الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطَّبَقَة الْخَامِسَة
من أَصْحَاب الإِمَام المطلبي أبي عبد الله الشَّافِعِي رضي الله عنه من مَاتَ بعد الْخَمْسمِائَةِ
565 - أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن الْعَبَّاس الشَّيْخ أَبُو الْخَيْر الْقزْوِينِي الطَّالقَانِي
الشَّيْخ الإِمَام الْفَقِيه الصُّوفِي الْوَاعِظ الملقب رضى الدّين أحد الْأَعْلَام
ولد فِي سنة اثنتى عشرَة وَخَمْسمِائة بقزوين
وَقيل سنة إِحْدَى عشرَة
وتفقه بهَا على ملكداد بن عَليّ
ثمَّ ارتحل إِلَى نيسابور
وتفقه على مُحَمَّد بن يحيى
وَسمع الكثيرمن أَبِيه وَأبي عبد الله مُحَمَّد بن الْفضل الفراوي وزاهر الشحامي وَعبد الْمُنعم بن الْقشيرِي وَعبد الغافر الْفَارِسِي وَعبد الْجَبَّار الخواري وَهبة الله
ابْن السيدي ووجيه بن طَاهِر وَأبي الْفَتْح بن البطي وَغَيرهم بنيسابور وبغداد وَغَيرهمَا
روى عَنهُ ابْن الدبيثي وَمُحَمّد بن عَليّ بن أبي السهل الوَاسِطِيّ والموفق عبد اللَّطِيف ابْن يُوسُف وَالْإِمَام الرَّافِعِيّ وَغَيرهم
درس بِبَلَدِهِ مُدَّة ثمَّ بِبَغْدَاد ثمَّ عَاد إِلَى بَلَده ثمَّ عَاد إِلَى بَغْدَاد ودرس بالنظامية
وَحدث بكبار الْكتب ك تَارِيخ الْحَاكِم وَسنَن الْبَيْهَقِيّ وصحيح مُسلم ومُسْند إِسْحَاق وَغَيرهَا
وأملى عدَّة مجَالِس
قَالَ ابْن النجار كَانَ رَئِيس أَصْحَاب الشَّافِعِي وَكَانَ إِمَامًا فِي الْمَذْهَب وَالْخلاف وَالْأُصُول وَالتَّفْسِير والوعظ والزهد
وَحدث عَنهُ الإِمَام الرَّافِعِيّ فِي أَمَالِيهِ
وَقَالَ فِيهِ إِمَام كثير الْخَيْر موفر الْحَظ من عُلُوم الشَّرْع حفظا وجمعا ونشرا بالتعليم والتذكير والتصنيف وَكَانَ لِسَانه لَا يزَال رطبا من ذكر الله وَمن تِلَاوَة الْقُرْآن وَرُبمَا قرىء عَلَيْهِ الحَدِيث وَهُوَ يُصَلِّي ويصغي إِلَى مَا يَقُول القارىء وينبهه إِذا زل
قلت وَأطَال ابْن النجار فِي تَرْجَمته وَالثنَاء على علمه وَدينه
وروى بِإِسْنَادِهِ حِكَايَة مبسوطة ذكر أَنه عربها من العجمي إِلَى الْعَرَبيَّة حاصلها أَن الطَّالقَانِي حكى عَن نَفسه أَنه كَانَ بليد الذِّهْن فِي الْحِفْظ وَأَنه كَانَ عِنْد الإِمَام مُحَمَّد بن يحيى فِي الْمدرسَة وَكَانَ من عَادَة ابْن يحيى أَن يستعرض الْفُقَهَاء كل جُمُعَة وَيَأْخُذ عَلَيْهِم مَا حفظوه فَمن وجده مقصرا أخرجه فَوجدَ الطَّالقَانِي مقصرا فَأخْرجهُ فَخرج فِي اللَّيْل وَهُوَ لَا يدْرِي إِلَى أَيْن يذهب فَنَامَ فِي أتون حمام فَرَأى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فتفل فِي فَمه مرَّتَيْنِ وَأمره بِالْعودِ إِلَى الْمدرسَة فَعَاد وَوجد الْمَاضِي مَحْفُوظًا واحتد ذهنه جدا
قَالَ فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة وَكَانَ من عَادَة الإِمَام مُحَمَّد بن يحيى أَن يمْضِي إِلَى صَلَاة الْجُمُعَة فِي جمع من طلبته فَيصَلي عِنْد الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن الأكاف الزَّاهِد
قَالَ فمضيت مَعَه فَلَمَّا جلس مَعَ الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن تكلم الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن فِي شَيْء من مسَائِل الْخلاف وَالْجَمَاعَة ساكتون تأدبا مَعَه وَأَنا لصِغَر سني وحدة ذهني أعترض عَلَيْهِ وأنازعه وَالْفُقَهَاء يشيرون إِلَى بالإمساك وَأَنا لَا ألتفت
فَقَالَ لَهُم الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن دَعوه فَإِن هَذَا الْكَلَام الَّذِي يَقُوله لَيْسَ هُوَ مِنْهُ إِنَّمَا هُوَ من الَّذِي علمه
قَالَ وَلم يعلم الْجَمَاعَة مَا أَرَادَ وفهمت أَنا وَعلمت أَنه مكاشف
قَالَ ابْن النجار وَقيل إِنَّه كَانَ مَعَ كَثْرَة اشْتِغَاله يداوم الصّيام وَيفْطر كل لَيْلَة على قرص وَاحِد
وَحكى أَنه لما دعى إِلَى تدريس النظامية جَاءَ بالخلعة وَحَوله الْفُقَهَاء وَهُنَاكَ المدرسون والصدور والأعيان فَلَمَّا اسْتَقر على كرْسِي التدريس وقرئت الربعة الشَّرِيفَة ودعى دُعَاء الختمة الْتفت إِلَى الْجَمَاعَة قبل الشُّرُوع فِي إِلْقَاء الدَّرْس وَقَالَ من أَي كتب التفاسير تحبون أَن أذكر فعينوا كتابا
فَقَالَ من أَي سُورَة تُرِيدُونَ فعينوا
وَذكر لَهُم مَا أَرَادوا
وَكَذَلِكَ فعل فِي الْفِقْه وَالْخلاف لم يذكر إِلَّا مَا عين الْجَمَاعَة لَهُ فعجبوا لِكَثْرَة استحضاره
قَالَ ابْن النجار حَدثنِي شَيخنَا أَبُو الْقَاسِم الصُّوفِي قَالَ صلى شَيخنَا الْقزْوِينِي بِالنَّاسِ التَّرَاوِيح فِي ليَالِي شهر رَمَضَان وَكَانَ يحضر عِنْده خلق كثير فَلَمَّا كَانَ لَيْلَة الْخَتْم دَعَا وَشرع فِي تَفْسِير الْقُرْآن من أَوله وَلم يزل يُفَسر سُورَة سُورَة حَتَّى طلع الْفجْر فصلى بِالنَّاسِ صَلَاة الْفجْر بِوضُوء الْعشَاء وَخرج من الْغَد إِلَى الْمدرسَة النظامية وَكَانَ نوبَته فِي الْجُلُوس بهَا فَلَمَّا تكلم فِي الْمِنْبَر على عَادَته وطَابَ النَّاس وَكَانَ فِي الْمجْلس الْأَمِير قطب الدّين قيماز والأعيان فَذكرُوا لَهُم أَن الشَّيْخ لَيْلَة إِذْ فسر الْقُرْآن كُله فِي مجْلِس وَاحِد
فَقَالَ قطب الدّين الغرامة على الشَّيْخ واجبه
فَالْتَفت الشَّيْخ وَقَالَ إِن الْأَمِير أوجب علينا شَيْئا فَإِن كَانَ لَا يشق عَلَيْكُم وَفينَا بِهِ
فَقَالُوا لَا بل نؤثر ذَلِك
فشرع وَفسّر الْقُرْآن من أَوله إِلَى أَخّرهُ من غير أَن يُعِيد كلمة مِمَّا ذكر لَيْلًا
فَأبْلسَ النَّاس من قُوَّة حفظه وغزارة علمه
قَالَ أَبُو أَحْمد بن سكينَة لما أظهر ابْن الصاحب الرَّفْض بِبَغْدَاد جَاءَنِي الْقزْوِينِي لَيْلًا فودعني وَذكر أَنه مُتَوَجّه إِلَى بِلَاده
فَقلت إِنَّك هَهُنَا طيب وَتَنْفَع النَّاس
فَقَالَ معَاذ الله أَن أقيم ببلدة يجْهر فِيهَا بسب أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
ثمَّ خرج من بَغْدَاد إِلَى قزوين وَكَانَ آخر الْعَهْد بِهِ
قلت أَقَامَ بقزوين مُعظما مُحْتَرما إِلَى أَن توفى بهَا
قَالَ الرَّافِعِيّ فِي الأمالي كَانَ يعْقد الْمجْلس للعامة ثَلَاث مَرَّات فِي الْأُسْبُوع إِحْدَاهَا صَبِيحَة يَوْم الْجُمُعَة فَتكلم على عَادَته يَوْم الْجُمُعَة ثَانِي عشر الْمحرم سنة تسعين وَخَمْسمِائة فِي قَوْله تَعَالَى {فَإِن توَلّوا فَقل حسبي الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ} وَذكر أَنَّهَا من أَوَاخِر مَا نزل وعد الْآيَات الْمنزلَة آخرا مِنْهَا {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ} وَمِنْهَا سُورَة النَّصْر وَقَوله تَعَالَى {وَاتَّقوا يَوْمًا ترجعون فِيهِ إِلَى الله} وَذكر أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا عَاشَ بعد نزُول هَذِه الْآيَة إِلَّا سَبْعَة أَيَّام
قَالَ الرَّافِعِيّ وَلما نزل من الْمِنْبَر حم وَمَات فِي الْجُمُعَة الْأُخْرَى وَلم يَعش بعد ذَلِك إِلَّا سَبْعَة أَيَّام
قَالَ وَذَلِكَ من عَجِيب الاتفاقات
قَالَ وَكَأَنَّهُ أعلم بِالْحَال وَأَنه حَان وَقت الارتحال