الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المنطوق].
ومما يوضح ضررة التنصيص على اشتراط الضبط في الحديث الصحيح وعدم الاكتفاء بنفي الشذوذ أنه ليس كل مخالفة تكون شاذة، فقد تكون الزيادة في المتن بيانية، وفي السند من المزيد في متصل الأسانيد، فالاقتصار على اشتراط الخلو من الشذوذ دون الضبط يفتح المجال للاختلاف في شروط الحديث الصحيح تبعا للاختلاف في حقيقة الشاذ وضوابط رد الزيادات أو قبولها، بخلاف التنصيص على ضبط الراوي فهو محل اتفاق بين العلماء.
أضف إلى أنه قد يفهم من اشتراط نفي الشذوذ دون التصريح باشتراط الضبط أنه يشترط في الحديث الصحيح أن يكون له طرق سالمة من المخالفة، فلا يشمل الأحاديث الغريبة.
المسألة الثالثة: الكلام على العلة
(1):
1 - معنى العلة:
أ - لغة:
قال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة مادة (عل): [(عل) العين واللام أصول ثلاثة صحيحة: أحدها تكرُّرٌ أو تكرير، والآخر عائق يعوق، والثالث ضَعف في الشَّيء.
فالأوَّل العَلَل، وهي الشَّرْبة الثانية. ويقال عَلَلٌ بعد نَهَل. والفعل يَعُلُّون عَلاًّ وعَلَلاً، والإبل نفسها تَعُلّ عَلَلا. قال:
عافَتا الماءَ فلم نُعْطِنْهُما
…
...
…
إنَّما يُعْطِن من يرجو العَلَلْ
وفي الحديث: " إذا عَلَّهُ ففيه القَود "، أي إذا كرَّر عليه الضَّربَ. وأصله في المشْرَب. قال الأخطل:
(1) - الإمام الذهبي رحمه الله لم يفرد الكلام على الحديث المُعل، ولكنه ذكره مساوياً بينه وبين المضطرب، وحقيقة الأمر أن المضطرب داخل في قسم العلل، ولذا فإنني رأيت أنه من الفائدة هنا الكلام على الحديث المُعل بشيء من التفصيل؛ وذلك لأن العلة هي دعامة هذا العلم، وقد أهمل الكثيرون إعمالها من الناحية العملية، أو أنهم تبنوا فيه قولاً جانبه الصواب، ولذا فإنني رأيت أن أدون هنا شتات ما تفرق - مما وقفت عليه - حول هذا الموضوع، والله المستعان.
إذا ما نديمي عَلَّنِي ثمَّ عَلَّني
…
...
…
ثلاثَ زُجاجاتٍ لهنَّ هديرُ
ويقال أعلَّ القومُ، إذا شربت إبلُهم عَلَلا. قال ابنُ الأعرابيّ: في المثل: "ما زيارتُك إيّانا إلَاّ سَوْمَ عالَّة" أي مثل الإبل التي تَعُلّ. و"عَرَض عليه سَوْم عالّة". وإنّما قيل هذا لأنها إذا كرَّرَ عليها الشُّرْب كان أقلَّ لشُربها الثاني.
ومن هذا الباب العُلَالة، وهي بقيّة اللَّبن. وبقيّةُ كلِّ شيء عُلالة، حتى يقالُ لبقيّة جَري الفرس عُلالة.
قال:
إلاّ عُلالة أو بُدَاهةَ
…
...
…
قارحٍ نهدِ الجُزارَه
وهذا كلُّه من القياس الأول؛ لأنَّ تلك البقيَّة يُعاد عليها بالحلب. ولذلك يقولون: عالَلْتُ النّاقة، إذا حَلبتها ثم رفَقت بها ساعةً لتُفِيق، ثم حلبتها، فتلك المُعَالّة والعِلَال. واسم اللَّبن العُلالة. ويقال إنَّ عُلالَة السَّير أن تظنَّ الناقةَ قد ونت فتضربَها تستحثُّها في السَّير. يقال ناقةٌ كريمة العُلالة. وربما قالوا للرّجُل يُمدح بالسَّخاء: هو كريم العُلالة، والمعنى أنَّه يكرِّر العطاءَ على باقي حالِه. قال:
فإلَاّ تكنْ عُقبي فإنَّ عُلَالةً
…
على الجهد من ولد الزّناد هَضومُ
وقال منظور بن مَرثد في تعالِّ النّاقة في السَّير:
وقد تعاللتُ ذَمِيل العَنْسِ
…
...
…
بالسَّوط في ديمومةٍ كالتُّرْسِ
…
والأصل الآخَر: العائق يعوق. قال الخليل: العِلّة حدَثٌ يَشغَلُ صاحبَه عن وجهه. ويقال اعتلَّه عن كذا، أي اعتاقه. قال: فاعتلَّهُ الدّهرُ وللدّهرِ علَلْ.
والأصل الثالث: العِلّةُ: المرض، وصاحبُها مُعتلّ. قال ابنُ الأعرابيّ: عَلّ المريض يَعِلُّ عِلّة فهو عليل. ورجل عُلَلَة، أي كثير العِلَل.
ومن هذا الباب وهو باب الضَّعف: العَلُّ من الرِّجال: المُسِنّ الذي تَضاءل وصغُر جسمُه. قال المتَنَخِّل:
ليس بعلٍّ كبيرٍ لا حَرَاكَ به
…
...
…
لكن أُثيلةُ صافي اللَّوْن مقتَبَلُ
قال: وكلُّ مسِنٍّ من الحيوان عَلٌّ. قال ابنُ الأعرابيّ: العَلّ: الضعيف من كِبرَ أو مرض. قال الخليل: العَلُّ: القُرَاد الكبير. ولعلّه أن يكون ذهب إلى أنّه الذي أتت عليه مُدّةٌ طويلةٌ فصار كالمُسِنّ].