الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بما عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته حتى مضى لسبيله، فلما أن ولي عمر بن الخطاب، عمل فيها بمثل ما عملا حتى مضى لسبيله، ثم اقتطعها مروان، ثم صارت لعمر بن عبد العزيز، فرأيت أمراً منعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة ليس لي بحق، وإني أشهدكم أني رددتها على ما كانت. يعني على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر. رواه أبو داود. [4063]
كتاب الصيد والذبائح
الفصل الأول
4064 -
عن عدي بن حاتم، قال: قال لي رسول الله،:((إذا أرسلت كلبك فاذكر اسم الله، فإن أمسك عليك فأدركته حياً فاذبحه، وإن أدركته قد قتل ولم يأكل منه فلكه، وإن أكل فلا تأكل؛ فإنما أمسك على نفسه، فإن وجدت مع كلبك كلباً غيره وقد قتل فلا تأكل؛ فإنك لا تدري أيهما قتل. وإذا رميت بسهمك فاذكر اسم الله؛ فإن غاب عنك يوماً فلم تجد فيه إلا أثر سهمك فكل إن شئت، وإن وجدته غريقاً في الماء فلا تأكل)) متفق عليه.
ــ
البلاغة: يقال: عاد علينا فلان بمعروفه وهذا الأمر أعود عليك، أي أرفق بك من غيره، وما أكثر عائدة فلان على قومه؛ وإنه لكثير العوائد عليهم. قوله:((مضى لسبيله)) أي لما هيأ له من الكرامة والنعيم والوصول إلى لقاء الله تعالى. وقوله: ((اقتطعها)) القطيعة الطائفة من أرض الخراج يقطعها السلطان من يريد. وإنما وضع قوله: ((لعمر بن عبد العزيز)) موضع ((لي)) ملتفتاً ليشعر بأن نفسه غير راضية بهذا.
كتاب الصيد والذبائح
الفصل الأول
الحديث الأول عن عدي: قوله: ((فإن أمسك عليك)) أي إن حبسه لك كما قال في أساس البلاغة: أمسك عليك زوجك وأمسكت عليه ماله حبسته. ((حس)): هذا الحديث يتضمن فوائد من أحكام الصيد، منها: أن من أرسل كلباً على صيد فقتله يكون حلالا. وكذلك جميع الجوارح المعلمة من الفهد والبازي والصقر ونحوها، والشرط أن تكون الجارحة معلمة، ولا يحل قتل غير المعلم. والتعليم أن يوجد فيه ثلاث شرائط: إذا أشلى استشلى، وإذا زجر
4065 -
وعنه، قال: قلت: يا رسول الله! إنا نرسل الكلاب المعلمة، قال:((كل ما أمسكن عليك)) قلت: وإن قتلن؟ قال: ((وإن قتلن)) قلت: إنا نرمي بالمعراض. قال: ((كل ما خزق، وما أصاب بعرضه فقتل فإنه وقيذ فلا تأكل)) متفق عليه.
4066 -
وعن أبي ثعلبة الخشني، قال: قلت: يا نبي الله! إنا بأرض قوم أهل الكتاب. أفنأكل في آنيتهم: وبأرض صيد أصيد بقوسي وبكلبي الذي ليس بمعلم
ــ
انزجر، وإذا أخذ الصيد أمسك ولم يأكل. فإذا فعل ذلك مراراً وأقلها ثلاثة كان معلما يحل بعد ذلك قتيله.
قوله: ((إذا أرسلت كلبك)) دليل على أن الإرسال من جهة الصائد شرط، حتى لو خرج الكلب بنفسه وأخذ صيداً وقتله لا يكون حلالا، وفيه بيان أن ذكر اسم الله شرط على الذبيحة حالة ما تذبح أو في الصيد حالة ما يرسل الجارحة أو السهم. فلو ترك التسمية؟ اختلفوا فيه: فذهب جماعة إلى أنه حلال. روى ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما، وإليه ذهب مالك والشافعي وأحمد.
وقالوا: المراد من ذكر اسم الله ذكر القلب، وهو أن يكون إرساله الكلب على قصد الاصطياد به لا على وجه اللعب. وذهب قوم إلى أنه لا يحل سواء ترك عامداً أو ناسياً، وهو الأشبه بظاهر الكتاب والسنة. روى ذلك عن ابن سيرين والشعبي. وبه قال أبو ثور وداود. وذهب قوم إلى أنه لو ترك التسمية عامداً لا يحل وإن ترك ناسياً يحل، وهو قول الثوري وأصحاب أبي حنيفة وإسحاق.
الحديث الثاني عن عدي: قوله: ((بالمعراض)) ((مح)): هو بكسر الميم خشبة ثقيلة أو عصى في طرفها حديدة. وقد تكون بغير حديدة هذا هو الصحيح في تفسيره. وقال الهروي: هو سهم لا ريش فيه ولا نصل. وقيل: سهم طويل له أربع قدد رقاق، فإذا رمى به اعترض. وقيل: هو عودة رقيق الطرفين غليظ الوسط إذا رمى به ذهب مستوياً. و ((الخزق)) بالخاء والزاي المعجمتين معناه نفذ. والوقيذ والموقوذ هو الذي يقتل بغير محدود من عصى أو حجر أو غيرهما. واتفقوا على أنه إذا اصطاد بالمعراض فقتل الصيد بحده حل، فإن قتله بعرضه لم يحل، وقالوا: لا يحل ما قتله بالبندقة مطلقاً لحديث المعراض. وقال مكحول والأوزاعي وغيرهما من فقهاء الشام: يحل ما قتل بالمعراض والبندقة.
الحديث الثالث عن أبي ثعلبة قوله: ((أفنأكل)) الهمزة يجوز أن تكون مقحمة؛ لأن الكلام سيق للاستخبار. وقوله: ((أفنأكل)) معطوف على ما قبل الهمزة، وأن يكون على معناه فيقدر
وبكلبي المعلم، فما يصلح؟ قال:((أما ما ذكرت من آنية أهل الكتاب، فإن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها، وإن لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها، وما صدت بقوسك فذكرت اسم الله فكل، وما صدت بكلبك المعلم فذكرت اسم الله فكل، وما صدت بكلبك غير معلم فأدركت ذكاته فكل)) متفق عليه.
4067 -
وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا رميت بسهمك فغاب عنك فأدركته فكل ما لم ينتن)) رواه مسلم.
4068 -
وعنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الذي يدرك صيده بعد ثلاث:((فكله ما لم ينتن)) رواه مسلم.
4069 -
وعن عائشة، قالت: قالوا: يا رسول الله! إن هنا أقواماً حديث عهدهم بشرك يأتوننا بلحمان لا ندري أيذكرون اسم الله عليها أم لا؟ قال: ((اذكروا أنتم اسم الله وكلوا)) رواه البخاري.
ــ
معطوف عليه بعدها، أي: أتأذن لنا فنأكل في آنيتهم؟. وقوله: ((فذكرت اسم الله)) عطف على ((صدت بقوسك)) على تقدير القصد والإرادة أو تفسير للمجمل.
((مح)): ذكر هذا الحديث البخاري ومسلم مطلقاً، وذكره أبو داود مقيداً. قال:((إنا نجاور أهل الكتاب وهم يطبخون في قدرهم الخنزير ويشربون في آنيتهم الخمر. فقال صلى الله عليه وسلم: ((إن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها)) الحديث. وقد يقال: هذا الحديث مخالف لقول الفقهاء؛ فإنهم يقولون: إن استعمال أواني المشركين لا كراهة فيها بعد الغسل، سواء وجد غيرها أم لا. والحديث يقتضي الكراهة مطلقاً؟. فالجواب إنما نهى عن الأكل فيها؛ لأنهم يطبخون فيها الخنزير ويشربون فيها الخمر. فالنهي بعد الغسل للاستقذار كما يكره الأكل في المحجمة المغسولة. وأما الفقهاء فمرادهم مطلق آنية الكفار التي ليست مستعملة في النجاسات.
الحديث الرابع والخامس عن أبي ثعلبة: قوله: ((فكله)) الفاء جزاء شرط محذوف، أي قال صلى الله عليه وسلم في شأن المدرك:((إذا أدركت فكله)) و ((ما لم ينتن)) روي بضم الياء وفتحها من أنتن الشيء ونتن إذا صار ذا نتن. ((مح)): النهي عن أكل المنتن محمول على التنزيه لا على التحريم، وكذا سائر الأطعمة المنتنة إلا أن يخاف منه ضرر.
الحديث السادس عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((اذكروا أنتم اسم الله)) ((حس)): احتج من لم يجعل التسمية شرطاً بهذا الحديث؛ لأنه لو كانت التسمية شرط الإباحة، لكان الشك
4070 -
وعن أبي الطفيل، قال: سئل علي: هل خصكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء؟ فقال: ما خصنا بشيء لم يعم به الناس إلا ما في قراب سيفي هذا، فأخرج صحيفة فيها:((لعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من سرق منار الأرض – وفي رواية من غير منار الأرض – ولعن الله من لعن والده، ولعن الله من آوى محدثاً)) رواه مسلم.
4071 -
وعن رافع بن خديج، قال: قلت: يا رسول الله! إنا لاقو العدو غداً، وليست معنا مدي أفتذبح بالقصب؟ قال: ((ما أنهر الدم وذكر اسم الله؛ فكل
ــ
في وجودها مانعاً من أكلها كالشك في أصل الذبح، واحتج من شرط التسمية بقوله تعالى:{ولا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وإنَّهُ لَفِسْقٌ} فتأوله من لم يرها شرطاً على أن المراد منه ما ذكر عليه غير اسم الله بدليل أنه قال: ((وإنه لفسق)) والفسق في ذكر غير اسم الله كما قال في آخر السورة: {قُل لَاّ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إلَيَّ مُحَرَّمًا - إلى قوله - أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} .
أقول: ((حديث عهدهم)) إما جملة اسمية قدم خبرها على اسمها ووقعت صفة ((لأقواما)) أو يكون ((حديث)) خبراً ثانياً لـ ((إن)) و ((عهدهم)) فاعلا له. قوله: ((اذكروا أنتم اسم الله وكلوا)) من الأسلوب الحكيم كأنه قيل لهم: لا تهتموا بذلك ولا تسألوا عنها، فالذي يهمكم الآن أن تذكروا اسم الله عليها، نظيره قوله تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ والْحَجِّ} ومنه قول محمد بن الحنيفة: كل الجبن عرضا. قال الأصمعي: يعني اعتراضه، واشتر ممن وجدته، ولا تسأل عن عمله: أمن عمل أهل الكتاب أم من عمل المجوس؟
الحديث السابع عن أبي الطفيل: قوله: ((ما خصنا بشيء)) سبق القول فيه وفي بيان التخصيص. قوله: ((منار الأرض)) ((تو)): المنار العلم والحد بين الأرضين، وذلك بأن يسويه أو يغيره ليستبيح بذلك ما ليس له بحق من ملك أو طريق. و ((محدثا)) بكسر الدال وهو الذي جني على غيره جناية. وإيواؤه إجارته من خصمه والحيلولة بينه وبين ما يحق استيفاؤه. ويدخل في ذلك الجاني على الإسلام بإحداث بدعة، إذا جماه عن التعرض له والأخذ على يده لدفع عاديته. ((وآوى)) يجوز بقصر الألف أيضاً فإنه يتعدى ولا يتعدى.
الحديث الثامن عن رافع: قوله: ((مدى)) هي جمع مدية. قوله: ((ما أنهر)) الإنهار الإسالة
ليس السن والظفر، وسأحدثك عنه:((أما السن فعظم، وأما الظفر فمدى الحبش)) وأصبنا نهب إبل وغنم فند منها بعير، فرماه رجل بسهم فحبسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إن لهذه الإبل أوابد كأوابد الوحش، فإذا غلبكم منها شيء فافعلوا به هكذا)) متفق عليه.
ــ
والصب بكثرة وهو مشبه بجري الماء في النهر، يقال: أنهر الدم وأنهرته، و ((ما)) يجوز أن تكون شرطية أو موصولة. وقوله:((فكل جزاء أو خبر، واللام في ((الدم)) بدل من المضاف إليه أي دم صيد. و ((ذكر اسم الله)) حال منه. وقوله: ((أصبنا)) عطف على قلت، على تقدير الحصول والوجود، أي حصل منا القول والإصابة، والسين في سأحدثك لتأكيد الإثبات في المضارع.
قوله: ((ليس السن)) ((فا)): ((ليس)) تقع في كلمات الاستثناء، يقولون: جاء القوم ليس زيداً بمعنى إلا زيداً، وتقديره عند النحويين: ليس بعضهم زيداً، ولا يكون بعضهم زيداً، [ومؤاده مؤدى] إلا. قوله:((أما السن فعظم)) ((قض)): هو قياس حذف عنه المقدمة الثانية لتقررها وظهورها عندهم، وهي أن كل عظم لا يحل الذبح به، وذكره دليلا على استثناء السن.
((مح)): قال أصحابنا: فهمنا أن العظام لا يحل الذبح بها؛ لتعليل النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: ((أم السن فعظم)) فهذا تصريح بأن العلة كونه عظما، وكل ما صدق عليه اسم العظم لا يجوز الزكاة به، وبه قال الشافعي وأصحابه وجمهور العلماء، وقال أبو حنيفة: لا يجوز بالسن والعظم المتصلين ويجوز بالمنفصلين. وعن مالك روايات: أشهرها جوازه بالعظم دون السن كيف كان. و ((أما الظفر فمدى الحبش)) معناه أنهم كفار وقد نهيتكم عن [التشبه] بهم وبشعارهم.
أقول: فإن قلت: إن كان الذبح بالظفر محرماً؛ لكونه تشبهاً بالكفار فكان ينبغي تحريمه بالسكين أيضاً. قلت: إنهار الدم بالسكين هو الأصل. وأما المحلقات المتفرعة عليه فيعتبر فيه التشبه لضعفها.
قوله: ((فند)) أي نفر واستعصى. و ((الأوابد)) جمع آبدة وهي التي تأبدت به أي توحشت. ((حس)): فيه دليل على أن الحيوان الإنسي إذا توحش ونفر فلم يقدر على قطع مذبحه، يصير جمع بدنه في حكم المذبح، كالصيد الذي لا يقدر عليه. وكذلك لو وقع بعير في بئر منكوساً. فلم يقدر على قطع حلقومه فطعن في موضع في بدنه فمات كان حلالا. روى في حديث أبي العشراء وهو الحديث الثاني من أحاديث حسان هذا الباب أنه قال:((لو طعنت في فخذها لأجزأ عنك)) وأراد به غير المقدور عليه، وعلى عكسه لو استأنس الصيد وصار مقدوراً عليه لا يحل إلا بقطع مذبحه باتفاق أهل العلم.
قوله: ((إن لهذه الإبل)) ((تو)) ((هذه)) إشارة إلى جنس الإبل. واللام فيه تفيد معنى ((من)). أقول:
4072 -
وعن كعب بن مالك، أنه كان له غنم ترعى بسلع، فأبصرت جارية لنا بشاة من غنمنا موتاً فكسرت حجراً فذبحتها به، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فأمره بأكلها. رواه البخاري.
4073 -
وعن شداد بن أوس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((إن الله تبارك وتعالى كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته)) رواه مسلم.
4074 -
وعن ابن عمر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهي أن تصبر بهيمة أو غيرها للقتل. متفق عليه.
4075 -
وعنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن من اتخذ شيئاً فيه الروح غرضاً. متفق عليه.
ــ
ويمكن أن تحمل اللام على معناه، والبعضية تستفاد من اسم ((إن))؛ لأنه نكرة كما قال تعالى:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً} أي بعض الليل.
الحديث التاسع عن كعب: قوله: ((بسلع)) هو بفتح السين وسكون اللام، اسم جبل بالمدينة. وقوله:((موتا)) أي أثر موت على حذف المضاف.
الحديث العاشر عن شداد: قوله: ((كتب)) أي أوجب وفرض مبالغة؛ لأن الإحسان هنا مستحب وضمن ((الإحسان)) معنى التفضل. وعداه بـ ((على)) والمراد بالتفضل إراحة الذبيحة بتحديد الشفرة وتعجيل إمرارها وغيره. و ((القتلة)) بكسر القاف: الحالة التي عليها القاتل في قتله كالجلسة والركبة. والمراد بقوله: ((وليرح)) أي ليتركه حتى يستريح ويبرد من قولهم: أراح الرجل إذا رجعت إليه نفسه بعد الإعياء، والاسم الراحة.
((مح)): قوله: ((فأحسنوا الذبح)) ((يروى بفتح الذال بغير هاء في أكثر النسخ، وفي بعضها بكسر الذال، وبالهاء كالقتلة. ويستحب أن لا يحد السكين بحضرة الذبيحة، وأن لا يذبح واحدة بحضرة الأخرى ولا يجرها إلى مذبحها. وقوله صلى الله عليه وسلم: ((فأحسنوا القتلة)) عام في كل قتيل من الذبائح، والقتل قصاصاً وحداً ونحو ذلك. وهذا الحديث من الجوامع.
الحديث الحادي عشر إلى الثالث عشر عن ابن عمر: قوله: ((أن تصبر بهيمة)) ((حس)): أراد به أن يحبس الحيوان فيرمي به إليه حتى يموت، وأصل الصبر الحبس، والغرض الهدف. وقوله:((لا تتخذوا)) هذا النهي للتحريم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لعن الله من فعل هذا))؛ ولأنه تعذيب
4076 -
وعن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((لا تتخذوا شيئاً فيه الروح غرضاً)) رواه مسلم.
4077 -
وعن جابر، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضرب في الوجه، وعن الوسم في الوجه. رواه مسلم.
4078 -
وعنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم مر عليه حمار وقد وسم في وجهه، قال:((لعن الله الذي وسمه)). رواه مسلم.
4079 -
وعن أنس، قال: غدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبد الله بن أبي طلحة ليحنكه، فوافيته في يده الميسم يسم إبل الصدقة. متفق عليه.
4080 -
وعن هشام بن زيد، عن أنس، قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مربد فرأيته يسم شاء)) حسبته قال: في آذانها. متفق عليه.
ــ
للحيوان وإتلاف لنفسه وتضييع لماليته، وتفويت لذكاته إن كان مذكي، ولمنفعته إن لم يكن مذكي.
الحديث الرابع والخامس عشر عن جابر: قوله: ((لعن الله الذي وسمه)) يحتمل أن يكون الواسم كافراً، وأن يكون للتغليط كما في قوله صلى الله عليه وسلم:((لعن الله من اتخذ شيئاً فيه الروح غرضاً)). ((مح)): الوسم في الوجه منهي عنه بالإجماع، فأما وسم الآدمي فحرام لكراهته؛ ولأنه لا حاجه إليه فلا يجوز تعذيبه، وأما غيره فقال جماعة من أصحابنا: يكره، وقال البغوي: لا يجوز فأشار إلى تحريمه وهو الأظهر لهذا الحديث. واللعن يقتضي التحريم، وأما غير الوجه فمستحب في نعم الزكاة والجزية وجائز في غيرها، وإذا وسم فمستحب أن يسم الغنم في آذانها، والإبل والبقر في أصول أفخاذها، وفائدة الوسم [التمييز].
الحديث السادس عشر عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((ليحنكه)) ((فا)): التحنيك أن يمضغ التمر ثم يدلكه بحنكه. يقال: حنكته مخففاً ومشدداً. قوله: ((الميسم)) الميسم: الحديدة التي [يكوى] بها، والوسم الكي للعلامة.
الحديث السابع عشر عن هشام: قوله: ((في مربد)) هو بكسر الميم وسكون الراء: الموضع الذي يحبس فيه الإبل وهو مثل الحظيرة للغنم، والمربد هنا يحتمل أن يراد به حظيرة الغنم مجازاً، ويحتمل أنه على ظاهره، وأنه أدخل الغنم في مربد الإبل ليسمها. وضمير المفعول في
الفصل الثاني
4081 -
عن عدي بن حاتم، قال: قلت: يا رسول الله! أرأيت أحدنا أصاب صيداً وليس معه سكين، أيذبح بالمروة وشقة العصا؟ فقال:((أمرر الدم بما شئت، واذكر اسم الله)). رواه أبو داود، والنسائي. [4081]
4082 -
وعن أبي العشراء عن أبيه، أنه قال: يا رسول الله! أما تكون الذكاة إلا في الحلق واللبة؟ فقال: ((لو طعنت في فخذها لأجزأ عنك)). رواه الترمذي، أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، والدارمي وقال أبو داود: وهذه ذكاة المتردي. وقال الترمذي: هذا في الضرورة. [4082]
ــ
((حسبته)) راجع إلى ((أنس)) و [((شيئاً))] ظرف بمعنى ((يسم في شيء)) و ((في آذانها)) بدل من محله أي آذان الغنم؛ لما سبق استحباب وسم الغنم في الآذان.
الفصل الثاني
الحديث الأول عن عدي: قوله: ((أرأيت أحدنا)) أي أخبر أحدنا والمستخبر عنه قوله: ((أيذبح بالمروة)) و ((المروة)) الحجارة البيضاء وبها سميت مروة مكة، ((وشقة العصا)) شظية تشظى منها. قوله:((أمرر الدم)) ((تو)): يلحن كثير من المحدثين في هذا اللفظ فيشدون الراء ويحركون الميم ظناً منهم أنه من الإمرار، وليس بقويم، وإنما هو بتخفيف الراء من مرى يمرى إذا مسح الضرع ليدر، والمعنى استخراج الدم وسيله وهو من قول الخطابي.
قال صاحب الجامع: والذي قرأته في كتاب أبي داود براءين مظهرتين بغير إدغام، وفي إحدى روايات النسائي كذلك. وقال في النهاية: في حديث آخر: ((كإمرار الحديد على الطست الجديد)) أمررت الشيء أمره إمراراً إذا جعلته يمر أي يذهب، يريد كجر الحديد على الطست. انتهى كلامه. فعلى هذا يكون جر الدم عبارة عن سيلانه؛ لأن سيلانه مستلزم لإمراره والله أعلم.
الحديث الثاني عن أبي العشراء: قوله: ((أما تكون)) أما هنا ليست بحرف التنبيه، بل الهمزة للاستفهام وما هي النافية، وإن كانت حرف التنبيه مركبة منهما، ومجعولة كلمة واحدة. سأل أن الذكاة منحصرة في الحلق واللبة دائماً؟ فأجيب: لا، إلا في حال الضرورة. واللبة هي اللهزمة التي فوق الصدر وفيها تنحر الإبل.
((حس)): قال أبو عيسى: لا نعرف لأبي العشراء عن أبيه غير هذا الحديث.
4083 -
وعن عدي بن حاتم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((ما علمت من كلب، أو باز، ثم أرسلته، وذكرت اسم الله فكل مما أمسك عليك)). قلت: وإن قتل؟ قال: ((إذا قتله ولم يأكل منه شيئاً فإنما أمسكه عليك)). رواه أبو داود. [4083]
4084 -
وعنه، قال: قلت: يا رسول الله! أرمي الصيد فأجد فيه من الغد سهمي. قال: ((إذا علمت أن سهمك فتله ولم تر فيه أثر سبع فكل)). رواه أبو داود. [4084]
4085 -
وعن جابر، قال: نهينا عند صيد كلب المجوس. رواه الترمذي. [4085]
4086 -
وعن أبي ثعلبة الخشني، قال: قلت: يا رسول الله! إنا أهل سفر، نمر باليهود والنصارى والمجوس، فلا نجد غير آنيتهم. قال:((فإن لم تجدوا غيرها، فاغلسوها بالماء ثم كلوا فيها واشربوا)). رواه الترمذي. [4086]
4087 -
وعن قبيصة بن هلب، عن أبيه، قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن طعام النصارى – وفي رواية: سأله رجل، فقال: إن من الطعام طعاماً أتحرج منه – فقال:
ــ
الحديث الثالث عن عدي: قوله: ((إذا قتله)) جيء ((بإذا)) الشرطية جواباً عن قوله: ((وإن قتل))؛ لأن السؤال كان عن تردد؛ لأن إن الشرطية تقتضي عدم الجزم. وأجاب ((بإذا)) التي تقتضي الجزم والتحقيق. وأعاد قوله: ((فإنما أمسكه عليك)) دلالة على تحقق المسئول عنه. وأنه مما لا يحوم الشك حوله.
الحديث الرابع عن عدي: قوله: ((من الغد)) ((من)) فيه زائدة كما في قوله تعالى: {لله الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} ، الكشاف: قرئ ((من قبل ومن بعد)) على الجر، كأنه قيل: قبلاً وبعداً.
الحديث الخامس عن جابر: قوله: ((نهينا عن صيد كلب المجوس)) فيه دليل على أن من لا تحل ذبيحته من الكفرة لا يحل صيد جارحة أرسلها هو. ((حس)): يحل ما اصطاد المسلم بكلب المجوسي ولا يحل ما اصطاده المجوسي بكلب المسلم إلا أن يدركه المسلم حياً فيذبحه. وإن اشترك مسلم ومجوسي في إرسال كلب أو سهم على صيد فأصابه وقتله فهو حرام.
الحديث السادس عن أبي ثعلبة: قوله: ((أهل سفر)) يجوز بالرفع على أنه خبر ((إن)) وبالنصب على الاختصاص والخبر ((نمر)).
الحديث السابع عن قبيصة: قوله: ((أتحرج)) أي أتجنب. ((نه)): الحرج في الأصل الضيق
((لا يتخلجن في صدرك شيء ضارعت فيه النصرانية)). رواه الترمذي، وأبو داود. [4087]
4088 -
وعن أبي الدرداء، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل المجثمة وهي التي تصبر بالنبل. رواه الترمذي. [4088]
4089 -
وعن العرباض بن سارية، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى يوم خيبر عن كل ذي ناب من السباع، وعن كل ذي مخلب من الطير، وعن لحوم الحمر الأهلية، وعن المجثمة، وعن الخليسة، وأن توطأ الحبلى حتى يضعن ما في بطونهن. قال محمد بن يحيى: سئل أبو عاصم عن المجثمة، فقال: أن ينصت الطير أو الشيء فيرمى، وسئل عن الخليسة، فقال: الذئب أو السبع يدركه الرجل فيأخذ منه، فيموت في يده قبل أن يذكيها. رواه الترمذي. [4089]
ــ
ويقع على الإثم والحرام. وقيل: أضيق الضيق. قوله: ((لا يتخلجن)) ((تو)): يروى بالحاء المهملة وبالخاء المعجمة، فمعناه بالمهملة لا يدخلن قلبك منه شيء؛ فإنه مباح نظيف، وبالمعجمة لا يتحركن الشك في قلبك. أقول: الأول أبلغ وهو نظير قوله تعالى: {فَلا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ} وقوله: ((ضارعت)) جواب شرط محذوف، الجملة الشرطية مستأنفة لبيان الموجب. أي لا يدخلن في قلبك ضيق وحرج، لأنك على الحنيفية السمحة؛ فإنك إذا شددت على نفسك بمثل هذا شابهت فيه الرهبانية؛ فإن ذلك دأبهم وعادتهم. قال تعالى:{ورَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ} الآية.
الحديث الثامن عن أبي الدرداء: قوله: ((المجثمة)) ((نه)): هي كل حيوان ينصب ويرمى ليقتل.
إلا أنه يكثر في الطير والأرنب وأشباه ذلك مما يجثم بالأرض، أي يلزمها ويلتصق بها.
الحديث التاسع عن العرباض: قوله: ((عن كل ذي ناب)) ((حس)): أراد به ما يعدو بنابه على الناس وأموالهم كالذئب والأسد والكلب ونحوها، وأراد بذي مخلب ما يقطع ويشق كالنسر والصقر والبازي ونحوها. قوله:((وأن توطأ الحبالى)) ((مظ)): إذا حصلت جارية لرجل من السبي لا يجوز له أن يجامعها حتى تضع حملها إذا كانت حاملة، وحتى تحيض وينقطع دمها إن لم تكن حاملة. قوله:((الذئب والسبع)) فيه تقديم وتأخير. ((الخليسة)) هي التي تؤخذ من الذئب والسبع فتموت في يده قبل أن يذكيها. من خلست الشيء واختلسته إذا سلبته وهي فعيلة بمعنى مفعولة، ولا بد فيه من تقدير مفعول محذوف أي فيأخذ المختلسة منه. والضمير في ((فتموت)) و ((ويذكيها)) راجع إليها.
4090 -
وعن ابن عباس، وأبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن شريطة الشيطان. زاد ابن عيسى: هي الذبيحة يقطع منها الجلد ولا تفرى الأوداج، ثم تترك حتى تموت. رواه أبو داود. [4090]
4091 -
وعن جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قالك ((ذكاة الجنين ذكاة أمه)). رواه أبو داود، والدارمي. [4091]
4092 -
ورواه الترمذي، عن أبي سعيد. [4092]
4092 -
وعن أبي سعيد الخدري، قال: قلنا: يا رسول الله! ننحر الناقة، ونذبح البقرة والشاة، فنجد في بطنها الجنين، أنلقيه أم نأكله؟ قال:((كلون إن شئتم، فإن ذكاته ذكاة أمه)). رواه أبو داود، وابن ماجه. [4093]
ــ
الحديث العاشر عن ابن عباس رضي الله عنهما: قوله: ((شريطة الشيطان)) ((نه)): قيل: هي الذبيحة التي لا تقطع اوداجها ولا يستقصي ذبحها، وهو من شرط الحجام، وكان أهل الجاهلية يقطعون بعض حلقها ويتركونها حتى تموت، وإنما أضافها إلى الشيطان؛ لأنه هو الذي حملهم على ذلك وحسن هذا الفعل لديهم وسوله لهم. ((ولا تفرى الأوداج)) أي لا يشقها ولا يقطعها حتى يخرج ما فيها من الدم. والأوداج ما أحاط بالعنق من العروق التي يقطعها الذابح. واحدها ودج بالتحريك. ((تو)): ويحتمل أنه من الشرط الذي هو العلامة أي شارطهم الشيطان فيها على ذلك.
الحديث الحادي عشر والثاني عشر عن أبي سعيد: قوله: ((فإن ذكاته ذكاة أمه)) ((فا)): الذكاة هي التذكية أي ذكاة الأم كافية في حل الجنين.
((نه)): التذكية الذبح والنحر. ويروى الحديث الأول بالرفع والنصب فمن رفع جعله خبر المبتدأ الذي هو ذكاة الجنين، فتكون ذكاة الأم هي ذكاة الجنين، فلا يحتاج إلى ذبح مستأنف، ومن نصب كان التقدير: ذكاة الجنين كذكاة أمه، فلما حذف الجار نصب، أو على تقدير: يذكى تذكية مثل ذكاة أمه، فحدف المصدر وصفته وأقام المضاف إليه مقامه، فلا بد عنده من ذبح الجنين إذا خرج حيا، ومهم من يروى بنصب الذكاتين.
4094 -
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((من قتل عصفورا فما فوقها بغير حقها؛ سأله الله عن قتله)). قيل: يا رسول الله! وما حقها؟ قال: ((أن يذبحها فيأكلها، ولا يقطع رأسها فيرمي بها)). رواه أحمد، والنسائي، والدارمي. [4094]
4095 -
وعن أبي واقد الليثي، قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يجبون أسمنة الإبل، ويقطعون اليات الغنم. فقال:((ما يقطع من البهيمة وهي حية فهي ميتة لا تؤكل)). رواه الترمذي، وأبو داود. [4095]
ــ
أقول: لعل أصل الكلام ذكاة الأم بمنزلة ذكاة الجنين في الحل، أي مغنية عن ذكاة الجنين فقدم وأخر كقوله:
لعاب الأفاعي القاتلات لعابه
ونحوه قول العرب في الحلف: ((سلمى سلمك وحربى حربك وهدامى هدمك)). وقريب منه قول محمد بن علي: ((ذكاة الأرض يبسها)) يريد طهارتها من النجاسة، جعل يبسها من النجاسة الرطبة في تطهير بمنزلة تذكية الشاة في الإحلال.
((شف)): وذلك أن الجنين الذي في البطن حالة ذكاة الأم كالعضو المتصل بالأم؛ فإن كل عضو من أعضائه يحل بذكاته، ولا يحتاج إلى ذكاة، كذلك الجنين المتصل به حالة الذبح إذا انفصل ميتا.
((حس)): فيه دليل على أن من ذبح حيوانا فخرج من بطنها جنين ميت، يكون حلالا وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم، وإليه ذهب الشافعي. وشرط بعضهم الإشعار، فأما إذا خرج الجنين حيا فاتفقوا على أن ذبحه شرط حتى يحل. وقال أبو حنيفة: لا يحل أكل الجنين إلا أن يخرج حيا ويذبح.
الحديث الثالث والرابع عشر: عن عبد الله: قوله: ((سأله الله عن قتله)) أي عاتبه وعذبه عليه. وقوله: (0فما فوقها)) يحتمل فوقها في الحقارة والصغر وفوقها في كبر الجثة والعظم، وأنث ضمير العصفورة تارة نظرا إلى الجنس، وذكرها أخرى اعتبارا للفظ. وحقها عبارة عن الانتفاع بها كما أن قطع الرأس والرمي عبارة عن ضياع حقها وإتلافها، فيكون قوله:((ولا يقطع)) الخ: كالتأكيد للسابق. ((حس)): فيه كراهة ذبح الحيوان لغير الأكل.
الفصل الثالث
4096 -
عن عطاء بن يسار، عن رجل من بني حارثة، أنه كان يرعى لقحة بشعب من شعاب أحد، فرأي بها الموت، فلم يجد ما ينحرها به، فأخذ وتدا فوجأ به في لبتها حتى أهراق دمها، ثم أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره بأكلها. رواه أبو داود، ومالك. وفي روايته: قال: فذكاها بشظاظ. [4096]
4097 -
وعن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من دابة إلا وقد ذكاها الله لبني آدم)). رواه الدارقطني.
ــ
((خط)): وفي معناه ما جرت به عادة الناس من ذبح الحيوان عند قدوم الملوك والرؤساء وأوان حدوث نعمة تتجدد لهم وفي نحو ذلك من الأمور.
الفصل الثالث
الحديث الأول عن عطاء: قوله: ((فوجأ به)) ((نه)) يقال: وجأته بالسكين وغيره وجاء إذا ضربته به. و ((الشظاظ)) خشبة محددة الطرف تدخل في عروتى الحوالق، ليجمع بينهما عند حملهما على البعير والجمع أشظة.
الحديث الثاني عن جابر قوله: ((قد ذكاها الله لبني آدم)) كناية عن كونه تعالى أحلها لبني آدم من غير تذكيتهم. ((مح)) تباح ميتات البحر كلها، سواء في ذلك ما مات بنفسه أو باصطياده، وقد أجمعوا على إباحة السمك، قال أصحابنا: يحرم الضفدع لحديث النهي عن قتلها.
قالوا: وفيما سوى ذلك ثلاثة أوجه: أصحها: يحل جميعه لمثل هذا الحديث. والثاني: لا يحل. والثالث: يحل ما له نظير مأكول في البر دون ما لا يؤكل نظيره. فعلى هذا يؤكل خيل البحر وغنمه وظباؤه دون كلبه وخنزيره وحماره. [وممن] قال بالقول الأول أبو بكر الصديق وعمر وعثمان وابن عباس رضوان الله عليهم. وأباح مالك الضفدع والجميع. وقال أبو حنيفة: لا يحل غير السمك. دليلنا قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ البَحْرِ وطَعَامُهُ} . قال عمر رضي الله عنه: صيده ما اصطيد، وطعامه ما رمى به. قال ابن عباس: طعامه ميتة إلا ما قذرت منها.
((حس)): ركب الحسن على سرج من جلود كلاب الماء، ولم ير الحسن بالسلحفات بأسا. وقال سفيان الثوري: أرجو أن لا يكون بالسرطان بأس،