الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المرادون بالأحاديث، فلنأخذ ذلك أصلاً ونبني عَلَيْهِ مَعْنًى آخَرُ، وَهِيَ:
/
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ
(1):
وَذَلِكَ أَنَّ الْجَمِيعَ اتَّفَقُوا عَلَى اعْتِبَارِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالِاجْتِهَادِ سَوَاءٌ ضَمُّوا إِلَيْهِمُ الْعَوَامَّ أَمْ لا، فإن لم يضموا إليهم (العوام)(2) فَلَا إِشْكَالَ أَنَّ الِاعْتِبَارَ إِنَّمَا هُوَ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ مِنَ الْعُلَمَاءِ/ الْمُعْتَبَرِ اجْتِهَادُهُمْ، فَمَنْ شَذَّ عَنْهُمْ فَمَاتَ فَمِيتَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ، وَإِنْ ضَمُّوا إِلَيْهِمُ الْعَوَامَّ فَبِحُكْمِ التَّبَعِ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ عَارِفِينَ بِالشَّرِيعَةِ، فلا بد مِنْ رُجُوعِهِمْ فِي دِينِهِمْ إِلَى الْعُلَمَاءِ، فَإِنَّهُمْ لَوْ تَمَالَئُوا عَلَى مُخَالَفَةِ الْعُلَمَاءِ فِيمَا حَدُّوا لَهُمْ لَكَانُوا هُمُ الْغَالِبَ وَالسَّوَادَ الْأَعْظَمَ فِي ظَاهِرِ الْأَمْرِ، لِقِلَّةِ الْعُلَمَاءِ وَكَثْرَةِ الْجُهَّالِ، فَلَا يَقُولُ أَحَدٌ: إِنَّ اتِّبَاعَ جَمَاعَةِ الْعَوَامِّ هُوَ الْمَطْلُوبُ، وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ هُمُ الْمُفَارِقُونَ لِلْجَمَاعَةِ وَالْمَذْمُومُونَ فِي الْحَدِيثِ. بَلِ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ، وَأَنَّ الْعُلَمَاءَ هُمُ السَّوَادُ الْأَعْظَمُ وَإِنْ قَلُّوا، وَالْعَوَامُّ هُمُ الْمُفَارِقُونَ لِلْجَمَاعَةِ إِنْ خَالَفُوا، فَإِنْ وَافَقُوا فَهُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ.
/وَمِنْ هُنَا لَمَّا سُئِلَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ يُقْتَدَى بِهِمْ أَجَابَ بِأَنْ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ـ قَالَ ـ فَلَمْ (يَزَلْ يَحْسِبُ)(3) حَتَّى انْتَهَى إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ وَالْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، قِيلَ: فَهَؤُلَاءِ مَاتُوا، فَمَنِ الْأَحْيَاءُ؟ قَالَ: أَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ الْمَرْوَزِيُّ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُعْتَبَرَ الْعَوَامُّ فِي هَذِهِ الْمَعَانِي بِإِطْلَاقٍ، وَعَلَى هَذَا لَوْ فَرَضْنَا خُلُوَّ الزَّمَانِ (عَنْ)(4) مُجْتَهِدٍ لم يمكن اتِّبَاعُ الْعَوَامِّ لِأَمْثَالِهِمْ، وَلَا عَدُّ سَوَادِهِمْ/ أَنَّهُ السَّوَادُ الْأَعْظَمُ الْمُنَبَّهُ عَلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي مَنْ خَالَفَهُ فَمِيتَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ، بَلْ يَتَنَزَّلُ النَّقْلُ عَنِ الْمُجْتَهِدِينَ مَنْزِلَةَ وُجُودِ الْمُجْتَهِدِينَ، فَالَّذِي يَلْزَمُ (الْعَوَامُّ)(5) مَعَ وُجُودِ الْمُجْتَهِدِينَ هُوَ الَّذِي يَلْزَمُ أهل الزمان المفروض الخالي عن (المجتهدين)(6).
(1) في (ت) و (م) و (خ): "عشر".
(2)
زيادة من (غ) و (ر).
(3)
في (غ) مكان كلمة يزل يوجد طمس، وبدل:"يحسب": "يحسر".
(4)
في (غ) و (ر): "من".
(5)
ساقط من (غ) و (ر)
(6)
في (ط) و (خ): "المجتهد".
وَأَيْضًا فَاتِّبَاعُ نَظَرِ مَنْ لَا نَظَرَ (لَهُ)(1) وَاجْتِهَادِ مَنْ لَا اجْتِهَادَ (لَهُ)(1) مَحْضُ ضَلَالَةٍ، وَرَمْيٌ فِي عَمَايَةٍ، وَهُوَ مُقْتَضَى الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ:"إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا (يَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ عَالِمٌ اتَّخَذَ النَّاسُ رؤساء جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا) (2) "(1).
/رَوَى (أَبُو نُعَيْمٍ)(3) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ الطوسي (4)(ـ خديم محمد بن أسلم الطُّوسِيِّ ـ)(5) قَالَ: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِ (وَذَكَرَ)(6) فِي حَدِيثٍ رَفَعَهُ/ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ لِيَجْمَعَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ عَلَى ضَلَالَةٍ، فَإِذَا رَأَيْتُمُ الِاخْتِلَافَ فَعَلَيْكُمْ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ"(7)، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَبَا يَعْقُوبَ، مَنِ السَّوَادُ الْأَعْظَمُ؟ فَقَالَ: مُحَمَّدُ بن أسلم (8) وأصحابه ومن (تبعه)(9)، ثُمَّ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ الْمُبَارَكِ: مَنِ السَّوَادُ الْأَعْظَمُ؟ قَالَ: أَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ. ثُمَّ قَالَ إِسْحَاقُ: فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ ـ يَعْنِي أَبَا حَمْزَةَ ـ وَفِي زَمَانِنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَمَنْ تَبِعَهُ،/ ثُمَّ قَالَ إِسْحَاقُ: لَوْ سَأَلْتَ الْجُهَّالَ عَنِ السَّوَادِ الْأَعْظَمِ لَقَالُوا: جَمَاعَةُ النَّاسِ، وَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ الْجَمَاعَةَ عَالِمٌ مُتَمَسِّكٌ بِأَثَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَطَرِيقِهِ، فَمَنْ كَانَ مَعَهُ وَتَبِعَهُ فَهُوَ الْجَمَاعَةُ (10). ثُمَّ قَالَ إِسْحَاقُ: لَمْ أَسْمَعْ عَالِمًا// مُنْذُ خَمْسِينَ سَنَةً (كَانَ أشد تمسكاً بأثر
(1) ما بين القوسين ساقط من (م)
(2)
ما بين () زيادة من (غ) و (ر) والحديث. تقدم تخريجه (1/ 117).
(3)
في (غ) و (ر): "نعيم" هو أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني، صاحب كتاب الحلية، ولد سنة 336هـ، وكان من الحفاظ الأعلام والمتفردين في عصره بعلو الإسناد، توفي 403هـ. انظر: السير (17 453).
(4)
هو خادم محمد بن أسلم الطوسي، انظر: تذكرة الحفاظ (2 532).
(5)
زيادة من (غ) و (ر).
(6)
في (غ) و (ر): واذكر.
(7)
تقدم تخريجه (3/ 123).
(8)
هو محمد بن أسلم بن سالم الطوسي أبو الحسن، تقدمت ترجمته (2 583).
(9)
في (ط) و (ت): "تبعهم".
(10)
في الحلية بعد الجملة المذكورة قال: "ومن خالفه فيه، ترك الجماعة ثم قال إسحاق
…
إلخ".