الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسبب أنه دخل في شيء من عمل السلطان، وقد احتج به الجماعة " (1).
4 -
خالد بن مهران الحذاء:
أحد الأثبات، وثقة أحمد وابن معين والنسائي وابن سعد، وتكلم فيه شعبة وابن علية. إما لكونه دخل في شيء من عمل السلطان، أو كما قال حماد بن زيد، قدم خالد قدمة من الشام، فكأنما أنكرنا حفظه " (2). فلم يعتبر ذلك البخاري ولا غيره قادحاً فيه، فقد روى له هو وسائر الجماعة.
5 -
عاصم بن سليمان الأحول:
ثقة، حافظ. وثقة أحمد وابن معين، والعجلي وابن المديني وغيرهم، وتركه وهيب لأنه أنكر بعض سيرته. قال الحافظ:" كان يلي الحسبة بالكوفة قال ابن سعد "(3) ونجد الإمام البخاري قد وثقه وروى له في صحيحه ولم يلتفت إلى ما قيل فيه.
6 -
عبد الله بن ذكوان:
أبو الزناد المدني: أحد الأئمة الأثبات الفقهاء، ويقال إن مالكاً كرهه لأنه كان يعمل للسلطان (4) لكن نجد البخاري قد وثقه وروى له، وكذا سائر الجماعة.
7 -
مروان بن الحكم:
تكلم فيه من أجل الولاية، لكن لم ير الأئمة ذلك قادحاً في عدالته، فقد روى له البخاري أحاديثه التي رواها عنه سهل بن سعد الساعدي، وعروة بن الزبير، وعلي بن الحسين، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، وقد اعتمد مالك رأيه وحديثه وكذا بقية الجماعة سوى مسلم (5).
المسألة الثالثة:
أخذ الأجرة على التحديث
.
في هذه المسألة قولان للعلماء: قول بالمنع، وآخر بالجواز.
(1) المصدر نفسه ص419.
(2)
المصدر نفسه ص420.
(3)
هدي الساري ص432.
(4)
المصدر نفسه ص433.
(5)
المصدر نفسه ص466.
القول الأول:
من أخذ على التحديث أجراً فلا تقبل روايته، وإليه ذهب الإمام أحمد وإسحاق
بن راهويه، وأبو حاتم الرازي، وحماد بن سلمة، وسليمان بن حرب وغيرهم (1).
القول الثاني:
قبول رواية من أخذ على التحديث أجراً، وممن ذهب إلى هذا القول: أبو نعيم الفضل بن دكين، وعفان بن مسلم، وعلي بن عبد العزيز المكي البغوي، ومجاهد بن جبر، وعكرمة، وطاووس، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، وهشام بن عمار وغيرهم (2).
والظاهر أنه لا تعارض بين هذه الأقوال إذ المنع مرتب على ما يمكن أن يجر إليه أخذ العوض على التحديث من التكثر في الرواية المفضي إلى الكذب، والجواز محمول على من هو ثقة ثبت له عذر في أخذ العوض كأن يكون فقيراً، وله عيال يجب عليه مؤونتهم، وانقطاعه للتحديث يؤدي إلى ترك الكسب لهم، وإلى هذا نبّه الإمام السخاوي رحمه الله حيث قال:" قال حنبل بن إسحاق: سمعت أبا عبد الله - يعني الإمام أحمد - يقول: شيخان كان الناس يتكلمون فيهما ويذكرونهما، وكنا نلقى من الناس في أمرهما ما الله به عليم، قاما لله بأمر لم يقم به أحد، أو كبير أحد، مثل ما قاما به: عفان، وأبو نعيم. يعني بقيامهما عدم الإجابة في المحنة، وبكلام الناس من أجل أنهما كانا يأخذان على التحديث. ووصف أحمد مع هذا عفان بالمتثبت. وقيل له: من تابع عفان على كذا؟ فقال: وعفان يحتاج إلى أن يتابعه أحد، وأبا نعيم الحجة الثبت، وقال مرة أنه يزاحم به ابن عيينة، وهو على قلة روايته أثبت من وكيع، إلى غير ذلك من الروايات عنه، بل وعن أبي حاتم في توثيقه وإجلاله، فيمكن الجمع بين هذا، وإطلاقهما كما مضى أولاً، عدم الكتابة بأن ذلك في حق من لم يبلغ هذه المرتبة في الثقة والتثبت، والأخذ مختلف في الموضعين "(3).
(1) انظر: الكفاية ص184 - 186، وعلوم الحديث ص107.
(2)
انظر: الكفاية ص187 - 188، وعلوم الحديث ص107، وفتح المغيث: ج1 ص378.
(3)
فتح المغيث: ج1 ص378.
وواضح أن الإمام البخاري يذهب إلى هذا الرأي، فقد روى عن شيوخ يأخذون الأجرة على التحديث منهم:
1) أبو نعيم الفضل بن دكين (1).
2) عفان بن مسلم (2).
3) يعقوب بن إبراهيم بن كثير الدروقي (3): الحافظ المتقن صاحب المسند. فقد روى النسائي عنه - في سننه - حديث يحي بن عتيق عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة. رفعه: " لا يبولن أحدكم في الماء الدائم (4)
…
"، وقال عقبه: إنه لم يكن يحدث به إلا بدينار، ومع ذلك روى له البخاري والجماعة.
4) هشام بن عمار (5): قال ابن عدي: سمعت قسطنطين يقول: حضرت مجلسه فقال له المستملي من ذكرت؟ فقال له: بعض مشايخنا، ثم نعس فقال له المستملي: لا تنتفعون به. فجمعوا له شيئاً فأعطوه فكان بعد ذلك يملي عليهم، بل قال الإسماعيلي عن عبد الله بن محمد بن سيار. إن هشاماً كان يأخذ على كل ورقتين درهمين ويشارط، لذلك قال ابن وارة: عزمت زماناً أن أمسك عن حديث هشام. لأنه كان يبيع الحديث، وقال صالح بن محمد (6): إنه كان لا يحدث ما لم
5)
(1) اسمه: عمرو بن حماد بن زهير بن درهم التميمي، أحد الأئمة، من شيوخ البخاري، مات سنة 218هـ ترجمته في: تهذيب التهذيب ج8 ص243. وتاريخ بغداد ج6 ص346، والعبر: ج1 ص377.
(2)
أحد الأعلام، قال العجلي: ثقة ثبت صاحب سنة. مات سنة 219هـ، ترجمته في: تاريخ بغداد: ج12 ص269، وتذكرة الحفاظ: ج1 ص379، وشذرات الذهب: ج2 ص47.
(3)
كان أحد الحفاظ المتقنين، صنف " المسند "، مات سنة 252هـ، ترجمته في: تذكرة الحفاظ: ج2 ص505.
(4)
أخرجه النسائي في كتاب الطهارة، باب الماء الدائم (1/ 49) حديث رقم (59).
(5)
هشام بن عمار بن نصير بن مسيرة الدمشقي، روى عن مالك وخلق، وروى عنه البخاري وغيره. مات سنة (245هـ). ترجمته في: تذكرة الحفاظ: ج2 ص451 - وشذرات الذهب: ج2 ص109.
(6)
صالح بن محمد بن عمر بن حبيب الأسدي مولاهم البغدادي المعروف بصالح جزرة، نزيل بخاري. قال الإدريسي: ما أعلم في عصره بالعراق ولا بخرسان مثله في الحفظ. مات سنة
(293هـ)، ترجمته في: تذكرة الحفاظ: ج2 ص641 وتاريخ بغداد: ج9 ص322.
6) يأخذ (1). ومع هذا كله لم ير الإمام البخاري ذلك قادحاً في عدالته فقد روى له في "صحيحه ". وكذا روى له أصحاب السنن.
الربط بين العدالة والمروءة والكذب:
بعد مناقشة شروط العدالة والكلام على المروءة يتأكد عندما مبدأ أن هذه الشروط التي تكلمنا عنها لإنها هي لحدوث ثقة واطمئنان في النفس لصدق الراوي، وأن إرتكاب بعض الكبائر كسب الصحابة والبدعة لا يقدح في هذا التلازم ولا يمنع من ترجيح جانب صدقهم وقبول روايتهم.
قال موفق الدين في "المغني"(10/ 149): (وقد روى أبو مسعود البدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:» إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى، إذا لم تستح فاصنع ما شئت «. يعني من لم يستح صنع ما شاء. ولأن المروءة تمنع الكذب، وتزجر عنه، ولهذا يمتنع منه ذو المروءة وإن لم يكن ذا دين. وقد روي عن أبي سفيان، أنه حين سأله قيصر عن النبي صلى الله عليه وسلم وصفته فقال: والله لولا أني كرهت أن يؤثر عني الكذب، لكذبته. ولم يكن يومئذ ذا دين. ولأن الكذب دناءة، والمروءة تمنع من الدناءة. وإذا كانت المروءة مانعة من الكذب، اعتبرت في العدالة كالدِّين).
قال الآمدي في "إحكام الأحكام"(2/ 77): (وأما بعض الصغائر فما يدل فعله على نقض الدين، وعدم الترفع عن الكذب وذلك كسرقة لقمة، والتطفيف بحبة، واشتراط أخذ الأجرة على إسماع الحديث ونحوه. وأما بعض المباحات فيما يدل على نقص المروءة، ودناءة الهمة، كالأكل في السوق والبول في الشوارع وصحبة الأراذل، والإفراط في المزح. ونحو ذلك مما يدل على سرعة الإقدام على الكذب، وعدم الاكتراث به. ولا خلاف في اعتبار اجتناب هذه الأمور في العدالة المعتبرة في قبول الشهادة والرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن من لا يجتنب هذه الأمور أحرى أن لا يجتنب الكذب، فلا يكون موثوقا بقوله).
قال الشيخ مشهور في "المروءة"(ص/289): (المروءة تمنع من الكذب
(1) فتح المغيث: ج3 ص379.