الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هشيم بن بشير أو إسحاق بن أبي فروة أو ابن جريح ناشئة عن التدليس ..
السبب الثامن: الرواية عن المجروحين والضعفاء:
وقد تضمنت كتب العلل أحاديث ذكر أن علتها جرح الراوي فكان هذا الجرح سببا في العلة وقد سبق وأن اشترطنا لدخول هذا الفرع في العلل أن يكون من الخفاء بحيث يغيب عن بعض الثقات الأعلام (1) كأن يروي مالك عن عبد الكريم أبي أمية والشافعي عن إبراهيم بن أبي يحيى
…
وينبغي التنبيه إلى أن الأغلب في العلل أوهام الثقات حتى الرواية عن المجروحين كثيرا ما ترتبط بالثقة الذي روى الحديث.
وفي جعل الجرح سببا من أسباب العلة يقول ابن الصلاح: ثم اعلم أنه قد يطلق اسم العلة على غير ما ذكرناه من باقي الأسباب القادحة في الحديث المخرجة له من حال الصحة إلى حال الضعف المانعة من العمل به على ما هو مقتضى لفظ العلة في الأصل ولذلك نجد في كتب علل الحديث الكثير من الجرح بالكذب والغفلة وسوء الحفظ ونحو ذلك من أنواع الجرح.].
4 - معرفة العلة ووسائل الكشف عنها:
قال د. همام في مقدمة شرح علل الترمذي (1/ 119: 136) [المبحث الثاني معرفة العلل والكشف عنها من خلال كتاب ابن رجب: وفيه مطلبان:
المطلب الأول: معرفة العلة.
المطلب الثاني: وسائل الكشف عن العلة.
المطلب الأول: معرفة العلة:
ذكر ابن رجب في شرح علل الترمذي أن مجال العلة - في الأغلب والأكثر - حديث الثقات وذلك لأن رواية الثقة للحديث تكسبه في الأصل صفة الصحة الظاهرة والسلامة التي تجعله مقبولا محتجا به ولكن ليس عجيبا أن يفاجئنا رجل العلل بما لديه من الوسائل العلمية والمعرفة الحديثية بكشف ما يقدح في هذه السلامة الظاهرة وإذا بالحديث بعد الصحة معلولا وبعد القبول والاحتجاج به شاذا
(1) - وهذا لأنه تكلم عن المعنى الخاص للعلة فقط.
لا يستند عليه ولا يحتج به وإذا كان الأمر كذلك فهل لنا أن نتعرف على وسائل النقاد وجوانب معرفتهم الحديثية التي مكنتهم من ارتياد هذا المجال
…
ومن كل هذا نستفيد أن الكشف عن العلة يحتاج إلى علم غزير بالأسانيد والطرق وأساليب التعبير كما يحتاج إلى مزيد فهم ومعرفة وحدة ذكاء وسرعة بديهة وإن شئت فقل هو فن القلة من الناس وحتى هؤلاء القلة فإنهم متفاوتون في القدرة عليه.
يقول ابن كثير في اختصار علوم الحديث وإنما يهتدي إلى تحقيق هذا الفن الجهابذة النقاد يميزون بين صحيح الحديث وسقيمه ومعوجه ومستقيمه فمنهم من يظن ومنهم من يقف بحسب مراتب علومهم وحذقهم واطلاعهم على طرق الحديث وذوقهم حلاوة عبارة الرسول التي لا يشبهها غيرها من ألفاظ الناس فمن الأحاديث المروية ما عليه أنوار النبوة ومنها ما وقع فيه تغيير لفظ أو زيادة باطلة يدركها البصير من أهل هذه الصناعة.
ويقول ابن الصلاح في هذا ويستعان على إدراكها بتفرد الراوي أو بمخالفته غيره له مع قرائن تنضم إلى ذلك تنبه العارف بهذا الشأن.
أما الخطيب البغدادي فإنه يقول السبيل إلى معرفة علة الحديث أن يجمع بين طرقه وينظر في اختلاف رواته ويعتبر بمكانتهم من الحفظ ومنزلتهم من الإتقان.
المطلب الثاني: وسائل الكشف عن العلة:
إن كتب العلل تحمل بين طياتها صورة كاملة شاملة لما ينبغي أن يكون عليه رجل هذا الفن وأنه إن كان حصر جوانب هذه المعرفة لا يمكن في مبحث صغير فإن ذكر أهم هذه الجوانب يسير ومعقول وفيما يلي بعض هذه الجوانب.
1 -
معرفة المدارس الحديثية ونشأتها ورجالها ومذاهبها العقدية والفقهية وأثرها وتأثيرها في غيرها وما تميزت به عن غيرها، فقد نشأت للحديث مدارس في المدينة ومكة والكوفة والبصرة والشام ومصر واليمن.
وبهذه المعرفة يعالج الباحث أسانيد كثيرة فيكشف عن علتها فإذا كان الحديث كوفيا احتمل التدليس أو الرفض إن كان بصريا احتمل النصب وتأثير الإرجاء والاعتزال في إسناده فإذا روى المدنيون عن الكوفيين فإنها تختلف الاحتمالات عما
إذا روى المدنيون عن البصريين ولذلك نجد الحاكم يقول بعد ذكره علة حديث: والمدنيون إذا رووا عن الكوفيين زلقوا. أما حديث الشام عن المدارس الأخرى فأكثره ضعيف
…
2 -
معرفة من دار عليهم الإسناد وأوثق الناس فيهم وتمييز أصح الأسانيد وأضعفها وممن اهتم بهذا وأرسى قواعده علي بن المديني فنراه يقول: نظرت فإذا الإسناد يدور على ستة فلأهل المدينة ابن شهاب ولأهل مكة عمرو بن دينار ولأهل البصرة قتادة بن دعامة السدوسي ويحيى بن أبي كثير ولأهل الكوفة أبو إسحاق السبيعي وسليمان بن مهران، ثم صار علم هؤلاء الستة إلى أصحاب الأصناف ممن صنف فلأهل المدينة مالك بن أنس ومحمد بن إسحاق من أهل مكة عبد العزيز بن جريح وسفيان بن عيينة ثم انتهى علم هؤلاء الثلاثة من أهل البصرة وعلم الاثني عشر إلى ستة
…
وهكذا يمضي علي بن المديني في تأصيل هذه الخبرة الإسنادية وتفريعها. ومع ذكر الراوي فإنه يذكر أصحابه ويبين أوثقهم فيه وأكثرهم في الرواية عنه وهذا جزء هام من علم العلل
…
...
3 -
معرفة الأبواب ورجل العلل الحافظ العارف الفهم لم يصل إلى ما وصل إليه إلا بعد أن جمع الأحاديث في الأبواب وأحاديثه كما سبق وأن قلت إنها مرتبة على الأسانيد فهي أيضا مرتبة على الأبواب باب الطهارة الصلاة الزكاة وهكذا والعملية النقدية عنده هي عرض ما يسمعه على أبوابه وأصوله وبعد هذا العرض يذكر نتيجة من النتائج الكثيرة عنده معروف منكر مشهور غريب شاذ لا أصل له
…
وروي عن علي بن المديني أنه قال الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه.
4 -
معرفة المتشابه من الأسماء والكنى والألقاب:
وكتب العلل مليئة بهذا النوع كمعرفة عامة أو تطبيقية تخدم موضوع العلة ومثال ذلك ما ذكره عبد الله بن أحمد رحمه الله في العلل قال حدثني أبي قال حدثنا هشيم قال زعم لي بعضهم قال كتب الحجاج أن يؤخذ إبراهيم بن يزيد إلى عامله فلما أتاه الكتاب قال فكتب إليه إن قبلنا إبراهيم بن يزيد التيمي وإبراهيم بن يزيد النخعي فأيهما نأخذ قال فكتب أن يأخذهما جميعا هذه القصة ظاهرها أنها طرفة ومقصدها ذكر اثنين من الرواة اجتمعا في الاسم والعصر والرتبة ومن لا
يميز بينهما قد يخلط في حديثهما وقد يقول قائل ما داما ثقتين فما الضرر من هذا الخلط والجواب على ذلك أن لكل من الرجلين إسناده ولكل منهما رجاله والخلط بينهما لا يقتصر عليهما بل يتعداهما إلى بقية رجال الإسناد. وإن الباحث ليدهش وهو يجد أن أربعة عشر رجلا من الثقات يحملون اسم إبراهيم بن يزيد مما يجعل معرفة هذا الجانب ضرورية لرجل العلل حتى لا تشتبه عليه الأمور. وكما تتشابه الأسماء تتشابه الكنى ولا بد من معرفتها من قبل صاحب هذا الشأن
…
وإلى جانب التشابه في الكنى نجد الكثير من الكنى التي لم تشتهر أصحابها بها فاستغلها المدلسون ستارا لتدليسهم ولكن المعرفة الواسعة التي يتمتع بها الناقد تقف لكل ذلك بالمرصاد.
5 -
معرفة مواطن الرواة:
قال الحاكم أبو عبد الله وهو علم قد زلق فيه جماعة من كبار العلماء بما يشتبه عليهم فيه وقد يثبت هذه المعرفة في كتب العلل لارتباطها وعلاقتها الوثيقة به ففي علل أحمد ابن أبي حسن قرشي مكي هشام بن حجير مكي ضعيف الحديث ومحمد بن أبي إسماعيل شيخ كوفي ثقة وعبد الله بن سعيد بن أبي هند شيخ مديني موثق وإبراهيم بن ميسرة طائفي سكن مكة وهكذا إذ القصد هو التمثيل على هذه المعرفة لا الإحاطة بما كتب عليها فهو كثير.
6 -
معرفة الوفيات والولادات:
وعن طريق هذه المعرفة - مضافا إليها غيرها - يتأكد الناقد من السماع والمعاصرة أو ينفيهما وتجد هذه المعرفة مبثوثة في كتب العلل يقول ابن المديني مات أيوب سنة إحدى وثلاثين في الطاعون ومات يونس سنة تسع وثلاثين ومات إبراهيم النخعي سنة خمس وتسعين وقتل ابن جبير سنة خمس وتسعين وفيها مات الحجاج وهكذا. ومعرفة الولادات جانب آخر يحدد اللقاء وفترته بين الراوين فعندما يأتي حديث يرويه عبد الجبار بن وائل عن أبيه نجد النقاد يقولون عبد الجبار لم يدرك أباه ولد بعد وفاة أبيه.
7 -
معرفة من أرسل ومن دلس ومن اختلط:
وقد اعتنت كتب العلل اعتناء كبيرا بهذه المعرفة وكثيرا ما تجد فيها علل