المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(19) - (1470) - باب جيش البيداء - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٢٤

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌تَتِمَّة كتاب الفتن

- ‌(1) - (1452) - بَابُ كَفِّ اللِّسَانِ فِي الْفِتْنَةِ

- ‌(2) - (1453) - بَابُ الْعُزْلَةِ

- ‌(3) - (1454) - بَابُ الْوُقُوفِ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ

- ‌(4) - (1455) - بَاب: بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا

- ‌(5) - (1456) - بَابُ مَنْ تُرْجَى لَهُ السَّلَامَةُ مِنَ الْفِتَنِ

- ‌(6) - (1457) - بَابُ افْتِرَاقِ الْأُمَمِ

- ‌(7) - (1458) - بَابُ فِتْنَةِ الْمَالِ

- ‌فائدة

- ‌(8) - (1459) - بَابُ فِتْنَةِ النِّسَاءِ

- ‌فصل في ذكر الأحكام التي تستفاد من هذا الحديث

- ‌(9) - (1460) - بَابُ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ

- ‌(10) - (1461) - بَابُ قَوْلهِ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ}

- ‌(11) - (1462) - بَابُ الْعُقُوبَاتِ

- ‌(12) - (1463) - بَابُ الصَّبْرِ عَلَى الْبَلَاءِ

- ‌(13) - (1464) - بَابُ شِدَّةِ الزَّمَانِ

- ‌(14) - (1465) - بَابُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ

- ‌(15) - (1466) - بَابُ ذَهَابِ الْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ

- ‌(16) - (1467) - بَابُ ذَهَابِ الْأَمَانَةِ

- ‌(17) - (1468) - بَابُ الْآيَاتِ

- ‌(18) - (1469) - بَابُ الْخُسُوفِ

- ‌(19) - (1470) - بَابُ جَيْشِ الْبَيْدَاءِ

- ‌(20) - (1471) - بَابُ دَابَّةِ الْأَرْضِ

- ‌(21) - (1472) - بَابُ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا

- ‌تنبيه

- ‌(22) - (1473) - بَابُ فِتْنَةِ الدَّجَّال، وَخُرُوجِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، وَخُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ

- ‌وأما ترجمة تميم الداري

- ‌فائدة

الفصل: ‌(19) - (1470) - باب جيش البيداء

(19) - (1470) - بَابُ جَيْشِ الْبَيْدَاءِ

(97)

- 4007 - (1) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَفْوَانَ، سَمِعَ جَدَّهُ عَبْدَ اللهِ بْنَ صَفْوَانَ يَقُولُ: أَخْبَرَتْنِي حَفْصَةُ

===

(19)

- (1470) - (باب جيش البيداء)

(97)

- 4007 - (1)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير السلمي الدمشقي، صدوق، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ عم).

(حدثنا سفيان بن عيينة) بن أبي عمران ميمون الهلالي أبو محمد الكوفي ثم المكي، ثقةٌ حافظ فقيه إمام حجة إلَّا أنه تغير حفظه بأخرةٍ، وكان ربما دلس ولكن عن الثقات، من رؤوس الطبقة الثامنة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أمية بن صفوان بن عبد الله بن صفوان) بن أمية الجمحي المكي، ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الحافظ: مقبول، من السادسة. يروي عنه:(م س ق).

(سمع جده عبد الله بن صفوان) بن أمية بن خلف الجمحي أبي صفوان، ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولأبيه صحبة، مشهور، قتل مع ابن الزبير وهو متعلق بأستار الكعبة سنة ثلاث وسبعين (73 هـ)، ذكره ابن سعد في الطبقة الأولى. يروي عنه:(م س ق).

حالة كون عبد الله بن صفوان (يقول: أخبرتني حفصة) بنت عمر رضي الله

ص: 324

أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَيَؤُمَّنَّ هَذَا الْبَيْتَ جَيْشٌ يَغْزُونَهُ؛ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الْأَرْضِ .. خُسِفَ بِأَوْسَطِهِمْ، وَيَتَنَادَى أَوَّلُهُمْ آخِرَهُمْ فَيُخْسَفُ بِهِمْ، فَلَا يَبْقَى مِنْهُمْ إِلَّا الشَّرِيدُ الَّذِي يُخْبِرُ عَنْهُمْ"، فَلَمَّا جَاءَ جَيْشُ الْحَجَّاجِ

===

تعالى عنهما أم المؤمنين (أنَّها) أي: أن حفصة (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

أي: قالت حفصة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم حالة كونه (يقول): والله الذي لا إله غيره (ليؤمن) - بفتحتين، ثم همزة مضمومة، ثم بميم مشددة مفتوحة، ثم بنون التوكيد الثقيلة - من أم؛ إذا قصد، فعل مضارع مؤكد بالنون؛ أي: والله؛ ليقصدن (هذا البيت) الحرام (جيش) من الكفار حالة كونهم (يغزون) أي: حالة كونهم يريدون غَزْوَ أهلـ (ـه) وهَدْمَه (حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض) أي: بصحراء من الأرض البيداء؛ وهي الأرض الملساء التي ليس فيها شيء من النبات والأشجار والماء، واسم موضع بين الحرمين.

(خُسف) - بالبناء للمجهول - والجار والمجرور في قوله: (بأوسطهم) - نائب فاعل له - أي: ذُهب بهم في عمق الأرض؛ أي: خسف الله بأوسطهم الأرض (ويَتَنَادى) أي: يستغيث (أولهم آخرهم، فيخسف بهم) أي: بجميعهم أولهم وآخرهم (فلا يبقى منهم) أي: من أولئك الجيش (إلَّا الشريد) أي: إلَّا الهارب (الذي يخبر) الناس (عنهم) أي: خبَرَ خسفِهم؛ والشريد: هو الذي يشرد من موضع الخسف؛ أي: يفر فيخبر الناس بخبرهم. انتهى "سندي".

قال عبد الله بن صفوان: (فلما جاء جيش الحجاج) بن يوسف الثقفي

ص: 325

ظَنَنَّا أَنَّهُمْ هُمْ، فَقَالَ رَجُلٌ: أَشْهَدُ عَلَيْكَ أَنَّكَ لَمْ تَكْذِبْ عَلَى حَفْصَةَ، وَأَنَّ حَفْصَةَ لَمْ تَكْذِبْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

(98)

- 4008 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ،

===

الجائر المشهور؛ أي: جاؤوا من الشام إلى العراق لقتال أهل الحجاز .. (ظَنَنَّا) أي: حسبنا (أنهم) أي: أن جيش الحجاج (هم) أي: الجيش الذين أخبر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم في حال حياته؛ أعني: هؤلاء الذين خسف بهم في البيداء (فقال رجل) من الحاضرين عند عبد الله بن صفوان، ولم أر من ذكر اسم ذلك الرجل:(أشهد عليك) يا عبد الله بن صفوان (أنك لَمْ تكذب على حفصة) أم المؤمنين (وأن حفصة لَمْ تكذب على النبي صلى الله عليه وسلم فهذا الحديث صحيح؛ كما أخبرت لنا.

وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته: النسائي في كتاب مناسك الحج، باب حرمة الحرم.

فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث حفصة بحديث صفية بنت حيي أم المؤمنين رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(98)

- 4008 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي، ثقةٌ له تصانيف، من العاشرة، مات سنة خمس وثلاثين ومئتين (235 هـ). يروي عنه:(خ م د س ق).

(حدثنا الفضل بن دكين) - مصغرًا - الكوفي، واسم دكين: عمرو بن

ص: 326

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْمُرْهِبِيِّ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صَفْوَانَ، عَنْ صَفِيَّةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَنْتَهِي النَّاسُ عَنْ غَزْوِ هَذَا الْبَيْتِ حَتَّى يَغْزُوَ جَيْشٌ؛

===

حماد بن زهير التيمي مولاهم، أبو نعيم الأحول، مشهور بكنيته، ثقةٌ ثبتٌ، من التاسعة، مات سنة ثماني عشرة ومئتين (218 هـ)، وقيل: تسع عشرة ومئتين. يروي عنه: (ع).

(حدثنا سفيان) بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي، ثقةٌ إمام حجة، من السابعة، مات سنة إحدى وستين ومئة (161 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن سلمة بن كهيل) - مصغرًا - الحضرمي أبي يحيى الكوفي، ثقةٌ يتشيع، من الرابعة. يروي عنه:(ع).

(عن أبي إدريس المرهبي) - بضم أوله وكسر الهاء بعدها موحدة - الكوفي، اسمه سوار أو مساور، صدوق يتشيع، من الرابعة. يروي عنه:(ت ق).

(عن مسلم بن صفوان) مجهول، من الثالثة. يروي عنه:(ت ق)، صحح الترمذي حديثه وهو معلول، كذا قال الحافظ في "التقريب"، وقال في هامش "الخلاصة" - نقلًا عن "التهذيب" -: وثقه ابن حبان، فكيف يكون هذا السند معلولًا؟ ! بل غايته أن يكون حسنًا ما لَمْ يُبَيَّن وَجْهُ كونه معلولًا.

(عن صفية) أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها.

وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه راويًا مختلفًا فيه؛ وهو مسلم بن صفوان.

(قالت) صفية: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ينتهي الناس) ولا ينزجر (عن غزو) أهل (هذا البيت) الحرام وإرادة هدمها (حتى يغزو جيش) من الكفار؛ أي: حتى يخرج جيش من الجاهلية من وطنهم، فذهبوا في

ص: 327

حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ أَوْ بِبَيْدَاءَ مِنَ الْأَرْضِ .. خُسِفَ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ، وَلَمْ يَنْجُ أَوْسَطُهُمْ"، قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ يُكْرَهُ؛ قَالَ: "يَبْعَثُهُمُ اللهُ عَلَى مَا فِي أَنْفُسِهِمْ".

===

طريق غزوها (حتى إذا كانوا بالبيداء) أي: في الصحراء الخالي عن العمران (أو) قال النبي صلى الله عليه وسلم: حتى إذا كانوا (ببيداء من الأرض) والشك من بعض الرواة، وفي حديث حفصة عند مسلم وكذا عند ابن ماجة:(بيداء من الأرض) بلا ذكر شك.

قال النووي: قال العلماء: البيداء - بفتح الموحدة وسكون الياء -: كلّ أرض مَلْسَاءَ لا شيء فيها. انتهى من "التحفة".

وقوله: (خسف) جواب (إذا) الشرطية؛ أي: خسف (بأولهم وآخرهم و) بكليتهم حتى (لم ينج) منهم (أوسطهم) حتى وقع الهلاك على جميعهم في الدنيا.

قالت صفية: (قلت) له صلى الله عليه وسلم: (فإن كان فيهم) أي: في ذلك الجيش (من يُكْرَه) على ذلك الغزو؛ من الإكراه، فما حكمه؟ (قال) النبي صلى الله عليه وسلم في جواب سؤالها: لكن المكره لا يصيبه عذاب الآخرة، وإن أصابه عذاب الدنيا؛ لأنهم (يبعثهم الله) تعالى يوم القيامة (على ما في أنفسهم) أي: ملتبسين بما في أنفسهم من إرادة غزوها ورضاه ومن الإكراه عليه، فيعاقب في الآخرة من أراد غزوها، وينجو من أكره عليه، وفي حديث أم سلمة:(فكيف بمن كان كارهًا؟ قال: يخسف به معهم، ولكنه يبعث يوم القيامة على نيته).

قال النووي: أي: يبعثون مختلفين على قدر نياتهم، فيجازون بحسبها.

وفي هذا الحديث من الفقه: التباعد من أهل الظلم، والتحذير من مجالستهم

ص: 328

(99)

- 4009 - (3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ وَنَصرُ بْنُ عَلِيٍّ

===

ومجالسة البغاة ونحوهم من المبطلين؛ لئلا يناله ما يعاقبون به، وفيه: أن من كثر سواد قوم .. جرى عليهم حكمهم في ظاهر عقوبات الدنيا. انتهى انتهى من "تحفة الأحوذي".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب الفتن، باب (19)، وقال: هذا حديث حسن صحيح، أخرجه أحمد وابن ماجه.

قال الحافظ في "تهذيب التهذيب" في ترجمة مسلم بن صفوان: روى عن صفية بنت حيي عن النبي صلى الله عليه وسلم: (لا ينتهي الناس عن غزو هذا البيت)، وروى عنه: أبو إدريس المرهبي، وصحح الترمذي إسناده، قال الحافظ: وهو معلول. انتهى.

قلت: لم يذكر الحافظ وجه كونه معلولًا؛ فإن كان وجهه جهالة مسلم بن صفوان .. فقد عرفت أن ابن حبان وثقه، فلا وجه لجعله معلولًا، بل غاية ما يقال في سنده: إنه حسن؛ لأن فيه رجلًا مختلفًا فيه؛ وهو مسلم بن صفوان، ودرجة حديثه: أنه صحيح بما قبله وبما بعده، وغرضه: الاستشهاد به لحديث حفصة مع كون سنده حسنًا.

* * *

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث حفصة بحديث أم سلمة رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(99)

- 4009 - (3)(حدثنا محمد بن الصباح) بن سفيان الجرجرائي، صدوق، من العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(د ق).

(ونصر بن علي) الجهضمي البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة خمسين ومئتين، أو بعدها. يروي عنه:(ع).

ص: 329

وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَمَّالُ قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، سَمِعَ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ يُخْبِرُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: ذَكَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْجَيْشَ الَّذِي يُخْسَفُ بِهِمْ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ لَعَلَّ فِيهِمُ الْمُكْرَهَ؟ قَالَ:

===

(وهارون بن عبد الله) بن مروان البغدادي أبو موسى (الحمال) - بالمهملة - البزاز، ثقة، من العاشرة، مات سنة ثلاث وأربعين ومئتين (243 هـ). يروي عنه:(م عم).

(قالوا) أي: قال كل من الثلاثة: (حدثنا سفيان بن عيينة، عن محمد بن سوقة) - بضم المهملة - الغنوي - بفتح المعجمة والنون الخفيفة - أبي بكر الكوفي العابد، ثقة مرضي، من الخامسة. يروي عنه:(ع).

(سمع) محمد بن سوقة (نافع بن جبير) بن مطعم النوفلي أبا محمد المدني، ثقة فاضل، من الثالثة، مات قبل المئة سنة تسع وتسعين (99 هـ). يروي عنه:(ع).

(يخبر عن أم سلمة) أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قالت) أم سلمة: (ذكر النبي صلى الله عليه وسلم قصة (الجيش الذي يخسف) بالبناء للمفعول (بهم) الأرض عند قرب الساعة وهو في بيتها (فقالت أم سلمة) لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله؛ لعل فيهم) أي: في أولئك الجيش (المكره) بصيغة اسم المفعول؛ أي: الذي أكره على الخروج، فكيف يخسف به معهم جميعًا مع أنه تعالى قال في كتابه:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} ؟ (1) فـ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه يخسف

(1) سورة الأنعام: (164).

ص: 330

"إِنَّهُمْ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ".

===

به معهم جميعًا؛ عقوبةً لهم على ما أرادوا من الهجوم على الكعبة، وعلى من لجأ إليها، ثم (إنهم يبعثون) يوم القيامة (على) اختلاف (نياتهم) فيصيب العذاب العامد القاصد لذلك الغزو، وينجو المكره منه؛ لأنه معذور بالإكراه؛ يعني: أنه يصيبهم العذاب جميعًا في الدنيا، ولكنهم ينجون من عذاب الآخرة إن كانت نياتهم صالحة.

وهذا موافق لحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أنزل الله بقوم عذابًا .. أصاب العذاب من كان فيهم جميعًا، ثم بعثوا على أعمالهم" أخرجه البخاري في الفتن، ومسلم في الفتن، وأبو داوود في المهدي، وابن حبان وابن أبي شيبة والحاكم وأحمد وأبو يعلى، والطبراني في "الكبير" كلهم بإسناد صحيح.

فهذا الحديث درجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده؛ كما مر آنفًا، ولأن له شواهد؛ كما ذكرناها هنا.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:

الأول منها للاستدلال، والأخيران للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 331