الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكَانَ صَارِمًا عادلا على طَريقَة السّلف فِي لِبَاسه وعفته اتَّفقُوا أَنه لم تفته صَلَاة بِجَامِع دمشق فِي جمَاعَة إِلَّا إِن كَانَ مَرِيضا
1182 - عبد الْعَزِيز بن أَحْمد بن سعيد الدَّمِيرِيّ الديريني
الشَّيْخ الزَّاهِد الْقدْوَة الْعَارِف صَاحب الْأَحْوَال والكرامات والمصنفات وَالنّظم الْكثير نظم التَّنْبِيه وَالْوَجِيز وغريب الْقُرْآن وَغير ذَلِك وَله تَفْسِير فِي مجلدين منظوم
قَالَ شَيخنَا أَبُو حَيَّان كَانَ متقشفا مخشوشنا يتبرك بِهِ النَّاس انْتهى
وَكَانَ الشَّيْخ عبد الْعَزِيز مترددا فِي الرِّيف والنواحي من ديار مصر لَيْسَ لَهُ مُسْتَقر
مولده سنة اثْنَتَيْ عشرَة أَو ثَلَاث عشرَة وسِتمِائَة وَتُوفِّي سنة أَربع وَتِسْعين وسِتمِائَة
وَكَانَ سليم الْبَاطِن حسن الْأَخْلَاق حُكيَ أَنه دخل إِلَى الْمحلة الغربية فِي بعض أَسْفَاره وَعَلِيهِ عِمَامَة متغيرة اللَّوْن فظنها بعض من رَآهُ زرقاء فَقَالَ قل أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله فَقَالَهَا فَنزع الْعمة من رَأسه وَقَالَ لَهُ اذْهَبْ إِلَى القَاضِي لتسلم على يَدَيْهِ فَمضى مَعَه وتبعهم صبيان وَخلق كثير على عَادَة من يسلم فَلَمَّا نظره القَاضِي عرفه فَقَالَ لَهُ مَا هَذَا يَا سَيِّدي الشَّيْخ قَالَ قيل لي قل الشَّهَادَتَيْنِ فقلتهما فَقيل امْضِ مَعنا إِلَى القَاضِي لتنطق بهما بَين يَدَيْهِ فَجئْت
وَله كتاب طَهَارَة الْقُلُوب فِي ذكر علام الغيوب كتاب حسن فِي التصوف وَكَانَ يعرف علم الْكَلَام على مَذْهَب الْأَشْعَرِيّ
وَمن كَلَامه فِي طَهَارَة الْقُلُوب إلهي عرفتنا بربوبيتك وغرقتنا فِي بحار نِعْمَتك ودعوتنا إِلَى دَار قدسك ونعمتنا بذكرك وأنسك
إلهي إِن ظلمَة ظلمنَا لأنفسنا قد عَمت وبحار الْغَفْلَة على قُلُوبنَا قد طمت فالعجز شَامِل والحصر حَاصِل وَالتَّسْلِيم أسلم وَأَنت بِالْحَال أعلم
إلهي مَا عصيناك جهلا بعقابك وَلَا تعرضا لعذابك وَلَكِن سَوَّلت لنا نفوسنا وأعانتنا شِقْوَتنَا وغرنا سترك علينا وأطمعنا فِي عفوك برك بِنَا فَالْآن من عذابك من يستنقذنا وبحبل من نعتصم إِن قطعت حبلك عَنَّا واخجلتنا من الْوُقُوف غَدا بَين يَديك وَا فضيحتنا إِذا عرضت أَعمالنَا القبيحة عَلَيْك
اللَّهُمَّ اغْفِر مَا علمت وَلَا تهتك مَا سترت
إلهي إِن كُنَّا عصيناك بِجَهْل فقد دعوناك بعقل حَيْثُ علمنَا أَن لنا رَبًّا يغْفر الذُّنُوب وَلَا يُبَالِي
وَله مُنَاجَاة حَسَنَة
وَمن شعره
(اقتصد فِي كل حَال
…
واجتنب شحا وغرما)
(لَا تكن حلوا فتؤكل
…
لَا وَلَا مرا فترمى)
وَمِنْه وَكنت أسمع الْحَافِظ تَقِيّ الدّين أَبَا الْفَتْح السُّبْكِيّ ابْن الْعم رحمه الله ينشده وَأَحْسبهُ روى لنا عَن جده عَم أبي الشَّيْخ صدر الدّين يحيى السُّبْكِيّ عَنهُ
(الله رَبِّي وحسبي
…
الله أَرْجُو وَأحمد)
(وشافعي يَوْم حشري
…
خير الْخَلَائق أَحْمد)
(صلى عَلَيْهِ إلهي
…
أوفى صَلَاة وَأحمد)
(وَمَالك والحنيفي
…
وَالشَّافِعِيّ وَأحمد)
(وسيدي ابْن الرِّفَاعِي
…
قطب الْحَقِيقَة أَحْمد)
(هَذَا مقَال الدَّمِيرِيّ
…
عبد الْعَزِيز بن أَحْمد)
وَمن شعره
(إِذا مَا مَاتَ ذُو علم وتقوى
…
فقد ثلمت من الْإِسْلَام ثلمه)
(وَمَوْت الْعَادِل الْملك المرجى
…
حَكِيم الْحق منقصة ووصمه)
(وَمَوْت الصَّالح المرضي نقص
…
فَفِي مرآه لِلْإِسْلَامِ نسمه)
(وَمَوْت الْفَارِس الضرغام ضعف
…
فكم شهِدت لَهُ فِي النَّصْر عزمه)
(وَمَوْت فَتى كثير الْجُود مَحل
…
فَإِن بَقَاءَهُ خصب ونعمه)
(فحسبك خَمْسَة تبْكي عَلَيْهِم
…
وَمَوْت الْغَيْر تَخْفيف ورحمه)
وَمِنْه تخميس أَبْيَات التهامي
(سلم أمورك للحكيم الْبَارِي
…
تسلم من الأوصاب والأوزار)
(وَانْظُر إِلَى الأخطار فِي الأقطار
…
حكم الْمَشِيئَة فِي الْبَريَّة جَار)
(مَا هَذِه الدُّنْيَا بدار قَرَار
…
)
(لذات دُنْيَانَا كأحلام الْكرَى
…
وبلوغ غايتها حَدِيث مفترى)
(وسرورها بشرورها قد كدرا
…
بَينا يرى الْإِنْسَان فِيهَا مخبرا)
(ألفيته خَبرا من الْأَخْبَار
…
)
(ازهد فَكل الراغبين عبيدها
…
والزاهد الحبر التقي سعيدها)
(وَلَقَد تشابه وعدها ووعيدها
…
طبعت على كدر وَأَنت تريدها)
(صفوا من الأقذار والأكدار
…
)
(لَا تغترر بوميضها وخداعها
…
فوراء مبسمها نيوب سباعها)
(إِذْ لم تعرف فترها من بَاعهَا
…
ومكلف الْأَيَّام ضد طباعها)
(متطلب فِي المَاء جذوة نَار
…
)
(لَا ترج من حَرْب المطالب مغنما
…
ولربما جر التخيل مغرما)
(وَإِذا رضيت الحكم عِشْت مكرما
…
وَإِذا رَجَوْت المستحيل فَإِنَّمَا)
(تبني الرَّجَاء على شَفير هار
…
)
(الدَّهْر يمْضِي والحوادث جمة
…
والرفق هَين والتكالب لَحْظَة)
(وَالصَّبْر لين والتسخط غلظة
…
والعيش نوم والمنية يقظة)
(والمرء بَينهمَا خيال سَار
…
)
(أعماركم تمْضِي بسوف وَرُبمَا
…
لَا تغنمون سوى عَسى ولعلما)
(هم المسوف كالتعلق بالسما
…
أيامكم تمْضِي عجالا إِنَّمَا)
(أعماركم سفر من الْأَسْفَار
…
)
(وترقبوا قرب الرحيل وحاذروا
…
فَوت المرام فللورود مصَادر)
(ودعوا التعلل والفتور وَصَابِرُوا
…
وتراكضوا خيل الشَّبَاب وَبَادرُوا)
(أَن تسترد فَإِنَّهُنَّ عوار
…
)
(طمس الزَّمَان معاهدا ومعالما
…
ومحا بغيهبه البهيم مكارما)
(وأذال مَا بَين الْأَنَام مراحما
…
لَيْسَ الزَّمَان وَإِن حرصت مسالما)
(خلق الزَّمَان عَدَاوَة الْأَحْرَار
…
)
وَمن شعره فِي المثلث مربع
(أراعي النبت من أَب وَحب
…
وَأشْهد فِي الْوُجُود جمال حب)
(وأذهل سكرة من فرط حب
…
وَكم أهْدى النسيم إِلَيّ عطرا)
(بقاعهم سقيت غزير قطر
…
وَلَا سقيت عداتك غير قطر)
(لقد أهْدى نسيمك كل قطر
…
فَبَثَّ مَسَرَّة وأزال عذرا)
(تجافاني الْكرَى لما جفاني
…
كَأَن بالكرا أحزان عانى)
الْإِسْلَام تَقِيّ الدّين بن دَقِيق الْعِيد عَنهُ قَالَ أَبُو الْحسن بن الجميزي ألبسني شَيْخي ابْن أبي عصرون الطيلسان وشرفني بِهِ على الأقران وَكتب لي لما ثَبت عِنْدِي علم الْوَلَد الْفَقِيه الإِمَام بهاء الدّين أبي الْحسن عَليّ بن أبي الْفَضَائِل وَفقه الله وَدينه وعدالته رَأَيْت تَمْيِيزه من بَين أَبنَاء جنسه وتشريفه بالطيلسان وَالله يرزقنا الْقيام بِحقِّهِ وَكتبه عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي عصرون
وَكَانَ قد قَرَأَ على ابْن أبي عصرون الْقرَاءَات الْعشْر بِمَا تضمنه كتاب الإيجاز لأبي يَاسر مُحَمَّد بن عَليّ الْمُقْرِئ الحمامي قَالَ شَيخنَا الذَّهَبِيّ وَهُوَ آخر تلامذة أبي سعد فِي الدُّنْيَا وَالْعجب من الْقُرَّاء كَيفَ لم يزدحموا عَلَيْهِ وَلَا تنافسوا فِي الْأَخْذ عَنهُ فَإِنَّهُ كَانَ أَعلَى إِسْنَادًا من كل أحد فِي زَمَانه
توفّي فِي يَوْم الْخَمِيس رَابِع عشري ذِي الْحجَّة سنة تسع وَأَرْبَعين وسِتمِائَة بِمصْر وَقد كمل التسعين
قَالَ ابْن القليوبي حضرت دَفنه وَكَانَ مشهدا عَظِيما قل أَن شهد مثله وَكَانَ هُنَاكَ قَارِئ يعرف بِابْن أبي البركات حسن الصَّوْت جيد الْقِرَاءَة فَقَرَأَ عِنْد قبر الْفَقِيه بهاء الدّين بعد تَسْوِيَة التُّرَاب عَلَيْهِ {إِن هُوَ إِلَّا عبد أنعمنا عَلَيْهِ} الْآيَات الَّتِي فِي سُورَة الزخرف وَقَرَأَ بالشاذ فِي قَوْله {وَإنَّهُ لعلم للساعة} بِفَتْح الْعين