المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(22) - (1473) - باب فتنة الدجال، وخروج عيسى ابن مريم، وخروج يأجوج ومأجوج - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٢٤

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌تَتِمَّة كتاب الفتن

- ‌(1) - (1452) - بَابُ كَفِّ اللِّسَانِ فِي الْفِتْنَةِ

- ‌(2) - (1453) - بَابُ الْعُزْلَةِ

- ‌(3) - (1454) - بَابُ الْوُقُوفِ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ

- ‌(4) - (1455) - بَاب: بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا

- ‌(5) - (1456) - بَابُ مَنْ تُرْجَى لَهُ السَّلَامَةُ مِنَ الْفِتَنِ

- ‌(6) - (1457) - بَابُ افْتِرَاقِ الْأُمَمِ

- ‌(7) - (1458) - بَابُ فِتْنَةِ الْمَالِ

- ‌فائدة

- ‌(8) - (1459) - بَابُ فِتْنَةِ النِّسَاءِ

- ‌فصل في ذكر الأحكام التي تستفاد من هذا الحديث

- ‌(9) - (1460) - بَابُ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ

- ‌(10) - (1461) - بَابُ قَوْلهِ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ}

- ‌(11) - (1462) - بَابُ الْعُقُوبَاتِ

- ‌(12) - (1463) - بَابُ الصَّبْرِ عَلَى الْبَلَاءِ

- ‌(13) - (1464) - بَابُ شِدَّةِ الزَّمَانِ

- ‌(14) - (1465) - بَابُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ

- ‌(15) - (1466) - بَابُ ذَهَابِ الْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ

- ‌(16) - (1467) - بَابُ ذَهَابِ الْأَمَانَةِ

- ‌(17) - (1468) - بَابُ الْآيَاتِ

- ‌(18) - (1469) - بَابُ الْخُسُوفِ

- ‌(19) - (1470) - بَابُ جَيْشِ الْبَيْدَاءِ

- ‌(20) - (1471) - بَابُ دَابَّةِ الْأَرْضِ

- ‌(21) - (1472) - بَابُ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا

- ‌تنبيه

- ‌(22) - (1473) - بَابُ فِتْنَةِ الدَّجَّال، وَخُرُوجِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، وَخُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ

- ‌وأما ترجمة تميم الداري

- ‌فائدة

الفصل: ‌(22) - (1473) - باب فتنة الدجال، وخروج عيسى ابن مريم، وخروج يأجوج ومأجوج

(22) - (1473) - بَابُ فِتْنَةِ الدَّجَّال، وَخُرُوجِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، وَخُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ

(105)

- 4015 - (1) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الدَّجَّالُ

===

(22)

- (1473) - (باب فتنة الدجال، وخروج عيسى ابن مريم، وخروج يأجوج ومأجوج)

(105)

- 4015 - (1)(حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة أربع وثلاثين ومئتين (234 هـ). يروي عنه:(ع).

(وعلي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه: (ق).

كلاهما (قالا: حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم الضرير التميمي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات سنة خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا الأعمش) سليمان بن مهران الكاهلي الأسدي، ثقة قارئ، من الخامسة، مات سنة سبع أو ثمان وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن شقيق) بن سلمة الأسدي أبي وائل الكوفي، ثقة مخضرم، من الثانية، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز. يروي عنه:(ع).

(عن حذيفة) بن اليمان العبسي الكوفي رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) حذيفة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الدجال) اليهودي

ص: 351

أعْوَر عَيْن الْيسْرَى،

===

الكذاب؛ لأنه يدعي الألوهية؛ وهو صَاف بن صياد على الأصح (أعور عين اليسرى) أي: مطموسة عينه اليسرى، لا ترى شيئًا؛ ففيها عيب العمى.

وفي رواية ابن عمر عند مسلم: (ألا وإن الدجال أعور عين اليمنى) أي: معيبة ذاتها لا نورها، وفسرها في الحديث بقوله:(كأن عينه) اليمنى (عنبة طافية) تفسير لعورها؛ أي: سائل منها ماؤها؛ لأكل الطيور.

فيجمع بين الروايتين بأن معنى العور في رواية حذيفة: ذاهب ضوءها مطموس نورها، وفي حديث ابن عمر: معيبَة ذاتُها بسيلانِ الماء منها، وبكونها نَاتِئة مرتفعةَ الذاتِ مع إدراكها وإبصارها، فمعنى العور مختلِفٌ في الحديثين، فمعنى حديث حذيفة: عور عين يسراه؛ أي: مطموس ضوءها لا تبصر شيئًا، ومعنى حديث ابن عمر: عور عين يمناه؛ أي: مرتفعة سائلة الدموع مع إبصارها مرتفعة بارزة، على خلاف عادة أعين الناس، فكانها عنبة طافية من بين حبوب العنقود، سائلة الماء؛ لأكل الطيور وشقها عندما أرادت أكلها.

فلا معارضة حينئذٍ بين الروايتين؛ بدليل تفسير الراوي في حديث ابن عمر، فذهب بعض العلماء إلى ترجيح حديث ابن عمر على حديث حذيفة؛ بكثرة رواة حديثه، ولكن جمع القاضي عياض بينهما بأن كل واحدة من عيني الدجال معيبة عوراء، فإحداهما معيبة بذهاب ضوئها حتى ذهب إدراكها، والأخرى نتوءها. انتهى من "الإنجاز".

قال النووي: قوله: "عنبة طافية" روي بالهمز وتركه، وكلاهما صحيح؛ فالمهموز: هي التي ذهب نورها، وغير المهموز: التي نتات وطفت مرتفعة وفيها ضوء.

ص: 352

جُفَالُ الشَّعَر، مَعَهُ جَنَّةٌ وَنَارٌ؛ فَنَارُهُ جَنَّةٌ، وَجَنَّتُهُ نَارٌ".

===

وقد سبق في كتاب الإيمان بيان هذا كله، وبيان الجمع بين الروايتين في أنه جاء في رواية:(أعور العين اليمنى)، وفي رواية:(أعور العين اليسرى) وكلاهما صحيح؛ والعور في اللغة: العيب.

وعيناه معيبتان عوراوان، وأن إحداهما طافئة لا ضوء فيها، والأخرى طافية بلا همز؛ أي: ظاهرة مرتفعة مع إبصارها وضوئها. انتهى "نووي".

(جفال) بوزن غراب (الشعر) أي: كثير الشعر في بدنه؛ والجفال بضم الجيم وتخفيف الفاء، وشَعْرُهُ مع كثرتِه جَعْدٌ قَطِطٌ؛ وهو الشديدُ الجعودةِ الذي لا يَمْتدُّ إلا باليد؛ كشعر السُّودان.

(معه جنة ونار) على زَعْمه (فناره) على زَعْمِه (جنةٌ) أي: باردٌ على من أَدْخَلَهُ فيها (وجنته) على زعمه (نار) محرقة لمن أدخله فيها، وهما؛ أي: جنته وناره على خلاف زعمه؛ فجنته محرقة، وناره باردة كالماء.

وفي حديث أنس زيادة: (مكتوب بين عينيه) كلمة (كافر) بهذه الحروف (ك ف ر) المُهَجَّاةِ.

وإنما اقتصر في وصف الدجال بالعور، مع أن أدلة الحدوث كثيرة ظاهرة فيه؛ لأن العور أثر محسوس يدركه كل أحد، فدعواه الربوبية مع نَقْصِ خِلْقَتِه .. عَلَمُ كذِبِه؛ لأن الإلهَ يتَعَالَى عن النقصِ. انتهى "قسطلاني".

قوله: (مكتوب بين عينيه: ك ف ر) قال الأبي: إن ذكر الحروف مما يدل على أن ذكر الكتب حقيقة لا مجاز ولا كناية. انتهى.

قال ملا علي: فيه إشارة إلى أنه داع إلى الكفر لا إلى الرشد، فيجب اجتنابه، وهذه نعمة عظيمة من الله تعالى في حق هذه الأمة، حيث ظهر رقم الكفر بين عينيه. انتهى.

ص: 353

(156)

- 4016 - (2) حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالُوا: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ،

===

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الأنبياء، باب ما ذكر في بني إسرائيل، ومسلم في كتاب الفتن، بابُ ذكر الدجال وصفتِه، وأبو داوود في كتاب الملاحم، باب خروج الدجال.

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة.

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث حذيفة بحديث أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(106)

- 4016 - (2)(حدثنا نصر بن علي) بن نصر بن علي بن صهبان (الجهضمي) البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة خمسين ومئتين، أو بعدها. يروي عنه:(ع).

(ومحمد بن بشار) بن عثمان بندار العبدي البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة اثنتين وخمسين ومئتين (252 هـ). يروي عنه:(ع).

(ومحمد بن المثنى) بن عبيد العنزي البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة اثنتين وخمسين ومئتين (252 هـ). يروي عنه:(ع).

(قالوا: حدثنا روح بن عبادة) بن العلاء بن حسان القيسي أبو محمد البصري، ثقة فاضل له تصانيف، من التاسعة، مات سنة خمس أو سبع ومئتين (207 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا سعيد بن أبي عروبة) مهران اليشكري البصري، ثقة، من السادسة، مات سنة ست، وقيل سبع وخمسين ومئتين. يروي عنه:(ع).

ص: 354

عَنْ أَبِي التَّيَّاح، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ سُبَيْعٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَنَّ الدَّجَّالَ يَخْرُجُ مِنْ أَرْضٍ بِالْمَشْرِقِ يُقَالُ لَهَا: خُرَاسَانُ،

===

(عن أبي التياح) - بفتح أوله وتشديد التحتانية آخره مهملة - اسمه يزيد بن حميد الضبعي - بضم المعجمة وفتح الموحدة - بصري مشهور بكنيته، ثقة ثبت، من الخامسة، مات سنة ثمان وعشرين ومئة (128 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن المغيرة بن سبيع) - مُصَغَّرًا بمهملة وموحدة - العجلي، ثقة، من الخامسة، قاله الحافظ؛ وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال العجلي: تابعي ثقة. يروي عنه: (ت س ق).

(عن عمرو بن حريث) - مصغرًا - ابن عمرو بن عثمان بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي، صحابي صغير، مات سنة خمس وثمانين (85 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي بكر الصديق) رضي الله تعالى عنه، اسمه: عبد الله بن عثمان أبي قحافة التيمي المدني، أول خلفاء الأمة.

وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) أبو بكر: (حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الدجال يخرج من أرض بالمشرق يقال لها: خراسان) - بضم أوله - وهي بلاد معروفة بين بلاد ما وراء النهر وبلدان العراق، معظمها الآن بلدة (هراة) المسماة بـ (خراسان) كتسمية (دمشق) بـ (الشام) كذا في "المرقاة".

وفي الحديث دليل على أن الدجال يخرج من خراسان، قال الحافظ: أما من أين يخرج .. فمن قبل المشرق جزمًا، ثم جاء في رواية: (أنه يخرج من

ص: 355

يَتْبَعُهُ أَقْوَامٌ كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ".

===

خراسان) أخرج ذلك أحمد والحاكم من حديث أبي بكر، وفي أخرى:(أنه يخرج من أصبهان) أخرجها مسلم. انتهى.

قلت: أخرج مسلم من حديث أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفا عليهم الطيالسة" وهذه الرواية ليست بصريحة في أن الدجال يخرج من أصبهان، ولم أجد في "صحيح مسلم" روايةً صريحة في خروجه منها. انتهى من "تحفة الأحوذي".

(يتبعه) - بسكون التاء وفتح الباء - أي: يلحقه ويطيعه (أقوام كأن وجوههم) في الإدارة (المجان) - بفتح الميم وتشديد النون - جمع المجن - بكسر الميم - وهو الترس (المُطْرَقة) أي: المُلبسة جلدًا؛ أي: المخيطة على ظهرها الجلدُ - بضم الميم وسكون الطاء - من أَطْرقَ الرباعيِّ؛ من باب أكرم.

وقال السيوطي: روي بتشديد الراء؛ مِنْ طَرَّقَ المضاعف؛ كالمكرَّمة، وتخفيفها؛ مِن أطرق الرباعي، فهي اسم مفعول؛ من أَطْرَقَه - بتخفيف الراء - أو طرَّقَه - بتشديدها - أي: جَعَل الطَّرْقَ؛ أي: الجلْدَ على وجه التُّرْس؛ أي: على ظهره؛ والطِّراقُ - بكسر الطاء -: الجلدُ الذي يُقَطَّعُ على مِقدار التُّرس، فَيُلْصَقُ على ظهرِه.

والمعنى: أنَّ وجوههم عريضة، ووجناتهم مرتفعة كالمجنة، وهذا الوصف إنما يوجد في طائفةٍ من (الأَتْرَاكِ) و (الأَزْبَكِ) ما وراء النهر. انتهى منه.

قال السندي: (المُطْرَقَة) بالتخفيف: اسم مفعول؛ من الإطراق، وروي بفتح الطاء وتشديد الراء؛ والترس المُطْرَقُ: هو الذي جُعل على ظهره طِراق؛ والطِّراق - بالكسر -: جلد يُقطَّعُ على مقدار التُّرْس، فَيُلْصَقُ على ظهره، شبَّه وجوههم بالتُّرس؛ لِبَسْطِها وتَدْوِيرِها، وبالمُطرَّقِة؛ لِغلَظِها وكَثْرةِ لَحمِها.

ص: 356

(107)

- 4017 - (3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ،

===

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب الفتن، باب ما جاء من أين يخرج الدجال، قال أبو عيسى: وفي الباب عن أبي هريرة وعائشة، وهذا حديث حسن غريب، ولا نعرفه إلا من حديث أبي التياح.

ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به لحديث حذيفة بن اليمان.

* * *

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث حذيفة بن اليمان بحديث المغيرة بن شعبة رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(107)

- 4017 - (3)(حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير وعلي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه: (ق).

(قالا: حدثنا وكيع) بن الجراح الرؤاسي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات في آخر سنة ست أو أول سنة سبع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(حدثنا إسماعيل بن أبي خالد) اسمه سعيد، وقيل: هرمز، وقيل: كثير البجلي الأحمسي أبو عبد الله الكوفي، ثقة ثبت، من الرابعة، مات سنة ست وأربعين ومئة (146 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن قيس بن أبي حازم) اسمه حصين بن عوف البجلي الأحمسي أبي عبد الله الكوفي، ثقة ثبت، من الثانية، مات بعد التسعين، أو قبلها. يروي عنه:(ع).

ص: 357

عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: مَا سَأَلَ أَحَدٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الدَّجَّالِ أَكْثَرَ مِمَّا سَأَلْتُهُ، وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: أَشَدَّ سُؤَالًا مِنِّي، فَقَالَ لِي:"مَا تَسْأَلُ عَنْهُ؟ "، قُلْتُ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ مَعَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ، قَالَ:"هُوَ أَهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ ذَلِكَ".

===

(عن المغيرة بن شعبة) بن مسعود بن معتب الثقفي الكوفي الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، مات سنة خمسين (50 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(ع).

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) المغيرة: (ما سأل أحد النبي صلى الله عليه وسلم عن الدجال) سؤالًا (أكثر مما سألت) أي: أكثر من سؤالي إياه عنـ (ـه وقال) محمد (ابن نمير) في روايته: (أشد سؤالًا مني، فقال لي) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما تسأل عنه؟ ) أي: من أي شيء تسأل عنه؛ أي: أكثرت السؤال عنه؛ أي: عن أمر الدجال؟ (قلت) له صلى الله عليه وسلم: الخَشْيَةُ منه (إنهم) أي: لأن الناس (يقولون) فيما بينهم: (إن معه) أي: إن مع الدجال (الطعام والشراب) فَيُنْعِمُ بذلك من آمن به، ومعه أيضًا النار، فيعذب بها من كفر به.

(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هو) أي: الدجال (أهون) وأحقر (على الله) تعالى؛ أي: عند الله تعالى (من ذلك) أي: من أن يجعل ما خلقه الله تعالى على يده مضلًا للمؤمنين، ومشككًا لقلوبهم، بلى؛ إنما جعل الله ذلك على يده؛ ليزداد الَّذين آمنوا إيمانًا بالله تعالى، ولِتَثْبُت الحجة على الكافرين بالله تعالى والمنافقين، وليس معناه: أنه ليس معه شيء من الجنة والنار اللتَينِ جعلهما الله تعالى على يديه؛ ابتلاءً لعباده، وامتحانًا لهم. انتهى "عيني".

ص: 358

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وفي "القسطلاني": قوله: "هو أهون على الله من ذلك" معناه: هو أهون وأحقر وأضعف من أن يجعل الله شيئًا من ذلك آيةً على صدقه، لا سيما وقد جعل الله فيه آية ظاهرة على كذبه وكفره، يقرؤها من قرأ ومن لا يقرأ؛ زيادةً على شواهد كذبه من حدوثه ونقصه بالعور، وليس المراد: ظاهره، وأنه لا يجعل على يديه شيئًا من ذلك، بل هو على التأويل المذكور. انتهى منه.

قال القرطبي: قوله: "هو أهون على الله من ذلك" أي: إنَّ الدجالَ على الله أهون من أن يجعل الله ما يخلقه على يديه من الخوارق مضلًا للمؤمنين ومشككًا لهم، بل ليزدادوا إيمانًا مع إيمانهم، وليرتاب الذين في قلوبهم مرض والكافرون؛ كما قال له الذي قتله ثم أحياه:(ما كنت فيك قط أشد بصيرة مني الآن)، وقد تضمنت تلك الأحاديث المتقدمة أن عيسى عليه السلام ينزل ويقتل الدجال، وهو مذهب أهل السنة، والذي دل عليه قوله تعالى:{بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} (1)، والأحاديث الكثيرة الصحيحة المنتشرة، وليس في العقل ما يحيل ذلك ويرده، فيجب الإيمان به، والتصديق بكل ذلك، ولا يبالى بمن خالف في ذلك من المبتدعة، ولا حجة لهم في اعتمادهم في نفي ذلك على التمسك بقوله تعالى:{وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (2)، وبما ورد في السنة: من أنه لا نبي بعده ولا رسول، ولا بإجماع المسلمين على ذلك، ولا على أن شرعنا لا ينسخ وهو ثابت إلى يوم القيامة؛ لأنا نقول بموجب ذلك كله: إن عيسى عليه السلام إنما ينزل؛ لقتل الدجال، ولإحياء شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، وليعمل بأحكامها، وليقيم العدل على مقتضاها، وليقهر الكفار، وليظهر للنصارى ضلالتهم، ويتبرأ

(1) سورة النساء: (158).

(2)

سورة الأحزاب: (40).

ص: 359

(108)

- 4018 - (4) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي،

===

من إفكهم، فيقتل الخنزير، ويكسر الصليب، ويضع الجزية، ويأتم بإمام هذه الأمة.

والحاصل: أنه لم يأت برسالة مستأنفة، ولا شريعة مبتدأة، وإنما يأتي عاضدًا لهذه الشريعة، وملتزمًا أحكامها، غير مغير لشيء منها.

والمنفي بالأدلة السابقة إنما هو رسول يزعم أنه قد جاء بشرع جديد مبتدأ، أو برسالة مستأنفة، فمن ادعى ذلك .. كان كاذبًا كافرًا قطعًا. انتهى من "المفهم".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الفتن، باب ذكر الدجال، ومسلم في كتاب الآداب، باب جواز قوله لولد غيره: يا بني

إلى آخره، وفي كتاب الفتن في أشراط الساعة، باب في الدجال وهو أهون على الله عز وجل، وابن حبان في "الإحسان".

وهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث حذيفة.

* * *

ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث حذيفة بحديث فاطمة بنت قيس رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(108)

- 4018 - (4)(حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة أربع وثلاثين ومئتين (234 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا أبي) عبد الله بن نمير الهمداني، ثقة، من التاسعة، مات سنة تسع وتسعين ومئة (199 هـ). يروي عنه:(ع).

ص: 360

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ

===

(حدثنا إسماعيل بن أبي خالد) سعيد الأحمسي البجلي الكوفي، ثقة ثبت، من الرابعة، مات سنة ست وأربعين ومئة (146 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن مجالد) - بضم أوله وتخفيف الجيم - ابن سعيد بن عمير بن أفلح بن شراحيل الهمداني أَبِي عَمْرو الكوفي. روى عن: الشعبي، وقيس بن أبي حازم، ويروي عنه: إسماعيل بن أبي خالد، وهو من أقرانه، ليس بالقوي، وقد تغير في آخر عمره، من صغار السادسة، مات في ذي الحجة سنة أربع وأربعين ومئة (144 هـ). يروي عنه:(م عم)، وحديثه في مسلم مقرون، وقال النسائي: ليس بالقوي، ووثقه مرة، وقال ابن عدي: له عن الشعبي عن جابر أحاديث صالحة، وعن غير جابر أيضًا، وقال يعقوب بن سفيان: تكلم الناس فيه وهو صدوق، قال الساجي: قال محمد بن المثنى: يحتمل حديثه؛ لصدقه، وقال ابن سعد: كان ضعيفًا في الحديث، وقال العجلي: جائز الحديث، وقال البخاري: صدوق، وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به. انتهى "تهذيب" ملتقطًا.

قلت: فهو مختلف فيه.

(عن) عامر بن شراحيل (الشعبي) الحميري أبي عمرو الكوفي، ثقة مشهور فقيه فاضل، من الثالثة، مات بعد المئة. يروي عنه:(ع).

(عن فاطمة بنت قيس) بن خالد الفهرية، أخت الضحاك بن قيس، صحابية مشهورة رضي الله تعالى عنها، وكا نت من المهاجرات الأول. يروي عنها:(ع).

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه مجالد بن سعيد، وهو مختلف فيه؛ كما مر آنفًا، ولكن لا يضر في السند؛ لأن له متابعًا؛ وهو عبد الله بن بريدة، وهو ثقة.

ص: 361

قَالَتْ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، وَكَانَ لَا يَصْعَدُ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ إِلَّا يَوْمَ الْجُمُعَة، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى النَّاس، فَمِنْ بَيْنِ قَائِمٍ وَجَالِسٍ، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ بِيَدِهِ أَنِ اقْعُدُوا: "فَإِنِّي وَاللهِ؛ مَا قُمْتُ فِي مَقَامِي هَذَا لِأَمْرٍ يَنْفَعُكُمْ لِرَغْبَةٍ وَلَا لِرَهْبَةٍ،

===

(قالت) فاطمة: (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم) أي: يومًا من الأيام؛ فلفظ (ذات) مقحم، أو هو من إضافة المسمى إلى الاسم؛ أي: صلى في ذات تسمى باليوم لا بالليلة، أو من إضافة الشيء إلى نفسه، ولم أر من ذكر اسم تلك الصلاة هل هي صلاة الظهر أم العصر، والله أعلم.

(وصعد المنبر) النبوي (وكان) رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يصعد) ولا يطلع (عليه) أي: على المنبر (قبل ذلك) اليوم (إلا يوم الجمعة، فاشتد ذلك) أي: صعوده على المنبر (على الناس) لأن ذلك الصعود كان خلاف عادته قبل ذلك اليوم (فـ) كان الناس (من بين قائم وجالس) أي: فكان الناس من بين هذين القسمين.

وفي رواية مسلم وأبي داوود: (فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته .. جلس على المنبر) وفيه دلالة على جواز وعظ الواعظ الناس جالسًا على المنبر، وأما الخطبة يوم الجمعة .. فلا بد للخطيب أن يخطبها قائمًا.

(فأشار) رسول الله صلى الله عليه وسلم (إليهم بيده) الشريفة بـ (أن اقعدوا؛ فإني والله؛ ما قمت في مقامي هذا) أي: على المنبر الأمر ينفعكم لرغبةٍ) فيه (وَلَا لِرَهْبَةٍ) منه، وقوله:(لرغبة) بدل من قوله: (لأمر) بإعادة الجار. انتهى "سندي".

قال القاري في "المرقاة"(9/ 402): أي: لا مرغوبَ فيه من عطاء؛ كغنيمة، ولا لخوف منه من عدو وغيره (ولكن تميمًا الداري)، ولفظ مسلم: (فلما قضى

ص: 362

وَلكِنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي خَبَرًا مَنَعَنِي الْقَيْلُولَةَ مِنَ الْفَرَحِ وَقُرَّةِ الْعَيْن، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَنْشُرَ عَلَيْكُمْ فَرَحَ نَبِيِّكُمْ، أَلَا إِنَّ ابْنَ عَمٍّ لِتَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَخْبَرَنِي:

===

صلاته .. جلس على المنبر) حالة كونه (يضحك، فقال: ليلزَمْ كُلُّ إنسان) منكم (مصلاه) أي: الموضع الذي صلى فيه (ثم قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتدرون) أي: هل تعلمون (لم جمعتكم) ومنعتكم من القيام؟ (قالوا: الله ورسوله أعلم، فـ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني والله؛ ما جمعتكم لرغبة) فيكم لغرض من الأغراض؛ كبعث البعوث وإطعام المحاويج (ولا لرهبة) عليكم؛ أي: لخوف عليكم من هجوم الأعداء لتَسْتَعِدُّوا لهم، وفي رواية مسلم بعد هذا المذكور:(ولكن جمعتكم) لأخبركم خبرًا عجيبًا سمعته من تميم الداري.

(ولكن تميمًا) أي: وذلك لأن تميمًا (الداري أتاني) أي: جاءني (فأخبرني خبرًا) عجيبًا (منَعَني القَيْلولة) أي: من النوم وسط النهار للاستراحة (من الفرح) أي: لأجل الفرح به، سَيُعْلَم أن فرحه كان بسببِ أمنِ المدينة من اللَّعين. انتهى من "الإنجاز".

(و) من أجل حصول (قرة العين) لي؛ أي: برودة القلب لي بسبب ذلك الخبر، وهو كناية عن حصول غاية الفرح وانشراح الصدر به؛ أي: بذلك الخبر؛ لموافقته لما في اعتقادي (فأحببت) أي: وددت (أن أنشر) وأخبر (عليكم) وأُشيع فيكم (فرح نبيكم) يريد نفسه (ألا) أي: انتبهوا واستمعوا ما أقول لكم؛ وذلك (أن ابن عم لتميم الداري أخبرني) أيضًا، ولعل الصواب:(أخًا لتميم الداري) اسمهُ نُعيم بن أوس الداريُّ؛ كما سيأتي قريبًا ذِكْرُ ترجمته.

واعلم: أن تميم بن أوس الداري كان أولًا رجلًا نصرانيًا، فجاء إلى

ص: 363