الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فائدة: أيهما أولى استعمال معلول أو معلل
؟
استعمال (معلول) أولى من استعمال بعض المحدثين (كابن الصلاح ومن جاء بعده) لـ (معلل)، إذ أن (معلل) اسم مفعول لـ (عَلَّلَ) وهو بمعنى ألهاه بالشيء وشغله به، وهذا لا يناسب المعنى الذي أراده المحدثون إلا بتجوز. ولذا انتقد هذا الاستعمال بعض المحدثين، وممن انتقده: الزركشي حيث قال: (وأما قول المحدثين: علله فلان بكذا، فهو غير موجود في اللغة، وإنما هو مشهور عندهم بمعنى ألهاه بالشيء وشغله، من تعليل الصبي بالطعام. لكن استعمال المحدثين له في هذا المعنى على سبيل الاستعارة).
وقال العراقي: (والأحسن أن يقال فيه: معل بلام واحدة، لا معلل، فإن الذي بلامين يستعمله أهل اللغة بمعنى ألهاه بالشيء وشغله به، من تعليل الصبي بالطعام، وأما بلام واحدة فهو الأكثر في كلام أهل اللغة، وفي عبارة أهل الحديث أيضاً، لأن أكثر عبارات أهل الحديث في الفعل أن يقولوا: أعله فلان بكذا، وقياسه معل، وتقدم قول صاحب المحكم أن المعروف إنما هو أعله الله فهو معل، وقال الجوهري: لا أعلك الله أي لا أصابك بعلة). وتبعهما على ذلك السخاوي وزكريا الأنصاري والصنعاني وطاهر الجزائري. ولولا خشية الإطالة لذكرت كلامهم].
3 - أسباب العلة:
…
قال د. همام في مقدمة شرح علل الترمذي (1/ 90: 118): [المبحث الأول في أسباب العلة من خلال كتاب ابن رجب: تمهيد:
لقد حاولت من خلال استقراء شرح علل الترمذي لابن رجب وغيره من كتب العلل أن أحدد أهم الأسباب التي تؤدي إلى حدوث العلة إذ الكلام عن هذه الأسباب منظما مجتمعا لم يقع لي في كتاب من الكتب التي تعرضت للعلل ومع أن كتاب ابن رجب هو كتاب العلل الوحيد الذي تكلم على العلل كعلم له قواعده وأقسامه إلا أنه لم يفصل أسباب العلل في مبحث مستقل وإنما عرض لها في مواضع متفرقة ولعل دراستنا هذه هي بداية المحاولة في هذا الترتيب النظري لعلم العلل.
وفيما يلي عرض لهذه الأسباب والكلام عليها مع ذكر كلام ابن رجب في كل
منها.
السبب العام:
هو الذي يقف وراء الكثير من هذه العلل إلا أنه الضعف البشري الذي لا يسلم منه مخلوق ولا عصمة إلا لله ولكتابه ولرسوله (1) وما وراء ذلك ناس يصيبون ويخطئون ويتذكرون وينسون وينشطون ويغفلون على ما بينهم من تفاوت في ذلك بين مكثر ومقل، ودخول الوهم والخطأ على الصحابة والتابعين والأئمة المتقدمين شيء معروف عند العامة والخاصة وقد أشار الترمذي في علله آخر الجامع إلى هذا في القسم الرابع من الرواة عنده وهم الحفاظ الذي يندر أو يقل الغلط في حديثهم وهؤلاء هم الطبقة العليا من الرواة فهو لم يصفهم بالضبط التام الكامل بل قال وإنما تفاضل أهل العلم بالحفظ والإتقان مع أنه لم يسلم من الخطأ والغلط كبير أحد من الأئمة فالضبط التام الكامل هو ضبط نسبي يدخل فيه الوهم والخطأ القليل النادر وهذا احتراز ينبغي أن يدخل صراحة في شرط رجال الصحيح وإن كان قد تناوله تعريف الحديث الصحيح بصورة غير مباشرة عند ذكرهم سلامة الحديث من الشذوذ والعلة القادحة.
وقد تناول ابن رجب في شرحه لعلل الترمذي هذا القسم الرابع الذي ذكره الترمذي بالشرح وذكر أقوال العلماء في أخطاء الثقات وأوهامهم فقال: وذكر الترمذي ههنا حكم القسم الرابع وهم الحفاظ المتقنون الذين يقل خطؤهم وذكر أنه لم يسلم من الخطأ كبير أحد من الأئمة على حفظهم.
وقال ابن معين: من لم يخطئ في الحديث فهو كذاب.
وقال أيضا: لست أعجب ممن يحدث فيخطئ إنما أعجب ممن يحدث فيصيب.
وقال ابن المبارك: ومن يسلم من الوهم، وقد وهمت عائشة جماعة من الصحابة في رواياتهم وقد جمع بعضهم جزءا في ذلك. ووهم سعيد بن المسيب ابن عباس في قوله تزوج النبي ميمونة وهو محرم
…
(1) - وإجماع الأمة لقوله صلى الله عليه وسبم: (لا تجتمع أمتي على ضلالة).
وأما أوهام كبار أئمة الحديث فقد ذكر ابن رجب أقوالا فيها:
قال أحمد: كان مالك من أثبت الناس وكان يخطئ.
وقال البرذعي شهدت أبا زرعة وذكر عبد الرحمن بن مهدي ومدحه وأطنب في مدحه وقال: وهم في غير شيء ثم ذكر عدة أسماء صحفها، وهذه الأسماء ورد النص بها في كتاب البرذعي، وهي: قول ابن مهدي شهاب بن شريفة وإنما هو شهاب بن شرنقة، وقال عن هشام عن الحجاج عن عائذ بن بطة، وإنما هو ابن نضلة. وقال: قيس بن جبير وإنما هو قيس بن حبتر (وزن جعفر) التميمي
…
ونختم هذا السبب العام الذي لا يكاد يخرج من تأثيره أحد من الحفاظ بما ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل وهو نص يؤكد وقوع بعض الأوهام في روايات الحفاظ ويكشف عن القدر من الخطأ الذي يبقى معه الحافظ الضابط الإمام على رتبته في الإمامة والضبط: (أنا) أبي أخبرنا سليمان بن أحمد الدمشقي قال قلت لعبد الرحمن بن مهدي اكتب عمن يغلط في عشرة قال نعم قيل له يغلط في عشرين قال نعم قلت فثلاثين قال نعم قلت فخمسين قال نعم.
وهكذا فإنه يمكننا أن نرجع قسما لا بأس به من علل الحديث لأخطاء مثل هؤلاء الجهابذة ويعتبر كشف هذه العلل من أعلى مراتب هذا العلم وذلك لخفائها واستتارها بمنزلتهم في الحفظ والضبط
…
السبب الثاني:
هو ما اتصف به بعض رواة الآثار من خفة الضبط، وكثرة الوهم مع بقاء عدالتهم وهؤلاء هم الذين ذكرهم الترمذي في علله (آخر الجامع) بقوله: أهل صدق وحفظ ولكن يقع الوهم في حديثهم كثيرا.
وعلى أسلوب ابن رجب في توليد الموضوعات من الكلمات فقد شرح عبارة الترمذي وحشد لها عيون الشواهد من كلام أرباب هذه الصنعة فقال: (وهم أيضا أهل صدق وحفظ ولكن يقع الوهم في حديثهم كثيرا ولكن ليس هو الغالب عليهم وهذا هو القسم الذي ذكره الترمذي ههنا وذكر عن يحيى بن سعيد أنه ترك حديث هذه الطبقة. وعن ابن المبارك وابن مهدي ووكيع وغيرهم أنهم حدثوا عنهم وهو أيضا رأي سفيان وأكثر أهل الحديث والمصنفين منهم في السنن والصحاح كمسلم
بن الحجاج وغيره فإنه ذكر في مقدمة كتابه أنه لا يخرج حديث من هو متهم عند أهل الحديث أو عند أكثرهم ولا من الغالب على حديثه المنكر أو الغلط. وذكر قبل ذلك أنه يخرج حديث أهل الحفظ والإتقان وأنهم على ضربين:
أحدهما من لم يوجد في حديثه اختلاف شديد ولا تخليط فاحش.
والثاني من هو دونهم في الحفظ والإتقان وشملهم اسم الصدق والستر وتعاطى العلم كعطاء بن السائب ويزيد بن أبي زياد وليث بن أبي سليم).
من كل هذا نعلم أن حديث هؤلاء الذين كثر غلطهم مقبول عند جماهير علماء الحديث ولا يعني قبول حديثهم أن يؤخذ دونما تمييز بين الصواب والخطأ بل استطاع النقاد أن يحصوا ما لهم من أوهام ويسجلوا شوارد أخبارهم شواذها فكان نصيب كتب العلل من هذه الأوهام كبيرا وكثيرا ما نقرأ الحديث في هذه الكتب ثم تذكر علته ويقال بعد ذلك أخطأ فيه شريك وهم فيه عطاء الخراساني وهكذا.
وقد ذكر ابن رجب في شرحه لعلل الترمذي عددا من هؤلاء الثقات الذين يكثر الخطأ في حديثهم مع ترجمة قصيرة لكل منهم فأنار سبيل سالك هذا الدرب بمعرفتهم وأتاح لدارسي الكتاب فرصة كشف كثير من العلل، فذكر من هذا الصنف محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي، وعبد الرحمن بن حرملة المدني، وشريك بن عبد الله النخعي قاضي الكوفة، وأبا بكر بن عياش المقرئ الكوفي، والربيع بن صبيح ومبارك بن فضالة، وسهيل بن أبي صالح، ومحمد بن إسحاق، ومحمد بن عجلان، وحماد بن سلمة وغيرهم
…
السبب الثالث: الاختلاط أو الآفة العقلية:
وقد تكلم ابن رجب عن هذا السبب أثناء الكلام عن اختلاط المشاهير من الثقات
…
مفهوم الاختلاط:
والاختلاط آفه عقلية تورث فسادا في الإدراك وتصيب الإنسان في آخر عمره أو تعرض له بسبب حادث ما كفقد عزيز أو ضياع مال ومن تصيبه هذه الآفة لكبر سنة يقال فيه: اختلط بأخرة.
ورغم أن كثيرا من الناس يختلطون إلا أن الاختلاط إذا أطلق انصرف إلى فئة