الترمذي. وفي رواية لأبي داود: وهو ذو وفرة وبها ردع من حناء. [4359]

ــ

ثياب من كتان مخلوط بحرير يؤتى من مصر نسبت إلى قرية على ساحل البحر يقال لها: القس بفتح القاف. وبعض أهل الحديث يكسرها. وقيل: أصل القسي القزي، بالزاي، منسوب إلى القز وهو ضرب من الإبريسم فأبدل من الزاي سيناً. وقيل هو منسوب إلى القس وهو الصقيع لبياضه.

و ((المياثر)) جمع ميثرة بالكسر مفعلة من الوثارة يقال: وثر وثارة فهو وثر أي وطئ لين، وأصلها موثرة فقلبت الواو ياء لكسرة الميم، وهي من مراكب العجم تعمل من حرير أو ديباج، وتتخذ كالفراش الصغير وتحشى بقطن أو صوف يجعلها الراكب تحته على الرحال أو السروج. أقول: والمياثر مطلق يحمل على المقيد كما في الرواية الأخرى.

الحديث الثامن والعشرون عن معاوية: قوله: ((لا تركبوا الخز)) ((نه)): الخز معمول من الإبريسم أو ثياب تنسج من صوف وإبريسم. والثانية مباحة، وقد لبسها الصحابة والتابعون فيكون النهي عنها لأجل التشبه بالعجم وزي المترفين. وإن أريد به الأول وهو المعروف الآن فهو حرام؛ لأن جميعه معمول من الإبريسم.

قوله: ((ولا النمار)) ((تو)): يعني بالنمار جلود النمور والصواب فيه النمور. ((نه)): وقيل: هي جمع نمرة وهي الكساء المخطط. ولو صح أنه المراد من فلعله كره ذلك؛ لما فيه من الزينة. أقول: ولعل النمار جاء في جمع نمر كما في هذا الحديث. وما روى في النهاية أنه نهى عن ركوب النمار وفي رواية النمور.

الحديث التاسع والعشرون والثلاثون عن أبي رمثة: قوله: ((شعر)) إنما نكره ليدل على القلة

ص: 2905

4360 -

وعن انس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان شاكياً، فخرج يتوكأ على أسامة وعليه ثوب قطر قد توشح به فصلى بهم. رواه في ((شرح السنة)).

4361 -

وعن عائشة، قالت: كان على النبي صلى الله عليه وسلم ثوبان قطريان غليظان، وكان إذا قعد فعرق ثقلا عليه، فقدم بز من الشام لفلان اليهودي. فقلت: لو بعثت إليه فاشتريت منه ثوبين إلى الميسرة. فأرسل إليه. فقال: قد علمت ما تريد، إنما تريد أن تذهب بمالي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((كذب، قد علم أني من أتقاهم وآداهم للأمانة)). رواه الترمذي، والنسائي. [4361]

ــ

أي شعر معدود. ((حس)): عن أنس: ((ما عددت في رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم ولحيته إلا أربع عشرة شعرة بيضاء. قوله: ((وشيبه أحمر)) أي مصبوغ بالحناء. والوفرة شعر الرأس إذا وصل إلى شحمة الأذن. والردع الصبغ يقال: ثوب رديع أي مصبوغ بالزعفران.

الحديث الحادي والثلاثون عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((شاكياً)) أي مريضا، والقطر ضرب من البرود فيه حمرة ولها أعلام، وفيه بعض الخشونة. وقيل: هي حلل جياد تحمل من قبل البحرين. قال الأزهري: في أعراض البحرين قرية يقال لها: القطرية. و ((قد توشح به)) أي تغشى والأصل به الوشاح، وهو شيء ينسج عريضاً من أديم. وربما يرصع بالجواهر والخرز وتشده المرأة على عاتقها وكشحها، ويقال فيه: وشاح وإشاح.

الحديث الثاني والثلاثون عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((إذا قعد عرق ثقلا عليه)) الجملة الشرطية كناية عن لحوق التعب والمشقة من الثوبين، والبز ضرب من الثياب وهو عند أهل الكوفة ثياب الكتان والقطن، لا ثياب الصوف والخز. وإسناد القدوم إلى البز مجازي، أي قدم أصحاب البز. والفاء في ((فقال)) عطف على محذوف، أي فأرسل رسولا إلى اليهودي يستسلف بزاً إلى الميسرة. فطلب الرسول منه، فقال اليهودي: قد علمت ما تريد الخ. و ((ما)) استفهامية علقت العلم عن العمل. ويجوز أن تكون ((ما)) موصولة، والعلم بمعنى العرفان.

ويحتمل أن يكون الخطاب نقلا من الرسول معنى ما قاله اليهودي لا لفظه؛ لأن لفظه هو ((علمت ما يريد)) على الغيبة. ويحتمل أن يكون خطاباً للرسول على الإسناد المجازي. و ((من أتقاهم)) أي من زمرة من يعتقدون أنهم من المتقين. وهذا العلم كالعرفان في قوله تعالى: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} . و ((آداهم)) قال الجوهري: يقال: هو آدى منك للأمانة بمد الألف. وقال في الفائق: هو كقولهم: هو أعطاهم للدينار والدرهم.

ص: 2906

4362 -

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي ثوب مصبوغ بعصفر مورداً، فقال:((ما هذا؟)) فعرفت ما كره، فانطلقت، فأحرقته. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((ما صنعت بثوبك؟)) قلت: أحرقته. قال: ((أفلا كسوته بعض أهلك؟ فإنه لا بأس به للنساء)). رواه أبو داود. [4362]

4363 -

وعن هلال بن عامر، عن أبيه، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم بمنى يخطب على بغلة وعليه برد أحمر، وعلي أمامه يعبر عنه. رواه أبو داود. [4363]

4364 -

وعن عائشة، قالت: صنعت للنبي صلى الله عليه وسلم بردة سوداء، فلبسها، فلما عرق فيها وجد ريح الصوف، فقذفها. رواه أبو داود. [4364]

4365 -

وعن جابر، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو محتب بشملة قد وقع هدبها على قدميه. رواه أبو داود. [4365]

4366 -

وعن دحية بن خليفة، قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم بقباطي، فأعطاني منها قبطية، فقال:((اصدعها صدعين، فانطع أحدهما قميصاً، وأعط الآخر امرأتك تختمر به)). فلما أدبر، قال:((وأمر امرأتك أن تجعل تحته ثوباً لا يصفها)). رواه أبو داود. [4366]

ــ

الحديث الثالث والثلاثون عن عبد الله: قوله: ((موردا)) ((تو)): أي صبغاً مورداً أقام الوصف مقام المصدر الموصوف، والمورد ما صبغ على لون الورد.

الحديث الرابع والثلاثون عن هلال: قوله: ((يعبر عنه)) أي يبلغ؛ وذلك أن القول لم يكن ليبلغ أهل الموسم، ويسمع سائرهم الصوت الواحد؛ لما فيهم من الكثرة.

الحديث الخامس والسادس والسابع والثلاثون عن دحية: قوله: ((بقباطي)) بفتح القاف جمع قبطية. ((نه)): القبطية ثوب من ثياب مصر رقيقة بيضاء، كأنه منسوب إلى القبط وهو أهل

ص: 2907

4367 -

وعن أم سلمة، أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وهي تختمر فقال:((لية لاليتين)). رواه أبو داود. [4367]

الفصل الثالث

4368 -

عن ابن عمر، قال: مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وفي إزاري استرخاء. فقال: ((يا عبد الله! ارفع إزارك)) فرفعته، ثم قال:((زد)) فزدت. فما زلت أتحراها بعد. فقال بعض القوم: إلى أين؟ قال: ((إلى أنصاف الساقين)). رواه مسلم.

4369 -

وعنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة)). فقال أبو بكر: يا رسول الله! إزاري يسترخي، إلا أن أتعاهده. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إنك لست ممن يفعله خيلاء)). رواه البخاري.

4370 -

وعن عكرمة، قال: رأيت ابن عباس يأتزر فيضع حاشية إزاره من مقدمه على ظهر قدمه، ويرفع من مؤخره قلت: لم تأتزر هذه الإزرة؟ قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتزرها. رواه أبو داود. [4370]

ــ

مصر. وضم القاف من تغيير النسب، وهذا في الثياب، وأما في الناس فقبطي بالكسر، و ((اصدعها صدعين)) أي شقها شقين. قوله:((لا يصفها)) أي لا يكشف شعرها وجسدها، وهو استئناف بيان للموجب. ويجوز أن يكون مجزوماً جواباً للأمر. وقوله:((تختمر)) يجوز بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، وبالجزم على أنه جواب الأمر.

الحديث الثامن والثلاثون عن أم سلمة: قوله: ((لية)) ((قض)): أمرها أن تجعل الخمار على رأسها وتحت حنكها، عطفة واحدة لا عطفتين حذراً عن الإسراف والتشبه بالمتعممين.

الفصل الثالث

الحديث الأول عن ابن عمر: قوله: ((أتحراها)) أي أتحرى الفعلة وهي رفع الإزار شيئاً

ص: 2908

4371 -

وعن عبادة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بالعمائم؛ فإنها سيماء الملائكة، وأرخوها خلف ظهوركم)). رواه البيهقي. [4371]

4372 -

وعن عائشة، أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها وقال:((يا أسماء! إن المرأة إذا بلغت المحيض لن يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا)) وأشار إلى وجهه وكفيه. رواه أبو داود. [4372]

4373 -

وعن أبي مطر، قال: إن علياً اشترى ثوباً بثلاثة دراهم، فلما لبسه قال:((الحمد لله الذي رزقني من الرياش ما أتجمل به في الناس وأواري به عورتي)) ثم قال: هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول. رواه أحمد. [4373]

4374 -

وعن أبي أمامة، قال: لبس عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثوباً جديداً، فقال: الحمد الذي كساني ما أواري به عورتي وأتجمل به في حياتي، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من ليس ثوباً جديداً فقال: الحمد الله الذي كساني ما أواري به عورتي وأتجمل به في حياتي، ثم عمد إلى الثوب الذي أخلق فتصدق به، كان في كنف الله وفي حفظ الله وفي ستر الله حياً وميتاً)). رواه أحمد، والترمذي، وابن ماجه. وقال الترمذي: هذا حديث غريب. [4374]

ــ

الحديث الثاني إلى الرابع عن عبادة: قوله: ((فإنها سيماء الملائكة)) أي علامتهم يوم بدر قال الله تعالى: {يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ المَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ} قال الكلبي: معتمين بعمائم صفر مرخاة على أكتافهم.

الحديث الخامس عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((إذا بلغت المحيض)) أي زمان البلوغ، وخص ((المحيض)) للغالب فيها وجاء بـ ((لن)) لتأكيد النفي، وباسم الإشارة لمزيد التقرير، ولعله كان قبل الحجاب.

الحديث السادس عن أبي مطر: قوله: ((من الرياش)) والريش لباس الزينة، استعير من ريش

ص: 2909

4375 -

وعن علقمة بن أبي علقمة، عن أمه، قالت: دخلت حفصة بنت عبد الرحمن على عائشة وعليها خمار رقيق، فشقته عائشة وكستها خماراً كثيفاً. رواه مالك. [4375]

4376 -

وعن عبد الواحد بن أيمن، عن أبيه، قال: دخلت على عائشة وعليها درع قطري ثمن خمسة دراهم فقالت: ارفع بصرك إلى جاريتي، انظر إليها، فإنها تزهى أن تلبسه في البيت، وقد كان لي منها درع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما كانت امرأة تقين بالمدينة إلا أرسلت إلى تسعيره. رواه البخاري.

4377 -

وعن جابر، قال: لبس رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً قباء ديباج أهدي له، ثم أوشك أن نزعه، فأرسل به إلى عمر، فقيل: قد أوشك ما انتزعته يا رسول الله! فقال: ((نهاني عند جبريل)) فجاء عمر يبكي فقال: يا رسول الله! كرهت أمراً وأعطيتنيه، فما لي؟ فقال:((إني لم أعطكه تلبسه، إنما أعطيتكه تبيعه)). فباعه بألفي درهم. رواه مسلم.

ــ

الطير؛ لأنه لباسه وزينته كقوله تعالى: {قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ ورِيشًا ولِبَاسُ التَّقْوَى} .

الحديث السابع إلى التاسع عن عبد الواحد: قوله: ((تزهي)) ((نه)): الزهو التكبر والفخر يقال: زهى الرجل فهو مزهو هكذا يتكلم به على سبيل المفعول، كما يقولون: عني بالأمر ونتجت الناقة، وإن كان بمعنى الفاعل. وزها يزهو قليل، ومعناه أنها تترفع عنها ولا ترضاه أن تلبس في البيت فضلا عن أن تخرج بها. والتقيين التزيين، أي تقين وتزين لزفافها. قوله:((ثمن خمسة دراهم)) أصله ثمنه خمسة دراهم، فقلب وجعل المثمن ثمنا والضمير في ((منها)) راجع إلى جنس الثياب التي لا يؤبه بها.

الحديث العاشر عن جابر: قوله: ((ثم أوشك)) أي أسرع إلى نزعه. وقوله: ((كرهت أمراً)) أي لبس هذا الثوب وأعطيتنيه لألبسه. وقوله: ((لم أعطكه تلبسه)) إشارة إلى هذا المعنى وقوله: ((تلبسه وتبيعه)) مرفوعان على الاستئناف لبيان الغرض من الإعطاء.

ص: 2910

4378 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثوب المصمت من الحرير، فأما العلم وسدى الثوب فلا بأس به. رواه أبو داود. [4378]

4379 -

وعن أبي رجاء، قال: خرج علينا عمران بن حصين وعليه مطرف من خز، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((من أنعم الله عليه نعمة فإن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده)). رواه أحمد. [4379]

4380 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كل ما شئت، والبس ما شئت ما أخطأتك اثنتان: سرف ومخيلة. رواه البخاري في ترجمة باب. [4380]

4381 -

وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كلوا، واشربوا، وتصدقوا، والبسوا، ما لم يخالط إسراف ولا مخيلة)). رواه أحمد، والنسائي، وابن ماجه. [4381]

ــ

الحديث الحادي عشر عن ابن عباس: قوله: ((المصمت من الحرير)) هو الثوب الصمت الذي يكون سداه ولحمته من الحرير لا شيء غيره.

الحديث الثاني عشر عن أبي رجاء: قوله: ((مطرف خز)) ((نه)): هو بكسر الميم وضمها وفتحها الثوب الذي في طرفيه علمان، والميم زائدة. قال الفراء: وأصله الضم؛ لأنه في المعنى مأخوذ من أطراف أي جعل في طرفيه العلمان، ولكنهم استثقلوا الضمة فكسروه. وقوله:((على عبده)) مظهر أقيم مقام المضمر الراجع إلى المبتدأ؛ إشعاراً بإظهار العبودية من أثر رؤية ما أنعم [عليه] ربه ومالكه.

الحديث الثالث عشر عن ابن عباس: قوله: ((ما أخطأتك)) ((ما)) للدوام أي: كل من المباحات ما شئت مدة تجاوز الخصلتين عنك. وقوله: ((مخيلة)) أي كبر وخيلاء. ونفي السرف مطلقاً يستلزم نفي المخيلة، فيكون نفي المخيلة بعده للتأكيد، واستيعاب ما يقرب منهما نحو قوله تعالى:{فَلا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ ولا تَنْهَرْهُمَا} .

ص: 2911