المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة السادسة عشرة - الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني - جـ ٣

[الشاطبي الأصولي النحوي]

فهرس الكتاب

- ‌الْبَابُ الثَّامِنُفِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْبِدَعِ وَالْمَصَالِحِ المرسلة والاستحسان

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌ الْبَابُ التَّاسِعُفِي السَّبَبِ الَّذِي لِأَجْلِهِ افْتَرَقَتْ فرق المبتدعةعن (جماعة المسلمين)

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌المسألة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ:

- ‌الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ:

- ‌الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ:

- ‌المسألة العاشرة:

- ‌الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ (عَشْرَةَ)

- ‌المسألة الثانية عشرة

- ‌المسألة/ الثالثة/ عشرة

- ‌الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ

- ‌المسألة الخامسة عشرة

- ‌الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ

- ‌الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ

- ‌الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ

- ‌الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ

- ‌المسألة العشرون:

- ‌الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ:

- ‌المسألة الثانية والعشرون:

- ‌الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ:

- ‌الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ:

- ‌الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ:

- ‌المسألة السادسة والعشرون:

- ‌الباب العاشرفِي بَيَانِ مَعْنَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ الَّذِي انْحَرَفَتْ عنه سبل أَهْلِ الِابْتِدَاعِ فضلَّت عَنِ الْهُدَى بَعْدَ الْبَيَانِ

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌الملاحقتعريف الفرق الواردة في الباب التاسع في المسألة السابعة

الفصل: ‌المسألة السادسة عشرة

وَالْآيَةُ إِنَّمَا نَزَلَتْ فِي الْكُفَّارِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ} الآية إلى أن قال: {فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ} (1) وَلَمْ يَمْنَعْهُ/ رضي الله عنه إِنْزَالُهَا فِي الْكُفَّارِ مِنَ الِاسْتِشْهَادِ بِهَا فِي مَوَاضِعَ اعْتِبَارًا بِمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ أَصْلٌ شَرْعِيٌّ تَبَيَّنَ فِي كتاب الموافقات (2).

فالحاصل أن من عدا الْفِرَقَ مِنَ الْمُبْتَدِعَةِ الِابْتِدَاعَ الْجُزْئِيَّ لَا يَبْلُغُ مَبْلَغَ أَهْلِ الْبِدَعِ (فِي)(3) الْكُلِّيَّاتِ، فِي الذَّمِّ وَالتَّصْرِيحِ بِالْوَعِيدِ بِالنَّارِ، وَلَكِنَّهُمُ اشْتَرَكُوا فِي الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلذَّمِّ وَالْوَعِيدِ، كَمَا اشْتَرَكَ فِي اللَّفْظِ صَاحِبُ اللَّحْمِ ـ حِينَ تَنَاوَلَ بَعْضَ الطَّيِّبَاتِ عَلَى وَجْهٍ فِيهِ كَرَاهِيَةُ مَا، فِي اجْتِهَادِ عُمَرَ ـ مَعَ مَنْ أَذْهَبَ طَيِّبَاتِهِ فِي حَيَاتِهِ الدُّنْيَا من الكفار، وإن كان (بينهما)(4) مَا (بَيْنَهُمَا)(5) مِنَ الْبَوْنِ الْبَعِيدِ، وَالْقُرْبُ وَالْبُعْدُ (من الطرف)(6) الْمَذْمُومِ بِحَسَبِ مَا يَظْهَرُ مِنَ الْأَدِلَّةِ لِلْمُجْتَهِدِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُ ذَلِكَ فِي بَابِهِ، وَالْحَمْدُ لله.

‌الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ

(7):

/أَنَّ رِوَايَةَ مَنْ/ رَوَى في تفسير الفرقة النَّاجِيَةِ: (وَهِيَ الْجَمَاعَةُ) مُحْتَاجَةٌ إِلَى التَّفْسِيرِ لِأَنَّهُ إن كان (معناها)(8) بَيِّناً مِنْ جِهَةِ تَفْسِيرِ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ـ وَهِيَ قَوْلُهُ: (مَا أَنَا/ عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي) ـ فَمَعْنَى لَفْظِ (الْجَمَاعَةِ) مِنْ حَيْثُ الْمُرَادُ بِهِ فِي إِطْلَاقِ الشَّرْعِ مُحْتَاجٌ إِلَى التَّفْسِيرِ.

فَقَدْ جَاءَ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ مِنْهَا الْحَدِيثُ الَّذِي نَحْنُ فِي تفسيره، ومنها

=عمر عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن عمر بن الخطاب، والقاسم قال عنه الذهبي:"واهٍ".

(1)

سورة الأحقاف: الآية (20).

(2)

انظر: الموافقات (3 239).

(3)

في (م): "وهو ساقط من (غ) و (ر) ".

(4)

زيادة من (غ) و (ر).

(5)

ساقط من (ط). في (ت): "ما بينهما ما بينهما".

(6)

في (ت): "بياض بمقدار كلمتين. وفي (ط) و (م) و (خ): "من العارف".

(7)

في (ت) و (خ) و (م): "عشر".

(8)

في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "معناه".

ص: 206

مَا صَحَّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ، (فَإِنَّهُ)(1) مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ (شِبْرًا)(2) فَمَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً) (3).

وَصَحَّ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ:(نَعَمْ، قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَن، (قُلْتُ)(4): وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: قوم (يستنُّون بغير سنتي و)(5) يهدون/ بغير هديي تعرف منهم وتنكر. (وفي رواية: قوم يهدون بغير هديي ويستنون بغير سنتي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ)(6).

قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: نَعَمْ، دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا، قَالَ: هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا، قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ، قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ (لَهُمْ)(7) جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ؟ قَالَ: فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى (يُدْرِكَكَ)(8) الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ) (9).

وَخَرَّجَ التِّرْمِذِيُّ وَالطَّبَرِيُّ عَنِ ابْنِ/ عُمَرَ قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ بن الخطاب

(1) في (غ) و (ر): "فإن".

(2)

في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "شيئاً".

(3)

أخرجه البخاري في الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية، برقم (7143)، ومسلم (3 1477 ـ 1478)، برقم (1849)، وأحمد في المسند (1 275، 297)، والدارمي في السنن (2 314)، وابن أبي عاصم في السنة (1101)، وأبو يعلى في المسند (4 234)، والبيهقي في السنن الكبرى (8 157)، وفي شعب الإيمان (6 60)، جميعهم من حديث ابن عباس.

(4)

في (م) و (خ): "قال".

(5)

زيادة من (ط).

(6)

ما بين () زيادة من (غ) و (ر).

(7)

زيادة من (ط) و (غ) و (ر).

(8)

في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "يدرك".

(9)

تقدم تخريجه (1 112).

ص: 207

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالْجَابِيَةِ (1) فَقَالَ: إِنِّي قُمْتُ فِيكُمْ كَمَقَامِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِينَا، فَقَالَ:(أُوصِيكُمْ بِأَصْحَابِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ (يَفْشُو)(2) الْكَذِبُ حَتَّى يَحْلِفَ الرَّجُلُ وَلَا يُستحلف، وَيَشْهَدَ وَلَا يُستشهد، عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ، وَإِيَّاكُمْ/ وَالْفُرْقَةَ، لَا يخلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ، فَإِنَّهُ لَا (يخلُونَّ)(3) رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثُهُمَا/ الشَّيْطَانُ، الشَّيْطَانُ مَعَ الْوَاحِدِ وَهُوَ مِنَ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ، وَمَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الْجَمَاعَةَ، وَمَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَذَلِكَ هُوَ الْمُؤْمِنُ) (4).

وَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ("يد الله مع الجماعة" (5)، حديث غريب.

ومثله عن ابن عمر قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (6): "إن الله لا يجمع أمتي (أو قال: أمة محمد) (7) عَلَى ضَلَالَةٍ، وَيَدُ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ، وَمَنْ شَذَّ شذَّ إِلَى النَّارِ"(8).

وخرَّج أَبُو دَاوُدَ/ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ:/ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ قِيد شِبْرٍ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عنقه"(9).

(1) الجابية: منطقة تقع شمال بلدة الصنمين في سوريا، ولها تل يعرف بتل الجابية، وهي قريبة من الجولان. انظر: معجم المعالم الجغرافية، لعاتق البلادي. (ص77).

(2)

في (غ) و (ر): "يفتروا".

(3)

في (غ) و (ر): "يخلو".

(4)

أخرجه الترمذي (2165)، وأحمد في المسند (114) و (177)، وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح. وأخرجه ابن ماجه (2363)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه (2 43)، وأخرجه ابن أبي عاصم في السنة (1490)، والنسائي في السنن الكبرى (9224)، والحاكم في المستدرك (387)، والضياء في المختارة (185).

(5)

أخرجه الترمذي (2166)، وقال: هذا حديث حسن غريب.

(6)

ما بين () زيادة من (غ) و (ر).

(7)

زيادة من (غ) و (ر).

(8)

أخرجه الترمذي (2167)، وقال الألباني في صحيح سنن الترمذي (2 232): صحيح دون قوله: "ومن شذ". وأخرجه ابن أبي عاصم في السنة (80)، والحاكم في المستدرك (391 ـ 397).

(9)

أخرجه أبو داود برقم (4758)، وأحمد في المسند (5 180)، وابن أبي عاصم في السنة برقم (892) و (1035)، وصححه الألباني في ظلال الجنة (2 434)، وأخرجه=

ص: 208

وَعَنْ عَرْفَجَةَ (1) قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: "ستكون فِي أُمَّتِي (هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ)(2)، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ (يُفَرِّقَ)(3) أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ جَمِيعٌ فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ كَائِنًا مَنْ كَانَ) (4).

فَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي مَعْنَى الْجَمَاعَةِ الْمُرَادَةِ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ عَلَى خَمْسَةِ أقوال:

أَحَدُهَا: (أَنَّهَا)(5) السَّوَادُ الْأَعْظَمُ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَهُوَ (الَّذِي)(6) يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ أَبِي غَالِبٍ (7): إِنَّ السَّوَادَ الْأَعْظَمَ (هُمُ)(8) النَّاجُونَ مِنَ الْفِرَقِ، فَمَا كَانُوا عَلَيْهِ مَنْ أَمْرِ دِينِهِمْ فَهُوَ الْحَقُّ، وَمَنْ خَالَفَهُمْ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، سَوَاءٌ خَالَفَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنَ الشَّرِيعَةِ أَوْ فِي إِمَامِهِمْ وَسُلْطَانِهِمْ، فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْحَقِّ.

وَمِمَّنْ قَالَ بهذا أبو مسعود الأنصاري (9) وعبد الله بن مَسْعُودٍ، فَرَوَى أَنَّهُ لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ سُئل أَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنِ الْفِتْنَةِ، فَقَالَ: عَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ لِيَجْمَعَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم عَلَى ضَلَالَةٍ، واصبر حتى (يستريح برٌّ)(10)، أو يستراح من فاجر (11).

=الحاكم في المستدرك (401 و402)، والشهاب في المسند (448)، وذكر له روايات أخر ابن حجر في التلخيص الحبير (4 41).

(1)

هو عرفجة بن شريح الكندي، روى عنه أبو حازم الأشجعي، وزياد بن علامة ووقدان العبدي. انظر: الجرح والتعديل (7 17)، والإصابة (2 474).

(2)

في (ط): "هنيات وهنيات".

(3)

في (غ) و (ر): "يفارق".

(4)

أخرجه مسلم (1852)، وأبو داود الطيالسي (1224)، وأحمد (4 261 و341) و (6 23)، وأبو داود (4762)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2852)، والنسائي في المجتبى (4020 ـ 4023)، وفي الكبرى (3483 ـ 3486)، وابن حبان (4577)، والطبراني في الكبير (487 و488) و (17 برقم 353 ـ 367)، والحاكم (2665)، والبيهقي في السنن الكبرى (16466 ـ 16468).

(5)

في (غ) و (ر): "أنه".

(6)

ساقط من (غ) و (ر).

(7)

تقدمت ترجمته (ص123).

(8)

في (م) و (خ) و (غ) و (ر): "هو".

(9)

هو عقبة بن عمرو بن ثعلبة الأنصاري، روى أحاديث كثيرة، ومعدود في علماء الصحابة، نزل الكوفة، وتوفي 39هـ، وقيل 40هـ. انظر: طبقات ابن سعد (6 16)، والجرح والتعديل (6 313).

(10)

في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "تستريح".

(11)

أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (19461)، والحاكم (8545)، وبنحوه في السنة=

ص: 209

وَقَالَ: إِيَّاكَ وَالْفُرْقَةَ فَإِنَّ الْفُرْقَةَ هِيَ الضَّلَالَةُ (1).

وقال/ ابن مسعود رضي الله عنه: عليكم بالسمع والطاعة (والجماعة)(2) فَإِنَّهَا حَبْلُ اللَّهِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ، ثُمَّ قَبَضَ يَدَهُ وَقَالَ: إِنَّ الَّذِي تَكْرَهُونَ فِي/ الجماعة خير من الذي تُحِبُّونَ فِي الْفُرْقَةِ (3).

وَعَنِ الْحُسَيْنِ (4) قِيلَ لَهُ: أَبُو بَكْرٍ خَلِيفَةُ رَسُولِ/ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فقال: إي و (الله)(5) الذي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، مَا كَانَ اللَّهُ لِيَجْمَعَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ عَلَى ضَلَالَةٍ.

فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَدْخُلُ فِي الْجَمَاعَةِ مُجْتَهِدُو الْأُمَّةِ وَعُلَمَاؤُهَا وَأَهْلُ الشَّرِيعَةِ (الْعَامِلُونَ)(6) بِهَا، وَمَنْ سِوَاهُمْ دَاخِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ، لِأَنَّهُمْ تَابِعُونَ لَهُمْ وَمُقْتَدُونَ بِهِمْ، (فَكُلُّ)(7) مَنْ خَرَجَ عَنْ جَمَاعَتِهِمْ فَهُمُ الَّذِينَ شذُّوا وَهُمْ (نُهْبَةُ)(8) الشَّيْطَانِ، وَيَدْخُلُ فِي هَؤُلَاءِ جَمِيعُ أَهْلِ الْبِدَعِ لِأَنَّهُمْ مُخَالِفُونَ لِمَنْ تَقَدَّمَ مِنَ الْأُمَّةِ، لَمْ يَدْخُلُوا فِي سَوَادِهِمْ بِحَالٍ.

والثاني: أَنَّهَا جَمَاعَةُ أَئِمَّةِ الْعُلَمَاءِ الْمُجْتَهِدِينَ، فَمَنْ خَرَجَ (عمّا)(9) عليه

=لابن أبي عاصم (85)، وقال الألباني: إسناده جيد موقوف، رجاله رجال الشيخين، والحديث رواه الطبراني في الكبير (17 239 ـ 240)، من طريقين أحدهما رجاله ثقات، كما في المجمع (5 219).

(1)

أخرجه الطبراني في الكبير (17 239).

(2)

زيادة من (غ) و (ر).

(3)

في (م) و (ت): "إن الذين تكرهون

من الذين تحبون في الفرقة". وفي (ط): "إن الذي تكرهون

من الذين تحبون في الفرقة". أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (19184)، والطبراني في الكبير (8973)، والحاكم في المستدرك (8663) وقال: صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي! والأثر من طريق ثابت بن قطبة عن ابن مسعود، وثابت بن قطبة لم يخرج له أحد من أصحاب الكتب الستة، وأخرجه مختصراً ابن جرير في تفسيره (7579 ـ 7581)، والآجري في الشريعة (17)، واللالكائي (158 و159).

(4)

لم أعرف من هو، ولعله الحسين بن واقد، وستأتي ترجمته، وفي (غ) و (ر):"الحسن".

(5)

زيادة من (غ) و (ر).

(6)

في (م) و (خ): "العاملين".

(7)

في (غ) و (ر): "في كل".

(8)

في (من): "نهمة".

(9)

في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "فما".

ص: 210

(جماعة)(1) علماء الأمة مات ميتة جاهلية، (لأن الله تعالى، جعلهم حُجَّةً عَلَى الْعَالَمِينَ)(2)، وَهُمُ الْمَعْنِيُّونَ بِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام:"إِنَّ اللَّهَ لَنْ يَجْمَعَ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ"(3)، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَامَّةَ عَنْهَا/ تَأْخُذُ دينها، وإليها تفزع (في)(4) النَّوَازِلِ، وَهِيَ تَبَعٌ لَهَا، فَمَعْنَى قَوْلِهِ:"لَنْ تجتمع أمتي (على ضلالة) (5) ": لَنْ يَجْتَمِعَ عُلَمَاءُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ.

(وَمِمَّنْ)(6) قَالَ بِهَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَجَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ وَهُوَ رَأْيُ الأصوليين، فقيل لعبد اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ: مَنِ الْجَمَاعَةُ الَّذِينَ يَنْبَغِي/ أَنْ يُقْتَدَى بِهِمْ؟ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ـ فَلَمْ يَزَلْ (يَحْسِبُ)(7) حَتَّى انْتَهَى إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ (8)(وَالْحُسَيْنِ)(9) بْنِ وَاقِدٍ (10) ـ (فَقِيلَ)(11): هَؤُلَاءِ مَاتُوا، فَمَنِ الْأَحْيَاءُ؟ قَالَ: أَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ (12).

(1) زيادة من (غ) و (ر).

(2)

في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): لِأَنَّ جَمَاعَةَ اللَّهِ الْعُلَمَاءُ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ حُجَّةً على العالمين.

(3)

تقدم تخريجه (3/ 208).

(4)

في (ط): "من".

(5)

زيادة من (غ) و (ر).

(6)

في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "ومن".

(7)

في (غ) و (ر): "يحسر".

(8)

هو محمد بن ثابت المروزي البصري، روى عنه ابن المبارك، وقال عنه يحيى بن معين: ثقة مأمون، انظر: الجرح والتعديل (7 216).

(9)

في (غ) و (ر): "والحسن".

(10)

هو حسين بن واقد أبو عبد الله القرشي، قاضي مرو وشيخها أخرج له مسلم والأربعة، وتوفي سنة 157هـ، وقيل 159هـ. انظر: الجرح والتعديل (3 66)، وطبقات ابن سعد (7 371)، والسير (7 104).

(11)

في (غ) و (ر): "ولقد قيل".

(12)

هو الإمام الحافظ محمد بن ميمون المروزي أبو حمزة السكري عالم مرو، من شيوخ ابن المبارك، وأقران حسين بن واقد، وسمي بالسكري لحلاوة كلامه، توفي سنة 167هـ. انظر: الجرح والتعديل (8 81)، وطبقات ابن سعد (7 373)، وتاريخ بغداد (3 266 ـ 269)، والسير (7 385).

والأثر أخرجه الترمذي (4 404)، وقال: وأبو حمزة هو محمد بن ميمون، وكان شيخاً صالحاً، وإنما قال هذا في حياته عندنا، وأخرجه بنحوه اللالكائي برقم (2326).

ص: 211

وَعَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ (1) قَالَ: كَانُوا إِذَا جَاءَهُمْ شَيْءٌ مِنَ الْقَضَاءِ لَيْسَ فِي كِتَابِ الله ولا سنة رسوله ((ص)) سَمَّوْهُ: صَوَافِي الْأُمَرَاءِ، فَجَمَعُوا لَهُ أَهْلَ الْعِلْمِ، فَمَا أَجْمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَيْهِ فَهُوَ الْحَقُّ (2).

وَعَنْ إِسْحَاقَ/ بْنِ رَاهَوَيْهِ نَحْوٌ مِمَّا قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ (3).

فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا مَدْخَلَ فِي (هذا)(4)(السواد)(5) لِمَنْ لَيْسَ بِعَالِمٍ مُجْتَهِدٍ، لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي أَهْلِ التَّقْلِيدِ، فَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ بِمَا يُخَالِفُهُمْ فهو صاحب الميتة الجاهلية، ولا يدخل (فيهم)(6)(أَيْضًا)(7) أَحَدٌ مِنَ الْمُبْتَدِعِينَ، لِأَنَّ الْعَالِمَ أَوَّلًا لَا يَبْتَدِعُ، وَإِنَّمَا يَبْتَدِعُ مَنِ ادَّعَى لِنَفْسِهِ الْعِلْمَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَلِأَنَّ الْبِدْعَةَ قَدْ أَخْرَجَتْهُ عَنْ نَمَطِ مَنْ يُعْتَدُّ بِأَقْوَالِهِ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُبْتَدِعَ لَا يُعْتَدُّ بِهِ في الإجماع، وإن قيل بالاعتداد بهم فيه ففي غير المسألة الَّتِي ابْتَدَعَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُمْ فِي نَفْسِ الْبِدْعَةِ مخالفون للإجماع: فعلى كل تقدير لا يدخلون في السواد/ الأعظم (أصلاً)(8).

والثالث: إن الجماعة هي (جماعة)(9) الصَّحَابَةُ عَلَى الْخُصُوصِ، فَإِنَّهُمُ الَّذِينَ أَقَامُوا عِمَادَ الدِّينِ وَأَرْسَوْا أَوْتَادَهُ، وَهُمُ الَّذِينَ لَا يَجْتَمِعُونَ عَلَى ضَلَالَةٍ أَصْلًا، وَقَدْ يُمْكِنُ/ فِيمَنْ/ سِوَاهُمْ ذلك، ألا ترى قوله صلى الله عليه وسلم:"لا تَقُومُ السَّاعَةُ عَلَى أَحَدٍ يَقُولُ اللَّهُ اللَّهُ"(10).

(1) هو المسيب بن رافع أبو العلاء الأسدي الكاهلي، كوفي ثبت، حدث عن جابر بن سمرة، وأبي سعيد الخدري، وغيرهما، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وتوفي سنة 105هـ. انظر: السير (5 102)، والجرح والتعديل، (8 293)، وطبقات ابن سعد (6 293).

(2)

أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم (2071).

(3)

سيذكره المؤلف في (3/ 218).

(4)

زيادة من (م) و (غ) و (ر).

(5)

في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "السؤال".

(6)

في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "فيها".

(7)

ساقط من (غ) و (ر).

(8)

في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "رأساً".

(9)

زيادة من (غ) و (ر).

(10)

أخرجه مسلم (148)، وعبد بن حميد في المنتخب (1247 و1412)، وابن راهويه في=

ص: 212

وَقَوْلَهُ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا عَلَى شَرَارِ الناس"(1)، فقد أخبر عليه الصلاة/ والسلام أَنَّ مِنَ الْأَزْمَانِ أَزْمَانًا يَجْتَمِعُونَ فِيهَا عَلَى ضَلَالَةٍ وَكُفْرٍ.

قَالُوا: وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ: سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَوُلَاةُ الْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ سُنَنًا، الْأَخْذُ بِهَا تَصْدِيقٌ لِكِتَابِ اللَّهِ، وَاسْتِكْمَالٌ (لِطَاعَةِ)(2) اللَّهِ، وَقُوَّةٌ عَلَى دِينِ/ اللَّهِ، لَيْسَ لِأَحَدٍ (تبديلها ولا)(3) تغييرها ولا النظر فيما خالفها، مَنِ اهْتَدَى بِهَا مُهْتَدٍ، وَمَنِ اسْتَنْصَرَ بِهَا مَنْصُورٌ، وَمَنْ خَالَفَهَا اتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ، وَوَلَّاهُ اللَّهُ مَا تَوَلَّى، وَأَصْلَاهُ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ (مَصِيرًا)(4)، فَقَالَ مَالِكٌ ـ: فَأَعْجَبَنِي/ عَزْمُ عُمَرَ عَلَى ذلك (5).

فعلى هذا القول (لفظ)(6) الجماعة مطابق للرواية الأخرى في قوله صلى الله عليه وسلم: "مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي"، فَكَأَنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى (أن)(7) مَا قَالُوهُ وَمَا سَنُّوهُ، وَمَا اجْتَهَدُوا فِيهِ حجة على الإطلاق، (لشهادة) (8) رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَهُمْ بِذَلِكَ خُصُوصًا فِي قَوْلِهِ:((فَعَلَيْكُمْ)(9) بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخلفاء

=المسند (387)، وأحمد (3 162)، و (3 107 و201 و268)، والترمذي (2207)، وأبو يعلى (3526)، وابن حبان (6848 و6849)، والحاكم (8511 ـ 8516).

(1)

أخرجه مسلم (2949)، وأبو داود الطيالسي في مسنده (311)، وابن راهويه (386)، وأحمد (1 394 و435)، و (3 499)، وابن ماجه (4039)، وأبو يعلى (5248)، وابن حبان (6850)، والطبراني في الصغير (485)، وفي الكبير (7757 و7894 و10097) و (18 84 برقم 835)، والقضاعي (898 و901 و902)، والحاكم (8359 و8363 و8364 و8517).

(2)

في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "الطاعة".

(3)

ساقط من (غ) و (ر).

(4)

في (م): "سعيرا".

(5)

أخرجه عبد الله في السنة (766)، والآجري برقم (92 و139)، وابن عبد البر في جامع بيان العلم (2326)، وابن بطة في الكبرى (230 و231)، وأبو نعيم في الحلية (6 324)، واللالكائي برقم (134).

(6)

في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "فلفظ".

(7)

زيادة من (غ) و (ر).

(8)

في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "وبشهادة".

(9)

في (غ) و (ر): "عليكم".

ص: 213

الراشدين) (1) وأشباهه، (ولأنهم)(2)(المتلقون)(3) لكلام النبوة، (المهتدون بالشريعة)(4)، الذين فهموا (مراد)(5) اللَّهِ بِالتَّلَقِّي مِنْ نَبِيِّهِ مُشَافَهَةً، عَلَى عِلْمٍ وَبَصِيرَةٍ بِمَوَاطِنِ التَّشْرِيعِ وَقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ، فَإِذًا كُلُّ مَا سنُّوه فَهُوَ سُنَّةٌ مِنْ غير (نظرٍ)(6)(فِيهِ)(7) بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ، فَإِنَّ فِيهِ لِأَهْلِ الِاجْتِهَادِ مجالاً للنظر رداً أو قبولاً، فَأَهْلُ الْبِدَعِ إِذًا غَيْرُ دَاخِلِينَ فِي الْجَمَاعَةِ قطعاً على هذا القول.

والرابع: أَنَّ الْجَمَاعَةَ هِيَ جَمَاعَةُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، إِذَا أَجْمَعُوا عَلَى أَمْرٍ فَوَاجِبٌ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ اتِّبَاعُهُمْ، وَهُمُ الَّذِينَ ضَمِنَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ عليه الصلاة والسلام أَنْ لَا يَجْمَعَهُمْ عَلَى ضَلَالَةٍ، فَإِنْ وَقَعَ بَيْنَهُمُ اخْتِلَافٌ فَوَاجِبٌ تَعَرُّفُ الصَّوَابِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ:/ الْجَمَاعَةُ لَا تَكُونُ فِيهَا غَفْلَةٌ عَنْ مَعْنَى كِتَابِ اللَّهِ، وَلَا سُنَّةٍ وَلَا قِيَاسٍ، وَإِنَّمَا تَكُونُ الْغَفْلَةُ فِي الْفُرْقَةِ (8).

/وَكَأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ راجع إِلَى الثَّانِي وَهُوَ يَقْتَضِي أَيْضًا مَا يَقْتَضِيهِ، أَوْ يَرْجِعُ إِلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَفِيهِ مِنَ الْمَعْنَى مَا فِي الْأَوَّلِ مِنْ أنه لا بد مِنْ كَوْنِ الْمُجْتَهِدِينَ فِيهِمْ، وَعِنْدَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ مَعَ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ بِدْعَةٌ أصلاً، فهم ـ إذاً ـ الفرقة الناجية.

والخامس: مَا اخْتَارَهُ الطَّبَرِيُّ الْإِمَامُ مِنْ أَنَّ الْجَمَاعَةَ جماعة المسلمين

(1) أخرجه أحمد (4 126 و127)، والدارمي (95)، وأبو داود (4607)، وابن ماجه (42 ـ 44)، والترمذي (2676)، والحارث بن أبي أسامة ـ بغية الباحث ـ (55 و56)، والطبراني في الأوسط (66)، وفي الكبير (18 245 برقم 617 ـ 624 و642)، والحاكم (329 ـ 333)، والبيهقي في السنن الكبرى (20125).

(2)

في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "أو لأنهم".

(3)

في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "المتقلدون".

(4)

في (غ) و (ر): "الممهدون للشريعة".

(5)

في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "أمر دين".

(6)

في (ط): "نظير".

(7)

زيادة من (غ) و (ر).

(8)

انظر: "الرسالة" للشافعي (ص475).

ص: 214

إذا/ اجتمعوا على (أمير)(1)، فأمر صلى الله عليه وسلم بِلُزُومِهِ وَنَهَى عَنْ فِرَاقِ الْأُمَّةِ فِيمَا اجْتَمَعُوا/ عليه من تقديمه عليهم لأن فراقهم (إياه)(2) لَا يَعْدُو إِحْدَى (حَالَتَيْنِ)(3) ـ إِمَّا (لِلنَّكِيرِ)(4) عَلَيْهِمْ فِي طَاعَةِ أَمِيرِهِمْ وَالطَّعْنِ عَلَيْهِ/ فِي سِيرَتِهِ المَرْضِيَّة لِغَيْرِ مُوجِبٍ، بَلْ (بِالتَّأْوِيلِ)(5) فِي إِحْدَاثِ بِدْعَةٍ فِي الدِّينِ، كَالْحَرُورِيَّةِ الَّتِي أُمِرَتِ الْأُمَّةُ بِقِتَالِهَا وَسَمَّاهَا (النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (6): مَارِقَةً مِنَ الدِّينِ، وَإِمَّا (لِطَلَبِ)(7) إِمَارَةٍ مِنِ بعد انْعِقَادِ الْبَيْعَةِ لِأَمِيرِ الْجَمَاعَةِ، فَإِنَّهُ نَكْثُ عَهْدٍ ونقض (عقد)(8) بَعْدَ وُجُوبِهِ.

وَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ جَاءَ إِلَى أُمَّتِي لِيُفَرِّقَ جَمَاعَتَهُمْ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ كَائِنًا مَنْ كَانَ"(9)، قَالَ الطَّبَرِيُّ فَهَذَا مَعْنَى الْأَمْرِ بِلُزُومِ الْجَمَاعَةِ.

قَالَ: وَأَمَّا الْجَمَاعَةُ الَّتِي إِذَا اجْتَمَعَتْ عَلَى الرِّضَى بِتَقْدِيمِ أَمِيرٍ كَانَ الْمُفَارِقُ لَهَا (مَيِّتًا مِيتَةً)(10) جَاهِلِيَّةً، فَهِيَ الْجَمَاعَةُ الَّتِي وَصَفَهَا أَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ رضي الله عنه (وغيره)(11)، (وَهُمْ)(12) مُعْظَمُ النَّاسِ وَكَافَّتُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُمُ السَّوَادُ الْأَعْظَمُ.

قَالَ: وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فروى عن عمرو بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيِّ (13) قَالَ: قَالَ: عُمَرُ ـ حِينَ طُعِنَ ـ لِصُهَيْبٍ صلِّ بِالنَّاسِ ثَلَاثًا وَلْيَدْخُلْ عليَّ عثمانُ وعليٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَسَعْدٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ،

(1) في (م): "أمر".

(2)

زيادة من (غ) و (ر).

(3)

في (غ) و (ر): "خلتين".

(4)

في (م): "النكير".

(5)

في (غ) و (ر): "لتأويل".

(6)

ما بين القوسين ساقط من (ت) و (غ) و (ر).

(7)

في (م): "الطلب".

(8)

في (ط) و (م) و (خ): "عهد".

(9)

تقدم تخريجه (3/ 209).

(10)

في (غ) و (ر): "ميتته".

(11)

زيادة من (غ) و (ر).

(12)

في (غ) و (ر): "وهو".

(13)

هو أبو عبد الله عمرو بن ميمون الأودي الكوفي، الإمام الحجة، أدرك الجاهلية، وأسلم في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، وقدم الشام مع معاذ بن جبل، وتفقه عليه، توفي سنة 74، وقيل 75، وقيل 76هـ. انظر: طبقات ابن سعد (6 117)، والسير (4 158).

ص: 215

وَلْيَدْخُلِ (ابْنُ عُمَرَ)(1) فِي جَانِبِ الْبَيْتِ وَلَيْسَ لَهُ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ، فَقُمْ يَا صُهَيْبُ عَلَى رُؤُوسِهِمْ بِالسَّيْفِ/ فَإِنْ بَايَعَ/ خَمْسَةٌ وَنَكَصَ (رجل)(2) وَاحِدٌ فَاجْلِدْ رَأْسَهُ بِالسَّيْفِ، وَإِنْ بَايَعَ أَرْبَعَةٌ ونكص رجلان فاجلد رؤوسهما حَتَّى يَسْتَوْثِقُوا عَلَى رَجُلٍ (3).

قَالَ: فَالْجَمَاعَةُ الَّتِي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بِلُزُومِهَا وَسَمَّى الْمُنْفَرِدَ عَنْهَا مُفَارِقًا لَهَا نَظِيرُ الْجَمَاعَةِ الَّتِي أَوْجَبَ عُمَرُ الْخِلَافَةَ لِمَنِ اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ، وَأَمَرَ صُهَيْبًا بِضَرْبِ رَأْسِ الْمُنْفَرِدِ عَنْهُمْ بِالسَّيْفِ، (فَهُمْ)(4) فِي مَعْنَى/ كَثْرَةِ/ الْعَدَدِ الْمُجْتَمِعِ عَلَى بَيْعَتِهِ وَقِلَّةِ الْعَدَدِ الْمُنْفَرِدِ عَنْهُمْ.

قَالَ: وَأَمَّا الْخَبَرُ الَّذِي ذُكِرَ فِيهِ أَنْ لَا تَجْتَمِعَ الْأُمَّةُ عَلَى ضَلَالَةٍ فَمَعْنَاهُ أَنْ لَا يَجْمَعَهُمْ عَلَى إِضْلَالِ الْحَقِّ فِيمَا (نَابَهُمْ)(5) مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ حَتَّى يَضِلَّ جَمِيعُهُمْ (عَنِ)(6) الْعِلْمِ وَيُخْطِئُوهُ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ فِي الْأُمَّةِ (7).

هَذَا تَمَامُ كَلَامِهِ وَهُوَ مَنْقُولٌ بِالْمَعْنَى وَتَحَرٍّ (فِي)(8) أَكْثَرِ اللَّفْظِ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْجَمَاعَةَ رَاجِعَةٌ إِلَى الِاجْتِمَاعِ عَلَى الْإِمَامِ الْمُوَافِقِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَذَلِكَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الِاجْتِمَاعَ عَلَى غَيْرِ سُنَّةٍ خارج عن معنى الجماعة المذكورة فِي الْأَحَادِيثِ (الْمَذْكُورَةِ)(9) كَالْخَوَارِجِ وَمَنْ جَرَى مُجْرَاهُمْ.

فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ/ دَائِرَةٌ عَلَى اعْتِبَارِ أَهْلِ السنة والاتباع، وأنهم

(1) في (م): "عمر".

(2)

زيادة من (غ) و (ر).

(3)

قصة تولية عثمان الخلافة أخرجها البخاري مطولة (3700)، وابن أبي شيبة في المصنف (18905 و18906 و11921)، وابن سعد في الطبقات الكبرى (3 337 ـ 355)، وابن جرير في تهذيب الآثار، مسند عمر (2 922).

(4)

ما بين القوسين ساقط من (م) و (ت) و (غ) و (ر)، وفي (خ):"عنهم".

(5)

في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "أنابهم".

(6)

ساقط من (غ) و (ر).

(7)

لم أجد كلام ابن جرير في مظانه من كتبه المطبوعة، ولعله في القسم المفقود من تهذيب الآثار.

(8)

ساقط من (غ) و (ر).

(9)

ساقط من (غ) و (ر).

ص: 216