الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7 - اشتراط ثبوت السماع:
قال السيوطي (1/ 70): [ومنها اشتراط البخاري ثبوت السماع لكل راو من شيخه ولم يكتف بإمكان اللقاء والمعاصرة كما سيأتي وقيل إن ذلك لم يذهب أحد إلى أنه شرط الصحيح بل للأصحية]
والكلام على شرط البخاري سيأتي - إن شاء الله - في محله من الرسالة.
8 - اشتراط العدد:
قال ابن حجر في النكت: (1/ 238: 247): في مبحث " اشتراط العدد لقبول الحديث لم يصرح به أحد من المحدثين ": [1 - قوله - أي العراقي -: " وكأن البيهقي رآه في كلام أبي محمد الجويني فنبه على أنه لا يعرف عن أهل الحديث ".
يعني اشتراط العدد في الحديث المقبول بأن يرويه عدلان عن عدلين حتى يتصل مثنى مثنى برسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ انتهى.
وهذا إن كان الشيخ أراد بأنه لا يعرف التصريح به من أحد أهل الحديث فصحيح، وإلا فذلك موجود في كلام الحاكم أبي عبد الله الحافظ في المدخل. وقد نقله عنه الحازمي لما ذكر أن الحديث الصحيح ينقسم أقساماً وأعلاماً شرط البخاري ومسلم، وهي الدرجة الأولى من الصحيح، وهو أن يرويه عن رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ صحابي زائل عنه اسم الجهالة. بأن يروي عنه تابعيان عدلان ثم يرويه عنه التابعي المشهور بالرواية عن الصحابة، وله راويان ثقتان، ثم يرويه عنه من أتباع التابعين، حافظ متقن، وله رواة ثقات من الطبقة الرابعة، ثم يكون شيخ البخاري أو مسلم حافظاً مشهوراً بالعدالة في روايته. (وله رواة ثم يتداوله أهل الحديث بالقبول إلى وقتنا كالشهادة على الشهادة)(1).
وقال في كتاب علوم الحديث له ((وصفة الحديث الصحيح أن يرويه)) ثم ساق نحو ذلك لكن لم يتعرض لعدد معين فيمن بعد التابعين.
(1) - قال د. ربيع: وما بين القوسين لم يذكر فيما نقله عنه الحازمي، وقد راجعت المدخل ص7 فلم أجده فيه وهو موجود في معرفة علوم الحديث فظنه الحافظ في المدخل وليس كذلك.
وقد فهم الحافظ أبو بكر الحازمي من كلام الحاكم أن ادعى أن الشيخين لا يخرجان الحديث إذا انفرد به أحد الرواة فنقض عليه بغرائب الصحيحين.
والظاهر أن الحاكم لم يرد ذلك وإنما أراد كل راو في الكتابين من الصحابة فمن بعدهم يشترط أن يكون له راويان في الجملة، لا أنه يشترط أن يتفقا في رواية ذلك الحديث بعينه عنه، إلا أن قوله في آخر الكلام. ثم يتداوله أهل الحديث كالشهادة على الشهادة.
إن أراد به تشبيه الرواية بالشهادة من كل وجه فيقوى اعتراض الحازمي وإن أراد به تشبيهها بها في الاتصال والمشافهة، فقد ينتقض عليه بالإجازة والحاكم قائل بصحتها. وأظنه إنما أراد بهذا التشبيه أصل الاتصال (والإجازة عند المحدثين لها حكم الاتصال) والله أعلم.
ولا شك أن الاعتراض عليه في علوم الحديث أشد من الاعتراض عليه بما في المدخل، لأنه جعل في المدخل هذا شرطاً لأحاديث الصحيحين.
وفي العلوم جعله شرطاً للصحيح في الجملة. وقد جزم أبو حفص الميانجي بزيادة على ما فهمه الحازمي من كلام الحاكم.
" زعم الميانجي أن الشيخين يشترطان العدد في صحة الحديث في كتابيهما: " فقال في (كتاب ما لا يسع المحدث جهله) إن شرط الشيخين في صحيحهما ـ أن لا يدخلا فيه إلا ما صح عندهما، وذلك ما رواه عن رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ اثنان فصاعداً وما نقله عن كل واحد من الصحابة أربعة من التابعين فأكثر، وأن يكون عن كل واحد من التابعين أكثر من أربعة". فهذا الذي قاله الميانجي مستغن بحكايته عن الرد عليه فإنهما لم يشترطا ذلك ولا واحد منهما.
وكم في الصحيحين من حديث لم يروه إلا صحابي واحد، وكم فيهما من حديث لم يروه إلا تابعي واحد. وقد صرح مسلم في صحيحه ببعض ذلك. وإنما حكيت كلام الميانجي هنا، لأتعقبه لئلا يغتر به.
" اشتراط ابن علية وغيره العدد في صحة الحديث: "
وأما اشتراط العدد في الحديث الصحيح، فقد قال به قديماً إبراهيم بن إسماعيل بن علية وغيره.
وعقد الشافعي في ((الرسالة)) باباً محكماً لوجوب العمل بخبر الواحد، وخبر الواحد عندهم هو: ما لم يبلغ درجة المشهور سواء رواه شخص واحد أو أكثر. ورأيت في بعض تصانيف الجاحظ أحد المعتزلة أن الخبر لا يصح عندهم إلا إن رواه أربعة. وعن أبي علي الجبائي أحد المعتزلة ـ أيضاً ـ فيما حكاه أبو الحسين البصري في المعتمد ((أن الخبر لا يقبل إذا رواه العدل الواحد إلا إذا انضم إليه خبر عدل آخر. أو عضده موافقة ظاهر الكتاب، أو ظاهر خبر آخر. أو يكون منتشراً بين الصحابة، أو عمل به بعضهم)).
وأطلق الأستاذ أبو منصور التميمي عنه أنه اشترط الاثنين عن الاثنين والحق عنه التفصيل الذي حكيناه.
واحتج على ذلك:
1 -
بقصة ذي اليدين وكون النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ توقف في خبره حتى تابعه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما وغيرهما.
2 -
وقصة أبي بكر رضي الله عنه حين توقف في حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه في ميراث الجدة حتى تابعه محمد بن مسلمة.
3 -
وقصة عمر رضي الله عنه في توقفه في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه في الاستئذان حتى تابعه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه وغير ذلك.
4 -
وقول على بن أبي طالب رضي الله عنه ((كنت إذا حدثني رجل استحلفته فإن حلف لي صدقته)).
والجواب: عن ذلك كله واضح.
أما قصة ذي اليدين: فإن النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ إنما توقف فيه للريبة الظاهرة، لأنه أخبر النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ عن فعل نفسه وكان ثم جماعة من أكابر الصحابة رضي الله عنهم ولم يذكره أحد منهم سواء، فكان موجب التوقف قوياً. وقد قبل خبر غيره على انفراده عند انتفاء الريبة في جملة من الوقائع.
وأما قصة المغيرة رضي الله عنه فإن أبا بكر الصديق ـ رضي الله