الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَوْضُوعا فَلَا يعاب عَلَيْهِم وَالْحَالة هَذِه وَلَيْسَ ابْن الْجَوْزِيّ عندنَا بِحَيْثُ يتَكَلَّم فِي مثل هَؤُلَاءِ
توفّي الخزيمي بِالريِّ فِي الْمحرم سنة أَربع عشرَة وَخَمْسمِائة
694 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الطوسي الإِمَام الْجَلِيل أَبُو حَامِد الْغَزالِيّ
حجَّة الْإِسْلَام ومحجة الدّين الَّتِي يتَوَصَّل بهَا إِلَى دَار السَّلَام
جَامع أشتات الْعُلُوم والمبرز فِي الْمَنْقُول مِنْهَا وَالْمَفْهُوم
جرت الْأَئِمَّة قبله بشأو وَلم تقع مِنْهُ بالغاية وَلَا وقف عِنْد مطلب وَرَاءه مطلب لأَصْحَاب النِّهَايَة والبداية
(حَلَفت فَلم أترك لنَفسك رِيبَة
…
وَلَيْسَ وَرَاء الله للمرء مَذْهَب)
حَتَّى أخمل من القرناء كل خصم بلغ مبلغ السها وأخمد من نيران الْبدع كل مَا لَا تَسْتَطِيع أَيدي المجالدين مَسهَا
كَانَ رضي الله عنه ضرغاما إِلَّا أَن الْأسود تتضاءل بَين يَدَيْهِ وتتوارى وبدرا تَمامًا إِلَّا أَن هداه يشرق نَهَارا وبشرا من الْخلق وَلكنه الطود الْعَظِيم وَبَعض الْخلق لكل مثل مَا بعض الْحجر الدّرّ النظيم
جَاءَ وَالنَّاس إِلَى رد فِرْيَة الفلاسفة أحْوج من الظلماء لمصابيح السَّمَاء وأفقر من الجدباء إِلَى قطرات المَاء فَلم يزل يناضل عَن الدّين الحنيفي بجلاد مقاله ويحمى حوزه الدّين وَلَا يلطخ بِدَم الْمُعْتَدِينَ حد نصاله حَتَّى أصبح الدّين وثيق العرى وانكشفت غياهب الشُّبُهَات وَمَا كَانَت إِلَّا حَدِيثا مفترى
هَذَا مَعَ ورع طوى عَلَيْهِ ضَمِيره وخلوة لم يتَّخذ فِيهَا غير الطَّاعَة سميره وَتَجْرِيد ترَاهُ بِهِ وَقد توَحد فِي بَحر التَّوْحِيد وباهى
(ألْقى الصَّحِيفَة كي يُخَفف رَحْله
…
والزاد حَتَّى نَعله أَلْقَاهَا)
ترك الدُّنْيَا وَرَاء ظَهره وَأَقْبل على الله يعامله فِي سره وجهره
ولد بطوس سنة خمسين وَأَرْبَعمِائَة
وَكَانَ وَالِده يغزل الصُّوف ويبيعه فِي دكانه بطوس فَلَمَّا حَضرته الْوَفَاة وصّى بِهِ وبأخيه أَحْمد إِلَى صديق لَهُ متصوف من أهل الْخَيْر وَقَالَ لَهُ إِن لي لتأسفا عَظِيما على تعلم الْخط وأشتهى استدارك مَا فَاتَنِي فِي وَلَدي هذَيْن فعلمهما وَلَا عَلَيْك أَن تنفذ فِي ذَلِك جَمِيع مَا أخلفه لَهما
فَلَمَّا مَاتَ أقبل الصُّوفِي على تعليمهما إِلَى أَن فنى ذَلِك النزر الْيَسِير الَّذِي كَانَ خَلفه لَهما أَبوهُمَا وَتعذر على الصُّوفِي الْقيام بقوتهما فَقَالَ لَهما اعلما أَنِّي قد أنفقت عَلَيْكُمَا مَا كَانَ لَكمَا وَأَنا رجل من الْفقر والتجريد بِحَيْثُ لَا مَال لي فأواسيكما بِهِ وَأصْلح مَا أرى لَكمَا
أَن تلجآ إِلَى مدرسة كأنكما من طلبة الْعلم فَيحصل لَكمَا قوت يعينكما على وقتكما
ففعلا ذَلِك وَكَانَ هُوَ السَّبَب فِي سعادتهما وعلو درجتهما
وَكَانَ الْغَزالِيّ يَحْكِي هَذَا وَيَقُول طلبنا الْعلم لغير الله فَأبى أَن يكون إِلَّا لله
ويحكى أَن أَبَاهُ كَانَ فَقِيرا صَالحا لَا يَأْكُل إِلَّا من كسب يَده فِي عمل غزل الصُّوف وَيَطوف على المتفقهة ويجالسهم ويتوفر على خدمتهم ويجد فِي الْإِحْسَان إِلَيْهِم وَالنَّفقَة بِمَا يُمكنهُ وَأَنه كَانَ إِذا سمع كَلَامهم بَكَى وتضرع وَسَأَلَ الله أَن يرزقه ابْنا ويجعله فقهيا ويحضر مجَالِس الْوَعْظ فَإِذا طَابَ وقته بَكَى وَسَأَلَ الله أَن يرزقه ابْنا واعظا فَاسْتَجَاب الله دعوتيه
أما أَبُو حَامِد فَكَانَ أفقه أقرانه وَإِمَام أهل زَمَانه وَفَارِس ميدانه كَلمته شهد بهَا الْمُوَافق والمخالف وَأقر بحقيتها المعادى والمحالف
وَأما أَحْمد فَكَانَ واعظا تنفلق الصم الصخور عِنْد اسْتِمَاع تحذيره وترعد فَرَائض الْحَاضِرين فِي مجَالِس تذكيره