الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(31)
- 3941 - (3) حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الْمِصْرِيُّ، أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ،
===
إذ ذاك، حتى يكون بعضهم أميرًا على بعض. انتهى "أبي" بتصرف.
فائدة
قال النووي: قال العلماء: التنافس إلى الشيء: المسابقة إليه وكراهة أخذ غيرك إياه، وهو أول درجات الحسد، وأما الحسد .. فهو تمني زوال النعمة عن صاحبها، والتدابر: التقاطع، وقد يبقى مع التدابر شيء من المودة، أو لا يكون مودة ولا بغض، وأما التباغض .. فهو بغض هذا لهذا. انتهى منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب الدنيا سجن المؤمن، وابن حبان في "صحيحه".
ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي سعيد الخدري.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أبي سعيد الخدري بحديث عمرو بن عوف رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(31)
-3941 - (3)(حدثنا يونس بن عبد الأعلى) بن ميسرة الصدفي أبو موسى (المصري) ثقةٌ، من صغار العاشرة، مات سنة أربع وستين ومئتين (264 هـ)، وله ست وتسعون سنة. يروي عنه:(م س ق).
(أخبرني) عبد الله (بن وهب) القرشي مولاهم المصري، ثقةٌ ثبتٌ، من التاسعة، مات سنة سبع وتسعين ومئة (197 هـ). يروي عنه:(ع).
(أخبرني يونس) بن يزيد الأيلي الأموي مولاهم؛ مولى آل أبي سفيان، ثقةٌ، إلَّا أن في حديثه عن الزهري وهمًا قليلًا، وفي غير الزهري خطأ، من كبار
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَهُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَهُوَ حَلِيفُ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ إِلَى الْبَحْرَيْنِ.
===
السابعة مات سنة تسع وخمسين ومئة (159 هـ). يروي عنه: (ع).
(عن) محمد بن مسلم (ابن شهاب) الزهري المدني، ثقةٌ إمام، من الرابعة، مات سنة خمس وعشرين ومئة، وقيل: قبل ذلك بسنة أو سنتين. يروي عنه: (ع).
(عن عروة بن الزبير) بن العوام الأسدي المدني، ثقةٌ فقيه، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين (94 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(ع).
(أن المسور بن مخرمة) بن نوفل بن أُهيب بن عبد مناف بن زهرة الزهري أبا عبد الرَّحمن المدني، له ولأبيه صحبة رضي الله تعالى عنهما، مات سنة أربع وستين (64 هـ). يروي عنه:(ع).
(أخبره) أي: أخبر عروة (عن عمرو بن عوف) الأنصاري (وهو حليف بني عامر بن لؤي) الصحابي البدري رضي الله تعالى عنه، مات في خلافة عمر رضي الله تعالى عنه (وكان) قد (شهد بدرًا) الكبرى (مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. يروي عنه:(خ م ت س ق).
وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا عبيدة) عامر بن عبد الله (بن الجراح) رضي الله تعالى عنه (إلى البحرين) بلفظ التثنية؛ اسم للبلدة المشهورة، وكان غالب أهلها إذ ذاك المجوس.
وذكر ابن سعد: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد قسمة الغنائم بالجعرانة
يَأْتِي بِجِزْيَتِهَا، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هُوَ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمُ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ، فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْن، فَسَمِعَتِ الْأَنْصَارُ بِقُدُومِ أَبِي عُبَيْدَةَ، فَوَافَوْا صَلَاةَ الْفَجْرِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛
===
أرسل العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوى عامل البحرين يدعوه إلى الإسلام، فأسلم وصالح مجوس تلك البلاد على الجزية. انتهى "فتح الباري"(6/ 262).
حالة كون أبي عبيدة (يأتي بجزيتها) أي: يأخذ جزية أهل البحرين منهم، ويأتي بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم (وكان النبي صلى الله عليه وسلم هو صالح أهل البحرين) على أداء الجزية للمسلمين، وكانوا مجوسًا (و) كان صلى الله عليه وسلم (أمر) وولى (عليهم) أي: على أهل البحرين (العلاء بن الحضرمي) الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه.
واسم الحضرمي: عبد الله بن مالك بن ربيعة، وكان من أهل حضرموت، فقدم مكة، فحالف بني مخزوم، ويقال: إن أصله من أهل فارس، فأسر حتى اشتراه رجل من حضرموت، ثم افتداه رجل، وقدم به إلى مكة، فعتق، وأقام بها حتى ولد له أولاد، وتزوج أبو سفيان ابنته الصعبة، ثم تزوجها عبيد الله بن عثمان والد طلحة، أحد العشرة، فولدت له طلحة. انتهى "فتح الباري".
(فقدم أبو عبيدة بمال) كثير (من البحرين، فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة) من البحرين (فوافوا) أي: فوافت الأنصار (صلاة الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: حضروا صلاتها معه صلى الله عليه وسلم؛ أي: جاؤوا فاجتمعوا عند صلاة الصبح معه صلى الله عليه وسلم؛ ليقسم بينهم ما جاء به أبو عبيدة؛ لأنهم أرهقتهم الحاجة والفاقة التي كانوا عليها لا الحرص
فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم .. انْصَرَفَ، فَتَعَرَّضُوا لَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ رَأَهُمْ ثُمَّ قَالَ:"أَظُنُّكُمْ سَمِعْتُمْ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَدِمَ بِشَيْءٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ؟ "، قَالُوا: أَجَلْ يَا رَسُولَ الله، قَالَ: "أَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ،
===
على الدنيا ولا الرغبة فيها، ولذلك قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ابشروا وأملوا ما يسركم" وهذا تهوين منه عليهم ما هم فيه من الشدة، وبشارة لهم بتعجيل الفتح عليهم. انتهى من "المفهم".
(فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: فرغ من صلاة الصبح .. (انصرف) أي: قام من مصلاه وذهب (فتعرضوا له) أي: استقبلوه في عرضه، وقاموا قدامه (فـ) لما رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم معترضين .. (تبسم) أي: ضحك (رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحكًا بلا صوت (حين رآهم) معترضين (ثم قال) لهم: (أظنكم) أنكم (سمعتم أن أبا عبيدة قدم بشيء) من المال (من البحرين، قالوا) أي: قال الأنصار: (أجل) أي: نعم؛ سمعنا مجيئه من البحرين بمال (يا رسول الله) فـ (قال) لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أبشروا) - بقطع الهمزة - وفي بعض النسخ: (فأبشروا) - بزيادة الفاء - ولكن إسقاطها أولى؛ لأنه لا معنى لها هنا؛ أي: أبشروا بنيل مرادكم (وأملوا) - بتشديد الميم - من التأميل؛ أي: اقصدوا (ما يسركم) ويبشركم، و (ما) في محل النصب مفعول به لـ (أملوا).
قال الحافظ في "الفتح": قوله: "فوافوا صلاة الفجر
…
" إلى آخره، يؤخذ أنهم كانوا لا يجتمعون في كلّ الصلوات إلَّا لأمر يطرأ، وكانوا يصلون في مساجدهم؛ إذ كان لكل قبيلة مسجد يجتمعون فيه، فلأجل ذلك عرف النبي صلى الله عليه وسلم أنهم اجتمعوا لأمر، ودلت القرينة على تعيين
فَوَاللهِ؛ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا
===
ذلك الأمر؛ وهو احتياجهم إلى المال؛ للتوسعة عليهم، أفاده الحافظ في "الفتح".
(فوالله) الذي لا إله غيره (ما الفقرَ) والعدم (أخشى) وأخاف (عليكم) أيها الأصحاب بعد وفاتي؛ بنصب (الفقرَ) على أنه مفعول مقدم لـ (أخشى).
وقال الطيبي في "الكاشف"(9/ 293):
فإن قلت: ما الفائدة في تقديم المفعول على عامله في الفقرة الأولى؛ أعني: قوله: "ما الفقرَ أخشى عليكم" دون الثانية؛ يعني: قوله: "ولكني أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم؟ ".
قلت: فائدته: الاهتمام بشأن الفقرة الأولى؛ لأن الأب المشفق إذا احتضر إنما يكون اهتمامه بشأن الولد؛ ضياعه وإعدامه المال؛ كأنه صلى الله عليه وسلم يقول: حالي معكم خلاف حال الوالد مع الولد؛ فإني لا أخشى الفقر عليكم؛ كما يخشاه الوالد على الولد، ولكن خوفي عليكم من الغنى الذي هو مطلوب الوالد للولد. انتهى.
(ولكني أخشى) وأخاف (عليكم أن تبسط) وتوسع (الدنيا) وزخارفها (عليكم؛ كما بسطت) ووسعت (على من كان قبلكم) من الأمم؛ ككسرى وقيصر.
(فتنافسوها) - بفتح التاء والفاء - لأنه مضارع (تنافس) الخماسي؛ من باب تفاعل، والأصل:(فتتنافسوا فيها) فحذفت إحدى التاءين؛ لتوالي الأمثال، وهو مضارع معطوف على (تبسط) منصوب بحذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة.
كَمَا تَنَافَسُوهَا، فَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ".
===
قال القرطبي: "فتتنافسوها
…
" إلى آخره؛ أي: تتحاسدون فيها، فتختلفون وتتقاتلون، فيهلك بعضكم بعضًا؛ كما قد ظهر ووجد.
وقد سمى في هذا الحديث: (التحاسد)(تنافسًا) توسعًا؛ لقرب ما بينهما.
انتهى؛ كما سيأتي الفرق بينهما. انتهى "مفهم".
(كما تنافسوها) - بتاء واحدة - لأنه ماضٍ أسند إلى واو الجماعة؛ أي: فترغبوا فيها؛ كما رغب فيها من كان قبلكم من الأمم (فتهلككم) - بالنصب - معطوف على (تنافسوا) الأول، وتحجزكم عن التزود للآخرة (كلما أهلكتهم) أي: كما أهلكت الأمم السابقة وحجزتهم عن الآخرة.
والتنافس والمنافسة معناهما واحد؛ وهو الرغبة في الشيء النفيس، وحب الانفراد به؛ والشيء النفيس: هو الجيد في نوعه.
وفي هذا الحديث: طلبُ العطاء من الإمام لا غضاضة فيه، وفيه أيضًا البشرى من الإمام لأتباعه، وتوسيع أملهم، وفيه من أعلام النبوة .. إخباره صلى الله عليه وسلم بما يفتح عليهم، وفيه أيضًا أن المنافسة في الدنيا قد تجر إلى هلاك الدين. انتهى من "العيني".
قال علي القاري في "المرقاة": والظاهر أن المراد بالفقر: فقدان جميع ما يحتاج إليه من ضروريات الدين والبدن، وبالغنى: الزيادةُ على مقدار الكفايةِ الموجبةُ للطغيان، وشغلِ الإنسان عن طاعة الرَّحمن.
فالمعنى - كما قال الطيبي -: ترغبون فيها، فتشتغلون بجمعها، وتحرصون على إمساكها، فتطغون فيها، فتهلكون بها. انتهى منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الجزية والموادعة، باب الجزية والموادعة مع أهل الذِّمة والحرب، ومسلم في كتاب الزهد والرقائق،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
باب الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر، والترمذي في كتاب الزهد.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي سعيد الخدري.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:
الأول للاستدلال، والأخيران للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم