الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأخذ يذكر الْمهْدي ويشوق إِلَيْهِ وَجمع الْأَحَادِيث الَّتِي جَاءَت فِي فَضله
فَلَمَّا قرر عِنْدهم عَظمَة الْمهْدي وَنسبه ونعته ادّعى ذَلِك لنَفسِهِ وَقَالَ أَنا مُحَمَّد ابْن عبد الله وسرد لَهُ نسبا إِلَى عَليّ عليه السلام وَصرح بِدَعْوَى الْعِصْمَة لنَفسِهِ وَأَنه الْمهْدي الْمَعْصُوم وَبسط يَده للمبايعة فَبَايعُوهُ
فَقَالَ أُبَايِعكُم على مَا بَايع عَلَيْهِ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
ثمَّ صنف لَهُم تصانيف فِي الْعلم مِنْهَا كتاب سَمَّاهُ أعز مَا يطْلب وعقائد على مَذْهَب الْأَشْعَرِيّ فِي أَكثر الْمسَائِل إِلَّا فِي إِثْبَات الصِّفَات فَإِنَّهُ وَافق الْمُعْتَزلَة فِي نَفيهَا وَفِي مسَائِل قَليلَة غَيرهَا
وَكَانَ يبطن شَيْئا من التَّشَيُّع
ورتب أَصْحَابه طَبَقَات فَجعل مِنْهُم الْعشْرَة
…
641 - مُحَمَّد بن عبد الله بن الْقَاسِم بن المظفر بن عَليّ أَبُو الْفضل بن أبي مُحَمَّد الشهرزوري الْموصِلِي قَاضِي الْقُضَاة كَمَال الدّين
ولد سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة
وتفقه بِبَغْدَاد على أسعد الميهني
وَسمع من أبي طَالب الزَّيْنَبِي وَأبي البركات بن خَمِيس وجده لأمه عَليّ بن أَحْمد ابْن طوق وَغَيرهم
روى عَنهُ أَبُو الْمَوَاهِب بن صصرى وَأَخُوهُ أَبُو الْقَاسِم ابْن صصرى وَالشَّيْخ الْمُوفق ابْن قدامَة وَآخَرُونَ
ولى قَضَاء الْموصل وَكَانَ يتَرَدَّد بَينهَا وَبَين بَغْدَاد رَسُولا من صَاحبهَا إِلَى الْخَلِيفَة
ثمَّ قدم الشَّام وافدا على نور الدّين فَبَالغ فِي إكرامه وولاه قَضَاء دمشق وَنظر الْأَوْقَاف وَنظر أَمْوَال السُّلْطَان وَغير ذَلِك فاستناب ابْنه القَاضِي أَبَا حَامِد بحلب وَابْن أَخِيه أَبَا الْقَاسِم بحماة وَابْن أَخِيه الآخر بحمص
وَكَانَ فقهيا أصوليا أديبا شَاعِرًا ظريفا ذَا أفضال
وقف أوقافا كَثِيرَة مِنْهَا مدرسة بالموصل ومدرسة بنصيبين ورباطا بِمَدِينَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم
وَتمكن فِي الْأَيَّام النورية تمَكنا بَالغا فَلَمَّا تملك السُّلْطَان صَلَاح الدّين أقره على مَا كَانَ عَلَيْهِ ونال مَا لم ينله أحد من الْفُقَهَاء من التَّقَدُّم ونفاذ الْكَلِمَة
وَلما قدم صَلَاح الدّين دمشق سنة سبعين لأجل أَخذهَا نزل بدار العقيقي وتعسرت عَلَيْهِ القلعة أَيَّامًا مَشى بِنَفسِهِ إِلَى دَار قَاضِي الْقُضَاة كَمَال الدّين زَائِرًا مستشيرا فَتَلقاهُ وجالسه وباسطه وَقَالَ طب نفسا وقر عينا فَالْأَمْر أَمرك والبلد بلدك
وَفِي هَذَا من الدّلَالَة على جلالة قدر القَاضِي مَا لَا يخفى
وَكَانَ يهب الْألف دِينَار فَمَا فَوْقهَا
وَهُوَ الَّذِي وقف الْحصَّة من قَرْيَة الهامة على المقادسة
وَفِيمَا أحفظه من محَاسِن الثَّلَاثَة السُّلْطَان صَلَاح الدّين وَالْقَاضِي الْفَاضِل وقاضي الْقُضَاة كَمَال الدّين أَن السُّلْطَان لما جَاءَ إِلَى الشَّام كتبت قصَص كَثِيرَة فِي كَمَال الدّين ومرافعات شَتَّى وَنسب إِلَى أُمُور مِمَّا جرت عَادَة المرافعين بِنِسْبَة الْحُكَّام إِلَيْهَا
وَقيل إِن القَاضِي الْفَاضِل كَانَ يكره القَاضِي كَمَال الدّين فَأدى الْقَصَص إِلَى السُّلْطَان فِي كَمَال الدّين فِي أثْنَاء الطَّرِيق فَلم يصل السُّلْطَان إِلَى الْكسْوَة إلأ وَقد حصل عِنْده من كَمَال الدّين شَيْء مَعَ مَا قيل إِنَّه كَانَ لَا يُحِبهُ من أَيَّام نور الدّين
فَاجْتمع أَصْحَاب كَمَال الدّين إِلَيْهِ وأشاروا عَلَيْهِ بِالْخرُوجِ لتلقي السُّلْطَان فَأبى جَريا على مَا أَلفه فِي أَيَّام نور الدّين من تردد النَّاس إِلَيْهِ وَعدم تردده إِلَى النَّاس
فَلَمَّا كَانَ لَيْلَة دُخُول السُّلْطَان دمشق تحزب أَصْحَاب كَمَال الدّين عَلَيْهِ وَقَالُوا هَذَا السُّلْطَان من الأَصْل لَا يحبك ومدبر دولته القَاضِي الْفَاضِل كَذَلِك وأعداؤك قد تحزبوا عَلَيْك وَمَا كنت تعرفه من الرّفْعَة قد زَالَ بِزَوَال دولة نور الدّين وَالسُّلْطَان بكرَة غَد يدْخل الْبَلَد وَقد دخل القَاضِي الْفَاضِل الْبَلَد اللَّيْلَة ونرى أَن تمشي إِلَيْهِ
فأظهر تألما كثيرا لذَلِك فألزم وَرُبمَا حلف عَلَيْهِ
فَمضى وَمَعَهُ اثْنَان أَحدهمَا وَلَده وَالْآخر بعض من أَشَارَ عَلَيْهِ وَفِي ذهنه أَنه من
حِين يقبل على دَار القَاضِي الْفَاضِل يخرج لتلقيه فَقعدَ على الْبَاب زَمَانا طَويلا ليؤذن لَهُ
فَأَما الرجل الَّذِي كَانَ مَعَه وَأَشَارَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ هرب حَيَاء من القَاضِي كَمَال الدّين وَصَارَ كَمَال الدّين وَولده
فَخرج الطواشي وَذكر أَن الْفَاضِل نَائِم
فَقَامَ كَمَال الدّين وَعَاد إِلَى دَار فِي أَسْوَأ حَال
وسرى القَاضِي الْفَاضِل فِي أثْنَاء اللَّيْل لتلقي صَلَاح الدّين وجاراه الْكَلَام حَتَّى انْتهى إِلَى ذكر كَمَال الدّين فَقَالَ ياخوند هَذَا رجل مُعظم فِي الْعلم والسؤدد وأفعال نور الدّين عِنْد النَّاس مسددة وَكَانَ مِنْهَا تَعْظِيم هَذَا الرجل وغالب مَا ينْسب إِلَيْهِ كذب وَأما مَا ذكر من كَثْرَة دخله فَهُوَ وَإِن كثر دون كثير من أُمَرَاء المملكة وَلَعَلَّه أَحَق بِبَيْت المَال وأمواله من كثير مِنْهُم فَالَّذِي أرَاهُ تَعْظِيمه وَكَذَا وَكَذَا
وَعَاد إِلَى الْبَلَد مصبحا قبل دُخُول صَلَاح الدّين وَتوجه إِلَى دَار كَمَال الدّين فَجَلَسَ على الْبَاب وَطلب الْإِذْن
فَلَمَّا دخل الْخَادِم ليستأذن كَمَال الدّين عَلَيْهِ مضى وَلم يلبث علما مِنْهُ بِأَن كَمَال الدّين سيجازيه على عدم خُرُوجه لَهُ وَلَا يخرج لقُوَّة نفس كَمَال الدّين فَكَانَ كَذَلِك دخل الْخَادِم إِلَى كَمَال الدّين فاعتل بعلة وَلم يخرج فَخرج الْخَادِم فَلم يجد الْفَاضِل
ثمَّ لما عبر السُّلْطَان الْبَلَد وَبَدَأَ بالجامع فصلى فِيهِ قيل إِن الْفَاضِل أَخذه من الْجَامِع وَجَاء بِهِ إِلَى دَار كَمَال الدّين وَصَارَت لَهُ الْيَد الْبَيْضَاء عِنْد كَمَال الدّين بِهَذِهِ الْوَاقِعَة وتصادقا