الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحناط عن الحسن بن عمرو عن أبي الزبير عن عمرو بن شعيب عن عبد الله بن عمرو]. فقد صرح هنا بالواسطة بين أبي الزبير، وعبد الله بن عمرو، وهو: عمرو بن شعيب.
2 -
ما رواه أبو الزبير عن ابن عباس، وعائشة رضي الله عنهم، أن النبي صلى الله عليه وسلم أخر الطواف يوم النحر إلى الليل، وقال البيهقي:[وأبو الزبير سمع من بن عباس وفي سماعه من عائشة نظر قاله البخاري]، وهذا ما يطلقون عليه تدليس العطف.
ملاحظة:
وقد حاول بعض المتأخرين دفع شبهة التدليس عن أبي الزبير ومنهم: الشيخ عبد الله السعد في شريط ((منهج تعلم علم الحديث))، والشيخ ناصر بن حمد الفهد في رسالته " منهج المتقدمين في التدليس "، وذكر أنه استفاد من رسالة غير مطبوعة للدكتور خالد الدريس بعنوان " الإيضاح والتبيين بأن أبا الزبير ليس من المدلسين "، ولم أقف عليها. وحاول د. صالح بن أحمد رضا في رسالته:" صحيفة أبي الزبير المكي عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما " التوسط؛ بين ما أورده من أقوال ووجوه لتبرئة ساحة أبي الزبير من وصفه بالتدليس، وبين الأقوال والأدلة المثبتة لذلك، فقال: [ولذا مازلت أشكك في دعوى تدليس أبي الزبير عن جابر. إلا ما ثبت بالدليل القاطع الحديث السابق - يشير إلى حديث جابر السابق: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا ينام حتى يقرأ آلم تنزيل وتبارك الذي بيده الملك) -.
وأبو الزبير المكي الذي جعله الإمام ابن حجر في المرتبة الثالثة من المدلسين أحسن حالاً، أحفظ حديثاً، أتقن حفظاً وأوثق حالاً من كثير من الرواة الذين وضعوا في الرتبة الثانية من مراتب المدلسين، بل هو أفضل ممن جعل في المرتبة الأولى من المدلسين مثل ((عبد ربه بن نافع الحناط (الذي قيل فيه: صدوق في حفظه شيء، وقال يحي بن سعيد: لم يكن بالحافظ، ولم يرض أمره، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال يعقوب بن شيبة: ثقة ولم يكن بالمتين وقد تكلموا في حفظه) أنظر ميزان الاعتدال 2/ 544)). وكعبد الله بن عطاء الطائفي.
وغيره.
وهو أحسن حالاً من ((يحي بن أبي كثير، وسليمان بن مهران الأعمش، والحسن البصري، والحكم بن عتيبة الفقيه الكوفي، وعمرو بن دينار .. الذين وضعهم ابن حجر والعلائي في المرتبة الثانية رغم أنهم وصفوا بالتدليس لم يصف به أبو الزبير المكي ولمن راجع كتب الرجال علم حقيقة الحال، فقبول عنعنة هؤلاء المذكورين وغيرهم تقتضي بقبول عنعنة أبي الزبير من باب أولى، ولذا عندما نرى الإمام مسلم- رحمه الله تعالى - قد قبل عنعنة أبي الزبير، فإنما كان يسير على قواعد أهل الحديث، ويطبقها في صحيحه، وهو دقيق في هذا، ولم يأت بشيء غريب أو شاذ
…
وأما التدليس فكان قليل التدليس، وإذا دلس لم يدلس إلا عن ثقة].
وقول د. صالح هنا: [كان قليل التدليس، وإذا دلس لم يدلس إلا عن ثقة] قد يقبله من لم يدقق فيه، مع أن فيه مجازفة؛ وبيان ذلك من وجوه:
الوجه الأول:
أنه قد أثبت لأبي الزبير وصفه بالتدليس، وإن كان قليلاً على حد تعبيره، ثم قال أنه لم يدلس إلا عن الثقات، وأنا أتسأل من أين هذا الجزم مع أنه في شيوخ أبي الزبير قوم ليسوا بالثقات كأمثال: عبد الرحمن بن الصامت قال عنه ابن حجر: مقبول، وقال عنه الذهبي في الكاشف: مجهول، وعبد الله بن سلمة المرادي قال عنه ابن حجر: صدوق تغير حفظه، وقال عنه الذهبي: صويلح، قال ابن عدى: أرجو أنه لا بأس به، وقال البخاري: لا يتابع في حديثه، وغيرهما.
الوجه الثاني:
أن في سؤال الليث بن سعد لأبي الزبير عن سماعه من جابر رضي الله عنه، إلماح إلى ضعف بعض شيوخ جابر، وإلا فلماذا ترك الرواية عنه لباقي هذه الأحاديث إن كان لا يروي إلا عن ثقة.
والليث هو في مرتبة مالك بن أنس في الحفظ والعلم والإمامة. وهو أعلم من هؤلاء المتأخرين بحال أبي الزبير وشيوخه. فقوله مُقدّمٌ عليهم قطعاً. ومن نفى تدليس أبي الزبير، أو قال إنه لا يدلس إلا عن ثقة فقد خالف ظاهر هذه القصة،
ويكون أيضاً قد كذب أبا الزبير نفسه الذي أقر على نفسه لليث بذلك!
الوجه الثالث:
وأنني أتعجب من هذا الجزم، وذلك لأن من جزم به إنما اعتمد على أن أبا الزبير روى صحيفة جابر عن اليشكري، وهو ثقة، وقد رَدَّ د. صالح هذا القول حيث قال: [ذكرت أن الإمام ابن حجر-رحمه الله تعالى-ذكر أن الإمام مسلم أخرج صحفاً كاملة، أو أكثرها، ومن ذلك صحيفة أبي الزبير عن جابر، ولا ندري كثيراً عن هذه الصحيفة. أصلها، وما مصيرها؟ وكيف كتبت؟
ومن كتبها؟ وكم عدد أحاديثها؟
ونقل أهل التراجم أن البخاري قال: أبو الزبير عن جابر صحيفة.
وقال ابن حجر في ترجمة سليمان بن قيس اليشكري: قال أبو حاتم: جالس جابرا، وكتب عنه صحيفة وتوفي [هكذا. ولعله توفى ولم ترو عنه].
وروى أبو الزبير، وأبو سفيان والشعبي عن جابر، وهم قد سمعوا من جابر، وأكثره من الصحيفة، وكذلك قتادة (1).
وقد ورد هذا النص في الجرح والتعديل بصورة حيث قال: ((جالس سليمان اليشكري جابراً فسمع منه، وكتب عنه صحيفة، فتوفى، وبقيت الصحيفة عند امرأته، فروى أبو الزبير، وأبو سفيان، والشعبي عن جابر، وهم قد سمعوا من جابر، وأكثره من الصحيفة، وكذلك قتادة)) (2)
وقال همام بن يحي: وقدمت أم سليمان اليشكري بكتاب سلمان، فقرئ على ثابت، وقتادة، وأبي بشر، والحسن، ومطرف، فرووها كلها، وأما ثابت فروى منها حديثاً واحداً)) (3)
وقال سلمان التيمي (143هـ): ذهبوا بصحيفة جابر بن عبد الله إلى الحسن البصري، فأخذوها- أو قال رواها- وذهبوا به إلى قتادة، فرواها وأتوني بها، فلم
(1) تهذيب التهذيب 4/ 215.
(2)
الجرح والتعديل 4/ 136.
(3)
الكفاية للخطيب /392.
أروها، رددتها)) (1).
وقال عبد الله بن أحمد سمعت أبي يقول: سليمان اليشكري شيخ قديم، قتل في فتنة ابن الزبير. قيل له: فمن روى عنه؟ قال: قتادة، وما سمع منه شيئاً، وأبو بشر روى عنه أحاديث، وما أرى سمع منه شيئاً، ثم قال: قدموا بصحيفة اليشكري البصرة، فحفظها قتادة)) (2).
وقال أيضاً: كان قتادة أحفظ أهل البصرة لا يسمع شيئاً إلا حفظه، قرأ عليه صحيفة جابر مرة واحدة فحفظها)) (3).
ونقل الترمذي عن البخاري قوله ((سليمان اليشكري يقال: أنه مات في حياة جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-قال: ولم يسمع منه قتادة ولا أبو بشر.
قال: وإنما يحدث قتادة عن صحيفة سليمان اليشكري، وكان له كتاب عن جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما (4).
وقال البخاري: روى قتادة وأبو بشر، والجعد وأبو عثمان من كتاب سليمان بن قيس (5).
وقال معمر بن راشد: رأيت قتادة قال سعيد بن أبي عروبة: أمسك على المصحف، فقرأ البقرة، فلم يخط حرفاً فقال: يا أبا النضر لأنا لصحيفة جابر أحفظ مني لسورة البقرة (6).
وقال قتادة: ((عرضت على سعيد بن المسيب صحيفة جابر، فلم ينكر)) (7).
(1) الترمذي في الجامع 3/ 604/ ونحوه في الكفاية، ولم يذكر قتادة /392/ وابن الجعد في مسنده /594/ وذكر قوله ابن سعد بلفظ: قال: سليمان أخذ فلان وفلان صحيفة جابر، فقالوا: خذها، فقلت: لا. الطبقات 7/ 252 - 253.
(2)
العلل ومعرفة الرجال للإمام أحمد 2/ 34.
(3)
سير أعلام النبلاء 5/ 276 - 277.
(4)
عند الترمذي في جماعه 3/ 406.
(5)
التاريخ الصغير /93.
(6)
الطبقات لابن سعد 7/ 229/ وابن الجعد 1/ 522/ والتاريخ الكبير للبخاري 7/ 182/ وسير الأعلام 5/ 272/ ذو التهذيب 8/ 535.
(7)
العلل ومعرفة الرجال، 2/ 349.
ويتضح مما سبق نقله من هذه الروايات أن اليشكري كانت له صحيفة وانتقلت هذه الصحيفة إلى موطنها في إلى البصرة، فتلقاها بعض علمائها ورووها عن جابر-رضي الله عنه-وأظهرت هذه الروايات (1) أن هذه الصحيفة لم تمض إلى مكة المكرمة مستقر أبي الزبير وإنما مضت إلى العراق وبالذات إلى البصرة، فكل من ذكر أنه أخذ صحيفة جابر إنما هو بصري وليس فيهم واحد مكي، اللهم إلا عن أبي حاتم أن أبا الزبير وأبا سفيان رووا من صحيفة اليشكري، وأبو الزبير مكي وأبو سفيان واسطي حوار بمكة، ولم يذكر أبو حاتم عمن نقل هذا من شيوخه ولعله ظن ذلك ظناً لقولهم إن أبا الزبير عن جابر صحيفة، فذهب وهله إلى صحيفة اليشكري.
قلت: وإذا سلم كلام أبي حاتم هذا، فكان من المفروض أن يكون كل حديث رواه أبو الزبير رواه أيضاً أبو سفيان (2) وكذا رواه الشعبي وقتادة، لأنهم، على
(1) قلت: ومن أعجب ما روي في هذا قول الإمام أجمد: حدثنا هشييم (183هـ) وأخبرنا أبو بشر (وهو جعفر ابن إياس بن أبي وحشية (124هـ) قال: قلت لأبي سفيان: مالي أراك لا تحدث عن جابر كما يحدث سليمان اليشكري؟! قال: إن سليمان كان يكتب، وإني لم أكن أكتب (العلل للإمام أحمد 1/ 333/ وتقييد العلم /108/).
قلت: كيف يقال هذا؟ وسليمان اليشكري توفى سنة (70) أو بعدها في حياة، ولا تعرف له رواية عن جابر، ولا تعرف عن جابر اللهم إلا إذا كان مراد أبي بشر: ما في صحيفة اليشكري أكثر من رواية أبي سفيان، ورغم ذلك أن رواية أبي سفيان أكثر مما وجدناه مروياً عن اليشكري الذي ليس له مسند الإمام أحمد إلا ثمانية أحاديث، وفي كتب ثلاث أحاديث (أنظر تحفة الأشراف 2/ 186/) ولا يعرف أنه كان مكثراً في الرواية حتى يقال لأبي سفيان ذلك.
وقد وردت هذه الرواية في صحائف الصحابة /134/ وفي معرفة النسخ والصحف الحديثية /157/ ولم يعلق المؤلفان عليها شيئاً. ويلاحظ كثرة الأخطاء المطبعية وغيرها في كتاب معرفة النسخ.
(2)
وقد قال ابن عيينة: إنما أبو سفيان عن جابر صحيفة. سير الأعلام 5/ 293/ والجرح والتعديل 3/ 475/ وميزان الاعتدال /342/ وتهذيب التهذيب 5/ 27/ ابن عيينة أخذ عن أبي الزبير، زوى عنه، ولم يقل أن حديثه عن جابر صحيفة. ولعل السبب في اتفاق أبي سفيان وأبي الزبير في كثير من الروايات أنها تلقيا عنه في وقت واحد.
قلت: لا نجد لقتادة-مثلاً-عن جابر إلا حديثاً واحداً في الكتب الستة. انظر تحفة الأشراف 2/ 263/ وقد قال قتادة: لأنا بصحيفة جابر أحفظ مني من سورة البقرة. التاريخ الكبير للبخاري 4/ 182/ ولم يخرج العلماء له عن جابر لأنهم على يقين أنه لم يسمعها منه، وحديث قتادة الوحيد أورده البخاري على الشك قال: وقال أبو هلال حدثنا قتادة عن أنس أو جابر بن عبد الله كان النبي-صلى الله عليه وسلم-ضخم الكفين والقدمين لم أر بعده شبيهاً له)) في اللباس باب الجعد رقم (5911 و 5912) فتح 10/ 357/ ووصله البيهقي في دلائل النبوة 1/ 244/ ورجح ابن حجر أنه عن أنس لا عن جابر. انظر تعليق التعليق 5/ 75/ وهدى الساري /61/ وفتح الباري 10/ 357.
قول أبي حاتم- أخذوا عن صحيفة واحدة، وهذا إن صدق مع أبي سفيان في كثير من الأحاديث التي رواها أبو الزبير فيما راجعت حتى الآن من أحاديث أبي الزبير التي جمعتها-فهو لا يصدق مع الباقين مطلقاً، ولعلني في نهاية جمع أحاديث أبي الزبير أستطيع أن أعطي صورة دقيقة مضبوطة. ولذلك نرى أن البخاري وأحمد كانا أدق في التعبير عن صحيفة اليشكري، فلم يذكرا أبا الزبير ولا أبا سفيان فيمن روى في صحيفة اليشكري، حتى القصة التي رددتها، فإنها تدل على أن أبا سفيان وسليمان تلقيا عن جابر لكن كثر حديث سليمان لأنه يكتب بخلاف أبي سفيان. فالذين رووا صحيفة اليشكري هم: قتادة وأبو بشر والحسن ومطرف وثابت، وليس فيهم أبو الزبير ولا أبو سفيان، وبخاصة وأن كثيراً من أحاديث أبي الزبير يقول فيها: سمعت أو سألت.
والذي أراه أن المقصود بصحيفة أبي الزبير عن جابر هو صحيفة كتبها أبو الزبير مما سمعه من حديث جابر كما بينه الليث بن سعد في قصته، فقد كان عند أبي الزبير حديث جابر مكتوباً في صحيفة، وكان تلامذته يأخذون ذلك منه لينقلوه، ثم ليسمعوه منه، فإذا حدثهم حدثهم عن حفظه، فإن أعياه الحفظ رجع إلى الصحيفة المكتوبة والله أعلم.
ثم كيف يكون ما رواه أبو الزبير عن جابر صحيفة، وقد روى ابن عيينة-نفسه-عن أبي الزبير أن عطاء ابن أبي رباح كان يقدمه إلى جابر يحتفظ لهم الحديث، فهذا من أوضح الأخبار الدالة على ما رواه أبو الزبير عن جابر ليس
صحيفة، وإنما هو حفظ للحديث وتلق له من قائله جابر-رضي الله عنه.
والظاهر مما سبق في ترجمة جابر أن هذا الأخذ كان في السنة التي جاور فيها جابر بمكة المكرمة، وكما قال أبو سفيان أنه جاور معه ستة أشهر في بني فهر، فلو أخذ عنه أبو سفيان وأبو الزبير كل يوم ثلاثة أحاديث لكان مجموع الأحاديث التي تلقياها تزيد عن خمسمائة حديث.
ومما يدل على أن الصحيفة التي يروها أبو الزبير عن جابر- رضي الله عنه سماع وليست وجادة ما ورد في قصة الليث حيث قال: جئت أبا الزبير فأخرج لنا كتباً، فقلت: سماعك عن جابر؟ قال: ومن غيره. قلت: سماعك من جابر؟ فأخرج إلي هذه الصحيفة)) (1).
فانظر: إلى قوله ((سماعك من جابر)) فإنها تدل دلالة واضحة على أنها سماع (2)، فالصحيفة التي قدمها أبو الزبير للليث هي من سماعه هو عن جابر، وليست من صحيفة اليشكري. ورغبة مني في التأكد من أن ما يرويه أبو الزبير هو من صحيفة اليشكري كله، أو أكثره-كما قال ابن أبي حاتم-رأيت أن آتي بصحيفة اليشكري وأعرض أحاديثها على ما رواه أبو الزبير، وبعبارة أخرى أعرض روايات أبي الزبير على صحيفة اليشكري حديثاً حديثاً، فإذا وجدنا أن كل ما ورد في صحيفة اليشكري قد رواه أبو الزبير بنصه، كان هذا القول صحيحاً، وإذا وجدنا حديث أبي الزبير يختلف عما في صحيفة اليشكري كان هذا القول الذي ردده أهل السير والتراجم لا صحة له في الواقع.
ولكننا لما كنا لا نملك صحيفة اليشكري، فليس لنا إلى هذه المقارنة سبيل وليس لنا إلا روى سليمان بن قيس اليشكري في كتب السنة، وهو قليل، وقليل جداً، فليس له في الكتب الستة إلا ثلاثة أحاديث، وفي مسند الإمام أحمد ست
(1) المعرفة والتاريخ 1/ 166/ والجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 2/ 205.
(2)
قلت: ورغم هذا الوضوح لم يتنبه إليه الأستاذان: أحمد صويان ود. بكر أبو زيد-حفظهما الله-أن محمد بن سليم بن تدرس المكي ليس من رواة صحيفة جابر وجادة. وجاء الدكتور بطر بهذه القصة مستدلاً بها على ما ذهب إليه /158/ ولو أمعنا النظر، ودققا في ألفاظ الرواية لعلما أنها ليست من صحيفة جابر، فضلاً عن أن تكون وجادة، بل هي سماع.
أحاديث فلنقارن بين هذه الأحاديث وبين روايات أبي الزبير: - ثم أخذ في إحراء هذه المقارنة ثم قال: فهذه الأحاديث التي استطعت أحصل عليها من صحيفة اليشكري وليس فيها حديث واحد يمكن أن نجزم فيه أن أبا الزبير رواه من صحيفة اليشكري إما لتصريحه بالسماع عن جابر، وإما لاختلاف الألفاظ وإما لعدم رواية أبي الزبير للحديث
…
كما تدل هذه الروايات على ما كنت قلته، من أن أبا الزبير اطلع على الأحاديث الموجودة في صحيفة سليمان اليشكري- إن صح هذا الافتراض- سأل عنها جابر ليتأكد من صحتها، أو لعل هذه أحاديث كانت منشرة بين التابعين فأحب أن يتأكد منها - وهو الأرجح - والله تعالى أعلم.].
9 -
قوله: [أو سماك (1) عن عكرمة (2) عن ابن عباس].
…
قال ابن رجب لبيان حال سماك، وعكرمة:
قال في شرح علل الترمذي (2/ 643) تحت عنوان: " قوم ثقات في أنفسهم لكن حديثهم عن بعض الشيوخ فيه ضعف، بخلاف حديثهم عن بقية شيوخهم: وهؤلاء جماعة كثيرون: ومنهم: سماك بن حرب ": [وقد وثقه جماعة، وخرج حديثه مسلم، ومن الحفاظ من ضعف حديثه عن عكرمة خاصة، وقال:((يسند عنه عن ابن عباس ما يرسله غيره)).
وقال ابن المديني: ((رواية سماك عن عكرمة مضطربة، سفيان وشعبة يجعلونها عن عكرمة، وغيرهما يقول: عن ابن عباس إسرائيل وأبو الأحوص)).
(1) هو سماك بن حرب بن أوس بن خالد بن نزار بن معاوية الذهلي البكري، أبو المغيرة الكوفي، قال حماد بن سلمة، عن سماك بن حرب: أدركت ثمانين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وكان قد ذهب بصري، فدعوت الله فرد على بصري، قال عنه الذهبي: ثقة ساء حفظه، أحد علماء الكوفة. وقال عنه ابن حجر: صدوق، وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وقد تغير بأخرة فكان ربما تلقن، توفي سنة (123 هـ).
(2)
هو عكرمة القرشي الهاشمي، أبو عبد الله المدني، مولى عبد الله بن عباس، وقال يزيد النحوي عن عكرمة: قال ابن عباس: انطلق فأفت الناس وأنا لك عون. قال عنه الذهبي في الكاشف: ثبت لكنه أباضي يرى السيف، روى له مسلم مقرونا، وتحايده مالك، قال عنه ابن حجر في التقريب: ثقة ثبت عالم بالتفسير، لم يثبت تكذيبه عن ابن عمر ولا تثبت عنه بدعة، توفي: 104 هـ وقيل بعد ذلك بـ المدينة.
ومنهم من ضعف في آخر عمره وقال: ((كان يلقن حينئذ)).].
وقال أيضاً في شرح علل الترمذي (1/ 325 - 327): [فمثال القسم الأول: وهو من اختلف فيه هل هو متهم بالكذب أم لا: عكرمة مولى ابن عباس:
اتهمه بالكذب جماعة، منهم: سعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد، وعطاء، وعلي بن عبد الله، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وغيرهم.
وأنكر ذلك جماعة آخرون، قال أيوب:((لم يكن بكذاب ولم أكن اتهمه)). ووثقه ابن أبي ذئب. وقال بكر المزني: ((أشهد أنه صدوق)). ووثقه أيضاً من الحفاظ يحيى بن معين وغيره، وخرج له البخاري في صحيحه.
وقال ابن عدي: ((إذا روى عنه الثقات فهو مستقيم الحديث، ولم يمتنع الأئمة من الرواية عنه)).
وقال أحمد في رواية عنه: ((عمرو بن أبي عمرو كل شئ يرويه عن عكرمة مضطرب وكذا كل من يروي عن عكرمة سماك وغيره)). قيل له: ((فترى هذا من عكرمة أو منهم؟ قال: ((ما أحسبه إلا من قبل عكرمة)).
وقال أحمد بن القاسم: ((رأيت أحمد ضعف رواية عكرمة ولم ير روايته حجة)).
قال أبو بكر الخلال: ((هذا في حديث خاص. قال: وعكرمة عند أبي عبد الله ثقة يحتج بحديثه)).
كذا قال؛ والظاهر هو خلافه، وقد يكون عن أحمد فيه روايتان، فإن المروزي نقل عن أحمد أنه قال:((عكرمة يحتج به)).
وذكر يحيى بن معين عن محمد بن فضيل ثنا عثمان بن حكيم قال: جاء عكرمة إلى أبي أمامة بن سهل وأنا جالس عنده، قال:((يا أبا أمامة، أسمعت ابن عباس يقول: ما حدثكم عكرمة عني بشئ فصدقوه فإنه لن يكذب عليّ؟ قال نعم)).
وقال ابن معين: ((إذا سمعت من يقع في عكرمة فاتهمه على الإسلام)).
وقال أبو حاتم الرازي: ((يحتج بحديثه إذا روى عنه الثقات قال: والذي أنكر عليه مالك ويحيى بن سعيد فلسبب رأيه)). يعني أنه نسب إلى رأي الخوارج.