المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(8) باب الجزية - شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن - جـ ٩

[الطيبي]

الفصل: ‌(8) باب الجزية

4034 -

وعن ابن عباس، قال: حدثني عمر، قال: لما كان يوم خيبر أقبل نفر من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: فلان شيهد، وفلان شهيد، حتى مروا علي رجل، فقالوا: فلان شهيد: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كلا إني رأيته في النار في بردة غلها - أو عباءة -)) ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا بن الخطاب اذهب فناد في الناس: أنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون ثلاثا)) قال: فخرجت فناديت: ألا إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون، ثلاثا. رواه مسلم.

(8) باب الجزية

الفصل الأول

4035 -

عن بجالة، قال: كنت كاتبا لجزء بن معاوية عم الأحنف، فأتانا كتاب عمر بن الخطاب. رضي الله عنه، قبل موته بسنة: فرقوا بين كل ذي محرم من المجوس. ولم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر. رواه البخاري.

وذكر حديث بريدة: إذا أمر أميرا علي جيش في ((باب الكتاب إلى الكفار)).

ــ

الحديث السابع عن ابن عباس: قوله: ((لا يدخل الجنة إلا المؤمنون)) فإن قلت: الكلام في الشهادة لا في الإيمان فما معنى هذا القول؟ قلت: هو تغليظ وارد علي سبيل المبالغة، يعني جزمتم أنه من الشهداء وأنه من أهل الجنة، وقد رأيته في النار فدعوا هذا الكلام؛ لأن الكلام في إيمانه زجرا وردعا عن الغلول. والله أعلم.

باب الجزية

((غب)): الجزية ما يؤخذ من أهل الذمة، وتسميتها به للاجتزاء بها في حقن دمهم، قال تعالي:{حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَن يَدٍ وهُمْ صَاغِرُونَ}

الفصل الأول

الحديث الأول عن بجالة: قوله: ((لجزء بن معاوية)) هو بفتح الجيم وسكون الزاي وبعدها همزة وهو الصحيح، وكذا يرويه أهل اللغة وسيجيء الخلاف في موضعه في أسماء الرجال. وقوله:((ذي محرم)) هو مصدر ميمي ومعناه: الذي يحرم أنذاك عليه. ((نه)) *: كل مسلم علي مسلم محرم يقال: إنه لمحرم عنك أي محرم أذاك عليه، يقال: مسلم محرم، وهو الذي لم يحل من نفسه شيئا يوقع به. قيل: معناه بعدوا أهل الكتاب من المجوس و ((هجر)) هي بلدة من

ص: 2780

الفصل الثاني

4036 -

عن معاذ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما وجهه إلي اليمن أمره أن يأخذ من كل حالم – يعني محتلم – دينارا أو عدله من المعافري: ثياب تكون باليمن. رواه أبو داود. [4036]

4037 -

وعن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تصلح قبلتان في أرض واحدة، وليس علي المسلم جزية)). رواه أحمد، والترمذي، وأبو داود. [4037]

ــ

اليمن تلي البحرين بينهما عشرة مراحل. واستعماله علي التذكير والصرف، والنسبة إليه هاجرى علي خلاف القياس.

((حس)): اتفقوا علي أخذ الجزية من المجوس، وذهب أكثرهم إلي أنهم ليسوا من أهل الكتاب، وإنما أخذت الجزية منهم بالسنة، كما أخذت من اليهود والنصارى بالكتاب. وقيل: هم من أهل الكتاب روى ذلك عن علي رضي الله عنه قال: كان لهم كتاب يدرسونه فأصبحوا وقد أسري علي كتابهم فرفع من بين أظهرهم.

الفصل الثاني

الحديث الأول عن معاذ: قوله: ((أو عدله)) ((تو)): أي ما يساويه وهو ما يعادل الشيء من غير جنسه، فتحوا عينه للتفريق بينه وبين العدل، الذي هو المثل، ومعافر علم قبيلة من همدان، لا ينصرف في معرفة ولا نكرة؛ لأنه جاء علي مثال ما لا ينصرف من الجمع، وإليهم تنسب الثياب المعافرية، تقول: ثوب معافري فتصرفه. انتهي كلامه.

وقوله: ((معافر)) كذا في نسخ المصابيح، وفي كتاب أبي داود وجامع الأصول ((من المعافري)) كم في المتن وهذا أولي. ((قض)): فيه دليل علي أن أقل الجزية دينار، ويستوي فيه الغني والفقير؛ لأنه صلى الله عليه وسلم عمم الحكم ولم يفصلن وهو ظاهر مذهب الشافعي، وقال أبو حنيفة: يؤخذ من الموسر أربعة دنإنير، ومن المتوسط ديناران، ومن المعسر دينار. وقوله:((من كل حالم)) يدل من طريق المفهوم علي أن الجزية لا تؤخذ إلا من الرجل البالغ.

الحديث الثاني عن ابن عباس: قوله: ((لا تصلح قبلتان)) ((تو)): أي لا يستقيم دينان بأرض علي سبيل المظاهرة والمعادلة، أما المسلم فليس له أن يختار الإقامة بين ظهرإني قوم كفار؛ لأن المسلم إذا صنع ذلك فقد أحل لنفسه فيهم محل الذمي فينا، وليس له أن يجر إلي نفسه

ص: 2781

4038 -

وعن أنس، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلي أكيدر دومة فأخذوه، فأتوا به، فحقن له دمه، وصالحه علي الجزية. رواه أبو داود. [4038]

4039 -

وعن حرب بن عبيد الله، عن جده، أبي أمه، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((إنما العشور: علي اليهود والنصارى. وليس علي المسلمين عشور)). رواه أحمد، وأبو داود. [4039]

ــ

الصفار، ويتوسم بسمة من ضرب عليه الجزية، وأنى له الصغار والذلة {ولِلَّهِ العِزَّةُ ولِرَسُولِهِ ولِلْمُؤْمِنِينَ} ، وأما الذي يخالف دينه دين الإسلام فلا يمكن من الإقامة في بلاد الإسلام إلا ببذل الجزية، ثم لا يؤذن له في الإشاعة بدينه، ووجه التناسب بين الفصلين أن الذمي إنما أقر ما هو عليه ببذله الجزية، فالذمي عليه الجزية وليس علي المسلم جزية، فصار ذلك رافعا لإحدى القبلتين واضعا لإحداهما.

وقد ذهب بعضهم إلي أن معناه راجع إلي إجلاء اليهود والنصارى من جزية العرب.

وليس لفظ الحديث بمنبئ عما ادعاه؛ لأن قوله: ((بأرض واحدة)) يقتضي معنى العموم. وذهب بعضهم إلي أن معنى ((ليس علي مسلم جزية)): الخراج الذي وضع علي الأراضي التي تركت في أيدي أهل الذمة. والأكثرون علي أن المراد منه أن من أسلم من أهل الذمة قبل أداء ما وجب عليه من الجزية فإنه لا يطالب به؛ لأنه مسلم وليس علي المسلم جزية، وهذا قول سديد لو صح لنا وجه التناسب بين الفصلين.

الحديث الثالث عن انس: قوله: ((أكيدر دومة)) ((قض)): هو أكيدر بن عبد الملك الكندي صاحب دومة بضم الدال، وهي قلعة من الشام قريب تبوك أضيف إليها، كما أضيف زيد إلي الخيل ومضر إلي الحمراء وكان نصرإنيا؛ ولذلك صالحه علي الجزية ثم إنه أسلم وحسن إسلامه وذكر قصته في أسماء الرجال. قوله:((فحقن له دمه)) المغرب: حقن دمه إ ذا منعه أن يسفك. وذلك إذا حل به القتل فأنقذه.

الحديث الرابع عن حرب: قوله: ((إنما العششور)) ((مظ)): لا يؤخذ من المسلم شيء من ذلك دون عشر الصدقات، فأما اليهود والنصارى فالذي يلزمهم من العشور هو ما صالحوا عليه وقت العقد، فإن لم يصالحوا علي شيء فلا عشور عليهم ولا يلزمهم من العشور هو ما صالحوا عليه وقت العقد، فإن لم يصالحوا علي شيء فلا عشور عليهم ولا يلزمهم شيء أكثر من الجزية، وأما عشور أراضيهم وغلاتهم فلا يؤخذ مههم عند الشافعي.

وقال أبو حنيفة: إن أخذوا منا عشورا في بلادهم إذا ترددنا إليهم في التجارات أخذنا [منهم]

ص: 2782

4040 -

وعن عقبة بن عامر، قال: قلت: يا رسول الله! إنا نمر بقوم، فلا هم يضيفونا، ولا هم يضيفونا، ولا هم يؤدون ما لنا عليهم من الحق، ولا نحن نأخذ منهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إن أبوا إلا أن تأخذوا كرها فخذوا)). رواه الترمذي. [3030]

الفصل الثالث

4041 -

عن أسلم، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ضرب الجزية علي أهل الذهب أربعة دنإنير، وعلي أهل الورق أربعين درهما، مع ذلك أرزاق المسلمين وضيافة ثلاثة أيام. رواه مالك.

ــ

وإن لم يأخذوا، لم نأخذ. ((حس)): إذا دخل أهل الحرب بلاد الإسلام تجارا فإن دخلوا بغير أمان ولا رسالة غنموا، وإن دخلوا بأمان وشرط أن يؤخذ منهم عشر أو أقل أو أكثر، أخذ المشروط، فإذا طافوا في بلاد الإسلام فلا يؤخذ منهم في السنة إلا مرة.

الحديث الخامس عن عقبة: قوله: ((إنا نمر بقوم)) قال الترمذي في جامعه: معنى الحديث أنهم كانوا يخرجون في الغزو فيمرون بقوم، ولا يجدون من الطعام ما يشترون بالثمن، فقال صلى الله عليه وسلم:((إن أبوا أن يبيعوا من الطعام ما يشترون)) هذا مفسر لقوله: ((ولا هم يؤدون ما لنا عليهم من الحق)) علي معنى إنا إذا حملنا الاضطرار إلي الطعام الذي عندهم، وكان حقا عليهم أن يؤثروا علينا إما بالبيع أو بالضيافة، فإذا امتنعو من ذلك فكيف نفعل بهم؟ فقال صلى الله عليه وسلم:((فإن أبوا)) إلي آخره. وفيه معنى النفي المصحح للاستثناء، أي إن لم يحصل الأخذ بشيء من الأشياء إلا أن تأخذوا كرها فخذوه.

الفصل الثالث

الحديث الأول عن أسلم: قوله: ((مع ذلك)) يجوز أن يكون حالا من الجزية والراجع إلي صاحبها، ((مع ذلك)) أي مع ضربها. و ((أرزاق المسلمين)) فاعلة، وأن يكون أرزاق المسلمين مبتدأ وهو خبره. ((حس)): يجوز إن يصالح أهل الذمة علي أكثر من دينار، وأن يشترط عليهم ضيافة من يمر بهم من المسلمين زيادة علي أصل الجزية، ويبين عدد الضيفان من الرجالة والفرسان وعدد أيام الضيافة، ويبين جنس أطعمتهم وعلف دوابهم، وتفاوت بين الغنى والوسط في القدر دون جنس الأطعمة.

ص: 2783