الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (1)، قَالَ: فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ منذ/ فارقتهم) (2).
/فإن كان المراد (بأصحابه)(3) الأمة، فالحديث موافق لما قبله (في المعنى) (4) (وهو) (5):(كذلك إن شاء الله، وإن كان اللفظ يعطي أن الأصحاب هم الذين لقوه صلى الله عليه وسلم لأجل قوله في الحديث قَبْلَهُ)(6): (بَلْ أَنْتُمْ أَصْحَابِي وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يأتوا بعد)، فلا بد مِنْ تَأْوِيلِهِ عَلَى أَنَّ الْأَصْحَابَ يَعْنِي بِهِمْ من آمن به فِي حَيَاتِهِ وَإِنْ لَمْ يَرَهُ، وَيَصْدُقُ لَفْظُ المرتدين على أعقابهم على (المرتدين)(7) / بَعْدَ مَوْتِهِ (أَوْ مَانِعِي)(8) الزَّكَاةِ تَأْوِيلًا عَلَى أَنَّ أَخْذَهَا/ إِنَّمَا كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَحْدَهُ، فَإِنَّ عَامَّةَ أَصْحَابِهِ (الذين)(9) رأوه وأخذوا عنه (برءاء)(10) من ذلك رضي الله عنهم.
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ:
فِي تَعْيِينِ (هَذِهِ)(11) الْفِرَقِ:
وَهِيَ مَسْأَلَةٌ ـ كَمَا قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ (12) ـ طَاشَتْ فِيهَا أَحْلَامُ الْخَلْقِ، فَكَثِيرٌ مِمَّنْ تَقَدَّمَ وَتَأَخَّرَ مِنَ الْعُلَمَاءِ عيَّنوها، (لَكِنْ فِي الطَّوَائِفِ الَّتِي خَالَفَتْ فِي مَسَائِلِ الْعَقَائِدِ، فَمِنْهُمْ مَنْ عَدَّ أُصُولَهَا ثَمَانِيَةً)(13)، فقال: كبار الفرق الإسلامية ثمانية ـ المعتزلة، والشيعة، والخوارج، والمرجئة، والنجارية، والجبرية، والمشبهة، والناجية.
/فَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ فَافْتَرَقُوا إِلَى عِشْرِينَ فِرْقَةً وَهُمُ: (الواصلية)(14)،
(1) سورة المائدة: الآية (117 ـ 118).
(2)
تقدم تخريجه (1 124).
(3)
في سائر النسخ ما عدا (غ): "بالصحابة".
(4)
زيادة من (غ) و (ر).
(5)
وفي (ت): "وهو قوله".
(6)
ما بين () زيادة من (غ) و (ر).
(7)
في (غ) و (ر): "من أتوا".
(8)
في (غ) و (ر): "ومنع". وفي (م): "أو منع". وفي (خ): "أو مانع".
(9)
زيادة من (غ) و (ر) و (ت).
(10)
في (ط) و (خ): "براءة". وفي (م): "براء".
(11)
ساقط من (غ) و (ر).
(12)
انظر: الحوادث والبدع (ص97).
(13)
ما بين القوسين ساقط من (ت).
(14)
في (غ): "الواصلة". وكتب فوق الكلمة في (ر): "واصل بن عطاء الغزال، وكذلك=
وَالْعَمْرِيَّةُ (1)، وَالْهُذَيْلِيَّةُ (2)، (وَالنَّظَامِيَّةُ)(3)، وَالْأَسْوَارِيَّةُ (4)، وَالْإِسْكَافِيَّةُ (5)، وَالْجَعْفَرِيَّةُ (6)(وَالْبِشْرِيَّةُ)(7)، والمردارية (8)، والهشامية (9)، والصالحية (10)، (والخطَّابية)(11)(والحدثية)(12)، وَالْمَعْمَرِيَّةُ (13)، وَالثُّمَامِيَّةُ (14)، وَالْخَيَّاطِيَّةُ (15)، وَالْجَاحِظِيَّةُ (16)، وَالْكَعْبِيَّةُ (17)، والجبَّائية (18)، (وَالْبَهْشَمِيَّةُ)(19).
وَأَمَّا الشِّيعَةُ فَانْقَسَمُوا/ أَوَّلًا ثَلَاثَ فِرَقٍ: غُلَاةٌ، وَزَيْدِيَّةٌ، وَإِمَامِيَّةٌ.
فَالْغُلَاةُ ثَمَانَ عَشْرَةَ فِرْقَةً وَهُمْ: (السبائية)(20)، وَالْكَامِلِيَّةُ (21)، وَالْبَيَانِيَّةُ، وَالْمُغِيرِيَّةُ (22)، وَالْجَنَاحِيَّةُ (23)، وَالْمَنْصُورِيَّةُ (24)، وَالْخَطَّابِيَّةُ (25)(وَالْغُرَابِيَّةُ)(26)، والذمية (27)، (والهشامية)(28)، والزرارية (29)،
=كتب فوق أكثر الفرق، ولذلك سأكتب في الهامش ما كُتب في نسخة (ر) دون الإشارة إلى أنها من نسخة (ر) اكتفاءً بما ذكر هنا"، والله الموفق.
(1)
عمرو بن عبيد.
(2)
أبو الهذيل.
(3)
ساقط من (غ) و (ر).
(4)
علي الأسواري.
(5)
أبو جعفر الإسكافي.
(6)
جعفر بن مبشر.
(7)
في (م) و (خ) و (ت): "السرسية"؟ فوقها في (ر): "بشر بن المعتمر".
(8)
عيسى بن صبيح المردار.
(9)
في (م) و (خ) و (غ) و (ر): "والهاشمية". وفوقها في (ر): "أصحاب هشام بن عمر".
(10)
في (م) و (خ) و (غ): "والمصالحية". وفوقها في (ر): "الصالحي".
(11)
في (غ) و (ر): "والحاطبية" وفي باقي النسخ: والخطابية. ولعل الصواب: الخابطية وهي من فرق المعتزلة كما في الملل والنحل للشهرستاني (1 74).
(12)
في (م) و (خ) و (ت): "والحدية". في (ط): "والحدبية".
(13)
معمر بن عباد.
(14)
ثمامة بن أشرس.
(15)
الحسن بن خياط.
(16)
عمرو بن بحر الجاحظ.
(17)
أبو القاسم الكعبي.
(18)
أبو علي الجبائي.
(19)
في (م): "والنهشمية". وفي (خ) و (ت): "والنهشية". وفوقها في (ر): "أبو هاشم".
(20)
في (ط): "السرسية"، وفي (م):"السسه". وفي (خ) و (ت): "الساسة". وفوقها في (ر): "عبد الله بن سبأ".
(21)
شعيب بن أبي كامل.
(22)
المغيرة بن سعد العجلي.
(23)
عبد الله بن معاوية ذي الجناحين.
(24)
ابن أبي منصور العجلي.
(25)
لأبي الخطاب الأسدي.
(26)
في (م) و (خ) و (ت): "والغوالية".
(27)
ذموا الرسول.
(28)
في (غ): "والهاشمية" هشام بن الحكم.
(29)
زرارة بن أعين.
وَالْيُونُسِيَّةُ (1)،/ وَالشَّيْطَانِيَّةُ (2)، وَالرِّزَامِيَّةُ، وَالْمُفَوِّضَةُ (3)، وَالْبَدَائِيَّةُ (4)، (وَالنُّصَيْرِيَّةُ)(5)، وَالْإِسْمَاعِيلِيَّةُ (6) وهم: الباطنية (7)، والقرمطية (8)، والخرمية، والسبعية (9)، والبابكية (10)، (والمحمرة)(11).
وَأَمَّا الزَّيْدِيَّةُ فَهُمْ ثَلَاثُ فِرَقٍ: الْجَارُودِيَّةُ (12)، وَالسُّلَيْمَانِيَّةُ، والبترية.
وأما الإمامية ففرقة واحدة، فالجميع ثنتان وَأَرْبَعُونَ فِرْقَةً.
وَأَمَّا الْخَوَارِجُ فَسَبْعُ فِرَقٍ، وَهُمُ:(المحكمة)(13)، والبيهسية، والأزارقة (14)، (والنجدات والصفرية)(15)، والأباضية (أربع فرق وهم) (16): الْحَفْصِيَّةُ (17)، وَالْيَزِيدِيَّةُ (18)، (وَالْحَارِثِيَّةُ)(19)، وَالْمُطِيعِيَّةُ (20).
//وَأَمَّا الْعَجَارِدَةُ فَإِحْدَى عشر فرقة وهم: الميمونية (21)،
(1) يونس بن عبد الرحمن.
(2)
شيطان الطاق.
(3)
زعموا أن الله خلق محمداً ثم فوّض إليه خلق الدنيا.
(4)
أجازوا البداء.
(5)
في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "النصرية".
(6)
إسماعيل بن جعفر.
(7)
لدعواهم الباطن.
(8)
أصحاب قرمط بن عبد الله بن ميمون.
(9)
قولهم: سبعة أئمة في كل دور، أو تريد الكواكب السبعة.
(10)
رجل يقال له: بابك.
(11)
في (ط) و (خ) و (ت): "والحمدية". وفي (م): "والمحمدية" وانظر ملحق الفرق (ص356)، وفوقها في (ر):"للباسهم الحمرة في أيام بابك".
(12)
لأبي الجارود.
(13)
في (م) و (خ) و (غ) و (ر): "المحكمية". وفي (ت): "الحفصية بل المحكمية"، وهم الخارجون على عليّ.
(14)
نافع بن الأزرق.
(15)
في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "والحراث والعبدية". ولا يوجد فرق بهذا الاسم في كتب الفرق وكتب فوقها في (ر): "نجدة بن عامر الحنفي".
(16)
في (ط) و (خ) و (ت): "وهم أربع فرق".
(17)
أبو الحفص بن أبي المقدام.
(18)
في (ر): "البريدية.
(19)
في (م) و (خ) و (ت): "والحاربية" وفوقها في (ر): "أبو الحارث الإباضي".
(20)
أصحاب طاعة لا يراد بها الله.
(21)
رجل اسمه ميمون.
وَالشُّعَيْبِيَّةُ (1)، (وَالْحَازِمِيَّةُ)(2)، (وَالْحَمْزِيَّةُ)(3)، وَالْمَعْلُومِيَّةُ، (وَالْمَجْهُولِيَّةُ، وَالصَّلْتِيَّةُ)(4)، وَالثَّعْلَبِيَّةُ (5) أَرْبَعُ فِرَقٍ وَهُمُ: الْأَخْنَسِيَّةُ، وَالْمَعْبَدِيَّةُ (6)، وَالشَّيْبَانِيَّةُ،/ وَالْمُكْرَمِيَّةُ، (فالجميع اثنان وستون)(7).
وأما المرجئة فخمس (فرق)(8) وَهُمُ: الْعُبَيْدِيَّةُ، وَالْيُونُسِيَّةُ، وَالْغَسَّانِيَّةُ،/ وَالثَّوْبَانِيَّةُ (9)، (وَالتُّومَنِيَّةُ)(10).
وَأَمَّا النَّجَّارِيَّةُ فَثَلَاثُ فِرَقٍ وَهُمُ: (الْبُرْغُوثِيَّةُ)(11)، وَالزَّعْفَرَانِيَّةُ (12)، (وَالْمُسْتَدْرِكَةُ)(13).
وَأَمَّا الْجَبْرِيَّةُ فَفِرْقَةٌ وَاحِدَةٌ، وَكَذَلِكَ الْمُشَبِّهَةُ.
فَالْجَمِيعُ اثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ فِرْقَةً، فَإِذَا أَضِيفَتِ الْفِرْقَةُ النَّاجِيَةُ إِلَى عَدَدِ الْفِرَقِ صَارَ الْجَمِيعُ ثَلَاثًا وَسَبْعِينَ فِرْقَةً.
وَهَذَا التَّعْدِيدُ بِحَسَبِ مَا أَعْطَتْهُ الْمِنَّةُ في تكلف الْمُطَابَقَةِ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، لَا عَلَى الْقَطْعِ بِأَنَّهُ الْمُرَادُ، إِذْ لَيْسَ عَلَى ذَلِكَ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ، وَلَا دَلَّ الْعَقْلُ أَيْضًا عَلَى انْحِصَارِ مَا (ذكروه)(14) فِي تِلْكَ الْعِدَّةِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ، كَمَا أَنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَى اخْتِصَاصِ تلك البدع بالعقائد (15).
(1) رجل اسمه شعيب.
(2)
في (غ): "الخازمية"، بالخاء المعجمة، وانظر ملحق الفرق (ص362).
(3)
ساقط من (غ) وفي (ر) ذُكرت بعد الميمونية. وفوقها: رجل اسمه حمزة.
(4)
وفي (م) و (خ) و (ت): "والمحمولية والصليبية"، وفوقها في (ر):"عثمان بن أبي الصلت".
(5)
أصحاب ثعلبة.
(6)
معبد.
(7)
ساقط من (غ) و (ر).
(8)
ما بين القوسين زيادة من (غ) و (ر).
(9)
أبو ثوبان المرجئ.
(10)
في (م) و (خ) و (ت): "والتومية". وفي (غ): "والتوأمية"، وفوقها في (ر):"أبو معاذ التومني".
(11)
في (م) و (خ) و (ت): "البزغوبية؟ ".
(12)
رجل يقال له: الزعفراني.
(13)
في (م) و (خ) و (ت): "والمستدركية"، وفوقها في (ر): "استدرك على الزعفراني.
(14)
في (ط) و (خ): "ذكر".
(15)
ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، أن أقدم من تكلم في هذه المسألة يوسف بن=
وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: أُصُولُ الْبِدَعِ أَرْبَعَةٌ، وَسَائِرُ الثِّنْتَيْنِ وَالسَّبْعِينَ فِرْقَةً عَنْ هَؤُلَاءِ (تَفَرَّقُوا)(1)، وَهُمُ: الْخَوَارِجُ، وَالرَّوَافِضُ،/ وَالْقَدَرِيَّةُ، وَالْمُرْجِئَةُ (2).
/قَالَ يُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ (3): ثُمَّ تَشَعَّبَتْ كُلُّ فِرْقَةٍ ثَمَانَ عشرة فرقة: فتلك ثنتان وَسَبْعُونَ فِرْقَةً، وَالثَّالِثَةُ وَالسَّبْعُونَ هِيَ النَّاجِيَةُ (4).
وَهَذَا التقدير نحو من الْأَوَّلِ، وَيَرِدُ عَلَيْهِ مِنَ الْإِشْكَالِ مَا وَرَدَ عَلَى الْأَوَّلِ.
فَشَرَحَ ذَلِكَ الشَّيْخُ (أَبُو بَكْرٍ)(5) الطَّرْطُوشِيُّ رحمه الله شَرْحًا يُقَرِّبُ الْأَمْرَ، فَقَالَ (6): لَمْ يُرِدْ عُلَمَاؤُنَا بِهَذَا التَّقْدِيرِ أَنَّ أَصْلَ كُلِّ بِدْعَةٍ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعِ (تَفَرَّقَتْ)(7) وَتَشَعَّبَتْ على مقتضى أصل البدع// حتى (كملت)(8)
=أسباط، ثم عبد الله بن المبارك، حيث قالا: أصول أهل البدع أربعة: الروافض، والخوارج، والقدرية، والمرجئة. ثم قال رحمه الله: ولكن الجزم بأن هذه الفرق الموصوفة في إحدى الاثنتين والسبعين لا بد له من دليل، فإن الله حرم القول بلا علم عموماً، وحرم القول عليه بلا علم خصوصاً. انظر: الفتاوى (3 346).
(1)
في هامش (ت): "تفرعوا".
(2)
ذكر هذا القول عن يوسف بن أسباط، وعبد الله بن المبارك، كما تقدم في التعليق السابق.
(3)
هو يوسف بن أسباط بن واصل الشيباني الكوفي، وثقه يحيى بن معين، وقال البخاري: كان قد دفن كتبه، فصار لا يجيء بحديثه كما ينبغي. توفي سنة 195هـ. انظر: تهذيب التهذيب (11 407)، والسير (9 160).
(4)
بنحوه في السنة لابن أبي عاصم (2 463) برقم (953)، والآجري في الشريعة برقم (20)، والإبانة الكبرى (1 377)، برقم (277)، وروي قريباً منه عن ابن المبارك في الإبانة الكبرى (1 379)، برقم (278).
(5)
في (غ) و (ر): "أبو الوليد".
(6)
انظر: الحوادث والبدع (ص97 وما بعدها).
(7)
في (ت): "تفرعت".
(8)
هكذا في (م) و (غ) و (ر): "ونسخة من الحوادث والبدع. وفي (ط) و (خ) و (ت): "تحملت".
(تِلْكَ الْعِدَّةُ، لِأَنَّ)(1) ذَلِكَ لَعَلَّهُ (لَمْ)(2) يَدْخُلْ فِي الْوُجُودِ إِلَى الْآنِ، قَالَ: وَإِنَّمَا أَرَادُوا أن كل بدعة (وضلالة)(3) لَا تَكَادُ تُوجَدُ إِلَّا فِي هَذِهِ الْفِرَقِ الْأَرْبَعِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنِ الْبِدْعَةُ الثَّانِيَةُ فَرْعًا لِلْأُولَى وَلَا شُعْبَةً مِنْ شُعَبِهَا، بَلْ هِيَ بِدْعَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ بِنَفْسِهَا لَيْسَتْ مِنَ الْأُولَى بِسَبِيلٍ.
ثم بين ذلك بالمثال بأن القدر أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الْبِدَعِ، ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُهُ فِي مَسَائِلَ مِنْ شُعَبِ الْقَدَرِ، وَفِي مَسَائِلَ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالْقَدَرِ، فَجَمِيعُهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى.
ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي فَرْعٍ مِنْ فُرُوعِ الْقَدَرِ، فَقَالَ أَكْثَرُهُمْ: لَا يَكُونُ فِعْلٌ بين فاعلين.
(وقال بعضهم)(4): يجوز فعل بين فاعلين) (5) مَخْلُوقَيْنِ عَلَى التَّوَلُّدِ (6). وَأَحَالَ مِثْلَهُ بَيْنَ الْقَدِيمِ وَالْمُحْدَثِ (7).
ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِيمَا لَا يَعُودُ إِلَى الْقَدَرِ فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ، كَاخْتِلَافِهِمْ فِي الصَّلَاحِ وَالْأَصْلَحِ (8)، فَقَالَ الْبَغْدَادِيُّونَ مِنْهُمْ: يَجِبُ عَلَى اللَّهِ
(1) في (م) و (غ) و (ر): "تلك العدة فإن".
(2)
ساقط من (غ) و (ر).
(3)
في (ط) و (م) و (ت): "ضلالة".
(4)
في الحوادث والبدع: "وهو المردار"، واسمه عيسى بن صبيح المردار، من تلاميذ بشر بن المعتمر، وكان يسمى راهب المعتزلة، وله فرقة من المعتزلة ـ من معتزلة بغداد ـ تسمى المردارية. انظر: الملل والنحل (1 48 ـ 70) وطبقات المعتزلة (70 ـ 71).
(5)
ما بين القوسين زيادة من الحوادث و (غ) و (ر).
(6)
التولد: هو أن يحصل الفعل من فاعله بتوسط فعل آخر، كحركة المفتاح بحركة اليد، وحدوث جرح بسبب الإصابة بحجر أو بسهم أطلقه إنسان. وقد اختلفوا في التولد هل فعل الإنسان أم الجماد. انظر: مذاهب الإسلاميين لبدوي (1 192 ـ 197). وقول المردار في التولد ذكره عبد القاهر البغدادي في الفرق بين الفرق (ص166)، والشهرستاني في الملل والنحل (1 69).
(7)
القديم ـ عند المعتزلة ـ يعنون به الله عز وجل، والوارد في القرآن تسميته سبحانه بالأول. والمحدث هو المخلوق، فالمردار جوز وقوع فعلاً بين فاعلين مخلوقين، ومنع ذلك بين الخالق والمخلوق.
(8)
يريد المعتزلة بالصلاح والأصلح، أنه يجب على الله ـ تعالى الله عن قولهم ـ رعاية=
(تعالى)(1)(ـ تعالى الله عن قولهم ـ)(2) فعل (الأصلح)(3) لعباده في دينهم (ودنياهم)(4). (قالوا: وواجب على الله تعالى)(5) ابْتِدَاءَ الْخَلْقِ الَّذِينَ عَلِمَ أَنَّهُ يُكَلِّفُهُمْ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ إِكْمَالُ عُقُولِهِمْ وَأَقْدَارِهِمْ وَإِزَاحَةُ عِلَلِهِمْ.
وَقَالَ (البصريون)(6) منهم: لا يجب على الله تعالى إِكْمَالُ عُقُولِهِمْ وَلَا أَنْ يُؤْتِيَهُمْ أَسْبَابَ التَّكْلِيفِ.
/وَقَالَ الْبَغْدَادِيُّونَ مِنْهُمْ: يَجِبُ عَلَى اللَّهِ (تَعَالَى الله عَنْ قَوْلِهِمْ)(7) عِقَابُ الْعُصَاةِ/ إِذَا لَمْ يَتُوبُوا. وَالْمَغْفِرَةُ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ سَفَهٌ مِنَ الْغَافِرِ (8).
=مصالح العباد وفعلها لهم، واختلفوا في وجوب الأصلح لهم، ويقصدون بالأصلح: الأفضل في العاجلة والعاقبة. انظر تفصيل المسألة في كتاب (المعتزلة) للدكتور عواد المعتق (ص97 ـ ص202).
(1)
ساقط من (غ) و (ر).
(2)
ما بين القوسين زيادة من الحوادث و (غ) و (ر).
(3)
في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "الصلاح".
(4)
زيادة من (غ) و (ر) وبعدها نص ساقط من جميع النسخ وهو في الحوادث والبدع ونصه ص99: (ولا يجوز في حكمته تبقية وجه ممكن في الصلاح العاجل والآجل إلا وعليه فعل أقصى ما يقدر عليه في استصلاح عباده).
(5)
في (ط) و (م) و (ت) و (غ) و (ر): "ويجب عليه".
(6)
في (ط) و (م) و (ت) و (غ) و (ر): "المصريون". وفي (م): "المضريون". وقد نشأت المعتزلة أولاً بالبصرة ثم ظهرت معتزلة بغداد، وأشهر رؤساء معتزلة البصرة هم: عمرو بن عبيد، وواصل بن عطاء، ومعمر بن عباد، وأبو بكر الأصم، وأبو الهذيل العلاف، وبشر بن المعتمر ـ الذي أسس بعد ذلك معتزلة بغداد ـ والفوطي، والنظام، والشحام، وأبو علي الجبائي، والجاحظ، وأبو هاشم الجبائي، وأبو الحسن الأشعري الذي انتقل بعد ذلك من مذهب المعتزلة إلى المذهب الكلابي، ثم إلى مجمل مذهب السلف.
وأما معتزلة بغداد فقد أسسها بشر بن المعتمر، وأشهر رؤسائهم: ثمامة بن أشرس، وأحمد بن أبي دؤاد، وأبو موسى المردار، وجعفر بن مبشر، وجعفر بن حرب، وأبو الحسين الخياط، والإسكافي، وأبو القاسم البلخي الكلبي. انظر: مذاهب الإسلاميين لبدوي (1 45 ـ 46) بتصرف يسير.
(7)
في (ت): "بياض بمقدار كلمة".
(8)
انظر الآراء في هذه المسألة في كتاب المعتزلة للدكتور عواد المعتق (ص218).
(وأبى البصريون ذلك)(1).
وابتدع جعفر بن (مبشر)(2)(فقال)(3): (من)(4)(استحضر)(5) امْرَأَةً لِيَتَزَوَّجَهَا فَوَثَبَ عَلَيْهَا فَوَطِئَهَا بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ وَلَا رِضًى/ وَلَا عَقْدٍ حَلَّ لَهُ ذَلِكَ، وَخَالَفَهُ فِي ذَلِكَ سَلَفُهُ.
وَقَالَ ثمامة بن أشرس (6): إن الله تعالى يصيِّر الكفَّار وَالْمُلْحِدِينَ وَأَطْفَالَ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمَجَانِينَ تراباً يوم القيامة لا يعذبهم ولا (يعرضهم)(7).
وَهَكَذَا (8) ابْتَدَعَتْ كُلُّ فِرْقَةٍ مِنْ هَذِهِ الْفِرَقِ بِدَعًا تَتَعَلَّقُ بِأَصْلِ بِدْعَتِهَا الَّتِي هِيَ مَعْرُوفَةٌ بِهَا، وَبِدَعًا لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِهَا.
فَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرَادَ بِتَفَرُّقِ أُمَّتِهِ أُصُولَ (الْبِدَعِ)(9) الَّتِي تَجْرِي مجرى الأجناس للأنواع، والمعاقد للفروع (فلعلهم)(10) ـ وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ ـ مَا (بَلَغُوا)(11) هَذَا/ الْعَدَدَ إِلَى الْآنَ، غَيْرَ أَنَّ الزَّمَانَ بَاقٍ وَالتَّكْلِيفَ (قائم)(12)
(1) في (ط) و (خ) و (ت) و (غ) و (ر): "وأما المصريون منهم ذلك". وفي (م): "المضريون".
(2)
في (ط) و (خ) و (ت): "بشر". وهو جعفر بن مبشر الثقفي، من رؤساء المعتزلة، كان يضرب به المثل هو وجعفر بن حرب، فيقال: علم الجعفرين وزهدهما، انظر: طبقات المعتزلة (ص76 ـ 77).
(3)
ساقط من سائر النسخ وفي (غ) و (ر): "الحوادث والبدع": من القدرية بدعة فقال.
(4)
في (غ) و (ر): "إن".
(5)
في (ط) و (م) و (خ): "استصر".
(6)
هو ثمامة بن أشرس النميري البصري، وله بدع عظيمة، وفسق وفجور، وله فرقة تنسب إليه اسمها الثمامية. انظر: الفرق بين الفرق (ص172 ـ 175)، والسير (10 203).
(7)
جميع النسخ: (يعرضهم). وفي "الحوادث والبدع": (يعوضهم). وانظر قول ثمامة في الملل والنحل (1 71).
(8)
في كتاب الحوادث والبدع للطرطوشي زيادة قبل هذه الفقرة وهي: "وقوله هذا في الكفار والملحدين خرق لإجماع الأمة من أهل الإثبات، وأهل القدر وغيرهم".
(9)
في (ط) و (م) و (خ): "بياض".
(10)
في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "لعلهم".
(11)
في (ط) و (خ): "بلغن".
(12)
في (غ) و (ر): "باق قائم".
وَالْخَطَرَاتِ مُتَوَقَّعَةٌ، وَهَلْ قَرْنٌ أَوْ عَصْرٌ يَخْلُو إِلَّا وَتَحْدُثُ فِيهِ الْبِدَعُ؟.
وَإِنْ كَانَ أَرَادَ/ بالفرق كُلَّ بِدْعَةٍ حَدَثَتْ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ مِمَّا لَا يُلَائِمُ أُصُولَ الْإِسْلَامِ وَلَا تَقْبَلُهَا قَوَاعِدُهُ مِنْ غَيْرِ الْتِفَاتٍ إِلَى التَّقْسِيمِ الَّذِي ذَكَرْنَا، كانت البدع أنواعاً لأجناس، (ولو)(1) كَانَتْ مُتَغَايِرَةَ الْأُصُولِ وَالْمَبَانِي.
فَهَذَا هُوَ الَّذِي أَرَادَهُ عليه الصلاة والسلام وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تعالى ـ فقد وجد من ذلك (عدَّة)(2)(أكثر من اثنين وَسَبْعِينَ)(3).
/وَوَجْهُ (تَصْحِيحِ الْحَدِيثِ)(4) عَلَى هَذَا، أَنْ (يَخْرُجَ)(5) مِنَ الْحِسَابِ غُلَاةُ أَهْلِ الْبِدَعِ، وَلَا يُعَدُّونَ مِنَ الْأُمَّةِ، وَلَا فِي أَهْلِ الْقِبْلَةِ، كَنُفَاةِ الْأَعْرَاضِ (6) مِنَ الْقَدَرِيَّةِ لِأَنَّهُ لَا طَرِيقَ (إِلَى مَعْرِفَةِ حُدُوثِ)(7) الْعَالَمِ وَإِثْبَاتِ الصَّانِعِ إِلَّا بِثُبُوتِ الْأَعْرَاضِ (8)، وَكَالْحُلُولِيَّةِ (9)(وَالنُّصَيْرِيَّةِ)(10) وَأَشْبَاهِهِمْ مِنَ الْغُلَاةِ.
(1) في (ط) و (م) و (خ) و (غ) و (ر): "أو".
(2)
في سائر النسخ: ما عدا (غ) و (ر): "عدد".
(3)
في (م) و (ت): "كثير من اثنين وسبعين". وفي (خ): "عدداً كثير من اثنين وسبعين".
(4)
في (م): "صحيح الحديث). وفي الحوادث: (تصحيح هذا الحديث). وفي نسخة أخرى توافق (ط).
(5)
في (ط) و (خ): "تخرج".
(6)
الأعراض: جمع عرض؛ وهو ـ عند المناطقة ـ: الموجود الذي يحتاج في وجوده إلى موضع، أي محل يقوم به، كاللون المحتاج في وجوده إلى جسم يحله، ويقوم به. وقد قسم المناطقة العرض إلى عدة أقسام، واختلفوا في سبب تسمية أحوال الأجسام أعراضاً، وهل تبقى أم لا. انظر: التعريفات للجرجاني (ص148 ـ 149)، ومذاهب الإسلاميين لبدوي (1 88 ـ 191).
(7)
في الحوادث: لحدوث.
(8)
سلك الطرطوشي هنا مسلك المتكلمين في هذه المسألة، وقد فصَّل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى بيان سبب سلوكهم لهذه الطريقة، ثم بيَّن بطلانها والرد عليها. انظر مواضع المسألة في: الفتاوى في الفهرس (36 24 ـ 25).
(9)
الحلولية: تقدم تعريفهم (1 223).
(10)
في (م) و (خ): "النصرية". وانظر تعريفهم في ملحق الفرق برقم (39).
هَذَا مَا قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَهُوَ حَسَنٌ مِنَ التَّقْرِيرِ، غَيْرَ أَنَّهُ يَبْقَى لِلنَّظَرِ فِي كَلَامِهِ مَجَالَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ مَا (اختاره)(1) من أنه ليس المراد الأجناس (وإنما)(2) مراده (مجرد)(3) أَعْيَانَ الْبِدَعِ وَقَدِ ارْتَضَى اعْتِبَارَ الْبِدَعِ الْقَوْلِيَّةِ وَالْعَمَلِيَّةِ فَمُشْكِلٌ، لِأَنَّا إِذَا اعْتَبَرْنَا كُلَّ بِدْعَةٍ دقت أو جلت فكل من ابتدع (بدعة)(4) كيف (ما كانت بدعته)(5) لَزِمَ أَنْ يَكُونَ هُوَ وَمَنْ تَابَعَهُ عَلَيْهَا فرقة، فلا (يقف العدد)(6) في مائة ولا (في)(7) مائتين، فضلاً عن (وقوفها)(8) في اثنتين وسبعين (فرقة)(9)، (فإن)(10) الْبِدَعَ ـ كَمَا قَالَ ـ لَا تَزَالُ تَحْدُثُ مَعَ مُرُورِ الْأَزْمِنَةِ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ.
وَقَدْ مَرَّ مِنَ النَّقْلِ مَا يُشْعِرُ بِهَذَا الْمَعْنَى، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ:"مَا مِنْ عَامٍ إِلَّا وَالنَّاسُ يُحْيُونَ فِيهِ/ بِدْعَةً وَيُمِيتُونَ فِيهِ سُنَّةً، حتى تحيى الْبِدَعُ وَتَمُوتَ السُّنَنُ"(11).
وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي الْوَاقِعِ، فإن البدع (مذ)(12) نشأت إلى الآن (لا)(13) تَزَالُ تَكْثُرُ، وَإِنْ فَرَضْنَا إِزَالَةَ/ بِدَعِ الزَّائِغِينَ فِي الْعَقَائِدِ كُلِّهَا، لَكَانَ الَّذِي يَبْقَى أَكْثَرَ مِنِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فَمَا قَالَهُ ـ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ـ غير مخلص.
والثاني: أَنَّ حَاصِلَ كَلَامِهِ أَنَّ هَذِهِ الْفِرَقَ لَمْ تتعين بعد، بخلاف القول
(1) في (ط): "اختار".
(2)
في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "فإن كان".
(3)
زيادة من (م) و (خ) و (غ) و (ر).
(4)
ساقط من (م) و (خ) و (ت).
(5)
في (ط) و (م) و (خ) و (غ) و (ر): "كانت".
(6)
في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "تقف".
(7)
زيادة من (غ) و (ر).
(8)
في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "وقوعها".
(9)
زيادة من (غ) و (ر).
(10)
في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "وأن".
(11)
تقدم تخريجه (1 33).
(12)
في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "قد".
(13)
في (ط) و (خ): "ولا".
الْمُتَقَدِّمِ، وَهُوَ أَصَحُّ فِي النَّظَرِ، لِأَنَّ ذَلِكَ التَّعْيِينَ لَيْسَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ، وَالْعَقْلُ لَا يَقْتَضِيهِ، وأيضاً (فللمنازع)(1) أَنْ يَتَكَلَّفَ مِنْ مَسَائِلِ الْخِلَافِ الَّتِي بَيْنَ الْأَشْعَرِيَّةِ (2) فِي قَوَاعِدِ الْعَقَائِدِ فِرَقًا يُسَمِّيهَا وَيُبَرِّئُ نَفْسَهُ وَفِرْقَتَهُ عَنْ ذَلِكَ الْمَحْظُورِ. فَالْأَوْلَى/ مَا قَالَهُ مِنْ عَدَمِ (التَّعْيِينِ)(3)، وَإِنْ سلَّمنا (أَنَّ)(4) الدَّلِيلَ قَامَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَنْبَغِي (أيضاً)(5) التَّعْيِينُ.
أَمَّا أَوَّلًا: فَإِنَّ الشَّرِيعَةَ قَدْ فَهِمْنَا مِنْهَا أَنَّهَا تُشِيرُ إِلَى/ أَوْصَافِهِمْ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ لِيُحْذَرَ مِنْهَا، وَيَبْقَى الْأَمْرُ فِي تَعْيِينِ الدَّاخِلِينَ فِي مُقْتَضَى الْحَدِيثِ مُرَجَّى، وَإِنَّمَا وَرَدَ التعيين في النادر كما قال صلى الله عليه وسلم في الخوارج (إن من ضئضئ هذا قوما يقرؤون القرآن لا يجاوز حَنَاجِرَهُمْ، (يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَيَدْعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ)(6)) (7) الْحَدِيثَ، مَعَ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام لَمْ يَعْرِفْ أَنَّهُمْ مِمَّنْ شَمِلَهُمْ حَدِيثُ الْفِرَقِ. وَهَذَا الْفَصْلُ مَبْسُوطٌ فِي كِتَابِ الْمُوَافَقَاتِ (8) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ.
وَأَمَّا ثَانِيًا: فَلِأَنَّ عَدَمَ التَّعْيِينِ هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُلْتَزَمَ/ لِيَكُونَ سِتْرًا عَلَى الْأُمَّةِ كَمَا سُتِرَتْ عَلَيْهِمْ قَبَائِحُهُمْ فَلَمْ يُفْضَحُوا فِي الدنيا (بها)(9) في الغالب، وأمرنا بالستر على (المذنبين)(10) ما لم (يبدوا)(11) لَنَا صَفْحَةُ الْخِلَافِ، لَيْسَ كَمَا ذَكَرَ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَذْنَبَ أَحَدُهُمْ ليلاً أصبح وعلى بابه معصيته مَكْتُوبَةٌ (12)، وَكَذَلِكَ فِي شَأْنِ قُرْبَانِهِمْ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قَرَّبُوا لِلَّهِ قُرْبَانًا فَإِنْ كَانَ مَقْبُولًا عِنْدَ اللَّهِ نَزَلَتْ (نَارٌ)(13) مِنَ السَّمَاءِ فَأَكَلَتْهُ،
(1) في (ط) و (خ): "فالمنازع". وفي (غ) و (ر): "فللمنازع أيضاً".
(2)
الأشعرية: تقدم تعريفهم 1 30.
(3)
في (غ) و (ر): "التعليل".
(4)
ساقطة من (م) و (خ) و (ت) و (غ) و (ر).
(5)
زيادة من (غ) و (ر).
(6)
ما بين القوسين زيادة من (غ) و (ر).
(7)
تقدم تخريجه (3/ 114).
(8)
انظر: الموافقات (4 100 وما بعدها).
(9)
زيادة من (م) و (غ) و (ر).
(10)
في (ط) و (ت): "المؤمنين".
(11)
في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "تبد".
(12)
انظر الحديث في تفسير ابن جرير الطبري (2 491)، وذكر أحمد شاكر أنه حديث مرسل من مراسيل أبي العالية وأنه لا حجة فيه.
(13)
في (م): "نارا".
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْبُولًا لَمْ تَأْكُلْهُ النَّارُ (1)، وَفِي ذَلِكَ افْتِضَاحُ الْمُذْنِبِ. وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي الْغَنَائِمِ (2) أَيْضًا، فَكَثِيرٌ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ خُصَّتْ (هَذِهِ)(3) الْأُمَّةُ/ بِالسَّتْرِ فِيهَا.
وَأَيْضًا فَلِلسَّتْرِ حِكْمَةٌ أُخْرَى، وَهِيَ أَنَّهَا لَوْ أُظْهِرَتْ مَعَ أَنَّ أَصْحَابَهَا مِنَ الْأُمَّةِ لَكَانَ فِي ذَلِكَ دَاعٍ إِلَى الْفُرْقَةِ وَعَدَمِ الْأُلْفَةِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِهَا، حَيْثُ قَالَ تَعَالَى:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ/ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} (4)، وَقَالَ تَعَالَى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} (5)، وَقَالَ تَعَالَى:{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} (6)، وَفِي الْحَدِيثِ:(لَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا تباغضوا وكونوا عباد الله إخواناً)(7) وأمر صلى الله عليه وسلم بِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَأَخْبَرَ أَنَّ فَسَادَ ذَاتِ البين هي الحالقة التي تحلق الدين (8).
(1) انظر: ما ذكره ابن جرير في تفسيره (7 448 ـ 450).
(2)
أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة، وفيه: (
…
ثم أحل الله لنا الغنائم، رأى ضعفنا وعجزنا فأحلها لنا) وهو برقم (3124 و5157)، ومسلم (1747)، وفي صحيفة همام بن منبه (123)، وأحمد (3 318)، والنسائي في السنن الكبرى (8878)، وابن حبان (4807 و4808)، والبيهقي في السنن الكبرى (12487)، وبنحوه في مسند أحمد (2 252)، بلفظ:(لم تحل الغنائم لقوم سود الرؤوس قبلكم .. الحديث)، وفي الترمذي (3085)، والنسائي في الكبرى (11209)، وابن الجارود في المنتقى (1071)، والطحاوي في معاني الآثار (3 77)، وابن حبان (4806)، والبيهقي في السنن الكبرى (12488).
(3)
ساقط من (ط).
(4)
سورة آل عمران: الآية (103).
(5)
سورة الأنفال: الآية (1).
(6)
سورة آل عمران: الآية (105).
(7)
أخرجه البخاري في الصحيح (6064 و6066 و6076)، وفي الأدب المفرد (408)، ومسلم (2559 و2563 و2564)، وأبو داود الطيالسي (2091)، وأحمد (2 277 و469) و (3 165 و209)، والترمذي (1935)، وأبو يعلى (3612)، والقضاعي في مسنده (939)، والطبراني في الصغير (280)، والبيهقي في السنن الكبرى (11276 و14550 و16906).
(8)
أخرجه أحمد (6 444)، والبخاري في الأدب المفرد (391 و412)، والترمذي (5208 و2509)، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، وأبو داود (4919)، وعبد بن حميد في المنتخب (335)، وابن حبان (5092).
/فَإِذَا كَانَ مِنْ مُقْتَضَى الْعَادَةِ أَنَّ التَّعْرِيفَ بِهِمْ عَلَى التَّعْيِينِ يُورِثُ الْعَدَاوَةَ (بَيْنَهُمْ)(1) وَالْفُرْقَةَ لَزِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَنْهِيًّا عَنْهُ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْبِدْعَةُ فَاحِشَةً (جِدًّا)(2) كَبِدْعَةِ الخوارج (فلا إشكال في جواز إبدائها وتعيين أهلها، لكن كما عين رسول الله صلى الله عليه وسلم الْخَوَارِجِ)(3) / وَذَكَرَهُمْ بِعَلَامَتِهِمْ حَتَّى يُعْرَفُوا، وَيُلْحَقُ بِذَلِكَ مَا هُوَ مِثْلُهُ فِي الشَّنَاعَةِ أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ بِحَسْبِ نَظَرِ الْمُجْتَهِدِ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ فالسكوت (عن تعيينه)(4) أَوْلَى.
وخرَّج أَبُو دَاوُدَ عَنْ (عَمْرِو بْنِ أَبِي قُرَّةَ)(5) قَالَ: كَانَ حُذَيْفَةُ بِالْمَدَائِنِ/ فَكَانَ يذكر أشياء قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم لِأُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فِي الْغَضَبِ/ فَيَنْطَلِقُ نَاسٌ مِمَّنْ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ حُذَيْفَةَ فَيَأْتُونَ سَلْمَانَ فَيَذْكُرُونَ لَهُ قَوْلَ حُذَيْفَةَ، فَيَقُولُ سَلْمَانُ: حُذَيْفَةُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُ، فَيَرْجِعُونَ إِلَى حُذَيْفَةَ فَيَقُولُونَ (له) (6): قد ذكرنا قولك (لسلمان)(7) فَمَا صَدَّقَكَ وَلَا كَذَّبَكَ. فَأَتَى حُذَيْفَةُ سَلْمَانَ وَهُوَ فِي مَبْقَلَةٍ فَقَالَ: يَا سَلْمَانُ، مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُصَدِّقَنِي بِمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: إِنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يغضب فيقول (في الغضب)(8) لِنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَيَرْضَى فَيَقُولُ فِي الرِّضَى (لناس من أصحابه)(9)، أَمَا تَنْتَهِي حَتَّى تُورِثَ رِجَالًا حُبَّ رِجَالٍ وَرِجَالًا بُغْضَ رِجَالٍ، وَحَتَّى تُوقِعَ اخْتِلَافًا وَفُرْقَةً؟ وَلَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خطب (الناس) (10) فقال:(أيما رجل (من أمتي)(11) سَبَبْتُهُ سُبَّةً أَوْ لَعَنْتُهُ لَعْنَةً (فِي غَضَبِي" (12) فإنما أنا
(1) ساقط من (غ) و (ر).
(2)
ساقط من (غ) و (ر).
(3)
زيادة من (غ) و (ر).
(4)
في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "عنه".
(5)
في (ط) و (م) و (خ): "عمر بن أبي مرة"، وهو خطأ، والمثبت من (غ) و (ر): وهو الصواب كما في سنن أبي داود ومسند أحمد، وهو عمرو بن أبي قرة سلمة بن معاوية بن وهب الكندي الكوفي، ثقة مخضرم. انظر: التقريب رقم (5097).
(6)
زيادة من (م) و (غ) و (ر).
(7)
في (ط): "إلى سلمان". والصواب لسلمان كما في (م) و (خ) و (غ) و (ر): وهو الموافق لما في سنن أبي داود.
(8)
زيادة من (غ) و (ر).
(9)
زيادة من (غ) و (ر).
(10)
زيادة من (غ) و (ر).
(11)
زيادة من (غ) و (ر).
(12)
ساقط من (غ) و (ر).
مِنْ وَلَدِ آدَمَ أَغْضَبُ/ كَمَا يَغْضَبُونَ، وَإِنَّمَا بعثني الله رحمة للعالمين فاجعلها عَلَيْهِمْ صَلَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ) فَوَاللَّهِ (لَتَنْتَهِيَنَّ)(1) أَوْ لأكتبن إِلَى عُمَرَ (2).
فَتَأَمَّلُوا مَا أَحْسَنَ هَذَا الْفِقْهَ مِنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه، وَهُوَ جَارٍ فِي مَسْأَلَتِنَا، فَمِنْ هُنَا لَا يَنْبَغِي لِلرَّاسِخِ فِي الْعِلْمِ أَنْ يَقُولَ: هَؤُلَاءِ الْفِرَقُ هُمْ بَنُو فُلَانٍ وَبَنُو فُلَانٍ، وَإِنْ كَانَ يَعْرِفُهُمْ بِعَلَامَتِهِمْ بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ، اللَّهُمَّ إِلَّا فِي مَوْطِنَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: حَيْثُ/ نَبَّهَ الشَّرْعُ عَلَى تَعْيِينِهِمْ كَالْخَوَارِجِ، فإنه ظهر من استقرائه أنهم متمكنون (في الدخول)(3) تَحْتَ حَدِيثِ الْفِرَقِ، وَيَجْرِي مَجْرَاهُمْ مَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُمْ، فَإِنَّ أَقْرَبَ النَّاسِ إِلَيْهِمْ شِيعَةُ الْمَهْدِيِّ الْمَغْرِبِيِّ، فَإِنَّهُ ظَهَرَ فِيهِمُ الْأَمْرَانِ اللَّذَانِ عَرَّفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِهِمَا (فِي)(4) الْخَوَارِجِ مِنْ أَنَّهُمْ يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، وَأَنَّهُمْ يَقْتُلُونَ (أَهْلَ)(5) الْإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ، فَإِنَّهُمْ أَخَذُوا أَنْفُسَهُمْ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَإِقْرَائِهِ حتى ابتدعوا فيه ثم لم يتفقوا فيه، ولا عرفوا مقاصده، ولذلك (اطرحوا)(6) كُتُبَ الْعُلَمَاءِ وَسَمَّوْهَا/ كُتُبَ الرَّأْيِ وَخَرَقُوهَا وَمَزَّقُوا أُدُمَهَا، مَعَ أَنَّ الْفُقَهَاءَ هُمُ الَّذِينَ بَيَّنُوا فِي كُتُبِهِمْ مَعَانِيَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَنْبَغِي، وَأَخَذُوا فِي قِتَالِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ بِتَأْوِيلٍ/ فَاسِدٍ، زَعَمُوا عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ مُجَسِّمُونَ وَأَنَّهُمْ غَيْرُ مُوَحِّدِينَ، وَتَرَكُوا الِانْفِرَادَ بِقِتَالِ أَهْلِ الْكُفْرِ من النصارى المجاورين لَهُمْ وَغَيْرِهِمْ.
فَقَدِ اشْتُهِرَ فِي الْأَخْبَارِ/ وَالْآثَارِ مَا كَانَ مِنْ خُرُوجِهِمْ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه/ وَعَلَى مَنْ بَعْدَهُ كَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله وغيره،
(1) في (م): "لتتبين".
(2)
أخرجه أبو داود برقم (4659) والطبراني في المعجم الكبير (6156 و6157)، وأصل الحديث في البخاري في الدعوات برقم (6361)، ومسلم في البر والصلة، باب من لعنه النبي صلى الله عليه وسلم أو سبه برقم (2600).
(3)
زيادة من (غ) و (ر).
(4)
زيادة من (غ) و (ر)
(5)
ساقط من (م).
(6)
في (ط) و (خ) و (ت): "طرحوا".
حَتَّى لَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثٍ خَرَّجَهُ الْبَغَوِيُّ فِي مُعْجَمِهِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ (1) أَنَّ عبادة بن قرط (2) غزا (مرّة)(3) فَمَكَثَ فِي غَزَاتِهِ تِلْكَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثم رجع (حتى إذا كان قريباً من الأهواز سمع صوت أذان، فقال: والله ما لي عهد بالصلاة)(4) مع (جماعة)(5) الْمُسْلِمِينَ مُنْذُ زَمَانٍ، فَقَصَدَ نَحْوَ الْأَذَانِ يُرِيدُ الصلاة فإذا هو بالأزارقة ـ (وهم) (6) صنف من الخوارج ـ فلما رأوه قالوا (له) (7): مَا جَاءَ بِكَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ؟ قَالَ: مَا أَنْتُمْ يَا إِخْوَتِي؟ قَالُوا: أَنْتَ أَخُو الشيطان/ لنقتلك، قال: أما تَرْضَوْنَ مِنِّي بِمَا رَضِيَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (مني)(8)، قَالُوا: وَأَيُّ شَيْءٍ رَضِيَ بِهِ مِنْكَ؟ قَالَ: أتيته وأنا كافر (فشهدني)(9) أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، فخلَّى عَنِّي ـ قَالَ ـ فَأَخَذُوهُ فَقَتَلُوهُ (10).
وَأَمَّا عَدَمُ فَهْمِهِمْ لِلْقُرْآنِ فَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْقَدَرِيَّةِ حَدِيثٌ خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنِ ابن عمر رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(الْقَدَرِيَّةُ مَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ، إِنْ مَرِضُوا فَلَا تَعُودُوهُمْ، وَإِنْ مَاتُوا فلا تشهدوهم)(11).
(1) هو حميد بن هلال بن سويد العدوي، وثقه ابن معين والنسائي، وهو من رواة الكتب الستة، توفي في ولاية خالد بن عبد الله على العراق. انظر: طبقات ابن سعد (7 456) والجرح والتعديل (4 105).
(2)
هو عبادة بن قرط أو قرص بن عروة بن بجير الضبي، نزل البصرة وقتلته الخوارج سنة 41هـ. انظر: الإصابة لابن حجر رقم (4501).
(3)
زيادة من (غ) و (ر).
(4)
زيادة من (غ) و (ر).
(5)
زيادة من (غ) و (ر).
(6)
زيادة من (غ) و (ر).
(7)
زيادة من (غ) و (ر).
(8)
زيادة من (غ) و (ر).
(9)
في (ط): "فشهدت".
(10)
القصة أخرجها البخاري في التاريخ الكبير (6 93)، وذكرها ابن حجر في الإصابة (2 270).
(11)
أخرجه أبو داود (4691)، والحاكم (286)، والبيهقي في السنن الكبرى (20658)، وبنحوه أخرجه أحمد في المسند (8 4)، برقم (5584)، وابن أبي عاصم في السنن (339)، وغيرهما، وقال أحمد شاكر: إسناده ضعيف لانقطاعه
…
ـ ثم تكلم عليه باستفاضة ـ وأخرجه أيضاً برقم (6077)، وقال أحمد شاكر: في إسناده بحث دقيق وأنا=
وَعَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَالَ) (1): (لِكُلِّ أُمَّةٍ مَجُوسٌ، وَمَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: لَا قَدَرَ، مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فَلَا تَشْهَدُوا (جِنَازَتَهُ)(2)، وَمَنْ مَرِضَ مِنْهُمْ فَلَا (تَعُودُوهُ)(3)،/ وَهُمْ شِيعَةُ الدَّجَّالِ، وَحَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُلْحِقَهُمْ بِالدَّجَّالِ) (4). وَهَذَا الْحَدِيثُ غَيْرُ صَحِيحٍ عِنْدَ أَهْلِ النَّقْلِ، قَالَ صَاحِبُ المغني:(إنه)(5) لَمْ يَصِحَّ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ (6).
نَعَمْ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ لِيَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ حِينَ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْقَوْلَ بِالْقَدَرِ قَدْ ظَهَرَ: إِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْهُمْ وَهُمْ بُرَآءُ مِنِّي، ثُمَّ اسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ جِبْرِيلَ (7)، صَحِيحٌ لَا إشكال في صحته.
=أرجح صحته
…
ـ ثم استفاض في الكلام عليه ـ وحسنه الألباني في ظلال الجنة (339)، واستفاض في تخريج الحديث الحويني في جنة المرتاب (ص30 وما بعدها).
(1)
ما بين () ساقط من (غ) و (ر).
(2)
في (ط): "جنازتهم".
(3)
في (غ) و (ر): "تعودوهم".
(4)
أخرجه أبو داود (4692)، من طريق عمر مولى غفرة عن رجل عن حذيفة. قال الألباني في السنة لابن أبي عاصم (1 144): إسناده ضعيف، لجهالة الرجل الذي لم يسم، وعمر مولى غفرة ضعيف، وقد اضطرب في إسناده، وراجع كلام الحويني في جنة المرتاب (ص46).
(5)
زيادة من (غ) و (ر).
(6)
انظر: المغني عن الحفظ والكتاب لأبي حفص عمر بن بدر الموصلي (ص29) بتحقيق الحويني.
(7)
أخرجه معمر بن راشد في جامعه (20072)، مختصراً دون ذكر حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وابن أبي شيبة في الإيمان (119)، والمصنف (10478)، وأحمد في مسنده (185 و192 و369 و376 و5823)، وأخرجه مسلم في صحيحه (8) من عدة طرق، وابن ماجه (63)، وأبو داود (4695)، والترمذي (2610)، وعبد الله في السنة (926)، والنسائي (4990)، والآجري في الشريعة (205 و206 و378 و379 و427 و429)، ومحمد بن منده في الإيمان (1 و2 و4 و5 و7 و8 و9 و10 و11 و13 و14)، والبيهقي في السنن الكبرى (10 203)، وفي الاعتقاد (ص84)، وورد بلفظ:(أنا بريء ممن لم يؤمن بالقدر)، وهو جزء من قوله في الرواية المتقدمة، أخرجه الفريابي في القدر (230)، وابن بطة في الإبانة (1606)، ونحوه برقم (1613)، واللالكائي (1164)، وبنحوه (1163).
وخرَّج أبو داود أيضاً من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (قال)(1): (لَا تُجَالِسُوا أَهْلَ الْقَدَرِ وَلَا تُفَاتِحُوهُمْ)(2)، وَلَمْ يَصِحَّ أَيْضًا.
وخرَّج ابْنُ وَهْبٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ (3) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِي لَا سَهْمَ (لَهُمْ)(4) فِي الْإِسْلَامِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الْمُرْجِئَةُ والقدرية) (5).
وعن مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَغَيْرِهِ يَرْفَعُهُ قَالَ: (لُعِنَتِ القدرية والمرجئة على
(1) زيادة من (غ) و (ر).
(2)
أخرجه أبو داود (4710 و4720)، والإمام أحمد في المسند (1 243) برقم (206) وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح، اعتماداً على توثيق ابن حبان لحكيم بن شريك الهذلي. وأخرجه ابن أبي عاصم في السنة (330)، وضعفه الألباني في ظلال الجنة. وفي مشكاة المصابيح (1 38)، لجهالة حكيم بن شريك الهذلي، وجهله أيضاً أبو حاتم وابن حجر. انظر: تهذيب التهذيب (2 450)، والتقريب برقم (1475)، وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير (3 15) في ترجمة حكيم بن شريك، وأخرجه عبد الله في السنة (841)، وأبو يعلى في المسند (245)، والآجري في الشريعة (543 و544)، وابن حبان في الصحيح (79)، وابن بطة في الإبانة (1274 و1520 و1997)، والحاكم (287)، واللالكائي (186 و1124)، والبيهقي في السنن الكبرى (20662)، والمزي في تهذيب الكمال (1459)، جميعهم من طريق حكيم بن شريك.
(3)
هو زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أمه أو ولد، كان صاحب علم وصلاح، خرج على بني أمية فقتل رحمه الله سنة 125هـ. انظر: السير (5 389)، وطبقات ابن سعد (5 325).
(4)
في (غ) و (ر): "لهما".
(5)
لم أجد هذه الرواية عن زيد بن علي في المصادر المتوفرة لدي، ولكن روي بنحوه عن ابن عباس: أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (4 133)، وابن ماجه (62 و73)، والترمذي (2149)، وعبد بن حميد في المنتخب (579)، وابن أبي عاصم في السنة (334 و335 و344 و946 و947 و948 و951)، وضعفه الألباني. والطبراني في الكبير (11682)، وابن عدي في الكامل (3 309) و (5 194)، واللالكائي (1156)، والخطيب في تاريخ بغداد (5 368)، والمزي في تهذيب الكمال ترجمة رقم (4143)، وبنحوه من ابن عمر وأبي بكر وجابر بن عبد الله وابن مسعود ـ انظر رواياتهم في: جنة المرتاب (ص30 ـ 52)، وعن واثلة بن الأسقع، أخرجه الطبراني في الأوسط (1648).
لِسَانِ سَبْعِينَ نَبِيًّا آخِرُهُمْ مُحَمَّدٌ/ صلى الله عليه وسلم (1).
وَعَنْ مُجَاهِدِ بْنِ (جَبْرٍ)(2) أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "سَيَكُونُ مِنْ أُمَّتِي قَدَرِيَّةٌ وَزِنْدِيقِيَّةٌ أُولَئِكَ مَجُوسٌ"(3).
/وَعَنْ نَافِعٍ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ عَبْدِ الله بن عمر (نعوده)(4) إذ (جاءه)(5) رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّ فُلَانًا يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ ـ لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ ـ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: بَلَغَنِي أَنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ حَدَثًا، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَا تقرأنَّ عليه السلام سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي مَسْخٌ وَخَسْفٌ وَهُوَ/ فِي الزِّنْدِيقِيَّةِ (والقدرية)) (6).
وَعَنِ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ (7) قَالَ: أَتَيْنَا أُبي بْنَ كَعْبٍ فَقُلْتُ لَهُ: وَقَعَ فِي نَفْسِي شَيْءٌ من القدر فحدثني (بشيء)(8) لعل الله (أن)(9) يُذْهِبُهُ مِنْ قَلْبِي، فَقَالَ: لَوْ أَنَّ اللَّهَ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ عَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ، وَلَوْ رَحِمَهُمْ كَانَتْ رَحْمَتُهُ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ، وَلَوْ أَنْفَقْتَ مِثْلَ أُحد ذهباً في
(1) حديث معاذ أخرجه ابن أبي عاصم في السنة (325 و952) ـ وضعفهما الألباني ـ والطبراني في المعجم الكبير (20 117 برقم 232)، وفي مسند الشاميين (400).
(2)
في (ط) و (م): "مجاهد بن جبير"، ولم أعرفه من هو بالتحديد، ففي الإصابة مجاهد بن جبر مولى ابنة غزوان أخت عتبة بن غزوان، وهناك أيضاً مجاهد بن جبر المكي التابعي المشهور، والله أعلم بالصواب. انظر: الإصابة (3 485)، برقم (8363).
(3)
لم أقف عليه من رواية مجاهد عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ.
(4)
في (غ) و (ر): "قعود".
(5)
في (ط) و (خ): "جاء".
(6)
ما بين القوسين ساقط من (ط) و (خ). والحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند (9 73)، برقم (6208)، وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح. وبنحوه أخرجه الترمذي برقم (2152 و2153)، وأبو داود برقم (4613)، وابن ماجه (4061)، وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، وأخرجه الحاكم (285)، واللالكائي (1135).
(7)
هو عبد الله بن فيروز الديلمي، أبو بشر ويقال أبو بسر، وهو من الرواة عن أبي بن كعب وابن مسعود وحذيفة رضي الله عنهم وثقه ابن معين والعجلي وابن حبان. انظر: تهذيب التهذيب (5 358).
(8)
زيادة من (غ) و (ر).
(9)
زيادة من (غ) و (ر).
سبيل الله ما قبله (الله)(1) مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ وَتَعْلَمَ/ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَلَوْ مِتَّ عَلَى غَيْرِ هَذَا لَدَخَلْتَ النَّارَ، قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ لِي مِثْلَ ذَلِكَ.
قَالَ: ثم أتيت حذيفة بن اليمان فقال (لي)(2) مثل ذلك، (ثم أتيت زيد بن ثابت فحدثني عن النبي صلى الله عليه وسلم مِثْلَ ذَلِكَ)(3).
وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ: (لَا تَكَلَّمُوا فِي الْقَدَرِ فَإِنَّهُ سِرُّ اللَّهِ)(4)، وَهَذَا كُلُّهُ أَيْضًا غَيْرُ صَحِيحٍ.
وَجَاءَ فِي الْمُرْجِئَةِ (5) وَالْجَهْمِيَّةِ (6)(والأشعرية)(7) شَيْءٌ لَا يَصِحُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ/ صلى الله عليه وسلم، فلا تعويل (عَلَيْهِ)(8).
نَعَمْ نَقَلَ الْمُفَسِّرُونَ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وَجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ *إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ *} (9) نَزَلَ فِي أَهْلِ الْقَدَرِ.
فَرَوَى عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه/ قال: (جاء)(10)
(1) زيادة من (غ) و (ر).
(2)
زيادة من (غ) و (ر).
(3)
ما بين () زيادة من (غ) و (ر) والحديث أخرجه أحمد (5 182 و189)، وابن ماجه (77)، وأبو داود (4699)، وابن حبان (505)، والبيهقي في السنن الكبرى (204)، وصححه الألباني في المشكاة (1 41).
(4)
ورد بنحوه عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً، أخرجه ابن عدي في الكامل (7 186)، في ترجمة يحيى بن أبي أنيسة، وهو ضعيف، وأخرجه بنحوه عن أنس رضي الله عنه مرفوعاً الخطيب البغدادي في تاريخه (2 386)، في ترجمة محمد بن عبد بن عامر السمرقندي، وقال عنه: يحدث المناكير على الثقات، يتهم بالكذب. وأخرجه بنحوه عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً اللالكائي (1122)، وفيه الهيثم بن جماز الحنفي البصري، متروك الحديث، ترجمه ابن حجر في اللسان (6 204)، وذكر الحديث من روايته، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع برقم (4131).
(5)
انظر ملحق الفرق برقم (78).
(6)
انظر تعريفهم في ملحق الفرق.
(7)
زيادة من (غ) و (ر).
(8)
ساقط من (م).
(9)
سورة القمر: الآيتان (48، 49).
(10)
في (ط) و (خ) و (ت): "أتى". وهو ساقط من (م).
مشركو قُرَيْشٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُخَاصِمُونَهُ فِي الْقَدَرِ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ (1). وَرَوَى مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْمُكَذِّبِينَ بِالْقَدَرِ (2)، وَلَكِنْ إِنْ صَحَّ فَفِيهِ دَلِيلٌ، وَإِلَّا فَلَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يُعَيِّنُ أَنَّهُمْ مِنَ الْفِرَقِ، وَكَلَامُنَا فيه.
والثاني (3): حيث تكون الفرقة تدعو إلى ضلالتها وتزينها فِي قُلُوبِ الْعَوَامِّ/ وَمَنْ لَا عِلْمَ عِنْدِهِ، فَإِنَّ ضَرَرَ هَؤُلَاءِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَضَرَرِ إِبْلِيسَ، وهم من شياطين الإنس، فلا بد مِنَ التَّصْرِيحِ بِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبِدْعَةِ وَالضَّلَالَةِ، ونسبتهم إلى الفرق إذا قامت له (الشواهد)(4) عَلَى أَنَّهُمْ مِنْهُمْ، كَمَا اشْتُهِرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ (5) وَغَيْرِهِ. فَرَوَى عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ (6) قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى قَتَادَةَ فَذَكَرَ/ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ فَوَقَعَ فِيهِ وَنَالَ مِنْهُ، فَقُلْتُ: أَبَا الْخَطَّابِ، أَلَا أَرَى الْعُلَمَاءَ يَقَعُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ؟ فقال:(يا أحول)(7) أوَ لا تَدْرِي أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا ابْتَدَعَ بِدَعَةً فَيَنْبَغِي لها أن تذكر حتى (يُحذر)(8)؟
(1) أخرجه مسلم برقم (2656)، وأحمد في المسند (2 444 و476)، والبخاري في خلق أفعال العباد (ص49)، وابن ماجه (83)، والترمذي (2157)، وابن حبان (6139)، وتفسير عبد بن حميد غير مطبوع، ولكن ذكره الشوكاني في فتح القدير (5 129 ـ 130) وعزاه إلى عبد بن حميد وغيره.
(2)
وهو مروي من حديث زرارة الأنصاري مرفوعاً، أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير (18714)، والطبراني في المعجم الكبير (5316)، وذكره ابن حجر في الإصابة (2 562)، و (5 291)، وعزاه لابن شاهين وابن مردويه وابن منده، وذكر أن مداره على حفص بن سليمان اضطرب فيه وهو ضعيف، وبنحوه عن ابن عباس موقوفاً أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير (18715)، واللالكائي (1162 و1388)، وبنحوه في المعجم الكبير للطبراني (11163).
(3)
أي: الثاني من أوجه جواز تعيين الفرقة بأعيانها. انظر ما سبق (ص159).
(4)
في (ط) و (خ) و (ت): "الشهود".
(5)
تقدمت ترجمته.
(6)
هو عاصم بن سليمان البصري، أبو عبد الرحمن، إمام حافظ محدث البصرة، وثقه الإمام أحمد بن حنبل، وابن معين، وأبو زرعة، وغيرهم، توفي سنة 142، وقيل 143هـ. انظر: السير (6 13).
(7)
في (م): "ما خول". وفي (خ): "ما حول". وفي أصل (ط): "ما أحول" في (ت): "بياض بمقدار كلمة. والتصحيح من (غ) و (ر) وتاريخ بغداد (12 179).
(8)
في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "تحذر".
فَجِئْتُ مِنْ عِنْدِ قَتَادَةَ وَأَنَا مُغْتَمٌّ بِمَا سَمِعْتُ مِنْ قَتَادَةَ فِي عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ، وَمَا رَأَيْتُ مَنْ نَسُكِهِ وَهَدْيِهِ،/ فَوَضَعْتُ رَأْسِي نِصْفَ النَّهَارِ وَإِذَا عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ وَالْمُصْحَفُ فِي حِجْرِهِ وَهُوَ يَحُكُّ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، (فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، تَحُكُّ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ؟) (1)، قَالَ: إِنِّي سَأُعِيدُهَا. قَالَ: فَتَرَكْتُهُ حَتَّى حَكَّهَا، فَقُلْتُ لَهُ: أَعِدْهَا، فَقَالَ: لَا أستطيع (2).
فمثل هؤلاء لا بد مِنْ ذِكْرِهِمْ وَالتَّشْرِيدِ بِهِمْ، لِأَنَّ مَا يَعُودُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ ضَرَرِهِمْ إِذَا (تُرِكُوا)(3) أَعْظَمُ مِنَ الضَّرَرِ الْحَاصِلِ بِذِكْرِهِمْ وَالتَّنْفِيرِ عَنْهُمْ إِذَا كَانَ/ سَبَبُ تَرْكِ (التَّعْيِينِ)(4) الْخَوْفُ مِنَ التَّفَرُّقِ والعداوة، ولا شك أن التفرق بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ الدَّاعِينَ لِلْبِدْعَةِ وَحْدَهُمْ إِذَا أُقِيمَ عَلَيْهِمْ أَسْهَلُ مِنَ التَّفَرُّقِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ الدَّاعِينَ وَمَنْ شَايَعَهُمْ وَاتَّبَعَهُمْ، وَإِذَا تَعَارَضَ الضرران فالمرتكب أَخَفُّهُمَا وَأَسْهَلُهُمَا، وَبَعْضُ الشَّرِّ أَهْوَنُ مِنْ جَمِيعِهِ، كَقَطْعِ الْيَدِ الْمُتَآكِلَةِ، إِتْلَافُهَا/ أَسْهَلُ مِنْ إِتْلَافِ النفس. وهذا شأن الشرع أبداً:(أن يَطْرَحُ)(5) حُكْمَ الْأَخَفِّ وِقَايَةً مِنَ الْأَثْقَلِ.
/فَإِذَا فُقِدَ الْأَمْرَانِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُذْكَرُوا (وَلَا أن)(6) يعيَّنوا وإن وُجِدُوا، لِأَنَّ ذَلِكَ أَوَّلُ مُثِيرٍ (لِلشَّرِّ)(7) وَإِلْقَاءِ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ، (وَمَتَى)(8) حَصَلَ بِالْيَدِ مِنْهُمْ أَحَدٌ ذَاكَرَهُ بِرِفْقٍ، وَلَمْ (يُرِهِ)(9) أَنَّهُ خَارِجٌ (مِنَ)(10) السُّنَّةِ، بَلْ يُرِيهِ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ، وَأَنَّ الصَّوَابَ الْمُوَافِقَ لِلسُّنَّةِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَعَصُّبٍ وَلَا إِظْهَارِ غلبه فهو (أنجح وأنفع)(11)، وَبِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ دُعي الْخَلْقُ أَوَّلًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، حَتَّى (إِذَا)(12) عَانَدُوا وَأَشَاعُوا الْخِلَافَ وَأَظْهَرُوا الفرقة قوبلوا بحسب ذلك.
(1) ساقط من (غ) و (ر).
(2)
انظر: تاريخ بغداد (12 179).
(3)
ساقط من (غ) و (ر).
(4)
في (غ) و (ر): "التغيير".
(5)
في (م) و (خ) و (ت): "ويطرح"، وفي (ط):"يطرع".
(6)
في (ط): "لأن".
(7)
في (غ) و (ر): "للشحناء".
(8)
في (ط) و (خ) و (ت): "ومن".
(9)
في (م) و (غ) و (ر): "ير".
(10)
في (ط): "الحج"، وفي (خ):"أنجح".
(11)
في (غ) و (ر): "عن".
(12)
زيادة من (غ) و (ر).