الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومحسوس حَادث اخترعه بقدرته بعد الْعَدَم اختراعا وأنشأه بعد أَن لم يكن شَيْئا إِذْ كَانَ فِي الْأَزَل مَوْجُودا وَحده وَلم يكن مَعَه غَيره فأحدث الْخلق بعده إِظْهَار لقدرته وتحقيقا لماسبق من إِرَادَته وَحقّ فِي الْأَزَل من كَلمته لَا لافتقاره إِلَيْهِ وَحَاجته
وَأَنه تَعَالَى متفضل بالخلق والاختراع والتكليف لَا عَن وجوب ومتطول بالإنعام والإصلاح لَا عَن لُزُوم
فَلهُ الْفضل وَالْإِحْسَان وَالنعْمَة والامتنان إِذْ كَانَ قَادِرًا على أَن يصب على عباده أَنْوَاع الْعَذَاب ويبتليهم بضروب الآلام والأوصاب وَلَو فعل ذَلِك لَكَانَ مِنْهُ عدلا وَلم يكن قبيحا ولاظلما
وَأَنه يثيب عباده على الطَّاعَات بِحكم الْكَرم والوعد لَا بِحكم الِاسْتِحْقَاق واللزوم إِذْ لَا يجب عَلَيْهِ فعل وَلَا يتَصَوَّر مِنْهُ ظلم وَلَا يجب لأحد عَلَيْهِ حق
وَأَن حَقه فِي الطَّاعَات وَجب على الْخلق بإيجابه على لِسَانه أنبيائه لَا بِمُجَرَّد الْعقل وَلكنه بعث الرُّسُل وَأظْهر صدقهم بالمعجزات الظَّاهِرَة فبلغوا أمره وَنَهْيه ووعده ووعيده فَوَجَبَ على الْخلق تصديقهم فِيمَا جَاءُوا بِهِ
معنى الْكَلِمَة الثَّانِيَة وَهِي شَهَادَة الرَّسُول صلى الله عليه وسلم
وَأَنه تَعَالَى بعث النَّبِي الْأُمِّي الْقرشِي مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم برسالته إِلَى كَافَّة الْعَرَب والعجم وَالْجِنّ وَالْإِنْس
قَالَ فَلَمَّا بلغت إِلَى هَذَا رَأَيْت البشاشة والبشر فِي وَجهه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
إِذْ انْتَهَيْت إِلَى نَعته وَصفته فَالْتَفت إِلَيّ وَقَالَ أَيْن الْغَزالِيّ
فَإِذا بالغزالي كَأَنَّهُ وَاقِف على الْحلقَة بَين يَدَيْهِ
فَقَالَ هَا أَنا ذَا يَا رَسُول الله
وَتقدم وَسلم على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
فَرد عَلَيْهِ الْجَواب وناوله يَده العزيزة وَالْغَزالِيّ يقبل يَده وَيَضَع خديه عَلَيْهَا تبركا بِهِ وَبِيَدِهِ العزيزة الْمُبَارَكَة ثمَّ قعد
قَالَ فَمَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَكثر استبشارا بِقِرَاءَة أحد مثل مَا كَانَ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ قَوَاعِد العقائد
ثمَّ انْتَبَهت من النّوم وعَلى عَيْني أثر الدمع مِمَّا رَأَيْت من تِلْكَ الْأَحْوَال والمشاهدات والكرامات فَإِنَّهَا كَانَت نعْمَة جسيمة من الله تَعَالَى سِيمَا فِي أخر الزَّمَان مَعَ كَثْرَة الْأَهْوَاء
فنسأل الله تَعَالَى أَن يثبتنا على عقيدة أهل الْحق ويحيينا عَلَيْهَا ويمتنا عَلَيْهَا ويحشرنا مَعَهم وَمَعَ الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسلِينَ وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحسن أُولَئِكَ رَفِيقًا فَإِنَّهُ بِالْفَضْلِ جدير وعَلى مَا يَشَاء قدير
قَالَ الشَّيْخ الإِمَام أَبُو الْقَاسِم الإسفرايني هَذَا معنى ماحكى لي أَبُو الْفَتْح الساوي أَنه رَآهُ فِي الْمَنَام لِأَنَّهُ حَكَاهُ لي بالفارسة وترجمته أَنا بِالْعَرَبِيَّةِ
وتتمة الْفَصْل الأول من فُصُول قَوَاعِد العقائد الَّذِي يتم الِاعْتِقَاد بِهِ وَلم يتَّفق قِرَاءَته إِيَّاه على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَمن الْمصلحَة إثْبَاته ليَكُون الِاعْتِقَاد تَاما فِي نَفسه غير نَاقص لمن أَرَادَ تَحْصِيله وَحفظه
بعد قَوْله وَأَنه تَعَالَى بعث النَّبِي الْأُمِّي الْقرشِي مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم برسالته إِلَى كَافَّة الْعَرَب والعجم وَالْجِنّ وَالْإِنْس
فنسخ بشرعة الشَّرَائِع إِلَّا ماقرر وفضله على سَائِر الْأَنْبِيَاء وَجعله سيد الْبشر وَمنع كَمَال الْإِيمَان بِشَهَادَة التَّوْحِيد وَهُوَ قَول لَا إِلَه إِلَّا الله مَا لم تقترن بِهِ شَهَادَة الرَّسُول وَهُوَ قَول مُحَمَّد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فألزم الْخلق تَصْدِيقه فِي جَمِيع مَا أخبر عَنهُ من الدُّنْيَا وَالْآخِرَة
وَأَنه لَا يتَقَبَّل إِيمَان عبد حَتَّى يُوقن بِمَا أخبر عَنهُ بعد الْمَوْت
وأوله سُؤال مُنكر وَنَكِير وهما شخصان مهيبان هائلان يعقدان العَبْد فِي قَبره سويا ذَا روح وجسد فيسألانه عَن التَّوْحِيد والرسالة ويقولان من رَبك وَمَا دينك وَمن نبيك
وهما فتانا الْقَبْر وسؤالهما أول فتْنَة الْقَبْر بعد الْمَوْت
وَأَن يُؤمن بِعَذَاب الْقَبْر وَأَنه حق وَحكمه عدل على الْجِسْم وَالروح على مَا يَشَاء
ويؤمن بالميزان ذِي الكفتين وَاللِّسَان وَصفته فِي الْعظم أَنه مثل طباق السَّمَوَات وَالْأَرْض توزن فِيهِ الْأَعْمَال بقدرة الله تَعَالَى والسنج يَوْمئِذٍ مَثَاقِيل الذَّر والخردل تَحْقِيقا لتَمام الْعدْل
وتطرح صَحَائِف الْحَسَنَات فِي صُورَة حَسَنَة فِي كفة النُّور فيثقل بهَا الْمِيزَان على قدر درجاتها عِنْد الله بِفضل الله تَعَالَى وتطرح صَحَائِف السَّيِّئَات فِي كفة الظلمَة فيخف بهَا الْمِيزَان بِعدْل الله تَعَالَى
وَأَن يُؤمن بِأَن الصِّرَاط حق وَهُوَ جسر مَمْدُود على متن جَهَنَّم أحد من السَّيْف وأدق من الشعرة تزل عَلَيْهِ أَقْدَام الْكَافرين بِحكم الله فيهوى بهم إِلَى النَّار وَتثبت عَلَيْهِ أَقْدَام الْمُؤمنِينَ فيساقون إِلَى دَار الْقَرار
وَأَن يُؤمن بالحوض المورود حَوْض مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم يشرب مِنْهُ الْمُؤْمِنُونَ قبل دُخُول الْجنَّة وَبعد جَوَاز الصِّرَاط من شرب مِنْهُ شربة لم يظمأ بعْدهَا أبدا عرضه مسيرَة شهر مَاؤُهُ أَشد بَيَاضًا من اللَّبن وَأحلى من الْعَسَل حوله أَبَارِيق عَددهَا عدد نُجُوم السَّمَاء فِيهِ مِيزَابَانِ يصبَّانِ من الْكَوْثَر
ويؤمن بِيَوْم الْحساب وتفاوت الْخلق فِيهِ إِلَى مناقش فِي الْحساب وإِلَى مسامح فِيهِ وإِلَى من يدْخل الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب وهم المقربون فَيسْأَل من شَاءَ من الْأَنْبِيَاء عَن تَبْلِيغ الرسَالَة وَمن شَاءَ من الْكفَّار عَن تَكْذِيب الْمُرْسلين وَيسْأل المبتدعة عَن السّنة وَيسْأل الْمُسلمين عَن الْأَعْمَال
ويؤمن بِإِخْرَاج الْمُوَحِّدين من النَّار بعد الانتقام حَتَّى لَا يبْقى فِي جَهَنَّم موحد بِفضل الله تَعَالَى
ويؤمن بشفاعة الْأَنْبِيَاء ثمَّ الْعلمَاء ثمَّ الشُّهَدَاء ثمَّ سَائِر الْمُؤمنِينَ كل على حسب جاهه ومنزلته
وَمن بَقِي من الْمُؤمنِينَ وَلم يكن لَهُ شَفِيع أخرج بِفضل الله تَعَالَى
وَلَا يخلد فِي النَّار مُؤمن بل يخرج مِنْهَا من كَانَ فِي قلبه مِثْقَال ذرة من الْإِيمَان
وَأَن يعْتَقد فضل الصَّحَابَة وتربيتهم وَأَن أفضل النَّاس بعد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَبُو بكر ثمَّ عمر ثمَّ عُثْمَان ثمَّ عَليّ رَضِي الله عَنْهُم