الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبلاغته لابد من اعتبار أن «للأذن إحساس يجب إرضاؤه، ونعومة يحذر من خدشها» (1).
وللشعر أهميته وأثره- وإن لم يكثر منه الخطيب- فالكلام إذا حوّل نظمًا فرح به الحزين، وحرك الرزين، وقرب من الأمل البعيد (2). وإن من الشعر لحكمة» كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم (3).
وبالجملة فكم يجتمع للخطباء نصوص واحدة أو متشابهة، ويختلف تأثرهم وتأثيرهم بها باختلاف قدراتهم في استثمارها وحسن صياغتها، وتلك مؤشرات للغة الخطيب وبلاغته، وإذا كان العلم بالتعلم فبإمكان الخطيب أن يزيد من ثقافته اللغوية، بمطالعة كتب اللغة عمومًا، وكتب الأدب والبلاغة على الخصوص.
[5] الخطيب وضعف الأداء وقلة المردود:
يملك الخطيب والداعية والواعظ هداية البيان والإرشاد للناس دون هداية التوفيق والقبول، فهذه لله وحده، وإذا أحس الخطيب أو حسس بضعف أدائه، وقلة مردوده، وانصراف الناس عنه، فعليه أن يفتش عن أسباب ذلك، ولعله أن يجدها كامنة وراء عدة أسباب ومنها:
أ- غياب الإخلاص أو ضعفه، والتعلق بالشهرة والبحث عن الصيت. قال الله تعالى في الحديث القدسي:«أنا أغنى الشركاء عن الشرك، فمن عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه» .
(1) الخطابة في موكب الدعوة/ محمود محمد عمارة/ 42.
(2)
جريدة القصر 1/ 202.
(3)
أخرجه البخاري وغيره.
ب- عدم تقدير ظروف الزمان، واعتبار مستوى المخاطبين، والحديث في واد والناس في واد غيره.
ت- وطول الخطبة يُمل ويدعو للغفلة، وقصرها المخل يفوت الفائدة على الراغبين، وربما أوقع في لبس وحيرة، أما إذا كان قصر الخطبة غير مخل فإن من مئنة فقه الرجل قصر خطبته وطول صلاته».
ث- ويشين المسلم على العموم والخطيب الداعية على الخصوص، أن يخالف قوله فعله، وأن يدعو الناس إلى خير يتكاسل عنه مع استطاعته له، أو ينهاهم عن شر هو واقع فيه، أو ينهى عن الإسبال وسماع الغناء، وحلق اللحى وهو متلبس بها! أو يحث على كريم الأخلاق مَن هو سيئُها، أو يدعو غيره للصدق والإحسان وهو كذوب بخيل شحيح؟ وهكذا ..
ج- والشدة في القول والحدة في النقد- دون مبرر- سبب للنفور، ومن دواعي عدم القبول، وقد قيل:«القلوب كالقدور في الصدور تغلي بما فيها، ومغارفها ألسنتها فانتظر الرجل حتى يتكلم، فإن لسانه يغترف من قلبه، ومن بين حلو وحامض وأجاج، ينبئك عن طعم قلبه اغتراف لسانها» (1).
فان قلت: فما أحسن شيء حين الحديث؟ أجبت بما أورده الخطيب: «أحسن شيء كلام رفيق، يستخرج من بحر عميق، على لسان رجل رقيق» (2) وإذا كان الغلو في المديح غير مقبول شرعًا وعقلاً، فالمغالاة في القدح والذم- فوق ما يلزم- غير مقبول كذلك، والعدل في القول هدي القرآن وسنة محمد صلى الله عليه وسلم، وليس هذا موطن بسط النصوص.
(1) عمارة، الخطابة في موكب الدعوة/ 29.
(2)
تاريخ بغداد 14/ 209.
ح- عدم الاكتراث بموضوع الخطبة إعدادًا وموضوعًا.
خ- عدم المتابعة للأحداث الجارية، وما يهم الناس ويشغل تفكيرهم.
د- وإذا أصيب الخطيب بأزمة ثقة بربه أو بنفسه فكيف يوصلها للآخرين؟ وفاقد الشيء لا يعطيه.