الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن هنا تزداد بصيرة في أن رسم العدالة بذلك الرسم لا يتم في حق الرواة وأن المرجع ليس إلا في ظن الصدق فإن قلت قد أبطل الله تعالى شهادة القاذف فقال (وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا) والقذف كبيرة فيلحق به سائر الكبائر في عدم القبول لأخبار مرتكبها، قلت أما أولا فإنه قياس فاسد الوضع لمصادمته آية التبين.
وثانيا إنه لا قياس لكبيرة على كبيرة لعدم معرفة الوجه الجامع وإلا لزم إيجاب حد القذف في كل كبيرة بالقياس عليه.
فالحق أن القذف لعظم حرمة المؤمنات وهتك حجاب عفتهن كانت عقوبة القاذف شديدة في الدنيا بأمرين جلده ثمانين جلدة ثم إسقاطه عن قبول الشهادة ولو في حبة خردل فلا يحلق به غيره (1).
فإن قلت وكيف يعرف أن المخبر يفيد خبره الظن فإنه إنما يعرف ذلك من خالط المخبر قلت ما يعرف به عدالة المخبرين الذين لم يلقهم المخبر له يعرف صدق المخبرين فإن معرفة أحوال الرواة من تراجمهم يفيد ذلك].
الاعتراض الرابع: القصور في تعريف التقوى:
قال الصنعاني (ص/ 47): [في رسم الحافظ للتقوى قصورا فإنها اجتناب المحرمات والإتيان بالواجبات وقد اقتصر على الفصل الأول من فصلي رسمها ومنهم من فسرها بالاحتراز عما يذم شرعا وهو صحيح شامل للأمرين].
الاعتراض الخامس: العدالة والبدعة
(2):
قال الصنعاني (ص/24: 29): [قسم الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى البدعة في النخبة إلى قسمين: إلى ما يكون بمكفر أو بمفسق، واختار في شرحها أن الأول لا يكون قادحا في الراوي إلا إذا كان ردا لأمر معلوم من الدين ضرورة أو عكسه أي إثباتا لأمر معلوم بالضرورة أنه ليس منه وإنما فسرنا العكس بهذا لأن ذكر الاعتقاد لا دخل له في كون الفعل بدعة فلا بد من حمله على إثبات أمر ليقابل
(1) - وهذه الآية في الشهادة، وقد فرق العلماء بين الشهادة والرواية من وجوه كثيرة، لعله يأتي بسطها في غير هذا الموضوع بإذن الله تعالى.
(2)
- سوف يأتي للمؤلف كلاماً عن البدعة في آخر رسالته، وسوف أتكلم عليها هناك - إن شاء الله - بأوسع من ذلك، فاللهم بلغ، وسدد، واعن يا كريم.
إنكار أمر فيكون إلماما بالأمرين اللذين هما مرجع البدعة ومنشؤها وهما النقص في الدين والزيادة فيه
…
وكان حق العبارة أن يقول أو إثبات غيره أي إثباتا لأمر في الدين معلوم بالضرورة أنه ليس منه قلت إلا أنه لا يخفى أنه من كان بهذه الصفة فهو كافر لرده ما علم من الدين ضرورة وإثباته ما ليس منه ضرورة وكلا الأمرين كفر وإنه تكذيب للشارع وتكذيبه في أي أمر علم من الدين ضرورة إثباته أو نفيه كفر فهذا ليس من محل النزاع إذ النزاع في مجرد الابتداع لا في الكافر الكفر الصريح فلا نزاع فيه وإذا كان من هو بهذه الصفة فقد جاوز رتبة الابتداع إلى أشر منه وأنه لا يرد من أهل ذلك القسم إلا هذا عرفت أنه لا يرد أحد من أهل هذا القسم وأن كل مبتدع مقبول وأما ما يكون ابتداعه بمفسق فقد اختاره لنفسه ونقله عن الجماهير أنه يقبل ما لم يكن داعية وحينئذ فرده لأجل كونه داعية إلى بدعته لا لأجل بدعته فتحصل من هذا أن كل مبتدع مقبول سواء كان بمكفر أو بمفسق واستثناؤه لمن رد ما علم فاثبت من الدين ضرورة أو زاد فيه ما ليس بضرورة ليس لأجل بدعته بل لرده وإثباته ما ليس من الدين ضرورة وكذا رد الداعية لأجل دعوته لا لأجل بدعته والكل ليس من محل النزاع، ثم لا يخفى أن الحافظ وأهل مذهبه لا يرون التكفير بالتأويل فكأنه قسم البدعة على رأي غيره
…
انتهى
ثم قال: مسألة قبول كافر التأويل وفاسقه:
وهذه هي مسألة قبول كافر التأويل وفاسقه وقد نقل صاحب العواصم إجماع الصحابة على قبول فساق التأويل من عشر طرق في كتبه الأربعة ونقل أدلة غير الإجماع واسعة إذا عرفت هذا فحق عبارة النخبة أن يقال ونقبل المبتدع مطلقا إلا الداعية]
ثم قال (ص/52 - 53): [قال في الزواجر وقد عد شيخ الإسلام الصلاح العلائي في قواعده والجلال البلقيني وغيرهما البدعة من الكبائر ولفظ الجلال البلقيني في تعداد الكبائر السادسة عشرة البدعة وهي المراد بترك السنة. إذا عرفت هذا فلا يخلو إما أن يقول قائل: المبتدع عدل وإن ابتداعه لا يخل بعدالته فهذا رجوع عن رسم العدالة بما ذكره فهذه الأحاديث وأقوال العلماء منادية على أن الابتداع من الكبائر وقد رسموا الكبيرة بما توعد عليه بخصوصه وهو صادق على