الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(11) - (1462) - بَابُ الْعُقُوبَاتِ
(52)
- 3962 - (1) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ
===
(11)
- (1462) - (باب العقوبات)
(52)
- 3962 - (1)(حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي، ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة أربع وثلاثين ومئتين (234 هـ). يروي عنه:(ع).
(وعلي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه: (ق).
(قالا) أي: قال كل منهما: (حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم الضرير التميمي الكوفي، ثقة ثبت، من التاسعة، مات سنة خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن بريد بن عبد الله بن أبي بردة) أبي بردة الصغير، وهو حفيد أبي بردة الكبير الكوفي، ثقة يخطئ قليلًا، من السادسة. يروي عنه:(ع).
(عن أبي بردة) الكبير عامر بن عبد الله بن قيس أبي موسى، ثقة، من الثالثة، مات سنة أربع ومئة (104 هـ)، وقيل غير ذلك. يروي عنه:(ع).
(عن أبي موسى) الأشعري عبد الله بن قيس الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، مات سنة خمسين، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قال) أبو موسى: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله) عز وجل
يُمْلِي لِلظَّالِمِ؛ فَإِذَا أَخَذَهُ .. لَمْ يُفْلِتْهُ، ثُمَّ قَرَأَ:{وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ} .
===
(يملي) من الإملاء؛ أي: يمهله ويؤخره ويُطَوِّل عُمْرَه حتى يكثر منه الظلمُ، وهو مشتق من المِلَوَةِ - بتثليث الميم - وهي المدة والزمان، وهذا نظير قوله تعالى:{وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} (1).
أي: يملي (للظالم، فإذا أخذه) الله تعالى .. (لم يفلته) أي: لن يخرج من يده ولن يعجزه إهلاكه: بضم الياء من الإفلات؛ من باب الإفعال؛ أي: لن يطلقه، يقال: أفلتُّه؛ إذا أطلقته؛ وانفلت: تخلَّص منه، وقال الحافظ: لن يخلصه؛ أي: إذا أهلكه .. لن يرفع عنه الإهلاك.
وهذا على تفسير الظلم بالشرك على إطلاقه، وإن فسر بما هو أعم .. فيحمل كل على ما يليق به.
(ثم قرأ) رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية؛ يعني: قوله تعالى: ({وَكَذَلِكَ}) خبر مقدم ({أَخْذُ رَبِّكَ}) مبتدأ مؤخر؛ والتقدير: ومثل ذلك الأخذِ؛ أي: أخذِ الله الأمم السالفة أَخْذُ ربك ({إِذَا أَخَذَ الْقُرَى}) و (إذا) ظرف ناصبه المصدر قبله، والمسالة من باب التنازع؛ فإن الأخذ يطلب القرى، وأخذ الفعل أيضًا يطلبها، فالمسألة من إعمال الثاني للحذف من الأول ({وَهِيَ ظَالِمَةٌ}) جملة حالية، وفي رواية البخاري زيادة:({إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ})(2) أي: وجيع صعب على المأخوذ، وفيه تحذير عظيم عن الظلم كفرًا كان أو غيره، لغيره أو لنفسه ولكل أهل قرية. انتهى "قسطلاني".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب التفسير،
(1) سورة الأعراف: (183).
(2)
سورة هود: (102).
(53)
- 3963 - (2) حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مَالِكٍ،
===
باب تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} ، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، والترمذي في كتاب التفسير، باب ومن سورة هود، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب.
فالحديث في أعلى درجات الصحة، لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
ثم استشهد المؤلف لحديث أبي موسى بحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(53)
- 3963 - (2)(حدثنا محمود بن خالد) السلمي أبو علي (الدمشقي) ثقة، من صغار العاشرة، مات سنة تسع وأربعين ومئتين (249 هـ). يروي عنه:(د س ق).
(حدثنا سليمان بن عبد الرحمن) بن عيسى التميمي ابن بنت شرحبيل (أبو أيوب) الدمشقي، صدوق يخطئ، من العاشرة، مات سنة ثلاث وثلاثين ومئتين (233 هـ). يروي عنه (خ عم).
(عن) خالد بن يزيد بن عبد الرحمن (بن أبي مالك) الهمداني أبي هاشم الدمشقي، ضعيف مع كونه فقيهًا، وقد اتهمه ابن معين، من الثامنة، مات سنة خمس وثمانين ومئة (185 هـ). يروي عنه:(ق)، ووثقه أبو زرعة الدمشقي، وأبو زرعة الرازي، وأحمد بن صالح المصري، ووثقه العجلي أيضًا، وضعفه أحمد وابن معين والنسائي والدارقطني، فهو مختلف فيه.
عَنْ أَبِيه، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ؛ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ
===
(عن أبيه) يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك، واسمه هانئ الهمداني الدمشقي القاضي. روى عن: عطاء بن أبي رباح، ويروي عنه: ابنه خالد، و (د س ق)، وقال ابن أبي حازم: هو من فقهاء أهل الشام، ثقة، ووثقه الدارقطني والبرقاني، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": صدوق ربما وهم، من الرابعة، مات سنة ثلاثين ومئة (130 هـ)، أو بعدها.
وقال السندي: هو قاضي دمشق، وكان من أئمة التابعين، وثقه ابن معين وأبو زرعة الرازي وابن حبان والدارقطني والبرقاني، وقال يعقوب بن سفيان: في حديثهما لين؛ يعني: خالدًا وأباه. انتهى.
(عن عطاء بن أبي رباح) - بفتح الراء والموحدة - واسم أبي رباح: أسلم القرشي مولاهم المكي، ثقة فقيه فاضل، من الثالثة، مات سنة أربع عشرة ومئة (114 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عبد الله بن عمر) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه ابن أبي مالك وأباه، وهما مختلف فيهما.
(قال) ابن عمر: (أقبل علينا) معاشر الحاضرين من الصحابة (رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه الشريف (فقال: يا معشر المهاجرين؛ خمس) خصال (إذا ابتليتم) - بالبناء للمفعول - أي: إذا أصبتم (بهن) بتلك الخمس، وجواب الشرط محذوف؛ تقديره: فلا خير فيهن، أو تقديره: حل بكم من أنواع العذاب الذي يذكر بعد كل منهن.
- وَأَعُوذُ بِاللهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ -: لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا .. إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضتْ فِي أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا، وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ .. إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَؤُونَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ .. إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ
===
وقوله: (وأعوذ بالله أن تدركوهن) أي: أن تدركوا تلك الخمس وتلحقوهن وتقعوا فيهن؛ جملة معترضة سيقت للدعاء لهم، والاستعاذة منها.
الأولى من تلك الخمس: ما ذكره بقوله: الم تظهر الفاحشة) أي: الزنا؛ أي: لم تفعل الفاحشة (في قوم) من الأمم السالفة (قط) ظرف مستغرق لما مضى من الزمان (حتى يعلنوا) ويجهروا من الإعلان (بها) أي: بتلك الفاحشة حتى لا يستحيوا منها .. (إلا فشا) وكثر (فيهم) أي: في أولئك القوم (الطاعون) أي: الوباء؛ والوباء - بالقصر والمد -: مرض عام، وجمع المقصور أوباء بالمد، وجمع الممدود أوبئة؛ وهو مرض يعم لأفراد الناس؛ كالحمى والسعال (والأوجاع) أي: الآلام في بعض الأعضاء؛ كالصداع وأوجاع البطن (التي لم تكن مضت) أي: لم توجد (في أسلافهم) وآبائهم (الذين مضوا) وخلوا من قبلهم.
والثانية منها: ما ذكره بقوله: (ولم ينقصوا المكيال) أي: في المكيلات إذا عقدوا المعاملات (و) لا (الميزان) في الموزونات إذا عقدوا المعاملات .. (إلا أخذوا) وعوقبوا (بالسنين) أي: بالقحط (وشدة المؤونة) أي: مصاريف البيت بغلاء السعر في المطاعم والمشارب والملابس مثلًا (وجور السلطان) وظلمه (عليهم) وهو عدم العدل في حقوقهم.
والثالثة: ما ذكره بقوله: (ولم يمنعوا زكاة أموالهم .. إلا منعوا القطر) أي:
مِنَ السَّمَاء، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ .. لَمْ يُمْطَرُوا، وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ .. إِلَّا سَلَّطَ اللهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللهِ وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللهُ .. إِلَّا جَعَلَ اللهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ".
===
المطر أي: نزوله (من السماء، ولولا البهائم) الرتع .. (لم يمطروا) من السماء مطرًا، ولم يسقوا من الأرض ماء.
والرابعة: ما ذكره بقوله: (ولم ينقضوا عهد الله) أي: لم يتركوا ما عاهد الله عليهم في كتابه؛ بترك المأمورات، وارتكاب المنهيات (وعهد رسوله) أي: ولم يتركوا ما عاهد عليهم رسوله في سنته كذلك .. (إلا سلط الله عليهم عدوًا من غيرهم) أي: من غير المسلمين؛ كما شاهدنا في عصرنا هذا مصداق قول الرسول صلى الله عليه وسلم (فأخذوا) أولئك العدو (بعضر ما في أيديهم) أي: أيدي المسلمين من الأموال بطريق الجزية والضراب والمكوس، بل كله؛ أي: بل وطنهم، فضلًا عن المال الذي في أيديهم، وقيل المراد به: نقض العهد الذي جرى بينهم وبين أهل الحرب.
والخامسة: ما ذكره بقوله: (وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله) أي: بحكمه (ويتخيروا) أي: والحال أنهم قد اختاروا شهواتهم (مما أنزل الله) في كتابه أي: على الحكم الذي أنزل الله في كتابه .. (إلا جعل الله بأسهم) وبطشهم وأخذهم وعذابهم فيما (بينهم) من المقاتلة والمضاربة؛ كما هو مشاهد الآن.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن رواه البزار والبيهقي من هذا الوجه، ورواه الحاكم بنحوه من حديث بريدة، وقال: صحيح الإسناد، ورواه مالك بنحوه موقوفًا على ابن عباس، ورواه الطبراني وغيره مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
(54)
- 3964 - (3) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ حَاتِمِ بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ،
===
ودرجته: أنه حسن؛ لكون سنده حسنًا؛ كما مر آنفًا، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي موسى الأشعري.
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أبي موسى الأشعري بحديث أبي مالك الأشعري رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(54)
- 3964 - (3)(حدثنا عبد الله بن سعيد) بن حصين الكندي، أبو سعيد الأشج الكوفي، ثقة، من صغار العاشرة، مات سنة سبع وخمسين ومئتين (257 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا معن بن عيسى) بن يحيى الأشجعي مولاهم أبو يحيى المدني القزاز، ثبت ثقة، قال أبو حاتم: هو أثبت أصحاب مالك، من كبار العاشرة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن معاوية بن صالح) بن حدير - بالمهملة مصغرًا - الحضرمي أبي عمرو الحمصي قاضي الأندلس، صدوق له أوهام، من السابعة، مات سنة ثمان وخمسين ومئة (158 هـ)، وقيل: بعد السبعين والمئة. يروي عنه: (م عم).
(عن حاتم بن حريث) الطائي المَحْرِيِّ - بفتح الميم وسكون المهملة - كذا قاله العسقلاني، وفي "الخلاصة": المَحْرَزيِّ - بفتح الميم والراء بينهما حاء مهملة آخره زاي - انتهى، حمصي مقبول، من الرابعة. يروي عنه:(د س ق).
ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: مات سنة ثلاث وثلاثين ومئة (133 هـ)، وقال عثمان بن سعيد: ئقة. انتهى.
(عن مالك بن أبي مريم) الحكمي - بفتحتين - الشامي مقبول، من
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ الْأَشْعَرِيّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا، يُعْزَفُ عَلَى رُؤُوسِهِمْ بِالْمَعَازِفِ وَالْمُغَنِّيَات، يَخْسِفُ اللهُ بِهِمُ
===
الخامسة. يروي عنه: (د ق)، وذكره ابن حبان في "الثقات".
(عن عبد الرحمن بن غَنْم) بفتح فسكون (الأشعري) مختلف في صحبته، وذكره العجلي في كبار ثقات التابعين، مات سنة ثمان وسبعين (78 هـ)، وقال ابن يونس: هو عبد الرحمن بن غنم بن كريب بن هانئ بن ربيعة، وساق نسبه إلى أشعر، ممن قدم على رسول الله على السفينة، وقدم مصر مع مروان سنة (65 هـ)، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وزعموا أن له صحبة، وليس كذلك. يروي عنه:(عم).
(عن أبي مالك الأشعري) قيل: اسمه عبيد، وقيل: عبد الله، وقيل: عمرو، وقيل: كعب بن كعب، وقيل: عامر بن الحارث الصحابي الفاضل رضي الله تعالى عنه، مات في طاعون عَمَوَاسَ سنة ثماني عشرة (18 هـ) في خلافة عمر، قاله ابن سعد وخليفة، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويروي عنه: عبد الرحمن بن غنم الأشعري، ويروي عنه:(د س ق).
وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الحسن؛ لأن حاتم بن حريث ومالك بن أبي مريم فيه، وهما مقبولان، مختلف فيهما.
(قال) أبو مالك الأشعري: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله الذي لا إله غيره (ليشربن ناس من أمتي الخمر) والحال أنهم (يسمونها بغير اسمها، يعزف) - بالبناء للمفعول - أي: يلعب (على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات) أي: إذا سكروا .. تعزف على رؤوسهم المغنيات؛ أي: النساء ذوات الغناء، فإذا فعلوا ذلك .. (يخسف الله بهم) أي: ببعضهم
الْأَرْضَ وَيَجْعَلُ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ".
===
(الأرض، ويجعل منهم) أي: من الباقي منهم؛ أي: من الخسف؛ أي: يمسخهم (القردة والخنازير) عقوبة لهم.
قوله: "يعزف على رؤوسهم بالمعازف" قال في "النهاية": العزف: اللعب بالمعازف؛ وهي الدفوف وغيرها مما يضرب؛ كالمزامير والعيدان؛ أي: تضرب المغنيات على رؤوسهم بالدفوف وسائر الملاهي التي تضرب؛ ليزول عنهم السكر إذا سكروا؛ والمغنيات: هي التي تلعب بآلات الغناء؛ كالطبول والدفوف.
قال السندي: قوله: "يعزف" بالبناء للمفعول، وفي "الصحاح": المعازف: الملاهي؛ والعازف: اللاعب بها.
والمغني والمغنيات - بفتح النون فيهما - اسم للآلة، و - بكسرها - اسم للاعب بها. انتهى منه بزيادة.
والمعنى على الفتح: أي: يعزف العازف على رؤوسهم بالمعازف والملاهي وبالآلة التي يغنَّى بها؛ كالمزامير، فعطفه على (المعازف) من عطف الخاص على العام؛ اهتمامًا به، وقد سبق معناه على كسر النون.
قوله: "يسمونها بغير اسمها" قال التوربشتي: أي: يستترون في شربها بأسماء الأنبذة.
وقال ابن الملك: أي: يتوصلون إلى شربها بأسماء الأنبذة المباحة؛ كماء العسل وماء الذرة، وماء الشعير، ونحو ذلك، ويزعمون أنه غير محرم؛ لأنه ليس من العنب والتمر، وهم فيه كاذبون؛ لأن كل مسكر حرام، فالمدار على حرمة المسكر، فلا يضر شرب القهوة المأخوذة من قشر شجر معروف حيث لا سكر فيها مع الإكثار، وإن كانت القهوة من أسماء الخمر؛ لأن الاعتبار بالمسمى؛ كما في نفس الحديث إشارة إلى ذلك، وأما التشبيه بشرب الخمر .. فهو منهي عنه إذا تحقق ولو في شرب الماء واللبن وغيرهما، كذا في "المرقاة"(8/ 113).
(55)
- 3965 - (4) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاح، حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنِ الْمِنْهَال، عَنْ زَاذَانَ،
===
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الأشربة، باب في الدَّاذِي، وقال سفيان: الدَّاذِي شرابُ الفاسقين، وأحمد في "المسند".
ودرجته: أنه حسن؛ لكون سنده حسنًا؛ كما مر آنفًا، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي موسى الأشعري.
ثم استأنس المؤلف للترجمة بحديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(55)
- 3965 - (4)(حدثنا محمد بن الصباح) بن سفيان الجرجرائي أبو جعفر التاجر، صدوق، من العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(د ق).
(حدثنا عمار بن محمد) الثوري أبو اليقظان الكوفي ابن أخت سفيان الثوري، سكن بغداد، صدوق يخطئ، وكان عابدًا، من الثامنة، مات سنة اثنتين وثمانين ومئة (182 هـ). يروي عنه:(م ت ق).
(عن ليث) بن أبي سليم بن زنيم - بالزاي والنون مصغرًا - واسم أبيه: أيمن، وقيل: أنس، صدوق اختلط جدًّا فترك، ولم يتميز حديثه، من السادسة، مات سنة ثمان وأربعين ومئة (148 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن المنهال) بن عمرو الأسدي مولاهم الكوفي، صدوق ربما وهم، من الخامسة. يروي عنه:(خ عم).
(عن زاذان) أبي عمر الكندي البزاز، ويكنى أبا عبد الله أيضًا، صدوق
عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " {يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ}، قَالَ: دَوَابُّ الْأَرْضِ".
===
يرسل وفيه شيعية، من الثانية، مات سنة اثنتين وثمانين (82 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن البراء بن عازب) بن الحارث بن عدي الأنصاري الأوسي الصحابي ابن الصحابي رضي الله تعالى عنهما، نزل الكوفة، مات سنة اثنتين وسبعين (72 هـ). يروي عنه:(ع).
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه ليث بن أبي سليم، وهو متروك.
(قال) البراء: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل: ({يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ}) أي: يلعن الله عز وجل دواب أهل الأرض ({وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ}) من الملائكة والإنس والجن (قال) البراء: يعني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالدواب التي لعنها: (دواب) أهل (الأرض) يعني: الكفارَ منهم، وفي نسخة:(ذوات الأرض) أي: صواحبات الأرض، والمعنى متقارب؛ أي: سكانها من الدواب والحشرات وغيرها.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه ضعيف (6)(405)؛ لضعف سنده؛ لما مر آنفًا، وغرضه: الاستئناس به للترجمة.
(1) سورة البقرة: (159).
(56)
- 3966 - (5) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي الْجَعْد، عَنْ ثَوْبَانَ
===
ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث أبي موسى بحديث ثوبان رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(56)
- 3966 - (5)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه: (ق).
(حدثنا وكيع) بن الجراح الرؤاسي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات في آخر سنة ست أو أول سنة سبع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن سفيان) بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي، ثقة إمام حجة، من السابعة، مات سنة إحدى وستين ومئة (161 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عبد الله بن عيسى) بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري أبي محمد الكوفي، ثقة فيه تشيع، من السادسة، مات سنة ثلاثين ومئة (130 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عبد الله بن أبي الجعد) الأشجعي الغطفاني، مقبول، من الرابعة.
يروي عنه: (س ق). روى عن: ثوبان، وجعيل الأشجعي، ويروي عنه: عبد الله بن عيسى، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن القطان: إنه مجهول، وهو مختلف فيه.
(عن ثوبان) بن بجدد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنه، الهاشمي، صَحِبَهُ ولَازمَه، ونزلَ بعده الشامَ، ومات بحمص سنة أربع وخمسين (54 هـ). يروي عنه:(م عم).
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه عبد الله بن أبي الجعد، وهو مختلف فيه.
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَزِيدُ فِي الْعُمْرِ إِلَّا الْبِرُّ، وَلَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ،
===
(قال) ثوبان: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزيد في العمر): وهو مُدُّةُ الأجل التي أجلها الله تعالى لعباده في دار الفناء (إلا البِر) أي: إلا صلةُ الرحم، أو هو: كُل ما هو خير عند الله تعالى؛ والمراد بازدياد العمر: بركتُه بأعمال الخير؛ والبارُّ: مَنْ يصل الرحم.
والمعنى: لا يزيدُ في العمر ولا يبارك فيه إلا البرُّ؛ إما لأن البار يَنْتَفِعُ بعمره وإن قلَّ أكثرَ مما ينتفعُ به غيره وإن كَثُر، وإما لأنه يُزاد له في العمر حقيقةً؛ بمعنى: أنه لو لم يكن بارًا .. لَقَصُر عُمْرُه عن القَدْرِ الذي كانَ إِذا بَرَّ، لا بمعنى: أنه يكون أطولَ عمرًا مِن غير البار، ثُمَّ التفاوت إنما يظهر في التقديرِ المُعلَّق، لا فيما يعلم الله تعالى أن الأمر يَصِيرُ إليه؛ فإن ذلك لا يقبلُ التغييرَ، وإليه يشير قوله تعالى:{يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} (1).
ومثله قوله: (ولا يَردُّ القدر) أي: يَدْفَع الحكم المقدر على العبد أزلًا شيءٌ و (إلا الدعاء) والمراد بـ (القدَر): الحكمُ المقدر أزلًا.
ولا يخفى ما بين الحصرين؛ أعني قوله: (إلا البر) وقوله: (إلا الدعاء) من التناقض، فيجاب: بحمل المقدر في الثاني على غير العمر، فليتأمل.
قال الغزالي: فإن قيل: ما فائدة الدعاء مع أن القضاء لا مردَّ له؟
يقال: إن من جملة القضاء رَدُّ البلاء بالدعاءِ؛ فإن الدعاء سببُ ردِّ البلاء ووجودِ الرحمة؛ كما أن البَذْرَ سببٌ لخروج النبات من الأرض، وكما: أن التُّرس يَدْفَع السهم .. كذلك الدعاءُ يرد البلاءَ. انتهى.
(1) سورة الرعد: (39).
وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ".
===
قلت: يكفي في فائدة الدعاء: أنه عبادة وطاعة، وقد أُمِرَ به العبد، فكون الدعاء ذا فائدة لا يتوقف على ما ذكر، فليتامل. انتهى "سندي".
(وإن الرجل) أي: وإن الشخص رجلًا كان أو امرأةً (ليحرم) بالبناء للمفعول من الحرمان؛ أي: ليمنع (الرزق) الذي جاءه ودخل في يده؛ أي: ويَتلف عليه بوجه من الوجوه الرِّزقُ الذي قُدِّر له لو لم يعص (بالذنبِ) أي: بسبب ذنب ومعصية (يصيبه) أي: يعمله.
وحينئذٍ لا بد من التقدير في قوله: "ولا يرد القدر إلا الدعاء" أي: وإلا الذنب، فلا يبطل الحصر. انتهى "سندي".
وشارك المؤلف في رواية القطعة الثالثة من هذا الحديث: النسائي، والأوليان منه: رواهما الترمذي عن سلمان.
فدرجته: أنه حسن؛ لكون سنده حسنًا؛ لما مر، وغرضه: الاستشهاد به.
وفي "الزوائد": سألت شيخنا أبا الفضل العراقي عن هذا الحديث، فقال: إنه حسن.
وقد تقدم تخريج هذا الحديث للمؤلف في المقدمة، باب في القدر رقم (10)، حديث رقم (88).
فجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب خمسة:
الأول للاستدلال، والرابع للاستئناس، والبواقي للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم