الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمكنون فِي الْأُصُول
ورسالة الأقطاب
وَمُسلم السلاطين
والقانون الْكُلِّي
والقربة إِلَى الله
ومعيار الْعلم
ومفصل الْخلاف فِي أصُول الْقيَاس
وأسرار اتِّبَاع السّنة
وتلبيس إِبْلِيس
والمبادى والغايات
والأجوبة
وَكتاب عجائب صنع الله
ورسالة الطير
الرَّد على من طَغى
ذكر الْمَنَام الَّذِي أبصره الإِمَام عَامر الساوي بِمَكَّة
قَالَ الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم بن عَسَاكِر فِي كتاب التَّبْيِين سَمِعت الشَّيْخ الْفَقِيه الإِمَام أَبَا الْقَاسِم سعد بن عَليّ بن أبي الْقَاسِم بن أبي هُرَيْرَة الإسفرايني الصُّوفِي بِدِمَشْق قَالَ
سَمِعت الشَّيْخ الإِمَام الأوحد زين الْقُرَّاء جمال الْحرم أَبَا الْفَتْح عَامر بن نجا بن عَامر الْعَرَبِيّ الساوي بِمَكَّة حرسها الله يَقُول دخلت الْمَسْجِد الْحَرَام يَوْم الْأَحَد فِيمَا بَين الظّهْر وَالْعصر الرَّابِع عشر من شَوَّال سنة خمس وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وَكَانَ بِي نوعا تكسر ودوران رَأس بِحَيْثُ أَنِّي لَا أقدر أَن أَقف أوأجلس لشدَّة مَا بِي فَكنت أطلب موضعا أستريح فِيهِ سَاعَة على جَنْبي فَرَأَيْت بَاب بَيت الْجَمَاعَة للرباط الرامشتي عِنْد بَاب الْحَزْوَرَة مَفْتُوحًا فقصدته وَدخلت فِيهِ وَوَقعت على جَنْبي الْأَيْمن بحذاء الْكَعْبَة المشرفة مفترشا يَدي تَحت خدي لكَي لَا يأخذني النّوم فتنتقض طهارتي فَإِذا رجل من أهل الْبِدْعَة مَعْرُوف بهَا جَاءَ وَنشر مُصَلَّاهُ على بَاب ذَلِك الْبَيْت وَأخرج لويحا من جيبه أَظُنهُ كَانَ من الْحجر وَعَلِيهِ كِتَابَة
فَقبله وَوَضعه بَين يَدَيْهِ وَصلى صَلَاة طَوِيلَة مُرْسلا يَدَيْهِ فِيهَا على عَادَتهم وَكَانَ يسْجد على ذَلِك اللويح فِي كل مرّة وَإِذا فرغ من صلَاته سجد عَلَيْهِ وَأطَال فِيهِ وَكَانَ يمعك خَدّه من الْجَانِبَيْنِ عَلَيْهِ ويتضرع فِي الدُّعَاء ثمَّ رفع رَأسه وفيله وَوَضعه على عَيْنَيْهِ ثمَّ قبله ثَانِيًا وَأدْخلهُ فِي جيبه كَمَا كَانَ
قَالَ فَمَا رَأَيْت ذَلِك كرهته وَاسْتَوْحَشْت مِنْهُ ذَلِك وَقلت فِي نَفسِي لَيْت كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَيا فِيمَا بَيْننَا ليخبرهم بِسوء صنيعهم وَمَا هم عَلَيْهِ من الْبِدْعَة
وَمَعَ هَذَا التفكر كنت أطْرد النّوم عَن نَفسِي كي لَا يأخذني فتفسد طهارتي
فَبينا أَنا كَذَلِك إِذْ طَرَأَ عَليّ النعاس وغلبني فَكَأَنِّي بَين الْيَقَظَة والمنام فَرَأَيْت عَرصَة وَاسِعَة فِيهَا نَاس كَثِيرُونَ واقفون وَفِي يَد كل وَاحِد مِنْهُم كتاب مُجَلد وَقد تحلقوا كلهم على شخص فَسَأَلت النَّاس عَن حَالهم وَعَمن فِي الْحلقَة فَقَالُوا هُوَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهَؤُلَاء أَصْحَاب الْمذَاهب يُرِيدُونَ أَن يقرءوا مذاهبهم واعتقادهم من كتبهمْ على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ويصححوها عَلَيْهِ
قَالَ فَبينا أَنا كَذَلِك أنظر إِلَى الْقَوْم إِذْ جَاءَ وَاحِد من أهل الْحلقَة وَبِيَدِهِ كتاب قيل إِن هَذَا هُوَ الشَّافِعِي رضي الله عنه فَدخل فِي وسط الْحلقَة وَسلم على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
قَالَ فَرَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي جماله وكماله متلبسا بالثياب الْبيض المغسولة النظيفة من الْعِمَامَة والقميص وَسَائِر الثِّيَاب على زِيّ أهل التصوف
فَرد عَلَيْهِ الْجَواب ورحب بِهِ وَقعد الشَّافِعِي بَين يَدَيْهِ وَقَرَأَ من الْكتاب مذْهبه واعتقاده عَلَيْهِ
وَبعد ذَلِك جَاءَ شخص آخر قيل هُوَ أَبُو حنيفَة رضي الله عنه وَبِيَدِهِ كتاب فَسلم وَقعد بِجنب الشَّافِعِي وَقَرَأَ من الْكتاب مذْهبه واعتقاده عَلَيْهِ
ثمَّ أَتَى بعده كل صَاحب مَذْهَب إِلَى أَن لم يبْق إِلَّا الْقَلِيل وكل من يقْرَأ يعْقد بِجنب الآخر
فَلَمَّا فرغوا إِذا وَاحِد من المبتدعة الملقبة بالرافضة قد جَاءَ وَفِي يَده كراريس غير مجلدة فِيهَا ذكر عقائدهم الْبَاطِلَة وهم أَن يدْخل الْحلقَة ويقرأها عل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَخرج وَاحِد مِمَّن كَانَ مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِ وزجره وَأخذ الكراريس من يَده وَرمى بهَا إِلَى خَارج الْحلقَة وطرده وأهانه
قَالَ فَلَمَّا رَأَيْت أَن الْقَوْم قد فرغوا وَمَا بَقِي أحد يقْرَأ عَلَيْهِ شَيْئا تقدّمت قَلِيلا وَكَانَ فِي يَدي كتاب مُجَلد فناديت وَقلت يَا رَسُول الله هَذَا الْكتاب معتقدي ومعتقد أهل السّنة لَو أَذِنت لي حَتَّى أقرأه عَلَيْك
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأي شَيْء ذَاك
قلت يَا رَسُول الله هُوَ قَوَاعِد العقائد الَّذِي صنفه الْغَزالِيّ
فَإِذن لي بِالْقِرَاءَةِ فَقَعَدت وابتدأت بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم كتاب قَوَاعِد العقائد وَفِيه أَرْبَعَة فُصُول الْفَصْل الأول فِي تَرْجَمَة عقيدة أهل السّنة فِي كلمتي الشَّهَادَة الَّتِي هِيَ أحد مباني الْإِسْلَام فَنَقُول وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق الْحَمد لله المبدئ المعيد الفعال لما يُرِيد ذِي الْعَرْش الْمجِيد والبطش الشَّديد الْهَادِي صفوة العبيد إِلَى الْمنْهَج الرشيد والمسلك السديد الْمُنعم عَلَيْهِم بعد شَهَادَة التَّوْحِيد بحراسة عقائدهم عَن ظلمات التشكيك والترديد السَّائِق بهم إِلَى اتِّبَاع رَسُوله الْمُصْطَفى صلى الله عليه وسلم واقتفاء صَحبه الأكرمين بالتأبيد والتسديد