الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
، وآخرون].
واختار طائفة من العلماء أنه مدلس، ولم يقبلوا من روايته إلا ما صرح فيه بالسماع، أو ما كان من رواية الليث بن سعد عنه، ولو كان معنعناً.
منهم ابن حزم في الإحكام، والمحلى، وإن كان كلامه يحتاج لتحرير، وعبد الحق الأشبيلي كما نقله عنه الزيلعي في نصب الراية (2/ 122، 277)، وغيره، وابن القطان كما في بيان الوهم والإيهام، وابن عبد الهادي كما في طبقات علماء الحديث (1/ 204)، وابن القيم كما في زاد المعاد (2/ 276)، والبوصيري كما في مصباح الزجاجة (2/ 6)، وابن حجر كما في مراتب المدلسين (ص/101)، وأعل بعنعنته في نتائج الأفكار (1/ 102)، وفتح الباري (9/ 536، 12/ 92)، وظفر التهانوي في قواعد التحديث (ص/464)، وغيرهم.
ووصفه أيضاً العلائي في جامع التحصيل (ص/110)، وأبو الوفا الحلبي في التبيين لأسماء المدلسين (ص/200) بأنه مشهور بالتدليس.
بيان قصة أبي الزبير التي هي العمدة في وصفه بالتدليس، واعترافه على نفسه بذلك:
روى العقيلي في الضعفاء في ترجمة أبي الزبير بإسناده عن سعيد بن أبي مريم قال: حدثنا الليث بن سعيد قال قدمت مكة فجئت أبا الزبير فرفع إلي كتابين وانقلبت بهما ثم قلت في نفسي لو عاودته فسألته أسمع هذا كله من جابر فقال منه ما سمعت ومنه ما حدثناه عنه فقلت له أعلم لي على ما سمعت فأعلم لي على هذا الذي عندي.
ووجه الاستدلال بهذه القصة على تدليس أبي الزبير أن ظاهرها أن رواية أبي الزبير كانت عن جابر في هذين الكتابين بلا واسطة، وأن الليث بن سعد لما راجعه بَيَّن له أن هناك وسائط بينه وبين جابر في بعض هذه الأحاديث، ولم يكن قد ذكرها في هذين الكتابين. فلو أن الليث كان لم يتثبت ولم يراجعه لرواها عنه مناولة بدون وسائط بين أبي الزبير، وجابر رضي الله عنه.
بيان ما وقفت عليه من أحاديث التي تثبت تدليس أبي الزبير:
روى الترمذي في فضائل القرآن، والنسائي في عمل اليوم والليلة،
وغيرهما من طريق الليث بن أبي سليم، والمغيرة بن مسلم، وغيرهما عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه قال:(أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا ينام حتى يقرأ آلم تنزيل وتبارك الذي بيده الملك).
وروى النسائي في عمل اليوم والليلة (1/ 432) قال: أخبرنا أبو داود قال حدثنا الحسن (1) قال حدثنا زهير قال: سألت أبا الزبير أسمعت جابرا يذكر أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان لا ينام حتى يقرأ ألم تنزيل وتبارك. قال: ليس جابر حدثنيه، ولكن حدثني صفوان أو أبو صفوان.
قال الترمذي في سننه عقب إشارته لهذه الرواية: [وكأن زهيرا أنكر أن يكون هذا الحديث عن أبي الزبير عن جابر].
ومن توسع في تخريج طرق رسالة " أبي الزبير عن غير جابر " لأبي الشيخ، لعله يقف على أشياء تثبت تدليس أبي الزبير، ولعل الوقت يتسع - إن شاء الله - بعد ذلك لهذا الأمر، وقد وقفت من خلال النظرة السريعة على مثالين في هذه الرسالة (2):
1 -
ما رواه أبو الزبير عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: (إذا رأيتم أمتي تهاب الظالم أن تقول له انك أنت ظالم فقد تودع منهم) فأبو الزبير لم يسمع من عبد الله بن عمرو كما قال أبو حاتم في المراسيل، وقال: يحيى بن معين: لم يسمع من عبد الله بن عمرو ولم يره، وقال ابن عدي أيضا: [وأبو الزبير عن عبد الله بن عمرو يكون مرسلا وقد رواه أبو شهاب عبد ربه بن نافع
(1) قال د. صالح بن رضا في صحيفة أبي الزبير: (وأبو داود وهو الإمام صاحب السنن والحسن أظنه: ابن موسى الأشيب وهو ثقة، فيكون الإسناد صحيحاً) كذا قال وهو خطأ والصواب أن أبي داود هو: أبو داود سليمان بن سيف الحراني، قال عنه الذهبي في "الكاشف":"الحافظ"، وقال عنه ابن حجر في "التقريب":"ثقة حافظ"، والحسن هو: الحسن بن أعين قال عنه في "الكاشف": "ثقة"، وقال عنه في "التقريب":"صدوق"، وعلى كل حال فالإسناد صحيح أيضا.
(2)
- وهذا بناء على عدم التفرقة بين المرسل الخفي والتدليس، وسوف يأتي بمشيئة الله مزيد بيان وبحث ومناقشة لذلك في محله.