الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4382 -
وعن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أحسن ما زرتم الله في قبوركم ومساجدكم البياض)). رواه ابن ماجه. [4382]
(1) باب الخاتم
الفصل الأول
4383 -
عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: اتخذ النبي خاتماً من ذهب. وفي رواية: وجعله في يده اليمنى، ثم ألقاه، ثم اتخذ خاتماً من ورق نقش فيه: محمد رسول الله وقال: ((لا ينقشن أحد على نقش خاتمي هذا)) وكان إذا لبسه جعل فصه مما يلي بظن كفه. متفق عليه.
ــ
الحديث الرابع والخامس عشر عن أبي الدرداء: قوله: ((ما زرتم)) ما يجوز أن تكون موصوفة أو موصولة. والعائد محذوف أي: أحسن شيء زرتم الله فيه البياض. وهذا في المساجد ظاهر؛ لأن المسجد بيت الله. وأما في القبور فالمراد الأكفان؛ فإن المؤمن بعد الموت يلقى الله تعالى ويزوره فينبغي أن يكون على أكمل الحال، والله أعلم.
باب الخاتم
الفصل الأول
الحديث الأول عن ابن عمر رضي الله عنهما: قوله: ((اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم)((حس)): هذا الحديث يشتمل على أمرين تبدل الأمر فيهما من بعد، أحدهما: لبس خاتم الذهب وصار الحكم فيه إلى التحريم في حق الرجال. والثاني: لبس الخاتم في اليمين، وكان آخر الأمرين من النبي صلى الله عليه وسلم لبسه في اليسار. قوله:((على نقش خاتمي)) يجوز أن يكون حالا من الفاعل؛ لأنه نكرة في سياق النفي، أوصفة مصدر محذوف أي نقشاً كائناً على نقش خاتمي هذا ومما ثلا له، أو نقشاً مقيساً على نقش خاتمي هذا.
((مح)): وسبب النهي أنه صلى الله عليه وسلم إنما نقش على خاتمه هذا القول؛ ليختم به كتبه إلى الملوك، فلو نقش غيره مثله لدخلت المفسدة وحصل الخلل. وإنما جعل فصه في باطن كفه؛ لأنه أبعد من الزهو والإعجاب. ولما لم يأمر بذلك جاز جعل فصه ظاهر الكف، وقد عمل السلف بالوجهين. والخاتم فيه لغتان: فتح التاء وكسرها. وأجمعوا على إباحة خاتم الذهب للنساء وعلى تحريمه على الرجال. ولو اتخذ الرجل خواتيم كثيرة؛ ليلبس الواحد منها بعد الواحد جاز على المذهب، وقيل: فيه الوجهان الإباحة وعدمها.
4384 -
وعن علي، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس القسي، والمعصفر، وعن تختم الذهب، وعن قراءة القرآن في الركوع. رواه مسلم.
4385 -
وعن عبد الله بن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأي خاتماً من ذهب في يد رجل، فنزعه، فطرحه، فقال:((يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده؟)) فقيل للرجل بعدما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذ خاتمك انتفع به. قال: لا والله، لا آخذه أبداً وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم.
4386 -
وعن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يكتب إلى كسرى وقيصر والنجاشي، فقيل: إنهم لا يقبلون كتاباً إلا بخاتم. فصاغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتماً حلقة فضة نقش فيه: محمد رسول الله رواه مسلم. وفي رواية للبخاري: كان نقش الخاتم ثلاثة أسطر: محمد سطر، ورسول سطر، والله سطر.
ــ
الحديث الثاني عن علي رضي الله عنه: قوله: ((وعن تختم الذهب)) ((حس)): هذا النهي في حق الرجال. وأما النساء فقد رخص لهن في حلى الذهب؛ لما روى عن علي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ حريراً، فجعله في يمينه وأخذ ذهباً، فجعله في شماله. قال:((إن هذين حرام على ذكور أمتي)). وكان على عائشة خواتيم ذهب، حتى ذهب بعضهم إلى أنه يكره للمرأة خاتم الفضة؛ لأنه من زي الرجال، فإن لم تجد إلا خاتم فضة تصفره بزعفران ونحوه. ((خط)): إنما نهى عن القراءة في الركوع؛ لأن محل القراءة هو القيام، والركوع موضع التسبيح دون القراءة.
الحديث الثالث عن عبد الله: قوله: ((يعمد أحدكم)) فيه من التأكيد أنه اخرج الإنكاري مخرج الإخباري. وعمم الخطاب بعد نزع الخاتم من يده وطرحه، فدل على غضب عظيم وتهديد شديد، ومن ثم لما قيل لصاحبه: خذ انتفع به، قال: لا والله.
((مح)): فيه إزالة المنكر باليد لمن قدر عليها. وفي قوله: ((لا آخذه أبداً)) المبالغة في امتثال أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، وعدم الترخص فيه بالتأويلات الضعيفة. وكان ترك الرجل أخذ خاتمه، إباحة لمن أراد أخذه من الفقراء، فمن أخذه جاز تصرفه فيه. قوله:((إلى جمرة)) كذا في صحيح مسلم بالتاء، وضمير المؤنث في ((فيجعلها)) وفي نسخ المصابيح بغير التاء والضمير مذكر.
الحديث الرابع عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((حلقة فضة)) بدل من ((خاتماً)). ((حس)): كان
4387 -
وعنه، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان خاتمه من فضة، وكان فصه منه. رواه البخاري.
4388 -
وعنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبس فضة في يمينه، فيه فص حبشي، كان يجعل فصه مما يلي كفه. متفق عليه.
4389 -
وعنه، قال: كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم في هذه، وأشار إلى الخنصر من يده اليسرى. رواه مسلم.
4390 -
وعن علي رضي الله عنه، قال: نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتختم في إصبعي هذه أو هذه. قال: فأومأ إلى الوسطى والتي تليها. رواه مسلم.
ــ
هذا الخاتم في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم كان بعده في يد أبي بكر، ثم كان بعده في يد عمر، ثم كان بعده في يد عثمان حتى وقع في بئر أريس من معيقب. وبئر أريس بفتح الهمزة وتخفيف الراء. بئر معروفة قريباً من مسجد قباء عند المدينة.
الحديث الخامس إلى الثامن عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((فص حبشي)) ((نه)): يحتمل أنه أراد من الجزع أو من العقيق؛ لأن معدنهما اليمن والحبشة أو نوعا آخر ينسب إليها.
روى مثل ذلك عن عبد الله بن جعفر وابن عمر وابن عباس وعائشة. وقد روى ثابت عن أنس أنه قال: كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم في هذه. وأشار إلى الخنصر في يده اليسرى. وروى نافع عن ابن عمر مثله ولا تعارض بينهما؛ لجواز أنه فعل الأمرين فكان يتختم في اليمين تارة، وفي اليسرى أخرى حسبما اتفق، وليس في شيء منها ما يدل صريحاً على المداومة والإصرار على واحد منهما.
((مح)): قد أجمعوا على جواز التختم في اليمين وعلى جوازه في اليسار. واختلفوا في أيتهما أفضل، والصحيح في مذهبنا أن اليمين أفضل؛ لأنه زينة، واليمين أشرف وأحق بالزينة والإكرام.
الحديث التاسع عن علي رضي الله عنه: قوله: ((أو هذه)) أو هذه ليست للترديد بل هي للتقسيم. كما في قوله تعالى: {ولا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} . ((مح)): يكره للرجل جعل الخاتم في الوسطى والتي تليها كراهة تنزيه، وأما المرأة فلها التختم في الأصابع كلها.
الفصل الثاني
4391 -
عن عبد الله بن جعفر، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتختم في يمينه. رواه ابن ماجه. [4391]
4392 -
ورواه أبو داود، والنسائي عن علي.
4393 -
وعن علي رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ حريراً فجعله في يمينه، وأخذ ذهبا فجعله في شماله، ثم قال: إن هذين حرام على ذكور أمتي)). رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي. [4394]
4395 -
وعن معاوية، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ركوب النمور، وعن لبس الذهب إلا مقطعاً. رواه أبو داود، والنسائي. [4395]
ــ
الفصل الثاني
الحديث الأول إلى الثالث عن علي رضي الله عنه: قوله: ((إن هذين حرام)) القياس حرامان، إلا أنه مصدر وهو لا يثنى ولا يجمع، أو التقدير كل واحد منهما حرام، فأفرد لئلا يتوهم الجمع.
الحديث الرابع عن معاوية: قوله: ((إلا مقطعا)) ((تو)): أوله أبو سليمان الخطابي وأحله محل التنزيه والكراهة، فجعل النهي مع الاستثناء مصروفاً إلى النساء. وقال: أراد بالمقطع الشيء اليسير نحو السيف والخاتم. وكره من ذلك الكبير الذي هو عادة أهل السرف، وزينة أهل الخيلاء والكبر. واليسير ما لا تجب الزكاة فيه. وهذا تقدير جيد غير أن لفظ حديث معاوية ما هو بمنبئ عن ذلك ولا مميز في صيغة النهي بين الرجال والنساء.
ثم إنه رتب النهي على لبس الذهب على النهي عن ركوب النمور، وذلك عام في حق الرجال والنساء. فيحتمل أن معاوية روى النهي عن لبس الذهب كما رواه غيره، ثم رأي أن اليسير التافه منه إذا ركب على الفضة التي أبيحت للرجال، فتحلى به قبيعة السيف أو حلقة المنطقة، أو يشد به فص الخاتم، غير داخل في النهي؛ قياساً على اليسير من الحرير، فاستدرك ذلك بالاستثناء من كلامه، والله أعلم بحقيقة ذلك.
4396 – وعن بريدة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل عليه خاتم من شبه:((مالي أجد منك ريح الأصنام؟)) فطرحه. ثم جاء وعليه خاتم من حديد، فقال ((مالي أرى عليك حلية أهل النار؟!)) فطرحه. فقال: يا رسول الله! من أي شيء أتخذه؟ قال: ((من ورق ولا تتمه مثقالاً)). رواه الترمذي، وأبو داود، والنسائي. [4396]
وقال محيي السنة، رحمه الله: وقد صح عن سهل بن سعد في الصداق أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: ((التمس ولوخاتماً من حديد)).
4397 -
وعن ابن مسعود، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره عشر خلال: الصفرة – يعني الخلوق – وتغيير الشيب، وجر الإزار، والتختم بالذهب، والتبرج بالزينة لغير
ــ
أقول: والخطابي أراد بقوله: ((ما لا تجب الزكاة فيه)) بيان اليسير منه، لا أن في الحلي المباح زكاة، أي قدر كان؛ لأنه خلاف للمذهب.
الحديث الخامس عن بريدة: قوله: ((خاتم من شبه)) ((خط)): إنما قال في خاتم الشبه: أجد منك ريح الأصنام؛ لأنها كانت تتخذ من الشبه. قوله: ((حلية أهل النار)) ((نه)): الحلي اسم لكل ما يتزين به من مصاغ الذهب والفضة، والجمع حلى بالضم والكسر، وجمع الحلية حلى، كلحية ولحى، وربما ضموا، وتطلق الحلية على الصفة. وإنما جعلها حلية أهل النار؛ لأن الحديد زي بعض الكفار، وهم أهل النار. وقيل: إنما كرهه لأجل نتنه ورهوكته.
قوله: ((ولا تتمه مثقالا)) ((خط)): هذا نهي إرشاد على الورع؛ لأنه أبعد من السرف. قوله: ((ولو خاتما من حديد)) ((تو)): هو المبالغة في بذل ما يمكنه تقدمه للنكاح، وإن كان شيئاً يسيراً على ما بيناه في بابه، كقول الرجل: أعطني ولو كفا من التراب.
وخاتم الحديد وإن نهي عن التختم به فإنه لم يدخل بذلك في جملة ما لا قيمة له. هذا ويحتمل أن يكون النكير عن التختم بخاتم الحديد بعد قوله في حديث سهل: ((التمس ولو خاتماً من حديد))؛ لأن حديث سهل كان قبل استقرار السنن واستحكام الشرائع، وحديث بريدة بعد ذلك.
الحديث السادس عن ابن مسعود: قوله: ((يعني الخلوق)) أي استعماله وهو طيب مركب يتخذ من الزعفران وغيره من أنواع الطيب، ويغلب عليه الحمرة والصفرة، وقد ورد تارة بإباحته
محلها، والضرب بالكعاب، والرقى إلا بالمعوذات، وعقد التمائم، وعزل الماء لغير محله، وفساد الصبي غير محرمه. رواه أبو داود، والنسائي. [4397]
ــ
وتارة بالنهي عنه، والنهي أكثر وأثبت، وإنما نهى عنه؛ لأنه من طيب النساء، وكن أكثر استعمالا له منهم، والظاهر أن أحاديث النهي ناسخة.
والمراد بتغيير الشيب التسويد الملبس، دون الخضاب بالحناء وما يضاهيه؛ إذ ورد الأمر به. والتبرج بالزينة إظهار المرأة زينتها ومحاسنها للرجال لغير محلها، أي لغير زوجها. والمحل بالكسر حيث يحل لها إظهار الزينة وهو إذا كان عند الزوج، كما قال تعالى:{ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلَاّ لِبُعُولَتِهِنَّ} . و ((الضرب بالكعاب)) يريد به لعب النرد. ((والمعوذات)) هي المعوذتان وما في معناهما من الأدعية والتعوذ بأسمائه تعالى. والمراد بالتمائم ما يحتوي على رقي الجاهلية.
قوله: ((وعزل الماء لغير محله)). ((خط)): سمعت في غير هذا الحديث ((عزل الماء عن محله)) وهو أن يعزل ماءه عن فرج المرأة وهو محل الماء، وإنما كره ذلك؛ لأن فيه قطع النسل. والمكروه منه ما كان من ذلك في الحرائر بغير إذنهن، فأما المماليك فلا بأس بالعزل عنهن، ولا إذن لهن مع أربابهن.
أقول: يرجع معنى الروايتين أعني إثبات لفظ الغير وغيره إلى معنى واحد؛ لأن الضمير المجرور في محله إذا روى عن محله يرجع إلى لفظ الماء، وإذا روى لغير محله يرجع إلى لفظ العزل.
((خط)): وفساد الصبي هو أن يطأ المرأة المرضع، فإذا حملت فسد لبنها، وكان في ذلك فساد الصبي. ((قض)):((غير محرمه)) منصوب على الحال من فاعل ((يكره)) أي يكرهه غير محرم إياه. والضمير المجرور لـ ((فساد الصبي)) فإنه أقرب. قال في جامع الأصول: يعني كره جميع هذه الخصال ولم يبلغ به حد التحريم. ((شف)): ((غير محرمه)) عائد إلى فساد الصبي فقط فإنه أقرب وإلا فالتختم بالذهب حرام. وأيضاً لو كان عائداً إلى الجميع لقال: ((محرمها)).
أقول: قد تقرر أن الحال قيد للعقل، فما أمكن تعلقه به يجب المصير إليه، إلا ما يخصه الدليل الخارجي. قال الإمام الرازي في مثل هذا: ترك العمل فيه لدليل الإجماع ولم يترك في الباقي. وأما امتناعه بقوله: ((لو كان عائداً إلى الجميع لقال محرمها))، فجوابه أن الضمير المفرد وضع موضع اسم الإشارة، كما في قول رؤبة:
4398 -
وعن ابن الزبير: أن مولاة لهم ذهبت بابنة الزبير إلى عمر بن الخطاب وفي رجلها أجراس، فقطعها عمر وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((مع كل جرس شيطان)). رواه أبو داود [4398]
4399 -
وعن بنانة مولاة عبد الرحمن بن حيان الأنصاري كانت عند عائشة إذ دخلت عليها بجارية، وعليها جلاجل يصوتن. فقالت: لا تدخلنها علي إلا أن تقطعن جلاجلها، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:((لا تدخل الملائكة بيتاً فيه جرس)) رواه أبو داود. [4399]
4400 -
وعن عبد الرحمن بن طرفة، أن جده عرفجة بن أسعد قطع أنفه يوم الكلاب، فاتخذ أنفاً من ورق، فأنتن عليه، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخذ أنفاً من ذهب. رواه الترمذي، وأبو داود، والنسائي. [4400]
4401 -
وعن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من أحب أن يحلق حبيبه حلقة من نار فليحلقه حلقة من ذهب، ومن أحب أن يطوق حبيبه طوقاً من نار
ــ
فيه سواد وبياض وبلق كأنه في الجلد توليع البهق
وقد سبق بيانه مراراً.
الحديث السابع والثامن عن بنانة: قوله: ((لا تدخلها على إلا أن تقطعن)) وإنما أدخل نون التأكيد في المضارع تشبيها له بالأمر، كما أدخلت في قوله تعالى:{لَاّ تُصِيبَنَّ} على تقدير أن يكون جواباً لقوله: ((فاتقوا فتنة)) تشبيهاً له بالنهي. قاله في الكشاف.
الحديث التاسع عن عبد الرحمن: قوله: ((يوم الكلاب)) ((تو)): بالضم والتخفيف ماء عن يمين جبلة وشمام، وهما جبلان، ويومه يوم القيامة التي كانت عليه، وللعرب به يومان مشهوران في أيام أكثم بن صيفي، يقال: لهما: الكلاب الأول والكلاب الثاني.
الحديث العاشر عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((أن يحلق حبيبه)) التحليق في الحديث
فليطوقه طوقاً من ذهب، ومن أحب أن يسور حبيبه سواراً من نار فليسوره سواراً من ذهب؛ ولكن عليكم بالفضة فالعبوا بها)). رواه أبو داود. [4401]
4402 -
وعن أسماء بنت يزيد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((أيما امرأة تقلدت قلادة من ذهب قلدت في عنقها مثلها من النار يوم القيامة، وأيما امرأة جعلت في أذنها خرصاً من ذهب جعل الله في أذنها مثله من النار يوم القيامة)). رواه أبو داود والنسائي. [4402]
4403 -
وعن أخت لحذيفة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((يا معشر النساء! أما لكن في الفضة ما تحلين به؟ أما إنه ليس منكن امرأة تحلى ذهباً تظهره إلا عذبت به)). رواه أبو داود، والنسائي. [4403]
ــ
راجع إلى معنى قولهم: إبل محلقة، إذ كان وسمها الحلق. و ((حبيبه)) بالحاء المهملة أراد به من يحبه من ولد أو زوجة. ولا يحمل هذا النكير على التهديد، بل على النظر له: والمعنى أن ذلك يضر بحبيبه مضرة النار. قوله: ((فالعبوا بها)) إشارة إلى أن التحلية المباحة معدودة في اللهو واللعب والأخذ بما لا يعنيه.
الحديث الحادي عشر عن أسماء: قوله: ((خرصا)) ((نه)): الخرص بالضم والكسر الحلقة الصغيرة من الحلي وهو من حلي الأذن. ((خط)): وهذا يتأول على وجهين: أحدهما أنه إنما قال ذلك في الزمان الأول، ثم نسخ وأبيح للنساء التحلي بالذهب. وثانيهما أن هذا الوعيد إنما جاء فيمن لا يؤدي زكاة الذهب دون من أداها.
((شف)): لو كان هذا الوعيد للامتناع عن أداء الزكاة، لما خص النبي صلى الله عليه وسلم الذهب بالذكر، ولا رخص في الفضة؛ حيث قال:((ولكن عليكم بالفضة والعبوا بها))؛ إذ لا فرق في وجوب الزكاة بين الذهب والفضة، والحديثان يناديان بالفرق بينهما.
أقول: ويمكن أن يجاب عنه بأن الحلي الذي يصاغ من الذهب، إذا أريد أن يصاغ من الفضة، كان حجمه مثل حجمه، ووزنه أقل من وزنه بقريب من نصفه. فالذهب يبلغ مبلغ النصاب بخلاف الفضة.
الحديث الثاني عشر عن أخت لحذيفة: قوله: ((تظهره)) يريد النهي في قوله تعالى: {ولا
الفصل الثالث
4404 -
عن عقبة بن عامر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمنع أهل الحلية والحرير، ويقول:((إن كنتم تحبون حلية الجنة وحريرها فلا تلبسوها في الدنيا)). رواه النسائي. [4404]
4405 -
وعن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتماً، فلبسه، قال:((شغلني هذا عنكم منذ اليوم، إليه نظرة، وإليكم نظرة)) ثم ألقاه رواه النسائي. [4405]
4406 -
وعن مالك، قال: أنا أكره أن يلبس الغلمان شيئاً من الذهب، لأنه بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن التختم بالذهب، فأنا أكره للرجال الكبير منهم والصغير. رواه في ((الموطأ)). [4406]
ــ
تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} والنهي منصب على الجزأين معاً، فلا يدل على جواز التبرج بالفضة.
الفصل الثالث
الحديث الأول والثاني عن ابن عباس رضي الله عنهما: قوله: ((إليه نظرة)) الظرف متعلق بالمصدر والخبر محذوف، تقديره: لي نظرة إليه ولي نظرة إليكم، والجملتان مبنيتان لقوله:((شغلني)). وقوله: ((اليوم)) هو ظرف ((شغلني)) يضاف إلى جملة حذف صدرها تقديره: منذ كان اليوم، هكذا قال الدار الحديثي. والمشهور أن ((منذ)) مبتدأ، وما بعده خبره؛ لأن معنى قولك: منذ يوم الجمعة ومنذ يومان، أول المدة يوم الجمعة وجميع المدة يومان.
وقال الزجاج: ما بعده مبتدأ وهو خبر مقدم. قيل: إنه وهم لأن المعنى يأباه؛ فإنك مخبر عن جميع المدة بأنه يومان وكذا اللفظ، لأن يوماً نكرة لا مصحح له، فلا يكون مبتدأ؛ فإن الظرف إنما يكون مصححاً للمبتدأ إذا كان ظرفاً له، ولو كان ظرفاً له لكان زائداً عليه، فعلى المشهور الجملة مستأنفة على طريق السؤال والجواب.
الحديث الثالث عن مالك: قوله: ((فأنا أكره للرجال الكبير منهم)) الرجال هنا قد يراد منه الذكور، أو يحمل على التغليب. ((مح)): هل يجوز إلباس حلي الذهب الأطفال الذكور؟ فيه ثلاثة أوجه، الأصح المنصوص جوازه. والله أعلم.