الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإرسال والتدليس والاختلاط كما نجد تحديدات دقيقة للاختلاط وتفاوت المراسيل وما دلس من الأسانيد.
8 -
معرفة أهل البدع والأهواء:
وقد سبق وأن ذكرت أن هذه المعرفة جزء من معرفة المدارس الحديثية ولكنها هنا تهتم بالرواة كأفراد كل على حدة وقد يكون الغالب على مدرسة ما التشيع ولكن فيها الناصبي والخارجين والمعتزلي وغير ذلك. وعلى صفحات كتب العلل نجد كلاما كثيرا حول هذا الجانب مثل يونس بن عباد كان خبيث الرأي كان يزيد بن عبد الرحمن شيخا فقيرا مرجئيا.
هذه بعض جوانب المعرفة التي لا بد منها للمشتغل بالعلل وتركت غيرها لأن الموضوع لا يتسع لعلوم الحديث إذ ظهر لي بعد البحث والاستقصاء أن أكثر علوم الحديث استمد من علم العلل وأن أقدم المحاولات في هذا الميدان هي كتب ابن المديني وأحمد الترمذي وأبي زرعة وأبي حاتم وهي كتب شاملة تطبيقية. وقد قصدت من ذكر هذه الجوانب التمثيل لا الحصر ولعل أبرز ثمرات هذا الموضوع القناعة التامة بأن علم العلل عماده المعرفة المستفيضة أفقيا وعموديا وهو ما يعبر عنه بعلم الرواية والدراية ومن تتوافر له هذه المعرفة تنكشف له العلاقات بين الروايات فيصبح مجال الحديث سندا ومتنا بمتناول بصيرته وعند التعليل يستفيد من كل هذه الجوانب فجزى الله علماءنا عن أمتهم خير الجزاء فلقد والله حملوا الأمانة التي لا تحملها الجبال الراسيات].
5 - خطوات معرفة العلل:
قال هشام الحلاف: [لما كانت العلة سبباً خفياً غامضاً كان لابد من وجود طرق ترشد إلى وجودها، ووسائل تعين على الوقوف عليها، ومن خلال كلام العلماء في هذا العلم وممارستي له تبين لي أنه لا بد من عدة خطوات حتى يمكن معرفة سلامة الحديث من العلة أو وجودها فيه. وإليك هذه الخطوات:
أولاً: جمع طرق الحديث:
وقد كان المحدثون يهتمون بذلك ويؤكدون عليه:
قال أحمد: (الحديث إذا لم تُجمع طرقه لم تفهمه، والحديث يفسر بعضه
بعضاً).
وقال علي بن المديني: (الباب إذا لم تُجمع طرقه لم يتبين خطؤه).
وقال عبد الله بن المبارك: (إذا أردت أن يصح لك الحديث فاضرب بعضه ببعض).
ولهذا قال يحيى بن معين: (اكتب الحديث خمسين مرة، فإن له آفات كثيرة).
وقال أيضاً: (لو لم نكتب الحديث من ثلاثين وجهاً ما عقلناه).
وقال أيضاً: (لو لم نكتب الحديث من مائة وجه ما وقعنا على الصواب).
وقال أبو حاتم الرازي: (لو لم يُكتب الحديث من ستين وجهاً ما عقلناه).
وكان بعض الحفاظ يقول: (إن لم يكن الحديث عندي من مائة طريق فأنا فيه يتيم).
وللمحدثين في ذلك الأخبار الكثيرة، ومن ذلك:
قال ابن حبان: (سمعت محمد بن إبراهيم بن أبي شيخ الملطي يقول: جاء يحيى بن معين إلى عفان ليسمع منه كتب حماد بن سلمة، فقال له: سمعتها من أحد؟ قال: نعم، حدثني سبعة عشر نفساً عن حماد بن سلمة، فقال: والله لا حدثتك. فقال: إنما هو درهم وانحدر إلى البصرة وأسمع من التبوذكي، فقال: شأنك. فانحدر إلى البصرة وجاء إلى موسى بن إسماعيل، فقال له موسى: لم تسمع هذه الكتب من أحد؟! قال: سمعتها على الوجه من سبعة عشر نفساً وأنت الثامن عشر!. فقال: وماذا تصنع بهذا؟ فقال: إن حماد بن سلمة كان يخطئ، فأردت أن أميز خطأه من خطأ غيره، فإذا رأيت أصحابه قد اجتمعوا على شيء علمت أن الخطأ من حماد نفسه، وإذا اجتمعوا على شيء عنه وقال واحد منهم بخلافه، علمت أن الخطأ منه لا من حماد، فأميز بين ما أخطأ هو بنفسه وبين ما أخطئ عليه).
ثانياً: الموازنة بين الطرق:
وفي هذه الخطوة يتم المقارنة بين طرق الحديث بعد جمعها، فإن اتفقت الطرق ولم يوجد بينها اختلاف علمنا حينئذ سلامة الحديث من العلة.
قال ابن حجر: (السبيل إلى معرفة سلامة الحديث من العلة كما نقله المصنف