الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خبر وَفَاته رحمه الله
وَقد كَانَت مُصِيبَة عَامَّة فِي الشَّام سائرة فِي بِلَاد الْإِسْلَام توفّي فِي الْعَاشِر من رَجَب سنة عشْرين وسِتمِائَة وَكَانَت جنَازَته مَشْهُودَة قل أَن وجد مثلهَا
قَالَ أَبُو شامة أَخْبرنِي من حضر وَفَاته أَنه صلى الظّهْر ثمَّ جعل يسْأَل عَن الْعَصْر فَقيل لَهُ لم يقرب وَقتهَا فَتَوَضَّأ ثمَّ تشهد وهوجالس ثمَّ قَالَ رضيت بِاللَّه رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دينا وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبيا لَقَّنَنِي الله حجتي وأقالني عثرتي ورحم غربتي ثمَّ قَالَ وَعَلَيْكُم السَّلَام فَعلمنَا أَنه حَضرته الْمَلَائِكَة فَانْقَلَبَ على قَفاهُ مَيتا
ذكر بقايا من تَرْجَمته
وَكَانَ الشَّيْخ فَخر الدّين ابْن عَسَاكِر قد وَقع بَينه وَبَين الْملك الْمُعظم لِأَنَّهُ أنكر عَلَيْهِ تضمين المكوس وَالْخُمُور فَانْتزع مِنْهُ التقوية والصلاحية
وَكَانَ بَينه وَبَين الْحَنَابِلَة مَا يكون غَالِبا بَين رعاع الْحَنَابِلَة والأشاعرة فيذكر أَنه كَانَ لَا يمر بِالْمَكَانِ الَّذِي يكون فِيهِ الْحَنَابِلَة خشيَة أَن يأثموا بالوقيعة فِيهِ وَأَنه رُبمَا مر بالشيخ الْمُوفق بن قدامَة فَسلم فَلم يرد الْمُوفق السَّلَام فَقيل لَهُ فَقَالَ إِنَّه يَقُول بالْكلَام النَّفْسِيّ وَأَنا أرد عَلَيْهِ فِي نَفسِي فَإِن صحت هَذِه الْحِكَايَة فَهِيَ مَعَ مَا ثَبت عندنَا من ورع الشَّيْخ موفق الدّين وَدينه وَعلمه غَرِيبَة فَإِن ذَلِك لَا يَكْفِيهِ جَوَاب سَلام وَإِن كَانَ ذَلِك مِنْهُ لِأَنَّهُ يرى أَن الشَّيْخ فَخر الدّين لَا يسْتَحق جَوَاب السَّلَام
فَلَا كيد لمن يرى هَذَا الرَّأْي وَلَا كَرَامَة وَلَا تظن ذَلِك بالشيخ الْمُوفق وَلَعَلَّ هَذِه الْحِكَايَة من تخليقات متأخري الحشوية
وجدت بِخَط الْحَافِظ صَلَاح الدّين خَلِيل بن كيكلدي العلائي رحمه الله رَأَيْت بِخَط الشَّيْخ شمس الدّين الذَّهَبِيّ رحمه الله أَنه شَاهد بِخَط سيف الدّين أَحْمد بن الْمجد الْمَقْدِسِي لما دخلت بَيت الْمُقَدّس والفرنج إِذْ ذَاك فِيهِ وجدت مدرسة قريبَة من الْحرم - قلت أظنها الصلاحية - والفرنج بهَا يُؤْذونَ الْمُسلمين ويفعلون العظائم فَقلت سُبْحَانَ الله ترى أَي شَيْء كَانَ فِي هَذِه الْمدرسَة حَتَّى ابْتليت بِهَذَا حَتَّى رجعت إِلَى دمشق فحكي لي أَن الشَّيْخ فَخر الدّين ابْن عَسَاكِر كَا يقرئ بهَا المرشدة فَقلت بل هِيَ المضلة انْتهى مَا نقلته من خطّ العلائي رحمه الله
ونقلت من خطه أَيْضا وَهَذِه العقيدة المرشدة جرى قَائِلهَا على الْمِنْهَاج القويم وَالْعقد الْمُسْتَقيم وَأصَاب فِيمَا نزه بِهِ الْعلي الْعَظِيم ووقفت على جَوَاب لِابْنِ تَيْمِية سُئِلَ فِيهِ عَنْهَا ذكر فِيهِ أَنَّهَا تنْسب لِابْنِ تومرت وَذَلِكَ بعيد من الصِّحَّة أَو بَاطِل لِأَن الْمَشْهُور أَن ابْن تومرت كَانَ يُوَافق الْمُعْتَزلَة فِي أصولهم وَهَذِه مباينة لَهُم انْتهى
وَأطَال العلائي فِي تَعْظِيم المرشدة والإزراء بشيخنا الذَّهَبِيّ وَسيف الدّين ابْن الْمجد فِيمَا ذكرَاهُ
فَأَما دَعْوَاهُ أَن ابْن تومرت كَانَ معتزليا فَلم يَصح عندنَا ذَلِك والأغلب أَنه كَانَ أشعريا صَحِيح العقيدة أَمِيرا عادلا دَاعيا إِلَى طَرِيق الْحق
وَأما قَول السَّيْف ابْن الْمجد إِن الَّذِي اتّفق إِنَّمَا هُوَ بِسَبَب إقراء المرشدة فَمن التعصب الْبَارِد وَالْجهل الْفَاسِد وَقد فعلت الفرنج دَاخل الْمَسْجِد الْأَقْصَى العظائم فَهَلا نظر فِي ذَلِك نَعُوذ بِاللَّه من الخذلان
وَنحن نرى أَن نسوق هَذِه العقيدة المرشدة وَهِي
اعْلَم أرشدنا الله وَإِيَّاك أَنه يجب على كل مُكَلّف أَن يعلم أَن الله عز وجل وَاحِد فِي ملكه خلق الْعَالم بأسره الْعلوِي والسفلي وَالْعرش والكرسي وَالسَّمَوَات
وَالْأَرْض وَمَا فيهمَا وَمَا بَينهمَا جَمِيع الْخَلَائق مقهورون بقدرته لَا تتحرك ذرة إِلَّا بِإِذْنِهِ لَيْسَ مَعَه مُدبر فِي الْخلق وَلَا شريك فِي الْملك حَيّ قيوم {لَا تَأْخُذهُ سنة وَلَا نوم} {عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة} {لَا يخفى عَلَيْهِ شَيْء فِي الأَرْض وَلَا فِي السَّمَاء} {وَيعلم مَا فِي الْبر وَالْبَحْر وَمَا تسْقط من ورقة إِلَّا يعلمهَا وَلَا حَبَّة فِي ظلمات الأَرْض وَلَا رطب وَلَا يَابِس إِلَّا فِي كتاب مُبين} {أحَاط بِكُل شَيْء علما} {وأحصى كل شَيْء عددا} {فعال لما يُرِيد} قَادر على مَا يَشَاء لَهُ الْملك والغناء وَله الْعِزّ والبقاء وَله الحكم وَالْقَضَاء وَله الْأَسْمَاء الْحسنى لَا دَافع لما قضى وَلَا مَانع لما أعْطى يفعل فِي ملكه مَا يُرِيد وَيحكم فِي خلقه بِمَا يَشَاء لَا يَرْجُو ثَوابًا وَلَا يخَاف عقَابا لَيْسَ عَلَيْهِ حق وَلَا عَلَيْهِ حكم وكل نعْمَة مِنْهُ فضل وكل نقمة مِنْهُ عدل {لَا يسْأَل عَمَّا يفعل وهم يسْأَلُون} مَوْجُود قبل الْخلق لَيْسَ لَهُ قبل وَلَا بعد وَلَا فَوق وَلَا تَحت وَلَا يَمِين وَلَا شمال وَلَا أَمَام وَلَا خلف وَلَا كل وَلَا بعض وَلَا يُقَال مَتى كَانَ وَلَا أَيْن كَانَ وَلَا كَيفَ كَانَ وَلَا مَكَان كَون الأكوان ودبر الزَّمَان لَا يتَقَيَّد بِالزَّمَانِ وَلَا يتخصص بِالْمَكَانِ وَلَا يشْغلهُ شَأْن عَن شَأْن وَلَا يلْحقهُ وهم وَلَا يكتنفه عقل وَلَا يتخصص بالذهن وَلَا يتَمَثَّل فِي النَّفس وَلَا يتَصَوَّر فِي الْوَهم وَلَا يتكيف فِي الْعقل لَا تلْحقهُ الأوهام والأفكار {لَيْسَ كمثله شَيْء وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير}
هَذَا آخر العقيدة وَلَيْسَ فِيهَا مَا يُنكره سني