الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَلَاة فِي جمَاعَة بِلَا خشوع وَفِي انْفِرَاد بخشوع
سُئِلَ الْغَزالِيّ رَحمَه الله تَعَالَى عَمَّن يتَحَقَّق من نَفسه أَنه يخشع فِي صلَاته إِذا كَانَ مُنْفَردا وَإِن صلى فِي جمَاعَة تشتتت همته وَلم يُمكنهُ الْخُشُوع مَا الأولى
فَأجَاب رحمه الله بِأَن الِانْفِرَاد حِينَئِذٍ أولى وَأَصَح لحَدِيث يُصَلِّي العَبْد وَلَا يكْتب لَهُ من الصَّلَاة عشرهَا
قَالَ وَفضل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صَلَاة الْجَمَاعَة على الِانْفِرَاد بِسبع وَعشْرين دَرَجَة فَكَأَنَّهُ لَو خضع فِي صَلَاة الْجَمَاعَة فِي لَحْظَة كَمَا لَو خضع فِي الانفرد فِي سبع وَعشْرين لَحْظَة فَإِن كَانَت نِسْبَة خضوعه فِي الْجَمَاعَة إِلَى خضوعه مُنْفَردا أقل من نِسْبَة وَاحِدَة إِلَى سَبْعَة وَعشْرين فالانفراد أولى وَإِن كَانَ أَكثر من ذَلِك فالجماعة أولى
انْتهى مُلَخصا
وسلك الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام هَذَا المسلك فَأفْتى فِيمَن إِذا حضر الْجَمَاعَة مرائيا أَن الِانْفِرَاد لَهُ أولى
وَهَذَانِ الإمامان إِذا عرض عَلَيْهِمَا حَدِيث ابْن مَسْعُود وَلَقَد رَأَيْتنَا فِي عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَمَا يتَخَلَّف عَنْهَا يَعْنِي الْجَمَاعَة إِلَّا مُنَافِق مَعْلُوم النِّفَاق وَلَقَد كَانَ يُؤْتى بِالرجلِ يهادي بَين اثْنَيْنِ حِين يُقَام فِي الصَّفّ
الحَدِيث
أوشك أَن يَقُولَا إِنَّه لم يكن فِي السّلف من تذْهب الْجَمَاعَة حُضُوره وخشوعه وخضوعه بِخِلَاف الْمَسْئُول عَنهُ فَمَا الْمَسْأَلَة الْمَسْئُول عَنْهَا بواقعة فِي السّلف
وَأَنا أَقُول مَعَ ذَلِك الَّذِي يظْهر أَن حُضُور الْجَمَاعَة أفضل مُطلقًا وبركتها تربي على ذهَاب الْخُشُوع الَّذِي حصل للسَّائِل وَالزَّمَان الَّذِي ذكره الْغَزالِيّ رحمه الله لاعْتِبَار الموازنة أبعد عَن الْحُضُور من زمَان الْجَمَاعَة فَأن يشْتَغل بِالْجَمَاعَة خير لَهُ من أَن يشْتَغل بِاعْتِبَار هَذِه الموازنة وَمُجَرَّد تردده فِي أَنه هَل يحصل لَهُ من الْخُشُوع فِي الْجَمَاعَة مَا يحصل فِي الِانْفِرَاد نوع من الْخُشُوع وَالْجَمَاعَة بِكُل سَبِيل أولى
ثمَّ هَذَا الَّذِي قَالَه الْغَزالِيّ مَعَ كَونه غير مُسلم فِي حق وَاحِد من الْآحَاد يتَّفق لَهُ ذَلِك فِي بعض الْأَحَايِين أما جمع كثير يتفقون على ذَلِك أَو وَاحِد يتْرك الْجَمَاعَة دَائِما مُعْتَلًّا بِهَذِهِ الْعلَّة فَلَا يسمع مِنْهُم وَلَا مِنْهُ وَلَا تتْرك سنة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الَّتِي افترضها قوم وَشَرطهَا آخَرُونَ لصِحَّة الصَّلَاة لمثل هَذِه الخيالات وَلَا يفتح لإبليس هَذَا الْبَاب بل الْبركَة كل الْبركَة فِي الِاتِّبَاع ومجاهدة النَّفس على الْخُشُوع فَإِن يَأْتِ فبها ونعمت وَإِلَّا فَترك الْخُشُوع لمتابعة السّنة خشوع خير من الْخُشُوع الْحَاصِل مَعَ الِانْفِرَاد فَتَأمل ذَلِك فَهُوَ حسن دَقِيق
وَحَاصِله أَن السّنة وَإِن وَقعت نَاقِصَة وَهِي الْجَمَاعَة بِلَا خشوع خير من لَا سنة بِالْكُلِّيَّةِ وَإِن وَقع فِيهَا سنة أُخْرَى وَهِي الْخُشُوع
وَقد أغري بعض محبي الْخلْوَة بترك الْجَمَاعَة لمثل ذَلِك وَذَلِكَ عندنَا أَمر مُنكر بل خُرُوجه إِلَى الْجَمَاعَة وَإِن كَانَ سنة سَاعَة خير لَهُ من ألف سَاعَة مَعَ ترك السّنة